لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

المنتدى العام للقصص والروايات القصص والروايات


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-05-21, 02:12 PM   المشاركة رقم: 91
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

Part26
.
.
(الأخير)
.
.

همسة: اقرئوا البارت بهدوء ودون تسرّع وبدون تعديّة أي مشهد أو سرد
من أجل الربط^^
.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
إلهي أنا عبدك أقر بذنوبي إليك، إلهي إنّي أتوب من هذه الذنوب وأتبرّأ منها جميعها صغيرها وكبيرها يا الله، تب علي يا الله، طهّرني منها، أرح قلبي بغفرانك لي يا الله، اللهم ارحمني، واغفر لي الذنوب العظام ما ظهر منها وما بطن يا الله.
.
.
.
مُتعب، بل منهمك، أيامه الصعبة عاشها بثقل وبقرب رغبات الجنون من رحيل في الإنتقام منه، لو قتلته أفضل بكثير مما عاملته به، شهورر عدة جعلته يموت ويحيا بلا روح ثابتة..روحه تختلف مع كل طعنة تضعها رحيل في قلبه، تُزيده ثُقلًا وهو في الأصل مليء بالثقل فهو ينتمي للثقل بشكل لا يرى بل يستشعره ..يحس بهِ يجذبه للأرض..يُثقله ويُتلف أعصابه..تزيد وجع ضميره..وتثير غُبار الذكريّات ليتحطّم أكثر..ليُصبح حُطامًا بشكل ما.
قَبل "جده" وجودها في حياته بل حياتهم سريعًا وهو الذي ظن عكس ذلك ولكن "جده" عاد لطبيعته قبل أن تسقط رحيل في ظلامه، عادت هي وعاد الربيع لوطن تجاعيده..عادت الإبتسامة التي تُضيف حياة على الحياة التي يعيشونها..عادت لتخفف من حدّت الأفعال والكلام، عودتها تعد إنسلاخ من اللّامنطق من ردود الأفعال إلى صعوبة عدم فهم معانيه "الموجوعة" التي تَظهر بصورة تقبليّة سريعة مليئة بالعواطف المتناقضة...هو لا يفهم شيء...عودتها أعادت الطمأنينة بدلًا من أن تذبذبها ولكن البقاء في منزل "جده" احتضار آخر يُعد انتقامًا من قِبل رحيل ولكن لا يدري هل هو إنتقامًا مقصود أم جاء في صالحها مع جميع الظروف التي عاشاها؟
ولكن هذا المنزل الذي ضمّ ما بين حنايا أركانه ضجيج طفولته اصبح خانقًا له..يضيّق عليه مساحات ويقلّصها لتعتصر ما تبقى منه رغم أنّه اُستهلك لم يبقى منه شيء في الواقع..رحيل اصبحت طُفيليّة وبشكل كبير..تتغذّى عليه بردود أفعالها التي تُشعله و"تطفيه" في الثانية الواحدة وبشكل لا يستطيع إدراكه فهي قبلت بقُربه وتقبلّت تقسيم الليالي بيينها وبين أمل، تقسو عليه في الخفاء، تضربه في مواجع يخشاها وكثيرًا، تخنقه بجنونها ..بعتابها الذي لا يأتي مستقيمًا..وبأفعالها الغير موزونة... كان يدرك حاجتها الملحة لطبيب نفسي لمعالجة السلوك الوحشي معه، لم يستطع من إخضاعها للذهاب إليه، حتى حينما "غافلها" ذات مرة ، وبدلًا من أن يأخذها إلى عيادة النساء والولادة ذهب بها لهناك واشعلت في رأسه الشيب.. حطمته، قتلته كانت في بداية شهور حملها، تقتله تضع مخالبها المسمومة في قلبه وتشد على أنياطه، صرخت في وجهة وهما في السيارة
: ما في مفر مني ليث...لو تسجني من جديد ببقى في حياتك مثل العقوبة.
يصرخ هو الآخر: أنا أبي اساعدك مو أتخلى عنك...
تضرب على(الطبلون): طبعي الزفت معاك أنت بس لأني أبي طبعي يبقى معك كذا ومع غيرك استثناء..اذا مو متحمل جنوني هذا هو المطلوب..يا ليث...هذا هو...
تضحك وسط احمرار عينيها: ههههههههه هذا المطلوووووووب حبيبي!
تدفعه من كتفه: تستحق هالضيم..تستحق ثقلي..تستحق كل اللي تحس فيه..بس لا تقدم مساعدة لي أبد..مساعداتك مو مرغوبة..وإن كنت تظن إني احتاج طبيب نفسي..فأنا احتاجه وما انكر..بس مو عشان همجيّتي اللي تقول عنها..عشان بس يتركني أتعايش مع واحد حقير مثلك.

يصرخ وهي تصرخ يشتد الجدال ويعود بها لمنزل الجد لتصبح رحيل بشخصية أخرى، مناقشاتهما في هذا المنزل لا تشتد خشيةً من وصول صوتهما لمسامع الجد ، حقًّا رحيل ضيّقت عليه بالتنفس، يقتله شعورها البارد ناحية مشاعره المشتعلة، يوقف نبضه هذا الجمود أثناء اشتعال حُطامة أمام عينيها، تحركت مشاعر أخرى لناحيتها لن يقارنها بحبه لأمل ولكن هناك في قلبه مشاعر مغايرة بعيدة عن تأنيب الضمير لناحيتها بعيدة عن الشفقة، ولكن رحيل لا مشاعر تظهرها لناحيته، يشعر وكأنها ميّته لا تشعر ومع ذلك لا ترفض قربه ولكن لا تبادر به! صرّحت له بلهجة غليظة تنم عن انتقامها الرّاكد في صدرها
: قلت لك يا ليث..انتقامي ما تنازلت عنه..بس بخليك تعيشه على مهل..تعيشه مثل الروتين اليومي...بدون صراخ...بدون هواش...بدون ضرب...تعيشه بإحساسك ليث...بإحساسك!

يصرخ في وجهها: لا تظّاهرين بالبرود وانتي..
تصرخ لتصيب قلبه: بطالبك يوم القيامة على خسراني لمشاعري ليث..بطالبك فيها..هالبرود اللي مضايقك.. ما جا عبث!

تشعل متاهات أخرى في نصف عقله الأيسر، تعاتبه بطريقتها التي تزيده ثُقلًا، باردة المشاعر بقربه الحميم، تقتله نظرات الإستسلام بسكون جاثم على صدره، لم تعد تتلو شيء للحياة...حتّى حبها المزعوم لم تعد تتلوه بكلماتها التي تخرجها من فاهها كرصاصة مُدمية لصدره ولم تعد تتنغّم به.
شعر وكأن حبها الذي امسك بطرفه في السابق وهم لا وجود له، أو ربما رحيل لم تعد تهتم له ولكل شيء، ما يهمها سوى نفسها ووجودها في منزل جدها فقط وتحقيق رغبة ماتت وتصّر الآن على إعادت إحياؤها برغبة جادة صادره من أعماق قلبها، "رجوى" الفتاة التي لم تولد، والحلم الذي عانق السماء بالدعاء..والصورة السرابية التي رسمتها هي في الطفولة..والأرنب الذي ركض "لمنيتّها" آنذاك...وبكاؤها وهي طفلة صغيرة...رغبة عمه وقتها.. كان يريد رجوى اُختًا لرحيل..ولكن أتوا التوأم " وصايف ومناهل" ولم يُسمي أحدهما بذلك الإسم.
ورحيل
وكأنها نذرت نذرًا لتحقيق أُمنية أبيها وكأنها تريد أن تهديه شيئا لتهدأت نفسه الضاجة بالقهر عليها، حملت، واصحبت مهووسة من فكرة احتضان فتاة في بطنها بدلًا من فتى اسماه جده بـ"غيث" قبل أن يولد، لم ينسى فرحتها في ذلك اليوم حينما أتمّت الأربعة اشهر من حملها اخبرتها الطبيبة إنها تحمل أنثى.
فابتهجت أساريرها، وخرت ساجدة لله، حدثّت والدها بشوق لتخبره إنها تحمل "رجوى"، رجوى الأخت المنتظرة والأرنب الميّت في "نخل"جدها قبل سنوات عديدة، والآن رجوى حُزن الأحداث الثقيلة التي مرّت عليه، ثقل الشعور الميّت والفجوة الكبيرة بل "الثبر" الواسع الذي يُحيل بين أرواحهما من أن تلتقي، رجوى نتيجة ألم لم يستطع حتّى أن يعبّر عنه من شدّت صدمته للحياة التي يعيشها مع رحيل وحتّى مع الجميع بِلا إستثناء.
لم يجد أحدًا يطبطب على أعتاقه ويخفف عن حمله الضائع، جميعهم لفظوا العتاب على رحيل سريعًا وطبطبوا عليها خوفًا من أن يجرحها هذا العِتاب! هو مصدوم من ردود أفعال الجميع..ولكن لم ينسى رحيل هي من زرعت وغرست حبّها في القلوب وبشكل دموي مُنذ الصغر أتت برحيل والدتها لتُبكي أعينهم ..وتدخل في قلوبهم من أوسع أبوابها..حتّى لو اخطأت رحيل استثناء مُنذ طفولتها..فهي يتيمة وقريبة من وتين قلوبهم..هي من زفلتت طريقها بالحُب مُنذ الصّغر فكرهُها يُعد صعبًا وذنبها يعد وجعًا لا يُحتمل ولكن يسهل اخفاؤه أمامها فقط!
الجميع عزّى جروحها الظاهرية وطبطوا على باطنها ولكن هو لم يعزيه أحد، لم يحتضنه أحد، لم يرثى أحدًا حزنه على سلمان ،على شعوره المتوتر لناحية ركان وإصرار أمل على الرحيل، أمل هي الأخرى قصة تعلن عن رحيلها ببطء شديد، يحاول أن يتماسك بخذلان حبه لها ولكن تعود للوراء، خاف من هروبها عن قربه، واجبرها عليه لينتجا ثمرته علقمًا تكوّر في منتصف بطنها حملًا وهنا اطمئن لبقاؤها واستشاطت هي غيضا ولكن
اظهر ضعفه لأول مرة طوّق وجهها، لم يعد يخاف من الإفصاح بما يشعر..لم يعد قادرًا في الواقع على الكُتمان..كل شيء يتخاذل أمامه ليخسّره الحياة..وهو لا يريد الخُسران ولا حتّى الفوز...فقط يريد حياة في المنتصف..حياة تعوّضه عمّ سلف!
: أمل أنسي الطلاق تكفين..
تبكي لتبعد يديه عنها: لم تنسى أنت اللي صار أنا راح انساه ليث.
ليث يتحدث كالمخبول..يتوه في حلزونية حُزنها، وضعفها في البكاء أمامه، هذا البكاء كان يستفز عاطفيّته في السابق بالخضوع من الداخل ولكن يقسو خارجيًا ليخفي به عواطفه بقسوة باعدتْ بينه وبينها في الوصول إلى الخير، وليخفي رغباته الحقيقية أمام عينيها الدامعتين ..أمام الإنكسار الذي يذكّرها بخيانته لنفسه قبل أي أحد، ولكن الحصون سقطت الآن، كل شيء تذبذب والثّبات أصبح لقلبه ...لقلبه العليل فقط.
:أنا أحبك.
تُبعثر الأشياء انهيارًا: أنت ما تعرف تحب أبد!
.
.
يبقى واقفًا أمام عبارتها لينكسر مرة أخرى، تلك الجُملة سبق واردف بها ركان، ربما حقا هو لا يعرف كيف يحب أو كيف يكون الحب؟ أو كيف يعبّر عنه؟ حبه لأمل لا منطقي ، وحبه لرحيل تَتخلله العواطف الجانبية التي ترسي على مرساة الشفقة والضمير.
الحياة مع هاتين الإمرئتَيْن جعلاه يتخبّط في المتناقضات وبشكل كبير، خسر أجزاء كثيرة من نفسه، ثقيل جسده على روحه، أبيه ايضًا لم يقصر في توبيخه بدلًا من التخفيف عنه،
لم ينسى ذلك اليوم حينما التقاه واغلق المجلس عليهما ليأخذ طريق حرية الحديث: مزوّج على بنت عمّك؟
ينظر لأبيه ولكسرة خاطره، أجل تزوج ما هو الفارق لكم؟
يصرخ: مممممزوّج اللي غلطت معها؟
يتفاجأ ويزيد ثقله في الآن نفسه...الحقائق ها هي بدأت تظهر خفيًا عنه!: يبه..
لا يدري كيف صفعه أبيه على خده كيف نسى عمره وعرض كتفيه خدش رجولته بصفعته كطفل وجب عليه التوبيخ
:تحسبني ما فهمت كلامك قدامهم في المجلس لم قلت لهم تزوجت...ومادري إيش.. تحسبني غبي؟
يجر ألحان حزنه:مادري أفرح لأنك سترت عليها وتبت..ولا أنعي حزني على سواد وجهك اللي يجدد علي كل سنة!
ينظر له وخده الأيسر محمر، تقوده رجليه لأبيه: أخت صاحبي...يبه هي أخت صاحبي..خنت صاحبي بدون ما ادري..مالي حيلة غير الزواج ...مابي اخسره.

ابا ليث ضرب على فخذيه: يعني لو ما كانت أخت صاحبك ما كان تزوجتها؟
ربما "أي"ربما هرب للأبد ليجعل ذنبها يلسعه عن بُعد أفضل من قربها هذا
لربما هرب ليسابق حطامه قبل أن يسابق "حب" حُطامها الآن، كل شيء لا منطقي يُشير إليه يشعر وكأنه يعيش على مبادئ معكوسة، لم يستطع أن يقول شيئًا لتخفيف حدّته معه.

فهزه والده: تصون البنت وتحفظها يا ليثوه..ما تبيّن لها إني دريت عن سواياك فيها..يكفيها الجرح اللي عمره ما راح يبرأ منك سود الله وجهك هذا اللي اقول..اطلع الحين..اطلع مابي اشوفك يا الخيبة!


خرج ولم تعد علاقته بأبيه مثل قبل، فقط يسلم عليه يحترمه يسأله إن كان يريد شيء ويخرج بلا جلسة أبوية هو في الواقع يريدها لتخفف عنه مواطن جراحاته، الجميع يأخذ منه موقف حتى فهد لم يعد كما كان معه، الجميع يضغط عليه ويثقله، ولكن هو يستسلم..هذه الشهور باتت لتصبح عليه سنوات..انتشر الشيّب قليلًا في شعره بسبب عصبيّته الزائدة ونفسيته المتعبة، الهالات البُنيّة لم تنفصل عن مدار عينيه، وزنه وبشكل سريع أصبح في عد تنازلي مثير للتساؤلات ولكن لا أحد يسأله، الجميع منشغل ومهتم برحيل أما هو مهمته انتهت وانقضت.
تذكر ابا سلمان حينما اخبره ذات يوم: عقلك بس اللي نبيه..يا ليث..بس عقلك!
واهله ارادوا حمايته لرحيل في الغربة "بس"، ولكن لا أحد يهتم لكونه ليث المتعب، المرهق، تزداد رغبته في الهروب وفي الإبتعاد عن ذنبه وعقوبته ولكن لا يجرؤ يخشى من أن يزيد النار حُطامًا لتُسابق أمل أوان رحيلها وترحل رحيل في شد رحال جنونها، دلف باب منزل جده..ثم توجه الى المجلس..كانت تجلس بالقرب من جدها وجدتها، ما زالت ضعيفة في الواقع وزنها ناقص على هذا الحمل واخبرته الطبيبة إن لم تهتم لصحتها لن تستطيع ولادة طفلتها طبيعيًا وربما يضطرون لإجراء عملية قيصرية لها بسبب سوء تغذيتها، ولكن رحيل تحاول فعل كل ما يجب لحماية طفلتها ولكن دون جدوى، ظهر لهم ظلّه ووقف وهو يفسخ نعليه.
بقول:السلام عليكم..
اجابوا بهدوء:وعليكم السلام.

الجده:اقلط يمه...تعال افطر..
الجد نظر له:يا بوك عساك جبت برتقال..بنيّتي رحيل تقول خلص..
ليث نظر لرحيل وهي تأكل دون أن تنظر له
ليث جلس أمامها تمامًا:بإذن الله وانا راجع..من المستشفى جبته..
رحيل :الحمد لله..
الجد: وراك وانا ابوك قمتي..ما كلتي شي..
رحيل تنحني وتقبله على رأسه:كلت..والله جدي..
الجده حاولت النهوض:بقوم اطلع لك العسل..
رحيل تمسك كتفها: أدل(أعرف) مكانه...
ثم نهضت بثقل، لينظر ليث لبطنها البارز وبشكل كبير بسبب ضعف جسدها بروزه ملحوظ، ترتدي جلابية ذات الوان ربيعية فضفاضة شعرها الذي قصته طول ووصل لأكتافها تربطه للأعلى ليتدلى على ظهرها، خرجت ليقول
الجد: بوسعد كلم ابوك؟
الجده عبست بوجهها:وشولة يتصل سويد الوجه؟
ليث هز رأسه:مادري يبه..أبوي ما قال لي شي..
الجد نظر لزوجته: الخسيس رجع على موال الخطبة..يبي منا بنات علي لعياله..
ليث بحنق كبير على هذا الرجل:يخسي ياخذ منهم..
الجده تؤيده: اي والله يخسي ..
ليث عقد حاجبه:ما بقى إلّا اشباه الرجال نزوجهم بناتنا..يبلع لسانه ولا عاد يتصل..الوصل والبر يخليه عند اهله..
الجد نظر لليث وللتعب الذي يحيطه:هد وانا ابوك..والله يخسي ياخذ منا..وقلتها له ما عندنا بنات للزواج..وراح كلم ابوك هقوتي..بس ابوك ما هوب مجنون يعطيه..
كاد يتكلم ولكن دخل ريان وهو يلقي سلامه ببدلته العسكرية عليهم، بعد عودة رحيل أصبح يوميًا يأتي إلى هنا، ليراها فقلبه بعد لم يرتوي من رؤية أخته، ففي أول لقاء انهار جسده بالتعب وكأنه يخبرها أنّ الغياب امرضه.
وما زال يكرر في داخله
.
.
لم تدرك بما فعله الغياب بنا ولم تدرك لجّة الرياح التي اقتلعت الأشواق لتستبدلها بالحنين وتوقعه على فراش التعب.
.
لم ينكر انه مجرم بحقها مثلهم تمامًا حينما ابتعد ولكن لا وقت للعتاب فالشوق حارق "يسلخ"الجلد ويستبدله ليلهث قلبه وينزف انفه
القى السلام لتبتسم الجده والجد يتهلل
ليث نظر له بهدوء وهو يجيبه
جلس بعدما قبّل رأس جده وجدته: وين رحيل؟
الجد اعتاد على سؤاله..حينما يأتي..يبتدأ بهذا السؤال
لتجيب عليه جدته:توها قايمة..اشوي وتجي..
ريان نظر لليث المتعب:اخبارك ليث؟
ليث: اخباري تسرك...
ريان بهدوء وجدية: ليث..يا ليت تقنع رحيل تجي بيتنا..وتتأقلم وتقطع عنها هالمخاوف..هي تسمع لك..
الجد قاطعه:لا حد يضغط عليها واللي يبيها يجيها هذا هو بيتي مفتوح...
الجده : هي بحال نفسها وبحملها ما هيب بحمل اقنعك وتقنعني يا ريان...
ليث يستمع لهم وينظر لريان الذي قال:لزوم تعتاد وتجي...
ليث نهض وهو يلوي لسانه من الداخل ثم يبلل شفتيه:يصير خير يا ريان يصير خير..عن اذنكم..

الجده نظرت لريّان:اقول ريان..طمني على ابويك بعده أتعيبِين؟
الجد بتذكر:أي قولي علامه ماجاني أمس..واتصل وما حد يرد علامكم صاير شي؟
ريان حك حاجبه الأيسر:لا..ما فيه شي وتعبه خف عن أوّل..وانشغل بالبنياي..
الجد بحنق: قايل له..اترك العماره وبلاويها على العمال..واترك الإشراف على على اللي يسمي روحه مهندس فويصل...
ضحك ريان بخفة:ههههههههههههه جدي تعرف ابوي..راعي ضمير ما يقدر..يترك الشي ويعتمد فيه على غيره..

الجده عبست بوجهها:اعرف ابوك يحب الشقا..
ريان تنهد وفهم رحيل ستطول بالمجيء لذا نهض وقال: الله يعينه..يلا عن اذنكم
.دعواتكم..
الجد:الله معك..
والجده اخذت دلة القهوة لتسكب للجد منها.
.
.
ذهب لفوق..فهما استقرا في الدور العلوي، صعد على عتبات الدرج وثقل العالم كله يتكأ عليه، يثقله بنظرات العتاب الصادرة من كلتَيهما، ويعتصر خاصرته بالندم الشديد، يشعر انه اُستهلك من هذه الطاقة السلبية الراكدة في قلبه، لم يعد قادر بعد على الإستمرار في نفاذ روحه، يتذكر كل يوم موقف..وكل يوم صوت وجملة..وكل يوم يستقبل عتاب يجعله يصغر..الإنسان يُستهلك بكثرت العتاب واللّوم..يضمحل ويتلاشى بالألم..تكراره على المتلقي يجعله يختفي ويغوص في داخله..يجعله يموت ببطء وحتى إن اظهر خلاف ذلك يبقى عليه شحوب الموت البطيء..صعد وهو يتآكل بثقل روحه عل أطراف اصابعه، سمع اغلاق باب "الحمام" القريب من غرفتهما رآها تخرج وتدخل الغرفة
تبعها..وتبع رائحة عطرها الذي يبث في نفسه مشاعر أخرى تتغلغل ما بين العاطفة وما بين رغبات احتضانها ليرمي عليها قليلًا من ثقل مشاعره..كيف يدعوها تتوقف عن الإنتقام كيف يرجوها بأن تشعر بضعفه أمام الماضي وأمام خسارته؟ كيف يشرح لها ندمه؟ كيف يصرخ برغبته في الهروب من نفسه حتّى؟
أجل يتمنى لو يهرب من نفسه..يضيع بعيدًا عن ليث الذي أثقل أعتاق كثيرة، اغلق الباب..رآها تتوجه لناحية المرآة تعيد ترتيب شعرها بلا مبالاة لوجوده، يتقدم، وهي تلتف لناحية دولابها تخرج ملابس أخرى لها وكانت ستعبر ولكن نظرت له.
تحدثت: أبي أروح السوق عشان اشتري لرجوى ملابس..
يحدق في وجهها، مهووسة بطفلتها قبل أن تلدها اشترت الكثير من الملابس حتى سريرها اشتراه وها هو موضوع في زاويته القريبة من سريرهما
اقترب:شرينا كثير..
رحيل رفعت حاجبها بعين باهتة:تستاهل بنتي..
يبتسم بخفة رغما عنه:بنت ليث تستاهل كل شي.
رحيل تسحب نفسًا عميقا لتستفزّه كما هو المعتاد!: لو تعرف بس حقيقة ليث..بتكره اليوم اللي صار فيه ابوها..
وبحقد:بس ما نيب مجنونة اقولها عن سواياك..
بلل شفتيه ازدرد ريقه ثم سحب نفسًا عميقًا: انسجنتي بدون رضاي..انسجنتي وأنا مخدوع..انسجنتي وأنا أتالم ..كم مرة بعيد هالكلام رحيل؟...كم مرة واحنا نضرب بعض بنفس العبارات والجمل؟!
رحيل تكمل بسخرية: انسجنت لأنك أناني..وحقير..وما تفكر إلّا بنفسك...لا تنسى هالشي!
هز رأسه لينهار بعدها: شسوي عشان ارضيككككك؟..تعبت أنا رحيل...تعرفين شلون أنا ثقيل؟ ثقيل بهَمي ...وبهمك انتي وأمل..تعبت استرجع اللي صار..وتعبت أشوفك بهالدمار..كل شي صار غصبن عني...وكل شي صار دفعت ثمنه غالي..
رحيل تدفعه من صدره كعادتها تنظر له:قولي وش خسرت؟
تحدثت وهي تشد على أسنانها: غير سلمان قولي وش خسرت؟
ليث وجسده الضعيف يرتجف لم يعد يتحمل بسبب سوء تغذيته وسوء نفسيته التي تعطب أجزاء كثيرة منه: خسرت نفسي..خسرتك..وخسرت أمل..وخسرت الحياة...وخسرت كل شيء...كل شيء رحيل...وش أقسى من إنّي اخسر ثقة من حولي!
رحيل تهز رأسها: أكره الحياة ليث..أكرها.أكرها مثل ما كرهتها أكرها...وتوجع..أكثر..كفّر عن ذنوبك...كفّر عن ذنبك تجاهي أنا بالذّات..
طبّق زندها ليهزها: وانتي بعد كفري عن ذنوبك...عن حزن ابوك ودمعته..عن قساوة جدي اللي جات علينا...عن وجع خالتك ومرض ريان..
اهتزت من الداخل سحبت نفسها منه ولكن سحبها إليه
نظر لعينيها: وقفي عتاب..ما فيني حيل له بعد..
رحيل ابتسمت واقتربت منه لتهمس في اذنه: اشوفك فيك حيل وزود ليث..حيلك لحد الحين ما نهد..لسى ما أشوفك ذبلت!
وكادت تنسحب منه ولكن جذبها لحضنه احتضنها، احنى رأسه قليلًا ليغطيها مسافة كبيرة من اكتافها لم يشد عليها كثيرًا من أجل طفلتهما ولم تقاوم رحيل.
.
.
افهم أمرك يا ليث، افهم ضياع روحك ما بين العتاب واللوم وما بين صراعات الماضي ما زلت أعيش كل هذا ولكن احتضان العائلة يخفف الجُرعة التي اعتدت عليها وأنا في السجن، كل شيء بدأ يخف ولكن يتكاثر من جانب آخر لم اعتد الحياة بشكل سوي، لا زلت اجهل مشاعري أمام هذا الإحتواء منهم، انظر لأعينهم التي تترقب خضوعي لعطفهم ، اخضع لا انكر ذلك فهم يجبرون المرء على الخضوع دون انتقام ولكن امامك ابقى ثابته في مشاعري..ومشاعري لم تعد طبيعية امام الرجل الذي من المفترض ان تتحرك امامه ، اشعر بوضعي وانا في السجن وامام لمسات الغُرباء ولكن لا اهتم لماذا؟خمّن ذلك يا ليث..لأنك زوجي تحت شريعة الله..لأن لا ذنب في لمساتك واحتضانك ولأنني ادرك ضعف نظرتك ورغباتك في التخفيف عن ثقلك الداخلي بينما انا حينما كنت في قعر السجون رغباتي تتكاثر وتتصاعد لتعانق السماء ارجو حضن دافىء منكم ولا اراه بينما انت تراه الآن وتحتضنه ولكن لا تحس بحرارته ابدًا ولا تستظل بدفئه، لا زلت اتساءل، متى سينجلي هذا البرود؟ متى سأشعر بطبيعتي ولكن إلى الآن يا ليث الى الآن الشعور ذاته لم ينتهي..حتى وإن اعتصرتني ما بين يديك لن تجدني..فأنا مسروقة منك لناحية البرود وبشكل قاسي حتى على نفسي..فأنا قاسية وجدًا!
اضعت الشعور..كل مشاعري ضاعت..حتى حُبي لأخيك فيصل اضعت حبي نحوه، لا ادري كيف للمشاعر أن تضيع؟ تبرد..بل تتثلج..ولا يهيّجها شيء بعد..ربما في الماضي كُنت اشعل نفسي بنفسي..بتفكيري بإنني مشتعلة لأكذب ولأنقذ نفسي من أشياء كُثر، ولكن مشاعري لناحية فيصل لم تكن كذبة اقسم لم تكن كذبة بقدر ما كانت حقيقة استدل بها لناحية الحياة لتذيب كل البرود من داخلي ولكن الآن اشعر بالبرود ناحية حب فيصل لا افهم ما حدث لإتزاني الداخلي ولكن لم اعد اهتم لحبي له، لم اعد ارغب في حبه خاصة بعد خطبته لن اتحدث عن انهياري الآن ولكن كل شيء تغيّر، انني اشتعل فقط امام العائلة اشتعل امام رغبة الأمومة اشتعل في دفء احتضان جدتي التي تمدني بالإطمئنان غير هذا النوع من الاشتعال لا املك ليث، لن تجد في حضني شُعلة تدفئك..لذا اتنازل لتحتضني بهدوء ..لأنني ادرك حضني سيزيدك سوء على عكس ما تبحث عنه!
.
.
اغمض عينيه تنهد وكثيرًا، مثقل ومتعب، وبه ثرثرة عميقة ولكن لا أحد سيفهمها ولا أحد سيرغب في سماعها، شعر بيديها وهي تطوّق خاصرته، اشتعل جسده بأمل سقوط الذنب عنه ولكن سمع همسها في أذنه
: دوّاك ما هوب عندي..يمكن عند أمل!

يُرخي جفنه أكثر، تزيده إغتيالًا لمشاعره يعقد حاجبيه، يستفيض كأس وجعه بالحد اللامحدود في الواقع..تضيّق عليه الأُفق وتسقطه على صخر حقيقة ليث في إصدار ضجيج في أفئدة كثيرة..يرى ليثه السّابق كيف حطّم رحيل مستقبله وكيف بعثر حُطام أمل فؤاده..ليث السّابق مربوط بأمل ورحيل عقله الآن!..لا تنفك المعادلة الكيميائية عن بعضها أبدًا وإن حدث وانفصلت فاتزانها سيختل أكثر ليوجع ضميره..ويسلبه روحه!
أمل هي الأخرى تقسو وتحنو بضعف يجذبه للماضي بشكل كبير ويصعب عليه بالسيطرة على تخطيه، احتضنها بقوة وكأنه يريد منها الصمت، ويريد أن يخنق نفسه بدفن وجهه في شعرها، ماتت رحيل، بهتت وانصهرت في عظام خوفه لتبث في جسده سُمًا علقميًّا.
تعذبه بالخضوع في ضعفه بمقابل انتقامها منه بردات فعلها الغير طبيعية، همس وهو مغمض لعينيه: ما عتقد تبين بنتك تجي للدنيا وتصير يتيمة!

رحيل ارتعش جسدها وشعر برعشتها تلك ليبتسم وسط تعبه، قلبها قابل للتخويف فقط، تخاف من أن تأتي رغابتها بعكس ما توقعته، لا تريد أن تعيش ابنتها فقدان حنان الأب، فهي عاشته ووالدها على قيد الحياة، شعرت باختناق من هذه الفكرة، وسمعت ضحكته بنبرة كسيرة
:ههههههه ...تدرين عاد..صرتي احقر مني...
يبعدها عنه وينظر لشحوب وجهها استعادة وعيها من خوفها الناتج عن تلك الفكرة ابتسمت بسخرية: وش ترتجي من وحده خريجة سجون؟
انقض عليها ليكمكم فمها غاضبًا: إن عدتي هالجملة..والله لا اقبرك..
ثم أزاح كفه عن فمها مسح على لحيته: ما عادت الرسايل تجيك؟
رحيل جلست على طرف السرير: خايف اقتنع بكلامهم؟
ليث يجلس بالقرب منها: ليتك والله...وتفكيني من هالضغط..
تضحك: هههههههههههههههههههه ....ما راح اسويها..
ليث يكرر: يرسلون؟
رحيل بكذب نهضت: لا..اشهر مرت ولا شفت منهم رسالة..
ليث بلل شفتيه: ليش ما تبين تروحين بيت ابوك؟
رحيل قبل أن تخرج: لرجعت أحاسيسي رحت!
لتتركه ينظر للفراغ بوجع لا يُترجم بالكلمات.
.
.
يتيمة حُب ويتيمة حرب ضروس فتكت بعائلتها لتُدميها، لتتوّجها بيُتم أبوي حديث الولادة ويُتم أموي يعقب صراختها، لم يبقى لها سوى فُتات حُب يختلج قلبها وأجهضته أثناء الولادة، تحلم به وكثيرا يأتيها مبتسم لا يتحدث ولا يلمسها يقف بعيد يبتسم بعيدًا وكأنه يطمئن عليها ثم يختفي لتجلس من نومها تبكي وتعود لذكراه، تبكي وتموت شوقًا له، ولكن لم تعد تجرؤ على الخيانة بعد رؤية ابنها..ابنها الصغير الذي يشبه والده أجل يشبه والده وهو في سنه وفي ذلك السن بتال لا يشبه سلمان للحد الذي بلغه في الكبر هي تراه يشبه والده ووالده يراه يشبه والدته!
تشعر بالوجع من هذا الشعور اصبح هوسها بسلمان يُرهقها تمامًا، اصبحت تنازع هذا الحُب لتزيل ارهاقها المضاعف مع هذا الإنجاب، بتال ما زال يحاول اخراس أي ذكرى تعصف بهما حتى انه كاد في إحدى المرات ضربها ولكن تراجع، وخرج من الغرفة ليتركها تلوذ بتعبها وانهيارها الجسدي ،سقطت على الأرض وهي في شهرها السابع..دخلت في مخاض إجهاض الحُب لتلد طلال قبل أوان موعد انجابه..فقدت عقلها آنذاك وخشيت من أن تفقده.

فهي تؤمن فقدت كافة اهلها، وبقيت تمسك بأطراف ام بتال من أجل القرابة التي بينهما واصبحت تحتضن طفلها بخوف، فعمها ارهقها بعدم اجابة اتصالاتها المتكررة، الشيطان بدأ يوسوس لها من ان يكون هناك شر ألتف حوله، وفي المقابل بتّال لم يستطع أن يخبرها عنه، مازال عالق في وسوسات الدم..ومواجهة ذاته كونه قاتل فار من العقوبة..لتسقط العقوبة على اعتاق غيره..يدرك الأمر مهما طال زمانه في ساعته الخاصة يعتبر قصير وقته..يخشى من أن تكون تلك الحلقة مفقودة ويخشى من أيادي كثيرة تُظهرها له الأيام.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 02:14 PM   المشاركة رقم: 92
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

لا يقوى على الحزن ولكن لا يستطيع الإنفصال عنه..وكيف الذي يقطع الوعود يخون؟ قطع الوعد بمقبال حياته؟ لتترمّد الزهور في ربيعها وتسقط كحطام متآكل على نفسه، هو أكل نفسه بنفسه ولم يعد قادر على إيقاف هذا الجنون، حتى توبته لله عزوجل غير قادر على لفظها بلسانه وبجوارحه بشكل سوِّ، متوقف عن ذنوبه ولكن متهاون في عباداته، يسهب في التفكير، يؤّخر الصلاة..ويصلي بذهن شارد..خائف وقلق بشكل مفرط ، حياته في تلك المجموعة كانت صاخبة، مليئة بالعطاء الفكري بمقبال المال ولكن لم يلمس دمًا مباشرة على مبدأ الموت، رغم انه يؤمن آنذاك خاصة بعد كشف الحقائق كونه متسبب في ضرر الكثير من الناس، ولكن لم يرى جثث دامية امامه مقتولة بيديه، حتى دخوله في المشاجرات لا تنتهي بالموت، ولكن مقتل ستيفن ورجاله احاطوه لينعشوا المواجهة بذبذبات تيار يمر بقساوة على جسده ذو الحمل الثقيل المتصل بالحياة ثم ينقطع ذلك التيّار لتبقى دائرة حياته مفتوحة بخوف!

وجود طلال الصغير يخفف من توترة، ولكن بؤس تحرير وسؤالها المتكرر عن عمها يعود بهِ للخريف.
لا يقدر على إحداث جرح أخير في قلبها في فقد عائلتها، في الواقع لم يبقى لها أحد،
.
.
بو سلمان: تحرير بنت اخوي..مالها احد بعدي يا بتّال....ابي تكوّن عيله لها وتكبّرها...وتصير لها ذخر!
.
كان يتمنى بل أبدا له بأمنياته في إحدى الليالي الثلجية في الكوخ البعيد في المنطقة الريفية في شمال امريكا، كان يتمنى من ان تَكثر سلالتهم، فأخيه توفى في حرب الخليج ولم يخلّف أبناء كثر ولم ينجب سوى تحرير، وسلمان توفيَ وهو شاب في ريعان شبابه، وهو لم ينجب سوى سلمان، كان يتحدث وفي عينه ألم يكسوه الثلج المتساقط معنويا ليضببه بشكل دموع قطرية للتتكور وتصبح ندى لامع يراه البعيد ولكن لا يراه القريب من وجهه!
اخبره في تلك الليلة عن قساوة ستيفن له وخداعهم لعقله
كيف كسروا ظهره على حد قوله
ليردف: اقتلوه جدام عيوني..ما تهنيت فيه..احرموني منه ومن ريحة هلي..ما قدرت اسوي شي...صرت مينون...خايف ومو عارف شسوي!
:
لم يفهم شعورة جيّدًا آنذاك ولكن تعاطف معه وبشكل كبير، تلك الهمهمات هي من جذبتهما لبعضهما البعض اكثر، ليتعرف على مخططات ابا سلمان الذي اصبح حُطاما ليُسابق أوان رحيله مبكرًا على فقد ابنه الشاب.
مجموعة منظمة وبشكل دقيق قائمة على الفساد، بجلب العقول لها لتنتفع بهم على منطق العلم والأساس الفكري المتقدم.
انخدعوا وفقدوا أجزاء منهم والبعض الآخر فقد احباؤه، اما هو فقد اشياء كثر بتّال في الواقع فقدها ولم يعي فقده لها إلّا الآن..بعد سفرة وتركه لتحرير وكُّل لتجارب إشعاعية كادت تنهي حياته ولكن وجد فيها متعته ..تخصصه في بدايته يتناوب ما بين الفيزياء والكيمياء ..درس الكيمياء بشكل طفيف ولكن يبدع فيه بشكل مذهل..خاض تجارب عدة بها اشعاعات خطرة ولكن كان يأخذ احتياطاته بحذر شديد وفي بعض الحين يحدث تسرب اشعاعي هو ظن في وقتها نجى منه وفي الواقع بعد مضي الوقت ادرك امور عدة بعد عودة عقله فهم ما لم يستطع فهمه في وقت ضياع رغباته أمام الحياة.
وربما يتيقن آنذاك و لم يستطيع مواجهة هذا الأمر ربما أُثرت عليه بشكل سلبي لتسبب له تلك الاشعاعات عقم مؤقت أو ربما دائم لا يدري ولا يريد التفكير في هذا الأمر ولا يريد ان يخضع لفحوصات طبية لتسحق شكوكه باليقين.

خسر هو خسر نفسه..اصبح دمية لهم لا ينكر ولكن العائد عليه بالمال يهوّن عليه المصائب آنذاك ولكن بعد مقتل ابا سلمان وحديثه والحقيقة وثقل الأحداث وتحرير،كل شيء بات بؤسًا في عينه.
سمع صوتها ألتفت نظر لها..باهتة تحرير وجدًا..عينيها جاحظتين من الأرق والتعب..وجهها شاحب وبشكل كبير لا به لمعت حياة ولا رغبة التمسك بها..جسدها كان ممتلأ بسبب الولادة ولكن الآن اصبحت اضعف بكثير مما تركها عليه في السابق، بقلقها تحرق سعررات حرارية عالية، شعرها بدأ يتساقط..قصر من نفسه وكأنه خضع لقص ذاتي بشكل مفاجأ،حزينة تحرير وبشكل كبير.
اقترب منها وهو يحتضن طفله النائم
ابتسم لها:نام..
تحرير تنظر لطفلها: عطني ارضعه..
بتال بهدوء ينزل الصغير على سريره: صدقيني مو جايع..حلمان وجلس يبكي..
اقتربت من السرير، تنظر لطفلها، تتكأ على الجدار تغمض عينيها
تفتحهما ببطء شديد
ينظر لها بتال :روحي نامي..تحرير..ارتاحي..
تحرير تنظر له وبدمعة حارقة:عمي ما يرد..جوّا(كوا) قلبي بصدّه...خايفة صاير فيه شي..ما عندي أحد من ريحة هلي غيره..اموت بتال لو صاير فيه شي اموت...

لذلك هو لم يجرؤ على اخبارها..يخشى عليها من الموت يخشى عليها من ان تجن
.يقترب يحتضنها ويقبّل رأسها
تبدأ بالهذيان من جديد: عمي ريحة ابوي..عمي ابوي بتّال..عشت بضيم يتمي وانا ادور في حضنه ريحة لو نتفه بس تذكرني في هلي..ما شفت لا امي ولا ابوي بس شفتهم بعيونه بتّال..مابي بعد افقده..مابي يتجدد علي يتمي..مابي حرب ابوي تقصف قلبي..ولا أبي صرخات امي وهي تولدني اسمعها في خيالي..من يديد..انا تعبانة وايد...وايد بتّال..كلهم راحوا وهدوني(تركوني)..خلوني لحالي بتال..خلوني لحالي...ما عندي سند..ما عندي أحد...صايرة جنّي مقطوعة من الشيّرة(الشجرة) ...

سكتت وهي تبكي ليشد عليها وينظر للفراغ..كيف سيخبرها، وكيف يخفف عنها وكيف يقطع هذا الرثاء المستمر لأشهر، ابعدها عنه، كلما أخّر الخبر كلما تقاعست تحرير للوراء، طوّق وجهها قبّل جبينها وأرنبة أنفها بوجع.
نظر لها وبهمس
بتال: تحرير..بعترف لك..بس ابيك تصيرين قوية..مو عشاني ولا عشان نفسك..لا..عشان طلال محتاجك ومحتاج قوّتك..
تزدرد ريقها تنظر له ولكلماته التي ينطقها بثقل،
حارت بالنظر لعينيه
وشد على اكتافها ليهمس:جاني خبر عنه...
تحرير تنهمر دموعها لتشق طريق اليتم مقدمًا، نبرة بتال لا تنم على انّ الخبر خير، اعتصرها قلبها من جديد لتنوي الحداد قبل اعلانه، ازدردت ريقها لتحني رأسها على الجانب ثم تلوذ به للأمام
تحدث بثقل ما بداخله: البقاء براسك يا تحرير..
اخذت تتنفس بعمق شديد، اغمضت عينيها وكادت تفتح فمها لتصرخ ولكن بتال وضع يده على فمها ليكتم رغبتها خشيةً على ابنه ووالدته من ان تسمعها، انحنت تحرير بثقلها على جسده واحتضنها بشدة ليعانق رغبته في البكاء، ولكن لم يبكي دموعه جفت من الداخل..جفت مع رغبته منذ اشهر في نزولها، شد عليها ومسح على رأسها لتشعر تحرير بيتمها من جديد.
تبكي وبشدة تعض على يدها لتكتم صرخات لو تخرج لصدّعت الجدران بحزنها لا تريد هي الأخرى ان تزعج ابنها
شدّت على بتال لتدرك أهلها جميعهم اصبحوا أموات...لم يتبقى لها أحد بعد..والدها توفي لم تتعرّف على وجهه إلّا في الصور ووالدتها كذلك...حبّها وفلذة قلبها سلمان توفي..قبل أن يحققوا الأحلام معًا...توفوا جميعهم...لم يبقى لها أحد...لا أحد سيقول" أحبج يومنج تعصبين يا الغبية"..تزداد أنينًا ليرتفع صوت سلمان" ويه ويه ويه تبجي المينونة عشان شنو؟ عشان ناقصتج عشر درجات؟"..تتشبّث في بذلت بتّال لتسمع" ما تسمينه سلمان...حلفتّج بالله ولدج ما تسمينه سلمان"...تشد على عينيها تغوص في الأصوات"يبه فيج شي...بنّيتي اسم الله عليج وعلى قلبج...انسيه يبه"..."احبج تحرير".." ولدي بسميه على اسم ابوي فخامة غانم".."يا المينونة حاسبي على روحج بتبردين...دخلي داخل المطر وايد".."بنتي محتاجة شي".."تحرير ولدي سلمان يبيج على سنة الله ورسولة".."بكلم ابوي وبقوله احبج".."تحرير لا زعلين علي يومني ما رديت عليج والله كنت نايم"..."لا تتسرعين يا بنتي واستخيري ولا تستحين مني...ولو ما تبينه لا تتردين وقولي لي".."خير تحريروه مسوية ثقل ما قلتي لأبوي عن ردج".." قلب قلبي انتي ..ما بقيتي تسمعيني صوتج يا العندليب ههههههههه"..."اسم الله عليج تحرير الحرارة شبّت فيج أوديج المستشفى احسن"..مات سلمان ومات والده غانم...ولم يبقى سوى ذكريات أصواتهم وصورهم في قلبها...تدفن وجهها في كتف زوجها لتخرس اصواتهم والذكريات تشهق و
تبكي : منو لي بعدهم..من بقى لي ...راحوا..كلهم..راحوا...
بتّال كسرت قلبه في هذيانها، اعتصرت شيء بداخله ليخرج ويقفز
وينطق وهو يقبّل رأسها: يا عين بتال..وانا وين رحت..تحرير اذكري الله...الله يرحمه...
تحرير تشد عليه اكثر: يعوّرني قلبي حيل ...عوروا قلبي وايد...ليش راحوا جذيه وتركوني...ليش بتال..
بتال يسحبها ليجلس على السرير ويجلسها بجانبه ويحتضها من الجانب الأيسر
يمسح على شعرها: قضاء وقدر..قولي الحمد لله على كل حال..
تحرير بنفس غير منتظم بسبب البكاء: ماتوا كلهم...ماتوا..مالي احد بعدهم...
يطوق وجهها يقبل جبينها مرتين بحزنه: انا اهلك كلهم ...اذكري الله..
تنظر له تشد عليه تهذي: الله عاقبني...الله عاقبني يا بتال...خنتك بقلبي..خنتك بفقدي لسلمان..الله عاقبني في عمي..
بتال ينهرها: اششششش...قولي استغفر الله...هذا يوم عمك وهذا حده...لا تجزعين...ما يجوز...
ترمي نفسها عليه لتشد وتكرر كلمات مبهمه
وهو يطبطب عليها سيحاول ان يحتوي جنونها وجزعها هذا
اخذ يتمتم بآيات قرآنية قصيرة لتهدأتها..ثم نهض واجبرها على الاستلقاء ليطبطب على اوجاعها ثم يكمل ما تيسر من القرآن..يتفهم شعورها، ان تصبح الشخص الوحيد على قيد الحياة وبقيّة اعزاؤك ميتون شيء يدعوك للحزن ويدعوك للإنشطار ولكن لابد من الإيمان بقضاء وقدر الله، هذا الحزن في يوم من الأيام سيتلاشى، سيصبح لا شيء ولكن لا بد من الصبر في بداية موجة الكدر والحزن..لابد من التماسك وعدم إعطاء الشيطان فرصة للتدخل..ليزداد الشعور سوءًا!
.
.
ماذا نجني من الحُب؟
بما يمدّنا الحُب؟
أتعلمون أنّ الحُب حياة لولاه لما استطعنا العَيش، حُب الأشياء بلا تفريط في الواقع حياة وتقبل لها، والبغض والكره نقصان للحياة وتقليص لها.
ولكن حبنا نحن الاثنان اتجه في طريق آخر، طريق الحلال أجل، ولكن على وجهة النقص في بداياته، حُب "يقرص" القلب في كل ثانية ودقيقة يختطفه ويجعل نبضه متسارعًا على نوتات مرعبة هذا النوع من الحُب مُتعب وكأنه يخبرك بصعوبة النيل منه، ولكن يبقى شعور مختلف ،جميل ولكن خانق تحاول التماسه في كل لحظات اتجاه تيارات نبضاتك لرأسك ويختفي فجأة، يُرجفك ويلتهم ما تبقى منك، وجميل هو حين ترافق نبضاته التي توصلك على مشارف الإلتقاء وإن كان صعبًا ولكن ليس مستحيلًا، ها هما ثمرتا الحُب اصبحا مقترنان ببعض في الظاهر والخارج، ينامان معًا ويستيقظان معًا ويمرضا معًا اجل، اُجهدت بتربيتهما ولكن لذيذ شعور الأمومة اخذ يدفّأ مناطق فُقدها لوالدتها ولوالدها الذي يكتفي بالإتصال عليها ما بين الفينة والأخرى، لا يكفيها هذا الإتصال ولكن والدها لا يشجعها على الاستمرار فيه مرارًا وتكرارًا، اسلوبه لم يتغير اسعد بولادتها بالتوأم ولكن لم يكفيها صوته، كانت تريد وجوده ولكن لم يفعل، حينما دخلت في المخاض اشتدّت رغبتها الى اهلها جميعهم ووقوف أمل بجانبها ساندها عاطفيًا وبشكل كبير، لم تمر ولادتها بسلام انجبت الأول"سلمان" بكل يسر ولكن في الصبي الآخر اضطرُّوا لإجراء عملية قيصرية بسبب توقف نبض"ليث" تجرعت الم الولادة الطبيعية وكذلك القيصرية، بقيت أمل في منزل اخيها لتهتم بها وبالصغيران لمدة بما تقارب الشهر والأسبوعين، ركان لم يقصر ابدا قدم على عاملة منزلية من اجل تخفيف الثقل، انقضت تلك الاشهر بثقلها وخفتها في بعض الأيام، هذين الطفلين قرّبا علاقتهما الزوجية بترابط اقوى من ذي قبل، توقفت هي عن العمل في الواقع ووافق ركان على عملها في إحدى المستشفيات الخاصة ولكن بعد ولادتها توقفت انسحبت تريد ان تحضى بلحظات امويّة مقربة من الصغيرين لا تريد ان تبتعد عنهما وهما في هذا السن، ستعود للعمل في الوقت المناسب بينما ركان فتح مكتب محماة بمساعدة ليث في غضون اشهر قليلة وأخذ يزاول عمله سريعاً، انخرطت سوزان في الحياة هنا المختلفة عن المجتمع الذي عاشته سابقًا، تقبلت العادات والتقاليد والأهم تقبلت الدين بصورة إقناعية من الداخل دون صغوطات، فركان ترك لها المجال لإستيعاب كل شيء على مهل، وضعت طفلها في مهده بعد أن أرضعته.


في الواقع ليث الصغير نوعًا ما خامل مناعته ضعيفة يحتاج لرعاية كبيرة بعكس سلمان، تحاول الاهتمام بهما جيّدا ولكن تخشى على ليث من تعبه هذا..التفتت على سلمان ما زال نائما، ثم نظرت لركان وهو يجلس على الارض وحوله الاوراق، اعتاد على الجلوس هكذا، يرتدي بجامة المنزل ويرتدي نظاراته يضع ملفات كثيرة عن جانبه الأيمن واكواب القهوة عن يسارة لم يخرج لمكتبه للآن يريد مراجعة بعض النقاط المهمة للقضية الاخيرة التي امسكها، اقبلت عليه تمشي ببطء بجلابيّتها المنزلية المخصرة وشعرها المنسدل على ظهرها..جلست ببطء بالقرب منه حدّقت به، واوقفته بنظراتها عن متابعة ما يفعله.

نظر لها..ونظر لنقطة حبه العميقة التي توسطّت في قلبه، نظره لحبيبته، زوجته، ام ابناؤه، شريكة حياته، نظر لأمله ولأشياؤه الجميلة، كيف في ذلك الوقت اجبره ليث على ترك هذه القطعة التي ادمت عقله قبل قلبه ، مؤلم فراقهما آنذاك ولكن يحمد لله على كل حال، فالله عوّض هذا الصبر بحملها لتبقى على ذمته ويستعيد ما ترك وما تُلف، ابتسم ازاح "النظّرات" عن وجهه.
تساءل: مشت أمل؟
تهز رأسها وهي تسهب بالنظر إليه بكل حالمية
يقترب منها وتنجذب لناحيته كالمغناطيس
يهمس: نظراتك تقول..خذني بأشواقي في حضنك..
تقترب وتغمض عينيها تقترب ببطء لتقبّل خده الأيمن
أحبك ئد الدُنيا دي كلها.. وتهمس: أحبك ركان..
لم تعد تتحدث بلهجة والدتها، وشعر بها تتهرب من أشواقها لناحيتها رحمها الله حتى انه اخذ يبتعد عن الحديث معها باللهجة المغربية .
في السابق حينما يتقاسمان هذه اللهجة تشتعل حيوية وتزداد عذوبة اما في الأوان الأخير اخذت هذه اللهجة تُضمحَل من كيانها الذي يرتعش باشتياقة لوالدتها المتوفية لذا امسك الكلمات ولهجتها ليبعدها عن الحزن فأخذت تميل لنبرته وكلامه وتارة للهجتها الأم"المصرية"، طوّق وجهها قبّل أرنبة انفها ليبدي بإمتنانه لهذا الشعور وهذا الحب الذي سيخلّد في الذاكرة، اخذ يمطرها بقبلات الإمتنان لوجودها معه قبّلها على جبينها قُبلة دافئة حانية ليطفي رغبات الشيطان من ابعادهما عن بعضهما البعض، ارتخت ملامحها لتطمئن في دفء قربه احتضن جزءًا من جسدها الأيسر لتضع رأسها على كتفه وتنظر له.
بقلق أموي: خايفة ركان على ليث..
ركان يخنع رأسه قليلًا جذبها إليه اكثر اخذ يمسح على شعرها
همس وهو يقبّل رأسها بعمق: ما فيه إلا العافية...بشوفة عينك اليوم ما نمنا بسببه مو بسبب سلمان..لا تحاتينه..
ضحكت بخفة لتميل برأسها وترفعه للأعلى لتنظر لوجهه: فحوصاته كويسة شوفتها..بس ما زال اشوي حركته مش متل سلمان...
ركان ليغيّر مزاجها قليلا ويشتت هذا الخوف الأموي عنها: بالله خليه كذا معادلة موزونه...سلمان شين وهو هادي...تخيلي اثنينهم نار ...والله اهج من البيت...
رفعت حاجبها الأيسر: تهج؟
ضحك هنا لتردف: ههههههههههه ما راح اسيبك وقتها...
ركان يشدها اليه: وظنّك راح اقدر اصلا اتركم.
سوزان بمصداقية: لا...
ثم ابتعدت لتنظر للأوراق وتنبه: الساعة صارت عشرة...ما حتروح المكتب؟
ركان حك جبينه: إلّا بروح...نسيت نفسي وانا اقلّب بهالاوراق...
نهضت من على الأرض واخذت تجمع الاوراق: قوم جهز نفسك وانا برتب الاغراض..
نهض واقترب منها احتضنها من الخلف ليهمس: ربي لا يحرمني منك...
تضع يدها على يديه المحاوطة لبطنها: ولا يحرمني منك..
حررت نفسها منه: راح تتأخر..
ركان يضحك بخفة: هههههههه بشوف هالمدلّع وبمشي...
سوزان بتنبيه: حسي عليك تبوسهم...ذول مع البوس جرس انذار..
ضحك ليأيدها: والله انك صادقة...بوسة على جلسة بكى...
تضحك وهي تلم الأوراق لتدخلها في الملف..مشى ركان لناحية السرير..نظر لصغيريه..ابتسم واخذ يحصّنهما بذكر الله.. اتت بالقرب منه سوزان نظرت له
تحدثت بلطف: على كدا ما حتروح على الشغل..
فاضت مشاعر الابوّة منه، نظر لهما ..يتذكر اول ما ولدتهما كانا صغيرين وجدا يستطيع ان يحملهما اثنينهما بيد واحدة، ليث كان وزنه ناقص وبشدة على عكس سلمان خاف من فقدانه ولكن الطبيب طبطب على قلقهما بكلامه الطبي الذي ضمد خوفه وخوف سوزان من ان ينفتق، تربيتهما صعبة وجدا شارك سوزان السهر، وشاركها الخوف عليهما يرحم سوزان وجدا في بعض الحين تنهار وتبكي من التعب لأنهما لا يناما جيدا وان نام ليث استيقظ سلمان ولا يتركا لها مجالا للراحة لذا اخذ يعاونها في امر النوم..الى ان كبرا قليلا واصبحا قليلا مختلفين بشكل بسيط، تذكر وقت تسميته لهما، في الواقع قبل ذلك حينما تم الكشف على سوزان وعلما بحملها بالتوأم لم يصدق من شدّت سعادته وبعدها حينما اتضح نوع جنسهما اخذ يفكر بالأسماء لم يبدي بها كان يريد من سوزان ان تبدي بتسميتهما ولكن هي تركت له هذه المهمة فلم يتردد في تسمية الاكبر بعدة دقائق من اخيه بسلمان والآخر بليث، يذكر احتضان ليث له ويذكر بكاؤهما وهما في الممر المنعزل والمبتعد عن الضجيج بكى سلمان من جديد وبكى لوعة اشتياقه له وليث الآخر بكاه وكأنهما كانا ينتظران هذه اللحظة للإنفجار،حمد لله على نعمة وجودهما في حياته نظر لسوزان
وبجدية: والله الواحد ما وده يداوم ويترك هالنتايف ذول..
سوزان تنظر لهما: روح وسيبك منهم..في ناس بحاجة ليك..
ركان اقترب منها قبل جبينها:باذن الله ما راح اتاخر..عن اذنك...ببدل..ملابسي..وبطلع..
سوزان ابتسمت:جهزت لك ثوبك وكل شي..
عاد يقبلها على خدها: ويلوموني في حبي لك...
تضحك بخفة وهو يخرج من الغرفة ليتجه الى الخلاء همست : الحمد لله لك يارب على هالحياة الحلوة..الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه.
ثم نظرت للصغيرين بعطف اموي ونظرات تبعث الدفء لهما بشكل ملحوظ.
.
..
.
..
.
..
اغلقت الباب على نفسها تنهدت بضيق، حياتها اشبه بالدوامة التي تدور بعجلتها وتعود للنقطة ذاتها، الماضي يطوّقهما هما الاثنان بشكل قاتل، اصبح حبهما لبعضهما البعض يؤذي قلبيهما وعقليهما بشكل جنوني، اصبح كل شيء خارج عن السيطرة ولم تعد بعد قادرة على أن تُبدي بمحاولات لملمت علاقتهما أكثر لتصبح طبيعية، يقتلها هذا الحب، تقتلها حقيقة ليث الذي لا يعرف يمارس حبه في منحناه الصحيح طالبته بأن يمهلها ويمهل نفسه لتقبل بساطة وجودهما تحت سقفٍ واحد وطلبته من ألّا يتعدى حدود قربهما الحميمي ولكن ليث اصبح يقطع العهود دون أن يوفي لها، اسهب في مشاعر حبه..حبه لها اصبح ظاهريًّا كما تمنتهُ سابقًا لم يعد ليث غامضًا في مشاعره وصراحته بها لم تتوقع يومًا من أن تؤذيها، يحبها ويخشى فقدها ولا يحب مواجهة ما يعقب ذلك، يحبها بمتناقضات عقله تحس به ينازع حقيقة أمر اقترانهما كما هي نازعت الأمر وخرجت منه بالتقبل، ذلك التقبل الذي لم يأتي سريعًا ولكن حينما شعرت بالقيود اجبرت نفسها عليه تقبلت وغرقت في مشاعر أخرى ربما ليست منطقية ولكن كفيلة من أن تجعلها تعيش بعيدًا عن الضوضاء ولكن تعبت من ان تجبر نفسها على قربه هذه النقطة هي التي تضربها وتلسع عقلها من إدراك حقيقة ليث وحقيقتها، عاشا ثلاثة اشهر مبتعدين جسديًا متقاربين روحيًا مع وجود تيارات ماضية تؤذيهما ولكن هي تحاول التجاوز وليث يحاول إلّا انه يفشل..ادركت هروبة من الواقع يصبح في طرف لسانه بلفظ الكلمات السليطة وإلقاء اللّوم على الإخرين كما يفعل معها بالسابق، يقسي وكأنه ينتقم من نفسه ولكن في الواقع يقسو عليها، طلب منها التنازل ولكن اصرّت على الابتعاد..نقض العهد وحاولت أن تتماشى مع الأمر بطبيعة الحال ولكن لم تتجاوز تلك اللّحظات بعد ولم تكبح مشاعر السوء بل تضخّم الأمر في فؤادها رغم لطف معاملته، عقلها العصي لم يمحي سوء صور ليث في الماضي وعقلها يحارب قلبها، لم تريد فعل ذلك..لم ترد أن تجرح قلبه بنفور أو ببكاء أو بردت فعل تجعله قاسيا عليها كما هو في الماضي، ولكن ذاكرتها تجاوزت شعور الإطمئنان في حضرته لتستبدله بشعور الرهبة والقلق وعدم التحمل..يخنقها هذا القرب..تشعر وكأنها قُيّدت في غرفة صغيرة وجدا جدرانها قريبة منها لحد الإختناق تحاول الهرب ولكن تصطدم في إحدى جدرانها، تتعرق ..تسحب اطنانًا من التنفّس تريد التجاوز..تريد أن تنظر له كما تنظر اليه وهو بعيد وفي قلبها حبه ولكن عقلها يعصي الأمر وخلاياه تزيد من جرعة الألم باستنزاف طاقتها وهي تتذكر" اتركنيييي"، "حررراااام عليكككك"، "شسويت فيني"،كلمات تدل على ردت فعلها وهي فتاة لم تتجاوز صدمة ما حدث لها في ليلتها المظلمة تتساءل كيف آل بها الفضول إلى ضياع الشرف؟كيف؟ وكيف آل بها بعد كل هذا إلى حبه والخوف من قربه، تتحطّم
..تعّض على وسادتها لم تتجاوز الحادثة بعد رغم السنوات التي مضت!..لم يمهلها ليث في نسيان الأمر. ربما مدرك انها لن تنساه ابدًا..مضت عدة سنوات ولم تمضي هذه الذكرى..ولم تتجاوزها..طالبته بألا يقترب..قطع وعدا..ولم يفي..ها هي عادت للنقطة ذاتها..تبكي..كان وقتها ينعت بكاؤها بعد تلك اللّحظات على اوصاف تشعلها وتزيد من رغباتها في الرحيل من تحت ظلّه ولكن الآن..لم يهرب..بقي صامدًا ينظر لإنهيارها عن قرب...وكأنها تشرح له مسيرة ضعفها خلال هذه السنوات أمامه..هو يدرك كل شيء ولكن الفارق البسيط الآن يواجه كل شيء بكل حواسه..تنهض من على السرير تنظر له..تبكي بصوت عالٍ وتسحب نفسها بثقل شديد..شعرها مسدول على اكتافها..وجهها محمر..تنظر له..يقف هو الآخر..
تتحدث كالمجنونة: اطلع برا...مو انت كذا...دايم...تطلع..ليش الحين ما طلعت. اطلع....لا تكمل علي وتسمعني كلام..حفظت شريط لسانك...مدلعة...تبالغين...وكأنه اول مرة يصير بينا كذا....اطلللع...اطلععع..

يقف على حافة انهيارها، ينظر لوجع قلبها، هو ما زال في نظرها مغتصب وهي ما زالت في عينه مغتصبة يحتقر نفسه اكثر بردت فعلها هذه، لم تنسى حتى كلماته التي يردفها بسبب وجع ذاكرتها، هو الآخر لم ينسى نفسه..لم ينسى كيف كان وحشيا وكيف أوسم طُهر براءتها ليلوّثها برغباته المحرمة..ابتعادهما عن بعض لن يرسي على التقبل..ربما المواجهة سبيل في وضع الخط الصريح لحياتهما..هو متعب من كل جانب، بالأمس والده اكتشف امر صدق زواجه بها ورحيل تعامله وكأنه لا شي، لا ترفض قربه ولكن تقتله ببرود مشاعرها..تقتله وهي ترسل رسالتها المبطنة له، تخبره عن عذاب السنين وكيف حوّلتها تلك السنين إلى كتلة جليدية لا يذوب هذا الجليد ولا يستطيع ان يثلج عقله، هزّت من كيانه بالشيء الكثير لا تمنعه من توجّه رغباته ولكن تقتله بردات فعلها، رحيل ميّته وأمل تحترق منه كلتاهما جعلتاه يعيش في طور جديد من التأنيب..تأنيب ضمير مؤذي لصحته، تأنيب ضمير يجعل عينه لا تغفى يجعله يواجه اخطاؤه بلا هروب كما يفعل سابقًا..ليس لديه دائرة تمكنه من الهروب في الأصل، رحيل ميتة ليتها تحتظر لتشعره بوجوده في حياتها ولكنها ميتة والأخرى تحتضر وتحرقه..أمل في ليلتهما تلك احرقت قلبه واودعت ثقب صغير مؤذي في دماغه..تبكي وتسمعه كلماته الوحشية التي القاها عليها في الماضي، لن يستطيعوا المضي طبيعيًا بعد كل هذا ولكن لن يفرّط بها ولا بركان..سيصبح أنانيًا في حبّه!

مسح على رأسه: أمل لا تجرحيني...
تبكي وتتعرّى من كتمانها: ما جرحت..وتنازلت من إني اجرحك...بالمقابل انت مستمر تجرحني...وهذا وانت تقول تحبني!
هزت رأسها بيأس ودموعها تتساقط كحبات اللّؤلؤ: ما تعرف تحب يا ليث..ما تعرف...
ينهار بحديثه غاضبا: كل ما صرنا بعاد ..كلما ثقل الموضوع..ثلاث شهور أمل...وغير هالثلاث شهور سنوات مضت على هالحادثة...وهذا انتي ما نسيتي!؟
أمل تقترب منه تصرخ: ولا اااااانت نسيت...ما نسيت...
يزم شفتيه يسحب نفسا: وعلى اسلوبك هذا ما ظنتي بنسى...
أمل تبكي وتبتسم في الآن نفسه: تحمّلني المسؤولية من جديد...رجعت على طبعك القديم؟
صرخ في وجهها: جالسة تسدينها بوجهي يا امل...انا احبك وابيك...ابي نعيش على قولتك طبيعيين بالمقابل انتي...
تصرخ وتقاطعة: بالمقابل انت...ما زلت على طبعك..ما زلت تجرحني...ليث..ما تاخذ رغباتي على محمل الجد..قلت لك لا تقربني..وانت تقربني وانا اختنق بس انت مو مصدقني..كيف اقنعك بالله بشعوري؟
يمسح على وجهه تحمر عينيه بضيق: انا تعبت...يا أمل...مرا تعبت...انتي ما تدرين انك جالسة تهينيني وانا.
قاطعته بصرخة: لا تقول هههههنتك...انت هنتني...ما طلبتك شي ثقيل...طلبتك وقت بس...عشان انت تتقبل فيه انك مزوّج اللي اغتصبتها.. وانا اتقبل قربـ..

لم يترك لها مجالا اقترب منها كمكم فمها بدلًا من رغبة صفعها عليه
ينظر لعينيها بحنق: اششششششش ..ولا كلمة...يكفي تخبّط أمل..أنتي اصلًا مو عارفة شتبين وشنو تقولين!
اخذت تنظر له تحاول ان تبتعد ولكن تحدث وجفنه الأيسر يرف: انتي يا أمل ما تجاوزتي اللي صار...انتي ما هوب انا..حتى شوفي نفسك وشكلك..وكلامك...ما زلتي تشوفيني شخص سرق منك الحياة...
ابعدها عنه بقوة ليجلس على السرير ويكمل: حتى حبك هذا....وَهم..اجبرتي نفسك عليه بس بدون إيمان فيه!
أمل تبكي وتشهق وهي تنظر له تصرخ: احببببببببك....والله..
نهض هنا كالأسد لينقض عليها ويقترب منها ويقلّص عليها مسافات الهروب
صرخ في وجهها: وين حبك هاااا...وينه؟....في أحد يحب شخص وخاف منه في نفس الوقت؟
تبكي اكثر تنظر له تحاول التحرر من يديه تصرخ: وفي احد يحب ويذل اللي يحبه؟..ولا يقدّر مخاوفه!؟
شعر وكأنهما على مقربة الجنون نفض يده منها وابتعد انفعل ليبرر وكأن التبرير مواجهة أخرى لتجرّع حقيقة كونه رجل فاسد في الماضي وضع ختم على امرئتين مسكينتين ليوسمهما بسمومه..هو ندم..وكلتاهما يضجان بالأمل والرحيل لإشعال حطامه اكثر
: يومنك تجيني تترجيني آخذك...مو قصدي أذلك....
وصرخ وهو ينظر لها ترتجف تحتضن جسدها وتعبث في بجامة نومها السوداء كسواد شعورها ما زالت تبكي وما زال بكاؤها يؤذي مسامعه ولا يوقف تأنيب ضميره
: كنت بهَم تفهمين شنو يعني بهَم؟...مات سلمان...ركان دخل في حالة اكتئاب انتي ادرى فيها...رحيل مسجونة...وأنا تايه ومحصور ما بين تنفيذ اللي يبونه ...اثقلتوني...وطلعتوني من طوري...تركتوني اتخبط واطلع بصورة اللي ما يبالي وانا بداخلي نار...ناررررررر...
وتقدم منها ليضرب كتفها الأيسر في صدره وهو بالمقابل ضرب بكف يده على الجدار: وانا ضميري ياكلني لأني اغتصبت اخت أعز أخوياي...ما تدرين قد ايش اوجعتيني بجيّتك وروحتك تترددين علي تبيني استرك...كلتي قلبي..طعنتيني في ضميري...
نظر لها وهي مطأطأة برأسها: عشت في تذبذب....ما بين ركان...وحالته...وما بين إني اداري حزني على سلمان...وحزني على اللي عشته...وعليك...قسيت على نفسي عشان اجاري كل شي....وانتي كنتي تقسين علي بدون ما تحسين.
امسكها من اكتافها رفع وجهها بطرف يده بقوة: .من لم عرفت انك اخت ركان وانا آكل بنفسي بس عجزان ...عجزان اعترف بخطئي لأني خفت.....سالفة اعترف..يعني جالس أوسم بنفسي إني مجرم ...صرت جبان...اعترف يا أمل صرت جبان ..حتى سلمان لم نصحني ازوّجك ما قدرت هربت من هالفكرة لأنها توجعني وتحسسني قد ايش اوجعت ركان...صداقته معي وخيانتي له...ماعرفت ارتب افكاري...قسيت على كل شي ومررته ولا كأنه صار شي وجيتيني واشعلتي كل شي...وصحيتي ضميري زود يا أمل...وزاد تذبذبي خاصةً بعد ما انسجنت رحيل..زاد همي أكثر..وصرت أخاف أواجه كل أغلاطي!

امل بقهر: ليش شويت فيني كذا؟ ..وليش حتى لم تزوجتني ذليتني وطعنت في شرفي ولا صدقتني لم قلت اول مرة اروح هناك بدافع الفضول؟

ليث: مادري...لا تسأليني عن ردات فعلي وانا مذبذب...لا تسأليني عن نفسي وانا في الماضي...
وبعتب:ليتك ما تبعتي فضولك ليتك....
أمل لتوجعه: وليتك ما تبعت رغباتك ...ليتك....
ليث ابتسم بسخرية: حياتنا ما بتمشي طبيعي...
امل بانفعال شديد: دامك تجيني بالقوة وتجبرني ولا تهتم لمشاعري عمرها ما راح تمشي طبيعي...
ليث: بعدنا عن بعض ما بمشيها طبيعي..
امل تنهار بالحديث والدموع: وقربنا ما بسويها طبيعية..افهم ليث ..تكفى افهم..
ليث سكت نظر لعينيها ولضعف حالتها وهي ترتجف...اشار لها: اسالك بالله حبتيني صدق؟
تنظر له تنهمل دموعها لتعيد له السؤال: انا اسألك بالله تحبني؟ اذا تحبني لا تضغط علي...
ليث يقترب منها ينظر لها: تكفين لا تضغطين علي أنتي.. امل اطالبك تتنازلين عن هالطلب اطالبك تشيلين هالذكرى والخوف..اطالبك يا امل تحبين وجودي بقرب المسافات مو بعدها...
امل تنظر له: وانا اطالبك ما تهيني ...
ليث ينفعل: تشوفين هالشي إهانة لك؟ لا بالله جنّيتي..
تتخبط في قرارتها واستقرار مشاعرها لتبكي: اتركنا نعيش مثل الأخوان..انا احبك ليث ومابي اخسرك..تكفى لا تخسّرني وجودك بعنادك...
ينصدم من لا منطقية تفكيرها، ادرك تعقيد علاقتهما أكثر، لا يدري هل هو يحتاج لطبيب نفسي أم أمل أم رحيل أم جميعهم اصبح متذبذب أكثر، وامل اصبحت اكثر وضوح اليه حبها لم يصل الى مرحلة الاطمئان لناحيته حبهما هما الاثنان ناقص، لا به أمل ولا بهِ ربما صدق..هل يتخيلان الحُب دون الشعور به؟
ليث بوهن: ايقنت حياتنا بتمشي بشكل غير طبيعي يا امل..لا ترتجين تكون طبيعية في يوم...دامك تشوفيني اهينك..
امل تنظر له: اجل طلقني..
ابتسم بسخرية على وضعهما لم يرد عليها خرج من الغرفة، وانتهت ذكرى تلك الليلة التي عصفت بقلبهما، نظرت للمكان، تحبه...هي تحبه ولكن بشروط اجل حبها غريب، ربما يدعوه للتنرفز والغضب ولكن هي لم تنسى والأمر هذا يدعوها للتذكر فتريد الابتعاد عنه، تريد ان يبقيا معا دون اقتراب، ربما جنون ما تفكر به ولكن لم تستطع تجاوز رهبة شعورها في تلك الليلة وهو ليس مقتنع بذلك، يحبها وهي تحبه ولكن المتناقضات تقتل هذا الحب بدلا من ان تقويه، تشعر وكأن هذا الحب له القدرة في جذبها لبؤرة الأرض ليدفنها في قاعه وتختنق به، حب ليث مؤذي وجدا، لذا تشعر بالإختناق من عدم قدرتهما على العيش بهناء.
سمعت طرق باب الشقة الى الآن لم تنزع العباءة من على جسدها
مشت وفتحت الباب

اصايل: يلا نزلي نمشي...

امل بتعب من الذكريات ومن السهر مع زوجة اخيها: عطيني ثلث ساعة اتروش وابدل...
اصايل اشارت لها: هذا انتي لابسة عباتك...
امل تركت الباب مفتوح: توني راجعه من بيت اخوي...واحسني منهلكة الف..
دخلت اصايل : اذا تعبانة مرا خلاص لا تروحين معنا
كانت ستتحدث ولكن قطعت حديثها بدخولها وصوتها العالي: لااااااااا عاااااد أملوه...تكفين اجلي التعب بعدين...
ضحكت امل هنا: هو على كيفي يعني؟
اقتربت منها هيلة لتضع يدها على بطنها وهي تقول:قلب عميمه شسوي؟
امل تبتعد عنها ولكن هيلة تمسك بها لتجبرها على الجلوس لتجلس بجانبها الأيمن
لتواصل وهي تحدّث الجنين: متى تجي..بالله ما كأنك طولت؟
اصايل تنظر لأمل:جاتها الحالة الحمد لله والشكر...
امل تضحك: ههههههههه هيلووووه بعدي عني...والله العظيم احسني شايلة اجبال وانتي تزيدين ثقل ...
هيلة ترفع يدها: ترا يدي يدي اللي حطيتها مو فخذي..شذا...وجع...لانتي ولا رحيلوه ما تعطوني فرصة اتعرف على عيال اخوي...
امل :خليهم يجون بالسلامة وبتتعرفين عليهم..
اصايل بجدية نظرت لأمل: أموله اذا تعبانه لا تجين بكرا "اوردي" بروح مزرعة جدي نفس العادة...
هيلة تتحدث بحماس: احلى شي صار بعد رجوع رحيل..رجعتنا للنخل الأسبوعية...
ثم نظرت لأمل بجدية:صدق اذا ما فيك..حيل هجدي...بكرا ورانا..هيصة...
امل ابتسمت على مضض وبهدوء: احتمال ما اجي واروح بيت اخوي..
هيلة: بالله ما كأنك زودتيها؟كل هذا حب للتوأم...
امل تضحك حقا هيلة تحفف عنها ثقل احزانها: عيال اخوي بعد..تبيني اكرهم؟...غير كذا..احسني مو على بعضي هالاسبوع وما فيني شدة الطريق الطويل..
اصايل: براحتك..اهم شي راحتك وراحت ولد اخوي...
هيلة تنظر لبطن امل:اي والله بعد قلبي..هالله هالله فيه أملوه...
امل نهضت:بقوم اتروش سريع واجيكم...
ومشت

هيلة فتحت هاتفها سريعا لتصلها رسالة تنبيهية من عهود من خلال السناب..دخلت سريعا لتشهق: الحقيييييرة...شوفي شوفي..
ثم نهضت لتناول اختها الهاتف...لتضج بالضحك بعد أن رأت عهود ممسكة بيد ذياب وكاتبة تعليق(ابنساكم..ابنساكم..وانسى ايامي وياكم)..
: فك الحياء منها هالبنت...ذياب ما قصّر..خلخل بلوطها!
سحبت هيلة الهاتف لتبتسم:اي الوسخة تذكرين...يوم الملكة اشوي وتموت علينا من الحياء والحين شوفي...الله لا يغير عليهم كنت احاتيها التبن...
اصايل: آمين يارب...والله متحمسة لزواجها اكثر من دانة...
هيلة تضحك:هههههههههههههه والله حدي..احس زواجها بنهيص صح..دانة ما تشجع على الخبال كثرها.....
وبشكل مفاجأ اردفت:متى بس اعرس انا بعد...هيضوا مشاعري على العرس...
اصايل تنفجر ضحكا:ههههههههههههههههههههههههه..... انطمي لا يسمعك جدي ولزقك في واحد من عيال عمك...
هيلة بمزح:عاد انا خاطري في ريان...
اصايل: هااا اكلم رحيل تتوسط؟
تنفجر ضحكا الاخرى:ههههههههههههههههههههههههه.....والله لو ايش ماخذته..ياخي جدّي هالإنسان...يخوّف...يذكرني بمحمد اشوي على ليث..وانا هالاثنين غاسلة يدي منهم...
اصايل: مالك إلّا صارم اجل...
هيلة : هالولد حيل هادي...وماحسه رومنسي...
اصايل تضربها على فخذها:انطقي اجل دام ماحد عاجبك...
هيلة تفرك مكان ضربتها: كسر...بالله يعني لازم من عيال العم...خلاص ابي من برا..نحسّن النسل على الأقل...نجيب غير هالشواذي اللي بجون...
اصايل: ههههههههههههههههههههه حقيرة والله...أي شواذي...ما شفتي وجهك قبل...
هيلة : والله انا ضد زاج الاقارب يا شيخة...لو فعلا واحد منهم خطبني بموت...
اصايل تكش عليها:جدي مو حولك الحين مشغول برحيل...
هيلة تنفعل من جديد:والله غريبة حالة جدي من جات رحيل وهو تقل مسحور حيل متغير حيييييل...
اصايل تعلم السبب..ولكن تشعر بالغرابة قليلا لقبوله برحيل سريعا هكذا
: رحيل من جات والكل تغير...تحسين كل شي رجع طبيعي...
هيلة بتأييد:اي والله..
ثم نهضت لتصرخ: أااااامل اخلصي علينا عاد لا تنسين نفسك بالحمام....
وبهبل: انتبهي ولد اخوي لا يغرق...
اصايل تنظر لها :يا سخفك...
بينما امل فتحت جزء من باب الحمام لتقول: اشوي واطلع يا قلق...
ثم اغلقت الباب بقوة وضحكت هيلة لترمي نفسها بجانب اختها وتكمل مشاهدة فلمها من خلال هاتفها.
.
.
تعود للمكان من جديد..لم تكتفي منهم بعد..هي تعالج نفسها بتواجدها في المكان الذي احتضن طفولتها بشكل مغاير عمّ عاشتهُ في منزل والدها،جميع الذكريات الجميلة هنا..وحتى في منزل أبيها ولكن خروجها منه في آخر اللحظات التي وضعت بينها وبين الحياة الطبيعية حصونا مشيدة يقيّدها بشكل ما، تشتاق للجميع ولنفسها ولكن هنا الهدوء هذا المكان يبقيها في طمأنينة اكثر.
جدها لم يعاتبها مثلما يفعل ابيها.وهي في الواقع تشعر إنها اكتفت من سماع العتاب فتفضل البقاء هنا لتسحب منهم هذه المشاعر رويدًا!..خالتها يوميًا تأتي لتطمئن عليها هي ووصايف التي كبرت لتصبح جميلة وجدًا..تشبه بجمالها خالتها تذكرّها بمناهل وكثيرًا ولكن افعالها هي الفاصل في واقعية من تكون..هي الأخرى ذابلة هادئة وتميل للصمت..تشعر هناك خطب ما بها..ولكن لم تستطع تجاوز الحدود التي وضعتها السنين لتقتحم صمتها وفي الواقع هي لا تريد اقتحام صمت أحد..تريد فقط هدوء بلا ضجيج..هدوء مشاعر..وهدوء المكان..رغم أنّ مشاعرها تشتعل تارة بالقهر وتارة بالكره وتاره بالحنين وتاره بالحب!
.
.
أجل...مشاعرها لناحية فيصل انطفأ وميضها بشكل تدريجي ..اشتعلت نيران مشاعرها فجأة حينما قام بخطبت مزون ابنت خالها..شعرت وقتها أن الحياة حقًّا سُرقت منها رغم إنّها تؤمن فيصل يعد من المستحيلات والأحلام..ولكن بها رغبة صارمة من الداخل بأن يبقى بِلا زواج للأبد..من أجل ألا يثير زوبعة مشاعرها لناحيته..كرهت شعورها المستحيل هذا كرهت نفسها...كيف تحب شخصًا لا يحبها..كيف تستقر هذه المشاعر في قلبها وتثير تراب قهرها في سماع خطبته..لم تحضر ملكته..لأن مشاعرها كانت منهارة والجميع ظن إنها متعبة بسبب حملها ولم يضغط عليها أحد في المجيء..وبقيت هي لوحدها تصارع جنون تجاذب المشاعر وتنافر الأحداث من واقعها..تقسو رحيل على نفسها وجدًا...لم تتحمل..هي تدرك مشاعرها لا إرادية ولكن تكره شعور الضعف الذي ينطوي وراء رغبة البكاء..عبثت في تلك الليلة في هاتفها لتشغل عقلها بالتفكير بعيد عن حقيقة ما يحدث..وصلت إلى خبر عاجل للفنانة "ماري" وخروجها من السجن..بكت هنا..اجل بكت سعدت إنها نجت من السجن..تفهم شعور الحرية وتفهم شعور كيف يصبح الإنسان مهضومًا ..أخذت تبحث عن حساباتها في مواقع التواصل الإجتماعي..وجدته قامت بالتواصل معها عن طريق "الإنستغرام"..لم تصدق ماري كونها رحيل ولم تجيبها..ولكن بعد ساعة رسلت لها تسجيل صوتي تطلبها من أن تُسمعها صوتها..وفعلت رحيل ذلك..سعدت ماري وجدًا..واخذت رحيل تشق طريق الفضفضة والحديث مع الفنانة المظلومة والطبيبة سابقًا..ترسل لها رسائل صوتية عدة..وهي تبكي..وهي منفعلة..تبيح لها بمشاعرها لناحية رجل آخر غير زوجها..تبيح لها بإنعدام مشاعرها لناحية ليث..وشعورها المقرف الذي تشعر به بعد قربه..سمعت لنصائحها لحديثها..هدأت نفسها واطمئنت وبعد شروق الشمس نامت..كانت ليلتها تلك ظلماء وحالكة بسوادها..تمنّت لو يعودون بإرسال رسائلهم ليتساءلون عن قرارها الأخير تقتل ليث أم لا؟ تقسم لو حدثت تلك الرسالة في ليلتها لوافقت...ولكن عادوا برسائلهم بعد مضي أسبوع على ملكة فيصل..كان شيطانها يوزّها لفعل أمور كثر..أُولها التخلص من ليث ومن نفسها..ولم تفكر برجوى..الطفلة المنتظرة..تنهدت وكثيرًا.

تحدث ليقطع سرحانها: علامك يبه رحيل ..
رحيل تنتبه له:هاا...تبي شي جدي..
يضحك بخفة وتنظر لها جدتها وهي تقول: ليث ما هوب نازل..
تهز رأسها: بريّح اشوي قبل ما يروح دوامه...
الجده بحنان:وراك نزلتي وتركتيه..انتي بعد ما نمتي زين..قومي..روحي ريحي..
رحيل تنهزم أمام حنيّتها ولكن قاطعها الجد قبل أن تقول(ابشري): أتركيها على راحتها...

سمعوا صوته يصلهم ..وعينيه تحدقان بها وتلمعان وتشعان بمشاعر جمَّا
:السلام عليكم...
.
.

دخلت هي الأخرى مع ابنتها
نهضت رحيل سريعًا..تشتاقه..تتوق إليه..يشعلها الحنين ليجعلها في كل لحظة من رؤيته..ترتمي في حضنه..تقبل جبينه..ويده..لا تكتفي..بل تحتضنه كطفله تاقت روحها للحنان وتبحث عن دواعي سروره ليدخل في قلبها، احتضنته..ورجوى ايضًا احتضنته تلتصق به وكأنها تخشى من أنه يختفي!..لا يجلس هنا إلّا لساعات الزيارة تضع رأسها على كتفه..تسحب نفسًا من ريحة عطره..عطره الخاص..الطبيعي الناشئ من عذوبة مشاعره الأبوية التي تتدفق على مجرى صمته وعتاب عينيه..تعلم هو ما زال يتألم..ما زال موجوع ولكن لم يتبقى على قدوم رجوى سوى أيامًا قليلة..الإسبوع القادم ستدخل شهرها التاسع...ستسليه رجوى ستنسّيه الآلام هي تؤمن بذلك..تطيل الإحتضان الجميع في هذه اللحظات تدمع عينيه..يشعرون بضياع رحيل الذي منعهم من إكمال مسيرة وممارسة القساوة عليها مباشرةً..تتهوه أعينهم على كيانها الخائف الذي يلتصق بأبوة مسممه بالوجع..لا احد يتكلم ينطوون خلف الف كلمة واخرى يدعونها تُشبع هذا الحنين لتداوي جروحها البارزة والظاهرة لهم..خطوط باهتة ولكن اوجعت أفئدتهم..تمضي دقيقة على هذا الإحتضان تبتعد لتعود بتقبيل رأسه ثم تحتضن خالتها ام وصايف..تشد عليها..تشتم رائحتها تضيع في حنانها ولطف طبطبت كفيها على ظهرها..تشعر جروحها تلتئم بإحتضانهم..وحوشها تموت من الداخل وتمضي في كهوفها السوداء..هذا الإحتضان مُسكن لكل شيء ..تغمض عينيها لتعود الى مشاهد الطفولة.. تُقبل خالتها على خدها وجبينها ويدها..تبتعد لتحتضن وصايف التي ابتسمت لها..تشد عليها بقوة..ثم تبتعد..لتبتسم..ينظر لها جدها بألم على حالها..السجن كما توقع استبدلها الى حال آخر..بينما جدتها مسحت دمعه كادت تسقط على خدها...أخذ والدها يسلم على والديه وكذلك زوجته أقبلت عليهما لتقبّل رأسيهما.

وبعدها تحدثت رحيل : طمني عليك يبه..
يبتسم في وجهها..ينظر للندب الباهتة يتوجع ولكن يبتلع الألم في جوفه:بخير يبه بخير..
الجد:عساه دوم...
ام وصايف ابتسمت: هااا يمه رحيل..إن شاء الله امورك بخير..والجنين بخير...
رحيل ما زالت مبتسمة: انا ورجوى بخير..
ونظرت لوالدها..
لتقول وصايف:مصممة تسمينها رجوى؟
رحيل تهز راسها: أي....ليش مو حلو الاسم؟
وصايف بهدوء :الّا حلو..
رحيل تنهض لتقول الجده : وين؟

رحيل تبتسم: بروح أجيب ماي...
ثم تحركت بثقلها لتخرج..
فتنهد بو فهد: ما هوب عاجبني حالها..
الجد بحنان: الحين صارت أحسن من أوّل وأنا ابوك..وينها لم جات..ولا كأنها رحيل..شلعت قلوبنا بحالتها!

.ام وصايف: بعد قلبي الجروح اللي فيها ..تاكلني أكال..لا هي طفت ولا هيب مختفية..ظلّت وسم على وجها ..كسّر الله يدين اللي سببوا لها كل هالجروح...
الجدة:اللهم آمين...بس لا تحاتونها...رحيل تغيرت..لهَت مع حملها..ومعانا انا وجدها..وجيتكم وروحتكم تسوى عندها ملايين..
بو فهد: الله يكون بعونها وبعون قلبي...
الجد ليؤكد:بكرا لا تنسى قبل لا تجي المزرعة جيب اللي وصيتك عليه..لتجهيزات الغداء.
بو فهد بهدوء:ابشر يبه...
تحدثت الجدة:وانتي يمه وصايف اخبارك؟
وصايف:بخير يا جده...الحمد لله..
تتمتم الجده:الحمد لله...
.
.
دخلت المطبخ..تشعر قلبها يعيد بنبضه طبيعيًا للحياة..
دخلت المطبخ لتراه..يقف أمام الثلاجة..لم تعيره أي اهتمام ولكن هو التفت عليها ينظر لها وهي تنحني وتسحب علب الماء الصغيرة من "الكرتون" بالقرب من الثلاجة ..ستأخذ علبة واحده والدها لا يحبذ شرب الماء البارد..ثم فتحت الثلاجة لتسحب علبتين باردتين..تحدث
:عمي جا؟
تهز برأسها كادت تخرج ولكن أمسكها ليتحدث مع العاملة: ناني ودي علب الموية..
العاملة تهز رأسها تسحب العلب من يد رحيل لتضعهم في صحن الخاص ثم خرجت
تحدثت رحيل: نعم؟..شتبي؟
ليث ينظر لها ولعينيها ينظر للندبة لكل شيء.
وجودها حقا عقوبة كلما يراها يتذكر ركان وسلمان وفرحته بالدخول في المسابقة مرر يده على الندبة التي خلّفها...انحنى قليلا ليقبّل مكانها تحت ثبات رحيل.
ليقول: اليوم بجي بدري..خليك جاهزة راح نطلع...
رحيل بحده ولكن بصوت منخفض:مابي اطلع..
يشد على كف يدها وينظر لها بحنيّة: بنطلع رحيل..كلها ساعة زمان وراجعين...
رحيل بهجومية: اذا ناوي على الطبيب النفسي..فأنا سبـ...
قاطعها: لا..ما راح اوديك...بس ما مليتي من جلست البيت..يا جلسة في البيت يا النخل وبس؟
رحيل بثبات نظراتها:مرتاحة كذا...ما اشتكيت لك أبي اطلع..لمكان ثاني..
ليث برجاء:انا ابي اطلع معك..الليلة ليلتك..وبفضى لك...
رحيل تزفر انفاسًا مكثفة: ماحب اروح اماكن الزحمة اقولك من الحين والخُبر كلها زحمة...
ليث ابتسم: بوديك مكان ما فيه زحمه بس جهزي نفسك..
سحبت يدها منه هزت رأسها ثم خرجت من المطبخ..ليبلل شفتيه ويتنهد بضيق

على حاله معها ومع الجميع وحتى مع نفسه..ثم خرج من المطبخ وعاد يصعد لغرفتهما.

دخل الغرفة وسمع رنين هاتفه يرتفع..مسح على لحيته ثم جلس على طرف السرير ليسحب هاتفه أجاب بعد أن رأى اسم المتصل
: هلا فهد..
علاقتهما متوترة وجدًا خاصة بعد تلك الحقائق، فهد يبدو أنّه استحقره والتهمه بغضبه وجدًا بينما ليث في الواقع لم يخبره بشيء يستفيض حمض غضبه بشكل كارثي هكذا ولكن علم فهد يكابر بقسوته حتّى بهِ تحوّل إلى فهدًا كاسمه حينما يطأ أحدًا على بساط أرضه يلتهمه..لذا هو يأخذ موقفًا ضده في منطلق تخليه عن رحيل وعدم زيارته لها..علاقتهما لا تحتمل الكلمتين على بعضهما البعض..ينفران من تواجدهما في المكان نفسه..لأسباب منها..فهد يزيد ثقل العتاب على ليث..ومنها أيضا ليث لا يمتلك الفرصة لإخبار فهد بكل شيء..هو ليس أنانيًا ليكسر ما تبقى منهم يحاول ألّا يضعف أمام رغبات الإعتراف بكل شيء من اجلهم بمقابل تعبه وادّعاؤه انه بخير..
اجابه: اتصل على رحيل ما ترد؟

بلل شفتيه..اتصاله لم يكن من أجله ومن أجل عينيه بل من أجل الإهتمام المفرط الخانق لرحيل
:تحت..عمي تحت وجوالها فوق..بقيت شي؟
فهد بصوت جدي:لا..فما..
قاطعه: متى بتظل مقاطعني كذا؟
وبجدية: فهد...يمكني اغلطت ببعدي عنها ذاك الوقت..بس حط ببالك عيني سهرت ليالي عشان احميها...عمري ما نفيتها من حسابات حياتي...بس حالي من حالكم ما قدرت أواجه....

تنهد..لم يجعل لهُ مجالًا ليتمم جملته حتّى..ألتهمه ولكن مبرره غير منطقي..وغير مشفي لجراحاته..هو الآخر ربما يريد أن ينتقم من نفسه ولكن بطريقة مؤذية له ولليث ولمن حوله ...حال رحيل مؤذي للعين والرّوح ..رحيل لم تعد رحيلًا باقٍ وثابت في القلوب بشكل لطيف..أصبحت حقًّا فتاة المآسي..فتاة محمّلة بالأوجاع التي تخرج بشكل لا إرادي من جسدها حتّى وإن لم تظهرها أو حاولت اخفاؤها من أن تظهر..لتحرقه..وتحرق غضبه الذي باعد بينه وبينها..اشعره هذا الوجع بسذاجة وجعه الذي لا يصل إلى مستوى وجعها..دمروها حقًّا لا ينكر ذلك..دمارها النفسي والجسدي لربما ازداد بسبب بعدهم جميعًا ولكن ليث ماذا فعل؟ زاد الأذى ببعده وبزواجه الثاني...

: وزواجك الثاني وش تسميه؟
.
.
يبدو أنهما لن يرسيا على بر أمان الحديث إلّا بعد فيضان بركان الحقائق
ولكن هيهات ليث لا يريد أن يزيد الحِمم لا يريد أن يصبح مكروهًا أكثر من هكذا..والأهم لا يريد أن يزيدهم وجعًا..يكفيهم هذا الكم من الوجع!
: زواجي جا بلا تخطيط...لا تلومني على شي...مثل كذا فهد...يشهد الله رحيل بقلبي...
فهد يقاطعه بحنق: بقلبك وتزوّج عليها..وهي مسجونة...وفوقها أنت مبتعد عنها...
ليث يصب جلّا غضبه: وانتم ابتعدتوا..
فهد يصرخ ولأنه في سيارته يقودها إلى حطام انفعالاته: وثقنننننننننا فيك....فكرنّاك رجّال!

يصرخ الآخر بحنق: حدّك عاااااااااد فهد...انا سكت لأني مقدّر..وضعك..بس بعد الآن ما اسمح لك تهيني...أنا عانيت وقاسيت...ما قلت لكم عن كل اللي عشته ولا راح اقوله...ما اقول إلّا الحمد لله إنها عدت واستقرت على كذا..ورجعت انا ورحيل سالمين..أنا ابتعدت غلطت ببعدي ما انكر...زواجي مالك دخل فيه...ما كان اصلا زواجي من أمل هدف لتأذية رحيل...لي اسبابي في هالزواج...وما تخليت عن رحيل..وقفت معها خطوة بخطوة..ذقت معها اصناف الوجع وهو طري...وجعها اللي تشوفه الحين بايت يا فهد...حتى لو أوجعك...يبقى خفيف وبارد عليك...ما ذقت حرّته ولا قوّته وقتها...بس انا ذقته وعشته..لا تلومني ..ولا ابيك تلوم حتّى نفسك...ذيك الأيام راحت...وحنّا عيال اليوم...

اركن سيّارته جانبًا..اخذ يسحب اطنانًا من الهواء العميق
: ابيك تعلمني بكل شي...ابيك تفهمني كيف صارت القضية وكيف تلفقت لها....ابيك تقول لي كل شي وكأني ما اعرف شي من الأساس.

ليث مسح على رأسه..لا يريد من عجلة الزمان أن تعود به للوراء..للماضي الذي سحق منه الكثير ليبقى حطامه هكذا ...لا ينجو من عتبات الرحيل...وسباقات الأمل في التخلّي..متعب وجدًا
تهجد صوته: ليش تحب تأذي نفسك؟
يرتفع صوت فهد وهو يزأر: أبي افههههههم كيف رحيل صارت كذا؟
ليث نظر للغرفة: الزمن جار عليها...القضية مو سهلة....انسجنت بعمر صغير وش ترتجي من أحوالها؟...هي الحين بخير..!
فهد يخرج من السيارة يقف أمام البحر يتوه في هفوات ضيقه على أخته وخوفه عليها ...وانشطار ذهنه بينها وبين وصايف التي خانت كل خلايا عقله
: ما هيب بخير...تحتاج لطبيب نفسي...
ليث: محتاجته بس رافضة تروح..وانا ما اقدر اجبرها..وحاليًا هي حامل...بعد الولادة...
قاطعه وهو يصرخ وكأنه مكبوت يريد الإنفجار على أي كلمة يردفها ليث: اصلًا كيف قبلت أنها تحمل؟!

سكت ليث...فهد حقًا بدأ يتجرّأ عليه بسبب فقدانه لعقله..هو لو يعلم رغبت الحمل من رحيل ذاتها لجن أكثر..تنفس بصوت مسموع: فهد...هدي...الصراخ والعتاب...واللوم ما يفيد...لفات الفوت ما ينفع الصوت...وقلت لك...رحيل الحين ...هي في أفضل حالاتها...وبإذن الله بكّون بخير...
فهد مسح على لحيته بلل شفتيه: تكسرني نظرتها...حزنها..ضعفها...هروبها من بيتنا...وهروبها من عتاب ابوي..أو اي احد يحاول يعاتبها حتى بنظرته...تكسرني...
ليث: ولا تحاول تكسرها...خفف عنها..لا زيدها بحزنك ...رحيل تكره الشفقة...تكره نظرة الانكسار اللي بعيونكم...عطوها الطاقة اللي تبيها...ولا تعاكسون طريق ابتسامتها وحتّى لو كانت مجاملة!
سكت فهد نظر للسماء..يجاري مشاعر جمّا بداخله انصبّت لتُثقل عاتقه..تنهد بضيق: حسبي الله عليهم دمروها...
ليث سكت حك جبينه اغمض عينيه ليسمع: مع السلامة
اغلق الخط...ليبقى الآخر في حزنه
والآخر يُجاري مشاعره الهائجة ما بين الغضب اتجاه وصايف وما بين الخوف على رحيل وما بين محاولة كبح الغضب والقسوة حتّى على نفسه، يخشى على رحيل وكثيرًا يخاف..يختلجه الخوف..ويضيق به التنفّس حينما يفكّر بوصايف..يحاول ألّا يقسو على تلك الأخرى ..لكي لا تضيع..ويحاول أن يزن مشاعره تجاه كل الرّغبات..وفي اتجاه رغبته التي أماتها لناحية مزون والحياة...هو تخلّى عن مشاعره..ولكن الحياة تُهديه مشاعر قلق أخرى على أُختيه وأخيه...مشاعر متخبطة ما بين هذا وذاك...يحاول التنفّس..استنشق عبير الهواء ليُهدّأ من جموح خيول غضبه...ينظر للبحر..يطلبه من أن يسحب منه هذه الطاقة السلبية..يرجو صوته بأن يرتفع مع ارتطام الأمواج..لعلّى روحه تهدأ...تعود لمكانها الصحيح...ويهدّأ عقله عن هذا التفكير..أخذ يتمشى..ببطء شديد...فالمشي يساعد على تخفيف التوتر وإزاحة القلق...سيعطي نفسه مجالًا لتفريغ طاقته السلبية بالإبتعاد عن كل مسببات القلق له!
.
.
هي روحي..مبسمي وابتسامتي ومدمعي ودمعتي..هي شيء غير قابل للنقاش..شيء يُشبه المغناطيس في جلب الروح للإلتصاق بروحها رُحبًا..هي شيء لا يسع قلبي المُراهق في وضع وصف دقيق له ولكن هي الحياة التي لم أراها بعد..هي شيء يُذكر ويسرّع من نبضات القلب..أجل أنا احبها..الجميع يندفع وراء هذا الحُب بوصفه عبثًا بالـ"المراهقة" ولكن اشعر بذلك أنا..هذا الحُب ناضج..ولكن مراهقة جسدنا وعقلنا ..تُفسده لا انكر..تفسده حتّى بهما يجعلانا نتصرّف بجنون وبِلا منطقية ...كخوفي الذي جعلني اصارع أول نوبات التشنّج...النوبة التي سرقتني من الحُلم إلى الألم ثم إلى الأمل من النجاة من هذا الذّنب!..صدرت هذهِ النوبة النّاجمة عن الضغط الشديد من قلبي..وكأنها ختام أبدي على هذا الحُب..أجل خشيت من وجودهم جميعًا..خشيت عليها في الواقع...أنا اخشى غضبنا نحن الذكور...وبشكل خاص ذكور"السّامي"...نتحوّل إلى قُساة...خشيت عليها من فهد...وحتّى من وصول الخبر إلى ريّان ولكن لم يصل..سقطت من على تّل حُبنا ..لأنعي ما تبقى منّا...وصُعِقت بالحادثة...بالتوبيخ الذي أتى على صورة مأساوية للعيون...صارم كُسر..بل اشعرني بحماقتي...وبإستهتاري...أدركت كل شيء بعد استيقاظي...أدركت في بعض الحين الرّغبات التي تحّث الجوارح للعيش وتذوق الحياة على منحنيات التهوّر تصبح مميته في بعض الأوقات...تصدر ضجيج...مؤذي وحاسم للتخلّي..ولكن أنا لم أتخلّى...لم أرغب في التخلّي أصلًا...

اذكر بكائي..اجهاشي مفجوع بعد استيقاظي في المستشفى
انظر له: موّتووووووووها؟....يااااااااا كلااااااااااب موّتوهاااااااا...
أبكي ...لم تجف دموعي آنذاك...اذكر نظرات صارم كانت صارمة تخترق مسامعي...يقترب وبه رغبة شديدة في صفعي لا أنسى ذلك اليوم...كمكم فمي ..
: اششششششششششششش....انكتم...وصايف بخير...
أشهق من جديد وكأنني طفل ...يصارع مخاوف أكبر منه ..تجول في داخله بشكل هذياني مخيف: ما صااار بينا شي...
دموعه مسترسله بالنزول: ما صاااااااار شي...قول..لفهد لا يذبحها...قوووووول....له........
يجلس على طرف السرير يحدّق بي كالمجنون: لك وجهه تكلم؟...لك وجه يا نوافوه الملتعن؟
نواف يلوذ بنفسه ..وجهه محمر..علامات ضيق التنفّس تظهر عليه..أذنيه تحترقان بالحُمره...دموعه لم تتوقف إلى الآن يبكي
.
.
يبكي قلبي..شوقي..ألمي..ووجعي..كل شيء يُبكي وصايف في ذلك اليوم ..كل شيء يظهر ليلوّن المعنى الحقيقي للحُب...الطائش على حد قولهم..الحُب المجرّد من الحذر والإنتباه...الحُب العصّي ...والحُب المتهور...بكيتها ...وبكيت نفسي وتهوّري وجنون أفعالي..وكأنني أدركت إنني احرقتها ...وقُربي لها حقًّا احتراق على مرأى الأعين أمام الجميع.
.
.
حاول النهوض ولكن تقدم لهُ صارم ..الذي تيقّن بجنون أخيه...خشي عليه ..بسبب استرساله في الحديث..وبكاؤه...واحمرار وجه
دخل عليهما محمد آنذاك نظر إلى رغبة نواف في النهوض ومحاولات صارم في ابقاؤه على السرير
: نواف ..اهجد...
نواف يبكي: تركوني....ذبحتوها يا الحمييييييير...أنا عارف...
محمد ينظر لصارم الذي صرخ: والله... اقسم بالله لو ما هجدت لا أكمل عليك الناقص...بروحي انا ما نيب طايقك ولا بطايق..هبالك...قلت لك وصايف بخيييييير...
تقدم محمد وضع يده على صدر نواف تحدث بهدوء: وصايف بخير...ما فيها إلّا العافية...لازمتك راحة نواف...أهجد لا تتحرّك كثير.
ينظر لهما يتبادل النظرات: لا طلعوني كذا....لا طلعوني...لا تاخذوني مسخرة لكم...ولا تخاذون مشاعري...
قاطعه صارم وهو يصرخ: انكتم...انكتم وبسّك قرف اقرفتنا..حسبي الله عليك....وحسب الله عليها...وانا اقول هاجد كل هالفترة ليش...اثاريك ...يا الكلب...تخون ثقتنا فيك في مين...في بنت عمك...
صرخ نواف لتسقط دموعه: والله..ما بينا شيييييييييييييييي....كل اللي بينا مشاعر...مشاعر ....مشااااااااااااااااااااعر ...مابينا شي زود عن الحب...
صارم يصرخ: بزراااااان ما عليكم شرهة....وزين لحقنا على فضايحكم من بدري...قال إيش قال حُب...نعنبوا شرّك الللي يحب يخون ربه؟...الله ياخذك أنت وحبك فوقك...والله لو يدري ابوي والله لا يعلّق رقبتك على باب البيت...وهي بيسلخها عمي مثل الذبيحة..

محمد تدخل سريعًا: صارم...اطلع برا....اطلع....اتركه يهدا..لا زيد النار حطب...
نواف مسح أنفه: احبها..قول للحمار ما بينا شي...لا يذبحها....لكبرت باخذها...والله ماحد ياخذها غيري...والله لو تزوجت غيري انتحر!
أتى صارم بالقرب منه لم يتحمل ضجيج أخيه في الواقع كمكم فمه: انكتم...انكتم..
نهض محمد ليسحب صارم: صاااااااااارم اذكر الله....هو بالقوة صحى ...هدي...اتركه عنك...
صارم اشار له: اعقل....اعقل يا نوافوه لا والله اذبحك أنا...اهجد وعن الخبال والسربتان اللي مال أمه داعي...
ثم خرج من الغرفة..ونظر إليه محمد.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 02:18 PM   المشاركة رقم: 93
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.
.
ونظر لنفسه الآن..كان يوم صعب..مليء بالمشاعر..مليء بالصدق فيها ...خشي من انه حقًّا يخسر وصايف..ولكن ..صارم بعد مضي شهر من تلك الأحداث..هدده بأن يتوقف عن هذا الجنون...وأوعده بأن يتدخل مستقبلًا في امر زواجهما...لم يهدأ لنواف بال..جعل اخيه يقسم على تنفيذ ذلك حتى بصارم قطع وعدًا له ولكن بشرط بأن يصدق معه ..ويتوقف عن جنونه ويصبح"رجال" ويتوقف عن محادثتها سرًّا لأنه ما يفعلانه يغضب الله...تنازل نواف لذلك من أجل أن يحظى بها في المستقبل..شعر بالإرتياح..ولكن لا ينكر ...تأتيه لحظات جنونية تهزه ...وتشجعه على الإقدام في محادثتها سرًّا ولكن يردع نفسه من أجل الوعد...ومن أجل الوفاء به..خرج من الغرفة...

نزل من على عتبات الدرج...نظرت إليه والدته: نواف يمه لا تروح الملحق...بنات عمك هناك..
التفت عليها: بطلع أنا...أشوي وبرجع...
ام صارم بهدوء: وين بتروح...
نواف : بطلع بلعب كره مع ربعي...
ام صارم هزت رأسها: وانتبه على نفسك..
هز رأسه ثم خرج
.
.

ترحب بهم...ربما للمرة الألف..ولكن حقًّا لا تريد أن يطيلا الأمر
ضحكت أمل: هههههههههههههههههههه دانة واضح الهروب...
اصايل تتوعدها: والله ما اخليك يا الزفتة...
دانة وهي تسحب يدها منها: بالله بشويش علي..كسرتوني...ترا وراي دوام بالله لا طولون...
أمل تقترب منها: انا اقول انسدحي..خليني أحط الماسك..عدل وبلا حنّة!
دانة تنظر لها: أمل عاد لا صيرين مثلهم..
هيلة تضربها على كتفها: حنّانة ياربي..لو بس تسكتين كان خلصنا...
تستسلم دانة
ثم تتحدث أمل: دندون...ما بتنقشين حنّاء...
دانة : ما أحبه...غير شغلي ...يعني يلزمني ما أحط شي يلفت النظر..
أصايل وهي تضع الماسك على يدها: بالله يعني ناوية تداومين شهر العسل؟
هيلة : ياربي لك الحمد مجانين لو سويتوها...
أمل تضع على خدها الماسك: ما بتاخذين اجازة؟
دانة والتي تعامل أمل وكأنها فتاة من إحدى بنات عمها..لم تتحيّز لأمر كونها زوجة اخرى لليث وعلى رأس رحيل..فرحيل هي الأخرى متقبلة الأمر وإن اجتمعا تتحدثان طبيعيًا ولا يبدو عليهما أي نزاع..فلِم هي تختلقه..الجميع تقبل أمل...ولكن الكبار منهم ما زالوا يعاملونها برسمية لطيفة!
دانة: إلّا عطوني شهر بس...
أمل: يمديك تحطينه وروح ترا ما يطوّل...مع الغسيل وكذا....
هيلة: الحمد لله والشكر بس...حلات العروس بحنّتها في إيدينها ورجولها...تقول ما تحبه ...أحد ما يحب الحنّاء...
دانة تنظر لها: أي انا...
تضحك أمل لتتحرك وتجلس جانبًا: انا ما احب ريحة المشموم....وعاد اول ما جيت...الحوش زارعينه كله مشموم وتأزمت...
اصايل تضحك: هههههههههههههههه اذكرك والله...
هيلة تعمل مساج ليد دانة : ولم حملتي صرتي عنزة...تاكلين فيه أكال...
أمل تضحك: ههههههههههههه والله مستغربة من نفسي..
دانة تضحك بخفة: ههههههه.....طبيعي...وضعك مع النسّاه...
أمل: وكرهت ريحة عطري المفضل متخيلين ...والله هالحمل شقلبة إعدادات على كيف كيفكم...
اصايل: ههههههههههههههههههههه...الله لا يبلانا...
دانة تضحك: ههههههههههه الله يبليك ...الله يبليك...
هيلة تضحك هنا...لتتحدث أمل: والله يا اصايلوه لو عندي اخو ثاني خذتك...
هيلة تنهض وتتخصر: وأنا؟
ماتت دانة ضحك هنا: هههههههههههههه خذ لك...
امل: لا انتي بخاف على اخوي منك...من هبالك اللي ما يخلص...
هيلة تمط شفتيها: حقيييييييرة....
دانة تغمز لها: هااا تبين نواف ولا صارم؟
هيلة تجلس مكانها: ليش اخذ نواف أربيه؟...ولا اخذ صارم وأناديه يبه.!

دانة تضحك بقوة وتنهاها أمل: لا ضحكين تطلع لك تجاعيد الماسك شد على وجهك...
اصايل تنظر لهيلة: تبالغ تبالغ هالبنت...
دانة : خلوها تعبر عن مشاعرها المجنونة...
هيلة تنظر لهن كالبلهاء: ترا امزح...
أمل تنظر لدانة: كلنا ندري إلا انتي ما تدرين انك تمزحين...
اصايل تنخرط في موجة ضحك...
دانة: هههههههههههه بتموتوني ضحك انتوا اليوم....
هيلة : انطموا بس...لقيتوا شي تتريقون عليه...
اصايل ابتعدت: خليه يجف وبعدين غسليه...
دانة بجدية: كم الساعة...ترا وراي دوام..
أمل تنظر لساعة يدها: تو الناس...لا تخافين ...احسب الوقت ترا مو غافلة عنه..
هيلة : الخاينة تثق في أمل ولا تثق فينا..
دانة: بعد ذاك اليوم والله ما اثق....وهقتوني ورحت متأخر..
أمل تضحك: ههههههههههه خلاص ثقي فيني والله تو بدري..
دانة اغمضت عينيها تشعر بالراحة والطمأنينة تشعر روحها تتجدد..كل شيء تغير وتحسن للأفضل تحمد الله على ذلك، سمعت رنين هاتفها...لتقول
: عطوني...جوالي...
أمل نهضت لتسحبه...لتنطق هيلة بخبث: اكيد حمييييد؟!
دانة رمقتها بنظرات: حميد في عينك!
اصايل تضحك هنا: ههههههههههههههه وصرنا ما نرضى؟
أمل تناولها: موضي تتصل عليك...
دانة استعدلت في جلستها لتسحب الهاتف وتجيب: هلا موضي....هلا عمري..وينك فيه ما تنشافين يا الخاينة...افا بس افا...نقلتوا للجنوب وما عاد صرنا نشوفك...
موضي تحدّق في ابنتها الصغيرة: هههههههههه بشويش علي....ِشسوي...زوجي جاه نقل...ورجعنا هناك..ولدت بعد هناك....واحس ضايقة فيني ابي ابوي ابيكم كلكم...
دانة تستشعر نبرة الحزن فيها: يؤ عاد لا تصيرين دراما...اكيد اهل زوجك والنعم فيهم ...معوضينك...
موضي تطبطب على ابنتها لتنام: والله ما انكر...عسل ...يشهد الله انهم معامليني مثل بنتهم...بس تدرين هواي شرقاوي...ورغم الشهور ما تعودت على الجنوب...غير بُعد الأهل...
دانة تخفف عنها: اللي يسمعك يقول ما تنزلين ويكند...
موضي بجدية: ما تكفيني هاليومين...
دانة تغير مجرى الحديث: رجعتي للشغل؟
موضي تنظر لابنتها: أي...وبنتي انزلها لخالتي...
دانة : عمري العنانس..صوري لي اياها كل يوم...خليني اراقبها وهي تكبر..
تضحك موضي: ههههههههههه...والله يا دندون انا مستغربة كيف طلعت تشبهك...
اصايل نهضت وهي تزيح الأكياس والأوساخ وهيلة تساعدها بينما أمل جلست تعبث في هاتفها
لتردف دانة: ههههههههههههه شكلها متحركة في وجهي!؟
تقصد وهي في بطن والدتها تحركت أمامها..
موضي: ههههههههههه....هالشعوذة ما أؤمن فيها...بس سبحان الله..والله إنها تشبهك لم كنتي صغيرة اذكر مرة ورتيني صورتك...
دانة : اي اذكر...
وبجدية: يمديك تجين زواجي؟
موضي تبتسم: إن شاء الله....اكيد بجي..ما اقدر فيك...
دانة تبتسم: يا بعد قلبي انتي...بوسي لي الصغنونة....
موضي: يوصل...
وبهدوء: ما بطول عليك عارفة مشغولة..
دانة: تمام...مع السلامة..
موضي: مع السلامة.
اغلقت ثم عادت تسلقي على ظهرها وهي تتنفس براحة عظيمة!

.
..
.
..
الحياة
تنفس
تألم
تأقلم
توجع
ومزيج من المشاعر وتنقاضاتها وطبيعتها...الحياة طبيعية بكل هذهِ الأمور ..طبيعية وجدًا..ولكن ليس من الطبيعي أن تكون على نظام واحد من الحزن أو السعادة المفرطة..يؤمن بذلك من داخله ..ينبع الرضا والقبول بكل شيء..لم يكن سهلًا ولكن لم يكن من المستحيلات..شعر بالوجع..شعر أنه يحدث شرخًا كبيرًا ويخيطه في الآن نفسه ولكن عليه بالمواجهة...فقبل..وتأقلم وتكيّف وتقبل..قبَل الأمر من أجل أن يصارح نفسه..رحيل لأخيه..رحيل زوجة أخيه وابنت عمّه..رحيل مجرّد مشاعر مراهقية عدّى مرحلتها وكبر على هذه المشاعر ولم تعد تناسبه بل اصبحت ضيّقة عليه..اصبحت شيء لا يناسب لا روحه ولا حتّى جسده!
لم يرفض مزون...ولم ينوي الزوّاج بها من أجل نسيان رحيل..لا بل من أجل أن يعيش طبيعيًا..من أجل أن يستعيد نفسه كونه"فيصل" للعيش بسلام وبشكل طبيعي..بعيد عن تُرهات وجنون قلبه..يريد أن يعيش الحُب ويمارسه بطريقة تقليدية هادئة...بعيدة عن الضجيج....بعيده عن المجاملات والتكلّف..قبل بها..مزون سرقت من اهتمامه الشيء الكثير لا ينكر ذلك..بينما رغبته في تمهيد حياة جميلة لهما سببًا في نجاح علاقته الإبتدائية في أولى الأمر..جميلة مزون...روحها جميلة وجدًا...شكلها جذّاب..كلامها له نغمة تميّزها عن جميع الفتيات ..سرقت اهتمامه..أخذت جزء من مشاعره...ليس حُب..ولكن عاطفة تنمو بجذور صغيرة وتكبر ليتوّجا هذا الزواج بمشاعر أخرى..يحب عفويتها خجلها..ترددها في بعض الحين...لا ينسى أولى لقاءاتهما..خجلها من يدها..وخجلها منه..لم تكن مزون سهلة ابدًا...اعطاها الفرصة الكاملة للتأقلم معه..ولكن بعد أسابيع طويلة..أخذ يشد من أزرها يشجعها يكرر عليها بأنّ يدها بخير..لا يراها معلولة أو شيء من هذا القبيل..اصبحت نفسيتها افضل بكثير بوقوفه معها..تداوم على العلاج الطبيعي اكثر..لأنه يجبرها على الذهاب..خجلها منه اخذ يقل ..يحاول أن يفرض نفسه عليها ولكن بطريقة كلاسيكية وغير مباشرة...يشعر بدأت هي الأخرى تتقبله..بدأ قلبها ينبض حُبًا له او ربما مشاعر طفيفة من هذا الحُب وبدأت تعتاد على وجوده..وهذا الأمر يُريحة..يجعله يُكمل ما ينويه..يكمل رغبته في تمهيد حياة رائعة لهما...يعيد الاتصال..رغم انه لم يأخذ سوى ثلاث ساعات على مهاتفتها ولكن يتصل..
تطيل الأمر..لا تجيبه سريعًا..ربما الآن هي واقفة تنظر للهاتف..تقضم طرف اظافر يدها ..تجيب أم تتوقف..تخجل أم تهرب؟
يشعر أنه يراها حقًّا...كموقفها الثالث..حينما أتى الى منزلهما...اطالت بالمجيء في المجلس..وبقي هو وابيها يتجاذبان اطراف الحديث.."راشد" الرجل المثقف..والأب المُحب..والصديق لابنته...يحب الجلوس معه ..يطمئن قلبه بحديثه..يذكر حينها نهض يتعذر
: طوّلت مزون بقوم اشوفها..
نهض فتح باب المجلس...ليرعبها صوت الباب..كانت واقفة..تقدم خطوة وترجعها للوراء تقضم اظافرها..سقطت انظارها عليه لتختفي ويكتم ضحكته...سمع صوت راشد"علامك تأخرتي دخلي " لم يترك لها راشد مجالًا للهروب...دخلت وبقي الباب مفتوحًا..كما هو المعتاد...وهذا التنبيه من راشد وشديد على الأمر ..باب المجلس لا يغلق ابدًا...فيصل يبقى هنا لمدة ساعة فقط..يخاف على ابنته..من حقه...أجل..ومزون متقبله الأمر..راشد ليس انانيًا يقدم النصائح للاثنان..يدعو لهما بالتوفيق..يشعر بحنيّته وفرحته لهما..ويشعر بثقته به..وهذا الأمر مريح...زاده ثقة من خطوته في قبول الحياة بعيدًا عن مشاعره الماضية
اتاه صوتها: هلا فيصل...
فيصل ينظر للقلم يراوغها: فيصل!...ما فيه فصولي...فصفص...تراني اتقبل الألقاب..بس منك أنتي!
.
.
خرجت من الخلاء..سمعت رنين هاتفها..اليوم تود في الذهاب إلى وصايف..تريد أن تقضيا وقتًا ممتعًا وبعيدًا عن الأنظار..وصايف اخبرتها بكل شيء...تشعر بحزنها بوجعها وألمها..تحاول التخفيف عنها...تطمئنها"شوفي فهد قدّر الوضع ما كبّره"..."ليش الحين حزينة هو وعدك تصيرون لبعض"..تجيبها"استحي منه"...تخبرها"احلى شي انك حاسة بغلطك"..ولكن تشعر بأن حبها هو من يخرسها..ورغباتها هي من تخرسها ليس شعورها بالندم فقط...وصايف تغيّرت..اُستبدلت لحال آخر ..اصبحت هادئة منغلقة على نفسها...لا تشتهي التجمّعات..لا تستطيع محادثتها بالذهاب معهم في"النخل"...فهم اصبحوا من افراد العائلة...والجد يؤكد على مجيئها في اليوم المخصص هناك..يتجتمعون جميعهم..لا تستطيع وقتها الحديث بكل راحة مع وصايف..ولكن اصبحت تذهب ما بين الفينة والأخرى لبيت عمتها من أجل التخفيف عنها ومن أجل ان تكف عن الوساوس...حدثتها قبل قليل
: بجيك اليوم..
وصايف تردف: تمام بس بروح بيت جدي نزور رحيل...ساعة وبنجي..
مزون بهدوء: بجيك بعد ثلاث ساعات..
وصايف : اوك...
مضت الثلاث ساعات...تحممت مزون من أجل الذهاب...لها
ولكن استوقفها صوت الهاتف
سمعت صوته وجملته ضحكت بخفة: هههههههه تحب تخجّلني فيصلوه...
يموت ضحكًا حينما نطقت"فيصلوه" من أجل استفزازه
: شوفي الله حق أحبك وانتي مستحية...كذا شكلك يصير على قولتكم كيوت...
مزون تحاول أن تدخل معه في الحديث: بطّل هبالة البنات...
فيصل : ههههههههه تامرين أمر...
مزون: متصل تبي شي؟
فيصل ليخجلها: أبيك أنتي...مابي شي ثاني..
تسكت لا يسمع سوى صوت انفاسها الغير منتظمة
يضحك: هههههههههههه...للاسف فاتني منظرك الحين...
مزون وكأنها بدأت تغضب: متصل علي تطقطق؟
فيصل ينظر للأوراق: لا بس اشتقت لك...بالله ما يمدي اجيك الليلة؟
مزون تحك جبينها: لا...بكرا اصلا بنجي مزرعة جدكم...
فيصل بتنهد: اللي يسمعك يقول تجلسين معي هناك..
مزون تضحك بخفة: ههههههههه بس بشوفني حتى لو من بعيد...
فيصل: ابي اشوفك عن قرب...عن قرب..
مزون تعود للصمت ثم تنطق: لا الليلة لا ...لا تحاول...فيصل....بروح بيت عمتي...ابي اجلس مع وصايف...وبرجع البيت...بجلس مع ابوي...
يكمل : وبجلسين مع لِيلِي..ومع الجيران...والقبيلة كلهم وفيصل في قريحححح...
تضحك بخفة: هههههههه....خلاص انت يومك بس السبت في الاسبوع...لا تصير طمّاع...
فيصل تحتد نبرته مزحًا: لا تحدّيني اقدم الزواج...
مزون بذعر: لا ويييييين؟....لا عاد فيصل...لا تزن على راس ابوي...والله مو مستعدة انا...
فيصل يضحك: ههههههههههههههههه.....والله بعيد الموعد...
مزون بجدية: احسن...
فيصل: هههههههههههههههههههه تدرين انك نذلة...
مزون تستهبل: لا ما دري..
فيصل يكمل: أَمّا الفُؤادُ فَلَيسَ يَنسى ذِكرَكُم ما دامَ يَهتِفُ في الأَراكِ هَديلُ
مزون تبتسم: قريت الديوان؟
فيصل يتكأ على كوعه الأيمن بعد أن اسنده على الطاولة: يا شيخة من عطتيني ايّاه انا ختمته....
ثم بتساءل: مستغرب منك...كيف ما دخلتي أدبي...دامك تحبين الأدب؟
مزون: احبه بس ما أحب ادرسه...يعني عقلي عقل حسابات اكثر...بس الشعر لأوقات الفراغ...
يبتسم: ذوّيقة بنت راشد...ذوّيقة...
مزون تذكرت الأمر: خلاص ترا برتب أولويات التسجيل مثل ما قلت لك...أول رغبة طب!
فيصل: هههههههههه والله راضي شفيك تعيدين وزيدين..
مزون بحذر: ما ادري بعد فجأة تقلب...
فيصل بتهور: والله ودي انا الحين اقلب واجي بيتكم...أخ بس من بعد المسافات...
مزون تضحك: هههههههههه اشوا انك في الدوام...
كاد يتكلم ولكن انفتح الباب على حين فجأة رآهم يدخلون سريعًا
تدارك الأمر: اكلمك بعدين..
مزون سمعت الفوضى وابتسمت: طيب.
اغلق الهاتف ونهض نظر لهم بعد أن دخلوا جميعهم واغلقوا الباب
: خير خير يا بوي...داخلين سوق حراج؟
عبد الله ينظر لهم: والله قلت لكم أنه ما هوب كفو..ِشوفوا شقول..
طلال يشير له: تبيني ألطع هالكيكة على وجهك ...
نمر يضع الورد على الطاولة بلا نفس: خذ...أكله يا العنز...
زيد: مشينا يا الربع...
عادل يضحك: هههههههههههههه صدمتوا الرجال شوفوا وجهه...
فيصل ضحك بخفة: هههههههههههههه.. انفصام ...انفصام...الحمد لله والشكر...هبيتوا فيني...خلوني استوعب..كأنكم سرب طيور داخل على وليمة فتات خبز..
عبد لله يضحك بخفة: ما ضحك..
تميم: ترحيبك خايس مثل وجهك...قلنا نعطيك المقسوم...
نمر تقدم: ههههههههههههههههههه ونمشي....
فيصل: لا تمصخروني قدام خلق الله....اعقلوا تراكم في دوامي....لا يسحبون مني الترقية...
نمر: حنا جايين عشان هالترقية...نبارك لك ونحتفل...
عادل جلس على طرف الطاولة: مبروك...ومنها للأعلى يا الخوي....
عبد لله بجدية: بالله ما يمدي تستأذن ونطلع...
فيصل جلس على الكرسي: وين عاد انا هالأيام ذي كله استأذن واطلع...
عادل يحك انفه: عشانك توّك بالبداية...
وغمز له
زيد: هههههههههههههههههه والله من خطب و أوضاعه مو مضبوطة الولد...
عبد لله: انا اشوفه عقل وصار رزين...
فيصل ضحك: ههههههههههههههه طقطقوا يا الملاعين طقطقوا..
ثم نظر لعادل: بعدين انا مو مثلك يا الكلب...
عادل يضحك: هههههههههههههههههههه حاصلك تصير مثلي...تراي مدلّع زوجتي...
نمر يضحك: ههههههههههههه مسكينه والله ساكتة ومتحمله...
زيد: افا افا وش مسوي يا عويدل...
عادل : ههههههههههههه صدّق هالمجانين....
فيصل ينظر لهم وبهدوء: نحتفل بالإستراحة في الليل ...ما اقدر استأذن...
عبد الله بجدية: متى خلاص تداوم في الظهران؟
فيصل بهدوء: اسبوع الجاي...
تميم يضرب كتفه: شعليك صرت فوق...
طلال يغمز له: قطيّة الإستراحة بتضاعف على تضاعف راتبك...
فيصل ينظر له: انتهازيين والله...ما فيكم خير..
تميم: ما عليك منهم....بهالمنسابة قطيّة هالشهر ما نبيها منك...
فيصل بجدية: ليت ماهر حي!
سكتوا جميعهم واخذوا يتبادلون الأنظار ويتمتمون"الله يرحمه"
وبتدخل سريع من طلال: الله يرحمه...
ثم قال: خلونا نمشي شباب لا يطردونه...
عبد لله نهض: ننتظرك في الإستراحة....
تميم : بتفوتك أحلى طلعة وربك!
فيصل نظر لهم: هههههههههههه والله انا قايل...جمعتكم مع بعض وجيّتكم لي مو لسواد عيوني..اثاريكم وراكم طلعة...
عبد لله يهز اكتافه: بحريّة هالمرة...يابوي..بفوتك الشوي...
فيصل بقهر: جعله سم...
عادل يضحك: هههههههههههههه نعوضك اياها....
فيصل: بكرا؟
زيد: خبري بكرا جمتعكم في مزرعة جدك...
فيصل يضرب على جبينه: نسيت...راحت علي...
عبد لله: خلاص نسوي طلعه خاصة لك لتوديع العزوبية...
فيصل: الله..بنتظر لذاك الوقت....تراني مطوّل...وربي تعوضوني بدالها ...يا الحمير...
نمر: خلاص اسبوع الجاي...اسحب على جمعة اهلك وتعال معنا...
عادل بهدوء: انسب شي...
فيصل: اتفقنا..
عبد لله: يلا ما نبي نسوي زحمة...وتنطرد...فمان الله...
ثم خرجوا ونظر لهم وهو مبتسم...عاد بصحبته معهم...عاد كل شيء كما كان ولكن بنقصان...مكان ماهر اصبح خاليًا..هذا المكان مؤذي...يوجعه...يتغلغل ما بين خلايا ذاكرته...حينما يجتمعون يتذكر ضحكته....ابتسامته...سخريته المازحة...ولكنه رحل...وليته رحل على شكل آخر..وهما متخاصمين...وهما مبتعدين..شعر بغصته على هذا الفقد..
تمتم: الله يرحمك برحمته الواسعة.
.
.
الشر حينما يسود ويدفع الخير للظلام يصبح الكون كله في ضجيج غير مألوف يصبح كل شيء على غير عادته، الحياة تنقلب رمادية بلا ألوان وبِلا معنى، وهو ما زال يحتفظ بهذا الشر..يريد شيء آخر يستبدل بهِ هذهِ الحياة التي سقطت على أراضي قاحلة لا تُغني ولا تُسمن من جوع..كل شيء انهار في لحظة ولكن تكوين هذهِ الأسطورة أخذت سنوات..هل سيعود للصفر؟ ما تبقى من شركاؤه الذين لم يموتوا في قصر اللورد فضّوا الشراكة..قاطعوه سحبوا أياديهم ..فالإعلام اخذ يخوّفهم و يدب في نفسوهم الرعب..وما زال الإعلام يتساءل عن الفاعل...عن الحقيقة...عن أمور خفية خرجت لتشكك النّاس في مصداقية عمل اللورد والذي في الواقع يشكك في مصداقيّته هو؟ هرب كالعادة ذهب إلى السويد يريد أن يعيد الأشياء على مهل..مات ابا سلمان اليد اليُمنى لصاحبه المقرّب اللورد...ماتوا شركاء كبار لهم نفَس طويل في تكوين هذه المجموعة خسر لا ينكر..ولكن ما زال يبحث عن بصيص أمل في إعادة ما تبقى...اوراق ليث ..اوراق اختبار نسبة الذكاء لديه ما زالت في متناوله...اللورد كان يحدّثه عن هذا الشاب وبشكل جنوني...اخبره
(مترجم): هذا الرجل سيصبح ذراعي بعد ابا سلمان..فنحن بحاجة لرجل عربي من هذا النوع!
يرتشف من القهوة(مترجم): اعلم ابا سلمان سيخونني ذات يوم...ولا ارغب في انتظار مهاجمته لي...لذا سأروّض الوحش للدخول في القفص!
ولكن لم يستطع ترويض ليث ابدًا ربما ابا سلمان حقًّا خان اللورد ولكن كيف خانه وهو الآخر مات...متيقّن بموته...الهجوم حدث في مكانين مختلفين...ستيفن لم يكن في الفيلا...كان في بلد آخر وقُتل..المجرم مُسك..ولكن يبدو له انّ الأمر ليس على هذا المنحنى...لذا يريد اعادة تأسيس اسطورته عن طريق"رهيل".
يذكر قول اللورد(مترجم): ندعها تذوق من الوجع الشيء الكثير...ليضعف ليث..وهي تقوى...لربما نحتاجها في زمن آخر!
اللورد يغمز له(مترجم): نسبة ذكاؤها هي الأخرى مذهلة!
لا يدري كيف أجرى الاختبار لها ..ولكن اللورد لم يكن سهلًا أبدًا حتى انه في بعض الحين كان يخشاه...تذكر ابنه
ستيفن حينما أتى لقصره في لندن
رمى الورقة عليه(مترجم): رهيل..تكون نقطة ضعف ليث...وربما ورقة رابحة لنا ..فنحن بحاجة لعنصر عربي ما بيننا ليمكّننا في المستقبل في التصدير والإستيراد في دولهم!
هو الآخر يؤكد إنها ورقة مربحة لهم ماذا رأوا فيها ؟
جعلوها تتجرع المآسي لتصبح وحشًا..لتصبح شيئًا يستفز كل شيء ويحطمه...رأى مقاطع كثيرة لها وهي تهاجم السجينات..اللورد استطاع إيصال مقاطع له...وهي داخل السجن..لا ينسى مقطع الفيديو وهي تلاكم تلك المطربة الشهيرة "ماري" لم ينسى..
.
.
كانت تدور حول نفسها تمنع رحيل نفسها من الإلتفات على ماري ..تحاول تخبأت أذنيها بكفّيها لا تريد سماع التّوبيخ ...لا تريد الصراع ولا تريد الإلتفات لوجعها لا تريد شيء سوى الإختلاء بالنّفس لا تريد حتى الخروج للطعام قلبها موجوع تشعر روحها تلتصق في جسدها بشكل عجيب ومخيف
تصرخ ماري بالعربية: يلا...
تلتفتت عليها ..شعرها الطويل المبهذل مسدول على ظهرها...ملابسها ممزقة نوعًا ما...بالأمس خرجت من حرب عصيّة من قِبل سجينة ...ولم تستطع تبديل ملابسها كعقوبة..لأنها تثير المشاكل على الدوام...وجهها منفوخ من شدّت الضرب..دموعها لا تتوقف...تبحلق في ماري...تستفزها ماري
(مترجم): لِم لم تدافعي عن نفسكككككككككككك؟
مهزومة وكيف تدافع؟..تشعر بالخيبة متعبة..واذا دافعت؟ ماذا سيحصل؟ لذا استسلمت لضربهن بالأمس..وبكت ...مضت خمس سنوات...هذه السنة السادسة..مضت بثقل وبطء شديد تشتاق لأهلها..تتوق روحها لهم..تشعر بالثقل ببعدهم عنها تريدهم حقًّا لِم لا أحد يفهم هذا الأمر؟ وحشها بالأمس تخاذل وتقاعس عن ردود افعالها...نام في كهفه وقيّد يديها ورجليها..استسلمت للتمزيق ووحشية الأفعال..استسلمت لشعورها بالخذلان أمام الحياة
صرخت ماري وهي تستعد للقتال: رهييييييييييييل..
اذنها اليُمنى تؤلمها..بالأمس ضربوها كثيرًا عليها..عينها اليسار مضببة من شدّت انتفاخ حاجبها ونزول الإنتفاخ على جفنها لتصبح ضيّقة...شفتيها مجروحتين من شدّة الضرب تهتزان ...تنّمان عن رغبتها في البكاء
تصرخ ماري(مترجم): ليس هذا وقت البكاء أيتها الطفلة المسكينة...
"هاجت" رحيل...ركضت لها وهي تكتم الآهات لتترجمها بالجوارح...اخذت تضرب ماري وماري تحاول ألا تضربها وتصد ضرباتها ولكن رحيل مشوهة..لم تكن في ذلك اليوم في طور الإنسانية...هجمت هجماتها بشكل همجي وحيواني ألّمت ماري...ضربتها وبكل قوة...هاجمتها بعنف مشاعر قهرها لِم يحدث..شدّت على شعرها ..سقطت خصلات كثيرة من شعر ماري..احدثت جروحات كثيرة على وجهها..تركل وتضرب بذهن غائب.
.
.
كانت وحشية..الأحداث مرّه عليها..لم يكن هذا الفيديو الوحيد الذي اظهر وحشيّتها بل مشاهد كثيرة ربما فوق المائة فيديو يشرح حالها من جديد...السجينات المتعاونات معهن..هم من اختبروا ذكاؤها بطريقة غير مباشرة..يفكر في تكوين مجموعة نسائية هذه المرة..يفكر حتّى في استدراج ماري المطربة الشهيرة والدكتورة السابقة ولكن لا شيء يساعده...رحيل لا تجيب على رسائلهم...وماري حذره للغاية والحراسة عليها مشددة..لا يريد ان يلفت الأنظار ولكن لا يريد ان يستسلم...حقًّا ليث لابد أن يموت...وهو لابد ان يأخذ رحيل..جنون ربما..ولكن هذه الطريقة الوحيدة لتعويض ما تلف...ربما رحيل ستصبح في يدهم بعد ان يريها كل شيء يعرفه عنها...ولكن يؤجل الأمر..الآن سيكرر عليها
برسالته
"ستقتلينه أم نحن نقتله؟"
لا تجيب..بل حتى إنها لا ترى الرسالة في بعض الحين...ضرب بيده على الطاولة نهض
دخل الرجل قال(مترجم): سيدي اليفر...حدّثنا العامل...
اليفر بتعجل(مترجم): غدًا ينهي الأمر من جذوره...وإن لم تخضع لنا...سنعيد اعتبارنا بقتل ليث...لتخاف قليلًا...لتُصمت هاتفها اكثر!
هز رأسه الرجل وخرج...
ليبقى اليفر بحيرته...خسر اسطورته...خسر كل شيء...وسيخسّر جميع من تخلّوا عنه..سيوجع رحيل على عدم خضوعها له...اياديه طويلة ومتمكنة..العامل الذي يشتغل في مزرعة جدّها ..يكون عامل سري معه...وكلّه بأمر قتل ليث...لتبقى محزونة إما تخضع لِم يعقب موت ليث..أو سينهي امرها هي الأخرى...هو لم يخسر لا مليون ولا مليونين..ما خسره اكثر ...خسر مجموعة كانت تمطر عليه اموال طائلة...خسر وجهة الحياة..سمعته ما زالت لامعة...فالذين ماتوا...هم من خسروا سمعتهم...ولكن يقسم...بعد هذه الشهور..سيرسل هدية لكل من تخلّى عنه...لن يجعلهم يعيشون في هناء...تمسكه بليث من تمسك اللورد..اخبره بكل شيء...ووجد ليث حقًّا شيء لا يستهان به..سيكون واجهة مستقبلية ولكن لا يستطيع ان يجلبه لهنا وربما يستطيع ذلك بطريقة أخرى!..عن طريق قتله هو..لأخذ رحيل بدلًا عنه!..سينهي الأمر...سيبكي عيون..ستعود الأسطورة..سيبقى اسمه اليفر إليجاه يلمع بصورة مثالية...لن يقبل هذه الخسارة...ولن يتوقف عن اعماله
رفع سماعة هاتفه
(مترجم): هل البضاعة وصلت؟
اتاه الصوت(مترجم): اجل سيدي..
اغلق الهاتف سريعًا ها هي اسطورته تعود شيئًا فشيئًا ...تجارة أعضاء..تجارة مخدرات...تجارة نساء..لا يهمه بقدر ما يهمه عودة الأسطورة...عودة المياه ...ولكن يحتاج لعمل يخبأ به سواد افعاله...يريد تبيض أفعاله عن طريق أمر آخر...اعتاد عليه البعض..وإلّا سيفضح!
خرج من مكتبه ثم خرج من المنزل باكمله
سيذهب للمتعة...لتخفيف توتره..ولرؤية عشيقته...مضى وقت طويل عليها..يريد ان يراها لتخفف عنه ثقل ما يشعر به..غدًا سيضرب ضربته في مواطن عدّه...غدًا...شركاؤه الجبناء سيبكون...وستبكي رحيل...وسيموت ليث...وستبقى اسطورته لامعة في السماء...لا تنضب..ولا تفنى ولكن تستبدل بطريقة أخرى كالطاقة!..تنهد وكأنه شحن بطاريّة عقله المريض بالطاقة الإجابية الآن يشعر بالرضا..هم اجبروه على اخذ انتقامه بهذه الطريقة التلاعبية...لا احد يستطيع ان يحدد هو القاتل..من يفعلون الأمر ..قتلة مأجروين..سيقتلون في الواقع بعد ذلك...اغبياء..ولكن لا يريد التوسع بهذه الطريقة المربكة...يقتلون ما يريدون ثم يقتلهم هو بنفسه حينما يأتون طوعًا إليه..وينتهي الأمر...بكل بساطة...ركب سيارته...لبس نظارته السوداء ليخفي نواياه الحقيرة والمشعة من عينيه..يبتسم ...أكثر..ينظر للريف..ثم تختفي السيارة من المكان كله!
.
.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 02:20 PM   المشاركة رقم: 94
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.
بعد مضي خمس ساعات..النفس وما تهوى...القلب وما ينبض له...العين وما تريد رؤيته...الشعور وما يتقلب حوله...يبتسم..ينطرب...يمشي على اوتار حبه..أجل اوتار حبه...وحبه للحياة والرضا عن كل شيء...يمشي على عتبات الحاضر المنير بمستقبل رائع..اصلح ما تُلف..ساعد عزيزة بقدر استطاعته...عالجها...لم تخسر فرصة الانجاب بعد..اخجلها بهذه المساعده...حتى بها انسحبت من حياته كليًّا بعد ان شكرته على هذه المساعدة...اعطاها امل جديد ..سحب من قلبها ألم كاد يحطّم عقلها ليدعوها للإنتقام منه...ظهورها كان انتقام..وبدايةً له ولكنها انسحبت..محمد ساعدها...اصلح غلطته بطريقة هي ممنونة له فيها...وها هو..يعيش برضا لكل ما فعله..يشعر روحه تتجدد...حينما اغلق دفاتر الماضي وابتعد عن زواجاته المسيار..تقبل حياته مع دانة...مع الشخص الذي ظن انه لن يتقبل العيش معه لأنه مفروض عليه..ولكن كل شيء تغيّر لماذا؟..لأنه تقبله من الداخل..لأن دانه ليس بها ما يفسد رغباته في اكمال حياته معها..لأنّ الحياة تنازلات ..والتنازلات في بعض الحين تؤدي للرضا وقبول كل شيء بهدوء..ربما لم يختارها بنفسه...ولكن هي اختيار الدنيا له..اختيار غير مقصود منه ولكنه رائع...جميل..محبب إليه الآن..ابعدها عن نظرات رعد بطريقة غير مباشرة وبشكل غير متعمّد منه...انتقلا هما الاثنان بصعوبة الى مستشفى آخر..اصبحا يعملان في مستشفى واحد..ولكن رؤيتهما لبعضهما البعض جدًا ضئيلة بسبب اختلاف الاقسام...ولكن اليوم..ولأنها مبتعده عنه بسبب قرب موعد الزفاف..احب ان يفاجئها يعلم انه سيفجعها في الواقع لن يفاجئها...ولكن ماذا؟
يريد ان يراها..طرق الباب..لينبه عن حضوره ثم دلفه...أتت هنا قبل ساعة...
اغلق الباب حينما دخل واقفله
نهضت مرعوبة : محمد!
فتحت النقاب لتنظر له وليده الحاملة لورد الجوري: شسوي انت هنا؟
محمد يقترب منها يفاجئها بقربه ليطبع قبله على خدها الأيمن: اشتقت لك ...
ابتعدت عنه ولكن جذبها إليه وهو ينظر لعينيها: والله لو ايش تسوين ما نيب طالع ولانيب مبعّد عنك...لي فترة ما شفتك..
تنظر لعينه مباشرة بخجل: زواجنا بعـ..
يقاطعها: حتى ولو...اشتقت لك وجيت...
تعض على شفتيها بتوتر شديد تحاول ان تبتعد ولكن يشدها إليه
تتأفف: بطوّل كذا يعني؟
يضحك ويقبّل جبينها ثم يتركها ليردف: الليلة تطلعين نتعشى مع بعض؟
دانة تبتعد عنه لتجلس على طرف الطاولة: مستحيل...قلت لك زواجنا باقي عليه ايام...ليش مستعجل على شوفتي...
محمد يقترب منها ينحني قليلًا لينظر لعينها: لو بكرا زواجنا ...ابي اشوفك اليوم!
دانة تضحك بخفة: ههههههه تغزلك مضروب ترا...وبعدين اطلع لا جدي يجدد إيمانك لو عرف انك...
محمد يضحك على كلمتها ويمسك يدها: هههههههههههه اتركيك من جدي وخليك معي الحين....انا هربان منهم وبالأخص من صارم اخوك...
تضحك: هههههههههههههههه والله صارم اقولك فعليا منغث منك...اكثر من ذياب...
محمد: هههههههههه ناشب لي ولذياب...نشبة العالمين...بالله زوجوه فكونا منه....
دانة تبتسم بخجل: ياحظ اللي بتكون من نصيبة....بس هو حاليا ما يبي يزوج...
محمد : لا هو ولا فهد ولا ريان...ناوين يدخلون الأربعين ثم يزوجون شكلهم....
تضحك بخفة
ليقول: هااا نطلع؟
دانة ترفع حاجبها الأيسر: ما اكسر كلمة ابوي...
محمد يرواغها: بالله وش يدريه انك طلعتي؟
دانة تنظر لعينه بحده: ما اقدر اخون ثقته فيني!
يضحك : هههههههههههههههههههههههه اللي يسمعك ما كأني زوجك!
دانة تسحب يدها من يده: بلاش تهورات لم قرب الزواج محمد...
محمد يمسك يدها من جديد يقترب منها: بالله ما ودّك اشوي نغامر؟...على انه اللي بنسويه ما يعتبر مغامرة بس يلا اعتبريها دامك مستثقلتها!
تضحك: هههههههههههههه..لا ما ابي اغامر...
محمد بخبث: شكلك ودك نغامر هنا!
انفجعت حقًّا دانة نهضت لتدفعه قليلًا ليضج هو الآخر بالضحك
: هههههههههههههههه امزح وربي امزح...يا الجبانة...
دانة تشير له: خلاص اطلع برا...اشوفك على الكوشة...
يضحك وهو يقترب منها تبتعد بتهديد: محمدددددددد وربي ترا ..
قاطعها وهو يسحب يدها وهو يضحك ويقبّل كفها
ثم ينظر لها: خلاااااااااص هونا ما نبي نتعشى معك...نروح نتعشى مع غيرك...
تضربه على كتفه: مستفز ...مستفز...وربي...
يمسك يدها يقبل جبينها: هههههههههههههههههه خلاص آكل مع الجدران...لا زعلين...
دانة تضحك رغما عنها : يكون احسن...والحين تفضل ...
محمد : احبك يا متوحشة...
تبتسم بخجل لتحني رأسها على اليسار بقولها: وانا بعد يا متوحش...يلا تفضل...
محمد يقترب اكثر يسرق قبلة صغيرة على أرنبة أنفها...ليضحك ثم يخرج...تنظر له..تبتسم...يتعلق قلبها به...تزداد حبًا له ولرؤيته يوميًا..سوادها اُستبدل بالنور..ظلامها تجلّى ...مخاوفها قيّدت بالسلاسل..قبولها له اصبح بوعي شديد وعقل سليم..اضطراباتها تختفي..كل شيء..استبدل..رغبتها بالاستمرار في الحياة تتجدد..لذيذ هذا الشعور...لذيذ شعور الإنسلاخ من المخاوف...من التردد...والخجل...الإنسلاخ من الماضي وسوداوية شعوره..جميل...والأجمل تواجد محمد في حياتها..همست
: الله يخليك لي عُمر.
.
.
يمسك يدها ..يعلم هي الآن متوترة...تأخرا حقًّا ولكن لا يدري كيف نسى نفسيهما في" السوالف"...قبّل يدها ...وهما في الاشارة
تتحدث: ابوي بحرّم علي اطلع معك..
يضحك: هههههههههه بالله ما تاخرنا كثير...
عهود بجدية: لا والله تأخرنا ذياب..
ذياب يسترق لها النظر وهي "تعدل" نقابها: شسوي اذا سوالفك حلوة وما تخلص...
عهود نست نفسها هنا ارتفع صوتها: لا تحط اللوم علي ...قلنا نفطر فجأة...صرنا نتمشى في كل مكان في الخُبر...باقي اشوي ونوصل الحسا(الأحساء) أنت مستوعب؟!
ذياب يضحك يشد على يدها: ههههههههههه لا تبالغين..بذمتك مو احلى طلعة؟
عهود: ههههههههه إلّا....بس هالطلعة بتطلع من عيونا...
ذياب بدأ يقود سيارته: صارم متوعّد فيني...
عهود تضحك: تستاهل..قلت لك..نرجع خلاص...رفضت...الحين عقاب صدقني ما بشوفني إلّا في الاسبوع مرة...
ذياب يبتسم: لالا...اعرف صارم قلبه رهيّف يتوسط لي عند عمي...
عهود: كثّر منها...لأنه صدق هالمرة...كسرنا الأوامر...
يضحك يقود السيارة يدخل في الحارة التي تضم بيوتهم...أشعة الشمس اصبحت حارقة...ينظر لصارم من بعيد واقف أمام المنزل ينتظرهما..
يضحك ذياب: ههههههههههههههههه شوفي ما يمزح....قال لي بنتظركم في الشمس...وعلى قد ما احترق منها..باحرقكم...
تضحك عهود وتسحب يدها منه وهي تقول: والله معصب...
ذياب بهدوء: الحين اخليه يهدي...
اركن سيارته ...ثم نزلت عهود وهو نزل
قال ذياب: ارحببببببب بولد الخالة...
صارم ينظر لهما برفعة حاجب: لا كان جيتوا...كان تغديتوا مع بعض..
ذياب باستهبال: لا وين...خفنا نطوّل عليكم...
عهود ضحكت هنا
ليردف صارم: تضحكين ...وانا اتصل عليك ولا تردين...
ذياب بهدوء: تبالغون ...والله تبالغون...تراها زوجتي...
صارم ينظر له: وتراني بالموت اقنعت ابوي انكم تطلعون ولا هو ما يرضى بهالشي...
عهود بهدوء: والله ما تنتكرر خلاص...
ذياب نظر لها: وش اللي ما يتكرر؟
صارم: ليش حضرتك تفكر الحين قادر تجي بيتنا بعد كل اسبوع وتشوفها...احلم ...ابوي داخل مولّع....ألحس كوعك اقول!(يعني في الأحلام)
عهود بخوف: قول والله؟
ذياب : ههههههههههههههه خوّفها...خوّفها... خلقة جبانة....حتى الألو بالموت ترد علي...
صارم يضحك على شكل ذياب: احسن....
دخلت عهود هنا...
فقال ذياب: بالله عااد صويرم...هدي عمي لا تزيده...
صارم: انتوا هدوا خبال....
ذياب بتهديد: ترا بكرا ما اجيكم المزرعة....واخليك تمر امي تاخذها من ورا خشمك اعرفك تكره المشاوير...وطريق المزرعة!
صارم: ههههههههههههه لا هالمرة بحبه....
ذياب برجاء: تكفى صارم انا بوجهك...والله خذنا الوقت...
صارم : ههههههههههههه عارف هالطلعة مو حقت فطور وبس...حقت هجهجه..وتلفلف بهالشوارع..وكسر الأوامر..ما تنعطون وجه.
ذياب: شنسوي بالموت نطلع...
صارم: وقلتوا نحلل هالطلعة...
ذياب بتنهد: وشكل ابوك بحللنا انا وعهود...
صارم: هههههههههههههههههههههههه تستاهلون...يلا انقلع....
ذياب : اشوف فيك يوم...قول آمين...
صارم بضحكة: بعيد عن شواربك....ما بصير مخبّل مثلكم...تراني ثقيل يا المخفّة!
ذياب يركب سيارته يضحك: نشوف...يلا فمان الله..نشوفك بكرا...
صارم يـشر له بيده: فمان الكريم.
.
.
دخلت وهي سعيدة ومتوترة وخجلة من تأخرها، وتخشى من ردت فعل والدها ولكن حينما دخلت سمعت صوت ضحك والدتها
وهي تقول: هههههههههههههههههههههه..بعد عيني والله...لالا سمعيني..وانا اختك...دام الولد على نار..انا اقول نزهلها ونقدّم زواجهم احسن لنا ولهم...
نقزت هُنا عهود وأخذت تتقدم وهي تنظر لوالدتها وتشير لها وبصوت واطي: يمه لا...
أم ذياب تستمع لصوت اختها: اي والله ارحموا وليدي...تراه ميّت على العرس..ثقيل ما انكر..وإن اظهر خفّته في اشياء بس انا اقول المدة المحددة مرا طويلة ولا هيب بحلوة بحقهم...
ام صارم تتحاشى النظر لأبنتها وبهدوء: صادقة والله...وانا ضد فترة الخطوبة الطويلة..وما نيب مع هالطلعات والجيّات...وابوها تعرفينه شديد في ذا الموضوع...إلا انه رخّى الحبل لأنه واثق بذياب وليدي...
ام ذياب وهي تهز برجلها اليُسرى لتُسكت طفلها الرضيع: ما عليه زود بو صارم...وذياب تربيتكم..عاونتوني على تربيته يومني طحت مريضة ..وعارفينة وخابزين اخلاقه...بس المغزى يا خويتي...مو بس على هالطلعات والجيّات انا اقول عيدوا النظر ما نبيهم يطولون هالخطوبة..وشقته جاهزة..وكل شي بإذن الله جاهز بصير...بس قنعي عهود وبو صارم...نبي نفرح فيهم بدري..
عهود جلست تقضم اطراف اصابعها امام والدتها ودخل هُنا صارم ليجلس بالقرب من والدته ويستمع لها حينما قالت : اي والله يوم السعد يوم زواجهم...واذا على بو صارم بعد هاليوم صدقيني بوافق ههههههههههه...
ثم اطرقت حينما سمعت صوت الرضيع بينما صارم اخذ يحرّك حاجبه الأيسر وينظر لأخته: جاتكم العقوبة هههههههههههههههه...

ام صارم: بعد قلبي ذيب..علامه يصيح...
ام ذياب: بطنه...من امس وهو يبكي..
ام صارم: بعد قلبي هو...ما اطوّل عليك اجل روحي له...سلم على بو ذياب...
ام ذياب وهي تهز ابنها: يوصل..وانتي بعد سلم لي على الكل...فمان الله...
ام صارم: فمان الكريم...
وما إن اغلقت السماعة حتى نهضت عهود: يماه شاللي سمعته...تكفييييييييين لا تقدمون العرس لاااااااا....لين اتخرج يمه لين اتخرج...
صارم ينظر لها وهو يضحك
بينما ام صارم نهضت: لا بالله مو لم تتخرجين...تبين فترة خطوبة تصير لمدة سنتين...
عهود بقلق: يمه شفيها؟!
صارم بهدوء: من عقلك عهود؟!
ام صارم بجدية: يا يمه...مو حلوة تطولون فترة خطوبة...غير ابوك تعرفين طبعه...ما يحب الطلعات والجيّات..مو من باب عدم ثقته بذياب لا والله بس حتى هو خايف عليكم...وش فيها لتزوجتي وانتي تدرسين...؟
عهود بقهر: والله كنت حاسة بتنكبوني نكبة العالمين ..الحين وافقتوا نملك والزواج بعد ما اخلص فجأة الحين غيرتوا؟
ام صارم ابتسمت: انا اقول لا طولونها وهي قصيرة...
عهود: عطونا مجال نتعرف على بعض ..
صارم ينهض: صدقيني ما بتعرفون بعض صح إلّا لم تصيرون تحت سقف واحد...واكيد الحين عرفتوا عن بعض اشياء بسيطة ويمكنها سطحية ولكن الطبيعي بتعرفون بعض بعد الزواج...
عهود بدأت حقًّا تتوتر لا تريد التعجل تخشى أمور كُثرأهمها المسؤولية
ام صارم: صادق اخوك...وبعدين حتى لو قدمنا الزواج...ما بصير بكرا...نخليه بعد ست شهور...عشان يمدي نجهزك...ويمدي نسوي اشغالنا...
عهود بفزع: لا يمه وش ست شهور...هو ابوي متكلّم؟
ام صارم: لا...وابوك ساكت..بس ما بيرفض...
صارم بهدوء: خلوه انا اقول ثمان شهور...عشان لا تستخف علينا..
نظرت له والدته وهي تضحك بخفة
بينما عهود رفعت حاجبيها: انننننن....
ثم قالت بجدية: طيب يمه...بس تكفون ما اصير انا ودانة في سنة وحدة...حتى انا ابي افرح بأختي واحس فيها مزوجة...وانا عندكم بالبيت هنا!
صارم: يا الله يا صغر العقل...شوفي كيف تفكر..
ام صارم تضحك: ههههههههههههه طيب يمه...بس خلاص بنقدمه..
عهود : تمام..عن اذنكم..
ثم صعدت للأعلى ليتحدث صارم: الله يوفقهم هالكناري..
ام صارم ابتسمت: آمين يارب...
ثم قال: وين نواف أجل؟
ام صارم: طلع...
وبجدية: صارم لا تشد عليه اكثر...اخوك تراه تغيّر من بعد ما كلمته.

في الواقع هي لا تعرف سبب تغيّره ..بينما صارم حاول لملمت ما حدث قبل اشهر ليحل عقدته بصمت دون إثارة الظنون والحروب
هز رأسه: طيب ...الله يهديه...بطلع ..تامرين على شي؟
ام صارم ابتسمت في وجهة: سلامتك يمه.
.
.
هل يتغيّر الإنسان؟ هل يعود للرشد وهو في عمر يجده من الصعب تعديل أي "انعواج" فيه؟ كيف يتحوّل الإنسان إلى إنسان حقيقي؟ في الواقع؟
كيف يُصبح إنسانًا مشتعلًا بالمشاعر وبأشياء أخرى ترغّبه بالعودة إلى الحياة الطبيعية بالقدر المستطاع؟
ربما هو ظروفه من تقوده إلى هذا الشيء ، تقوده إلى التغيير لإحداث ما لم يستطيع احداثه قبل تلك الظروف..ينظر لها وينظر لساعة الحائط التي تُشير إلى الساعة التاسعة والنصف ليلًا ابقت نفسها في الضجيج في البكاء وحتّى العويل..ينجح في تهديتها لساعة وفي الساعة الأخرى تنهض لتبكي بجنون..اخذ ابنه طلال لوالدته التي علمت بوفاة ابا سلمان وحزنت على حزن تحرير وموته..حدثها هذه الليلة فلينم الصغير معها..فتحرير لن تستطيع الإهتمام به..رجفات البكاء تعود وتختلج جسدها وهي نائمة..رمش عينيها لم يجف من دموعها..وعقله ما زال يدور في حلقة ضيقها من كل ما حدث في الماضي.

حزين على نفسه..وعلى تحرير ..وعلى ابا سلمان..حزين على تلك الأيام التي رُبما أودعت في جنباتها فرصةً للنجاة ولكن لم يدركوا هذا الأمر إلا بعد فوات الأوان..انحنى..ليقبّل جبينها..ويعود من جديد يُمسك القرآن ويقرأ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ.
ينخفض صوته ليكمل وهو ينظر لها بحذر..فهي ما زالت تتحرك وتتنهد في نومها..يبدو إنها متعبة ومجهدة جدًّا ..
.
.
تقف في منتصف الجبل من اعلاه..تنظر لهما يقفان على هاويته..تنظر لإبتسامتهما ، وتنظر لظلها المرسوم على الأرض، قلبها مشتاق لهما..تشعر باشتياقها يقودها إليهما ولكن لا تصل مهما مشت ومهما ركضت تبقى عالقة في المنتصف..تنظر لهما برجاء تمد يديها لهما ولكن لا هو ولا والده يتقدمان لها..تهمس بشفتين مقشرتين " عمي" لا يُجيب تحاول نطق اسمه بدلًا عن والده ولكن لا يظهر صوتها بل اسمه كان يتردد في حُطام قلبها"سلمان" تنظر لهما..وتنظر للعجز..تبكي..وتشتكي بلغة غير مفهومة..تحاول الصراخ إلّا إنها تشعر بثقل يدين تمسك بعنقها عنوةً..تبكي بشدة..تحاول الركض
تحاول النجّاة من فقدهما ولكن ما زالت مقيّدة...حاولت الصراخ..ولكن صوتها لا يخرج..حاولت ...وباتت محاولاتها بالفشل..
.
.
توقف عن القراءة..شعر بها ..هي تحلم...عرق جبينها وشفتيها تهتزان وتخرج همهمات غير مفهومة...اغلق القرآن ووضعه جانبًا ..هزّها بلطف من كتفها ليوقظها..
: تحرير...تحرير فتحي عيونك...تحرير..
.
.
ترتجف..تستنشق عبير الفُقد....تحترق من حرارة جسدها..شعورها يزداد بالخوف من منظرهما واقفين على الحافة ويبتسمان...تسمع صوته من بعيد..تحاول أن تجيب ولكن..
.
.
بتّال يضع يده على جبينها يتحسس حرارتها المرتفعة خشي عليها في الواقع
لذا: تحرير..تحرير...

.
لا تدري كيف وجدت نفسها في المكان الآخر..في ربيع البساتين وزغزغة العصافير..تبدّل مكانهما من أعلى الجبل..تنظر لسلمان يضحك..وتنظر لوالده وهو يمازحه..تنظر لهما من خلف زجاجة..تنظر لهما من بعيد..ولكن عن يمينها رجلًا..لا تعرفه ولكن تنظر له تهمس بوجع" راحوا تركوني"
.
بتال يسمع هذيانها يعقد حاجبيه..ينظر لجسدها الهزيل كيف يهتز اكثر..قفز من على السرير..وهو يطفأ التكييف..ويزيح من على جسدها الغطاء رفع من صوته: تحرير فتحي عيونك...
ولكن لم تجيبه لذا خرج من الغرفة سريعًا..لجلب إناء ومناشف صغيرة لوضع كمادات على جبينها..لم يأخذ الأمر منه إلّا دقيقتَيْن وعاد
يسمعها تهذي "يبه"
تنهد بضيق هنا..جلس على طرف السرير غمّس المنشفة في الإناء..ثم عصرها ووضعها على جبينها
تكمل هذيان: طلال..ولدي..جايع..
تفتح عينيها ببطء شديد..ينظر لها بأسى على هذا الحال
: تحرير تسمعيني؟
يبدو أنها نصف مستفيقة هزت رأسها
تهذي: بتال..ولدي...ابوي..الكويت..هناك..ضاع..
بتّال يعيد تغميس المنشفة يعتصرها ما بين قبضته ثم يضعها على جبينها
تهمس: بردانة...
بتال: لا ما فيه غطا..لازم حرارتك تنزل ...
تحرير تقرفص نفسها على الجانب الأيمن
يراقبها بصمت ويكمل قراءة ما تيسر من القرآن
: تحرير..ما فيك إلا العافية...اشوي وتخفّين..
تهز رأسها وهي تغمض عينيها : وين ولدي؟
بتال: عند امي..ريحي..
تحرير بصوت مخنوق: تعبانة!
بتّال: اسم الله عليك من التعب..نامي...
تحرير تهز رأسها..يضع يده على المنشفة ليثبتها ينحني
ثم يقبّل كتفها بعمق..
.
.
أنا آسف يا تحرير
آسف لأنني لم استطع أن أغيّر مجرى أحداث هذه الحلقَة
آسف لإنني كسرتك من تكرار الخيانات العقيمة
آسف لأنني خذلتك بطريقة أو بأخرى أشد لؤمًا
آسف يا تحرير..
وأنا آسف لنفسي ايضًا!
تنهد طبطب على كتفها ثم رفع صوته بعد أن سحب القرآن ليصبح ما بين يديه
يكمل
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ.
.
.
الساعة العاشرة والنصف مساءً
.
.
استأذنهم الجد وكذلك الجده دخلوا إلى الداخل وغطّا في سبات عميق..بينما هي رفضت الذهاب مع ليث لأي مكان واطالت الأمر ..ومجيء ريان وفهد اخرسا ليث من أن يحثها على الخروج..خرج هو الآخر من منزل جدّه بكسر غصن محاولاته في اعطاء رحيل الحياة..ذهب لأمل من أجل الإطمئنان عليها ولأنه يعلم جيّدًا فهد لا يطيق وجوده للآن خرج..يشعر بالتعب..بالضياع..بالإنهزام كليًّا..لن يذهب مباشرةً لأمل سيدخل لرؤية والدته..يشعر هو بحاجة لرؤيتها بهِ شعور من الدّاخل يحثه على رؤيتها لتخفيف هذا التعب الناشىء في قلبه من رؤية أمل ورحيل..مرآتان تعكسان ثمرات سنين طيشه..متعب من نفسه وجدًا..يشعر أنه ثقيل..ووالده اثقله اكثر بالتصدد عنه هكذا..اغمض عينيه سحب نفسًا عميقًا ثم دخل لهم
.
.
بينما في المجلس في منزل الجد..تنظر لهما..تبتسم..ابتسامتها تُمحي من على وجهيهما أثار الشفقة قليلًا ولكن ما زالت تشعر برغبتهما في العتاب وبالأخص تنظر لفهد ولصمته..ومحاولته في تقليل كلامه..تُدرك هذا الفعل يكبح به رغبات العتاب..أما ريّان لا يكبح شيء فهو واضح..كما هو في السابق..يتحدث كثيرًا ويخفف عنها الألم بطريقته ولكن تُدرك ايضًا انه موجوع وجدًا من خلال نزف أنفه...تفهم مدى ضغطه على نفسه في كبح مشاعر تجول في خاطره لأوقات طويلة
ريّان: تذكرين الأرنب؟
تهز رأسها وهي تبتسم: كيف ما أذكره كان احلى هدية عطاني إيّاها جدي...من بعد رجوى...اذكر سميته مناهل..
فهد ينظر لها فقط
ريّان: الله يرحمها...أي...أذكر..وجاب أرانب كثير..وجدي باعهم...بعد ما تكاثروا وصار عددهم فوق المية!
رحيل تنظر لعينيه: حزنت عليه لم ضاع...أمانه هو صدق ضاع ولا مات ولا قلتوا لي عشاني بزرة وقتها؟
ريان يضحك بخفة: ههههههههه لا ضاع...وهقوتي يا طاح في الثبر اللي برا النخل..أو كلوه الكلاب يعني ضاع منا بس شكله مات...
رحيل تنظر لفهد اخيرًا قررت أن تخطو خطواتها لتحفيزه على الحديث: علامك فهد؟
فهد ابتسم لها: ما فيني شي..
ريّان ينظر لأخيه ولها حينما قالت: تغيّرت كثير.
فهد بلل شفتيه: مثلك بالضبط!
تبتسم وتنظر لحضنها تتنهد بضيق عشرات المرات: عارفة ودّك تعاتبني؟
ريّان : رحيل..
تنظر له: عارفة كلكم...
تنظر لفهد: اذا بريحك هالشي...عاتب..بس لا تجيني وطالعني بشفقة يا فهد!
فهد حك أنفه زم شفتيه تحدث بنبرة هامسة: مقهور عليك..
رحيل تسكت..تبلل شفتيها..وحينما ارادت التحدث شعرت بوخز ألم أسفل خاصرتها..ابتلعت الألم ووضعت يدها على بطنها لتخفف حدّة وجعها النفسي!
ريان سكت لا يريد أن يخرس فهد..فمن الواضح فهد لم يعد يتحمل السكوت بعد
رحيل: انا بخير لا تنقهر علي..
فهد تلمع عيناه ينظر لها: كيف ما انقهر؟..كيف رحيل؟
رحيل تختنق..تنظر لريّان وهو ينظر لأخيه وتنظر لفهد..كادت تتكلم ولكن شعرت حقًا بتقلصات مخرسة من أسفل بطنها..سحبت هواء عميق اغمضت عينيها لتستعيد وعيها من الألم..بللت شفتيها تحت انظارهما الحزينة..هل ستكون هذه الليلة ليلة الأخوّة؟..ليلة اشعال الشعور بوميض الحزن دون الرحيل؟
زمّت شفتيها الألم يزداد..والخوف يزداد على رجوى..تحتضن بطنها ببطء شديد لكي لا تثير الهلع في نفس اخويها..
تنظر لفهد: انا ما اذنبت...هم الصقوا الذنب فيني..وعاقبوني على شي ما سويته..
فهد يهمس يؤكد وهو يهز رأسه ولكي يخفف عنها: مالك ذنب..
رحيل تترك نفسها: ليش ما جيتوني؟
ريان نظر لها تحدث: كلما حاولت اجيك...
قاطعه فهد: ريان..
رحيل تنظر سريعًا لفهد: اتركه يكمل..
تنظر له بشفتين مرتجفتين وألم يزداد من أسفل بطنها: عشان ابوي مَنعكم؟
فهد يبرر سريعًا: ابوي من ضعفه ما قدر بعد يجي يزورك...
رحيل: يعني هو منعكم؟
ريان ليخفف وطأت الألم المُشع من عينيها: صار تعبان..ودخل المستشفى فترة...وخفنا عليه..وما صرنا نضغط عليه بكلمة...
فهد: رحيل ..لازم تجين بيتنا...لازم..ابوي ما زال جرحه عليك طري..عطيه فرصة يعاتب...وعطي نفسك فرصة تتقبلين مكانك وبيتك ...
رحيل تهز رأسها : لم أولد اجيكم...رجوى هي اللي بتراضي ابوي..
ريان عقد حاجبيه: شتقصدين؟
فهد ينظر لها بصمت وبعدم فهم
رحيل تزدرد ريقها تدخل في حديث الذات المعزول ولكنه مسموع بطريقة جريئة على مسامعهما لتخرسهما حقًّا عن الحديث
: رجوى بتجي عشانه....عشان أرضيه...هو يتمنى له بنت اسمها رجوى!
ريان نظر لفهد وفهد حدّق بها مطولًا ادرك حقًّا رحيل في حالة مستعصية، لا أحد يدركها..ليست بخير..أختهما ليست بخير..
تبتسم وهي تقاوم شعور الألم: بقوم اجيب من الحلى اللي سويته..
ريان يمسك يدها: جلسي ما نبي...
تهز رأسها لتقول: وصايف ليش ما جات؟
فهد: جاتها مزون...وجلست معها..في البيت..
رحيل بنبرة مكسورة: تغيرت وصايف...تغيرت كثير..وصارت تستحي مني..
ريان يخفف عنها: طبيعي رحيل..هي مسألة وقت بس وكل شي ..
قاطعته: ثمان سنين كفيلة من إنها تغيّر الكبير والصغير ..على قولتك طبيعي..
فهد يحك جبينه شعر بتعكّر مزاجها: ما نبي نسهرك زود...بنقوم...بكرا نشوفك في النخل...
رحيل بسرحان وتشتيت ذهني: لا ...جلسوا لين يجي ليث..
فهم ريان إنها تخشى البقاء لوحدها وفسّر حديثها على هذا المنوال هز برأسه لفهد ليبقيا ...وبقيا معها وحاولا أن يغيّرا مجرى الحديث
.
.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 02:21 PM   المشاركة رقم: 95
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.
قبّل رأسها ويدها..جلس بالقرب منها وهي تقول
: زين تذكرتني...
قبل أن يتحدث وقبل أن يردف بكلمه واحده سبقه فيصل المستلقي على الكنبة الجانبية
: زين هو مذّكر نفسه...
اصايل تأتي سريعًا وهي تسحب "الريموت" من على صدر فيصل وهي تقول: هيلوه...تعالي جابوا المسلسل...
فيصل نهض سريعًا ليسحب الريموت منها جبرًا: انقلعي المجلس وشوفي خرابيطكم...
اصايل التفتت على والدتها وعلى ليث على لحظة قدوم هيلة وهي تنظر لليث وتصرخ: الله من وين طالع القمر؟...ليثوه؟...غريببببببببببة جاي عندنا...
ليث رفع حاجبه الأيمن: وش اسمي؟
فيصل نظر لها : كن فيك خير ردي...
اصايل ضحكت على وجه هيلة وهي تحك جبينها وتقول: ليث الجميل الحلو وش جيّبك عندنا؟
ام ليث: حياه الله...بعد جاي يزورني...
هيلة تتقدم لناحية فيصل : زين لقى له وقت...وجا...صايرين بالقطّارة نشوفه...
فيصل بسخرية: الله من وين جايك الشوق؟
اصايل تستهبل: من القلب من القلب ...
رمى عليها الوسادة ليضحك ليث: ههههههههه ناقصكم محمد...
ام ليث ابتسمت: عنده مناوبة الليلة...
فيصل ينظر لوالدته: لا والله ما عنده...بس تلقينه يصيع مع دانة...
ليث نظر لأخيه وهو يضحك: ههههههههه فويييييصل...
اصايل : لا والله دانة اعرف مو من هالنوع...
هيلة بزلت لسان: من بعد ما شفت عهيد وتغيرها غسلت يدي..
فيصل يلكزها من جانبها: وش مسوية؟
اصايل ترفع صوتها: وش دخلك أنت؟...اي وحده مخطوبة بتتغير...
ليث بهدوء: الله يهنيهم كلهم...
ام ليث : الكلام الحقيقي عنده توه مكلمني وقال عنده مناوبة...لا تجلس تقوّل على محمد...عاد بعد عيني لا هو ولا هي مع شغل المستشفى ما يشوفون بعض إلّا يادوبك...
فيصل بمعنى مبطن وخبيث: لاحقين على بعض لا حقين...
ليث يغمز له: مقهور؟..واضح بو مزون بالسنتيمتر!
يضحك فيصل ويفهم حديث اخيه المبطّن: اي والله..
هيلة تتدخل سريعًا: احسن ...عاد انت متسرع ومتهور...وجيب العيد بسرعة..
فيصل ضربها على ظهرها بخفة: انتي ما تستحين على وجهك؟
اصايل تضحك وكذلك ليث
هيلة بعصبية: وش قلت وشقلت؟
فيصل : انطمي احسن لا تكلمين...
ليث ينظر لوالدته: ابوي هنا؟
ام ليث ..شعرت بعلاقة زوجها بابنه كيف ساءت وكيف تحوّلت إلى الجمود..حاولت ان تستفسر عن الأمر ولكن ابا ليث يخرسها بالتهرب من الحديث..
هزت رأسها: اي..فوق بالغرفة...
ليث نهض: بروح اشوفه..
فيصل نظر له: وش عندك؟
غمز له: ناوي على الثالثة؟
ليث ضحك هنا: ههههههههههه لا وين...بس ابيه بكلمة راس...
ثم توجه لعتبات الدرج..
.
.
ما كانت تؤذيني الوحدة، ماكانت تضعفني قط..ولكن بعد كل هذهِ النّزاعات اشعر إنني لم أعد اتحمل نفسي..ثمانية اشهر من العذاب قضيتها بوجود أمل ورحيل لتصبح هذه الشهور سنوات للعتاب ولتأنيب الضمير..لمِ البشر يستصعبون التجاهل؟ بل لا أطالبهم بالتجاهل ولكن أطالبهم الآن بتخفيف الحدّه من العتاب..سعتي لا تستحمل بعد عتاب آخر كما إنني ارجوهم المسامحة والعفو..واعلم أن الأمر ثقيل على أمل ويبدو مستحيلًا على رحيل..لا ألومهما..ولكن يكفيني هذا العِتاب..تُكفيني هذهِ النظرات..لا أحتمل هذهِ الدوّامة..فكلتهما تخلّان باتزاني في التفكير تجاههما..رحيل اعلم جيّدًا لن تتقبلّني ولكن أرجو أن تعطيني فرصة لتعويضها بحبٍ متبادل يومًا ..انتقمت مني بطريقتها ..اشعرتني بحقارتي آنذاك..وبينما أمل تهزمني بدمعة وبصراخ ايضًا..أنا لا ألوم أحدًا..ولكن حتى لومي لنفسي يُتعبني..يُكفيني إيلامًا يُكفيني وجعًا..أنا لم أعد ليث الذي يظنونه..لم أعد حقيرًا ولم أعد مغفلًّا ومغتصبًا..اصبحتُ شخصًا آخر..شخص آخر يبحث عن طمأنينة رحيل لتعويضها وابعادها عن الرّحيل ..وشخص هائم يلهث في محي الذكرى السيئة من على سطح دماغ أمل..اسعى لإصلاح كل شيء ولكن لا شيء تم إصلاحة..ربما طريقة سعيي تُحدث خرابًا بدلًا من ترميم ما خُرب..أنا حقًّا مُتعب!
..تضيق بي الدنيا..اشعر بضياعي..بفقداني لنفسي حتّى..لا أريد أن افقد نفسي من أجل كلتيهما..أعلم وإن لم تتحدثا أمل بحاجتي وإن حاولت إنكار ذلك وكذلك رحيل..ولكن لا طاقة لي بعد أنا احتضر ولكن بطريقتهما التي وضعوها ثقلًا على رأسي..ووالدي ايضًا يُثقلني ببعده وانا حقًّا بحاجة لنظرة دافئة منه..وفهد ايضًا يثقلني بتحميلي المسؤولية..وأنا الذي فقدت مسؤولية نفسي في الواقع!..لا يدركون إنني عشتُ شتاتًا جوفّني لأشهر وسنوات حتّى..لا أحد يعيي شعوري ما بين الخذلان وعدم تحمل ما يسير..كُنت مقيّد أُقسم بالله كنت مقيّدًا لم يتركوا لي خيارات أخرى تنقذني وتُنقذ رحيل..فلنخرج أمل من الدائرة فنذبها هي الأخرى لا شيء أمام ما حدث أمامي وأمام رحيل..تمت معاقبتي فيهما بتلك الضربة مباشرة كانت أو لا..أنا مت آنذاك..اقسم إنني مت..ولكن احاول الصمود أحاول ان امتلأ بالجبروت أحاول ان ابقى شامخًا لكي لا يسلبون الحياة أكثر منّي ولكن مع ذلك سلبوها..سلبوا منّي كل شيء في الواقع!
.
.
يقف أمام الباب..يسحب نفسًا عميقًا يطرقه طرقات خفيفة..سمع صوته: ادخل..
فتح الباب..دخل ببطء شديد..اغلق الباب وراؤه ونظر إليه أبيه ..لا يدري كيف اختلجت هذه النظره قلبه..كيف كل مشاعره تأججت ليشعر أنه اضمحل وكأنه عاد طفلًا خائفًا، يرتجف من كابوس اختطف عينيه في منتصف الليل..واختطف فؤاده تحت رؤية الأشباح..لا يدري كيف تقدم لتتقدم الذكريّات نحو كل ضجيج فعله في السّابق..يشعر نظرة أبيه تُحاكمه وتعاتبه وتحث ذاكرته على التذكر..يذكر كيف يركضون خلف أسوارالجامعة..فريحين يمسكون بطرف الورقة ..يحتضنون بعضهم البعض يصرخ سلمان "انقبلنا ..انقبلنا"..انقبلوا..أجل انقبلوا في حلمٍ جاهدوا على تحقيقة...انقبلوا ليتعاقب هو ورحيل بطريقة شاذة وغير معهودة..النظرة تقتحهم الجزء الآخر من الذاكرة تقتحهم صفعة ابيه على خده..لتذكّره بصرخة أمل..بإستنجاداتها للخلاص من يديه..هل جُن؟ ليترجف ..ويتذكر كل شيء خلال ثانية؟ أم العتاب الذي كان يجرّعه ثبّت المواقف بالمسامير والغراء الثقيل لتعجزه عن النسيان.
.
.
كان يوم الأثنين بعد أسبوعين من قبولهم في المسابقة دخل عليهما الشقة
رمى حقيبته على الكنبة المجاورة لركان جلس
ثم قال: ابوي عرف بالمسابقة...
ليث ينزل نظارته من على عينيه: أكيد مبسوط...
هز برأسه وهو ينظر لركان الذي اردف: اكيد بينبسط...هذي مسابقة عالمية مو حيّ الله...
سلمان يتنهد بضيق أظهر هاتفه من جيبه..ثم نسخ رسالة والده في برنامج للترجمة وناوله لليث: اقروا..
ركان نهض من مكانه وجلس بالقرب من ليث نظر للرسالة قبل الترجمة: اوووووخس ابوك يعرف فرنسي...
ليث يضحك: هههههههههه شكل الدفره(الذكاء) وراثية...
سلمان بملل: اقروا..خلصوني!
ركان سحب من يد ليث الهاتف وأخذ يقرئها بصوت عالي
:
ابني ركان..قلبي وعقلي وكلّي متشوّق في رؤية نجاحك وبلوغك في قمم الناجحين والسعيدين، انا حقًّا فخور بك بعد أن انهيت سنتك الأولى من كليّة الطب..في هذه الجامعة العريقة..والدتك ستفخر بك حتمًا..إني أتوق لرؤيتك وأنت في عيادتك الخاصة بعد مرور القليل من السنوات..ومتشوق لرؤيتك أنت وتحرير تحت سقف واحد وحولكما احفادي..انا متعجّل لنجاحك..لبلوغك للعلا...لزواجك...وانجابك للأحفاد..انت ستُكثر من سلالتنا..لن تجعلها تموت بعد الآن...ولكن ارجوك بني الغالي..رأيت اسمك يلوّح في قائمة مسابقة لا ادري ما اسمها الحرفي ولكن تابعة للعلوم او شيئًا من هذا القبيل..لا اريد من هذهِ المسابقات ان تُشغلك عن أداء اولويات الدراسة...انسحب..بني..أنا ذاهب إلى الكويت سأعود بعد يومين..والدك!
ليث ضحك: هههههههههههههههههههههههههههه ياربي ابوك فيه عرق للدراما...
ركان بتعجب: ابوك غريب عجيب...
سلمان مسح على لحيته: هو ليدري إني سبق ورسبت جان(كان) سفّل فيني ..خايف يعرف من ورا هالمسابقة ويلعن خيري.. أعرفه بيّدخل لين يقنعني اهدها(اتركها)..
ركان: هههههههههههههههههه شف خويّك قام يخلط الحابل بالنابل وش دخل ذا في ذا...هيييييييي اركد فديتك...وش بعرفه...وانا اقول استمر..مخك ما شاء الله مفتّح مو مثل اللي جنبي مصدّي اكيد بتفوز ..وبس تفوز والله لا يفتخر فيك...
ليث ضربه على كتفه: انا مخي مصدّي يا بتاع الأدبي...وبكل بجاحة مشارك في المسابقة وأنت تدري بتنطرد...بس حاليا تسجيل مبدئي لك...
سلمان: شف انا وين ..وأنتوا وين...
ليث بجدية: ما بيعرف انك رسبت ولا عدت ولا شي..والمسابقة قول له تركتها واستمر وسو له سوبرايززززز لم تنجح فيها..
سلمان بتفكير: خايف والله يدري ويطولها علي وعلى الحُب...
ركان: ههههههههههههههههههههههه خايف ما يزوجكم؟
ليث : ههههههههههههه صدقني من الفرحة بملّك عليكم يوم اللي تقوله يبه رفعت راسك...
سلمان : ههههههههههه ان شاء الله...
ثم نهض: قوموا نطلع نتعشى...
ركان ركل الطاولة التي أمامه: قدااااااام...
سلمان: أبطيني قسم بالله تموت بالأكل..
ليث ينهض : كلّش ولا الأكل...يلا ...بس ..
سلمان يضحك: انزين...بروح ابدل ونطلع...لبسوا ثقيل ترا برا ثلج...
ركان : طيب لا تتأخر..تراني يوعان...
نطق آخر كلمة باللهجة الكويتية لينطق سلمان بمزح: يا شين السرج على البقر.
.
.
توقف في المنتصف ينظر لأبيه تنقطع المشاهد من رأسه..يبلل شفتيه..يشعر بإحتباس نبضات قلبه لتتفخّم في طبلة أذنه لا يدري ما به..ولكن يعلم أنّ حالته بدأت تسوء بسبب قلّة نومه وأكله..وتعبه في خوض الحديث مع رحيل وكذلك أمل..
تحدث: شعندك جايني؟
ليث يمسح على رأسه: جيتك أطالبك السماح يبه..
نهض والده من على السرير نظر لوجه ابنه الباهت شعر بهِ شيء
: اطلب السماح منها؟!
وبقساوة وبقهر ضرب ابنه بأصبعه على قلبه: لا تظنها وافقة عليك وتزوجت وحملت لسواد عيونك..مجبورة البنت تحفظ شرفها معاك..يا الخاين...
ليث بصوت متهدج وعينين جاحظتين: توجعني يبه...توجعني مثلهم...يبه انا تبت..تبت وجالس احاول اصلّح اغلاطي..ليش ما تغفرون لي أوجاعي على الأقل!
بو ليث: شعقبى؟...شعقبى ليث؟..بهدلت المسكينة..وخذتها حرمة ثانية على ذيك المرمية في السجن ثمان سنين...تصلح الغلط بغلط ثاني!
ليث ترتجف شفتيه: كنت حيران يبه...حسيت نفسي ضايع...لا تلومني تكفى..تعبان..تعبان حيل...مابي شي..ابيك تسامحني..وما تشيل بخاطرك علي...وجيت..
وبتردد لا يدري لِم قالها ولكن اردفها بتلألأ عينيه: اوصيك...أمل ورحيل ورجوى وغيث أمانتك يبه...

شيء بداخل أبيه بدأ بالتحرّك، بدأ بالقفز من على سور الغضب للتعامل مع الأمر بجدية مخيفة ..تقدم لناحية ابنه اكثر ..أخذ يدقق بالنظر إلى وجه أبنه شعر بالخوف في الواقع
: ليش تقول هالكلام؟..وش فيك؟
ليث يرفع اكتافه يزم شفتيه متعبًا: تعبان...ما فيني شي غير التعب..
وبهدوء: مابي شي غير رضاك يبه..يمكن وضعي يستقيم!
بو ليث بنغزة ابوية : تكلم معاي بصراحة وقولي وش وراك وش مسوي وشفيك وش تشتكي منه؟
ليث يرفع حاجبه الأيسر: اشتكي منكم يبه ...منكم...
وكأنه فهم ابنه الآن: أنت اللي جبتها لنفسك...
ليث يكرر: لكني تبت...تبت...وماحد راضي يستوعب إني تبت..وعتابكم يخنقني...
سكت ثم قال: مابي اثقل عليك...
اقبل عليه قبّل جبين والده وكف يده الأيسر نظره له: سامحني..ولا تنسى الأمانة!
ثم خرج من الغرفة..شعر بالخوف حقًّا على ليث ولكن تركه يخرج..وجلس هو على السرير يمسح على وجهه: الله يسامحك ويحفظك لي ...الله يحرسك بعينه اللي ما تنام!
.
.
نزل من على عتبات الدرج..يركض خلف اشياء كُثر خلف قفصه الصدري..نظر لوالدته
قال: تصبحون على خير..
نظرت له والدته: وانت من اهله..
ثم خرج..ليذهب الى الشقة..كانت المسافة بسيطة اصبح امام الباب..اخرج المفتاح...فتحه ثم دخل..نظر إليها تجلس على الأريكة تريح رأسها على الجانب الأيسر..تنظر للتلفاز ما إن سمعت صوت الباب يغلق التفتت
لتنهض : بسم الله الرحمن الرحيم وش جايبك؟...الليلة ليلة رحيل..
ليث يتقدم: جيت اطمن قبل انام..
أمل تنظر له..تشعر بتعبه في الواقع..تشعر بكتلة بؤسه..ولكن حبها له لا يسحب هذا البؤس..لا ينتشل ألمهما لا يغيّر شيء من الحقائق..لا تدري لماذا؟ ولكن وضعهما يستحيل أن يميل لِما يريدانه..يستحيل..حتى هي تشعر وكأنها في لعبة لعبة اجبار النّفس على الحُب لتغرق في حبه ولكن بطريقتها المريضة التي لا تدري بأي تصنيف تصنفه..
بللت شفتيها: زين ...أجل شوف..بكرا بروح بيت ركان...ما بروح النخل معكم...
ليث يتقدم يشعر بتضبب عينيه قليلًا: ليه؟
أمل تتقدم لناحيته: خذت قراري..
يضحك بسخرية ينظر لها..يبلل شفتيه : رجعنا على طير يا اللي؟
أمل بجدية: فترة بس...أبي منك فترة...لين أولد على الأقل...
ليث يحدّق في عينيها مطولًا: تؤؤؤ...فاهمك يا أمل وفاهم تخبيصات عقلك...تبين تنحاشين مني للأبد...روحتك بكرا لركان فيها عناد واجبار من إني اطلقك بعد الولادة...هذا تفكيرك!
أمل ترتبك من كشفه لها..عضت على شفتيها: تعبانة ليث...لو مرة بس اسمعني...
ليث يمسكها من اكتافها يهمس : ادعي ربك ما يطول لي عُمر..عشان تفتكين مني..بس طلاق ما نيب مطلقك..
امل بخوف: اسم الله عليك..
يضحك بسخرية: ههههههههه تخافين علي وتخافين مني..أمل...اتعبتي قلبي والله..
أمل تدرك انها تعيش بالمتناقضات معه ولكن ماذا تفعل؟
: بس لين أولد...
ليث بجدية: راح اشتاق لك...
أمل تتنازل: زورني...عادي تعال وزورني...
ليث: وش بتفرق لو ظلّيتي هنا...
أمل بهدوء: بيفرق كثير...والله بيفرق كثير...لا تضغط علي ليث...
ليث يقترب أكثر ينظر لعينيها بعينيه المتعبتين: قبل أوعديني..
امل تنظر له مستفهمة ليكمل
: أنك تنسين سالفة الطلاق...
أمل تحك جبينها، لا تريد اشعال فتيل الشجار ولا حتى النقاش
ستتنازل في هذه اللّحظة ولكن بعد ذلك ستحاول اقناعه في الطلاق!
: أوعدك!
ليث ينظر لها بتفحص شديد، اطال النظر وابتسم
: كذابة...اعرفك كذابه...بس بتماشى مع وعدك الكاذب..
أمل تبتعد عنه ولكن يجذبها إليه يحتضنها ليهمس: ما بضغط عليك...بجيك أوديك..بنفسي بيت ركان...
أمل تتحدث بهدوء: لا تعّب نفسك...عارفة تطلعون بدري للنخل...بكلم ركان يجيني..ورجائي يا ليث لا تعاند..
يبتعد يقبّل جبينها: طيب..هالمرة سماح...
وضع يده على بطنها تنهد بضيق: ديري بالك على نفسك وعلى ولدي...
هزّت رأسها ...حدّق بها مطولًا ثم خرج.
.
.
خرجا..بعد أن حدّث ريان ليث واخبره أنه قادم الآن.اطمئنوا فمشيا...ثم سحبت نفسها للغرفة..تشعر بالألم..تقلّصات..تجعلها تتأوّه بالكتمان..تحاول التغلّب على هذا الألم..تضع يدها على بطنها..تشعر بحركة ابنتها يطمئن قلبها تهمس"لا تستعجلين رجوى لا تستعجلين" وكأنّ فهمت لِم هذا الألم يخالجها الآن..تخشى على رجوى منه..وتخشى على نفسها من أن تضعف ولا تصمد وتكون سببًا في أذيّة الطفلة..وأذيّة قلب والدها من جديد...هي ستذهب للمنزل..بعد ان تضع حملها..ستقدم رجوى كورقة رابحة لنفسها لمسامحة ابيها واسقاط كل رغبات العتاب..جنون تفكيرها لا تنكر..هي لا تنكر انها بحاجة كبيرة لعلاج نفسي حتّى ولكن أجلّت كل هذا بعد الصّلح والمسامحة..ودخولها لمنزلهم هناك..المنزل الذي اشتاقت اليه ولكن تخشى منه الآن ...تخافه...تخشى من ذكرياتها هُناك..تخشى من سماع وطىء قدم مناهل وهي تركض هُنا وهناك لتختبأ عنها..تخشى من تذكّر صراخ وصايف الباكية بعد سقوطها من على أرجوحتها...تخشى ترى قفص الدجاج فارغًا...تخشى من أن ترى زهور الياسمين ذابلة تخشى من رؤية نفسها بالفستان الأبيض..لا تريد التذكر..لا تريد ان تواجه كل هذا إلا بعد الولادة..تريد الآن تفريغ غضبها في ليث على مهل..تُدرك ليث تغيّر يتنازل كثيرًا حينما تستفزه.. مُتعب وذبل..وهذا يسعدها كثيرًا ولكن ستتوقف عن اذباله بعد الولادة..اطلقت الآه والأنين حينما شعرت بوخز في بطنها..الألم يزداد..ويخف..يزداد..ويخف..تحاول الصمود تسحب اطنانًا من الهواء..لم يأن أوان الولادة..لم تنهي شهرها الثامن كاملًا..ماذا يحدث؟
سمعت رنين الهاتف..تدرك رسالة جديد..من المجهولين ..سحبته نظرت للرسالة قرأت
"
"ستقتلينه أم نحن نقتله؟"
تهز رأسها يضيق تنفسها تكرر كالمجنونة: ما راح تقتلونه...ما راح تقتلونة...

من أجل رجوى ليس من أجل شيء آخر..ليث عليه ألّا يموت..من أجل رجوى..من أجل ألّا تعيش بِلا أب فقط من أجل رجوى عليه أن يبقى متماسكًا ومثاليًا...رجوى لن تصبح يتيمة..لن تصبح مثلها...لن..تصبح..توقف تفكيرها هنا شعرت بالغثيان..ركضت للخلاء بثقل..فتحت الباب واغلقته على نفسها بدأت تستفرغ حمض القلق..وحمض الألم...أخذت تتعرق..تنظر لوجهها..يبهت ..تراه مدمي..ترى فتاة العشرين بحاجب أيسر مقطوع من الآخر..ترشح وجهها ..وتنظر للمرآه تنظر لخوفها وذعرها تعيد صب الماء على وجهها..ليتقلب وجهها ما بين سن الخامسة عشر والسادس عشر والثامن عشر..يضيق تنفسها قليلًا...ترتعب أكثر حينما تشعر بأمر آخر..لا تريد التأكد منه ولكن توقفت لتحدّق في المرآة
بكت بدموع : رجوى لا تتركيني...تكفين لا تيَتميني مثل أمي!؟
تُهذي..أجل تُهذي...هل السائل الذي تشعر به يتسلل إلى ساقها علامة لموت رجوى؟ هل رجوى تموت أم رحيل هي من تموت؟ ما ماهية هذا السائل؟ هل هو دم؟ هل أتى لينهي القصة الآن؟ هل ستموت أم رجوى هي من تحتضر؟ وإن كانت رجوى هذا يعني أنّ رحيل ايضًا تموت...لا ...
تهز رأسها ترتعب ..ترفع طرف "جلابيتها" لتنظر لساقيها يرتفع صدرها وينخفض..ترى السائل...ترى الماء القليل..وترى القليل من الدم...تبكي اكثر..تشد على طرف شفتيها..تحتضن بطنها..تتألم ولكن تكابر على الألم..ترشح وجهها تنفي الأمر بهز رأسها: ما راح أولد الليلة...ما راح أولد...
.
.
يا الله لا اريد الخسران..خسرت كل شيء يا رب..لا اريد أن اموت...لا اريد الموت لا لليث ولا للرجوى يا الله...اريد حياة...حياة تشعرني بقيمتي ...يا الله ...ربي أرجعون...ربي أرجعون...ربي أرجعون...يا الله احفظ رجوى...يا الله احفظ ليث لرجوى...يا الله صبرك...
.
.
هربت من كل شيء وخرجت عائده للغرفة..حاولت الصمود...التغلّب على الألم..نظرت له..حدّقت به مطولًا...تنظر لساعة الحائط
لا تدري كيف مر الوقت لتصبح الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل!
تنفست بعمق
تقدمت لناحيته
: ليث..
يلتفت عليها ينظر لبهوت وجهها ينهض بقلق: شفيك؟
ترمي نفسها سريعًا عليه تحتضنه..يقف حائرًا...وخائفًا..رحيل لا تحتضنه ولا تبادر حتّى باحتضانه حتّى..ماذا حدث؟ هل تحدث فهد بكلام موجع لها أم ريّان ضايقها بدماؤه..كيف تحتضنه؟..وترتجف..بها شعور الخوف..تحتضنه بشدّة تتشبّث به..حتى ابنته اصبحت مثلها تمامًا تحتضنه..خشيَ من أن يبادرها بهذا الإحتضان فتجن..تحدث مهزومًا أمام عدم معرفته بتركيبة رحيل التي تُثير عواصفه وتضيّق عليه أفاق الفهم
: شفيك رحيل؟
.
.
أخشى الفُقد كما إنني اخشى الموت وأنا التي ركضت وراؤه سنين طويلة..اسهبت في تمنّيه..واحدثت جروحًا لتؤدي بي إلى طريقه، ولكن أنا اخشى الموت ..والفقد..اخشى من ضجيج الموت..لا اريد أن اموت لكي لا تصبح " رجوى يتيمة" لا اريد أن اصبح مثل امي..لا أريد قدرًا لرجوى يشابه قدري..انا اخشى هذهِ الأمور.. أخشى الولادة في غير الموعد..اخشى من الرسائل وحدّتها..لا اريد موت أحدهم ..لا موتي ولا موت ليث ولا أحد آخر...اريد فقط تعويضُا لكل مشاعر البؤس التي عُشتها في السّابق..اريد أن احظى فقط بلحظات غير متكلفة للعَيش بهناء..ولكن ما بال كل شيء يأبى تعويضي؟
لا أريدهم ان يقتلوه..من أجل الطفلة التي ستسعد قلبي وستعوّض صبري..أريد ان اراها تكبر واريد ان ابني لها مستقبلًا رائعًا لطالما حلمت على بنيانه لنفسي ولكن عجزت..اريد أن ترى الحياة مثلما انا اردتها ..اريدها تعيش..تحقق ما تريده وما اريده انا اجل..اريد ان ارى فيها حيوية البشر الطبيعيون لتعويضي؟
لا تموتي رجوى لا تموتي...لا تموت ليث..من أجلها لا تموت..من أجل ان تصبح ابًّا مثاليّا تفتخر به أمام صديقاتها..تحبّه من قلبها لا يكسرها ابدًا يغدق عليها بحنانه حتى في أوقات الزّعل..يمهد لها طريقًا لترى من خلاله النور ويمحي عنها طريق الظلام..لا تموتا..ولا أنا اريد الموت!
.
.
تسحب نفسًا عميقًا جسدها يرتخي عليه ..يُدرك إنها ليست على ما يُرام..يُدرك انها سقطت ربما في الهاوية ولكن يريد أن يفهم ماذا حدث؟
احتضنها ..يريد أن يستفز مشاعرها بمبادرته بهذا الحضن ولكن لم تبدي بردات فعلها المتوقعة
: رحيل تتألمين؟
.
.
أجل..أتالم..والألم يتلوّن على ظهري وخاصرتي وبطني..أتالم يا ليث..اتألم فقد أبي وهو أمامي..أتألم حُزن جدّي وهو يحاول أن يعاملني
كطفلته المدللة كما في السّابق أتالم حُزن جدّتي وهي تبكي خلف الستار وعلى السجادة تدعو الله خاشعةً"يا رب انك تحفظ لي ابنيّتي رحيل وتعوضها عن حياتها اللي قضتها بالسجن" أنا اتألم من حُزن الجميع ..أتالم ليث ولكن لا احد يشعر..لا أحد يلتفت لألمي..تلك الطعنات التي تجرعتها والتي عايشتها لم تكن بقدر هذا الألم النفسي المخيف..أنا اتوجع من الفُقد والجميع أمامي فكيف سيكون لو فقدت رجوى يا ليث؟ وانا مهوسة بها قبل أن أراها؟
.
.
تدفن وجهها في كتفه ..تختبأ عن ملامح خوفها وجُبن ضعفها الذي خرج الآن..تحاول ألّا تخرج الأنين والآه لكي لا تُثير شكوكه..ستتماسك..لن تلد الطفلة الليلة ..لن تلدها..أبدًا..
.
.
ترك لها مجال التفريغ بصمته، لا يريد أن يفسد عليها رغباتها..فهو افسد حياتها لن يكثر الأسالة ولا حتى الحديث ولكن
قال: نامي رحيل.
ابعدها بلطف: تعبانة نامي..بكرا ورانا طريق طويل..
تنظر له ينظر لوجهها المحمر تهز برأسها..تمشي بثقل لناحية السرير تستلقي..تعقد حاجبيها وليث ينظر يعيد سؤاله بشك
: تتألمين؟
رحيل: لا...
لا يكثر الحديث..يمشي بخطى بطيئة ليستلقي هو الآخر
.
.
متى تظهر الشمس؟ السؤال الذي تكرره حينما تشعر بالوجع؟ وتشعر بالحنين والضياع؟ متى تشرق؟ متى ينتهي العذاب..متى تختفي أصوات السلاسل وصرير الأبواب..متى تنخرس حشرات الليل من غناؤها البائس..متى يخرسن الفتيات وهن ينشدن "وطني حبيبي"..متى تختفي أصوات الأقدام..وملامسة الأيادي لها؟
تهمس
"متى تطلع الشمس؟"
لم يسمعها في الواقع ليث متعب..نام سريعًا وهي تصارع شعورها بالألم والذكريات..تتنفس بعمق..تشد على بطنها تتقرفص قليلًا..تغمض عينيها..
تتنهد كثيرًا تكرر" يارب تطلع الشمس..يارب تطلع الشمس"
يزداد الضغط النفسي ويزداد التعرق..تنظر لساعة الحائط وتنظر للنافذة ..تراقب وتنتظر شروق الشمس وتتحسس بيدها بطنها لتشعر بحركات ابنتها..تتلوّى ألمًا بصمت..وذاكرتها اللعينة نشطة في تذكر مواقف السجن..تذكرت ماري..حاولت إلهاء نفسها..سحبت الهاتف..
ارسلت لماري"مترجم": كيف يمكنني التخلّص من أوهام الألم؟
تبقى دقيقتين ..وثلاث..ثم تبدأ الأخرى بإرسال رسالتها"مترجم": بالتجاهل..بعدم إعطاء أهمية لهذا الألم..بإشغال الذّات في شي آخر تحبينه؟
تكتب رحيل"مترجم": أنا أحب رجوى..
تكتب الأخرى"مترجم": لا شك أنّ رجوى ستحب والدتها وستفتخر بها يومًا..
رحيل تزدرد ريقها"مترجم": اشتقت لك!
تكتب ماري"مترجم": وأنا ايضًا..هل سيأتي يوم ونلتقي؟
رحيل "مترجم": لا اعلم...ولكن ربما..كل شي متوقع..
ماري"مترجم" تكتب بإسترسال: غدًا سينزل "ألبوم" رحيل..
رحيل شعرت بالألم يخف كتبت سريعًا"مترجم": أغنية جديدة؟
ماري "مترجم": ههههههههههه بل خمس وليست واحدة...ضممتهم تحت عنوان رحيل..
رحيل "مترجم" كتبت كلامها هذا لأنها تدرك ماري على علم تام بأنها مسلمة: لا أريد ذنوبًا ماري!
تضحك الأخرى"مترجم": مجرد اسم يا رحيل اسم..لن يضرّك بشيء..
لا يهمها رحيل في الواقع ..بللت شفتيها تنظر للوقت يمشي..
كتبت "مترجم": سأحدّثك في وقت لاحق .
ماري بلطف كتبت بالعربية: وانا سانتضر اتصالوك..
انتبهت للأخطاء الإملائية رحيل وابتسمت لها وكتبت بالعربي" إلى اللقاء"
اغلقت الهاتف نظرت للجدار..بدأت بالعد: واحد...اثنين...ثلاثة...
تحدّق في النّافذة..تنتظر شروق الشمس تكمل عدها بصوت باهت..وبعينين متعبتين
: مية وواحد...مية واثنين...
تشد على الوسادة تشد على أجراس المها..ابنتها بخير وإلّا لما تحركت في بطنها هكذا تقول
تكمل عد: ثلاث مية!...ثلاث مية وواحد
تعود للهوس...لمحاولة مقاومة النوم...ولكن نامت!
.
.
الساعة التاسعة والنصف صباحًا..يدخل في المنزل يسحب الحقائب..يعود يدخلهم جميعًا في سيّارته...قبل ساعة ذهب وجلبها إلى هنا..صوت التوأم يرتفع..وصوتهما بالداخل ايضًا يرتفع ، يهز رأسه...يحك جبينه
يصرخ: أمل سوزان يلا طلعوا...
يأتيه صوت أمل: لحظة بس ..سوزان تبدّل لسلمان..
سوزان ترفع صوتها: خلصت ....يلا..
تخرج معها أمل تحمل ليث..وسوزان تحمل سلمان..نظر لهما
: يلا عاد...ورانا طريق طويل...
أمل تنظر لأخيها..تعلم انها اخطأت في عدم اخبار ليث بذهابها ولكن خشيت من ان يمنعها من المجيء لمنزل أخيها في الواقع ستحدثه الآن حينما يتحركان ...دخلت سيارة اخيها..بينما سوزان سبقتها..بدأ ركان بالقيادة ..
نظر لسوزان: سوزان عطيني منديل..
تخرج من حقيبتها لتمده له...حتى يأخذه ويمسح به حبيبات العرق..
ينظر لأمل من خلال المرآه: أمل..انصحك تبقين في الفندق..وضعك أنتي استثناء...ما فيه عُمره..
سوزان بتأييدي: قلت لها..الأفضل ما تتحرك كتير..
أمل بنفس عميق: لا والله اروح مكة ولا اشوف الكعبة؟
ركان : انا مستغرب كيف ليث وافق؟
سوزان لوت فمها هنا لأنّ أمل اخبرتها في الواقع أنها لم تخبر ليث بشيء
أمل بصوت خافت: ما قلت له!
ركان بفجعة: شنهووووووووو؟
أمل برجاء: تكفى ركان كلمه قوله...وربي لو قايلة له كان ما وافق لي أجي بيتك ...
ركان مسح على جبينه: استغفرك ربي وأتوب إليك...
سوزان بهدوء: اوك حبيبي...كلمه وقوله...واذا ما وافقش بأ يا ست أمل حنرقعك لوه...
أمل بنرفزة: لا...والله ما ارجع واروح معكم...
سوزان تضحك بينما ركان يسحب هاتفه ...ليتصل عليه..وكان الهاتف مشغولًا
.
.
واقف أمام الباب يحدثه: خير خير ابوي؟...متى جيت وخذتهم؟
يتحدث فيصل وهو يتقدم لناحية السعف المتراكم فوق بعضه بالقرب من التنور: حنا نمشي الساعة ست بالعادة!...وانت حضرتك نايم..جدي اتصل علي وقال تعال خذني أنا وجدتك للنخل..أنت المتأخر ماحنا اللي متأخرين..الكل اصلا هناك...يعرفون جدّي نظامي قال ست يعني ست...يبينا نفطر مع بعض...بس حضرتك نايم بالعسل...
ليث باعصاب مشدودة: اي عسل اي بطيخ...ألا من الهلكة نمت ولا حسيت..
فيصل يضحك: ههههههههههه طيب يا المهلوك...اطلع بدري الطريق طويل...وتعال من الطريق الجديد عشان الزحمه فيه أخف...وتفطروا ترا كلنا عليكم كل شي...ههههههههههههه.....
ليث يلتفت للوراء حينما رأى رحيل تغلق باب المدخل: جعلها بالعافية...وقول لجدي هالمرة ما نبي مندي...نبي..
قاطعة فيصل: وين وين؟..شعّلنا الحطب..يا الخوي...ما في مفر...بتاكل مندي هههههههههههههههه...
ليث يبتسم رغمًا عنه: طيب انقلع...
واغلق الخط في وجهه...ونظر لرحيل المتعبة: يلا رحيل..
سحب من يدها الحقيبة المتوسطة...وخرجا ...ركبا السيارة ...بدأ يقودها سمع الرنين فأجاب: هلا ركان..
.
بينما رحيل أخذت تنظر للطريق
.
ركان شعر بالورطة يعلم ...ليث سيغضب وكثيرًا من أجل مراوغة اخته له
: هلا ليث...أنت في النخل؟
ليث : في الطريق..
ركان سكت ...بلل شفتيه
فقال ليث: عندك كلام...قول خير وش صاير؟...أمل فيها شي؟
رحيل تحفظ الأماكن وهي تحسب عددها على اصابع يديها لتخفف من وجعها النفسي في رؤية كل شيء متغير أمامها..رغم إنها رأت هذا الطريق على مدار الأشهر الماضية إلا انها تتوجع منه ولم تعتاد على غربتها فيه!
.
.
ركان: لأ...أمل بخير..كلنا بخير...بس بقولك...انا نويت اروح مكة..وأمل يعني جات بيتنا...فقلت باخذها معي..
زفرت براحة حينما أوّل الأمر إلى هذا المنحنى...وسوزان نظرت لها وهي تبتسم..فهي الأخرى تتحجب فقط لا تلبس"نقاب"..بينما أمل ترتديه...
ليث سكت ثم قال: اجي آخذها...
ركان بهدوء وهو يقود: وين تجي...ليث...خلاص آخذها..وبإذن الله مو صاير شي...
ليث بتنهد: هي حامل وطريق طويل..واعرفها اكيد بتنزل الحرم تسوي عُمره...
..
رحيل تفرقع اصابعها هنا وهو يستمع لرد ركان: لا تحاتي...وضعها الصحي افضل بكثير من بداية الحمل...وانا وسوزان معها...وترا هاا...بنظل في مكة يومين وبنزل الرياض أزور عمي يعني اسبوع وبنجي الخُبر...
ليث يزفر: طيب بس ...إن جاها شي تتحمل المسؤولية أنت يا ركان..
ركان بلل شفتيه: طيب...لا تحاتي انت اهم شي لا تحاتي..أمانتك في أيادي أمينة..ولا تنسى إنها أختي بهتم فيها.
ليث بهدوء: تمام..وتقبل الله مقدمًا..
ركان ابتسم: منا ومنك صالح الأعمال...ما اطول عليك ولو وصلنا مكة بتصل عليك اطمنك..
ليث : قول لها لا تقفل جوالها..
ركان ابتسم وسرق نظره لأخته وهي تفكّر كثيرًا بوضعها تنهدت وهي تمسح على بطنها بخفة وتمسك بابن اخيها، روحها تحتاج للإطمئنان وبيت الله..تؤمن سيكون لها شفاءًا لكل ما تشعر به..حاولت أن تخرج نفسها من هذا التذبذب بملاطفة الصغير ليردف ركان
: ابشر...مع السلامة...
ليث: مع السلامة.
اغلق الخط ...ونظر لرحيل...تحدث: رحيل أنتي تعبانة؟
رحيل تنظر للنافذة: اشوي..
ليث: اذا تعبانة نروح المستشفى..
ترد بحده: ماله داعي..

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رحيل، وجدان، ضمير، حب، غموض،
facebook




جديد مواضيع قسم المنتدى العام للقصص والروايات
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:57 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية