كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
يسكت...يستمر في القيادة بصمت ..ينظر لخطوات الرحيل على هذا الطريق..قطع مشوار النصف ساعة ...متبقي نصف آخر..وهذا النصف الآخر رحيل تُعلن عن رحيلها بالتحديق في كثافة النخيل..أجل حينما يقتربان من كثافتها ووقوفها الشامخ...وظلالها المرسومة على الأرض تطلق تنهيداتها التي اعتاد على سماعها..يعلم رحيل مهووسة بالنخيل..بالنخل...بالتراب..بالأشياء البسيطة ..وهذه الأشياء تذكّرها وبشكل كبير بالماضي ...بالطفولة ..حنينها لا يبقى راكدًا في صدرها تخرجه بلا قصد...تحدّق للنخيل..تفترس ماضيها بالتحديق..لا تطلبه من أن ينزل النافذة من أجل شم رائحة " النخّل" ورائحة "الطبينة" التي تحبها ولكن ليث يفهم كل رغباتها من على هذا الطريق...ينزل النافذة قليلًا..الهواء يبدأ يداعب أنفها..ليستثير ذاكرتها في تجرّع الماضي...سيارة جدّها "الددسن"..قيادتها على الطريق هذا ..كان الطريق صلبًا بسبب الحجارة الصغيرة كان آنذاك غير مزفلت ..النخيل كانت في ذلك الوقت أكثر كثافة ولكن الآن تم قطع بعضها...رائحة الطبينة لم تكن كالرائحة التي تشمها الآن يبدو انهم يمزجون معها اشياء تُفسد من رائحتها الجميلة السابقة ..ولكن مع ذلك..تستل النفس..تغمض عينيها...تشد على بطنها...تتحسس حركات "رجوى"...تتذكر ركضها أمام "الثبر"..الأرنب يقترب لناحيته...ضحكها يصعد في قلبها..تسقط تسمع صوته
" رحيل طاحت في الثبر"...تفتح عينيها..تنظر لليث...الذي يسترق نظره لناحيتها..ينظر لعواصفها وينظر لنفسه..يمد يده..يمسك يدها كعادته..لا تسحب يدها...تعود بالنظر إلى النخيل!
.
.
تنهض مزون تجلب القهوة ثم تجلس بالقرب منهن تضربها على ظهرها بخفة تهمس
هيلة: الفارس المغوار موصيني اسوي لكم تهريب...
تنظر لها وهي تضحك وتضع دلة القهوة أمامها: لا تكفين...ابوي ما يرضى...
تتحدث الأخرى "اصايل": اخوي يعامل النخل..مثل ايش ياربي...مثل ايش اي...مثل سطح صالحة في درب الزلق..مكان لقى الأحبة...
وضربتها على فخذها بخفة: لا طاوعين هيلوه...وربي لو شافك ابوك راشد بزوجك هنا في لحظتها هذا انا اقولك...
دانة تنظر لهما: شوقولون انتوا؟
الجده تنظر لهم: ما غير يتهامسن..الله يهديهن..
عهود تتحدث بهمس: لاحظوا جدتي سوت آبديت للإعدادات ...وغيّرت اللهجة..
حاولن كتم ضحكاتهن هنا.
...
ام ليث: اذا ما تبون تجلسون هنا ..روحوا المجلس الثاني...
هيلة بجدية: اي والله بنات...خلونا نروح هناك...
الجده: يا الله عفوك يبون الفرقى...
ام صارم : ههههههههههه خليهم على راحتهم يمه...
وصايف تضحك : قوموا طيب...نروح داخل النخل...ونقطف رمان...
الجده بتحذير: لا وين تقطفونه...بعده ما استوا...والرمان الحساوي ياخذ وقت...
ام فهد: لا تقطفون شي ولا جدكم بعصب..
دانة تهمس: والله خاطري بالليمون الأخضر...
وصايف اخيرًا تحدثت: والله طعمه مع الملح بالراس...
مزون: شوقتوني اذوقه..
الجده تنظر لهم بتحذير: لا تقطفون ولا شي...تو الثمر ما بعد ينضج...تبون اكلوا رطب...
هيلة : زرّعت معدتنا وحنا ناكله...
ثم نهضت: قوموا..
على صوت جدتها وهي تقول: قولي الحمد لله على النعمة...
نهضوا
وسمعوا صوت "بوري السيارة"
ام فهد: اظن بنيّتي رحيل جات..
الجده تهلل وجهها: يا الله انك تحييها..
.
.
فتح باب النخل محمد...لهما دخل ليث بسيارته وأوقفها جانبًا...وتحدث: تأخرت ليث؟
ليث يركن السيارة وينزل ...ورحيل نزلت معه: الطريق زحمه...
فهد وريان تقدما لناحية اختهما بينما ليث ذهب لناحية محمد
ريان ابتسم: اخبارك اليوم..
تنظر له من خلف النقاب بهدوء: الحمد لله..
فهد : الحريم داخل..
.
.
موكّل بإنهاء الأمر من جذوره ..شعر بالتوتر..الجميع هنا ..لو اخطأ سيقتلونه حتمًا..ينظر له عن بعد يقف أمام الباب بنوعه"الشينكو" والذي يعتبر باب آخر للمزرعة على الوجهة الأخرى..تعرق..لابد أن ينهي المهمة...ابتعد صارم عن ليث..وكذلك فيصل..رحيل بدأت تمشي مبتعدة عنهم للداخل..لكن لم تصل للآن لمبنى النساء للدخول..يركّز...يحاول أن يصيب..يعلم ما إن تنطلق الرصاصة سيعلن ضجيج في المكان وفي الأنفس..
.
.
صارم يضحك: ههههههههههههههههههه وانت بس تتشكّى مني؟
محمد: اتركه يا ذياب اتركه هذا لا احساس ولا ضمير...
فيصل ينظر لهم: عندكم وعندي خير؟
نواف بدأ ينخرط بالحديث معهم : تبوني افتّن؟
ليث يضحك بينما فيصل اردف: كل تبن يا حمار...
نواف يضحك...
ليث يتحدث: صارم صدق ورا ما تزوّج الحين؟
صارم بجدية: مالي مزاج للزواج...بدري عليه...
ليث كاد يتكلم ولكن..
سمع صوت الجد يقول: اقول..شوفوا غدانا...نزّل الرز في التنور يا صارم...الحطب اشتعل كله..لا يصير رماد الحين ولا نستفيد منه!
صارم ابتسم: على هالخشم جدي..
بو صارم نظر لأخيه: إلا اخبارك اليوم يا بو فهد..
بو فهد ابتسم على مضض: الحمد لله بخير..
بو ليث يرفع صوته: ليث..نزل صناديق الموية من سيارتي نسيتها..
ثم رمى عليه مفتاح سيارته وتلقفها
..مشى على جانبه الأيسر ليذهب لسيارة ابيه
.
.
شعر أنه الوقت المناسب..خائف ومتوتر..اصبعه السبابة على الزنّاد..رحيل دخلت لهن..رحبّنا بها..جلست بالقرب من دانة ..اخذت تبتسم على حديثهن..نست الماضي...في هذه اللحظة والجده تنظر لها وخالتها تدعي الله ان يخفف حزنها...والفتيات يضحكن ..ضغط على الزناد..ارتفع صوت اطلاق الرصاص..ارتجفت القلوب الجميع نهض ..صارم يلتفت على "باب الشينكوي" ينظر للعامل وهو يركض
يصرخ فهد: لييييييييييييييييييث
صارم يصرخ: العاملللللللل اللي سواها...
يركض هو وفيصل باتجاه العامل الذي يركض بالخروج...
بو ليث ينظر لأبنه قلبه يختلجه: ولدي...
.
.
كانت تجلس..تحاول ان تحتضن حديثهن باحتضان بطنها..سمعت دوي اطلاق النار..اغمضت عينيها..مسكت بطنها همست كالمجنونة وكأنها تعلم بنوايا العامل: ليث...
نهضت بثقل وتبعوها البقية...صوتها يخرج وهي تمشي بثقل: ليث...ليث...رجوى..
ام فهد تتقدم: يمه رحيل وقفي..
اخذت تركض..
.
بينما ليث..انحنى على ركبتيه امام فهد..وريان عن يمينه يشد على ذراعه بقوة والجد يرتجف بقوله: ليث ...وش جا لوليدي وخروا..
بو ليث يتعرق ينظر لأبنه وابا صارم يشير لهم: في ذراعه في ذراعه اذكروا الله ...ما في شي..جات سليمة!
بو فهد يتقدم لناحية ابن اخيه
فهد ينظر لليث المصدوم: لازم ننقلك المستشفى...
كان سيتحدث
ولكن سمع صوت النساء يتقدمن..ورحيل تكرر اسمه بصوت مرتفع..كيف علمت؟ انه هو المصاب..نظروا لهن وهن يقتربنا
سمع صوت الجد: ما في شي...ما في شي...ارجعوا داخل..
جثلت رحيل هنا على الأرض بعد أن رأت دماء ليث..والفتيات شهقن بخوف على رحيل وكذلك ليث
تحدث راشد وهو ينظر لفهد: اضغط عليه...ما زال ينزف...بروح اجيب من سيارتي...خرقة...
.
.
ينظر لرحيل..ليست على ما يرام سقوطها يخيفه..
: رحيل...وخروا بقوم لرحيل..أنا ما فيني شي!
التفت فهد وريان على رحيل وخالته ومحاولة البقية في جعلها تنهض
ولكن يسمع انينها
نهض ليث..
وتحدث ابيه: يا بوك اجلس..تنزف لا تقهرني فيك...اجلس واترك عيال عمامك يودونك المستشفى..
..
تركهم جميعًا تقدم لناحيتها يصرخ جدّه: ليث...ليث..بشويش على نفسك..
تحدثت من بعيد ام صارم عن يمينها وعن يسارها ام ليث: بنيّتي رحيل...روحوا لها...
ام ليث: يا يمه دخلي داخل...دخلي..
تمشي الجده خطوة: لالا..بنتي...ليث..ولدي..طمنوني عليهم..
ام صارم تنظر للبنات ترفع صوتها: بنات دخلوا..
هيلة مصدومة تحدّق بأخيها وتنظر لخوف رحيل..وكذلك اصايل..بينما مزون..تقدمت لناحية والدها حينما اقترب
تحدث: ما في شي..ادخلي داخل...
تهز رأسها..ولكن لا تدخل..جميعهم في صدمة
.
.
بينما رحيل..تنظر له..حينما جثل على ركبتيه..جسدها اخذ يرتجف..ذاكرتها أخذت تعود للتذبذب بشكل مأساوي وكبير..الألم يرتفع..رجوى تعلن عن رحيلها أم قدومها الآن؟ كيف للألم يستحوذ ذاكرتها..على ذاكرت الرّحيل والدخول في سباق آوانه؟
ترتجف..ِشفتيها..عينيها لا تزحزحهما عن وجهه.."مصعوقة"..أجل كصعقتها بالماء البارد لتعاقب على ضربها الجنوني للنزيلة الجديدة التي أخذتها على لسانها بالسخرية..تمت معاقبتها لتبقى تحت الشّمس..بعد سكب الماء البارد على رأسها..كانت تشهق..عمرها ثمانية عشر..وبعد ذلك الحدث اصبح مائة وخمسون..تسمع صوت طلق الرّصاص..يختبأ رأسها في كتفيها..تتذّكر كيف اطلقوا الرّصاص في الهواء ليطلقوا بعد ذلك صراح الكلاب البولسية من أجل لا تدري من أجل ماذا؟ ولكن تذكر رعبها وقتها..تذكر خوفها من هذا الصوت..سمعت طنين في رأسها..وحنين في قلبها لإمساك هذا الخوف بأي شي..تذكر..كل شيء الآن..
.
.
يطوّق وجه الألم..يطوّق ألحانه الحزينة يهمس: أنا بخير..رحيل...بخير..
يأتي عن يمينه ريّان وعن يساره فهد
يتحدث فهد: ليث تنزف كثير....قوم...
هو الآخر مصعوق..كيف للعامل التجرّأ ليطلق النّار عليه..كيف؟..ولكن رحيل...رحيل وجهها يعلن عن الرّحيل..هي تخشى موته من أجل رجوى لم ينسى ذلك..لم ينسى هذيانها بهذا الأمر..قلبه متعب..خائف من استمالة ذنوب الماضي لفقد الحاضر والمستقبل..
ارتجفت كفيه بسبب خوفه، وذعره..وصدمته: اششش..فهد...ااننا بخير..
ريان ينظر لأخته التي ترتجف: رحيل...شفتيه بعينك بخير..قومي..وانا خوك قومي...
.
.
تتقطّع امعاؤها ربما..هذا الألم لم تذقه من قبل..يشد على خاصرتها اليُمنى على الجروح على آثار السنين يلتهمها بصمت الأنين من الدّاخل ..ولكن قساوته اجمعت الدموع في محجر عينيها..تريد الصّراخ ولكن تعجز..هذا الألم البغيض يطوّق بطنها وعنقها..احتضنت بطنها لتنحني للجانب الأيسر..عيناها وقعتا على ماضيها...على رجوى الرّاكضة..وعلى خوفها من فُقدان رجوى آنذاك..تركض..تريد أن تبعدها عن "الثبر"..تركض تريد احتضانها ما بين يديها..تركض لأنها تخشى على الأرنب من الموت فسقطت ليعلن ليث بصوته
"رحيل طاحت في الثبر"..تلتفت سريعًا على ليث...تفتح عينيها على وسعهما؟ هل سيسقط ليث في "الثبر" هل سيسقط في تلك الحفرة المشؤومة؟ هل سيموت لتعلن رجوى قصّة رحيلها بمحاور أخرى؟
تشد على كفّيه بشكل مفاجأ له ولأخويها حينما شعرت الألم بلغ مُنتهاه..تبتلع الألم..تبتلع ألم "الطّلق" في الواقع بصمت ضجيجها من الدّاخل..
تقترب ام فهد: رحيل وانا امّك قومي..
لا تسمع رحيل صوتهم في الواقع تحدّق بليث
لتهمس برجفة شفتيها: عشاننن...رجوى...لا تموت..
ليث ينحنى بغصن وجعه: ما راح اموت...تكفين هدي..وقومي...
تهز رأسها..تبتلع قصّة احداث مرّه تجرعتها في ذاكرتها من خلال التذّكر..حاولت النهوض.بمساعدة ام فهد ولكن لم تستطع ان تستقيم بظهرها شعرت السائل يعود بالتسلل إلى ساقيها..رفّ جفنها الأيسر..
.
.
أتى وهو يمسك به..وفيصل يطوّقه من يده الأخرى
ارتفع صوت صارم: بلغنا الشرطة...هالحمار هو اللي اطلق عليه..
تحدث العامل وهو يزفر انفاسه بعد ركضه لمسافات طويلة ولكن فيصل طبّق عليه: بابا انا..
فيصل يصرخ: اشششششششششش ولا كلمة..
راشد يتحدث: جيبوه جيبوه...هنا...
الجد بقهر: اربطه الله ياخذه..
نواف يركض للمستودع: بجيب حبل...
النساء يقفن على الجانب الآخر..
رحيل تحاول الإستقامة..
وليث يُدرك عجزها..
تتنفّس بصوت مسموع تضع يدها اليسرى أسفل بطنها..
يرتفع صوت ريّان: بتصل على الاسعاف ...ليث تكفى روح ريّح...
ليث تنخرس الأصوات عن أُذنيه..حينما يرى رحيل..تسقط من جديد على ركبتيها ...وخالتها تذعر..
فهد سريعًا اقترب وامسكها
ام فهد: اسم الله عليك يمه...شفيك؟
الجده تنظر لهم عن بعد مسافة بسيطة: رحيل..جيبوا بنتي...دخلوها داخل..لا تتعب من الوقفة!
.
.
تنظر بعجز لليث..تنظر له وهي تزدرد ريقها..تلتهمها الآلام وتشتعل بالذكريات..الألم لا يُحتمل..بل يستفيض حمض عينيها بالبكاء..وكيف لا ؟ هي الآن تبكي المها وخوفها لفقدانها لرجوى..تتذكر كيف تتلّوى ألمًا بسبب عدم انتظام عادتها الشهرية في السجن..تذكرت نزيفها بسبب جاسيكا..تذكرت كيف وقعت من على السرير ليضيق تنفسها..ويزيد النزيف..وتنظر لفراغ ذهاب المجرمة عن عينيها..هذه الآلام جميعها الآن تجتمع لتحرقها وتقتل رجوى..تشد على بطنها تهمس له حينما اقترب وامتدت يده السليمة ليمسك بعضدها
: رجوى..رجوى...
يسكت..يتذكر هو الآخر حالها الضعيف بالأمس..يخشى من أمر واحد ولكن رحيل الآن تجعله يتيقّن به
همس: بتولدين؟
لا مجال للإنكار..هزّت رأسها..بذعر..
ينظر لخالتها يقول: خالتي...رحيل..بتولد...بتولد...
فهد ينظر لريّان
وام فهد تنظر لليث: تو ما دخلت التاسع...
.
.
رحيل أخذت تتأوّه بصوت ضئيل وبالكاد يخرج...تلتهمها العواصف الآن..يمتزج ريح النخيل بريح ماضيها..صوت الضفادع بات الآن يُسمع من خلال الصرف الصحي الخارجي!، كل شيء يتضخم في رأسها مع تضخّم الألم..الدجاجات تركض..الديك يصيح...هي تبكي تحت منحدرات السجن!
تحمر عينيها تزم شفتيها
يصرخ ليث: فهد احملها...للمجلس..
ريان بذعر: نوديها المستشفى..
يرتفع صوت ابا فهد من بعيد: شصاير؟
الجد: علامكم مجّمعين؟...قلنا دخلوا داخل...ويا ليث تعال لا تعاند...
ليث يهز رأسه وبتوتر شديد: ما يمدي...الإسعاف بتجي...بتجي صح...بس متأخر..النخل بعيد ومعزول!
يهز ريّان رأسه لتهدأته...
يصرخ ليث: محمد...دانة...
متوتر..وقلبه مفجوع...يكره النهايات الحزينة..يكره عجزه...يتذكر موت سلمان...يتذكر جنون ركان..يتذكر نفسه أمام معملهم وهو يبكي يرجوهم بأن يخرجوا رحيل من السجن..لقبّوه بالمجنون لفترة لبعد الشكوك عنهم..ليسقط على القبول والرضوخ كلما عاند وكلما زاد الغضب..كلما عنّفوا رحيل في السجن!
خضع ..ورفع رايات الإستسلام..ولكن ما باله الآن؟ لِم يخضع؟
ينظر لها: رحيل تتوهمين؟
دانة تقترب ومحمد اصبح خلفه
: شصاير؟
ليث ينظر لدانة بذعر: رحيل...بتولد...
دانة تنظر لرحيل..تخشى هي الأخرى الأمر وتفهم ما يرمقها إليه ليث
يكمل ليث: تعرفون الطريق طويل..وأخاف ما يمديها...من هنا للمستشفى بناخذ يمكن ساعة...
محمد يفهم أخيه يتحدث وهو مولّي بظهره عنهم: دانة تكشف عليها ونحدد ناخذها المستشفى ولا...
ليث فقد سيطرته : شيلها فهد شيلها..
حملها فهد ما بين يديه..وبتذبذب ام فهد تبعته وريان وقف حائر
التفت على النساء: ادخلوا..جدتي ادخلي رحيل ما فيها شي..
الجده بخوف: علامها قولوا؟
دانة تجرأت لتتحدث: بتولد..
شهقوا البنات
اصايل: كيف؟؟؟؟؟
هيلة ترقرقت الدموع في عينيها: تو ما دخلت التاسع..اصلًا...تمزحون؟!
مزون بدأت بالبكاء الصامت ووصايف شعرت برجفة تتسلل إلى جسدها خافت من أن تفقد اختها كما فقدت مناهل ..ازدردت ريقها تقدمت لريان: ما دخلت التاسع..
ريان ينظر لها هو الآخر خائف: مو صاير لها شيء اذكري الله..
ليث يتحدث لدانة وكذلك محمد: وزنها ناقص...بأثر على ولادتها...قالوا لي احتمال ما تولد طبيعي...
دانة تنظر لمحمد وهي تمسك بطرف حجابها
محمد: : هد من نفسك واجلس...تدخل دانة تكشف عليها اذا يمدي نوديها المستشفى..وإن شاء الله مو صاير إلّا كل خير.
دانة شعرت بالذعر..ولكن سحبها قليلًا محمد لتقف امامه تحدث بصوت واطي: انا معك لا تخافين بكون عند الباب اذا صار شي طارىء ناديني بس..
دانة بخوف من فكرة توليد رحيل: ما قد سويتها...
محمد يهدئها: ما بصير شي...اذكري الله...وتذكري رحيل محتاجتك...وأنتي قدها..روحي...تمام..
تهز رأسها تركض لناحية المجلس الرجالي..تدلف الباب وتدخل..وتبعها ليث..
فهد خرج سريعًا ام فهد تنظر لرحيل..صامتة رحيل..لا تخرج الأنين يحتقن وجهها فقط...ابعدت عن رأسها الحجاب لتنثر شعور الألم ..ابعدت عن جسدها العباءة لتنسلخ من ترهات الماضي..تسحب دانة نفسًا عميقًا تقترب وليث يقترب ايضًا
تحدثت اخيرا رحيل لتنظر لخالتها: خالتي.انا بخير...بقوم..ما فيني...شي..رجوى مو الحين..
ليث قاطعها: رحيل...تكفين...يكفي مكابرة على الألم...
رحيل تنظر له تتكأ على كوع يدها الأيسر تحاول النهوض من سقوط الثمان سنين ترتجف سواعدها
: ما تموت...ما تموت عشان رجوى..
تهذي أجل..تهذي...دانة برجاء: خالتي معليش طلعي برا..وانت ليث...اطلع لا تخلونا تفقد طاقتها بالكلام..
تتحدث رحيل بثقل لسانها: ليث يتم..
دانة سكتت..ثم نهضت ام فهد وفي عينيها دمعة قهر على رحيل..
تنظر لليث تمد كف يدها لتشد على كفه
: ما طيح في الثبر!
ليث يفهم رموزها هذه إلى ما تشير
همس: ما اطيح..هدي رحيل..
رحيل تتنفس بصوت ضعيف: ما تموت لا انت ولا رجوى..
دانة تتحدث لتدعمها نفسيا: ماحد بموت رحيل...ماحد..
وبجدية: ساعديني وساعدي نفسك.
.
.
الخارج اصبح في استنفار..محمد يتصل على معارفة في قسم الطوارىء.."النخل" بعيد أخيه ينزف ويأبى التطبيب ورحيل ربما ستلد طفلتها الآن..يخشى من أمور كثر..يجري اتصالات كثيرة يتحرك أمام الباب لا يسمع صراخ لرحيل ولا حتّى أنين!
بينما الرجال جميعهم ابتعدوا عن المكان احترامًا لرحيل واحترامًا للخصوصية ...توقعوا منها الصراخ ولكن هي تبتلع هذا الصراخ وهي تلوذ بنفسها يمنةً ويسرى بتقلّب مواجع الماضي..تنظر لليث تشد على كف يده
تكرر" لا طيح في الثبر" تعتصر ذاكرتها الماضي لتتألم وتشق طريق الأوجاع باحمرار عينيها ، تشعر بارتطام جسدها على الجدار المتسخ في الخلاء..يدفعونها يضربونها على بطنها.يركلونها في مناطق ضعفها..يسحبونها تحت الماء..يلهبون جراحاتها التي احدثوها..تغمض عينيها تفتحها
تنظر لدموع ليث تكرر"لا يصير لها مثلي" تكمل مسيرة الألم..تُدرك دانة انّ رحيل في طور خوف وصدمة وولادة صارمة..ومتعسرّة!
بينما النساء دخلن في المجلس الآخر
يترفع صوت الجده: ادعو لها ادعو..
تبكي ام فهد وتواسيها بالدموع ام ليث
ويرتفع صوت وصايف بالبكاء ايضًا
ام صارم: اذكروا الله ما هوب جايها شي...باذن الله بتولد..
الجده لتخفف وجعهن: ياما ولدنا في بيوتنا ولا جانا شي..يا ام فهد اذكري الله خوفتي بنتس..قولي لا إله إلا الله...
اصايل تنظر لوصايف: وصايفوه بسّك عاد لا صيرين بزرة..
وصايف بخوف وذعر: لا تموت مثل ما ماتت مناهل..
مزون : قولي لا إله إلا الله ما هوب صاير شي..
تنهض هيلة: بقوم اجيب ماي.
.
.
يمشي أمام باب"النخل" ينتظر قدوم الإسعاف ينتظر قدوم الخبر يخشى من كل شي
يأتي بالقرب منه: فهد اذكر الله..
يلتف عليه: خالي خايف خايف تموت...
فيصل يتقدم: ماحد يموت إلّا في يومه..اجلس فهد...اجلس..الاسعاف بتجي..
فهد يمسح على رأسه ووالدها يتكأ على فخذه بيأس من أن تعيش رحيل بلا كدر!
يتلوّى عليها وجعًا وخوفًا هل ستموت ؟ هل الآن تحتضر؟
يخفف عنه ابيه واخوته وراشد ولكن قلبه لا يهدأ
.
.
|