كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
.
.
نقطة الإلتقاء في المفاهيم الحقيقية ، في فهم الشعور والتجرّد من الغموض الصّامد والمتكأ على الكاحل، ليؤذي مشيتك ويوقف خطواتك عن العبور أمام المواجهة، النقطة التي تظن إنها نهاية لكل شيء وهي في الواقع بداية للشعور بكل شيء، لترك فرصة لتجرّع ما خفته وعشته في السابق على وجه الحقيقة المرّة، تلك النقطة رمادية تميل ما بين الأسود والأبيض تعض على نواذج الضمير وتقتل شعور الهروب، النقطة التي تضج بالصّداع في الشّق الأيمن، وفي الضغط على صدعيه هي نقطة للنظر إلى العالم بخلاف محاولاته للتجاهل، ينظر لنفسه..يقف على مشارف حُبهِ لأمل وتعاطفه ومشاعر أخرى لرحيل، ينظر للوقت كيف يمر ليحذف من عمره سنوات كثيرة، ينظر لوجه سلمان وحتّى ركان..ينظر لوجوه عدّة قاست معه وهو يتلوّن في رغباته..الشعور الذي يطلق زفير راكد ليغذّي به سنين طويلة في صدره خرج ليلهب حنجرته باستراق النّظر إلى عينيها..يتلوّن المرء في مشاعره..يتلوّن في كل شيء..حتى الضمير..ولكن في بعض الحين لا يسيطر عليه..فيقتله..عاد لنقطة الإلتقاء..لنقطة العودة إلى الراحة التي تعقب الشعور بالتعب بعد الحرب...النقطة التي تُظهر فيه شخصيته الحقيقية..ليث الرجل النّادم المحطّم، الرجل الذي لا ينام قبل أن يتردد صوت ركان في أذنه وهو ينادي"سلمان"..الرجل الذي يشتد بحنقة في نقطة ضعفه وهو يرى كل شيء خارج عن سيطرة يده، الرجل الذي يداهم ألف شعور وشعور لتغيير حقيقة ما يجري حوله..عاد لحقيقته..عاد لكل شيء يخافه...السيارة الآن تقوده إلى معاني العَيش بطريقة مختلفة..تقوده إلى عالم انكسارات..كان سببًا فيها..تقوده إلى الأشياء المرّه التي تتمرّغ في حموضة واقعها الصّخب..رحيل..تنبثق من مشاعر الإنتقام..تخضع لرغبة احتضان الوطن..تترك وراؤها كل ما هذت به..يرى تعطّش فؤادها لنقطة الإلتقاء..ينظر لربكة الجسد وتنهد النفس..تتنازل عن الإنتقام بطريقة غير مباشرة..أو هو يظن إنها تنازلت!
.
.
كالمرأة التي تتنازل عن تطبيق حكم القصاص على قاتل ابنها في آخر اللّحظات، يرفع السيّاف سيفه..يرفعه علوًّا ليدب الخوف في فؤاد القاتل..وحينما يشعر برياح هبوب ونزول السيف تصرخ للتنازل..هي فعلت ذلك بطريقتها الغير مباشرة..تقودها رغباتها للتنازل..ولإحتضان الوطن من جديد.." وطني حبيبي"..تُهذي..بدأت تستعيد نفسها من جديد بالهذيان..يرمقها بنظرات الندم والإنكسار..وكيف لا يدرك معاني ما تقصده..وطنها صرح والدها..وقبلة جبين جدها.."أشم ترابه..ويعيد لي ذكرياتي"..تنسلخ من الغربة تحدّق في الشوارع..تُدخل نفسها في صراعات الشعور ما بين الإشتياق وما بين ترك الجروح لتتداوى على أرض اجدادها" أرض أجدادي تقوّيني"..وتضعف ليث..وتبهت عينيه..وتخفق أجنحة الندم تحت رأسه..تعبث على أوتاره..تقلبه على مغتسل تصرفاته الطائشة..تنبثق فراشات سوداء مرقطّة بالأصفر هي تحبها وهو يمقتها...امسكها ليحولها لرماد..ليموت كل شيء..ليصرخ "رحيل طاحت في الثبر"..ورحيل سقطت في ثبرك يا ليث..سقطت و"هوت" في قيعانه في قاع الثمان فراسخ..لك أن تتخيل ذلك..ولك أن تقدر الألم الذي عاشته..كل شيء بات ملونًا ترتجف شفتيها..تكمل" عيونك يا بوي اشتقتها"...الطريق طويل..أو ربما هو يقود على مهل..ينظر لها تسند رأسها على النافذة..تنعي آلامها.." يمه تعبت..يمه شوفيني..يمه لا تحسبيني مت..أنا رحيل..أنا بقاياها..أنا رمادها..أنا سبقت أوان رحيلي يمه بشكل ثاني"...يشد على المقود..تعزي نفسها على شعور الضياع..وهو يعزي نفسه على خسارته لكل شيء.
.
.
كيف يواجه المرء اهله بعد هذه السنوات..كيف يتحمل العتاب..يتحمل الإحتضان القوي..يدخله في النفس ويخرجه من ثقب صغير مؤلم..الساعات تنطوي بسرعة..وهي تنكوي مع الف احتضان وهمسة ورغبة وبكاء ودموع..تهوي بعقلها الشرد في الوجوه..وصلا..ووصل كل شعور تدفق عليها في السجن آنذاك..
دقائق الطريق طويلة ..نزلت بثقل من السيارة..لتواجه اضعف اللحظات..ليث حدّث والده سمعته وهما في الطريق ليخبره عن مجيئها..ها هما يحتضنوها..يطبطبون عليها..يدفنون اوجاعهم في صدورهم..يختنق في عبرته ابا صارم..يشدها اليه..تعتصره بضعف رغباتها وهي مسجونه في حضن دافئ ..في حضن واسع..ينتشلها من وهم ما يحدث..ينتشلها من عصراتها القاتلة..تبتعد تختطفها يدي ابا ليث..يعتصر رأسها في صدره..تشتم رائحة سكينة روحها تهطل أمطار الربيع..وتجف براكين الشياطين من رأسها..وتختبأ في عالمه..تختبأ في رغبة امدادها بالعاطفة..تبكي بصوت..ترجوه بألا يعاتب..يشد على اكتافها يقبّل جبينها..تبتعد..تنظر لضعف جدها البائس الحزين..تركد أمام وقوف والدها الذي يرتجف..وليث يتابع..يتابع نتيجة ما حدث بسببه..يتابع شقه الأيمن من الصداع..ينظر لحطامهم جميعًا.."كيف لي أن اشتعل وأغرم بحطام سبق أوان رحيله".."كيف لي أن أُحرق برماد وذنب علقمي خانق"..أمل حب وذنب يتسابق مع أوان رحيلها..ورحيل حطام سبق أوان الرحيل بشكل مبكر..وأهله اعتصروا الرحيل والحطام بشكل مفجع..يتظاهر بالقوة..ولكن لا قوة له أمام ضعفها..هل يحبها؟أم يحب أمله؟.. أجل يحب أمل..."أحببتُ حطاما سبق أوان الرحيل بفقدان الأمل والرّحيل"..بفقدان الروح..بتكليف رحيل تجرع عقوبة ليست من شأنها ..لجعلها ضائقة تقف على حافة الخضوع لرغبتها في الإحتضان..ترجوه أن يكف عن العتاب بعينيه..ويرجوها بأن ترمي بثقلها عليه..يختلط أمر رغباتهما لتضج بالأنين..تعتصر خاصرته بوجع ثقيل..تشتم رائحته بالعويل...تركض بعيدًا..لتسابق رحيل أوانها في الرّحيل!
.
.
سنين طويلة..سنين ثقيلة ترجو فيها إن يكف عن العتاب..ترجوه بالرجوع لإحتضانه..لتخفيف ألم هذه الجروح..لإنتشالها من عمق الشعور الصاعد لرأسها باليأس.
.
.
احتضني يا أبي..اعتصر جسدي..اعطف علي
.طبطب على رأسي..جدد بداخلي الأوطان..وانتزع منّي شظايا الحروب!
خذ منّي هذا الوجع..أرميه في "ثبر"الذكريات
أعطيني حياة جديدة...أمهلني اروي ظمأ رغبتي في سحب حنانك الأبوي دفعة واحده..أعطني القوة يا الله..لأمسك به مطولًا.
.
.
تدفن رأسها في صدره "تخور" قواه ليسقط على الكنب من الخلف..
الجد:عبد الرحمن..اذكر الله..لا تفجعني فيك!
اصبح ظهره خلف المسند، ورحيل في حضنه..تتجرع لوعات الإشتياق له..تبكي
: شد علي يا بوي..تكفى لا تتركني..أجّل العتاب لو فيك عتاب..بس عطني حنانك اللي فقدته..تكفى يبه..عطني حنانك وأنا بشيل أوجاعك وبرحل..
ليث دمعت عيناه..اعتصر لحيته بيده ونظر لأبيه الذي يبكي وجده الذي طأطأ برأسه على حديثها وعباراتها القصيرة المرّه!
وابا صارم يهز رأسه بضعف وعينيه جاحظتَيْن!
ماذا فعل لعائلته ماذا فعل بغباؤه؟
شعر بالإختناق..شعر برجفة جسده..كل شيء يهوي..يضربه من الداخل ..يعذبه..بشكل لا يطاق..
.
.
يبعدها عنه ينظر لوجهها يقبل جبينها: قرّت عيني بشوفتك وانا بوك...
رحيل تشد على اكتافه: اوجعتك..اوجعتكم كلكم...بس تركتوني أتوجّع بحالي يبه..كيف طاوعك قلبك..تتركني بأوجاعي..وأنا بنت وفي غربة..كيف تركتني يبه كييييييييييف؟!
يقبّل جبيينها من جديد يعتصر كفّيها: وش حيلة المكسور؟..ما كنت متقبل اللي صار أبد..وضعفني شكلك بالمحكمة..وكسرني الحكم يا بنتي..ضعفت ومرضت ولا انكر إني قسيت!
الجد بصعف: رحيل..وانا ابوك..
نهضت لتلتفت عليه..تنظر لتجاعيده التي ازدادت تنظر لكل شيء جميل ...هو سبب سعادتها في السابق..هو اشياؤها الجميلة..نهضت قبلّت رأسه احتضنت كفيه
لتقبلهما...ثم وبشكل سريع..سحبت الحجاب من على رأسها..سحبت جسدها على الجانب الأيمن وضعت رأسها على فخذه
اغمضت عينيها تحت دموع ليث اجل بكى وهو عاجز على إيقاف رغبته من امساك الدموع بكى ليلة سلمان، وضعف ركان، وصرخات امل وتطنيش التهديدات التي آلت برحيل الى هذا الضعف..همست
رحيل وهي تشد على عينيها
: امسح على شعري جدي..انا يتيمتك..محتاجه عطفك جدي...محتاجتك جدي..اعطف علي تكفى لاتقسي...لا تقسون مثلهم..قسوتهم اقتلتني بدم بارد..لا تذبحوني وأشفقوا علي..أنا بنتك جدي ..لملمني من جديد واشفق علي تكفى!
.
.
ينظر الجميع لها بانكسار..هل هذه رحيل؟ ضعيفة وهشة..كبرت وازدادت بؤسًا تحسروا عليها بشكل مسموع ..واخذ الجد يبكيها بدموع بلا صوت.. ترتجف يديه وهو يمسح على رأسها وليث ينظر لهم..بانكسار..خرج من المجلس لم يعد قادر على كبح مشاعره اكثر..يريد استفراغ حمض السنين بعيدًا عنهم لكي لا يلوّث وجعهم أكثر..نظر للباب كيف فتح ودخل ريّان لا يدري كيف وصل إليه الخبر..ولكن ها هو وصل..ابتعد اكثر لا يريد ان يشهد على لقاؤه بأخته..لن يتحمل ضميره اكثر هرب بالقرب من اللّاشيء ليداري سوأت ذنبه بالدموع!
.
.
.
"عودة الرّحيل من الذّكريات!"
.
.
وخرج الوجع من صدرها، تقبلت العيش هنا،عادت للوطن من جديد وعاد الوطن لها، الحياة باتت حلوة نوعًا ما، شعور الدفء بدأ يطوّق جسدها ..عادت إلى أمنياتها، تعيش الأمنيات واقع تستلذ بنعومته على روحها، تنام مطمئنة رغم ما حدث ..الأحداث مضت بثقل..بعتاب..بنظرات..بتقبل طفيف..وبقرب مكرر لئيم ولكن لا ترفضه..بها رغبات جنونية تريد تعويض نفسها وتعويضهم بشكل غير منطقي ربما..تريد كل شيء أن يأتي سريعًا..احلامها سريعة والأيام بطيئة..تنعم بالراحة تنام بهدوء.
.
.
دخلت المجلس وخلفها الخادمة تمامًا وضعت الصحن في مكان ما اشارت عليه..
تحدثت الجده بلطف: ما صحت..
الجد يمسد على رأس حفيدته النائمة على فخذه بلطف: لا...
الجده بعطف: ما هوب زين عليها حامل وتنام تسذا..
.
.
تغلغلت رائحة القهوة لتداعب انفها..وصوت جدتها ايقظ خلاياها الخادرة، منذ ان حملت وهي تستلذ بالنوم ..حملها ثقيل وجدًا..وكلما تقدمت بها الشهور تزداد ثقلا على ثقل..جلست..ونظرت لجدها..انحنت لتقبل كتفه وساق رجله
تحدثت بصوت مبحوح: سامحني تعبتك جدي...
وكأن لها قدرة ساحرة لتذيب الثلج كليًا عن قساوته..ليسقط على تل التنازل من غضبه..هذه حفيدته وهذا هو وجعه..وجودها وبقاؤها هنا طبب من أمراضه و ليّنا من قساوته بشكل يثير التساؤلات!
: يا بوك تعبك راحة..
الجده بحنان: قومي يمه غسلي وتعالي افطري...
رحيل هزّت رأسها ونهضت بثقل..وضعت يدها على بطنها..شهرها الثامن هذا..شهرها المتعب..والمرهق لكيانها والممتع لتحقيق رغبة خلدت في نفس والدها لسنوات..ها هي "رجوى" ستأتي ستغسل قلبه..ستطبطب جراحاته..ربما سيسامحها اكثر لرؤية ابنتها...لم تتقبل حياتها مع ليث وما زالت ترى وجودها في حياته كعقوبة..ولكن هي الاخرى تحقق رغباتها منه برضا..خرجت من الغرفة..مشت للممر..دخلت الخلاء..متعبة الأشهر التي مضت..مضت بثقل بكاؤها..ونوبات انهيارها..ريان اخافها بنزف انفه في اول لقاء لهما ، اخافها بإغماؤه متعبًا ليبقى على فراش التعب لأيام..اثقلها بكاء فهد الصامت بجحظ عينيه..اتعبها صوت بكاء خالتها وانهيار وصايف في احضانها..اخبرتها عن موت مناهل..موتها المفاجأ بسبب سكتة دماغية..الجميع عاتبها وأخبرها بأوجاعه..ليثقلوها..لم تتجاوز قطرات دموعهم وانهيارهم بعد..ومع ذلك تشعر بالراحة قليلًا!
.
خرجت من منزل أخيها..تطمئنت عليه وعلى ولديه التوأم"ليث وسلمان"..ساعدت سوزان في بعض الأمور هي الأخرى تعيش في صراع مع الأمومة..متعبة من تربية التوأم ولا تستغني عن وجود أمل في المساعدة وليث لا يقصّر يجلبها لهم ما بين الفينة والأخرى، خرجت..وركبت سيارته وهي تزفر انفاسا ضيّقة
التفت عليها حينما اسندت ظهرها بقوة وضع يده على بطنها: ترى هنا ولدي بشويش!
أمل التفت عليه وهي تتذمر: ما بجيه شي...
ليث بسخرية: ناوية عليه مثل اخوه؟
أمل تنظر له رغم المشاعر التي يعيشانها نحو بعضها البعض ألّا إنهما ما زالا يعيشان صراع التقبل للحياة بشكل سوي: حرّك ليث...حرّك يرحم لي والديك.
حرك سيارته ومشى، بينما هي سمعت رنين هاتفها لتسحبه من حقيبتها
لتجيب:هلا اصايل...
اصايل ..تكيفت مع الوضع..وبعد رؤيتها لرحيل اطمئن قلبها..وحتى انها تقبلت امل..وبدأت تفكر بمنطقية معاملة امل بالحسنة ما دامها طيبة وتعاملها برقي
: يا شيخة وينك انتي وكرشتك..قلنا بنفطر مع بعض ونروح لدانة...
امل بتعب مسحت على بطنها البارز فهي في شهرها الرابع الآن: رحت عند اخوي..بجي لكم..وبعدين وين تروحون لدانة..اتركوها اشوي تتنفس...
هيلة سحبت الهاتف لتكمل بعدما سمعت حديث امل كاملا : يا بوي وين تتنفس كلها ايام قليلة على زواجها...وهي باردة مو راضية تروح لعناية للبشرة..فحنا نسوي لها..نبي محمد يشهق لشافها...
امل تضحك بخفة: هو شاهق وخالص...
وبنبرة ذات مغزى: عيّارات تبون تروحون..بس عشان تنحزون لها...وطلعونها من طورها..
اصايل تكمل ولأنها على وضع"سبيكر" سمعت كل شي: لا والله..
امل تنهدت : طيب خلاص..وصلنا البيت..الحين بنزل لكم باي..
اصايل: باي..
ليث نظر لها: ما في روحه لأي مكان.اجلسي ريحي...ولا ناوية تذبحين ولدي..
امل بنرفزة: شفيك انت؟ انا شكيت لك الحال؟..لا..وولدك بخير..بروح بيت عمك..
ليث بحنق..هذه الأيام ازداد حنقا وبشكل كبير: قلت لك ما في روحه...
أمل بعناد: وانا قلت لك بروح...روح لرحيل...فكني منك..اصلا اليوم لها..شحقى جايني؟
نزل من السيارة واغلق الباب بقوة وهي نزلت ليصبح بجانبها تحدث بصرامة:والله لو عرفت انك طلعتي م...
قاطعته :لا تحلف..بروح...
ثم مشت ولكن صرخ:امل...
لم تجيبة دخلت المنزل وسمع صوت من خلفه
: وانت بس شاب كأنك كبريت..يا تصرخ أمل يا رحيل..النفسية في الحضيض..خذ بس روق...
التفت على اخيه:انقلع عن وجهي فيصل لا اطلع الحرة فيك..
فيصل ضحك وهو يدخن امام اخيه بهدوء: علامك؟...ما غير تتهاوش..حتى مع ظلك تتهاوش..اذكر الله...
محمد طلع امامهما ببدلته الرسمية للعمل
نظر اليه ليث:شوف..عجّل بزواجك انت وفكنا...
ضحك فيصل وهو يدخن بينما محمد تعجب: شفيك الحمد لله والشكر زواجي كلها اسبوع وبصير شفيك...
ليث بعصبية:تعبتوا زوجتي..رايحه جاية وجاية ورايحة وهي حامل..
فيصل انفرطت ضحكة منه:هههههههههههههههههههههههههههههه خايف على المدام...قول كذا من اول..
محمد ضحك هو الآخر:والله ماحد ضربها على يدها وقال لها روحي..
ليث مسح على وجهه: تعاندني..
فيصل مستمر في الضحك الى ان صرخ ليث بأن يصمت ومحمد اشتعل ضحكا
فانسحب فيصل بعد سماع هاتفه غمز لهما:الحب تتصل...فارقوا..يلا بكلمها.
ليث نظر لأخيه: والله انت اكثر واحد محظوظ فينا..اخترت اللي تبي..وسبحان الله بسرعة ملكت..وبسرعة ترقيت في شغلك..والحين واضح المشاعر بينكم فل..
فيصل لم يجيب عليها للآن فتح عيناه على الآخر ومحمد يرتجف ضحكا: كفاك السميع العليم...قل هو الله أحد الله الصمد..وجع هذا وانا اخوك تحسدني..
اخيرا ضحك ليث ليربت على كتفه:لا والله...وش أحسد..فرحان لك..يشهد الله علي فرحان..
وبنبرة جادة: فيصل..ياخوي..بعطيك نصيحة..اقتنع باللي عندك..اقتنع بمزون..حبها وعطها كل المشاعر اللي تجيك من الداخل..افهمها وافهم مسؤوليتك تجاه الحياة الزوجية..لا تكبر امور ولا تستصغرها بشكل ساذج..صير مرن بالتعامل واكسب قلبها واكسب حبها لك..لا صير خشن..ترا الحريم مو سوا..في اللي تجاري خشونتك بالعصبية والعناد بعناد..وناس منهم ما تجاريها إلّا بالضعف والبكاء..والبعض منهم بالسكوت..
وازدرد ريقه: إياني واياك تبكيها..يالله يا الشعور..لا صير سبب في بكاء حرمة..ولا صير سبب في كسرها..انت خذتها مو عشان تذلها لا... خذتها عشان تشاركك.حياتك..وتشاركها حياتها..عشان تصير ارواحكم..روح وحدة في جسدين مختلفين..افهمها واعطيها الفرصة تفهمك..لا تسرّع بردت فعل تنفّر كل صفوة حياتكم..
فيصل شعر بجدية أخيه في الحديث، وشعر بالوجع في قلبه، هو لا يدرك انه اقدم على خطبة مزون بلا تفكير..مزون التي رأتها والدته ذات يوم في منزل بيت جده وهي تزور رحيل لتنعجب في أخلاقها وشكلها..وامتدحتها له ..هو وافق آنذاك من اجل تربية ما تبقى فيه من شعور يقهره ويجعله خائن بطريقة اخرى في عين نفسه..لا يريد ان يخون اخيه..رغم انّ تلك المشاعر باتت ميتة ولكن يخشى يومًا ان تستيقظ وتقوده للجنون، فخضع لرغبة والدته..قبَل بمزون..اخبروه يدها بعد الكسر اصبحت مقيّدة بحركات قليلة ولكن قبل بها..لم يقبل ان يراها تحت اطار "النظرة الشرعية"..ولكن سارع في رغبته بالتمليك عليها ووافق راشد والدها..واخبره بأن يتزوجا حينما تتخرج من الثانوية وفي بداية سنتها في الجامعة وقبل..يعني متبقي على كل هذا اشهر عدة..مزون فتاة..تمتاز بالصفاء..تمتاز بالروح الحيوية والمليئة بالحياة..خجلة وهو جريء..ذكية وهو داهية في الذكاء..اعجبته..سرقت من تفكيره الشي الكثير لا ينكر..قبل متناقضتهما الظاهرية الآن وتقبلها..الفارق العمري بينهما مقبول الى حدٍ ما سبع سنوات لا بأس بها.ولكن عقلها يجزم انه قريب من سنه ولكن بطريقة عمرها الناضج على رقمها الصغير، التفت على محمد
حينما قال: وهالكلام لك بعد انت..
محمد بهدوء: امورنا حنا بخير..
وفيصل نطق لتخفيف حدة الجدية: احلى من ينصح يا بو الخبرات...لا تخاف اخوك قدها..
ليث بهدوء: الله يوفقكم يارب..رايح بيت جدي.
ثم مشى بخطى بطيئة على الرصيف
لينطق محمد وهو ينظر له: الله يفرج همه..
فيصل بحزن على ليث: اللهم آمين.
.
.
انتهت من تمارين مجبورة عليها من أجل يدها، وعادت من العلاج الطبيعي..جلست في غرفتها ربما لنصف ساعة..حتى به دخل..ليصدمها بحديثه
: مزون يبه..عارف الحين قدامنا كم شهر ويبدأ التسجيل للجامعات...فكرتي وش تبين تدخلين...
مزون مسحت على رأسها: يبه انا سبق وقلت لك ابي ادخل يا تمريض يا طب...وانت موافق..
راشد بتفهم:هذا اول وانا ابوك..الحين انتي على ذمة رجال..لازم تشوفين راي زوجك..
مزون بخجل وابتسامة تحاول ان تخفيها وفي الآن نفسه بنبرة عصبية خفيفة: يبه شدخله هو...الحين..انا ما زلت في بيتك...
راشد مسح على رأسها: صدق في بيتي بس انتي شرعا زوجته..ولازم تشاركينه هالموضوع ..عشان ينحط بهالصورة..وان بقيتيني انا اكلمه بنفسي ما عندي مشكلة...
مزون بخوف:واذا رفض؟
راشد : ما اظن فيصل من هالنوع...واذا رفض حاولي تقنعينه بأسلوب متفهم ما هوب بطيش..واذا اصر على الرفض..الخيارات الثانية متاحة...
مزون عادت لطبيعتها: لا يبه عاد انت ما تحكمت فيني الحين هو بيتحكم..
ضحك راشد هنا:مزون يبه...هدي..انا عطيتك احتمالات بس...
قاطعته: يبه والله خوفتني لو رفض برفضه هو..
راشد شخصت عيناه: وهذا انتي العاقلة تقولين كذا..وش ترفضينه..الزواج مو لعبة وانا ابوك..وانا اصلا سبق وكلمته عن رغباتك الدراسية..بس ابيك تأكدين عليه...
مزون بتهرب: خلاص دامك مكلمه..انا اقول..يكفي..
راشد نهض : لا ما يكفي اكدي عليه..وانا الحين بطلع من الشقة بزور اختي وبروح للشغل..
مزون بهدوء:طيب..
خرج
وهي استثقلت امر الاتصال عليه، جاء فيصل في وقت ضائع قليلًا على تقبل مجيئه ولكن هي تثق بوالدها وحديثه، هو معجب بفيصل..وامتدحه لها، وافقت استنادا على رأي والدها وبعد استخارتها كانت انطلاقة لها في القبول، فيصل رجل خفيف دم ولطيف، ومتفهم لخجلها ولكن ليس في كل الاوقات التي تراه فيها في بعض الحين يتعمد على اخجالها وتهرب منه، تضحك كالمجنونة على نفسها تشعر عاطفيتها بدأت تتحرك لناحيته بشكل تدريجي، ولكن تجزم انها ستحبه ، اتصلت عليه ولم يجيب..وبقيت ربع ساعة تنتظر هو يفعلها دائما حينما يصبح مشغولًا لا يجيبها...ثم يتصل عليها..لذا نهضت وذهبت لناحية الدولاب لتخرج ملابس لها للإستحمام سريعًا..تعلم سيتصل في غضون دقائق ولكن لا تطيق نفسها بعد الرجوع من المستشفى بلا استحمام، ستستحم..سريعا ..سحبت منشفتها كادت تدخل الخلاء ولكن سمعت الرنين..بللت شفتيها..حقا بدأت تخشى رفضه من رغبة دراستها في مجال صحي هي تمنته طيلة سنوات الثانوية.
سحبت الهاتف اجابته بهدوء: هلا فيصل..
فيصل ركب سيارته سيذهب الى العمل: متصلة؟
مزون بتوتر الى الآن تشعر بعدم كسر الحواجز بينهما وبينه رغم غضون الثلاث اشهر ونصف من ملكتهما..ملكتها عقبت ملكة عهود على ذياب في وقت وجيز.
: اي فيصل..ابي اكلمك في موضوع..
ابتسم:ايوا.. شنو هالموضوع..
مزون توترت خشيت حقا من رفضه:انت فاضي؟
فيصل انعطف يمينًا: عشان عيونك افضى..تكلمي مزون..اسمعك...
مزون ابتسمت على مضض:تعرف كلها كم شهر ويفتح التسجيل للتقديم على الجامعات...
فيصل برواقة وكأنه فهم الامر لانه في الواقع راشد اخبره عن رغباتها قبل الملكة وهو لم يرفض..راشد كان واضح معه منذ البداية اخبره بطموح مزون واخبره عن حالة يدها ليصبح على بيّنة تامة وهو بالمقابل وافق على كل هذا
: اي وش قررتي؟
مزون بخجل: ابي طب او تمريض..بس قلت اقولك قبل..لأنه نسبتي تأهلني في القبول في هالمجال...اقصد المجال الصحي بشكل عام..
فيصل يرواغها: لا طبعا..مابي زوجتي تشتغل في مجال صحي..
وكتم ضحكته هو الآخر..
ضربت مزون رجلها على الارض واشتعلت غضبًا احتد قليلًا صوتها
: فيييصل...لا تصير حجّر كذا...والله ما توقعت..
فيصل كادت تنفرط ضحكته: شقصدك يعني انا متخلف؟
مزون بلا وعي نطقت: ما صيدي...بس..
فيصل ضحك: ههههههههههههههههههههههه خرّبت عيارات اللهجة....امزح معك موافق ما عندي مشكلة...مزون...
مزون زفرت براحة: صدق؟
فيصل : والله..بس هااا..بشرط..توازنين بين حياتك الدراسية الثقيلة وبين حياتنا بعدين...
مزون بخفوت: واكيد محتاجه مساعدة منك...
فيصل وقف امام الاشارة: بإذن الله انا ما بقصر..
مزون تتهرب: طيب...ما بطول عليك..
فيصل يقاطعها: تكفين طولي يا مزون طولي..واسرقي كل مرا جزء من قلبي...
مزون تتورد: فيصل...باي..
فيصل يضحك:هههههههههههههههه باي...
اغلق الخط، واخذ يكرر الحمد، ربما تكثر رغباتنا، وتكثر الأمنيات ولكن تتقاطع في منحنى..لنأخذ ما هو لنا ومقدر من عند الله، والرضا والقبول لكل ما كتب طريق للسعادة، اترك كل شيء لله ليعوضك بأفضل ما عنده، رحيل كانت امنيته وحبه الذي صارعه في الدخول الى فضول ربما كاد يفضح ماضي ليث. ولكن توقف استوعب ليث ليس عدوه ولو كان يعلم برغبته برحيله لتركها..ليث ليس أنانيا وليس حقيرًا..شعر هو حقير بكل ما فعله ولكن الآن تقبل كل شيء..مزون هدية جميلة من القدر ليكمل بها حياته..جاءت بلا تخطيط..واسعدت قلبه وسحبته عن هفوات الشيطان..توقف عن البحث عن تعكير صفوة حياة ليث..ادرك ليث للآن يعاني ولكن ما دام ليث متحفظ ولم يبدي بماضيه بكلمة لا يحق له بالتدخل ولكن هو على استعداد تام لمساندة اخيه..لإعطاؤه جزء بسيط من الراحة ولكن ليث يمتنع يعطيهم فقط دون ان يأخذ..تنهد
: الله ييسر امورك يا ليث.
.
.
الثقة..حينما تنكسر أو يشوبها شائب يفسد معانيها تصبح الحياة سوداء، ان تصبح منبوذا في المكان الذي لا تستطيع الإنفصال عنه شيء يعد من الإنهيار، امامهم يعاملونها بأفضل حال خاصة بعدما تكتم فهد وبشكل كبير عمّ حدث، اغلقت دفاتر كشف الاوراق على الملأ، حتى انه خبّئها عن ريّان ولكن ريان يدرك تغير فهد وحرصه عليها ولكن لم يسأل عن شيء، يكفيه مجيء رحيل..وانصراف نظره عنها ففهد اخذ دوره في المراقبة..حتى اجهزتها اصبحت مراقبة ومقرونة بحسابه الشخصي ليصلة كل ما تفعله في الهاتف..ولكن لم يخبر والده..ولم يخبر والدتها..يعاملها خلفهم بقسوة وامامهم بالمعتادين عليه..تشعر بفقدانها للذة الحياة..خسرت نواف وصوته لأشهر...خسرت كل شيء..ثقتها وحبها..لم يقوى عود حبهما..ولم يخضر ولم يزهر..توقف في نقطة الإلتقاء ليصبح معكوسا بعد ذلك في اتجاهه.
نظرت له اتى اليها ليحدثها بنفسه..بعد انقطاع ..اتى ليحدثها لكلام طويل بعكس كلماته التي اعتادت عليها طيلة الاشهر..حازمة..وآمره فقط.
نظر لها: تدرين اللي سوتيه غلط؟
يذكرها بسوء ما فعلته، يذكرها بذنب احرقها واحبته..تشعر بحبها الصادق لنواف..اجل تشعر بحبها الصادق الذي يتلوّن ليصبح قاسيا ببعده
تهز رأسها
ليكمل: خنتي ثقتنا؟
وهي خانت نفسها، وخانت قلبها وعقلها بالمتناقضات..ما ذنب قلبها حينما دلف باب العشق؟ ما ذنبها حينما انرمت في هاوية نواف لتزداد حبا له؟
تكره عمرها الذي يوقف هذا النوع من الحب بالإنتهاء في مفترق طرقه دون جدوى للإلتقاء
تبكي، لأنها اشتاقت وتاهت بعد ذلك الموقف الذي اعتصر قلبيهما ليسقطا على فراش الخوف والتعب من القرار الصارم المُسقط على رأسيهما
فهد: اللي سوتوه ما هوب حب...هذا تعدي لحدود الله ...الحب مو كذا وصايف..
.
.
وكيف هو الحب يا فهد؟ هو الآخر متعب من مشاعره التي رماها خلف ظهره بسبب الفارق العمري الكبير، تنازل عن حبه لمزون ليصبح واقفا امام المنطق، في بعض الحين الحب..يطالبك باللامنطقية وبالجنون الذي يرتسم نحو السعادة المشروطة بوقت قصير..ولكن هو تنازل عن كل هذه الترهات ليتقوقع..في الصمت..فيصل هو الأنسب لها..الفارق العمري بينهما معقول بينما بينه وبينها لا..وفي الواقع شخصيتهما لا تتناسب مع بعضها ابدا، يذكر مواقفهما ونفورها من ردات فعله..ريان حدثه سرًّا عليه ان يبادر بالخطبة قبل فيصل ولكن اخبره بعدم رغبته بها لأسباب يحتفظ بها لنفسه.
.
.
بكت واستمرت في البكاء
فهد: تدرين وقتها لو ابوي عرف وعمي وش ممكن يصير؟..كان هم ميتين الحين..وضعكم ذاك اليوم غلط بغلط..حتى لو ما سويتوا شي..هروبكم ومكالماتكم بالخفا غلط..اوجعتيني..وقتها انا حاس اني خسرت رحيل ومناهل..وخسرتك بعدم ثقتي فيك!
وصايف مسحت دموعها لا تقوى على عتابه وعلى كلماته
: بإذن الله لكبرتوا بصيرون لبعض..يا وصايف..صارم كلمني..نواف يبيك ..بس اعماركم ما تناسب يصير شي رسمي..لذا..انا وصارم بس اللي بنمسك موضوعكم ونكتّم عليه...ولكبر نواف وشد عوده ذيك الساعة يتوجه الكلام للكبار..بس اشرطت عليه شرط ولو انتقض ينسى كل شي..
وصايف نظرت له بتوتر وخوف ليكمل: لو بس اشوف غلط منك او منه..تتقابلون او تكلمون بعض..والله واللي رفع السماء..لانتي له ولا هوب لك...وانا بكون بري من اخوتك...
وصايف شهقت: لا فهد والله...والله ما بسوي شي والله...اقسم بالله ندمت على كل شي..اعترف غلطت بس إلّا انك تتخلّى عني..فهد.سامحني..ما اقدر اعيش وانت كارهني كذا سامحني والله والله ما اعيدها...والله...
فهد تنهد بضيق نهض انحنى ليقبل رأسها قبل ان يخرج: ما ابي اشوفك تغلطين مرة ثانية...ومسامحتي ما بتجيك إلّا لم اشوفك عند وعدك...عن اذنك.
.
خرج وتركها ما بين فرحة وفاء نواف لها بالوعود وما بين سعادتها لتخفيف فهد لحدته نهضت وخرجت من الغرفة لتنزل لوالدتها.
.
.
دخل عليها، وفي قلبه طرب..يدندن بسعادة وعينيه تتجه لأخيه ولوالدته..انحنى ليقبل رأسها ويقبل اخيه
: يا ربي هذا ما غير نايممممم...بالله المفروض تسمونه بدل ذيب.نوّام..
ضحك ابيه : هههههههههههههههه اذكر الله...مير ما يتركنا ننام انا وامك...يسهر للصبح...
ام ذياب تهز رجليها من اجل ان يغط صغيرها في نوم ثقيل: اي والله ...اذكر الله يا ذياب...
ذياب ضحك:الف من ذكره....
وبجدية: صوته اصلا يوصلني بالليل...حتى أمس شفتوني جيتكم خفت تعبان ولا شي...
بو ذياب بهدوء: بطنه اشوي يمغصه...
ام ذياب نظرت لذيب: الحين احسن...خف...ونام..
ذياب باهتمام مبالغ فيه:طيب ليش ما نوديه المستشفى؟
بو ذياب:يا بوك مو كل شي نودي ونجيب للمستشفى..المغص يجي كل الأطفال...والحمد لله الحين خف..
ام ذياب بحنان:اي خف كثير..
ذياب نهض: اجل يمه روحي ارتاحي دامه نام..انتي بعد تميتي سهرانه أمس..
بو ذياب:قومي يا ام ذياب ريحي..
ام ذياب نظرت لابنها وبتساؤل: طالع شكلك..
ذياب ابتسم وبلل شفتيه: بروح عند عهود قلبي...
ام ذياب ضحكت: ويح قلبي عليك يا عهود...يا ولد اثقل اشوي...
.
ذياب
لولا والده واقناعه لأبا صارم من ان يعقد القران بينهما بدلًا عن تلك المدة لما وافق..انحنى على ابيه ليقبل رأسه: لو ما هاللحية الغانمة ولا بو صارم ما ملك علينا...يمه قلبي فقد صبره...
بو ذياب بضحك:هههههههههههههههه ....لا لا ذياب كلامك كبير..اثقل لا تخليني اكلم ابوها واقوله ناخذها من غير عرس...
ام ذياب ضربت على صدرها: لا تقولها يا بو ذياب الحين يصدق...بنت اختي تستاهل حفلة زفاف كبير لا صار ولا استوى...
ونظرت لذياب: وهذا انا احذرك لا تستعجل ...اتركنا نسوي الامور بركادة يا ذياب..
ذياب بضحكة: تمام يمه تمام..
ثم اقترب منها وقبل رأسها وخرج تحت دعوات والديه.
.
ركب سيارته..حدثها اليوم سيخرجان لتناول الافطار كما اتفقا مع ابا صارم سيخرجا لمدة ساعة فقط، رغم ان ابا صارم شديد في الامر ولم يقتنع الا بعدما حدثه صارم..ولكن حرّص على عهود وذياب يخرجان لمدة ساعة فقط
اتصل: انا في الطريق...
.
كانت في غرفتها كل شيء مبعثر واصبح رأسا على عقب..كل شيء مرمي هنا وهناك سمعت الرنين ودخلت دانة في تلك اللحظة
:وجع شالفوضى...
عهود بتوترت اشارت لها وهي تجيب: انكتمي..
ثم قالت: الو...هلا ذياب..اوك تماام..
ذياب بهدوء : زين عمي وافق..
عهوك بجدية: صارم هو اللي يقدر يقنعه غير كذا ما يقتنع...
وبتأكيد: وتراه اكّد علي بس ساعة ..
ذياب ابتسم: تمام..اهم شي اشوفك..واشوي نغير من جلست البيت..
عهود: اي...يلا عشان ما اعطلك بروح اتجهز...
ذياب بهدوء: تمام..انتظرك..
.
.
اغلق الخط ونظرت لدانة
:اللي يشوفك يقول بيجيك هنا ...
عهود : لازم اكشخ حتى لو ما بشوف الكشخة..
دانة بنفسية اخرى تماما عن تلك المكتئبة...تقبلت كل شيء...ونوت على إعطاء نفسها الحق في العيش بسعادة دون ان تضحي بتلك السعادة من اجل امور واهية ..ومضت ولن تعود..ومحمد كان له سببا في الواقع لتتقبل امور كثيرة..
حركت حاجبيها بعبث: يا حقيرة ناوين تهجون؟
عهود ضحكت: يا سخفك...وين نهج...بس بروح نفطر ونجي..
ثم غمزت لها: وينه محمد عنك؟
دانة ابتسمت: وين بعد اكيد في دوامه...وانا لسى ما بدوام الحين..وبنات عمك المجانين بجون لي يكملون جلسة تنظيف البشرة..
عهود ضحكت:ههههههههههههههه والله انهم كفو..
دانة بملل: يبالغون..يبالغون....
عهود: يا شيخة عادي عيشي اللحظات..ودامك ما تبين مشاوير وما عندك وقت..اتركيهم هم يسنعونك..
دانة بنصف عين: تراني سنعة بدونهم...
عهود لبست عباءتها وقبلت خدها سريعا:ما فيه شك والله.
دانة نهضت: بقوم..اهوي الملحق..بجون بعفشهم الحين..وبشغل التكييف لا يطفشوني بكلماتهم حر وحر..
عهود: ههههههههه طيب...
ثم.خرجت وبقيت عهود ترتب غرفتها بشكل سريع
.
الجلوس مع النفس يجعلك تتعرف على ذاتك وعلى وحوشك التي تريد الإنقضاض على الدوام، تجعلك ترى حقيقتك وتواجهها بطريقة هادئة أو وحشية، هو تعرّف على نفسه وكرهها..شعر بأنانيته كيف كانت تتغذى على ارواح ربما كُثر، الظروف كانت لها دور في تفكيره الذي تجلّى بعد هذا الشعور ولكن قبلها، كان نائم في غياهيب الظلام..تذكر ذنوبه التي يتقشعر جسده منها..ما زال هو الآن متهاون في الصلاة حتى انه في بعض الحين ينسى ان يقضيها...ولكن توقف عن ممارسة الرذائل بشعوره بالذنب وبتكرر صورة ستيقن الميّت في ذهنه..وسؤال تحرير المتكرر عن عمها..يجعله يتوه..ويغرق في جبهات خوفه..يغرق..يلين..يغض البصر عن رعشاتها...قلقها على عمها انساها قليلًا بالتفكير في سلمان..ولدت وانجبت طفل يشابهها وكثيرا اسماه بـ"طلال"..ألتهت به..ولكن ما زال قلبها معلّق بعمها..بآخر شخص يرتبط بدمها..اصبحت تبكي..شوقًا له..تخشى عليه من الموت..وهي لا تعرف انه مضى على موته بما يقارب تسعة اشهر..مسح على رأسه..تحرير متعبة.
لم تنم جيدا بسبب بكاء الطفل..الآن تغط في سباتها..ولكن صوت الطفل ايقظها من ركود تفكيره..نهض..وتوجه لسريره..انحنى وسحب طفله ما بين يديه..وضعه بخفة على صدره واخذ يهدهده ..قبّله على جبينه وانفه وخده وفمه...احنى رأسه قليلًا وهو يهمس: حبيب البابا..اشش..عمري..
اغمض عينيه..والطفل سكن أنين بكاؤه رويدًا..احتضنه قليلًا واخذ يطبطب عليه ..سمع صوت من خلفه: بتّال.
.
.
.
.
انتهى
.
.
قراءة ممتعة
التقيكم يوم الخميس
محبتكم شتات^^
|