أتعدينى ان تقبلى دعوتى للخروج وللرقص ذات مساء ؟

سألها وهو ينظر اليها بحنان . فهزت رأسها بالإيجاب .

لكن بيتر لم يوجه لها هذه الدعوة فى الأيام التالية لأنه كان مشغولا جدا وعندما يأتى فى المساء الى المنزل يحضر معه ملفاته ويكب عليها حتى ساعة متأخرة من الليل , لم تلاحظ كلير طوال هذه الأيام أنه ينفرد مع زوجته فى غرفة واحدة , وهذا ما أكد لها كلامه عن استحالة الاتفاق بينهما .

وعندما عاد بالأمس كانت زوجته لا تزال خارج المنزل , فلم يسألها فى اليوم التالى أين كانت .

وكان قد قضى نهار الأحد أيضا فى مكتبه .

ان غياب سوزى الدائم عن المنزل جعل المربية تطمئن أكثر وتزيل من رأسها فكرة الرحيل .

لكنها شعرت بسعادة كبيرة عندما رأت سيدة المنزل تحزم حقائبها صباح يوم الخميس وتسرع الى سيارة اللاندروفر التى تنتظرها فى الخارج .

عاد بيتر من عمله فى الساعة الواحدة ورفض أن يتناول الغداء , ولاحظت كلير أنه مضطرب , لقد صعد الى غرفته وأحضر ذلك الملف الذى جاء به منذ أيام وحبس نفسه فى غرفة مكتبه وطلب من كلير ألا يزعجه أحد .

بعد ساعة , دخلت كلير مكتبه تحمل له فنجانا من القهوة , وبنفس اللحظة رن جرس الهاتف فرفع بيتر السماعة , وسمعته الفتاة يتكلم :
حقا روجيه ؟ متى ؟ سآتى حالا ونهض من وراء مكتبه على عجل والتفت نحو كلير .

كلير , أرجوك أن تخبئى هذا الملف فى مكان أمين , وانتبهى على الأولاد جيدا قد أتأخر هذا المساء .

بيتر , ماذا هنالك ؟ ... سألته بخوف وتبعته حتى السيارة , ولكنه لم يعرها أى اهتمام وانطلق بسيارته مسرعا .

عادت كلير الى غرفة المكتب ودفعها الفضول للنظر الى هذا الملف , أول ما لفت نظرها صور فوتوغرافية لرجلين متوسطين فى السن , فى الصورة الأولى أحدهم يدفع مالا للثانى , وفى الصورة الثانية يناوله مسدسا , وهناك الأوراق وقرأت فيها عدة اسماء وبضع العناوين والملاحظات , وفهمت من خلال الأرقام أن اصحاب هذه الأسماء على قدر كبير من الثراء وأنهم أصحاب نفوذ .

ازداد خوفها وأعادت الأوراق الى الملف بينما وبدافع خفى لم تضع الصور بداخله . وراحت تروح وتجئ فى الغرفة حائرة لا تدرى اين تخفيه

لا بد انه ملف لقضية مهمة ولهذا السبب بيتر مهتم به .

أتكون هذه القضية هى سبب خوفه على ولديه ؟ فكرت الفتاة وركضت الى غرفتها فدخلتها واقفلت الباب خلفها وبحثت عن مكان تخفى الملف فيه , وبعد طول تفكير وضعته فى كيس من النايلون ورفعت الموكيت الذى تحت سريرها وخبأت الملف تحته ثم اعادت السرير الى مكانه .

ثم خبأت الصور فى بطن الحصان الخشبى الذى أهدته للطفلة كاثى يوم وصولها .

بعد ان ساعدت فيليب فى دروسه صعدت مع الطفلين الى غرفتها وقررت ان يناموا جميعهم فى غرفة واحدة هذه الليلة , وما أن نام الطفلان حتى طلبت من السيد جاك زوج لورا ان يرافقها بجولة على كل الغرف لتتأكد من ان كل النوافذ والأبواب مقفلة , وعندما سألها جاك عن سبب قلقها أخبرته بأنها سمعت ان عاصفة رملية تهب من جنوب البحر المتوسط وقد تصل الى ضواحى باريس بين ليلة وأخرى , لم يلح العجوز عليها بالأسئلة ووعدها أنه سيقفل نوافذ منزله هو ايضا جيدا , وأخيرا تفقدت السيارة وإشارة الوقود ثم عادت الى غرفتها .

دخلت كلير الحمام بعد تردد طويل فاستحمت وارتدت قميص نوم قطنى ثم عادت وخلعته , قد اضطر للهرب مع الطفلين اذا اقتضت الحاجة , وقميص النوم سيعيق حركتى , فكرت الفتاة وهى تحاول اقناع نفسها أن كل هذا من باب الاحتياط , فالسيد بيتر لن يتأخر أكثر ولا بد أنه سيعود بين دقيقة وأخرى .

لكن الساعة اشرفت على الحادية عشرة وبيتر لم يعد بعد . بدات الفتاة تشعر بالقلق , وأخذت تترقب عودته بفارغ الصبر وتتذكر كيف غادر المنزل على عجل .

من الذى اتصل به ؟ أهو روجيه صديقه التحرى أم أن هناك رجلا آخر بنفس الاسم ؟ تساءلت ورمت نفسها على السرير بجانب فيليب بينما تركت كاثى تنام على الكنبة المجاورة للسرير .

لم تدر الفتاة كم من الوقت نامت لكنها استيقظت على صوت بكاء كاثى فنهضت بسرعة وحملتها , عندئذ فقط سكتت الطفلة فسمعت كلير هدير سيارة تبتعد .

ضمت الصغيرة الى صدرها ودنت من النافذة فرأت مصابيح السيارة الخلفية تبتعد , لكنها لم تميز أى شئ آخر .

وبعد لحظات قصيرة , أضيئت مصابيح سيارة أخرى كانت تقف قرب مدخل المنزل لكن كلير لم تكن قد انتبهت لوجودها قبلا وتبعت هذه السيارة السيارة الأولى .

لكن كلير لاحظت هذه المرة أن هناك أربعة أشخاص فى داخلها , وإن هاتين السيارتين لم تكونا تمران مرورا عابرا فى المنطقة , بل جاءتا لمراقبة المنزل أو ... لاقتحامه .

ومع أنها تأكدت من ابتعاد السيارتين , الا انها لم تعد قادرة على النوم . هناك خطر يحوم حول المنزل , ويجب عليها أن تبقى مستيقظة .

ومرت الساعات ببطء كبير الى ان انبلج الفجر وزقزقت العصافير معلنة بداية النهار أى بداية الوضوح وإمكانية الرؤية . لكن الفتاة لن تتمكن من النوم لأن الطفلين يستيقظان باكرا ويكونان بحاجة للفطور .

ترى اين قضى بيتر ليلته , ولماذا لم يعد الى المنزل , تساءلت بقلق ولكنها لم تنقل مخاوفها للسيدة لورا وزوجها عندما قابلتهما فى الصباح .

وفى الساعة التاسعة , اتصلت بمكتب بيتر , لكن السكرتيرة أكدت لها أنه لم يأت بعد . عندئذ ازداد ارتباكها وخوفها ولم تدر ماذا تفعل . وبعد تردد طويل , طلبت رقم هاتف صديقه التحرى روجيه وقد وجدته فى الدليل بجانب الهاتف .


********