كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
Part 12
[SIZE="5"]
قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.
[/SIZE
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
الساعة 12:2 بعد مُنتصف اللّيل
السماء باتت مزيّنة بالنجوم مُعتمة يُضيئُها القمر بنوره المُستميد من الشمس التي غابت عن وجوه بائسة تُريد مخرجًا من هذه الحياة لتستطيع التنفّس بهدوء ورويّة ولكن هذه أمنيّتهم التي خبّئوها خلف صدورهم التي تقرع طبول الخوف حُزنًا.
البرد قارص، يخنق الأنفاس ويختطف الأبصار، يُرجفك رغمًا عنك، يحتضنك ويلتف حول جسدّك ليُغطّيه ويمتص منه دفئك التي تُخبّئه بين جُنبات ملابسك الثقيلة!
أين هو من كل هذا؟
كان يمشي بِلا خارطة ..يمشي في مروجه اليابسة.. يمشي في تِيه افكاره، أصبح متذبذب ومُشتت ما بين حدوث شيء قد أصابها وما بين جنونها وذهابها لخيانته؟
كيف يرتّب أفكاره ما بين جنونها وحديثها الذي لا يُنسى وما بين خوفه ومطاردة الوحوش خلفه؟
أتى اللورد سريعًا في عقله، ربما هم اختطفوها لا يدري هذا الأمر مُحتمل وعليه ألّا يصرف النظر عنه، مشى على الرّصيف، ينظر لهاويته ولطبيعة الحياة
كل ما تفعله يعود عليك، مُعادلة حياتيّة بسيطة وواضحة لا تطلب منك موازنتها لأنها موزونة من ذّاتها.
مهما تأخّر الرّد سيعود يومًا حتى بعد ملايين السنين!
ماذا فعل بالماضي لكي يعود المردود ثقيلًا عليه؟
ابتسم بسخرية، فعل الكثير ولكن كيف دخل في متاهات الإنتقام لا يدري؟
انتقموا منهم انتقموا من صاحبه سلمان المقرّب الذي ابتسم في وجهه ضاحكًا يومًا!
.
.
: يا ريّال المسابقة ذي بتدّخل عليك ملايين!
.
.
ها هي يا سلمان أدخلت عليه المصائب والبلاء العظيم
يتذكّر حماسه، بحوثه التي سهر من أجلها أسابيع عدّة من أجل التّدريب قبل الشروع في أوّل تجربة له.
و التي أدخلته في الطّريق المُظلم
تذكر فرحت سلمان الذي يشاركهم المعيشة في الشقة
: ركيّن قبلوني وقبلوا ليث بس.
اردف ساخرًا: عيال الأدبي خسروا مع الأسف وتمّت تنحيّتهم...قلنا لك...لا تغامر ما سمعت وفشّلت عمرك...أنا ما أدري شلون اسمك سقط سهوًا في القائمة ولا الأدبي أصلًا يعرفون شنو معنى تفاعل؟
ثم قهقه ضاحكًا على وجه ركان الذي نهض لِيَدورا الإثنان في الشقة ويثيرا فيها الفوضى.
ضحك معهم، وشاركهم الضرب الآتي على طريق المُزاح، أوقع ركان أرضًا وأخذ سلمان يضربه بخفة والآخر يصرخ شاتمهُما ويدعوهما في الإبتعاد عنه ، ضحك للحد الذي اُعمِيَت فيه عيناه من شدّة سعادته!
.
.
وها هو الآن يبكي دونهم، ويتلوّى ألمًا لا يستطيع البَوح به.
يمسح على وجهه تاره وأخرى ينظر للشارع بحيرة
يتساءل ما بينه وبين نفسه بضياع عميق
هل سيقتلونها؟
ربما ليس هم!
ربما هي خرجت للعُشق الذي ودّت أن تلتقيه لينتشلها من وجعها حينما
اردفت في ذلك اليوم الذي عجز فيه من أن يستوعب اعترافها اللّئيم والذي أدخله في أوّج تخبطّه وحقده على تلك المشاعر!
لم ينسى حينما
اردفت بوجع ثخين على قلبه
(أبي أضم حُبي..أبي حُبي..أبيه..أبييييييييييه..ما أبيك أنت)
.
.
ألتفت هاربًا من حديثها ليصطدم في صدى صوتها الذي لا يُنسى في قولها
(أبي حُبي..أبي ..أعيش بعيد عنك!)
.
.
تُريد الإبتعاد، تريد محيه من حياتها ولكن لم يعي طريقتها في فعل ذلك ربما اليوم ترجمتها بهذه الطريقة التي جعلتهُ يجول في الشوارع باحثًا عنها لتلقينها درسًا في فنون تعذيب الشخص قولًا ومن ثم فعلًا يجعله يتراقص على لهيب الأوجاع صامتًا لا ملجأ ولا ملتجأ لديه، هزّ رأسه لا يسعه أن يكون حانقًا ولا مقهورًا بل هو الآن أصبح دُخانًا لرحيل كما هي اصبحت في الماضي رمادًا لليث، وعلى الرّماد والدّخان ألّا يجتمعا لكي لا يثيرا شرارة لا تنطفأ بسهولة!
لا يُريد أن يفكر بهذه الطريقة ولكن هذهِ الاسألة تأخذ حيّزًا كبيرًا من دماغه!
.
.
هل بدأت بالخيانة العاطفية قبل الدخول في السجن أم بعده؟
وإن خطفوها
يا تُرى هل قتلوها كما فعلوا بسلمان أم يتفنون في تعذيبها الآن؟
أخذ يضيق نفسه، أخذت عَيناه تلمعان رفع رأسه للسماء يُريد إخماد وإسكات الإحتمالات من رأسه هامسًا بوجعه: يا رب رحمتك!
.
.
حينما صرخ سلمان في وجه والده في ذلك اليوم الذي اخبرهما أنه اكتشف امرًا كان عليه ألّا يكتشفه سرد عليهما حقيقة ما يفعلوه هؤلاء النّاس بعد أن رأى والده يومًا في المعمل منصدمًا من وجوده بين هذا الحشد المجرم فانهلّا عليه والده بالحديث واُمطرت عليه السماء بالحقائق ، وبعد أن استوعب نواياهم الخبيثة صرخ في وجه أبيه لا يُريد الإكمال في هذا الطريق
والآخر وبخّه خائفًا عليه من هذا الإنسحاب وحاول أن يجبره على السّير في هذا الطريق، فلا يوجد مخرج من هذه الدوّامة ، يجب عليه الإكمال لحقن دمه وحفظًا لِسلامته، خاصة بعد معرفته بالحقيقة وبكل شيء لا مجال للتّراجع!
ولكن سلمان
في ذات ليلة
.
.
ماذا حصل ليث؟
.
.
كتّف يديه وهو يمشي تحت حبّات المطر، يلتفت يمينةً ويُسرى يُريد مخرجًا من ذكرياته التي تسحبه في عمق البئر الأسود، تُسلبه طاقته ببطء وتشّل عقله من التفكير بمنطقية ماذا يفعل برحيل؟
.
.
اتفقوا على حرق المعمل آنذاك وكانت هذه الفكرة متبنّاه من العقل المدبّر سلمان!
في مثل هذا الوقت، توجهوا للمعمل، بدؤوا برشّه بالبنزين، كانوا ملثمّين، كانوا خائفين ومترددين، ترتجف قلوبهم رُعبًا من أن يصبحوا دُمى تمتلك خيوطًا يعبث بِها العدوا ويحرّكها كما يشاء ويأمرها ويجبرها على فعله المُشين بكلتا يديه الملطختّين بالقذارة، شجّعوا أنفسهم على فكرة حرق هذا المعمل الذي قتل ربما آلافًا من الأشخاص، بأدويته الرخيصة، وبحقيقة عمله وأدواته التي صعقت عقولهم خلال ثانية واحدة بعد أن سقط الستّار الأبيض عنه!
هُناك ركان
رفع نظره وكأنه يراه الآن، يقف ليُراقب التحركات المشبوهة حولهم ، تحركوا للوجهة المنشودة ليرموا شرارة النّار على جدران المعمل ولكن سريعًا ما سمعوا إطلاق النار، ارتعبت أفئدتهم وشخصّت أبصارهم وبدأت أجسداهم ترتجف حُنقًا وخوفًا من هذا الفشل الذي لن يقف إلى هذا الحد بل سيُعاقبون على فعله!
وأخيرًا بدؤوا بالركض
ولكن سلمان، لم يسلم منهم، تلقّى رصاصتين في ظهره أدّت بهِ للوفاة، سقط أرضًا أمام عَين ركان الذي صرخ ضاجًا في الأرجاء
: سلمممممممممممممممممممممممممان.....
ارتجف قلبهُ وقتها كيف يعيش بِلا صديق مثل سلمان كيف يستطيع أن يرتّب حياته وينظّمها بعيدًا عن نصائحهُ ومواعظه، تألم وشعر بثقل جسده جثل على ركبتيه والعدو أختفى عن الأنظار كلمح البصر، نظر لركان ولجنونه في الصراخ وإحتضان رأس سلمان يترجاه بأن يكف عن الإرتجاف و عن النّظر للاشيء، يصرخ عليه ويُبكيه ويمسك بذقنه ليجعل عينيه تنظران له ولكن هو كان ينظر للموت!
ينظر لمنيّته التي دنت إليه لِتطرحهُ أرضًا وتُسكت أنينه الموجع ببطء!، احتضنه، مسح عرق جبينه ، صرخ، وشيء بداخل ليث صرخ في لحظة تطبيق الموت على حلق سلمان ليخنقه ..يذكر ذلك الصوت الذي خرج منه متألمًا ويذكر ارتفاع صدره محاولًا في سحب هواء عميق ولكن لم يستطع شهق عابثًا في سحبه لرئتيه ثم ارتخت يداه، وضجّ بداخلهُ شعور الخوف والإرتياب كيف يموت؟
من يُنصحه؟ من يُراعي خطاياه ويرشده على تصحيحها؟
مَن ومِمَن يتخلّص؟
مات وهو يحمل سرّه مع أمل ونُصحه له في أذنه يتردد
: أيا الجلب الجبان.!..ما تبي تزوّجها؟..ولك ويّه تطل بويّه اخوها؟......قسم بالله أنك مو ريّال...أنت خنت اخوك وصاحبك ركان اللي ما فيه مثله...تزوّجها يا ليث....ولا وربي لا أروح وأقوله عن سواد ويهّك يا الصايع!
ذكر لكمته في نهاية حديثهما وخرج من الشقة لكي يُهدّأ من عواصفه!
بينما ليث
حينما علم أنّ أمل أخت ركان ذهب لسلمان ضائقًا بهمه واخبره بكل شيء يذكر ببداية سنة 2011م حدث بينهما ذلك الذّنب وبعد شهرين لم يتحمل ينظر في وجه ركان وكأنه لم يخنه حتى وإن كان لم يعلم بذلك فشعور الخيانة كان يطرق قلبه ويقسمه إلى قسمين قسمٌ فيه الندم وقسمٌ فيه الخجل!، فاخبر سلمان لينهال عليه شاتمًا إيّاه على طيشه وبعد شهر آخر حدثت الفضيحة في السعودية وحينما عاد هُناك وبّخه ابيه
وبعد مرور شهرين على الفضيحة مات سلمان، ومات كل شيء بعده!، أمّا هو أصبح خاطبًا لرحيل وبعد ستة أشهر من وفاة صاحبه في سنة 2012م تزوجها، وبعد مرور سنة عُقِبَ على فعلت المعمل ، وعلى عدم قبوله بعرضهم كل الأمور أتت في دُفعة واحدة ومتتالية، ركان نجى من العقوبة لا يدري كيف ولكن أتى بباله ابا سلمان حماه لمحبّة سلمان له!
زواجه من أمل لم يأتي سريعًا هي أتت إليه تتذلّل تريد أن يتزوجها وهو كان في أوّج صدمته وخَيبته من الحياة كانت تظن يصدّها من اجل إذلالها ربما ظنّت انه سادي ومتعالي ولكن هو في الواقع كان موجوع من النظر لخيانته لصاحبه ومن موت سلمان ومن سوء حالة ركان وضياعه من بعده، ووقفته الشديدة معه ليتجاوز كل ما حدث كان يُراعيه ويحاول ألّا يغلط أمامه ويخبره بما فعله بأمل، تزوّجها في الأشهر الأخيرة من السنة الخامسة من محكوميّة رحيل يُعني مضى على زواجهما ثلاث سنوات ليست أربع كما اخبرت رحيل بذلك لتؤلمها على حسب ظنّها!، تزوجها تنفيذًا لنصيحة سلمان، ومن أجل ركان وصحبته التي لا تثمّن بأطنانِ من الذهب!
في نفس السنة التي اقترف فيها ذنبه مع أمل توفى صاحبه..لذلك هو دخل في صدمة التصديق لكل ما حدث...
.
.
لماذا يتذكر الآن كل هذا؟
هل من أجل ان يُهيّأ نفسه لخبر وفاة رحيل ؟ أم لأجل السِّباق في مضمار الأحزان الذي انفصل عنه بشكل جُزئي لفترة من الزمن؟ ولكن هو حقًّا يفضّل أن يقتلوها على أن تخون!
اهتزّت عينيه بغضب، تذكّر أثمه الذي ترك طابعًا خاصًا في حياته
تذكر طيشه وحُبه للحياة على الطريق المنحرف وفي السكّك الظلماء، أتى ليدرس ومن ثم لا يدري كيف انسحب لطريق العُتمة مع وجود أحد الزملاء الذي تعرّف عليه ببداية مجيئه لهُنا، أخذ يشد بيده ويسحبه للمُتعة وسلمان يحاول أن يُثنيه عن العبور في هذا الزُقاق الضيّق! وركان كان صارمًا في نُصحه حتى يذكر يومًا دخل معه في تشابك بالأيدي وليث أدمى انف ركان وركان أدمى شفتَيْ ليث باللّكم والضرب وسلمان بعّدهما بيده صارخًا في وجهما وترك الشقة ليومين ثم عاد لينصح ليث جانبًا ولكن ليث كان على قلبه غُلف لا يستمع وغير قابل للنصح آنذاك!
كان يستجيب للمُغريات لأنه في الواقع يُريد ذلك يُريد الإنغماس فيها ويجرّب أشياء كُثر، فبدأ بسجائر الحشيش، ثم أخذ يجرّب الشراب ليستبيح بنظره وانحراف تفكيره في الذهاب للأماكن المحظورة، ومن هُنا بدأت الفضيحة تصيح وتستغيث وتصل اهله عن طريق المبتعث سعد الشاب الذي ينصحه وفجأة بدأ بالنميمة ليُشيء به عند والده!
.
.
رفع رأسه للسماء، باردة
مُعتمة، تُضيع عقله وتهوي بهِ في الذكريات البائسة
.
.
أخافك ايتها الذكريات
خُنت الجميع وخُنت نفسي
لماذا اتذكر الآن؟
اللّعنة على هكذا ذاكرة
رحيل لا تخونيني
رحيل هل تسمعيني؟
أكرر بغضبي عليكِ
لا تجعليني قاتل يغسل عار لُطّخ على ثوبه بدم أحمرٍ صادق!
.
.
سلمان هل أنتَ راضي عنّي؟
هل آذيتك بأفعالي؟
هل حمّلتُك ذنوبي لتصبح مُرشِدًا وناصحًا لي؟
سامحني..اغفر لي..وارقد بسلام!
.
.
ركان سامحني خُنتك دون علم
أنا خائن حقير!
.
أمل أنتِ هاويتي التي لم أستطع الخلاص منها
أنتِ ذنبي الذي لم أستطع تجاوزه
أنتِ الشيء الذي لا أستطيع تحديد مشاعري نحوه..أو ربما أهرب من دائرة التحديد لكي أصبح أكثر منطقيًا ولكن بألم يا أمل!
.
.
بينما هو يسمع صوت طرق حذاء أمل لتضج ذاكرته
هذه الليلة لن تمر بسلام لا على قلبه ولا على عقله، كانت في عمر التاسعة عشر آنذاك ترتدي سترة شتوية ثقيلة تصل إلى ركبتَيها لتغطِّيهما تضع القُبعة المتصلة مع السترة على رأسها لتُخفي الحجاب الذي يطوّق شعرها ويُخفيه، تعشق الحذاء العالي ترتديه إلى الآن في أوّل سماع طرقه طرقت عقله وقلبه ورغباته أما الآن حينما يستمع إليه تُثير زوبعة عميقة من الصمت ومن النظر للاشيء، في الواقع يكره الإستماع لطرق حذاؤها الآن!
كانت تمشي لتطرق على قلوب الرجال اللاهثة بدلًا من أن تطرق على الأرض، تضع كفّي يديها في مخبأة السترة، ينظرون لها وكأنها شيء عجيب، شيء غريب، شيء يُجبرك للإلتفات عليه ربما فُقدهم لعقلهم جعلهم يرونها كالملاك الذي لا يُليق لهُ أن يطء في أرض هذا المكان الملعون، كانت تضج بإشعاع الجذب لهم، غريبة في مشيتها اللّعوب ربما هم يرونها لعوب بينما هي كانت في غاية توترها، ولبسها الذي لم يخرج من جسدها شيء كان مُثيرًا لنفوسهم الضعيفة، لهُ القدرة على سحب أنفاسهم، ترتدي ما يُخالف أنظارهم التي اعتادت عليه تمشي بسلام ولكن لم تنام في تلك اللّيلة بسلام وهدوء، كانوا يرونها هدية مغلّفة وكانت رغباتهم شديدة في النّظر إلى ما خلف الغِلاف!
كانت تمشي على قلبهُ، على روحه اثارت بداخله أمور كثُر أهمها رغبته في أن تلتفت ويرى صاحبة الكاريزما الملفتة للنظر، جلست على إحدى الكراسي الرفيعة لم تطلب شيء؟ بقيت هُناك بما يُقارب الأربع دقائق وانهالت عليها الذئاب بالتقدم، أحدهم يطلب لها شرابًا والآخر يطلب لها لا يدري ماذا يسمي الطلب الآخر ولكن كان شيئًا وقحًا!
.
.
ازدرد ريقه، نظر للشارع يتذكر جيّدًا ذعرها وخوفها، محاولتها في التملّص منهم، ولكن هي أتت هُنا لتلفت الأنظار دون أن يحضوا بلمس هذا المنظر الجذّاب؟ هي مخطئة بهذا!
.
.
ركض في الشارع وهو يُشير لإحدى السيارات من أن تسمح لهُ بالعبور للشارع الآخر يريد أن يهرب من فكرة خيانة رحيل ومن خدعته لأمل حينما تدخّل وابعد عنها الحمقى والحقرة، سحبها للخارج، كان نصف فاقدًا لوعيه، يعي بكل ما يحدث ولكن ريحته كانت مُثيرة للإشمئزاز،نظر لوجهها وسكنت انفاسهُ الملتهبة، تمتلك مزايا خاصة بها من أن تجعلها رائعة في نظره سحبها لكي يُبعدها عن ضجيج الذنوب!
وهي خضعت له بسبب الخوف ومن تجرُؤها في الدخول هُنا ظنّت انه سيُمهد لها طريقًا للهروب دون ان تفقد عفّتها، ففضولها سيؤدي بِها للهلاك!
.
.
كانت تبكي، تصرخ
كما هو الآن يبكي ويصرخ، ويمشي تحت المطر بِلا قُدرة على تجاوز كل شيء،
ستفعل بهِ رحيل ما فعله هو بأمل؟
فأمل مرآة رحيل والعكس صحيح، هذا ما شعر به، فوجود أُنثتَين في حياته لكل واحده لها قصة طويلة معه تُثير بداخله ضجيج
وما فعله بأمل يراه الآن بسيناريو مختلف، وإن كان كذبًا أو تخيّلًا يُكفيه ان يحس أنه يراه الآن ولكن على سيناريست مُختلف وموجع!
فالسيناريو قصتّه التي يراها على صوّر من الماضي بلقطات سريعة متفاوتة في الحجم والشكل يُرويها لهُ عقله بصوت الضمير المزعج يدورها ويُمسك بأطرافها كمخرج محترف يضرب ويُصيب بها قلبه في عدّة أمكنة بينما السيناريست فهو ليس المتحكم به فهو لم يكتب شيء من هذه القصة التي عاشها ابدًا بل خيوط الأقدار ألتفت حول رقبته ومعاصيه كتبت ذنوبة بحبرٍ لزج!
ستجعله يذوق الخيانة، كما هو فعل بصاحبه جعله يتذوّق الخيانة بصورته الحسنة التي ظهرت أمامه،
ولكن الفارق هو سيتذوّقها مباشرةً دون حيّل
أما ركان ها هو يتذوّقها دون الإحساس بِها وما إن يشعر بحسيسها سيقتله!
ربما لم تخن....
وربما أمل كانت بريئة مما تظن وقتها، تسحبها إلى سيارتك، تغلق السيارة ثم تفعل بها الإثم العظيم، كان عليك أن تعاقب شرعًا لفعلتك لكي تنردّع عن معاصيك وآثامك كان ويجب ومفروض..ولكن الحياة خبّأت لك العقوبات وامسكتها لك مؤجلة واهدتك إيّاها الآن على صوّر متعددة!
كيف أستطاع سعد تصويرك؟
نظر للضوء المنعكس من السيارات، يرتجف بردًا وخوفًا من كل افكاره ، يخاف حتى من غضبه هذا وذاكرته النشطه؟
يتذكر جيّدًا حينما أنهى هذه الفعلة الشنيعة، استوعب الأمر وشعر بنشاط عقله الجزئي رفع رأسه لسقف السيارة وأخذ يُلملم نفسه ويرتّب هندامه ولكن الأخرى شدّته لتضربه، وهي تصرخ وتضج حائرة مما فعله بها، لم تتوقع أن تقع هُنا ليفعل بها هذا الشيطان خطيئتهُ قاومتهُ حينما فهمت نوايّاه استطاعت الهرب من بين يده ولكن استطاع ان يُمسك بها ويوقعها على عتبات النّدم من المجيء لهُنا ادخلها إجبارًا في سيارته لا أحد هُنا تستطيع أن تستنجد به، الصالحون لا يتواجدون في وكر الشياطين أبدًا..ولكن هي أيضًا صالحة أو ربما ظنّت إنّها صالحة كل ما في الأمر فضول.. الفضول من رؤية ما لا يجب علينا أن نراه، الطيش الذي يأتي على مبدأ كسر الروتين وإسعاد النّفس ، تناسي بعض الأحكام الشرعيّة ومحاولة تجاهلها و الضرب بها في عرض الحائط يهوي بِنا إلى الظلام إلى الأشياء المجهولة، لذا لابد من الحذر ولا بد من الإتزان والفقه في الأمور الدينية التي تردع النّفس الأمارة بالسوء وتقطع أحبال الأفكار المشؤومة!
صفعتهُ ومخشت خدّه قاومها ثم اقترب منها صفعها على وجهها ليُكمل ما نقصه والآخر التقط أشنع صورة لهما عن بُعد.. هم اجتمعوا في المكان الخطأ وسعد أتى هُنا من أجل إسعاد نفسه في الواقع فهو الآخر مذنب ولكن لم يتجرّأ على الإقتراب من أي فتاة، فهو يُسعد نفسه بحدود وبذنوب أخرى!
رأى ليث وأخذ يبتسم بخبث والتقط الصورة ، كان نصف وجه أمل ظاهر ، في الواقع كانت تبكي، تحاول الفرار ولكن قُيّدت بنيران الشياطين..لتبكي ندم فضولها جمرًا!
.
.
يُحاول الآن الهروب من ذاكرته، نفض رأسه وكأنه ينفض الغُبار من عليها، وصل إلى العمارة، دخل وتوجّه للشقة، لا يُريد أن يؤّكد
هذه الأعاصير، يريد ان يسحب نفسه من تُرهات الأصوات التي يسمعها والتي تضج بهِ لتذكّر الماضي!
فتح الباب، توجّه للكنبة سحب هاتفه اتصل عليه
أخذ عشر ثوانٍ ثم أجابه صرخ: وييييييييييييييييين رحييييييييييييييييييييييييييييييل؟
كان متوقع هذا الإتصال، وهذا الإتهام، كان متجهّز للرد عليه وإعطاؤه الرد المُناسب، انتهت المهمة في الواقع بتّال فعل اللّازم، وهو طبطب على الأمر دون أن يُثير زوبعة اللورد
: شدراني انا عن زوجتك؟
ليث شدّ على قبضة يده يُريد أن يخبره هم خطفوها، هم قتلوها؟ لا يريد أن يُبرهن له إنّها خرجت من نفسها ولم تعد إلى الآن!؟
: بو سلمان....اقسم بالله...
قاطعه الآخر: لا تحلف....مينون انت؟.....شنو نبي فيها ؟......الحين احنا تصافينا وانت بترد للمعمل.....احسن الظن فينا ولا تقعد تتهمنا بأشياء احنا ما ندري عنها ترى مو من صالحك!
ليث صرخ: اقسسسسسسسسسسسسسم بالله اذا عرفت انكم ماخذينها وربي يا بو سلمان لا اذبحك بيديني انت واللورد الكلللللللللللب......
بو سلمان ببرود: لا تقصر اذا تأكدت انا بنفسي بوقّف جدام ويهّك وبقول لك حلالك سو اللي تبيه موّتني قطّعني بكيفـ....
اغلق خط الإتصال لا يريد أن يستمع لحديثه، نكر ونُكرانه اشعل في فؤاده شيئًا من الكُره ، شيئًا من الغضب والوعيد والتهديد، هل هي مجنونة لدرجة تذهب للضيّاع لتعود وتخبره الآن أريد العودة للسعودية؟
سيتم شرط جدّك بعد عدّت أيام ربما؟
مستحيلًا ،
لا يعقل أن تفعل هذا اصلا، فهي حاربت من أجل ان تصون نفسها وشرفها وهو لا يستطيع ان ينكر ذلك، ولكن هل جُنّت لتبيع نفسها بثمنٍ بخس وتشتري بهِ ثمن تذكرة عودتها للوطن؟
دار حول نفسه لا يتحمّل تناقضات تفكيره ولا يتحمل نتائج هذا الخروج
ولكن ما بال حبيبها؟
مسك رأسه؟
وما بال مبادئها الدينية؟
لالا ربما اختطفوها المتسكّعون صرخ، وجثل على ركبتيه وهو ينطق
: والله لا اوريك تطلعين بدون اذني والله لا اذبحك!
سمع نغمة الرسائل توقف ضجيج توقعاته سحب الهاتف سريعًا وفتح الرسالة
لترتخي، عضلات وجهه ويديه وجسده كلّه وتنشد اعصاب غضبه وتثور براكين الكُره من داخله، كل شيء الآن واضح وتبرهن من خلال الصورة التي يراها، كل شيء اصبح واضحًا كما هي أشعة الشمس واضحة في وسط النهار، انطلق السهم من القوس لِيُصيب عقله، اندفعت الرصاصة بزخم ثقيل وموجع من فوّهة المسدس لتثقب قلبه وتمزّقه، السوط أدمى ظهره وافلقه من الوجع إلى نصفين، الصورة حكاية أخُرى....المنظر إعادة لِم حدث في الماضي، وما تذكره قبل دقائق عدّه!
ماذا يحدث؟
ارتجف الهاتف ما بين يديه، يحدّق في اللصورة بتمعّن شديد ، عينيه اصبحت اكثر جحوظًا ولمعت بدموع قهره دون ان تنساب على خديه بهدوء، صرخ لِيُعطي نفسه قليلًا من التنفّيس....الصورة كفيلة من أن تشل أطرافة لتجعل طرفة الأيمن يهزع ويهتز كالنّخله!
بات صوته مسموعًا، ما يراه مُصيبة،
الآن يقسم سيقتل رحيل دون ان يرف لهُ جفن
سقط الهاتف من يده وأخذ ينظر للاشيء، جسده يرتجف وعينيه تشخصان وفاههُ فارغ من الحديث مفتوح على صدمة ما رآه، يُخرج الـ(آه) وهو يضرب بقبضة يده على قلبهُ حائرًا لا يدري ماذا يفعل؟ لا يدري كيف يُشعل النيران ويتركها بلا إخماد، هل جزاؤه على كل هذه السنوات التي وقف فيها معها أن تخونه هكذا بعد أن تخرج من سجنها وقفصها الذي لا ظل ولا ظليل له تخرج لـِ تخون بدم بارد؟
حاول النهوض ولكن كل شيء خانة كما هي خانتهُ، تبعثر شيء ما بداخله اهتز وانكسر ارتجفت شفتيه وهو يشتمها، مسح على رأسه، هل هي خطّه منهم كيف تكون؟ وها هي ذهبت برجليها؟ هل أنت واثق
صرخ من جديد، ليسكت احتمالات براءة رحيل وتبريئتها مما رآه في الصورة، سيلتفت للنقطة الواضحة هي خائنة وهو قاتل لا محالة!
تنفس بصعوبة شعر بضيق، ثم همس: رحيييل.......
هز رأسه وهو يضرب بقبضة يده على الكنبة التي اتكأ عليها لينهض ولكن لم يستطع ليس لديه طاقة كافية لتمكنه من استيعاب الأمر والنهوض في الآن نفسه، وضع يده على رأسه
وأخذ يهز جسده بضعف، وبوعيد شديد!
.
.
قبل أربع ساعات ونصف، وصل إلى الشقة يرتجف خوفًا وذعرًا من أن تكون مصابة برصاصة تهوي بهِ في القبور مدفونًا حي وهو يتنفّس!
حملها ما بين يديه، ووضعها على الأريكة الجانبية وعاد لإغلاق باب الشقة، كان يرتجف، ماذا سيحدث؟ لهُ لو كانت مصابة فعلًا؟
لا يجرؤ على ان يتأكد من الجرح ؟ لا يجرؤ على ان يكشف عن ملابسها ويرى هل الرصاصة استقرّت في مكان ما أم لا؟
شعر وكأنّ حياته انتهت، فهي مرهونة تحت أيدي هذه الخونة، هم لابد أن يستفيدون منه ليستفيد منهم!
افادهم وعوّضوه عن فقره وهمّه الكثير، اصبح يجني مالًا كثيرًا، سد بهِ حاجات كانت ثقيلة ومتكأة على عاتقه!
وحاجة والدته تلك الأرملة سد حاجاتهم بمال حرام! وكلّهم مالًا حرامًا دون أن يلتفت إلى جانبه الإسلامي، والديني الذي يحثّه على أكل مال الحلال والإبتعاد عن كل ما هو حرام، مشى في الشقة وإلى الآن لم يشعل الأنوار يخاف؟ من أن تكون ميّته اصلًا، فهي لم تخرج صوتًا ولم تفتح لها عينًا إلى الآن!
مسح على رأسه، عدّت مرات، اقترب منها وهو يعض على كف يده قلقًا
يقسم اللورد سيخرج له شهادة وفاة حالًا إن عرف بإصابتها
انحنى على جسدها وهي فاقدة للوعي، ومدّ كفّيه لكي يفك "أزرّت" الجاكيت ولكن لم تسعه تلك الطاقة التي استهلكها في خوفه وفكره السلبي.
ازدرد ريقه، اغمض عينيه ، والدته بحاجته اخيه واخته ايضًا إن قتلوه سيعود عمّه برغبته في الزواج من والدته من أجل ماذا؟ من أجل ابناء اخيه! تلك الفكرة تعشعشت في عقله وهي من جعلته يخوض في فكرة الابتعاث والدراسة وإعالتهم وارسال المال المستحق لهم بعد فشله في دراسته لفترة كان صعبًا أن يُجمع المال من أجل الابتعاث ولكن فعلها بطرق شرعية ومال حلال! بعد أن اخبرت والدته عمّه انها لن تتزوّج ابدًا ستقضي بقيّة حياتها من أجل تربية ابناؤها غض عمّه البصر ومّد له المال
للإبتعاث ومساعدته في عمله البسيط، ولكن هدّدهُ إن فشل هذه المرة لن يتردد في اخذ اخته واخيه وحتى العودة في فكرة الزواج من والدته لكي يستطيع ان يصرف عليهم ويجعلهم تحت عينه وفي حمايته!
، بتّال تحول لوحشًا آنذاك واقنع عمّه انه سينجح، حتى انه ألتحق بالمسابقة التي يظنها علمية بحته واصبح تابعًا لخطط جذب العقول للورد ودخل في هفواتهم التي لم يهتم بنواياهم حينما علم بها بل كل ما همّه جنّي المال في الواقع ولم يحاول يومًا كسر كلمتهم أو التخلّي عنهم فهو المستفيد.
فتح عينيه ، نهض سريعًا واضاء الانوار، ما زالت مغمى عليها، اقترب، وازاح سريعًا من على رأسها الحجاب لكي لا يُضايقها وتتمكّن من التنفّس اكثر! سحبه وهو يرتجف، انتثر شعرها على الأريكة ولم يهتم بذلك لم ينظر له في الأصل بل وضع اصبعه على العِرق الذي سيخبره بنجاته لمس رقبتها بخفة قلبه يضطرب وعقله ينشد جوقة حزينة تُنعي رثاؤه مبكرًا!
بلل شفتيه اغمض عينيه ، تحسس النبض، زفر براحة، ثم انحنى ليزيح من على جسدها الجاكيت باكمله، نظر للبقعة الحمراء التي التصقت على بذلتها المموجّة بالألوان العشوائية، لم يتردد هذه المرة من رفع البذلة ونظر لجرح يرتسم على جانبها الأيمن، وضع اصبعه عليه اخذ يضغط قليلًا يريد ان يتحسس ملمس الرصاصة ولكن يشعر بالشتات ، نهض سحب علبة المناديل، مسح الدّماء، نظر للجرح لم يكن هُناك اثرًا لطلق الرصاص؟
كان جرح ناجم عن ملامسة شيء حاد للجلد، تنهد، ثم عاد ينظر لوجهها طوّقه بيديه
اردف: رحيييييل....رحيللللل...
لم تُجيبه ربما اغماؤها نتيجة لخوفها وذعرها، ولكن يُكفيه أنها لم تمت، ارتجفت كفّيه، عقله توقّف عن فعل الصوّاب، نهض من جديد ونظر للجرح، ربما هُناك شيء حاد مشخها بهذه الغزارة، ضغط على الجرح، جُرحها يحتاج للخياطة!
كيف سيخبر ابا سلمان ،لا لن يخبره
.
.
سلمان اهدأ لن يحدث شيء فكّر بهدوء
.
.
اخذ يسحب هواء لرئتيه ويزفره ببطء، وعاد يضغط على الجرح
سحب هاتفه واتصل على زميلته التي شهدت على بعض جنونه ، الزميلة التي يذهب إليها حينما ينجرح لتداويه دون ان يُدخل نفسه في مسألة التحقيقات والإجراءات اللازمة، اتصل عليها واخبرها بالأدوات التي يعرف رحيل بحاجتها ثم اغلق الخط بعد أن دعاها للمجيء فورًا لشقتّهّ
وسمع همهمات تخرج من رحيل، كانت تنادي والدتها وتارة ليث، زفر براحة حينما تحدثت
ترك الضغط على الجرح ونهض ليقترب من رأسها نظر لعينيها التي تهتزان بالدمع ونظر لجفاف شفتيها سريعًا
تحدثت بهمس: بطنييي...
بتّال مد يده ليضغط على الجرح ونظر لها: اششش.....جرحك شي....اظن لم طحتي على الارض وسحبتك....في شي طحتي عليه صح؟
يقصد حينما سحبها ستيفن وهو الآخر سحبها بقوة واوقعها على الأرض تذكر انها تألمت غير مصدقة انّ هناك شيء اخترق جانبها، بتّال لم يترك لها مجالًا للتصديق
سحبها وكتمت الألم حينما شعرت انّ ذلك الشيء يخرج منها وكانت في الواقع حديدة صغيرة منغرزة في الأرض لتثبيت شيء هي لا تعرفه ولكن ، سحبها ليجبرها على الوقوف لتتألم من رجلها وتنسى ألم بطنها وستيفن لم يترك لهما مجالًا للهدوء واستيعاب الأمور رويدًا!
تحدثت: اي...
واخذت تزفر انفاسها من شدّة الألم، ضغط على الجرح وهي في هذا الحال حاولت ان تغطي بطنها من الناحية التي لا تُخفي الجرح
فقال: بتجي ممرضة تشوفه لك.....
رحيل اغمضت عينيها بوجع، تذكرت تغيّبها لساعات طويلة عن الشقة وتذكرت ليث وغضبه، وتذكرت ماري، ومحاولتها في تأذية جاسيكا، لا تدري كيف قررت على الإنتقام ، وآل بها الأمر لهُنا
: ابي اروح بيتنا....
بتّال نظر لها ولعقدة حاجبيها، لن يتأثر بها على منطلق عقله البشع ولكن بدأ يحارب وحوشه من الداخل قبل أن تهجم!، وشعر انها حقيقةً ضحيّة لليث ولدخوله في عالم اللورد حمد الله سرًا زوجته لم تأتي معه وإن كانت علاقتهما متوترة يشكر الله أنهم لم يمسكوا نقطة ضعف تجعلهم يلعبون به كما يفعلون الآن مع ليث!
بتّال: جرحك لازمته خياطه...لا تتحركين!
بكت بِلا صوت من شدّت ألم الجرح وساقها، هي مجبورة على ان تتألم على أن تضيع، لا تثق ببتّال ولا تثق بوجودها في حضرته تخشى من كل شيء الآن، فخروج ستيفن فجأة يُعني المصائب!
حاولت النهوض تريد الهروب
ولكن بتّال أعادها حينما لمس كتفها واستوعبت كشفه لشعرها: بروح...
بتّال بهدوء: ما راح تقدرين تمشين اصلا....
رحيل ابعدت يده عنها : مالك دخل...
ثم سحبت الحجاب بصعوبة وبيدها المرتجفة اشارت له: ومالك حق تمنعني......
ثم اردفت بشراسة تحت ذهول بتّال للتو تتألم، وما زالت تتألم ولكن هي متكيّفة مع الآلام بطريقة ما! حتى وإن اشتدت عليها الأمور تحاول ألّا تجعل للأوجاع فرصة من التمكّن منها تقاومها بشتّى محاولاتها في النجاة!
حاولت أن تنسى تلك الآلام وتتحدث وهي تحاول النهوض: وبعدين كيف تشيل حجابي؟
ابتعد عنها لتكمل توبيخ وهي تعض على شفتيها وتلّف حجابها سريعًا وبإهمال شديد!
حاولت النهوض ولكن لم تستطع كل شيء يرتجف بها، يرتجف خوفًا وحُزنًا على ضعف حالتها، احتضنها الألم حقًّا حينما انهضت نفسها بقوّة لتقف على قدميها عضّت على شفتيها ليستمع بتّال لأنفاسها المضطربة وضعت يدها على الجُرح وحاولت أن تنحني لتسحب الجاكيت ولكن
شعرت بدوران الأشياء من حولها ، الكنب، الساعة المعلقة على الحائط، الطاولة الخشبية التي وضعت عليها الفازّة، والأريكة، والكراسي التي تُحيط الطاولة هُناك القريبة من النافذة وكذلك الجاكيت..رمشت..لترى جدّها يدور حولها..ريّان حزين...وفهد يحاول الصّراخ...ومناهل تمّد يدها لها..والدها يقف بقهر.. ترمش مرّة اخرى..لا تنمحي الصّور!
اغمضت عينيها كُليًّا وفتحتهما سريعًا ولكن اختّل اتزانها وكادت تسقط على وجهها ولكن اردفها بتّال حينما امسك بها واعادها للجلوس على الكنبة...شعرت وكأنها تغوص في كابوس مخيف
صرخت: بعّد عننننننننننننننني قلت...مالك حق تمسكني...
فهم خوفها واستوعب ما ترمقه إليه فصرخ الآخر: اوك......مالي حق امسكك.....ومالي حق حتى اجيبك هنا واساعدك...وانتي مالك حق تضرّيني بعد يلا قومي طلعي من شقتي.....طلعي...فكّيني من وجع الراس اللي بيجي من بعد مطاردة المتخلّف لك......واللي انا مادري وش يبي منك...
وبخبث لكي يبرّأ نفسه وبذكاء: ولا ادري كيف عرف اسمي !.......بجيبين لي مشاكل.....واضح ماهوب سهل ومراقبك بعد...ويمكن عرف مكان شقتي.....فخلاص....انتي صادقة انا مالي حق في ولّا شي يخصّك....بس انتي مالك حق تضريني في مصايبك...والحين طلعي وانا ببلغ الشرطة.....بس عطيني رقم احد من اهلك اقدر اتفاهم معاه لشتكيت!
سكتت، تنظر لهُ ببهوت، استوعبت انها مهددة لو خرجت ربما ستيفن سيكون في انتظارها انكمشت حول نفسها ولاحظ بتّال صمتها وخوفها ايضًا، تنهدت بضيق
هزت رأسها: مانيب حافظة ولا رقم!
ثم نظرت له: ما راح يضرّك دامني انا الهدف اللي يدوّر عليه...
ثم حاولت النهوض فقال بتّال: لا تعاندين وجلسي...
رحيل بصوت اشبه للهمس وهي تشد على الجرح: الحين تقول لي طلعي!
لم يُجيبها بسبب سماعه لقرع الجرس نهض، متجه للباب بحذر شديد
وكانت الممرضة من أتت قبل أن تعبر من أمامه أكّد عليها هل جلبت المنوّم فهمست له بالتأكيد!
مشت ومشى معها ونظرت رحيل لها وللحقيبة التي بيدها
فقال بتّال: اتركيها تشوف جرحك....وراح تنظفة وتخيطه لك.....عن اذنك انا بروح غرفتي....
ثم نظر للممرضة رمقها بنظرات فهمتها، وتقدمت لرحيل وطلبت منها الإستلقاء، كانت تتوجع بشدة وكانت تنزف مع حركتها ساعدتها في الإستلقاء، واغمضت عينيها اخذت تنظف الجرح، وهي تشد على قبضة يديها وتعض على شفتيها، لا تدري هذا الجُرح بهِ ألمًا آخر لم تتجرعهُ مُنذ مرور سنتين تقريبًا، ألم الخوف والقلق وألم نزفه، وألم تفكيرها الآن
هل ستموت يومًا دون أن ترى وطنها الذي احتضن بداخله رحيل البريئة
رحيل الطفلة التي يحبها الجميع؟
هل ستموت لكي لا تدخله برحيل الحقيرة التي يكرها الجميع؟
.
.
طالت الأيّام من لُقيا سماؤك الجميلة يا وطن، طالت وملّا الصبر منّي ، ارتجف على أبوابك اطرق اهدافي في الوصول إليك
ارجوك رغبةً من تفتح لي مصرعيك لي حُبًا وشوقًا كما انا اشعر كما
ينقاد لكَ قلبي ويفيض بكَ عقلي تفكيرًا لروي ظمأ
عيني لرؤياك!
.
.
|