كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
جثل امامها ليث، لينصعق بالمنظر الذي أمامه، نظر لأنفها المحمر ولبقايا الدم القريبة من شفتيها.......فهم انفها ينزف.....نظر لعينيها التي تاهت في النظر لعينيه، نظر للسكّين التي اراحتها في يدها وللدماء التي تخضّب يديها...
اقترب : رحيل.....
رحيل بنبرة باكية ما زالت تهتز: متى بنطلّق؟
ازردرد ريقه ، مسح على وجهه عدّت مرات.....اقترب منها ....سحب الحجاب ليلفّه بطريقه عشوائية على رأسها....حاول أن يسحب السكّين ولكن شدتها إليها
وهي تقول
: متى بنرجع السعودية؟
لم يتحمّل شعر بصدمتها، بجنون حديثها ونبرته الخالية من الحياة، احتضنها رغمًا عنها وهو يتمتم حامدًا الله على سلامتها، ثم نهض سريعًا وانهضها ليجذبها إليه من جانبها الأيسر...
وضعت رحيل يديها الملطختّين بالدماء في مخبأ السترة ، ومشت مجبورة مع ليث وهي تتنفّس بعمق.....حاولت ان تمسح الدم التي تشعر به يتسلل لينساب على شفتها العلوية بظاهر يدها اليسرى .....فتح ليث الباب الذي يؤدي للشارع...انكسرت عيناها من اشعة الشمس خجلًا مما حدث.....وخرجا هما الاثنان....وقلبهما يخفق.....ليعلنا عن خوفهما بهدوء!
.
.
.
لماذا لا يُجيب عليه ؟ هل رفضت هذه المرّة ؟ هل مصرّة على عدم القبول بهِ وخجل أخيها من زّف الخَبر إليه؟
.
.
لماذا باتت الأبواب مؤصدّة أمام هذا الحُب الذي نشأ في قلبهُ بحُب طفولة متمكّن من جعلهُ حُبٍ ناضج في قلبهُ وهو شاب يافع!
بدأت عهود حقًّا بالتلّاعب في أوتار قلبه، بدأت تمزّق تفكيره بخيبات طالت في عدم تصديقها، لم يعُد قادرًا على التمّاسك وعدم إبداء ما بداخله من شعور الخذلان وعدّم التقبّل،
نظر لوالدته ودّ لو يتجرّأ ويحدّثها هل حدّثتها خالته أم لا؟
صارم يتصدد عنه هذا ما لاحظهُ
نطقت والدته لتقطع تفكيره: اليوم وانا امّك أبيك توديني المستشفى...
انزل فنجان القهوة من يده وهو مهتمًا: خير يمه؟.....فيك شي؟
الشكوك بدأت تطرأ عليها مُنذ فترة ، رغم الأمر مستحيلًا بالنسبة إليها ولكن مُنذ عدّت أيّام وهي تشعر بالتعّب والإعياء، تريد أن تُبرهن هذه الشكوك بواقع ملموس، هي تعلم إلى الآن تستطيع الإنجاب ولكن الظروف التي تعيشها ربما لا تمكّنها من الإحتفاظ بالجنين ، فبعد هذه السنوات كيف يكون لها ان تنجب؟
لا يعجز على الله شيء جلّا علاه ، ولكن هي في سن الأربعين من عمرها وهي صغيره لم يثبت أي حمل، ولكن بقدرة الله عزّوجّل عاش لها ابنها ذياب....تخشى ان تكون حاملًا حقًّا وهي في هذا العُمر وتخسره او تُنجبه بأمراض لها اسبابها المتربطة بالعمر!؟
ابتسمت في وجهه ابنها: لا يمّك....بس ابي اسوي تحاليل.....اطمّن....
ذياب بشك مسك يدها بخوف: يعني فيك شيء؟
ام ذياب لا تريد أن تُخبره أنها تشك في مسألة الحمل وهي في هذا العُمر وهو في هذا السن وبعد كل هذه السنوات؟
الأمر مُحرج بالنسبة إليها ومخيف للعواقب التي تليه ببطأ شديد على تفكيرها
: لا.....بس امس دخت....وخفت يكون عندي ضغط ولا شي...وانا مادري ....فأروح اسوي تحاليل افضل ......
ذياب باهتمام قبّل يدها ثم نهض: أجل قومي نروح الحين.....ابوي يدري؟
هزت رأسها وهي تقول: قلت له....بروح مع وليدي.....
ذياب : أجل قومي يمه ....
نهضت وهي تبتسم في وجهه، وسمع رنين هاتفه على هذه الأثناء
سحبه من على الكنب واجاب: هلا صارم....
.
.
لا يُريد أن يبقى كهذا يتصدد عن اتصالاته دون أن يُريح قلبه ولا يريد أن يُخبره بشيء لا يضمن عقوبته في الواقع
نهض من جلستهم وخرج وهو يقول: هلا ذياب......ما رديت عليك لأني انشغلت.....فاعذرني....
ذياب مسح على رأسه، خفق قلبه: معذور...معذور......بس ...طمّني.....
صارم بجدية: ذياب....الاوضاع عندنا حبتين ما هيب مستقرة.....ولسّى ما فتحت الموضوع مع عهود....
ذياب واخذ يتشاغب: فيكم شي؟.....خالتي فيها شي؟؟؟
صارم شعر أنه متوهق وكما نقول*جاب العيد*: لالا....الكل بخير...
وبكذب: بس جدي اشوي صحته هالليّام لك عليها .....ولا كلمت لا عهود ولا ابوي....
ذياب بلل شفتيه: ما يشوف شر....تمام...انا انتظر....مانيب مستعجل....واعذرني لو ازعجتك باتصالاتي......
صارم ابتسم: ولا يهمّك....سلم لي على خالتك...فمان الله....
ذياب ابتسم : فمان الكريم.
.
.
صارم نظر إلى هاتفه ابتسم واطمئن قلبه ، يشعر انّ ذياب يكّن مشاعر لناحية عهود وما يجعله آمن للأمر رغبته الملحّة في الزواج بها دون أن يتخبّى وراء مشاعره ويفعل ما يفعله في الخفاء!
تنهّد ثم تذكر أمر ليث ورحيل
وأمر خروجها من السجن اليوم، يشعر بالحُزن على ابنت عمّه ويشعر بالغضب الذي يطرق رأسه عليها ، ليتها لم تبتعث مع ليث وبقيت هُنا بجوار عمّه وخالتها بدلًا من ضياع عُمرها هُناك في بقاع السجون
تنهد ثم دخل ليصطدم جسده بأخيه الذي خرج وهو عاقد الحاجبين ، ويزفر بضيق
امسكهُ من كتفه: ما بقيت تطلع من الغرفة؟.....معتكف فيها.....خير وش فيك...
نواف دون أن ينظر له: ما فيني شي...
صارم نظر إليه بتركيز ثم سحبه ليجبره على الخروج إلى واجهة منزلهم، نظر إليه
ثم قال: تكلم ....وش فيك ...مانت على بعضك.....صار لك اكثر من يوم وانت منطّق في غرفتك....وخلقك زفت.....متورّط في شي؟
نواف
نظر لأخيه ، حقًّا هو ليس في مزاج عالٍ لشكوك صارم.
يعلم شكوكه في مكانها المُناسب ولكن ينفيها وبشدّة لا يُريد أن يُبرهن لهُ أنه فعلًا ذو مصائب كثيرة ومشاكل متعددة
ارتفعت نبرة صوته: ليه دايم تحسسني إني بو المصايب؟
صارم ابتسم بسخرية: بعد اللي شفناه منك....اكيد أنت كذا......
نواف سحب نفس عميق: صارم ما فيني شي...والحين وخّر عني ابي اطلع اشم هوا....
صارم: طيب اذا ما فيه مصيبة....محتاج شي؟
نواف بدأ يبتعد عن أخيه زفر: محتاج أنك تبعد عني....
ثم خرج من المنزل تارك صارم ينظر إليه بشك: هيّن يا نواف ما ردني وبعرف وش وراك...
ثم دخل إلى صالة منزلهم
وسمع صوت اخته عهود تقول: والله فاتك يا دانة بس صدق عشنا لحظات رعب من غضب جدي بس جلست بنات العم ما تنتعوّض....وتمنينا تكونين معنا.....
دانة ابتسمت على مضض: الأيّام قدامنا.....وان شاء الله ترجع رحيل ونجمّع كلنا.....
صارم جلس بهدوء بالقرب من أخته عهود سحب من يدها صحن المكسرات، بينما والديه لم يكونا هُنا
عهود : اي والله اشتقنا لرحيل......
ثم اطرقت : أمانة دانة ما تحسين الموضوع مشكوك فيه....
صارم توقّف عن أكل المكسرات ودانة نظرت إليه لتلتقي عيونهما المتوترة مع بعضها البعض
فقالت: اي موضوع؟
عهود بدأت تتحمّس وجلست متربعة على الكنبة لتُقابل وجه دانة وتولّي بظهرها عن صارم: موضوع رحيل....ليش كلّه ليث ينزل وهي تبقى هناك بحجّة الاختبارات والدراسة؟.....معقول ولا مرة اتفقوا على وقت مُناسب لهم الاثنين...عشان ينزلون مع بعض؟
صارم بتدخل: تصير...عادي...
دانة مسحت على شعرها: ايوا تصير....ويمكن يكون ليث.....مستعجل وكذا....فينزل.....
عهود وهي تمضغ الكيكة ببطأ: اذا قلنا هو مستعجل ويشتاق لأهله ...وقول لها مابي اننتظرك بنزل....طيب....وهي ما تشتاق..ليش ما يعني.....ينتظر...و..
صارم سحب من يدها صحن الكيكة ليقاطعها : انا اقول اتركي الفضول عنك وهاتي صحن الكيكة...
عهود تنرفزت ونهضت: وجع وجع ...اي صحن آخذه سحبته مني يا بو بطن كبير....
صارم اشار لنفسه وارتاح من تشتيت ذهنها الآن عن أمر ليث ورحيل: أنا بطني كبير؟
عهود : اي......
ثم سحبت الصحن من يده: هات بس...هات...آخر قطعة ونفسي فيها....
دانة ضحكت: ههههههههههههه أظن فيه في الثلاجة عهود...
صارم ضحك ووقف ليسحب الصحن من يدها: والله ما تاكلها...
عهود بنرفزة: جعلك تغص فيها...
دانة ماتت ضحكًا على وجه عهود المتنرفز: ههههههههههههههههههه مو طبيعية عهود....
صارم واخذ يتلذذ في لقمته: كأنها بزر...اممممم....والله لذيذة....
عهود بصرخة: داااااااااااااااااااانة قولي له يعطيني....والله لا اتفل في الصحّن الحين....
صارم ابعد الصحن عنها حينما نظر لاستعدادها على تنفيذ ما قالته: صدق بزر......الحمد لله والشكر المشفوحة...
دانة بدأت تدمّع عيناها وكأنها نست امر الجد
امر محمد
واعتراف رعد ضحك قلبها الذي بكى ايامٍ طويلة ضحكت وكأنها تريد ان ترفرفر ما بين معاني السعادة واجواء العائلة
: خلاااااااص صارم....اترك لها اشوي...ولا وربي...بتخليك تطلع تشتري لها....لو صدق ما فيه.....بتجلس تحن لين تفقع قلبك...
صارم ضحك وناولها الصحن: انا اقول انتي اكليها لأنك ما كلتي شي...
وهنا اتت عهود بشكل سريع لتسحب الصحن الواقع ما بين يد صارم واختها
: هاتوها بس....
ثم ركضت بعيدًا عنهم
ضحك صارم: هههههههههههههه قسم بالله مجنونة.....مادري كيف قبل فيها ذياب....
دانة ابتسمت: حاصل لّه عاد.....
صارم ضحك هُنا: هههههههههههههههه والله انه بموت هالولد وهو ينتظر
دانة بجدية: خلاص كلّم ابوي...
صارم وهو يمضغ المكسرات: مو اليوم.
.
.
كيف لها ألّا تسمع صوتها الآن، كيف تُخرس شوقها الحارق؟
نظرت لأبن لأختها ريّان الذي يأخذ نفسهُ بعمق ، زوجها الجبان كما تقرّ في نفسها ما زال في غرفته وكأنه لا يُريد أن يُجابه الأمر برمّته
مُختبأ وراء غضبه وجحد أيام طفولتها التي تصرخ في وجهه ُتُنهيه عن هذا العِناد والتنّازل ولكن يكرر صارخًا أمام عواصفه ليس الآن ....
تحدثت : أمكم .....أختي.....عذبة...وصّتني عليها.....شدّت على يدي ....بقوّة.....قالت لي بنتي يا عذاب بنتي ماحد يربيها غيرك.....بنتي يا عذاب أمانه عندك لو صار فيني شي.....اخذيها وربيها في حضنك.....
فهد
يؤلمه الحديث عن والدته ، يجعله يتوه في غابات شوقهُ إليها ، اشتاق لها، لن ينسى تلك الليلة التي وُلدت فيها رحيل في الشتاء الثاني من شهر ديسمبر لن ينسى كيف ضجّوا فرحين بقدومها، وسُعدوا بذلك
ولكن هُدمت هذه السعادة سريعًا حينما ضجّ ذلك البيت بالصراخ معلنين عن فُقد أخرس لسانه عدّت أيام وادمع عين ريّان لشهور طويلة!
اشتاق لوالدتهُ
اشتاق لصوتها
لحنانها
ولحركتها في المنزل
تمتم مختنقًا: الله يرحمها....
ريّان عضّ على شفتيه ليُمنع مشاعر كثيرة ترجوه بأن يترك لها الفُرصة في التدفق على مجرى احزانهُ بهدوء، ولكن كان يعصيها
اكملت بعينين مهتزتين: ما حافظت ولا صنت هالأمانة....ما حافظت....
ريّان اقترب منها قبّل رأسها ثم يدها
تهجد صوته : خالتي......انتي كفيتي ووفيتي...واللي صار لرحيل.....مقدّر ومكتوب......
ام وصايف نظرت إليه اشارت له: كنت معارضة زواجها بشكل كبير...بس ابوك ما سمعني......كانت صغيرة.....لا هي قد مسؤولية بيت ولا زوج.......كنت خايفة عليها...وضاق صدري لم ليث قال بياخذها معه.....حسيت بالنار تمر على صدري وتحرقة في اليوم ألف مرة.....
فهد تزحزح من مكانه جثل على ركبتيه أمامها نطق: خالتي......اذكري الله.....رحيل الحين قطعت هالمسافات الطويلة...وما بقى إلّا القليل.....
ام وصايف تنهدت: آه...بس...آه....
فهد طبطب على يدها اليمين: اسم الله عليك من الآه يا يمه....
اغمضت عينيها هُنا بقوة على كلمته التي عبثّت بها كثيرًا ، هي نهتهم عن قول (يمه) لأنها خائفة تخشى من أن تسرقهم من أختها تمامًا ، في نظرها هي سرقت حياة اختها بطريقة جُبرت عليها لتعويض ما تلف من هذا الفُقد ، فهي تكتفي بمناداتها من قِبلهم بـ(خالتي) ، هذا اللّقب خاص بأختها، هي انجبت وصايف وتُكفيها الكلمة منها ، فحينما ينطقون تلك الكلمة تجاهها تشعر بتمزيق جسدها ، بخيانتها لأختها التي وصّتها عليهم ، بكت ، وهي تُخبأ وجهها بيدها عنهم جميعًا
ريّان احتضنها وفهد أخذ يطبطب على يديها
.
.
نزلت هُنا ابنتها وصايف التي نظرت للأوضاع التراجدية على فُقد خالتها وبُعد رحيل
ضجّ في فؤادها خوف وذعر، بحلقت بِهم تُريد تفسيرًا لدموع والدتها التي تبكي بحرقة
: يمه شصاير؟....شفيك تبكين؟
ألتفت فهد هُنا عليها بعينين محمرتين ثم نهض وهو يتجّه لناحيتها: ما في شي....بس خالتي اشوي تعبانة...
وصايف اقتربت منه بخوف: شفيها...
ثم ركضت لتجلس أمام والدتها وتضع يدها على ركبتي والدتها: يمه شفيك؟
مسحت هُنا ام وصايف دموعها بسرعة ازدردت ريقها : ما فيني شي...
وصايف نظرت لحزن ريّان الذي يشع من عينيه الواسعتين
وإلى توتر فهد الذي ينظر لها بصمت
: شلون ما فيك شي...وأنتي تبكين.....
ريّان تدخل: تعبانة اشوي.....تروح غرفتها ترتاح وبتخف...
نهضت هُنا سريعًا وكأنها تريد مخرجًا للهروب.....لِمُراعاة شعورها الذي يطفو على جنبات اشتياقُها اللّئيم ...هربت تحت ظّل دفء ذكريات أحاديث اختها، وصوت رحيل وهي طفلة ......تريد الهروب من كل شيء يُخنقها....بدءًا من وصيّة اختها لها وفقدها....وفقد نفسها بزواجها بـ عبد الرحمن ثم ظُلم رحيل.
.
.
وصايف: ريّان امي مو طبيعية شفيها ليش تبكي...وأنتوا ليش كذا...اشكالكم....
فهد بدأ مزاجه يتعكّر : ما فينا شي .....قلننننننننننا ما فينا شي.....
ريّان التفت على فهد ثم عليها
نهض واقترب منها طبطب عليها ثم ابتسم: تطمني والله ما في شي....بس خالتي تعبانة اشوي....اظن ارتفع ضغطها.......
وصايف نظرت لهما بشك ثم نهضت للتوجّه إلى المطبخ، وهي تفكر بكل شيء......ما زال نواف يتصل بها دون أن يصيبه الممل...دون أن يشعر بالخيبة من عدم ردها عليه، بدأت توزّها نفسها وزًّا .....لتوجّهها لمكالمته .....وحتى مسامحته ولكن الخوف من أن يتكرر الأمر يردعها.....نظرت لرسالته الأخيرة
(والله وصايف ما راح اسمح لنفسي مرة ثانية أأذيك.....تكفين جددي الثقة فيني.....لا تحسبيني بضرّك.....والله مستحيل اضرّك)
بكت هي الأخرى في المطبخ وهي تقرأ رسالته ، وشعرت بالحيرة وتذكرت مزون وحديثها وبهت كل شيء بداخلها وبقيت هكذا حائرة أمام هذا الحُب الذي يُفسد في بعض الحين نومها!
.
.
الصّمت أمام الإنهيارات لا يُعني السكون في الذات!
بل الصمت يعد انهيارًا من نوع آخر ، مستفز في بعض الحين ، ولكن ما إن يطبّق على الشخص ذاته يقتل بداخله ألف شعور.....
بلل شفتيه نظر إليه، والدته عثت في أمر رحيل فسادًا أمام ابيه الذي توضّح لهُ انهُ منهارًا ولكن يحاول لملمت نفسه وبعثرتها في الواقع !
وأخيه المبعثر أمامه يهز برجله بعنين سارحتين في وهم الحقائق
تحدّث: محمد روح فهّم أصايل كل شي.....أنا مابي اتكلم....
رفع نظره لأخيه تنهد: وش اقول لها؟ بالضبط؟
فيصل مسح على رأسه: قول لها انسجنت ظلم وبس....وانحكمت ثمان سنوات....
فجأة اتاهما صوتها حينما فُتحت الباب لتدخل عليهما بعد ان تصنّتت عليهما : هذاني سمعت....خلاص...ماحد مجبور يقول لي....شي
ثم دخلت الغرفة واغلقت الباب وهي تقترب
من اخويها بوجهٍ محمر وشاحب: يعني ليث يكذب علينا طولة هالسنين...وانتوا تدرون وساكتين؟
فيصل نظر إليها وببرود: وش بتفرق لو عرفتي بوقتها؟؟
أصايل بللت شفتيها: ما راح يفرق شي....بس على الأقل ما نصير مخدوعين ....
محمد نهض هُنا ثم التفت عليها: اصايل.....رحيل مظلومة....انسجنت ظلم .....
اصايل : بقضيّة شنو؟
فيصل نظر لأخيه وكأنه لا يريد منه ان يخبرها عن الأمر
محمد: قضية وبس....ما لازم تعرفين التفاصيل يا أصايل....
أصايل ابتسمت بسخرية: أي شلون بعد....حنّا بزران...مو كل شي المفروض نعرفه!
فيصل مسح على ذقنه بتوتر هُنا
محمد اشاح بنظره عنها ثم قال: بقضية الشروع بالقتل...
شهقت هُنا ووضعت يديها على فمها
تحدّق فيه مصعوقة هل ابنت عمها قاتلة؟
فيصل التفت عليها: في الواقع ......هي دفاع عن نفس...ولا مات الشخص......ولفقوا لها هالقضية وانحكمت ثمان سنين.....والحمد لله ما انحكمت مؤبّد!
اصايل: وليث؟
محمد نظر لها: شفيه؟
أصايل بغصة: كيف قدر...
قاطعها فيصل: كلنا كنّا معه ....يا اصايل.....
محمد بجدية: اصايل انتي الحين عرفتي كل شي......ولا يوصل شي لهيلة ولباقي بنات عمي....انتبهي.....
هزّت رأسها
فقال فيصل: وين امي....
اصايل بضيقة: في غرفتي....
محمد بهدوء: خليها الليلة تنام بغرفتك لا تروح غرفتهم....
اصايل مسحت دموعها : طيب.....عن اذنكم...
ثم خرجت من الغرفة
محمد نظر لفيصل: اتصل عليك ليث؟
فيصل تنهد: لا....بس رسل لي طلعت رحيل.....وبروحون الشقة...
محمد همس: الحمد لله
فيصل ابتعد عن اخيه ثم نظر إلى نفسه من خلال المرآة التي امامه ،
: محمد.......وش صار على موضوعك؟
محمد رفع رأسه لأخيه : ولا شي....جدّك مصّر على الزوّاج....
سحب فيصل علبة الدخّان من على الكمودينة واشعل سيجارته بعد ان سحبها من العلبة وهو يقول: يعني ما فيه مخرج؟
محمد نظرر للسيجارة ولأخيه ثم نهض: مو محمد اللي ينجبر على شي ما يبيه....
ثم تقدم لناحيته وسحب السيجارة من يد أخيه: لا عاد تدخّن قدامي لا اذبحك....
فيصل ضحك هنا وسحب سيجارة أخرى من العلبة: ههههههههههه والله يا حميد اعصابي تلفانه ولازّم اروّق...
محمد بعصبية: على أساس كنت منهار ........ما شفت أبرد منك...ثلج.....
فيصل اشعلها وغمز لأخيه: جربها ماراح تندم...
ثم سحب نفس من سيجارته ونفث دخانها في الهواء
محمد نظر للسيجارة التي بيده ثم رماها على ارضيّة السراميك وقام بدهسها
: قسم بالله انت مثل ابليس...اعوذ بالله منك!
فيصل استمر في الضحك...
محمد اشار له بغضب: مو طبيعي شكلك تحشش....
مات ضحكًا واخذ يكح
: كح كح هههههههههههههههه ياخوي هد اعصابك ترا الدنيا ما تسوى.......وبعدين لو بحشش على قولتك......كان الحين انسطّلت معي على الريحة....
محمد ابتسم رغمًا عنه هُنا: المهم....انا بطلع....وانت انتبه على الأجواء لا تتشربك زود...
فيصل : تامر امر انت....روح روّق بس...اطلع فكّني منك...
محمد بنظرت شك: تبيني اطلع عشان تطلّع من الدرج بعد مخدرات؟
فيصل: هههههههههههههههههههههههههه محمد.....هذا ظنّك فيني ......تراني اخاف الله....
محمد وهو يتجّه إلى الباب: اترك عنك التدخين لا يطيح عليك ابوي....ويجلدك مثل غيرك!
ثم خرج
ليردف مستفهمًا فيصل: مثل غيري؟!
.
.
وصلت شقتها ، عادت لم تتحمّل برودة الجو ، وبدأت الامطار تنهمل على المدينة بشكل مكثّف فعادت للشقة لم تذهب لشقة ركان تريد ان تبقى مع ذاتها قليلًا بعيد عن النّاس وقعت عيناها على صورة ليث في الإطار المعلّق على الجدار في غرفة نومهما، مشت لتصبح أمامه تمامًا ، نظرت إلى وجهه، ابتسامته، ووقفته وشموخه، ابتسمت بسخرية
.
ثم
.
تنهدّت بضيق تريد أن تسمع صوته ، بل تريد ان تقطع لحظاتهما معًا ، لا تريد أن تطبّق رحيل بيديها عليه لتبعده عنها تمامًا، لا تريد أن تبقى هي في الوسط خاسرة كل شيء، جنّت بتفكيرها، ثم
اتصلت عليه
.
.
لم يرد عليها في المرة الأولى
.
ولا حتى في الثانية
وفي الثالثة بعد مرور خمس ثوانٍ أتاها صوته الباهت: هلا أمل....؟
أمل لا تدري ماذا تقول في الواقع ولكن لم يُعجبها صوته : طمني ليث؟
ليث وكأنه فهم الأمر: كل شي بخير...
أمل جاهدت على ان تُنطق: شفتك الصباح مرا تحاتي ومتوتر...قلت اتصل اطمن....
ليث لينهي الاتصال: تطمني كل شي بخير...
وقبل ان يغلق: أمل...
أمل بهدوء: نعم....
ليث : روحي شقة ركان لا تروحين شقتنا.....
أمل ازدردت ريقها: طيب....
اغلقت الخط، ونظرت لبهوت وجهها في المرآة، اختنقّت في الواقع، عرفت الآن مدى قدرها لديه ، رغم أنها تعلم بذلك مُنذ وقت ، ولكن الآن رأت البراهين تُمزّق قلبها الذي بدأ ينفجر غيرةً من زوجته الأولى ، هي الآن اصبحت تكرهه وتحبه في الآن نفسه، مسحت على رأسها عدّت مرات ثم نهضت لتستحم!
.
.
بينما ليث، سحب كأس الماء ، وتقدّم لناحيتها وهي على الكنب، مُنذ وصولهما وهي تترجف، اجبرها على الجلوس رغم عنادها من الوقوف مع تكرار السؤال نفسه(متى بنرجع السعودية؟) خشي عليها في الواقع من فُقدان عقلها، سحب من على رأسها الحجاب واجبرها على ان تزيح السترة من على جسدها كانت تتعرّق وبشدّة ، تهز بجسدها بعمق، بلل شفتيه
جلس بالقُرب منها ثم قرّب الكأس من فاهها وهو يقول: شربي ماي...
مسكت الكأس شربت القليل ثم ابقتهُ ما بين يديها لتضغط عليه
نظرت لعينيه كررت: متى بنرجع السعودية؟
توتّره من تكرار سؤالها تُخيفه من صمت هدوؤها هذا، مسح على رأسه بلل شفتيه ليُزيح توتره
نظر لعينيها المحمرّتين : رحيل.....مضطّرين نجلس هنا لفترة.....
رحيل شدّت بقوّة على الكأس الزجاجي الذي بين يديها، حرّكت جسدها قليلًا لِتُصبح مقابلة له: فترة!.....يعني كم ؟
ليث نظر ليدَيها التي ألتصقت بِهما الدماء وكيفية شدّها على الكأس، تُثير في قلبهُ قلق ورعب من صدمتها التي لم تُخرج منها من الآن، لا يعلم هل حقًّا هي لم تتجاوز صدمتها أم اعتادت على الصدمّات لتُخيفه هكذا بردّات فعلها الجنونية
: يمكن نبقى هنا ...ثلاث شهور....
ابتعدّت عنه بضعًا من السنتيمترات ضحكت وهو يحدّق بها فاجأتهُ حينما رمّت الكأس على الأرض لتتبعثر شظاياه ويصدر صوتًا مزعجًا لآذانيها ، نهضت سريعًا وقابلتهُ وهي تصرخ
: ثلاااااااااث شهور؟!.....ثلااااااااااااااااااااااات شهور......يمدي ينعاد ويتكرر الموقف...يمدي يلاحقني لين.....يحقق غايته.......يمدي حتى يذبحني.....
ثم اقتربت منه وهي تمّد يديها إليه: شوف.....شوف...دمّه....قدرت هالمرة بعد انتقم منه على فعلته.......
ثم ابتعدت وهي تهّز رأسها: بس صدقيني المرة الثالثة ما راح اقدر انتقم ولا راح اقدر ادافع عن نفسي......فههههههههههههههمت......
صرخت واهتز جسدها هُنا: أنا ابي ارجع السعوووووووووودية.....أنت كيفك ابقى لين تخلص الفترة الللي تقول عنها .....أنا برجججججججع....
ليث نهض، اغمض عينيه ليهدّأ من ضجيج زوبعة شرط جدّه وغضبه مما يحدث لهُ بسبب ذنبه الذي استنفذ كُّل طاقته ، حقًّا اللورد بدأ يحّث ينابيع الغضب لتتفجّر منه على شكل حِمَم بركانية، ها هي انفجرت لتدع لهُ المجال في الانفجار الذي يُماثل انفجارها
صرخ الآخر: اذا بنرجع بنرجع اثنينااااااااااااااااا ما في شي اسمه انتي ترجعين وانا ابقى هنا.....
رحيل رمشت مرّتين مسحت على شعرها متناسية وجود الدّم في يديها
ابتسمت بسخرية، تذكّرت حديث ستيفن على ذبذبات متوشوشة غير واضحة
اشارت له: قال لي....اقولك....لا تلعب بالنّار....
ثم
اقتربت منه لتقف أمامه مُباشرة ، غمزّت له بعينيها اليسار المحمرّه اشارت لها بيدها اليمين ، ثم اخذت تضربه على صدره بعد ان نطقت وهي تشّد على الأحرف: تعرفه انت؟.......متوّرط معه...وورطّتني معك؟....صح؟......تكلللللللللللللم.......
ليث نظر لقوّتها ، لخوفها الذي يُترجم على شكل موجات تُراقص خلاياها لتدع جسدها يرتعش أمام قساوة وجهها وحديثها الذي لفظته على لسانها الملتهب بالنّيران: ما راح استبعد شيييييييييي عنك.....واحد دنيء مثلك...له سوابق.......ماستبعد أنّك شريك معه......ومتفق معه بعدددددددددددددد من انّه يتقرّب مني.....مو انت تكرررررررررهني....مو انت اللي تشوفني ثقيلة عليك.......وخاطرك في بنت عمّي........ماستبعد انّك بعتني لّه.....عشان تصير عندّك حجة وبرهان من أنّك تطلقننننننننننننننننننننننني!
ليث نشف الدّم في عروقه، اجمدّت مشاعر الرحمة في قلبهُ استفزّت رجولته، لتطغى على وجهه ملامح الغضب ، اقترب منها وهو يحدّق بها بشرر يتطاير من وكر قهره
رفع يده وازلقها على خدّها بقوّة ليجعلها تتهاوى على الارض وهو يخرسها عن الحديث: اشششششششششششش........جب ولا كلمة........مجنونة تقولين لي هالكلام.....مجنونة يا رحيييييييييييييييييل.......شكلك مستعجلة على موتك......تبيني اذبحك وانتي بعدّك ما شفتي الحياة؟!
لم تُبالي للألم الذي جدد عليها جراحاتُها القديمة ، نهضت لتقف أمامه بملامحها الغاضبة والخالية من الدموع
: طلققققققققققققققققني يا ليث.......طلققققققققققققني واتركني ارجع للسعودية.......ابي اشوف الحياة ....بس وهي بعيدة عنك........
ليث صرخ في وجهها وهو يقترب منها: طلاااااااااااااااااق ما نيب مطلّق فاهمة.....
رحيل ولّت بظهرها عنه لتسحب السترة ، وضعت يديها في المخبأ لتسحب السكّين وبكل جنون، وكأنها مُعتادة على الأمر ولم تُبالي لغضبه ، ولم تهتم لِم قد يعقب فعلتها ولكن تشعر بالحرقة ، تخرج من السجّن لتدخل في سجن الماضي بوجود ستيفن وحركته التي فعلها في مخرج الطوارىء والآن بدأت تستوعب حديثه الذي اوقع قلبها في الشّك من أن يكون ليث جزءًا مما حدث لها رغم انها كانت تحمّله مسؤولية كل شيء حدث قبل أن تسمع ويحدث لها كل هذا ، اقتربت منه رفعت السكين لتنزلها على قلبه ولكن مسك يدها قبل أن تصل وهو يصرخ
: جنّيتي؟.....عشتي دور البلطجّة ....والقتلة اشوف؟
نفض يديها بقوة لتسقط السكّين على الأرض ، ثم دفعها على الكنبة ليسقطها ثم انحنى
ليردف بغضب: لا طلعيني من جنوني....يكفي انّي أحاول اكتم غيظي ........لا تخلينا نشن حرب على بعض من أوّل يوم.....هجدي يا رحيل....واللي صار اليوم ما راح يتكرر....هجدي....
كانت ستصفقه على وجهه ولكن شدّ يدها المرتجفة ليمنعها من ضربه صارخًا: اقسممممممممممم بالله تمدين يدّك علي مرة ثانية.....بكسر يدينك الثّنتين!
جنّت رحيل، صرخت في وجهه: ابببببببببببببببي ارجع السعووووووووووووودية......
كان سيرد عليها ولكن سمع رنين هاتفه ......وضع يده على صدرها ليوقعها من جديد على الكنبة حينما نهضت صرخ: هجدددددددددددي مكانك.......
ثم سحب الهاتف نظر للاسم فقال: جدّي متصل......ودامك جنّيتي.......هالكثر......ومصّره على الرجعة للسعودية.......راح اخليه يفهمّك.....كل شي.....وكيف حنا ما نقدر نرجع......رغم اني راحمك ما ودّي كل شي تعرفين به وانتي توّك طالعة من السجن....
صرخت هنا: شدخله هوووووووووووو شدخله....
نظر للهاتف: انكتممممممممممممي....
ثم اجاب: هلا جدّي....
كان ممسكًا بعصاته ينظر لفراغ وحشيّة مجلسه الخالي من ابناؤه، يستشعر بهدوء المكان خوف الجميع من خروج رحيل ، ومن فكرة
خروج شيء يُعيق خروجها ولكن هو واثق تمامًا بحفيدة
اتصل عليه ليذكّره بشرطه: لا تنسى يا ليث....
ليث مازال غاضبًا حقًّا هو لا يرى الوقت مُناسبًا لتعلم بشرط جّدها ، كان مؤجّل كل الاشياء التي ستعصف بهما للأيّام القادمة ولكن جنونها اثار جنونه ، يريد أن يكسر هذه الصلابة قليلًا لتخمد نيران غضبه
: ما نسيت يا جدي بس ابيك تكرر علي الشرط.....عشان رحيل تسمعه ويمكن تصدقه لأنها ما هيب مصدقتني....
الجد سكت، هل اخبرها من أوّل يوم ؟
|