لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

المنتدى العام للقصص والروايات القصص والروايات


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-21, 01:49 AM   المشاركة رقم: 81
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.
.
.
.


اصبح أمام فهد الذي وقف بقلب متشوق لرؤيتها ولكن بصلابة خارجيه: وينها؟
ليث مسح على رأسه: بتجي..

اما هي مزقت الملابس المبللة بعد أن ارتدت ملابس عشوائية سريعًا اخرجتهم من الحقيبة، ثم رمت المبللين في القمامة الجانبية، خرجت وشعرها المبلول متروكا على اكتافها وظهرها ليحتضن ويمتص جزء قليل من غضبها، ستوجع ليث لا تقدر على ممارسة البرود وهي تشتعل غضبا حينما تراه.
وصلت لهما..نظر لها ليث واخذ يتوتر من هذا اللّقاء، فهد رفع رأسه..لينظر لفتاة طويلة ونحيلة جدًا شعرها طويل واسود..عينين واسعتين وبؤبؤ يهتز بتحديقها الحاد..وجه شاحب ومصفر..وجروح باهتة تزيّنه..ندبة موجعة على يمين خدّها لتشرح بقيّة الجروح.
ازدردق ريقه..كبرت أخته..ما عادت طفلة تصل إلى منتصف جسده..تنظر بلطف وحب حينما تراه..تركض له حينما يدخل إلى المنزل لتخنقه باحتضانها وتطلبه السكاكر، لم تعد هذه الواقفة رحيل التي يعرفها في السابق، خفق قلبه..تقف أمامه على بعد مسافات بسيطة..همس
بوجع: رحيل.

لا تنكر اشتياقها ولكن بعدهم مؤذي ومؤلم..عاد "المستذئب" للنوم..ليوقظ شموع الحزن في قلبها..ارتجفت شفتيها من شكله الجديد..تغيّر كل شيء تغير عن سابق عهده..كبر..اصبح حزين بائس..طولة زاد من هيبته أكثر..عينيه اصبحت ناعستين اكثر او ربما هي نست شكلهما في السابق اصلا، شعرت جسدها ينجذب بالاقتراب منه، تريد عطف وشفقة وحنين ولكن توقفت في نقطة الانكسار والخذلان لتتجرأ على لفظ
أي رحيل...كبرت صح فهد؟:

نظر ليث لها لا يدري اي جنون ستفعله الآن واي حديث سيقال ولكن من الواضح رحيل ستشعل نيرانها في فهد، الذي اقترب منها واحتضنها..اختفت رحيل في حضنه طولها لا يجاري طوله في الواقع ..اختفت ما بين عرض اكتافه وما بين لهفته..ارتعشت ذاكرتها لتعود لأيامهما الجميلة..مات الوحش الكاسر الذي قادها قبل دقائق لإثارت الجنون لتصبح انفصالية في الأفعال..شعرت بدفئ ناعم يتخلل جسدها بروح اخوية تمنّته في سنواتها العِجاف وجهها اصبح ملصقًا في صدره، عطره لم يتغيّر اغمضت عينيها تسترخي من جديد، يزول الغضب على اغصان الذكريات..تذوب القساوة في حضن اخوي وابوي تاقت روحها لإلتقاؤه.
لم تبادره بالإحتضان، لم تلف يديها الصغيرتان حوله..ولكن كان يشد عليها..يغطيها بحنانه..يثير في ذاكرتها رائحة ماضيها البسيط، المليء بالشقاوة والمليء بالمحبة.
.
.
أنا قاسي اعلم، لم استطع مُجاراة غضبي..ازحت قدمي لتنزلق في قاع التبلّد في الإبتعاد والدخول في صمت المحايدة، ها هي روحي تتجدد..تغيّرت رحيل لم تعد تشبه أمي ولكن رائحتها هي الوحيدة التي لم تتغيّر!
.
.
يحني رأسه على رأسها ليقبله..يمسح على شعرها الرّطب..ليزيد وجع ليث..ليث هنا واجه محطة اخرى من تأنيب الضمير، هو المتسبب في ابعاد الاخوين عنها، هو السبب وهو الجاني والمجني عليه، يصعب عليه وصف شعوره..هي حلفت على ان تقهره دون سحب روحه إلى عالم الأرواح ولكن هو فهم كيف ستُسحب روحه ببطء شديد، لترفرف على أجنحة تأنيب الضمير مرورًا في ضجيج روحه الصامتة..لفّ وجهه لم يرى فهد ضعيفًا هكذا..اشتياقه يشع..روحه تلتصق بمثالية على جدران الأخوّة..يحتضنها وهي هادئة. لمح استرخاؤها دون مبادرة في اشعال فهد بقبول وجودها في حضنه..يا الله ما هية الشعور الذي تجتاح روحه ..موجعة تطبّق على عنقه لتخنقة في عبرات السنين الصعبة.
يبعدها فهد يطوّق وجهها الباهت..ينظر لعقدة حاجبيها وكأنها تصارع الم مفاجأ عبر في قلبها، قبّل جبينها
يتحدث بوجع اخوي عميق في شعوره: الحمد لله على سلامتك..اخبارك يا رحيل؟
تضع يدها على كفيه تبتعد عنه بقدر بسيط يخنقها سؤاله، وتخنقها نبرته الأخوية التي افتقدتها : انت تشوفني بخير؟
رحيل بنظرة ثابتة: وش حال الشخص اللي توّه طالع من غربة سجن؟
تدعك قلبه بهمس: رحيل...قولي الحمد لله..عدت...والله لا يعودها..
رحيل: ليش جيت؟..لا كان عنّيت نفسك وجيت..ما نيب محتاجه لكم بعد يا فهد...شلت نفسي بنفسي مانيب بحاجة حضن..وكلام...وإن كنت جاي تعاتب..هذاني اقولك اياها..ما اقبل العتاب..لانه طاقتي نفذت.

ليث يراقبها ويراقب تقلباتها ويراقب فهد
الذي قال: ما نيب جاي اعاتبك..انا جاي مشتاق لك...
رحيل ترتجف شفتيها: مشتاقة لكم..بس مابي اشوفكم هالفترة...
واشارت لنفسها: مثل ما تشوف..مانيب بخير..عقلي مو معاي..ولا لي طاقة اواجهكم واواجه عتابكم...
يقترب فهد وعينيه تحتضن حزنها وكلماتها: ماحد بعاتبك...
تهز رأسها بسخرية لتقول: وجودكم بعد هالسنوات اقوى عتاب لي
ليث ينطوي وراء حديثه المؤجل
ليقول فهد: كلنا قصّرنا بحقك كلنا رحيل..بدون استثناء...عارف حتى ليث ما كان يزورك...وعارف وقتها كنتي..
قاطعته وهي تنظر لليث بشيء من الغموض:هو الوحيد اللي كان غيابه عادي بالنسبة لي.
ليث يفتح عينيه على وسعهما ليعقد فهد.حاجبيه
وهو يقول: سؤال واحد...وجاوبيني..مابي اكثر عليك..وانتي مو طايقة هالحضور...
تنظر له بقهر
ليردف: تبين تطلقين؟
تهز رأسها سريعا بالنفي: لا...بس مابي اشوفكم لا انت ولا ريان ولا احد منكم..
فهد بجدية: الكل مشتاق لك.
رحيل بغصة: ما جاكم الشوق الا لم انفرج عني وطلعت من السجن؟...قسيتوا علي...فهد...
فهد لا يدري ماذا يقول ولكن حديثها موجع
تحدث ليث: احتمال بكرا يجي ريان وابوي وابوك..
رحيل تغمض عينيها بقوة وتشد على قبضة يدها امام فهد الذي يحدق لكيانها الجديد بقشعريرة خوفه عليها.
رحيل تنظر لهما: يعني مجبورة على لقاهم؟
فهد بهدوء: من حقهم يشوف بنتهم...
رحيل بسخرية: صرت بنتهم الحين!!
يتقدم لناحيتها يقبل جبينها من جديد: سامحينا كلنا على القطيعة...اللي صار مو سهل..
تهز رأسها تقاطعه بصوت منفعل قليلا: خلاص فهد اطلع ...
ليث ينظر لها وله وبتدخل سريع : فهد...
فهد يبتعد يدرك رحيل منزعجة من هذا الوجود ويدرك تبدل حالها، لا يريد ان يضغط عليها اكثر هو درس الامر بنظره واخذ الجواب بكلمة
همس: استودعتك الله.
ثم خرج من الشقة..ليجعل رحيل تنظر لليث بنظره تهديد: لا تاخذ بنفسسك مقلب كبير وتفكرني بخضع لككلامك..بكرا ان جاو وقلت اطلع لهم..احتمال اذبحك...
تستثير غضبه ورغبته في الإنبثاق من ثقبه الاسود تقدم لها وامسكها من اكتافها
ليصرخ: أنا اصلًا ما أبيهم يجون ولكن اذا اصروا وجاو بتطلعيين برضاك...ما بيدي شي اسويه ..اطردهم يعني؟..حطي عقلك براسك وتفهمي وضعهم..لا تحيروني أكثر من كذا!
تنظر له تستمع لكلامه تدفعه بقوة عنها ثم تعود للغرفة وهي تقول: اطلع من الشقة...مابي اشوفك...
ليث يرفع نبرة صوته غاضبا: ولا انا ابي اشوفك...رتبي اللي عفستيه...وجهزي حالك لبكرا...فمان الله.

..
..
..
كيف يستطيع المرء التنفّس وهو مُثقل؟ يمشي وهو يكتم آهاته ومخاوفه في صدره؟ كيف يتأقلم ويتكيّف مع كآبته؟
هل تطبّق حديث موضي؟ هل تستمع لكل نصائحها؟
لا شيء في الواقع يخبرها بالعكس..عليها بالتقبل..هي الحياة هكذا..تجري الرّياح بما لا تشتهي السفن..لِم تعاند نفسها..لم تخاف كل الأشياء..هي ستتزوج بالشكل الطبيعي..زواج تقليدي..هي لا ترفض الفكرة بل ترفض أشياء اخرى تُصيبها بالجنون..تخشى عدم التقبّل..تخشى مواجهة العيون التي تلتقط خجلها وحزنها لتظهر شفقتها عليها..تخشى المقارنات..والألقاب..تخشى من ألّا تستطيع التحمّل بعد الآن..نظرت لأخيها
: ما بتنزل؟
صارم بهدوء:عندي كم شغلة بخلصها وبرجع البيت.

تترجل من سيّارته وتدخل المنزل القت السلام حينما عبرت أمام الصالة،
ام صارم وهي تحدث اختها: بعد عمري يا خويتي..عسى عمرك طويل..وتمم لك على خير..

تجيب ام ذياب من خلف السماعة: تعالي زوريني عاد...تعرفين حالي الحين..
ام صارم تنظر لدانة وتشير لها وهي تقول قبل ان تغلق الخط: ولا يهمك..اهم شي انتي اركدي مكانك ولا تتعبين حالك..وبإذن الله بين كل فترة وفترة بجيك...يلا ما اطول عليك سلم لي على ذياب.
ام ذياب: الله يسلمك..فمان الله.
ام صارم: فمان الكريم.
تغلق السماعة لتنظر لابنتها وهي تنهض:بحط لك غداء..
تمسكها من يدها بابتسامة: لا يمه...مو مشتهية..
ام صارم عقدت حاجبيها: وراك يمه كأنك ذبلانه؟
دانة تحرك رأسها وهي تفك الحجاب: مانمت زين امس ...ومصدعة بروح انام...
ام صارم :روحي يمه روحي ريحي ...
دانة تقبل رأس والدتها وتصعد على السلالم..لتتجهة لغرفتها فتحت الباب تريد حقًّا النوم ومزاجها ليس في محلّة
سمعت رنين هاتفها فتحت باب الغرفة دخلت واغلقته دون ان تقفله
سحبت الهاتف من حقيبتها وهي تتأفأف لا مجال للهروب من حقيقة تواجد محمد في حياتها الهروب يعني التغافل فقط والاستغباء بلا معنى، ماذا سيحدث لو واجهة حياتها الجديدة واعطت نفسها فرصة كما قالت موضي؟
جلست على طرف السرير اجابته لتسمع صوته الهادئ: شلونك الحين؟
تتحدث متعبة: بخير...
محمد يحك جبينه: لساتك في المستشفى؟
دانة باختصار وصوت شاحب:لا..
سكتت ليطيلا الصمت
ثم قال: زواجنا بكون بعد ثمان شهور...اخترت فترة خطوبة شبه طويلة عشان نفهم بعض اكثر..
حك انفه متوتر : دانة...ابيك تتقبلين الوضع مثل ما انا متقبلة...اتركي موّال انه حنا مجبورين...انا شاريك...وناسي هالفكرة اصلا ومطلعها من راسي...تقبلي عشان نقدر نوصل لخط التفاهم والأمان.
تزدرد ريقها خجلا:إن شاء الله...
محمد بتفهم لنفسيتها ولكل الظروف التي عاشاها: يمدي ازورك الليلة؟
وبحذر: عمي ما بقول شي...لستأذنته.

لا مزاج لها في تكرار المواجهة اغمضت عينيها لينفتح الباب سريعا وتدخل عهود وبهس تردف: لا ...خلها يوم ثاني اذا ممكن؟
محمد بهدوء: تمام...اكلمك وقت ثاني..مع السلامة.
دانة :مع السلامة.
عهود نظرت لها بنصف نظرة:الحُب؟
دانة ضحكت بسخرية:ههههههههههه ترا تو مملكين متى صار الحُب؟
عهود تجلس امامها:بصير ...بصير الحب..بس قولي لي عندك البوم وحنا صغار اللي مع..
وبنبرة خجل:ذياب؟
دانة سكتت لثانية لتنفرط منها ابتسامة واسعة لتزيّن شحوب وجهها
: يا الخفيفة..
عهود ضربتها بقوة على فخذها: حماره....بس ابي اشوف الصور...
دانة تضحك بخفة: هههههههههههه.....
عهود تفرك كفي يديها: لا ضحكين..احسني متوترة..وابي اشوف له صور وابي اتعود عليه اشوي...خاصة لم حسيت من كلامكم انه يحبني...احسني توترت الف وخايفة..
دانة بجدية: ماله داعي التوتر..وصدقيني راح تحبينه مثل ما هو يحبك...كل شي له وقته...ولم تملكون وصيرون لبعض سبحان الله بتحسين بشعور ثاني.
عهود :يعني انتي حسيتي بشعور ثاني على قولتك؟
سكتت دانة..شعرت انها تكذب في حديثها فهو لا ينطبق على وضعها ابدَا وعهود من الواضح متوترة ولا تريد اضافة كيل جديد من التوتر عليها لذا
قالت: اي فيه فرق...
عهود بحماس:طيب طلعيه..
دانة تقف تزيح العباءة من على جسدها: حاليا ابي ارتاح لجلست من الغفوة طلعته...
عهود نهضت:تمام...
ثم قبلت خد اختها وهي تبتسم وخرجت من الغرفة لتترك دانة تتمتم بالاستغفار.
..
..
..
غفت وجلست من النوم على صوت رنين هاتفها تمللت في الواقع وتشعر برغبتها الشديدة في الإستغراق في النوم اكثر، شعرت بضيق حركتها بسبب يدها، كم اسبوع مضى عليها؟ حقًا ملّت من الجبيرة ولكن الكسر تجدد وجبرّت من جديد فعليها بالصبر..مسحت على وجهها سحبت الهاتف بيدها السليمة اجابة حينما قرات الاسم
: تدرين انك مزعجة؟
تضحك بخفة، نفسيتها بعد رؤية نواف تتحسن نوعا ما
بدأت تخرج من ضيق عتمتها في الأحزان: نايمة؟.
تسحب نفسها لتسند ظهرها على الوسادة: شرايك يعني؟
وصايف بطنز:واضح من صوتك تقل ولد توه بالغ.
مزون بعصبية وبلهجة شمالية : أنتي شبعانه خبال ولا عليك شرهة وماصقة عقل....
تنفرط في ضحكاتها بعين دامعة:فصلت الحمد لله والشكر..خبري وصلتوا الخُبر صح؟ مو الشمال؟...السؤال اللي دايم يكرر لشككتيني فيك ههههههههههههههه....
مزون ابتسمت :اي حنا بالشقة ...يمديك تنطين لي...
وصايف بسعادة:عمارة جدي صح؟
مزون تتثاءب: اي
وصايف بحماس:الفارق بينا وبينكم شارع ولفتين..بكلم اصايل وعهود وهيلة ونجيك...
مزون بذعر: خيييير..لالا تكفين..مالي خلق اكشخ..وحالتي حالة...وتونا واصلين مابي ازعج ابوي....اعرف بنات عمك مثلك حوسه..
وصايف بعبس: شذاااا طيب كلتيني...
مزون تمسح على وجهها: بكرا انا بجيك...يمكن كذا وانا مارة اشوف مطانيخ عيال عمك...
وصايف:هههههههههههههههههههه اكيد عيال عمي علي؟
مزون تضحك:هههههههههههه ولا يهون صارم ولد سلطان...
وصايف تخرج كليا من مزاج البؤس: قسم بالله انك حيوانه طيب فهد وريان؟ ماخذين من زين اهل الشمال ما جابوا راسك؟
مزون تنهض من على السرير بصعوبة شديدة عقدت حاجبيها بالم: يعجبني جمال اهل نجد ...جمال اخوانك مألوف كثير بالنسبة لي اما عيال عمك نادر اشوف مثلهم....ياخي مدري شلون اقولك احسهم رياجيل على سن ورمح..ولا يهونون شباب الشرقية!

وصايف تشهق: هأااااا...يا الوسخة عينك طويلة من عيال عمي لين عيال الشرقية كلهم ؟...الله اكبر عليك...وتعالي قولي لي يعني فهد وريان مو رياجيل؟!

تختنق في ضحكتها وعلى وصفها اللامفهوم: هههههههههههههههههههههههههههه والله مو قصدي....ترا خوانك يشبهون ابوي وابوي شيخ الرياجيل.. بس اقصد جمالهم من كثر ما اشوفه ما صار يلفتني...
وصايف :افكر بعد...

مزون تقف امام النافذة: واضح مزاجك عالي
وبحذر:نوافوه القرد له دخل؟
وصايف تسكت ثم تتحدث بلا حواجز: اي...تدرين مزون.. لم رجعت وكلمته حسيت ردت لي الحياة.
مزون بنرفزة:
كون(ن) مابه عون...
وصايف بانفعال:وجع شالدعوة...
مزون بللت شفتيها: تدرين انك بقرة؟ ثورة؟...غباءك مغطي الدنيا...لو صدق تحبون بعض ابعدوا عن المكالمات والخبال...عشان ربي يرضى عليكم ويسّر لكم اموركم ..مانتي غبية اكيد عارفة اللي تسوونه حرام...وش تنتظرين عشان توقفين خبال؟ تنتظرين احد يكشفكم؟
وصايف بضيقة: مزون والله انتي مو حاسة فيني...اقولك..
قاطعته بنرفزة:لا جيبين لي الحموضة بسالفة احبه وما اقدر..بكرا لتوطى بطنك فهد..ولمرّغ وجهك ريّان في التراب قولي احبه...
وصايف عادت للكآبة: ياربي تحبين تنكدين علي...
مزون منفعله: اعقليها يا بنت وبعدي عن هالطريق اللي ما من صمايل.
وصايف: واضح مزاجك تبن.
مزون بنرفزة: وواضح انك جايبة ام العيد وما تبين تسمعين النصيحة...
وصايف تتهرب:باي اكلمك لم تهدا اعصابك
واغلقت الخط في وجهها لترمي مزون الهاتف على السرير ثم خرجت من الغرفة لتنظر للمكان الهادئ واضح لِيلِي لم تستفيق من نومها بعد ووالدها ربما خرج او في غرفته نائم لذا توجهت للخلاء وهي تشتم نواف بهمس.
..
..
..
مُتعبة، ولكن تشعر بالحُب يطوّقها من كل جانب، هذهِ الأجواء افتقدتها..كانت تعيشها مع والدتها وخالاتها وخوالها في المغرب..كانت ضحكاتها تُسمع على بُعد مسافات طويلة، كانت تمتاز بروح "الفرفشة"، لا تحب الأجواء البائسة تضحك وتحتضن والدتها مع اجواء العائلة بيدها ولكن بعد رحيل والدتها افتقدت نفسها آنذاك..ابتعدت عن عائلة والدتها لأنهم بؤساء..حزينين على فقد ابنتهم..لم تستطع البقاء كليًّا هناك فعادت لأبيها في مصر لتعيش في وحده كئيبة تقتاتُ عليها وترعب فؤادها، لذا فضلّت التنقّل على البقاء في مكان واحد، لتتفّس وتعيش بؤس حُزنها على فقد امها وحتّى ابيها بصمت.
ابتسمت في وجه أمل..شعرت إنّها مُتعبة ولكن تحاول الإختلاط معها بابتسامتها البشوشة وبكلماتها المريحة التي بثّت في فؤادها الإرتياح بلا كلل.
تحدثت: هنيالك بركان يا سوزان..لا تخافين اخوي..طيّب..وحنون...ورومنسي..وما في مثله اثنين..اختيارك في محلّه.
يضحك بخفة..يرى انقلاب حالها ولكلماتها التي تخفف التوتر عن سوزان
التي جلست عن يمينه
ركان: لا ترفعّين لي هالكثر..
امل تبتسم وهي تنظر لسوزان: ما قلت لها إلّا الحق..
سوزان بهدوء: واضح طيبة قلبك وحنيّتك مثله...
أمل تبتسم على مضض لتقول: ايوا..خليني اعرفك على نفسي..اكثر..امل..معلمة لغة انجليزية..ولي خبرة طويلة في الترجمة..قضيت حياتي تقريبا كلها برا عشت مع ركان بعد وفاة امي وابوي ولا افترقنا..ما تركته في الغربة حتى بعد زواجي من ليث..
وبصوت متهجد:فاهمة شعورك الحين..شعور اشوي غربة جديدة بس بعدها بتتأقلمين...اكيد انك حاطه ببالك تستقرين هنا ولا؟
يفهم خوفها من ابتعاده عنها ويتفهم الأمر نظر لسوزان وهي تبتسم لها بلطف: اكيد بستقر وين ما يستقر فيه زوجي.
ركان: اي خلاص..بإذن الله بنستقر هنا..يكفي غربة...
أمل ابتسمت ثم قالت: أي والله...الغربة شينة..لم رجعت السعودية..حسيت بشعور غريب..
ثم بتلطيف الجو: اي...سوزان..اي شهر انتي الحين؟
سوزان نظرت لركان وامل بتوتر: شهرين..
أمل بجدية: ركان لازم توديها المستشفى عشان المراجعات وهالامور...
سمعت رنين هاتفها لتنظر لاسم"ليث يتصل بك" نهضت وهي تقول: عن اذنكم جا ليث..ركان انا بمشي...
ركان وقف لتنظر لهما سوزان بابتسامة: بروح افتح له الباب..
نهضت سوزان وهي تقول لامل: راح إجي لساعدك...
امل ابتسمت على مضض وذهبتا معا
.
.
توجه ركان لفتح الباب لليث، فتحه ونظر لليث الواقف امام باب سيارته
تحدث: هلا ليث
ليلفت انتباهه: هلا بيك.
ثم اقترب منه ليقول ركان: ادخل داخل...ابيك في كلمتين..
حدّق ليث في ركان لثانيتين حتى دخلا معًا ليعبرا"الحوش" ويدخلا المجلس
اشار ركان له: تفضل اجلس...
ليث شعر بريبة ولكن جلس ليتحدث
ركان: في كلمتين ودي اقولهم لك..امل..
ليث تنهد بضيق وشتت ناظريه، شعر بعدم الارتياح والتخبط
: انا ما عطيتك أياها الا بعد ما شفتك كيف صرت وكيف تغيّرت..
اشتدت نظرات ليث على ركان ليكمل: وثقت فيك وسلمتك اياها امانة...وانا ما قصرت تجاهها بعد علمتها بالظروف اللي المفروض تعرفها..وقبلت فيها..وفيك..
ليث بهدوء: اي...
ركان بضيق: اتمنى يا ليث..انّك ما أوجعت قلبها..هي ما هيب طبيعية..ولاهي راضية تكلم...صارحتني تبي الطلاق منك..وتبي تعرف لو صداقتنا بتتأثر او لا..عطتني سبب للطلاق مو منطقي ابد..وعارف انها تخبي شي لكن ...جيتك اكلمك انت رجال مع رجال..وتفهمني كل شي.

ليث وكأنه فهم ما يرمقه إليه ركان بلل شفتيه: اكون صريح معاك..الظروف بيني وبين امل من بعد ما سقطت حملها متوترة...واللي صار مع رحيل ومعاي ومعاك زادها توتر هذا اللي بيني وبينها ولا فيه شي ثاني...وسبق وقالت لي اياها..تبي الطلاق..بس انا ما نيب مجنون اسمع لها وانفّذ...عارف امل تعبانة ونفسيتها بالحضيض..واعرف بعد اني ضغطتها وحمّلتها فوق طاقتها لم جبت رحيل لهنا...بس بشوفة عينك كل شي طلع من يدي في لحظة وحاولت الملم كل شي بدون كسر خواطر.
ركان بجدية: انا عارف انك بإذن الله بتعدل بينهم بس المشاعر ما فيها عدول..وعارف أمل تحبك..ويا ريتك ما تكسرها من هالجانب يا ليث..
ليث بنرفزة: حتى مشاعري بينهم عادلة ركان..هم ثنتينهم زوجاتي ولكل وحده لها معزتها وما ارضى عليهم بالكسر..
ركان: لو تجي وتعيد علي تبي الطلاق ليث بدون ما تقول السبب انا بعدها بفهم كل شي...وبتصرّف من كيفي ولا تلومني!
ليث سكت..فهم ركان يهدده بطريقة مبطنة لا يريد اثارت ظنونه اكثر ولا يريد ان يعطيه مجالًا لإثباتها
:ركان..انت ما تدري انها كررت علي الطلاق مليون مرة وحنا بأمريكا...بس ما سمعت لها ودامها تجرأت وقالت لك...فبكررها..وانا والله لو ايش يصير ما راح اطلّق..انا شاري أمل ومتفهم وضعها..وابيك انت تتفهم وضعنا كلنا..وتوقف معها ومعي وما تنحاز لطرف.
ركان بعصبية: تراها اختي وما عندي غيرها...وقلبي يقطّع عليها لم اشوفها كذا...وقفت معك يا ليث كثير..ولدرجة نسيتها..وبالاخير شوف حالتها لوين وصلت...
ليث اغمض عينيه وفتحهما سريعا: اذكر الله يا ركان..متفهم خوفك عليها ولكن والله...واللي رفع سبع وبسط سبع..اختك بقلبي وبعيوني..ريّح بالك...
ركان تمتم بالاستغفار واعاد عليه: لا ضايقها ليث..حط ببالك لم تضايقها كأنك بتضايقني انا..اختي عنيدة وراسها يابس..وصايرة غامضة ولانيب فاهم وش فيها بالضبط...يمكن تفتح قلبها لك اكثر مني مادري..بس حط ببالك امانتي عندك ليث...والله لو كسرتها بتكسرني بعد...وانا ما نيب مستعد انكسر بعد كسر سلمان.
ليث تمتم: الله يرحمه.
وبجدية: ارقد وآمن على قولتهم..امل بعيوني..بس دعواتك الظروف تستقر وكل شي بكون بخير..
ركان: إن شاء الله يارب.
وبتذكر: اي...ترا بتّال رسل لي اليوم الخبر..وصدق انتشر...اللورد اللي هو اليفر مات...صار انفجار في فلته
ليث سكت، تذكر حديث رحيل المؤلم تشتت اكثر
: اللورد ماهوب نفسه اليفر اليجاه..
ركان باستغراب: متأكّد؟
ليث ضم اصابع كفيه ببعضها البعض: اي...
ثم وبجدية وبصوت متعب: واصلة لرحيل رسالة..يحفزونها تقتلتي وراح يحمونها وحتى يعطونها الجنسية...
ركان صعق اطلق شتيمة سيئة بحقهم
ثم قال: وش هالخبال؟..وصلوا لها..ليكون يبونها تصير مـ..
قاطعه: اي ....وانا شاك بتال يكون عميل معهم..
ركان بجدية:ماستبعد...الثقة فيهم ذول معدومة..ومنى عينهم يدخلون أحد في البلد اللي يبونه عشان مصالحهم ..فانتبه على نفسك..
كاد يتكلم ولكن اقبلت عليهم وهي ترتدي العباءة وتسلم عليهم ليردوا السلام
ثم نظر ليث لركان ليقول: اعذرنا عاد الحين...نستاذن..
ثم وقف ونظر لأمل: يلا امل..
ركان: الله يحفظكم...

..
..

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 11-05-21, 01:53 AM   المشاركة رقم: 82
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.
.


..
يتققدم لناحيتها ينظر لإصفرار وجهها وعُقدت حاجبيها..ارتدت نقابها سريعًا بينما هو سحب حقيبتها ليتجها إلى الباب وركان اوصلهما للخارج ثم اغلق الباب وعاد للداخل، بينما هي دخلت السيارة سريعًا وأغلقت الباب..وهو ركب السيارة وسريعًا ما إن انطلق.
تصمت..تكتف يديها..تراقب كل شيء إلّا نظراته..يفسر صمتها لأشياء عدّة منها التعب ومنها محاول كبح الذّات من الطّيش، تنفس بصوت مسمع
يقول: قايلة لركان تبين الطلاق؟
ترمش مرتين وثلاث واربع تكبح رغبتها في الإنهيار ولكن لم تنجح تلتف بجسدها كله على الجانب الأيسر لتتحدث:شايف علاقتنا طبيعية عشان نكمّل مع بعض؟
تنفعل ويرتفع صوتها: أنت ما تحبني قلتها لي تكرهني...وخذتني عشان تستر علي وعشان لا تخسر صاحبك...وإن كنت تحبني..فيعني تو حبك بادي تو ماخذ له وقت طويل..ولا كيف تحبني واوّل تتسابق عشان تقهرني.
.
.

ليث تنفس بعمق ها هي انفجرت..لتزيد من ضغط وتينه أكثر، اجل يغضب ويصرخ وينفعل ويضع على اعتاقها الذنب كلّه لأنه جبان لا يريد المواجهة لا يريد ان يتعامل معها وكأنهما طبيعيان، كانت تستفزه بحبّها بتقبلها وكأنها ساذجة بما حدث..وكانت تجرحه في الآن نفسه وتحدث شروخات غير طبيعية في قلبه..هرب من كل شيء وحتّى من حقيقة ما يشعر به من تذبذب ما بين مواجهة الحقيقة او يبقى في حطامها ليعيش بقدر بسيط من الراحة بعيد عن تُرهات العقوبة، لم ينسى حديثه معها ولن ينساه، ولكن هو كان محطّم من الداخل..وإن كان خارجه يضرب ويدمي هذا مجرد هراء وصورة مهتزة لإكمال حياته للتخفيف عمّ بداخله، ولكن ها هي الأيام تتسارع وتتسابق لتدفعة في فوهة الحقيقة، لتجعله امامهم كالمجنون المتخبّط بما يبرر لها؟ لا يوجد مبرر في الواقع لكل افعاله الماضية، وإن اخرج ما في جوفه الآن اصبح غير متزنًا وغير طبيعيًا، فعليه ممارسة المواجهة بلفظ حقيقة ما يشعر به وإن قالوا مجنونًا لا يهم ولكن يريد التخفيف فهو متعب..وملّا من الحديث الداخلي!
ليث: أمل...مانكر اني قسيت عليك..بس عشت في تخبط وتذبذب..وضغوطات كثيرة...
ترتفع نبرة صوتها: وتجي تحط فيني كل ثقلك...تحمّلني الذنب كله..وتغلط علي..وتقهرني...وتذلني لأنك عارف احمل ذرات مشاعر اتجاهك.
تبكي: مادري شلون حبيتك...بس تعودت عليك...وتقبلتك...بالمقابل رحت عالجت عِلَلِي النفسية بس ما قدرت اواجهك في شي ليث..لانك انت بعد مريض وما عندك قبول لحياتنا...حمّلتني اشياء ثقيلة..وخليتني اغرق انا لوحدي عشان بس اعيش بشكل طبيعي...
تهذي بحقيقة مرة: لا فكّرني تقبلت الشي...ليومك قربك يخنقني...بس حاولت..ضغطت على نفسي اتجاوز...اقنعت نفسي بقبولك في حياتي وحبيتك...بس ماكنت تساعدني..كنت تضغطني...تتركني اتذبذب...واحاول انسحب الا انه ركان مقيّدني...
يكمل القيادة وتكمل الثرثرة: عارفة هو خسر اعز اصدقائه سلمان..وشفت حالته كيف تردّت ما عندي استعداد اكون سبب من انه يخسرك وصير بينكم عداوة...سألته وشفت جوابه يا ليث في عيونه...ما عندي استعداد اضحي بركان...بس بضحي بنفسي...لكن استوعب يا ليث..ارجوك استوعب ما بقدر اضحي دايم افهمني...ما اقدر...

ليث يلتفت عليها ثم ينظر للأمام بجدية: خلينا نبدأ من جديد..وصدقيني بشوفين ليث ثاني بحياتك...
أمل بفقدان الامل:لو نبدأ مادري من وين...ما راح ننسى ليث..بس راح نتناسى..وشي احسن من لا شي...وانا حرفيا ما عاد لي قبول بالحياة معاك وإن كنت احبك..احس خلاص..ما فيني اكمل...
ليث :امل...بننسى..بحاول...انا اصلا احبك..قلت لك انتي اختياري...
امل تنفعل: اختيار الخطأ...اختيار الذنب...اختيار#####
يختنق صوتها: عارفة راح تحط ورا كلمة اختياري لقب..بس عشان يهيني...وخفف عليك من الدّاخل الشعور بالذّنب!

سكت ليث وعض على شفته السفلية حار بأمره وامرها، يحبها..ولكن لا ينكر لا يستطع نسيان امر إلقتاؤهما..يعيشان على المد والجز..هي تتنازل ولكن هو في السابق لا يفعل..اما الآن فهو مجبر على التنازل حتى هو الآخر يريد العيش بهناء..يريد سكون..يريد سلام.
ليث: قولي لي وش اللي يرضيك؟
أمل تدخل كفي يدها احت الغطاء لتمسح بقايا دموعها: ما عندي لك حقوق من يوم ورايح...تعطيني فرصة اتقبل فيها من انك تكون لي قريب..بدون ما احس اني اختنق...وتعطي نفسك فرصة انك ما تغلط علي حتى وإن كنت تكرهني..
وبخيبة: لأنه الطلاق ما فيه طلاق...ما فيني حيل اكسر ركان..وانا جبانه مابي اواجهه بالحقيقة.
يسكت يزفر انفاسه الحارة بثقل: اولا انا ما اكرهك...كنت اتظاهر اني اكرهك وارددها عشان تكرهيني ..مابي اقول وابرر لك يا امل واوجع راسك..بس لك ما طلبتي..
ثم لف يمينًا: محتاجه لهواء نقي..نروح الكورنيش..تغيرين جو..
كانت سترفض ولكن قال:وبعدها نروح الشقة.
سكتت واخذت تتنهد بضيق من حالهما.
.
.
.
.
.

انتهى.



قراءة ممتعة أحبائي








‏يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّة..
والعدلُ مسرحيّة..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّة.
‎#المسجد_الأقصى
"نزار قباني"


قلوبنا معكم

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 03:00 PM   المشاركة رقم: 83
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 


.



Part24


.
.
.


قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء



.
.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.


.
.

فقدتهم جميعهم، هو من تبقى لي..هو من سد ذرائع الشتّات في البحث عن الأمان
شرّع مصرعّي حنانه ليُمسد على جراحات الفُقد مُنذ الصّغر إلّا أنّ هذا الفُقد وُلِد معي لم اشعر به قط..ولم أتذوّق طعمه..ولكن حينما كبرت وفهمت وادركت حديثهم حينما يقولون"ابنت الشّهيد" ادركت إنني فقدت أبًا عظيمَا افتخر به طوال حياتي..وادركت أنّ الأبوّة التي يُمارسها "عمّي" ناقصة مهما بذل ليُعطيني الحنان كله لن ينجح..رغم إنني كُنت أراه ابًا مثاليًا لي..رغم ادراكِ في الآن نفسه والدي متوفي..ولكن في النضج..في الكبر..تُدرك أشياء غير متوقعة منك في الصّغر على استيعابها..فانبثق من داخلي الإحتياج إلى أبي وحتّى أمي حينما شعرت لوهلة بضياعي رغم لملمت هذا الضيّاع من قِبل "عمّي".

نحن الفتيات بشكل ما نبقى أطفال لا أعمم ذلك لكي لا أجرح كبرياء بعضهن، ولكن شعرت برغبتي في احتضان والدتي وبشكل كبير حينما بلغت سن الرّشد، لم أعد طفلة بعد تبوح لعمّها عمّ تريده وتُخبره بكل شيء..اصبحتُ اتألم ولكن أخجل في مبادرة لفظ الألم أمام عينيه لسبب هو يفهمه ولكن أنا أخجل من أن أبوح بهِ أمامه..فكانت الظروف ومراحل عمري كلما كبرت كلما تزيد فُقدي لأمي وأبي وحاجتي الملحّة لهما.
وحينما تبعثرت المشاعر في الوسط..ليطرق الحُلم باب قلبي..دلف منه"سلمان"بصمت..وددتُ حينها اخبر أمي ولكن لم تكن هنا..ولم استطع أن أبوح عمّ اشعر به لأحد.يكفيني إدراكي لِم افعله...ولكن شعرت لوهلة بالضعف أمام رغباتي التي لن تتحقق..وجود أم وأب..ولكن لا أدري كيف لـ"عمي" أدرك شتات عينانا نحن الاثنان..أدرك الحُب..ولم يسوّف لحظاتي..خطبني لإبنه..وقبلت ذلك..هو يفهمني جيّدًا ولكن بسبب خجلي لم أستطع أن تجاوز الحصون لردف كل شيء له.
أخشى من أن أكون ثرثارة..فالرجال دومًا ما يقولون الفتيات ثرثارات..ولكن هل الأبهّات يقولون ذلك؟
لا لا يقولون..علمت مؤخرًا من إحدى صديقاتي ..أنّ والدها يستمع لها أكثر من والدتها..وأنا متيقنة "عمي" سيفعل ذلك ولكن أنا أخجل.

لذا تعلّقي بهِ يزداد..وتعلّقي بأبنه ليس لأنه حبيبي وحسب لا..بل وجدت في سلمان شيء أزال النّقص الذي اشعر بهِ في السّابق.علاقتي معه لم تكن لحظية أو رخيصة..لا..
كل شيء كان جميلًا..مليء بالمخططات..مليء بالسعاة..ولكن أدركه الموت قبل أن نُدرك وجودنا تحت سقفٍ واحد.
لم آستطع تجاوز صدمتي في رحيله..نحن لم نعش بعد تلك اللّحظات..بقينا في غربة..وكُنا نخطط عن بعد.. عن منزل الأحلام وحينما اقترب الموعد انشقّت الأحزان.

اعترف حياتي مع بتّال تُعتبر هادئة رغم كل شيء..فهو كثير السفر..طموحًا..يلتهم الكُتب..يسهر على راحة علمه..ولكن بهِ جانب يحب الحياة..يحب كسر الروتين..يحب نفسه..يحب التّلاعب واللّعب..كثير الخيانة ولكن لم اهتم..لم أراه يومًا شريكًا حقيقيًا لحياتي..أحببت الموافقة عليه من أجل ذلك الشبه الذي الآن كسر ظهري..شعرت بالخُسران فعلًا لم استطع التماشي مع الشبه دون إثارة أوجاع الماضي.

هو يُدرك ذلك..ولكن لا يجرؤ على تحطيم ما تبقى لي من حياة مع سلمان..فهو خائن وفي نظره ربما أنا خائنة بعد ..ولكن الآن..ماذا دهاه..ربما حينما شعر أنه سيصبح يومًا أبًا أدرك حقيقة زواجنا..لينقلب إلى هذا الحال!
وأنا أدرك كل شيء ولكن اشعر بإختطاف قلبي..اشعر بعجزي عن نسيان سلمان..حينما مزّق الصور شعرت وكأن يداه مزقّت جسدي وروحي..لا أبالغ ولكنه لم يفهم هو شعوري أبدًا وهذا لا يهمني في الواقع.
.
.
غسّلت الصحون..نظرت للنافذة..لتسمع صوت الحشرات الليلية
لا بد من رش الزّرع بالمبيدات الحشرية وإلّا ستحدث الكارثة، جففت يديها بعدما سحبت المناديل الجانبية، تنهدت بضيق..مسحت جبينها..وشعرت بتعب جسدها..مشت بثقل الحمل..خطت خطواتها للخارج ..لتعبر متجهة لعتبات الدرج ولكن ظهر أمامها فجأة دون تشعر به شهقت
: ويعة إن شاء الله!
اتسعت إبتسامته، رآها كيف تصلّبت في مكانها وتضع يدها على بطنها والأخرى على قلبها..عيناها شخِصتا..اقترب
ليقول: شايفة جنّي؟
بللت شفتيها لم تعطيه مجال للحديث، لم تتوقع مجيئة هنا، كان في خارج المنزل طوال اليوم حتى أنه لم يتناول وجبة العشاء معهم، متى أتى؟ لا تدري..ربما انشغل ذهنها أثناء "جلي" الصحون ولم تسمع صوت الباب أو حتّى خطواته..نظرت له ولعينيه الحادتين التي تحدّقان بها ليس غضبًا أو شيء من هذا القبيل لا بل هما حداتان بطبيعة أحوالهما على عكس عينين سلمان في التحديق..هنا فارق بسيط هي من تستطيع تحديده في الواقع!
عبرت خطوة لتهم بالصعود ولكن أمسك عضدها: تعالي أبي اكلمك..
تحرير نظرت له: نكلّم فوق...
سكت وتنهد في الآن نفسه لم يرفض: طيب..
ثم صعدا.. تصعد بخطوات متسارعة وبنفس تحاول أن يتزّن ولا يُخرج تعبها تسحب أطنانًا من هواء إرهاقها، اليوم وبشكل كبير تشعر بالتعب..ربما بسبب نوبة البكاء التي داهمتها حينما خرج بعد تمزيقه للصورة.

بينما هو يرى ثقل خطواتها..يستمع لصوت أنفاسها...من الواضح إنّها مُجهدة ولكن تحاول التغّلب على هذا الشعور..وصلا الغرفة دخلت..بينما هو دخل..وسريعَا ما توجهت للأريكة جلست..لتمسح على وجهها بيديها أمام عينيه حينما اقترب ووقف أمامها مباشرة
عقد حاجبيه: تعبانة؟
تهز رأسها بالنّفي ،يُتعبها الحديث معه..شيء بداخلها يبدأ بالتنازع ما بين الحديث وإمساكه..لا تطيق هذا الشعور ولكن لا هروب منه
اقترب جلس بالقرب منها نظر لها: تحرير..
تحرير نظرت له وبسرعة أشاحت بنظرها بعيدًا عنه..الشبه كبير ويفلق ذاكرتها بالصّور..وبينما صوته يستفز صبرها في البقاء مع تناقضات وجوده أمامها!

بينما هو يكره هذه النّظرة، نظرة الهروب من كونه "بتّال"وليس "سلمان"..النظرة التي لم يُلقي لها بالًا كثيرًا في الماضي ولكن الآن تُشعره بالنرفزة
وكأنها تستفزّه ليثبت أمام وعده أمام عمّها..لكي يكسر هذا الرأس العصّي في التمسّك بالأموات الراحلة.
امسك بطرف ذقنها ليلف وجهها إليه رفع حاجبه لينظر لتشتت عينيها

تحدث: نظرتك هذي لا تكررينها..عيشي مع الواقع يا تحرير..وأنسي الأموات!

تحرير تبعد يده عنها بهدوء نظرة له وشيء بداخلها يرتجف على أوتار ماضيها: اوك دام جذيه زين...

بللت شفتيها وشعرت بحركة سريعة لطفلها، سكتت وأخذت تسحب أطنانًا من الهواء، هذا الطفل كثير الحركة أمام أبيه، لا تدري هل يتعرّف عليه من هذه الحركة التي في بعض الحين تسبب لها وجع بسيط أم صوت والده يستفزة..أم في الواقع يحفّزها على تقبل كل شيء ووضعه في دائرة الجدية..مسحت على بطنها عقدت حاجبيها وهو يراقب تصرفاتها بصمت..أعادت نظراتها إليه
تحدثت: واقعي معاك..وايد وايد عاجبني..أنت بعيد..وأنا بعيدة..خلنا عليه..أنا محترمة هالواقع..ارجع على سفراتك..وخلني أهنيه لحالي..ومتهنيّة في أمواتي!

ضحك بسخرية : ههههههههه... أنتي شكلك ما فهمتيني...
تحرير تنظر له بجدية: فاهمتك وايد بعد..بس الحياة اليديدة اللي تطلبها مني وتطلبني ابتديها معاك على إنها بداية..أنا ما أبيها...ما أبيها ولا عمري فكّرت ابتديها أصلًا..

بتّال بحنق: لأنك حاطه براسك الطلاق؟

هزت رأسها تنهض، تلوذ بنفسها وبحملها الثقيل..شعرت برجفة نوبة البكاء تحث عينيها من إذراف الدموع، تبكي بشكل مفاجأ وبشكل مفرط أمامه حينما نهض ليتعجب من حالها..تستسلم لكل شيء..هو خائن يؤلمها من أنْ تُخان ولكن لم تهتم كثيرًا لأنها تنوي الإفتراق عنه..ونتيجة زواجهما هذا الحمل ..الحمل الذي لم تحسب حسابه في الأساس يضعفها بعض الشيء ولكن لم يقف أمام تفكيرها كعائق
اردفت بصوت مترجي: آسفة بتال..ماقدر اضغط على نفسي أكثر من جذيه..حضورك جدامي يذبحني..أششوفك هو..وبس لم تتكلم أنخذل..مابي بعد أعيش عذاب أكثر من جذيه..آسفة على كل شيء...بس اتركني أروح عند عمّي..
بتّال ينهار غضبًا: واللي في بطنك؟
ارتفع صوته: ليش ما تستوعبين أنه علاقتنا مو عبور ولا هي سد فجوات لذكرياتك..أنسي سلمان تحرير واكررها عليك انسيه لا انسيك ايّاه بنفسي...أنتي قبلتي فيني..فتقبلي كل شي..كلها كم شهر وصير بينا قاسم مشترك..أنا ما أرضى على ولدي يعيش في تذبذب بينا...

تحرير تبتسم وسط احمرار وجهها: شاللي غيّرك؟..الحين صرت تهتم للي في بطني..يوم قلت لك أنا حامل..رحت وسافرت ولا اهتميت..الحين خايف على ولدك يعيش التذبذب بينا لا جذّب على نفسك انت مو مهتم..بس الله اعلم شنو اللي غيّرك وخلّاك توقّف جدّامي جذيه تطلب منّي حياة يديدة!
بتّال يتقدم لناحيتها: أنا تغيّرت..وفهمت وادركت الحياة..مابيها تضيع من يديني بعد..خلينا نعيش ونعيّش الولد في أجواء صافية...
تحرير مسحت دموعها: لا تظن الولد بكون عائق لإنفصالنا...لا بتال..أنا ما افكر جذيه..
بتّال صمت نظر لها وهي نظرت له لتقول: روح عيش حياتك بالطول والعرض وابتعد عني..وعن ولدي..ما أظنك اصلا تقدر تتحمل مسؤوليّته..اللي مثل أمثالك ما يزوجون أصلا..يظلّون بدون زواج...ما أعتب ولا أشره عليك..بس دامك ردّيت اعتقني وخلني أروح عند عمي...
بتّال
يستوعب الآن حقيقته التي تلفظها تحرير..مسح على رأسه كيف يقنعها؟ وكيف يهدأ دون بطش
أتى من زاوية خبثه: عمك كلمني...فهمني قد إيش انتي متأثرة باللي أسويه من طيشي..وفهمّني حالتك...آمنت بالله تحبينه...وموتته فجأة ومقتول ويصعب على الواحد ينسى...بس ما تحسينه غلط بحقك تتمسكين بشي وتدخليني فيه..وشدخلني يوم أشبه وتعامليني كذا...وشدخلني أنا...ولم جيتك أبي حياة واستقر..
تسكرين الباب بوجهي...أنا لحد الآن متفهم وضعك وبشكل مبالغ فيه..ولا لو غيري
.دفنك بأرضك وانتي تدّسين صور خطيبك في كل مكان عشان لا أشوفهم
تنفست بعمق عمها؟حدّثه؟
عقدت حاجبيها: متى مكلمك؟
بتّال بكذب من أجل فقط الإظفار بها: للأسف خلال هالسفرة شافني..وشاف طيشي..وشب علي..وسمّعني كلام وتفل بوجهي بعد ..صار ينصحني..وجبرني أسكن معه...وبفضله تغيّرت أشياء كثير فيني..قلت له بطلقك..بس هو قنعني إني اكمل معك...
تتذكر مكالمته التي اخافتها تذكرت نصائحه..تذكرت أشياء كثر
همست: هو بعد كلمني..
بتّال اشتدت نظراته: ونصحني..
ونظرت له: شكلي صرت عليه حمل ثقيل ...وما يبيني أرد(أرجع) الكويت...حتى صاير ما يرد على اتصالاتي الحين..

يتقرب منها : الله عليك يا تحرير..تظنين ظن سوء بالرجال اللي حوفك حوف..وربّاك وحطك على أكتافه سنين..وعوضك عن حنان الأبو..كذا تظنين بعمك اللي ما فيه مثله اثنين بهالشكل؟

ازدردت ريقها..ضاقت بها الدنيا سحبت نفسها لتبتعد خطوة ولكن امسك بها: تحرير..اللي في بطنك ولدي..ولد بتّال..وانتي زوجة بتال..سلمان الله يرحمه...راح عند ربه...اطلعي من كل هذا فكري على الأقل بولدنا...أنا جيتك أرتجيك بداية وصفحة جديدة وكلي أمل تتقبلين هالشي..أنا تبت تحرير من كل ذنوبي..ومن كل شي..ولو عمك ما وثق فيني والله ما خلّاك على ذمتي لحظة وحدة؟
هزت رأسها بعشوائية لتبتعد وتدخل الخلاء..بينما هو توقف أمام طيفها ليعي ما قاله؟ هل حقًا تاب..هل حقًا سيبتدي حياة جديدة بعيدة عن مبالاته المستفزّه؟
ما خرج من فاهه كبير وثقله واسع..خفق قلبه..هل يتغيّر..لِم يشعر بالتذبذب..يشعر هناك شيء ما يجبره على التصرف هكذا دون تفكير وحتّى تخطيط..وهو الذي أودع حياتي في مخططات من أجل تحقيقها ومن أجل سد ثغرات إفساد أمرها..ازدرد ريقه..يريد حقًّا هذه المرة التفكير من جديد دون ضغط المحيط عليه ولكن لا مخرج له..خرج من الغرفة ليبتعد عن كل الكلمات التي قيلت.
.
.
خرج لأمر طارئ واستدعوه من أجله..ولأنّه شدد على هذه القضية من أجل ابنت عمه..فهم يوافونه بالأخبار أول بأول..رغم جهده وضغطه المرتفع..الضغط الذي لا زمه بعد عدّت اشهر من فقد رحيل..كاد يؤثر على منصبه في الشغل وكاد يتنحّى عن أمور كثيرة ولكن ما حدث أخف مما توقع..مشى ببذلته العسكرية بتخاذل من هذه الحياة..الوقت الآن التاسعة ونصف مساءً..كاد يغلق عليه أبواب غرفته ليبتعد عن خوف أبيه وندمه المخطوط على عقدة حاجبيه وخوف خالته ولكن اتصال زميلة في العمل جعله ينزوي في شخصيّة أخرى..هو مهتم لهذه القضية رغم انه لم يمسكها تمت إحالتها إلى القسم المختص..ولكن ما زال يتابع اطرافها يعلم"أماني" مفقودة اهلها في حالة صرعية نفسية وغضب..في الواقع تمنّى ألا يجودها قبلهم..فالجميع غاضب ويوّد تأديبها بطريقته..مشى في الظلام..المكان مُظلم..مليء بأصوات العواء ونبح الكلاب..يقبع هذا المكان على طرف الشارع العام المؤدي بالدخول إلى الكثبان الرملية..تمت إحاطة مكان الجريمة بشريط اصفر..تقدم..لتتسع عيناه بصدمة قتلوها؟..ابتعد سريعًا ليمكّن فريق الطب الشرعي من إكمال عملهم..قتلوها لأنها دليل على ما يخفونه وما يهرّبونه من سموم فكرية ومن المحتمل جسدية لشباب هذا اليوم..بعدها صغيرة ولكن لم تجد أحدًا يُرشدها ولم تجد احدًا ربما يستمع لها..غاصت في الملهيات واغرتها المكافآت لتبقى جسد مشوّه من شدّت الضرر وملقي هنا مدمّاه..تقدم
إليه زميله: هذا جواز بإسم مزوّر..واضح نيّتهم يهربونها للخارج..
واشار له:ومثل ما أنت شفت واضح هي صارت تقاومهم وعنّفوها وبالأخير قتلوها..
ريان تنهد..خسرت الحياة مبكرًا ..اهلها سيفجعون بهذا الخبر..ستقتلهم وإن غضبوا عليها سيبقى في فؤادهم ذرّات رحمه..يتمنى ألّا يراها والدها...وإلا سيصاب بسكتة قلبية مسح عل رأسه
: طيب ما مسكتوا خيط لهم؟
تحدث بأهمية وهو يخلع القفازات من يده:إلّا في شاهد..وهو اللي بلغ..شاف سيارة مظللة طبعا رقم اللوحة مخفي ..ولكن جزاه الله خير تبعهم..رغم انه هالشي خطر عليه ..بس تعرف في ناس فيهم الخير يخافون على أمن البلد..بلّغ وشافهم يوقفون السيارة في حي السواد..
"اسم الحي وهمي"
ريان بهدوء:الله يكون معكم...والشاهد لازم يكون محمي من قبل الأمن..احتمال حسوا عليه..وشتتوه وراحوا لهالحي تمويه..
هز رأسه:خذنا احتياطنا من هالناحية وبإذن الله..ماسكينهم ماسكينهم..
ريان طبطب
على كتفه: قرّب اجلهم..حسبي الله عليهم...
وبهدوء: حاليا انا ماشي...
تحدث الآخر: عليكم تخبرون اهلها..
ريان هز رأسه: أكيد..عن اذنك.

ركب سيارته..تنهد بضيق..شيء محزن أن يؤول بها إلى هذا الحال ولكن لا شيء يُفعل ولا يُقال لكي يخفف عن أهلها..بدأ يقود سيارته..يحمد الله هيلة ابنت عمه لم تنقاد لهذا الطريق المخزي و المحزن وإلا لزادت أحزانهم وجوّفة افئدتهم اكثر..مسح على وجهه..وهو ينظر للشارع الطويل ازدحام السيارات نفسه..تنهّد..وهو يترحم على أماني بضيق عميق.

.
.
لم ينم..الجميع متوتر..وأبناء عمومته ليسوا على ما يرام..رسل لهم في القروب
"اذا ما خمدتوا اطلعوا برا..جالس امشي..طلعوا خلونا نرجع على عادتنا"
مشى ذهابًا وإيابًا على الرصيف القريب من منازلهم..بالماضي كانوا يخرجون لممارسة رياضة المشي ومن أجل الخروج من ضغط دراستهم وحتى بعدما توظفوا لم يتركوا العادة إلّا بعد صراعات وظروف المحيط..مشى..يفكر بكل شيء..بأخيه نواف..بدانة وعهود..وأمر عائلتهم في وضع ليث ورحيل..يدرك توتر الجميع..ويحاول هو بكل وسعه تخفيف هذا الثقل..اخبر محمد بوفاة صاحب فيصل..الجميع بحاجة للتنفّيس عمّ في داخلهم..وهو يحاول الخروج من زُمرة ضيقه من هذه الأوضاع ولا سيما نواف
أثقله بالتفكير من ناحيته بسبب حالته الأخيره..مشى وعاد لنقطة البداية ليراهم واقفون ويتبادلون الحديث
القى عليهم السلام وردوا عليه
صارم نظر لفهد: اخبارك الحين؟
فهد ليس على ما يُرام..مُثقل بعد رؤيته لرحيل..عينيه جحدت بعد خروجه منها..لم يجد فيها شيئًا من رحيل التي يعرفها في الواقع.
حديثها..انكسارها الممزوج بالحدّة كسرت بداخله أشياء كثيرة..الشخص بعد المعاناة في بعض الحين يُصبح "كخرقة"بالية يُظهر بقوة وضعف في آن واحد..مهزوز ويحاول لملمت حزنه بنفسه..رآها بشكل متحوّل مخيف..وادرك فداحة بعدهم جميعهم عنها..قربهم لن يكون حاجزًا للتحوّل ولكن سيكون سببًا لتخفيفه..ها هي تحوّلت بشكل كلّي ومخيف..لا ريّان سيتحمل الأمر ولا الجميع..
هز رأسه:الحمد لله...
ثم نظر لفيصل:عظم الله اجرك..
هز رأسها بهدوء: اجرنا واجرك..
صارم نظر لمحمد :علامك بعد انت؟
بدأ يمشي محمد ليبتدوا معه الخطوات: ولا شيء ...
صارم سكت ونظر للأمام: الله من زمان عن المشي وعن هالأجواء...الجو صاير ما بين البردين(يقصد الجو معتدل).
فيصل يحاول الخروج من طور حزنه: اي والله من زمان عنكم...
ثم توقف ليصبح امامهم ليبتسم بوجه باهت:كبرتوا صرتوا عجول الله لا يبارك في العدو...
ضحك فهد ومحمد ليردف صارم: ههههههههههههههههههه.....ما قد شفت عجل كبرك...
فيصل: مقبولة يا ولد عمي...
فهد بهدوء: ليث جا البيت؟
محمد نظر له: اي جاب زوجته الثانية .
.
فهد سكت ليردف فيصل: وينه ريّان؟
فهد بهدوء: جا اتصال من الشغل وراح..
محمد نظر لصارم: صارم...
صارم يضع يديه خلف ظهره :هلا..
محمد حك رقبته بتوتر ولكن يريد ان يبتدي هذه الخطوات ليعتادا على بعضهما البعض ويتقبلا العَيش معًا من الآن..لا يجد في الزواج التقليد شيئًا من السوء لم يكن يوما ضده..ولم يكن يؤمن بالحب ما قبل الزواج..ولكن طريقة الإقتران هي من تحدد وجهة النظر وجده جعله ينظر ببشاعة لزواجهما..ولكن هو تقبل الفكرة لا يبحذ إطالة الأمور بينما لا يحب الخضوع!..ولكن هو اقتنع في الواقع وبدأ بالتقبل بشكل ما..لا يريد إطالة المشاكل وتفخيمها..وبعد حادثة عزيزة وبعد رؤية الفحوصات الطبية وقراءة التقرير شعر بالذنب قليلًا واصبح الأمر كرادع لفكرة الإستمرار على هذا الطريق..عزيزة لديها فرصة للإنجاب مستقبلًا.. علاجها لن يكون سهلا ولكن هناك فرص..سيبذل جهده في مساعدتها طبيّا لكي يريح رأسه..وبينما سيحاول دمج دانة بتقبله..رغم رعد أحدث زلازل آخر في نفسه ولكن لا يبحذ المشاكل يثق بابنت عمه..عليهما تقديم طلب نقل من المستشفى وسينتهي الأمر..
تحدث:أبيك تتوسط عند عمي..
فيصل غمز لأخيه: بدينا يا أهل الشوق..
فهد: ههههههههههههههههههه.....واضح أنه بدا...
صارم ابتسم : اتوسط في شنو؟
محمد ابتسم رغما عنه: اطلع معها.. تمشية بحدود الساعة...عارف عوايدنا..وعادات السامي..ما نطلع واذا ابي اشوفها اكلم عمي واجي البيت...
فيصل سكت وفهد نظر لجدية محمد
صارم: ولا أنا برضى..
انفجر فيصل ضحكا: ههههههههههههههههههههههه.....
ليردف فهد بابتسامة: يا الله ...خلاص الشخصية على من سمّاه...
فيصل :اي والله جدي مسميه يعني يا محمد وش تنتظر..لو مكلّم نواف ...
صارم ضحك:هههههههههههههههه من كبر نواف عشان يتوسط له...
محمد بهدوء: نطلع اشوي محمد ..محتاج انا ودانة مساحة نفهم بعض فيها..تعرف كيف صرنا لبعض..واشوي فيه توتر.
فهد بجدية: طبيعي التوتر محمد..بس عليكم بالتقبل..ودامك وافقت وملكت ما اظنك انك..
محمد قاطعه: يشهد الله علي..شاريها ومتقبل كل شي...
فيصل بتفهم: الوضع صعب مانكر...بس قبولكم انتوا الاثنين للزواج اشوي مريح..
صارم بهدوء: طيب يا محمد نشوف الأوضاع لهجدت..كلمت ابوي..
ثم اكملا المشي على الرصيف ليقتربا من مكان ذنب نواف ووصايف سابقًا، لمح فيصل نواف وهو يعبر ويتحدث بالهاتف ويدخل في المدخل كمنعزل
: نواف هذا...
صارم عقد حاجبيه: الكلب فكرته نايم..
فهد مسح على لحيته: ما زلت عصبي عليه ..اترك له فرصة يتنفّس..
صارم بجدية: والله انه ينفخ القلب بس حاليا ماكَلْ السم وبالعه بسكات عشان ابوي..وغضّيت البصر عن أشياء واجد..
.
محمد بهدوء: دامه ما هوب في طريق الصياعه اتركه يعيش...
صارم بهدوء: اشوي ويصير في هالطريق.

فيصل سكت وتذكر أمر الدخان تحدث: بالله خلونا نمشي ونخرشه...شسوي اصلا بهالمدخل..
.
.
تدفع نفسها للتمرّد أكثر، تتيقّن خوفها يبعدها عنه مسافات قصوى، لا مانع من نشوة الحُب ولا مانع من ممارسته، تريد تقليص المسافات..توزّع على فجواته حلقات ثقتها به بعيدًا عن رجفات الخوف..وضياع الأحلام..ظنّت أمرهما سيفضح ولكن ما زال معلّق ما بين ذا وذاك..حملّت التطبيق من جديد ستحدثه من خلال سنابها على هاتفها الجديد، لن يستطيع أحد كشفها من خلال الهاتف..اغلقت الباب بعدما تناولت العشاء
اتصلت عليه بلهفة ليجيبها باستغراب كبير من تجرّئها هكذا
: بشّرني خفت الحرارة؟
نواف بإستهبال: وشكلها ما راح تخف دامك صادمتني فيك هالقد!
تضحك بحذر: شفيك؟
وبجدية: كلامك صح..المفروض اثق فيك اكثر دامنا نحب بعض يعني ما راح نأذّي بعض...
يمشي ليدخل في الظلام قليلًا لينزوي: ثقي فيني ثقة تامة..ما راح اضرّك..
وصايف بجنون تذكرت هروب مزون رغم انه جلب جلبة صعبة على رأسها ولكن تريد تجريب شيء آخر ينم عن تضحية حبها له
: بكرا..اشوفك؟
نواف يتوتر أكثر من حالها ومن تغيرها: كيف؟بالله وين يعني؟
وصايف بجدية: بداية الدوام ينزلني فهد وأنت تجيني..على طول عند المدرسة..اشوي نتمشى ونرجع..

انتابته رغب عظيمة في الموافقة ولكن يشعر بالخوف.
وصايف ليست على ما يرام أو ربما هو ليس على ما يرام لن يغلق الأبواب المرتجفة ..لن يفعل بها شيء في الواقع كما انه يريد أن يعتذر لها وجها لوجه عن حديثه السابق ويأخذ معها حديثًا طويلًا
اردف وهم يقتربون من الفتحة ليسمعوا: خلاص بداية الدوام...أشوفك..بالأخير أنا بعد مشتاق لك!
وقفوا الأربعة يستمعون إلى جملته احتقن صارم وجهه حينما ادرك حديثه الموجه لناحية"انثى" اختنق بل ود لو حطّمه ولكن امسك يده فيصل ليراقب نواف هو الآخر بدأ يشك في أخلاقه وفهد ومحمد ينظرون بصمت
.
.
اجابته: تمام..تصبح على خير...
ألتفت بشكل سريع لينصدم وهو يقول: وأنتتتـ....وأنت من أهل الخير..

اغلق الخط وكاد يتقدم صارم ولكن فيصل مسكه ليرتفع صوته: شعندك زابن(منخش=متخبي)هنا.
صارم يتنفس بعمق
نواف نظر لهم بخوف هل سمعوا مكالمته
ولكن تقدم:اكلم صاحبي..
صارم بعصبية: وما حلت لك إلا تكلمه هنا؟
محمد تفحص وجهه المحمر: تعبان؟.
نواف حك جبينه شعر بالتورط: اي فيني حرارة..

فهد تقدم لناحيته :روح البيت..
مشى بخطى سريعة قبل أن يطبّق عليه صارم
اختفى عن انظارهم لينفعل صارم:ليش؟
فيصل مسح على وجهه:ما ينفع تصارخ..يممكن سسمعنا غلط...

صارم بصوت منفعل :لا ما سمعنا غلط..
فهد : اهدا صارم ما ينفع كذا حتى لو كان صج...ويكلم..لو تركك فيصل كان جبت العيد..
محمد بتفكير: بكرا نتأكد أربعتنا نلحقه للمدرسة ونشوف وش وراه..فعلا يمكن ما يكلم بنت..يمكن متورط...

فيصل نظر له:جيت بتكحلها عميتها...
فهد بهدوء:اذكر الله.. وتعالوا نكمل مشي...وبكرا على قولة محمد نروح نلحقة ونشوف..
فيصل بتأييد: أي أفضل من هبّتك فيه الحين اللي ما راح تفهم من وراها لا حق لا باطل..
رضخ صارم وهو يغلي واكمل المشي معهم، لينظروا لسيارة ريان التي تتقدم لناحية الحي
محمد ابتسم: اكتملنا..
فهد ابتسم: ما ظنتي له مزاج...

فيصل يشد على كتف صارم ليدفعه: نطلع له مزاج غصب تعالوا بس.
.
.
اشترى مفارش ليضعها على الأرض من أجل النوم والجلوس،فالشقة جديدة..ما زالت تحتفظ برائحة الصبغ ومن الواضح انها لم تتهوى لفترة طويلة، واسعة ولكن لا تسع الكلمات التي بداخلها..شعرت بالقليل من الراحة حينما اشتمّت رائحة البحر ولكن موجه يشابه موج تخبطّات قرارها بعد كل ماحدث، لا تريد أن تفسد حياة أحد ولكن هي تواجه مصير كآبتها وحبها في اتجاه متضادين بشكل متعب..ارتدت بجامة نومها..استلقت على الفراش..بينما هو جلس على الطرف الآخر من فراشه البعيد عنها بمسافة تقدّر بعشر سنتميترات..
اردفت: دامك تحبني ليش عاملتني بهالسوء؟ ليش حمّلتني فوق طاقتي؟

اليوم هذت بشكل مفرط ..اسمعته حديث موجع ولكن فضّل الصمت على الحديث لأن في بعض الحين التبرير يعتبر مشقّة وليس له القدرة على ترميم ما هُدم، استلقى على جانبه ليحدّق بها
: لأنك ذنبي...ولأني مؤمن من الداخل حياتنا في تخبط وإن كان فينا شعور متبادل..
تبتسم بسخرية..ها هو عاد ليتحدث بجدية وبالطريقة التي تفلق لها قلبها
استلقت على جانبها لتصبح مقابلته، سقطت دمعة من عينها اليمين على اليسرى: تكلم معي بصراحة...اذا انا ذنبك رحيل وش تطلع؟!

ورفعت نبرة صوتها: سؤالي مو من غيرة لا..سؤالي من باب استنتاج من انه رحيل تشبهني!

صعقته ..ضربته على قلبه ونبض حياته حتى هي الأخرى ادركت هذا التشابه، لم تجلس رحيل معها فترة طويلة ولكن المشهد الاخير برهن لعقلها كل المساوئ التي تخطر على بالها ،

ازدرد ريقه ليردف بندم: عقوبة ..بالنسبة لي عقوبة...

تضحك بخفة وهي تمسح دموعها: والحل؟...انا ذنب وهي عقوبة..حياتنا معك واضح على هالألقاب ما فيها شي طبيعي...

ليث..سكت ثم قال: نتأقلم على هالعيشة...
تفاجأة وهي تولّي بظهرها عنه: خايف تخسر ركان،؟...لو مرة بس صارحني..

ليث يحدق لجسدها الذي يرتجف بين الحين والأخرى بسبب بكاؤها نظر لشعرها الذي طول قليلا المنتثر على نجوم أهداب السماء..تنهد وكثيرًا تكثر الاسألة لتجعله يواجه الأشياء التي خافها
اغمض عينيه: مابي اخسرك...فيني شعور معلّق فيك يا أمل..ما اعرف اشرحه لك..بس ما أبي اخسرك...
تكرر: وركان.
يستلقي على ظهره يصمت هنيهة
ثم يقول: ما فيني حيل اصير بلا عضيد ..وأعيش الفقد من بعد سلمان بطريقة أوجع!
أمل تبكي بدموع تقف على حافة انهيار الحقيقة
: وانا حلقة وصل لهالصداقة...ولطريق الوجع اللي تخاف منه؟!
كاد يتكلم وهو يعقد حاجبيه بقوة ولكن انفعلت: لا ركان يبي يفرط فيك ولا انت تبي تفرط فيه...وانا قلبي خايف!
ليث يسكت يتنفس بعمق يتفهم حالها
استلقى ليولي بظهره عنها: اوعدك حياتنا بصير غير عن الماضي وبعوضك..
امل تغمض عينيها تشهق: العوض عند الله .
.
.

.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 20-05-21, 03:03 PM   المشاركة رقم: 84
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 


.
حكايات عابثة تُزهر بالقرّاء تتموّج بردّات فعل غريبة، لا ندري هل لهذهِ الحكايات التي في الواقع لا تُقرأ ولا تُكتب بل تُرى وتُسمع نهايات أم إنها من الإستثناءات ذات النتوءات الصغيرة اللامنتهية، تراه يحاول كبح غضبه وهو يتحدث، فهمت يريد الإستقرار هنا..ربما ما فعلته مؤخرًّا بدأ يغيّر من مفاهيمه ويزيد خوفه عليها..ليحاول بشتّى الطرق في لُقيا بدائل أخرى لحياة موجهة نحول الطريق المنير..بقائهم هنا يُعني القُرب من الأهل..رغم انها تتمنّى الاستقرار في الشمال في تلك القرية البعيدة عن التكلّف..في المنزل الشعبي البعيد عن ضوضاء البشر وسموم تلوّث المصانع..تريد البقاء هناك تشتم رائحة حنين والدتها..وحنين أيّام الطفولة ولكن الجميع انتقل إلى هنا...وها هو والدها يريد البقاء هنا في"الخُبر" ربما من أجل ابقاؤها بالقرب من "عمتها" أم وصايف..راشد أدرك شيئًا غفل عنه لسنوات طويلة..الفتاة بحاجه لفتاة مثلها تقاربها في الأفكار والعقول..ربما مزون لم تجد به ما يسمح لأنوثتها في تبادل حديث مجنون معه بسبب صرامته الرجولية حتّى بها خرجت من قوقعة هذه الرغبة لتقفز للجنون بِلا إدراك.

لا يريد بعد الآن خسارة جديدة يكفيه إنّها خسرت جزء بسيط من بعض الممارسات اليومية بيدها..يريد من هذا الكسر أن يجبر ولا يريد تسويف إبداء الخطط التي ربما تزيد من استقرار مزون النفسي..هنا الجميع موجود..اخته ووصايف القريبة منها..في الرياض لا أحد هناك سواهما..قدّم على نقل..ولكن النقل لن يأتيه برمشت عين..هناك إجراءات ربما ستطيل الأمر لشهور عدّة لذا هو غاضب..اغلق الهاتف..وهي بقيت على مقربه بسيطة منه ولكن لم يشعر بها..سمع رنين الهاتف ليجيب
بهدوء:هلا ام وصايف..اخبارك كيف احوالكم...؟

يأتيه صوتها المخنوق: بخير ..بخير..طمني عنكم؟..واخبار مزون؟

راشد يمشي للأمام ليبتعد قليلًا ويدخل لغرفته وهو مولّي بظهره عن مزون التي تنظر له بغرابة من رغبته في الاستقرار هنا
اغلق الباب وراؤه: كلنا بخير ...
وبجدية: صوتك ما يطمن...
ام وصايف بضيقة: تعبانه ياخوي..خايفة على رحيل..
راشد يسكت..هو الآخر يتضايق ولكن ليس من رحيل ولكن عليها ..ما حدث صعب..مفلق للقلب..يناقض العاطفة برغبة التعاطف..مسح على وجهه
بهدوء: ما جاتكم؟
ام وصايف:اللي فهمته ما تبي تشوفف أ...الوكاد البنت مجروحة منا..
راشد بجدية: الله يعين القلوب..بس أهم شي رجعت وانطوت ذيك الأيام الصعبة...
ام وصايف:اي الحمد لله...إلّا قول لي..شصار على سالفة استقرارك...
راشد بجدية: قدمت على نقل للخُبر..بس تعرفين الوضع مطوّل..وبعد كم يوم بنزل الرياض عشان إجراءات تلزمني بالحضور..فبنزّل عندك مزون من بعد اذن بو فهد ...غير بروح مدرستها اسحب ملفها وانقلها لمدرسة هنا...

ام وصايف:ميسره بإذن الله...ومزون بعيوني وبو فهد ما بقول شي..
راشد بجدية: مزون بحاجتك يا اختي...في أمور عارف ما تقدر تفضفض لي عنها..محتاجة لحنان من جنسها بعد..
ام وصايف بتفهم: قلت لك تزوّج..ما رضيت...البيت يحتاج لحرمة تديره..وتنظمة..ما راح اقول انت ما سويت كذا إلّا سويت وكثر الله خيرك...بس الشغل ضغطك..وإلا ما يصير فيه نقص..وإن حاولت تسده ما بتقدر..بس الحرمة غير حتى وهي تشتغل غير يا راشد..ومزون بحاجه لأم...
راشد بضيقة: عارف..بس حاولت اصير لها أم وأبو وشكلي ما سديت فراغ أمها.
كانت تسمع من خلف الباب حديثه..ترقرقت عينها بالدموع..انهز شيء بداخلها يقال له الندم..شعرت بتعب ابيها من نبرته..هل يشعر بالخيبة أمام ما حدث؟
ام وصايف: اشهد انك كفيت ووفيت وعطيت يا راشد...
راشد بهدوء: بإذن الله بكرا بجيك ازورك...مير عارف إني مقصّر بحقك...
ام وصايف:حياك في أي وقت يا اخوي..وجيب معك مزون..تجلس مع وصايف وتغير جو...
راشد :إن شاء الله...تصبحين على خير.
ام وصايف:وأنت من أهل الخير.
اغلق الخط وطُرق باب غرفته..أذن بالدخول
ودخلت له بوجهها الباهت
تحدث: ما نمتي؟
هزت رأسها بلا ثم تقدمت لناحيته وجلست بالقرب منه
لتنظر لعينيه:يبه..
راشد ابتسم ومسد على شعرها بحنان: عيون ابوك انتي..
مزون تجاهد بألّا تبكي هي لم تعتاد على البكاء، وليس من طبعها كثرة إذراف الدموع، تحدثت بنبرة شاحبة: يبه ...والله انت كفيت ووفيت...لا تلوم نفسك..
راشد رفع حاجبه الأيسر: تصنّتي علي؟
مزون اقتربت منه:لا..مو قصدي..بس يبه..حاسه فيك..لا شيل همي وهم يدي..والله انا ما كان قصدي احزنك...
راشد سكت، ثم ربت على كف يدها السليمة: يبه مزون..انا نسيت...
قاطعته:لا تضغط عمرك..انا متفهمه كل شي يبه..اللي سويته ماله دخل بوجود امي ولا لا..كان طيش مني وسويت كذا..وتوبة اعيدها..لا تجلس تلوم نفسك يبه..تكفى يبه لا تحزن نفسك والله انه دنيتي تضيق بشوفة عيونك الحزينة..
ابتسمت وقبّل جبينها: ما نيب حزين يا عين ابوك...
مزون قبلت يده: طيب ليش تبينا نستقر هنا؟
راشد ضحك: ههههههههههههههههههه...سامعة المكالمة كلها..وتقولين مو قصدي..
ابتسمت رغما عنها بتعب: و الله احاتيك يبه..عارفة اللي سويته ضايقك...وعارفة الحين خايف علي وتحاول..
قاطعها: لا شيلين همي...انا طلبت نقل لهنا..لأني ابي اعيش جنب اهلي وخلّاني..بالرياض ما عندنا احد..واختي بحاجة قربي لها...
مزون بحنين: ليش ما نستقر في الشمال..في بيت جدي في سكاكا؟
راشد بجدية: وين يا بنتي...هناك الكل طلع من القرية...وإذا بنروح هناك نروح العطل...اما نستقر صعبة...
مزون بتفهم هزت رأسها: تمام اللي تشوفه..
نهضت وقبلت رأسه:تصبح على خير..
راشد طبطب على يدها:وأنتي من أهل الخير..
خرجت واغلقت الباب
.
.
.
الخروج من الشك إلى يقين الضربة موجع..ومفلق للقلب..هي استنزفت جميع أحزانها في السجن ولكن ما بال عودتها إليها وكأنها ستُسجن من جديد؟
مُنذ أن اصبحت على الطائرة للعودة هنا تلخبطت مشاعرها بشكل مفرط، وبقاؤها في وحدتها زاد الأمر سوء..تشعر وكأنها الآن تعيش أُولى ايامها في السجن..المكان بارد موحش..تسمع صوت حشرات الليل من خلف النافذة..تشتم رائحة الرطوبة النتنة..تشعر بسجنها من جديد ولكن بطريقة وفيرة وعلى مستوى آخر.
مجيئة هنا...اتعبها هل ستتعب في كل مواجهة بمقابل رؤيتها لأهلها..هل سيثقل هذا الجسد أكثر ليضيق على روحها ويتسع في حُزنه الصامت..لا تستطيع النوم..من الواضح غدًا الجميع ربما سيأتي هنا..ستقابلهم مثلما قابلت اليوم فهد.

اشتاقت للجميع..ولكن كيف يرونها بعد كل هذه السنوات؟ لا تريد ان تستمع لعتابهم ولا لوجوههم المنصدمة..تنهدت وكثيرًا..يتعبها الليل تشتاق الشمس..تريد سماع صوت العصافير لتسلّيها من الخوف..متى تخرج الشمس؟
ها هي عادت من جديد إلى أُمنياتها البسيطة..
استلقت على جانبها الأيمن..وضعت يدها على قلبها..لِم الآن لا ينبض..ها هي تحاول بالهروب من الواقع إلى صورته ولكن تشعر كل شيء تبعثر ليبقى حُطامًا هي تحبه..تحب فيصل ولكن مشاعرها الآن باتت مقتولة على شطّ التعب المموّج بالرماديات المصغّرة من حياتها..تحبه..تعود برغبة الجنون من احتضانه ولكن يبهت هذا الشعور بمقابل البرود وبمقابل التخلّي..هي تخلّت عنه منذ تلك اللّحظة التي رأته فيها..ولكن الآن تعود للثقب الضيّق لتسترق منه حياة لتجد صدق مشاعرها بالحب ولكن ببرود قاتل..تحبه ولكن ليس لها القدرة على المجاهدة في تعظيم حبها بالمشاعر العُظمى.. تتخلّى عن هذا الشعور جانبًا لتبقى مستلقية على فراش واقعية ارتباط جسدها ببرود وميثاق زواجها بليث!

حياتها مليئة بالمفاجآت بردات الفعل الغير مألوفة..ستوجع ليث ولكن ليس بالموت..وجودها في حياته عقوبة هي عقوبته تؤمن بذلك..لا تجرؤ على العودة في منزل أبيها بعد خُسرانها لكل هذا..لن تجعل الجميع يشيرون لها بشفقة بعد إظهار الحقيقة المرّه ستتشبّث به..ستحقق من وراؤه رغبات جنونها..ستضيّق عليه الآفاق.
نهضت من على السرير إضاءات الغرفة مُنارة..لا تحبذ الظلام ولا تطيقة..تستطيع أن تخفف من الإضاءة بقدر بسيط فقط ولكن لا تجرؤ على مُجاراة الظلام..نظرت لإنعكاس صورتها في المرآة حينما اصبحت أمامها..ماذا خسر ليث؟
لا شيء تزوج..ومضى في مرحلة تأنيب الضمير وهذا ما رآته ..آلام الضمير لا شيء أمام ما عانته..تريد أن توجعه أكثر..ولكن الآن لا تدري بأي وجع تبتديه معه..نظرت لنُدبته التي ورّثها لها..تقسم إنها ستعيدها له بطريقة أشد عُنفًا..لن تتنازل عن ذلك..بهت لون الجرح ولكن ما زال معلّق على احبال أيامها المستقبلية..تشعر إنها بشعّت من وجهها الشيء الكثير..وبحلقت بعدها في طول شعرها..وللجروح الصغيرة التي ارتسمت على وجهها..اغمضت عينيها.
لتسمع صوت بكاء فتاة بلغت من العشرون أربعون سنة..تبكي وهي شبه عارية في الخلاء..نشيقها يزداد مع لذعة الماء البارد، قلبها يلين ويذوب ويتجمد في الآن نفسه..تبكي بشكل هستيري بعينَي جاحظتين ودم مُنساب من على جفن عينها اليمين..راودوها عن نفسها من جديد..كادوا يفتكون حرمات الله..ولكن دخول الشرطيّتين عليهن بعد صوت ارتفاع الشجار اغلق افواه الشياطين من إلتهامها..سحبوها للإنفرادي بقيت طيلة الليل..تنظر لملابسها التي احتفظت ببقع دم خرج من انفها وفمها وجسدها نظرت لتمزيقهن..مزقّوا روحها ويجبرونها على اتخاذ موقف الوحش للهجوم..بزغت الشمس ودخلت الخلاء لتغسل روحها قبل جسدها..اليوم ناولوها ملابس جديدة والممزقة سترمى..خرجت بعد ذلك..لتخرج بشبح رحيل..وبوحش نظراتها.

كلما ضُربت..وطُعِنت وبكت..كلما زاد بهوت رحيل في داخلها لتظهر بصورة حُطامها..فتحت عيناها نظرت لنفسها وسمعت الرنين..توجهت للهاتف .ظنّت ليث هو من يتصل ولكن رأت رقم غريب..
لم تجيبه ..وبعد مرور دقيقة رأت رسالة باللغة الانجليزية"أتخذتي القرار؟"، حظرت الرقم وحذفته لن تجعل أحدًا يسيّرها على رغباته.
وضعت هاتفها على الصامت واستلقت على السرير..تحاول النّوم ولكن بِلا جدوى.
.
.
تنظر له بحالمية الشعور الذي لا يوصف بكلمات ولا حتّى بالأفعال..قلبها الآن اطمئن..يرفرف ما بين أجواء السعادة..حلما تحقق..وحبها احتضنته بكفّي أُمنيات السنين التي عقبت وفاة والدتها..كان ينظر لها وهو مبتسم وهي تنظر له بعينين ناعستين ترغب في المزيد من الحب والعطاء وترغب في النوم..مُتعبة مضت عليها أيّام قاسية ..منعت النوم من عينيها..
تحدث بشوق: اشتقت لك سوزان..
.
.
وانا اشتقت، وحننت، وهمت، تركت العالم ورائي وأتيتُ إليك مُبصرة في عالمنا الجديد
.
.
سوزان بلهجة سعودية ثقيلة نوعا ما: أنا اكثر..
يمسك بكفي يديها يحتضن نعومتها، ويمسك قلبه الذي يتنفّس برمشها المتكرر وبنبرتها التي هزّت حصون اشواقه وكأنه لم يكتفي بهذا الوجود.
.
اتمنى لو نمتلك القدرة على احتضان روح من نحب بصور مثالية في القلب، نضعه دون أن نضع حسبان لحجم روحه في الأُذين الأيمن أو البطين الأيسر لا يهم ولكن الأهم نجعله يمكث في إحدى الأربع حجرات، ليشعر بدفىء النبض..أو يصبح جزءًا من الجسد..يشعر بتيارات العاطفة حينما تتدفق من أعصاب الشوق إلى مركز الهُيام من الدماغ.
.
.
ركان بجدية: اتمنى حياتنا نبتديها من جديد وننسى الماضي..
سوزان تهز رأسها بهدوء: اوك..
ركان ولأن الحب وجب عليه أن يكون مكتملًا في جانب رضا الله ليتبارك
قال: الحياة بكون مختلفة عن اللي عشتيها..سوزان..انا ابيك زوجة لي دنيا وآخرة..ابيك تحافظين على صلاتك وصيامك وحشمتك..ابيك تتعرفين على ربي أكثر..عارف انك عشتي تذبذب ديني..بس معليه أنا معك خطوة بخطوة..لين تقتنعين بكل شي بدون جهد.
سوزان تتفهم كل شيء وتزيد رغبتها في العيش بسلام
شدّت على يده: مش حرفض لك طلب..ومش حزعلّك..وراح اعمل اللي تطلبوا مني ركان..
ركان بحكمة: لا..انا ما طلبت شي لنفسي..انا من زود حبي لك ..اطلب هالشي لنفسك خوفا عليك..خلينا نحب بعض ونكمل هالزواج بصورة صحيحة...
سوزان هزت رأسها
ليكمل: بشتري كتب دينية وانا ما بقصر..بس الأهم تكون عندك رغبة في التغيير..
سوزان ابتسمت: عندي رغبة أعيش باطمئنان...
ركان طبطب على يدها فهم ما ترمقه إليها: كلما صار الإنسان قريب من الله..كلما اطمئن قلبه وتوكل عليه...
سوزان هزت رأسها لينهض ويمسك يدها لينهضها: خلينا نتوضّأ ونقيم الليل.

.
شعرت برغبتها في البكاء..لا تدري لماذا ولكن هي سعيدة من أجل تغيير مجرى حياتها..لتصبح قريبة من ركان ..وقريبة من الإطمئنان والإستقرار النفسي والديني..تعلم ركان يمتلك حسًا وحكمة في الأخذ والعطاء في أمور الدين سبق ورأت اسلوبه ولكن الظروف لم تمكنه من شرح الصورة لها بشكل اكبر وأوسع ولكن الآن يستطيع وهي ستتقبل..لأنها تريد العَيش بلا تذبذب وبإستقرار ديني بعيد عن التزعزع الذي عاشته..تنفست بعمق..وصلا للخلاء..ودعاها تتوضأ أمام عينيه ليرى صحّة وضوءها وهي
تبتسم.

.
.
لا تدري هل هي مفرطة في التعاطف أم ماذا؟
كيف استطاع الزواج من أخرى..وهي في السجن؟
كيف قدر على فعل ذلك؟
ولِم الجميع متقبل لكل هذا؟
الجميع يقسوا..يحطّم فؤادها دون أن يشعروا من المؤكد رحيل بحاجة لعاطفة تُغدق عليها الحنان والتخفيف ولكن هم عوضًا عن فعل ذلك يزيدونها بؤسًا..تقلّبت على سريرها..لم تستطع النوم..تفكّر برحيل وجدًا..حزينة عليها ومن اجلها..تشعر بقسوتهم عليها حتّى ليث قاسٍ وبشكل بطولي لا يسبقه أحد في مستواه، حضنت وسادتها..تريد أن تخرج من عقلها تلك الأفكار ولكن لم تستطع نظرة لعقارب الساعة..الوقت اصبح الثانية والنصف بعد منتصف الليل..من الواضح لن تتمكّن غدًا من الذهاب إلى الجامعة..الإرهاق يقلّبها..وقلبها موجوع..نهضت لتذهب لغرفة اختها هذه الليلة لن تقضيها لوحدها.

رغم إنها قضتها بدايةً لوحدها..ولكن تشعر بالجنون يحيطها من كل جانب..خرجت من الغرفة..مشت بخطى دقيقة وبطيئة..الهدوء يسكن الممر..ولكن سمعت صوت محمد ..ربما يحدّث دانة..مشت سريعًا لغرفة اختها..فتحته..نظرت لأختها تحت الإضاءة الخافتة نائمة بعمق..وبرودة الغرفة تجبر جسدك على البحث عن دفء الفراش للإسترخاء..مشت بخطى بطيئة لا تريد إخافتها..جلست على طرفه تحدث
اصايل: هيلة..هيلة...
تململت الأخرى وهي تهمهم..ولكن أصايل قالت: هيلة زحفي اشوي بنام عندك..
وكأنها بدأت تستفيق بشكل جزئي عن نومها: شفيك؟
اصايل بعينين محمرتين:أبي انام عندك..عجزت انام..
هيلة عقدت حاجبيها وفتحت عيناها ببطء شديد: علامك؟
اصايل بنبرة مخنوقة:ضايقة..
جلست بثقل لتقول:اسم الله عليك..تعالي.
ثم زحفت للتترك لها مجالًا للإستلقاء .
استلقت اصايل لتدخل في موجة بكاء لتُكمل ساعاتها الطويلة
خافت هيلة هنا
: اصايلوه شفيك؟ لا تخوفيني بسم الله..
تحيط خصرها لتدفع وجهها في حضن اختها وبرجاء:تكفين اقري علي...ابي انام عجزت انام..
رقّى قلبها وخافت من حالها..اصايل تبكي بجدية بينما هيلة اردفت:انادي امي؟
تهز رأسها بلا
لتقرأ هيلة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
اصايل حاولت اغماض عينيها تحت دهشة هيلة التي لا تدري بالسبب الذي جعل حصون أختها تنهار ليلًا هكذا!
.
.
.
قرر ان يتقدم خطوة بالإتصال..فكّر كثيرًا ماذا يفعل؟ كيف يلملم دانة من بعثرت الماضي..وكيف يجعلها تتأقلم عليه بشكل أبدي..في الواقع هو مقهور من فعلت رعد ومضايقاته له..يثق بها..دانة هادئة تعرف الله حق معرفته..تبعد نفسها عن الشبهات كل ما يهمها تحقيق الطموح..الجميع يعرف هذا..فهو لا يظن بها بعد حديثها الصريح..ولكن واقعيا يخشى عليها من هذا الضغط النفسي..فهو رآها كيف انهارت في المواقف امامه بدخولها في حالة هلع شديدة..اتصل عليها..يعلم الوقت متأخر ولكن إن اجابت كان بها وإن لم تجيب ..سيخلد للنوم.

ولكن المفاجأة إنها اجابته
: أخبارك دانة؟
غفت ربما لمدة نصف ساعة..لم تستطع النوم مُبكرا بسبب بعثرة البوم الصور والسهر مع عهود قبل ساعات..عهود مضطربة مثلها في امر الزواج ولكن من زاوية السعادة وهي من زاوية التعاسة..قبل ساعة خرجت..وبقيت هي تقرأ وتراجع بعض المعلومات الطبية التي يُلزمها من أن تتذكرها..استحمت وحاولت النوم..نامت بعد صراعات التفكير ولكن صوت الهاتف أيقظها..اجابته بنصف وعي من عقلها الخامل

ليأتيه صوتها على بحة النوم والتعب: الو...
ابتسم رغمًا عنه..بحتها أوصلت إليه عمق نومها وهو أيقظها من أحلامها ربما ولكن ما يهمه الآن إنها اجابته
: صحيتك من النوم؟

سكتت..ثم اعتدلت بالجلسة على السرير أدركت محمد هو من يتحدث..مسحت على وجهها لتنظر إلى ساعة الحائط..قلبها يؤلمها من شدّت رغبتها في النوم..بللت شفتيها..حاولت أن تحسّن من صوتها وتتحدث بشكل طبيعي إلا أن بحّت النوم عالقة في بلعومها
: ما صار لي كثير من غفيت..
محمد بلل شفتيه، ثم مسح على شعره ليجلس على طرف السرير: ما قلتي لي شخبارك؟
دانة عقدت حاجبيها بسبب الصداع: بخير...
ثم سكتت وبتردد: وأنت؟
وبجدية: عصبيّتك راحت؟
ضحك رغما عنه:ههههههههههه والله ما هوب من طبعي العصبية ولا سبق الأحداث..
دانة ابتسما رغما عنها، اختلّا توازن الأشياء في لحظة سُكر عقلها برغبته في النوم
: زين..
محمد بجدية: دانة..انا مانيب عارف كيف أبتدي معك بصراحة..وأنتي بوضعك ما تساعديني ابتدي بشي.
عادت لحقيقة الأمر، واطلقت بشكل لا إرادي تنهيدة
لتردف بعدها بجدية: وش كنت متوقع مني محمد؟..انا مجبورة..وحتى موافقتي عليك جات من دون تفكير ومن خوف..مضايقات رعد هي من اجبرتني في الواقع..
شتم رعد تحت مسامعها لتغمض عينيها بهم
: والله الود ودي ادفنه بقسم الطوارئ...الكلب اللي ما يستحي ورا ما قلتي لصارم؟
دانة تتنفس بعمق: ما حبيت اعطيه اكبر من حجمه..وشوفني الحين اكلمك بوضوح عشان تكون في الواقع..محمد انا مضغوطة..جدي..الماضي..كل شي يضغطني..حتى سالفة زواجنا تضغطني..
محمد بضيق: زواجنا خيرة...بغض النظر عن طريقته وكيف جا...يشهد الله علي اني مرتاح ومقتنع فيك...
دانة بنبرة ضعف: ويشهد الله علي ما أبي أحطك في طرف يتحمل نفسيّتي..وتعبي!

محمد شعر بإختلاج صوتها وبتشجيع على استمرارية الحديث: انا زوجك دانة..بتحملك وبحمل كل شي عنك..بس كلي رجاء انك تتقبليني..
دانة تشعر بالإهانة وجدا: جدي أهان كياني محمد..رماني بالماضي على ليث وهالمرة عليك..الوضع مرا صعب علي...شعور إنه أهاني ما اقدر اجاوزة

محمد بتفهم: ما عاش من يهينك يا بنت عمي...وتحييرك لليث غلط ما انكر...
تنفعل لتبرر: حيروني له ولا خذوا رايي إن كنت موافقة ولا لا؟!...معامليني وكأني جدار!
محمد استجمع شجاعته ليردف: انتي نصيبي دانة من البداية...انتي اللي راح أعيش معها حياتي انسي كل شي وأبتدي معي من جديد.

دانة بقلة حيلة وضعف: محمد لا تفهمني غلط..والله اني ما حملت بقلبي ذرة شعور لليث..بس قلت لك كل شي احسه عشان ما تحملني على فهم غلط..مافيني حيل بعد احد يفهمني غلط..وسيء الظّن فيني!
ابتسم رغما عنه: تدرين..واضح انك صريحة..

دانة فهمت يريد التخفيف عنها: انا صريحة..وأحب الصراحة..بس لنضغطت ما أعرف اتكلم..وأخبّص ويمكن تخبيصاتي تخلّي اللي قدامي يفهمني غلط..
وكأنها ترمقه بحديثها هذا: واضح بحبك من المكالمات الصوتية وبتعرف عليك اكثر..
سكتت بحيرة
لتقول: عطني مساحة اتقبل فيها كل شي..
محمد برضا من هذه المكالمة:بعطيك بوجودي في هالمساحة.
دانة بقبول هي الأخرى ستحاول تطبيق حديث موضي: طيب..
محمد: مابي اكثر عليك كلام..عارف وراك دوام..تصبحين على خير.

دانة بخفوت: وأنت من اهل الخير.
.
.
دخلت عليه وهو يصلي الفجر..تعجبت من تأخيره للصلاة..وحمدت الله شاكرة لعدم بزوغ الشمس ليدركها..أشارت للخادمة التي تناديها دومًا بـ" يا بنتي"لتضع دلة القوة وصحن التمر جانبًا، ثم قالت
:روحي يا بنتي نامي..وجلسي تسع الصبح..
الخادمة: زين ماما..
خرجت وبقيت تنتظر انتهاء زوجها من الصلاة، نظرت له وبدأت تهلل وتستغفر، انتهى من الصلاة وطوّى سجادته وهو يقول
: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..راحت علي نومة الوكاد كانت بتفوتني الصلاة..
الجده تطمئنه: الحمد لله ما طلع الضَو..وباقي على وقت الشروق ..
تقدم لناحيتها وهو يتكّأ على ثقل الماضي
لتقول:عساك ريّحت زين؟
الجد: لا بالله..عيني سهرت الليل..ونمت لي ساعة..وخذني النوم إلا على صلاة الفجر..
الجده تضع يدها على فخذه: هونها وتهون يا بو عبد الرحمن...قم نام...
الجد بانكسار: لا والله ما نيب نايم..بنتظر وليدي ليث يجيني يوديني لبنتي رحيل...
الجده عقدت حاجبَيْها:هاوووو علامك..الحين الفجر وين يجي ووديك...
الجد مسح على لحيته: ازهمي عليه...
الجده بقلق شديد على حاله : اصبر لين يصير الصبح وتطلع الشمس..يمديك تغفي يا بو عبد الرحمن وترتاح..
الجد تنهد واسند ظهره على المسند من خلف ظهره..بهِ شعور غريب يوارده وبشكل كبير بعد رؤية ليث وحقيقة عودة رحيل..ذابت القساوة التي يختبّأ خلفها طيلة هذهِ السنوات ليجبر من حوله يتحولّون إلى تماثيل من أحزانهم!
قسى من أن يُطرى اسمها أمامه..اجبر ليث على البقاء معها..مؤخرًا أدلى لهم بفكرة الإنجاب..ولكن الآن قلبه طرب شوقًا لرؤية طفلته..أتى أوان الظهور على حقيقة ضعفه وخوفه عليها..سينتظر..سينتظر إلى حينما تشرق الشمس..في الواقع الصداع بدأ يحتضن مُحيط رأسه..وهو يُقاوم!
الجده: قِم خذ لك غفوة..تجدد فيها قوّتك...
الجد مدد جسده بالقرب منها وببطء شديد: برتاح اشوي..وصحّيني..
الجده: تامر أمر.
.
.
.
يبحلق في الجرائد التي لم تكف عن نشر الخبر، قوّته سقطت في وقتٍ واحد ،خسارته لا تعوّض أبدًا الكثير من شركاؤه توفوا أثر ذلك الإنفجار..يده اليمنى"اللورد" وأكثرية شركاؤه من مختلف الدول جميعهم توفوا لم يتبقى منهم أحد..علم ببقاء ليث على قيد الحياة لأنّ اللورد إلى آخر نفس له لم يشركه معه بعقد رسمي لينضم إلى مجموعتهم في الواقع!
..وحتى الأوراق التي تُدينه اختفت..بسبب الإنفجار..احترق كل شيء ولم يبقى سوى رمادهم..هذه القوة ضعفت..شركاؤه الذين نجوا..فضّوا الشراكة خوفًا من زوبعة الإعلام..من بقيَ معه رجال قليلون يتشبثّون به بسبب قوته وضعفهم وهذا ما لا يريده..يريد إعادة كل شيء إلى عهده وقوّته..بنشر خبر مقتله لليث ووضع التهمة عليه كليًّا..ولكن هو الآخر محمي ولديه حصانة ما دام لم يخرج من بلده..وفرصته رحيل..التي اصبحت كومة من الأمراض النفسية وهذا يعود بفضلهم! ..سرد عليها كل شيء لتزداد حنقًا ولكن ها هي الأخرى لا تستجيب..يومًا عن يوم يضعف..لا يدري ماذا يفعل..
طُرق الباب عليه
دخل حارسه الشخصي (مترجم) : سيدي أليفر.لا بد أن تخرج اليوم من واشنطن..الإعلام ما زال يلفّق الحقائق..والتحقيقات جارية...نخشى من أن...
قاطعة وهو يضرب على الطاولة(مترجم):اعلم...ماذا حدث لرهيل..؟
"جميعهم ينطقون اسمها بهذا الشكل وبهذا الفحيح"
الحارس (مترجم):لم تجيب...على...
تنهد اليفر وسحب نفسه من خلف المكتب ليُقاطعة(مترجم): أوقفوا الإتصالات والرسائل..علينا أن ننجو بأنفسنا أولًا ثم نعود بالنظر إلى أمرها..فانسحاب ديفيد الروسي..وجافيد لم يُبقي لنا أية قوة..المحامون جميعهم انسحبوا..وأخشى من أن تتم رشوة بعضهم ليخرجوا في الإعلام..ويفضّوا ما في جوفهم...
الحارس بلا رحمة(مترجم):من الأفضل أن نقتلهم...
اليفر هز رأسه(مترجم):لا هكذا ستزداد الأمور سوءًا..وسنلفت الأنظار ...لا تضيع الوقت...هيّا دعنا نخرج...
هز رأسه وتبعه من خلفه
.
.
استيقظ باكرًا يحمد الله على نعمته..كل شيء على ما يرام..صحة والدته والجنين بخير..ابتهجت أساريره حينما اخبرتها الطبيبة بثبوت الحمل..يشعر بوالدته وبمخاوفها وإن حاولت تُظهر خلاف القلق..يشعر بها إلّا أنها انشغلت قليلّا بهِ بعد موافقة عهود..توترها خف..وبدأت تطمئن لكل شيء..نزل من غرفته المكان
هادئ..هو اليوم مبكرًا من استيقاظه من أجل عمله.. فوالدته ووالده مازالا نائمين... لن يفسد بحركته نومهما..سيخرج على مهل..خرج واغلق الباب..بهدوء
توجّه إلى سيارته..فتح الباب سمع
رنين هاتفه..ركب السيارة
ثم اجاب: ارحب صارم..يا صباح النور..
صارم يشعر بالتوتر والقلق..لم ينم جيّدًا يفكر وكثيرًا بأخيه..يخشى من ان يُجلب لهم المصائب واحدة تلو الأخرى ما سمعه بالأمس. ايقظ مارد التوتر في داخله، ها هو جلس من نومه على غير العادة ارتدى ملابسه وجلس في المطبخ ليتناول وجبة الإفطار رغم ما زال هناك وقت طويل على حصته الأولى..والطابور الصباحي يتأخر عنه وكثيرًا..ولكن اليوم فعل ما لا يفعله مُسبقًا ليزيد شكوك صارم!
: ذياب..بعد اذنك ابي سيارتك ...وخذ بدالها سيارتي....
ذياب بتعجب: حلالك السيارة..بس ليه؟
صارم بجدية: براقب نواف..شاك مسوي بليّة ومابيه ينتبه لسيارتي فباخذ سيارتك...
ثم خرج من المنزل ليركب سيارته هو الآخر..
ذياب: لا حول ولا قوة إلّا بالله...وهذا ما عقل؟
صارم بدأ يقود سيارته: وشكله ما راح يعقل ابد..
ذياب بهدوء: طيب وين التقيك عشان اعطيك اياها..
صارم بهدوء:عند اشارة الحي القريبة من بيتكم..دقايق وانا عندك...
ذياب بجدية: على هونك لا تسرع...
صارم بهدوء:ان شاء الله...

ثم اغلق الخط..ليتصل على فيصل الذي في الواقع في غرفة محمد يحك جبينه..الحزن ما زال يلتهم قلبه ولكن يحاول ألا يلتفت عليه..هو الآخر انشغل بأمر نواف. شك بهِ وكثيرًا مُنذ خروجه من "المخزن"وادعاؤه من التدخين وهو لم يشتم رائحته عقله لم يتوقف عن الشكوك..فهو مدمن تدخين يعترف بذلك يشتم رائحته سريعًا ولكن في تلك اللحظة لم يشمه..بينما البقعة لم تكن محط شك في نفس فيصل..بقعة الكحل التي ورثتها له وصايف فأتى في عقله المخزن متسخ وبه فحم للشوي ومنافع أخرى وربما التصق به..ولكن حقًا زادت شكوكه حينما دخل المخزن ولم يرى أحد.

ووجوده هناك في مثل ذلك اليوم وارتباكه وادعاؤه بالتدخين يُقلق مع ارتباطه بما سمعه بالأمس..لذا لن يترك صارم لوحده من المؤكد نواف واقع في مصيبة وصارم إن كشف امره لن يكون خيرًا له.
نظر لمحمد ليكمل حديثهما: في ملكتك..شفته طالع من المخزن...ولم شافني تعلل انه يدخن...بس كذاب ما شميته دخان...
محمد يرتدي بذلته ويسحب المنشفة لينشف بها شعره: أجل شنو يسوي؟

فيصل بجدية: والله عجزت اخمّن وش يسوي..وانا التهيت بعدها بالعشا وبالحَط والشيل...بس امس واضح كان يكلم بنت..يمكن يكلم بنت وزابن بالمخزن...
محمد : مراهقة على ليفل مرتفع...الله يهديه..والله اذا صدق زي ما تقول بيهرب وبيطلع معها..على هالتخمين صارم والله ما بخلي فيه عظم صاحي..لا هو ولا هي!
فيصل قوّس شفتيه: عشان كذا نطلع سوى..وما ودي فهد يجي...هو الثاني حار ويفور بسرعة...
محمد:انا ما اقول الا الله يستر...واضح نوافوه ما هوب راسي على بر من هالخبال...
كاد يتكلم ولكن سمع الرنين
اجاب:هلا صارم...
صارم بجدية: اطلع قبل لا يهج نواف الحمار...انا رايح ابدل سيارتي مع ذياب..
فيصل ضحك رغما عنه: هههههههههههههه....يا حبيبي على ذا الاكشن...
صارم بمزاج سيء اغلق الخط في وجهه
ليضحك فيصل: جاك الموت يا نواف....ولد عمّك مشحون...
محمد سحب مفتاح سيارته: كلنا مشحونين وشكلنا كلنا بنفرّغ في نواف...يلا نمشي...
فيصل ضحك على جملة أخيه وخرجا معًا.
.
.
ارتدت الزّي المدرسي..نشاطها زائد ولهفتها تتفاغم لتتصاعد نبضات قلبها..تشتاقهُ، تتوق إليه..تحبه..لا بل تعشقه..ومن أجل كل هذهِ المشاعر تتجرّأ تنسلخ من قوقعة التردد والخوف الذي باعد بينهما لتطلبه بكل جرأة رؤيته..تثق به..وهو اقسم على ألّا يُفسد معانّي حُبّهما..قامت بتجديل شعرها على جانبها الأيسر..نظرت لوجهها وابتسامتها البشوش..وضعت مرطّب شفاه بلا لون..ارتدت عباءتها وسحبت الحقيبة..مسكت هاتفها
لترسل" الحين بطلع"
ثم احنّت ظهرها لتضع الهاتف في"جوربها" الطويل..فالمدرسة تمنع الهواتف النقالة..وهي ستعود إلى المدرسة بعد رؤيتها له..حاولت ان تثبته وفعلت ذلك..خرجت من الغرفة وهي تضع الحجاب على رأسها..نزلت من على عتبات الدرج وهي تقفز بسعادة...نظرت لوالدتها اقتربت قبلت خدها

لتقول: صباح الورد..

ام وصايف ابتسمت: يا صباح العسل...سويت لك سندويشات..خذيها معك تشوفينها في المطبخ..وطلعي فهد ينتظرك...برا...
وصايف بحب قبلّت خدها من جديد: مابي بشتري من المقصف...والحين بطلع...

ثم مشت متجة للباب تحت انظار والدتها : الله يوفقك وزيدك علم ...
ثم نهضت لترى ريان ينزل
ابتسمت في وجهه: طمني وانا خالتك ان شاء الله احسن؟
اقبل عليها ليقبّل رأسها: لا تحاتيني..اموري طيبة...
ام وصايف: اليوم خالك بزورنا...ان شاء الله عاد يمدي يشوفك..
ريان: بطلع بدري اليوم إن شاء الله يمدي..يلا خالتي عن اذنك..
ام وصايف: الله معك...

.
.
ركبت السيارة بينما هو حينما رأى فيصل ومحمد يخرجان من المنزل ترجّل من سيارته
ليتقدم لهما وهو يقول: ثواني وبجي...
فهد رفع صوته:هااا بتروحون...
يصل نظر له :اي واضح اليوم بصير اكشن...
محمد ضحك رغما عنه: يا حبك لهالسوالف..جوّك وأجواءك..هههههههههههه.....
فهد ضحك: ههههههههههع ودي اجي معاكم...بس عندي حصة اولى وما اقدر...
فيصل ضرب صدره:لا تحاتي حنا نكفي ونوفي...روح...
محمد لمح نواف يخرج من المنزل فهمس: يلا...طلع...
فهد نظر لنواف بتنهد: الله يهديه..عن اذنكم...
ثم تقدم لناحية سيارته ونظر لأخيه
وهو ينزل من على عتبات الدرج
تحدث:ريان وقف لحظة...
وصايف تحسب الدقاىق للمضي وفهد يطيل الأمر..ازدردت ريقها شعرت بالتوتر قليلًا..
ريان وقف ونظر لأخته ثم نظر لفهد: شفيك؟
فهد اقترب منه: ريان..أبيك تأثر معي في ابوي ..عشان ما يروح لرحيل..
ريان رفع حاجبه: انا ابي اروح...
فهد مسح على رأسه لا يريد أن يخبره ولكن اضطر: رحت شفتها امس..ووضعها لو يشوفه ابوي...والله بينصدم...ووقّف قلبه!

ريان بعصبية: تروح ولا تقول لي؟
فهد : ما كنت ابيك تشوفها...وانت بذيك الحالة...
ريان ينهي الامر ينزل من على عتبات الدرج: اليوم شايفها شايفها...والله لا يعوق بشر...ما حد بموت قبل يومه!

تنهد بضيق فهد وركب سيارته
.
.
نلعب في الرمال الدافئة ندفن جزءًا من الساق..نضحك..ونرفرف على قوس الأحلام لننزلق على عتبات المرح..نركض..نشتم هواء البحر..نصرخ..ونرجم بعضنا البعض بالصدف بعد تجميعه من على شاطئ العقير..بعد خروجهم من
" النخل"دخلوا إلى مدينة الأحساء ليمسكوا خط ميناء العقير القديم..كل شيء سلسل..والحياة جميلة..والأصوات تتهاتف من خلف المقود
" عاش عاشش سواقنا...كل الدجاجة وانحاااااش"
ترتفع القهقهات..يضحك هو بعينيه المتجعدتين..تميل عهود لترقص بشعرها على غناء دانة بصوتها الشجي" أنا حلوة..حلوة..دنيانا حلوة حلوة..بحرنا حلو...وجدنا حلو.." يصفقن تكمل تأليف كلمات من عقلها الذكي..يستمرون في الرقص..يصلون إلى الشاطئ تستقر السيارات في مكان واحد..يهرعون بدفن أنفسهن تحت التراب..وبقية الأولاد يلعبون الكرة بعيدًا عنهن..بينما هي..تركض..تفرد يديها في الهواء تدور حول نفسها من أجل أن ينفرد فستانها لتصبح كما تقول" سندريلا" تتبعها هيلة في الدوران وكذلك اصايل وعهود..يلتقط والدها صور عشوائية لهن..يكملون هوس اللّعب بالرمال..لا تنكر تحب طعم التراب..تغافلهم لتأكل منه بقدر بسيط..ثم تنهض وتضحك حينما تكشفها دانة وتبتعد عنهم لتنزوي بالقرب من التوأم.

استعادة بذاكرتها طيلة الليل لحظات الطفولة التي نستها خلال الثمان سنوات..تذكرت كل شيء..واكتشفت ذكرياتها لم تعد مؤصدة في ناحية قربها من جدّها في الواقع..تتقلّب يمينًا ويسارًا..لترى طيف ذكرى جديدة..تستلقي على ظهرها..تعيش حرب مأساوية ما بين رغبتها في النوم..وما بين الهروب من الذكريات..تشعر بالتأزم من كل شيء..ذكريات الطفولة..وذكريات السجن..وذكريات المشاعر لا شيء راكد في قلبها..تسارعت نبضاتها نهضت وكأنها أسد يريد الإنقضاض على فريسته...بالأمس رتبت كل شيء بعد بعثرته هل ستعيد البعثرة الآن؟

صرخت لم تتحمل هذا الكم الهائل من الضغط...صرخت وهي تتأفف..توجهت للستارة ازاحتها فتحت النافذة...تريد أن تتنفس...تريد هواء نقي..اغلقت التكييف..وازاحت من على جسدها البجامة ذات الأكمام الطويلة لتبقى "بالبدي" الأبيض الواسع ذو النصف كم..جسدها يتعرق..تمشت هنا وهناك..تريد ان تخرج من نوبة الذكريات..رؤية فهد اسهرت عينيها وجلبت جلبة غير مريحة لحث عقلها على تذكر ما خشيت نسيانه وهي في السجن!
خرجت من الغرفة ستتوجة لشرب الماء..تشعر بجفاف حلقها..مشت بخطى سريعة سحبت الكأس واملئته بالماء شربته وأبقته في يدها لتعتصره وسمعت باب الشقة ينفتح..
.
.
نام بعد عتاب أمل..شعر بالراحة رغم كل شيء حصل..نومته مريحة وود لو تطول لساعات اكثر ولكن ، ارغم نفسه على الإستيقاظ من اجل خوض حرب جديدة مع ظروفه..وفي الواقع يريد الهروب من امل..أمل محقة اصبحت اكثر صراحة من ذي قبل..لم يجد فيها واقعية الحديث..دوما ما تظهر له الجانب العاطفي..ولكن يبدو الظروف اجبرتها على ان تكتشف حقيقة حياتهما بصورة مأساوية هو لا ينكرها مُسبقًا ولكن لا يعترف بعلاقته معها على أي طريق كان..كان يهرب رغم أنه يحبها لا ينكر وهي تحبه..ولكن لا يستطيعان تجاوز حقيقة أمر"الإغتصاب" سيفي بوعده لها..من بعد الآن لن يقربها..سيعيشان على مبدأ بعيد عن الحياة الزوجية المشتركة بالجسد، سيترك هذا الجانب..ولكن لن يتركها في منتصف الطريق.

يعلم جيّدًا طلاقهما..سيصيبها بالجنون وسيجدد الكسر..هي تعيش في حالة تأنيب ضمير مما حصل وتعيش في اجواء مذبذبة..وهو لا ينكر انه يعيش هذا الضياع بطريقة اخرى..ولكن انفصالهما سيزيد من عذاب نفسيتهما الاثنان.

لا شيء طبيعي في حياتهما..لكن يخشى ايضًا طلاقهما يصبح صدمة كبيرة على ركان ويبتعد عنه وهو الذي لا يريد بُعده..هو ممنون له بكل شيء وقف معه في قضية رحيل ..لا يريد أن يجازيه بسوء بمقابل حسن عمله له.


صعب الأمر..ولكن لا شيء هادئ الآن ليمكّنه من التفكير من زاوية اخرى..سيُبقي امل على ذمته..لن يؤذيها لا بفعل ولا بقول..سيبقى معها على الحدود التي لا تفسد مزاجها وحياتها..فقط يريد العيش بسلام معها ومع حُبّه لها!

بدّل ملابسه بعجل وحاول ألا يصدر ازعاج لمسامعها فهي لم تنم طيلة الليل تبكي..شعر بها ولكن ترك لها مسافات التفريغ ببعده..وها هو الآن يهرب منها ليجد نفسه في شقة رحيل..ليواجهة بعثرت حالها..اغلق الباب من خلفة..تقدم وهي مشت لتخرج من المطبخ تشد على الكأس
ينظر لها ولجحوظ عينيها وانتفاخهما ليدرك عدم نومها..صوت تنفسها يُسمع..نظراتها الحادة تقتل ضميرة وتجدده بالأسوأ..متعب يقسم انه متعب..أينما يولّي بوجه يجد من يضغط عليه وعلى ضميرة...
تحدث: رحيل..
لا يدري كيف فاجأته هكذا..لم يتوقع أن تصل لهذه الدرجة من الحقد..رفعت يديها والقت عليه الكأس...ليرتطم على طرف ذقنه.
.
.
هي قسمت على أن تخلّف له ندبة مثلما فعل بها قبل سنوات..تريد أن تترك له ذكرى في جسده يقال لها" ندبة بسبب رحيل" ، ظهر لها في الوقت الخطأ وفي الرغبات الخاطئة..لم تترد في رفع الكأس ورمية عليه بقوة..هي مشحونة بالعنف والغضب وتريد التخفيف..شدّت على الكأس..وهي تذكر موقفهما في الماضي..ذكرياتها تعيد عليها لقطات وحشية من السجن ومن مكوثها في المستشفيات..لذا تريد أن تنتقم منه..تريد أن تحدث له ألمًا بندبة تلازمه طوال الحياة.
.
.
سقط الكأس على الأرض انتثرت الشظايا..لتتنفس بعمق..ثم مشت عنه..لتتركه يداري صدمته..مسك ذقنه..شعر بالألم..نظر لكف يده..لم يجد أي دم..ولكن ومن المؤكد إنها خلفة كدمة على هذه المنطقة المخفية بلحيته..اشتدّ حنقه...هو ايضًا يريد التفريغ..ولكن يحاول أن يمسك نفسه..بمقابل هي تترك نفسها لتوجعه.

تذكر قسمها..وتذكر لعبتهم عليه..كيف يجاري الحياة..كيف يجاري امرأتين مجنونَتَيْن دخلتا في حياته بطريقة سريعة ومؤذية.

متعب..يريد الهروب من كل شيء ولكن لا يسعه الوقت..رفع صوته منفعلا

:رحييييييييل
ثم مشى بخطى سريعة لناحية الغرفة
.
.

انتهى

التقيكم على خير يوم الثلاثاء



 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 25-05-21, 04:07 AM   المشاركة رقم: 85
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

Part25
.
.
.
(ما قبل الوداع الأخير)
.
.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
غيومها ملبّدة ومحمّلة بالصواعق..نعيق غُربانها يرتفع بتردد صوتي مزعج في أُذنيها..تريد التحرر من هذا الشعور..كل شيء ضيّق وخانق..عَينيها تبحثان عن مخرج من هذا الضّيق ولكن عاد الشعور نفسه، الشعور الذي يقتات عليها وهي في السجن..تختنق ولا تجد طريقًا للهروب منه..لأنها لا تستطيع اختراق جدران السجن للخروج مُبتعدة عنه..تميل برأسها للأمام..تُحني ظهرها بشكل تدريجي لتستسلم بالإنحناء وتشد على ركبتيها بباطن كفّي يدَيها..يضيق عليها هذا الكون..لا طاقة لها على تجرّ لوعة الذكريات ولا طاقة لها بسبب عدم تناولها لأي طعام..شعور الضعف هذا يُجبرها على الخضوع لرغباتها التي تُظهرها كالأسد الهائج من الظاهر. تتناقض بردّات افعالها بشكل مُبعثر..تتنفّس بعمق..تتلوّى من الداخل..فهد هو الآخر اضعفها بعد لقاؤهما البارد..صبّ في جسدها الوهن وفي قلبها الحنين..ترك المساحة الواسعة من باطن جوفها لتتسع بالألم اكثر ويتسع ثُقب الأوجاع، ظنّت سيكون لقاؤهم جميعًا عابرًا ظنّت قلبها لن يعفو ويسامح ولكن كل شيء يتدفق في مقدمة رأسها..كل شيء يطلبها برجاء على احتضان ما تبقى منهم من عطف أو حتّى شفقه..هي خسرت..تؤمن بذلك..ولكن الشعور لا يتوقف يتجدد في كل لحظة..استقامت بجذعها المهتز على صوت ليث..ادركت غضبه من نبرة صوته.
هل سيعاقبها الآن؟ لا يحق له..مسحت وجهها المحمر بكفّيها المرتجفتّيْن..تشعر بالدوران بعد انحناؤها هذا..مشت بتخبط خطوتين لتجلس على طرف السرير..الغُمامة السوداء طبّقت على جفنَيها ولكن فتحت عَينيها على وسعهما لتقاوم قوّتها في سحبها للظلام..تنفسها بات يُسمع..تنظر للأثاث بضباب وهمي بعد مقاومتها للغُمامة السوداء..ألقت بظهرها سريعًا للخلف..استلقت لتتدلى رَجليها على الأرض وتلامسها بسبب طول قامتها، صدرها يرتفع ويهبط بصعوبة..تتعرّق..الصداع يرتفع..الغُمامة تزداد ولكن تقاومها بسحب هواء عميق تُدخله في رئتيها..تشعر وكأن هناك قلب آخر في جمجمتها ينبض من الجانب الأيسر ويهبط في الجانب الأيمن..أخذت تزدرد ريقها على التوالي..الشعور لا يطاق..ليس بجديد عليها ولكن مُنذ فترة لم يزورها بهذا الثقل..دخل ليث مباشرةً بعدما ألقت بنفسها على السرير..راقب تصرفاتها..يرى تدلي رجليها النحيلتَين على الأرض..يسمع صوت تنفسها الثقيل وظّن إنها تبكي..ولكن حينما اقترب بصمت لسانه وبعجلة افعالها سقطت عينيه على شكلها الباهت..جبينها يتعرّق..عينيها تحدقان في السقف...تبلل شفتيها سريعًا..

توقظه من التأمل: أوجعتك؟
.
.

ويعلم إنّها موجوعة مُنذ قدوم فهد وخروجه ولكن لسانها لا يعجبه إمّا يجرح أو يصمت والظروف تخذله من البقاء لجانبها كل الوقت لسماع الجِراح أو تحفيز الصّمت من التحوّل إلى ضجيج!

..متعب..اصفرار وجهها شديد وعينَيها جاحظتين ومحمرتين..أدرك فيهما ألمها وثبات معنى رحيل كيانها السابق!..يرى ارتفاع وانخفاض صدرها..نظر لكفّي يديها وهي تمررهما على صدرها برجفة واضحة على مرأى عَينيه، تحاول ابعاد البذلة عنها قليلًا لتسحبها للأسف ولأنها واسعة..استطاعت من أن تبعدها ليظهر عنقها وجزء منحدر من عظام صدرها المعرّق والمشوّه ..عرقها..كحُبَيبات الندى التي تزيّن غصن الشجرة اليابس في فصل الخريف..متعرج ذلك الغصن يتلو جروح الزمان بفتاته وحُطامه..تلك الحُبيبات تحاول رويه إلّا أنه سبق أوان الرحيل ليصبح يبسًا لا يستجيب لمقوّمات الحياة..خشيَ عليها..ولكن أبدَا بغضبه بسبب كلمتها تلك..انحنى من الجانب الأيمن
نظر لعينيها وهي تحدّق به وتبتسم رغم كل شيء سيء يحوطها!
: وإن عدتيها قسم بالله بتندمين!
.
.
رحيل ترفع نفسها من على هشاشة الغَيْمة..تشعر تحت جسمها قطن وفرو وأشياء ليّنة تجذب جسدها للخضوع في النوم عليه ولكنها تقاوم..تقاوم الشعور وبشدة..انهضت نفسها وهي تسحب نفسًا عميقًا وتقترب منه..اصبحت لا ترى الأشياء على مسافاتها الصحيحة لذا اقتربت مندفعة للأمام ليصطدم طرف جبينها بجبينه..اغمضت عينيها وفتحتهما سريعًا تخشى من الإستسلام..مسحت على وجهها أمامة وهو صامت..يقلّب وجهها وهي تحتضر تحت مقاومتها الباهتة..تحدثت
: سويت لك ندبة...
.
.
وأخذت تضرب على طرف لحيته المنتفخ قليلًا.
استشعرت الإنتفاخ و ابتسمت تحت سيطرة اختلاج جفن عينها اليُسرى نتيجةً الأرق، يراقب كل تصرف مجنون منها..يسمع صوت تنفسها الضيّق..ويرى ابتسامتها التي ترتسم على لوحة صفراء مليئة بالتشققات والجسور المهدومة..لم تعد الحُبيبات دائرية بعد. حينما جلست اخذت تنساب بشكل انهياري على رقبتها وجانب جبينها..ترمش بشكل متكرر..
تضغط قليلًا على الإنتفاخ: بسميها ندبة رحيل..
يهز رأسه يمسك كف يدها المرتجف..ليضغط عليه قليلًا وكأنه ادرك في وهلة اشتعال رغباتها في استفزازه لحث جنونه للتعارك كما ترغب..ولكن هو ادرك مجددًا ضعفها الذي يظهر بشكل قاسٍ ومتلوّن..متعبة..وهشة ومحطمة..أوجعته بضربتها ولكن يُدرك هذا الوجع لا شيء أمام ما تشعر به الآن..تنازل عن القتال والشّد والثّبات في سكون حرفها الأخير،
همس: سمّيها عقوبة رحيل!
.
.
تنفرج ابتسامتها أكثر، وتسحب يدها منه..تبتعد لتُسقط نفسها من جديد على السرير..ولكن شعرت في تلك اللّحظة .بإرتجاج عظيم في مخها بأكمله ليزداد النبض ويضغط على مقدمة رأسها وبشكل لا إرادي عقدت غَين الغضب ما بين السّيْفين الحادين من جانب حاجبيها..اخذت تتنفس بشكل متتالٍ..فتحت عينيها ..ولم ترى النور..اغمضت عينيها مرة اخرى..وفتحتهما تحت ثبات ليث..يرى كيف تقلّب أوجاعها بذاتها..تحاول الصمود..ولكن يتلاشى منها..خشيَ عليها وهي تكرر عملية التنفس بهذي الطريقة..تفتح بصعوبة جفنَيها ترى تارى سواد وتارة ضبابًا في الفينة الأخرى..انحنى..
: رحيل..أنتي تعبانة عارف...قومي...بوديك المستشفى..
صوته اصبح في غار بعيد..وهي اصبحت في سجن تحت قاع هذا الغار..لا ترى ليث الآن ومقاومتها باتت بالفشل..غاصت في الظلام..وصوته تبعثر في محيطات وعرة ومخيفة.. هي لا تحبذها أبدًا!
نطقت بثقل قبل أن يرتخي جسدها كليًا: مممما..مممابيي.

نهض سريعًا هنا..حينما ادرك اغماؤها..وقف امامها تمامًا..سحب رجليها ليضعهما علي السرير..ثم رفع جزئها العلوي ليريحه بشكل ثابت للأمام..سحب وسادتها ووسادته ليضعهما فوق بعضهما البعض ثم رفع ساقيْ رحيل ليرفعهما ..تتنفس بعمق..اغماؤها ناتج عن الجوع وعن الإرهاق..خرج من الغرفة سريعًا سحب كأس واملئه بالماء..وفتح الثلاجة وسحب علبة عصير..عاد بخطوات سريعة لها...جلس بالقرب منها..سكب بقدر بسيط على كف يده من الماء..ثم ارشح به وجهها..كان باردًا نوعًا ما..وعادت رحيل بشكل جزئي ومكابر لوعيها..شهقت..بينما هو ذكر اسم الله عليها..
ثم قال:ما كلتي من أمس؟
عاد صوته بشكل طبيعي فتحت عيناها بتعب شديد اجابته: لا..
ليث قرّب كأس الماء منها:شربي اشوي...
فتحت فمها بجهد لتشرب الماء..رأسها يؤلمها..وجسدها خامل.
ليث:عارف انك ما نمتي..
واقترب منها أكثر ليصبح عن يمينها..وجعلها تتكأ عليه ..وهنا سحبت جذعها عنه..
:شربي عصير..لو أشوي...شربي..لا تعاندين ..
حاولت ان تمسك العلبة بيدها المرتجفة ولكن لم تنجح..رجفتها ازدادت..تذكرت وضعها هذا ..وكيف كانت ماري تداريها آنذاك..تتكأ عليها والأخرى تشدها وتقوّيها بالزّاد الذي تخبئة تحت ملابسها..حالتها هذي..تزداد سوء بعد عقوبتها في السجن الإنفرادي وهذا ما تشعر به هذه الشقة سجن انفرادي تعذيبي.
.
.
كادت العلبة تسقط منها حينما حاولت التّظاهر بالقوة ولكن ليث..اقترب منها شدّها إليه واجبرها على شرب العصير..تعجب من هدوئها وعدم عصيانه..بينما رحيل لا يهمها قربه ولا يهمها تعامله..ولكن حقا تشعر بالتعب..بالأمس كانت ماري من تطبطب واليوم عليه أن يطبطب ويداوي هذا المستفاد من بقاؤها على ذمته..فاليذوق القليل من حزنها لا يهمها ذلك بقدر ما يهمها البقاء ثقيلة عليه!
.
.

شربت ببطء شديد تشعر حنكها بالكاد يتحرك..تنفسها يضيق..عطر ليث الملتصق في ثوبه..يزيد من ضيقتها بالشيء الكثير
همست: عطرك يخنقني..
ليث بهدوء: خليه ينشط خلايا عقلك وصحصحك من الإغماء عدل..شربي العصير وببعد عنك...
سحبت العصير من يده بقوة..تلك القوة التي ظهرت على وجه الإستفزاز..حتى أُريق جزء من العصير على الفراش..ابتعدت عنه وحاولت الثّبات ولكن لا ثبات أمام الموج الذي تشعر به..نهض هنا
: جايب لك اكل ليش ما كلتي..ولا ناوية تنتحرين؟

وكأنّ العصير انعش رُبع من جسدها نظرت له وابتسمت بسخرية: تؤؤؤؤ..لو بنتحر ما أجوّع نفسي..أعرف كيف أموّت نفسي بدون عذاب...
ليث بقهر سحب يدها اليُسرى واشار لمعصمها المحتفظ برغبات الخلاص..وكأنه يريد أن يخبرها بأنه يعلم عن كل فعل كان كبيرًا أو صغيرًا فعلته بنفسها آنذاك!
: وهذا يشهد..

ضحكت بخفة وسحبت يدها لتُقبّل معصمها: أي والله يشهد..
نهض وهو غاضب: استغفرك ربي وأتوب إليك..
ثم قال: انطقّي لا تقومين من على السرير..بسّخن الفطاير في المكرويف وبجيك راح..تاكلين ثلاث غصبن عنك...
رحيل ترمي العلبة بعدما افرغت آخر قطرة من العصير في جوفها على الأرض: لا أبي خمس..أحسني بموت جوع..

ألتفت عليها ولكن رآها مستلقية وتحدق في السقف، همس من جديد: يارب صبّرني..
.
.
ذهب للمطبخ..يفكر بها ويفكر بجنونها وبردّات فعلها..كيف يريدون مقابلتها وحالها اليوم أسوأ من الأمس..كيف يقنعهم..وكيف يوّقف جنونها هذا؟
سحب الفطائر الموضوعة جانبًا فتحها من الكيس ليضعها في المكروويف ليسخنها.
لم يأخذ ثمان دقائق حتى عاد سحب الفطائر في صحن زجاجي ثم مشى ليدخل في الغرفة ويقترب منها ثم جلس على طرف السرير نظر لها: جلسي اكلي..
سحبت نفسها لتستند على الخلف..سحبت صحن الفطائر وبدأت تأكلها بمهل وببطء
تحدثت: ابي مسكن..
ليث بتفحص لحالها: وهالمرة شحقى المسّكن؟
نظرت له تفهم ما يقصده، ابتسمت بسخرية: تخيّل شحقى؟
وبحده: راسي مصدّع..
ثسحب هواء عميق لرئتيه لتقول: وين المقص؟
ليث ألتفت عليها: المسكن في الثلاجة...
رحيل: والمقص في الثلاجة بعد؟
تبتسم بسخرية وتقضم من الفطيرة
يتحدث: مانيب مشتري مقص ..واتركي شعرك...بطوله..
رحيل بانفعال سحبت صحن الفطائر لتضعه على السرير بينما هو تعجب من ردت فعلها..ولكن حينما نهضت نهض..
: رحيل جلسي..تركي عنك الجنون والعناد..تعبانة حدّك..ارحمي نفسك أشوي!

رحيل مشت بصعوبة اتجهت للكمودينة رفعت الصحن وبتمكن شديد كسرته لنصفين تعرف من أي منطقة وزاوية تكسر الشيء لصالحها..لم تمهله ليستوعب ما ستفعل
شظية بقيت في كف يدها دون أن تجرح باطنه..سحبت جزء من شعرها وحاولت قصه بطرف الشظية: الله يغنيني عن مقصك..عندي صحونك..يوفون بالغرض!
.
.
تتحدث وهي "تحز" خصلة كبيرة من شعرها جزء منه سقط على الأرض وجزء كبير لم ينقص..تقدم لناحيتها سحب يدها عن الخصلة ونفضها لتسقط الشظية على الأرض سحب جسدها المتهاوي بعيدًا عن الزجاج..ثبّتها على الحائط
.
.
: تحضري عن أفعال الجنون..استوعبي انك طلعتي من السجن..واستوعبي اكثر أنك بين أهلك..والتصرفات هذي غير مقبولة!.. هذي بكون غير مقبولة بالنسبة لهم وإلا والله..لأتلك من شعرك وارميك في مصحة نفسية..لين تتعدلين وساعتها طلعتك..الخبال هذا ما يمشي معاي..وهالتمرد وفي مثل هالظروف بضرّك...يا رحيل..بضرّك كثير!
ثم ابتعد لتقول: دكتور نفسي تحلم أروح عنده...أنت دكتور..يلا عالجني..وعالج تصرفاتي..بس صدقني ما بتقدر تعالج مني خلية وحده!..لأني انا
وبانفعال شديد: مانيب مريضة عشان اتعالج...واعية وفاهمة كل تصرف اسويه..لأني أسوّيه بإدراك..
التفت عليها ليقترب:دامك ووواعييية...عقلي....وفهممممي أنّك ما عدتي في السجن عشان تستمرين في هالهمجية....

رحيل تنظر لعيناه بتحدي: أنا متعمدة..معاك بالذات..بعاملك وكأنك نزيلة جديدة في الزنزانة...معاك بالذات أنت بصير همجية...
ليث فرد يديه وبسخرية: ومن حقي بعد اكون أنا همجي بمقابل همجيّتك..وساعتها شوفي من همجية الثاني اللي بتكسر الراس.
.
.
انفعلت وكثيرًا.... العصير وجزء الفطيرة التي اكلتها جددا طاقتها قليلًا .
هي ترغب بالتعارك منذ أن جلست..تريد أن تخرج كل ما تعلمته من ماري عليه..خاصة بعد قوله..لكمته بكل قوة على بطنه دون أن يدرك حركتها السريعة ثم وبشكل سريع دفعته وهي تتألم ليسقط على الأرض..بينما هو مصعوق من همجيّتها وافعالها الخشنة..هو قادر على أن يرد هذه الضربات اضعاف ولكن لن تقوى على ضرباته..فهو مُدرك وبشكل كبير إنّها ضعيفة!
انحنت لتصرخ في وجهه
: اناااا مووووووو رحييييل اللي تعرفها..موووووووو رحيلللللللل!

تنفس بعمق ثائرة..تعود رجافتها تسقط على ركبتيها أمامه ...ينظر لجنونها ليس استسلامها هو يريد التعرف عليها أكثر مسكته من ياقة ثوبه هزته بعنف
: والله يا ليث....لأكرهك في حياتك..والله..
ثبّت كفّيها على صدره..وقلبها على الأرض في لحظة جنونها وغفلتها لفعلته، اصبح وجهه قريب منها تتنفس بعمق يثبّتها على الأرض لتعبث بساقيَها ولكن بثقل رجليه ثبت ساقيها ليتحدث
بصرامة وجدية: لا تفكرين هالكم حركة اللي تعلمتيها راح توجعني...وان استمريتي فيها..والله ما راح اتردد و راح أوديك المصحة...خذي انتقامك مني برُقي..دامك في وعيّك مثل ما تدعّين..خذييييييه برُقي!

صرخت في وجهه: ما كفّيني هالضربات..ولا السنين من إني انتقم منك
..ما يكفيني شي أوجعك فيه حتى الموت..الموت راحة...مااااااافيه شي راح يحرقق قلبببككككككك..مثل ما قلبي انحرق ثمان سنين...ثمان سنين..ليث...ثمان سنين...والله ما تكفّينا سنة ولا سنتين عشان نتعادل فيها بهالقهر!

أرخى كفّيه من الشّد على كفّيها حينما ادرك انهيارها كليّا تحدث:كل اللي صار لك ما نيب راضي عليه..قهروني عليك..ما كنت راضي عليه ابد ...وحاربت عشانك ..حرب باردة لكن ردها علي كان ثقيل رحيل..ما جلست قسم بالله اطالع اللي يصير براحة..حاربببببببت..لكنّي اعترف خسرت في هالحرب!

رحيل تسحب كف يديه الممسكة بكفيها بقوّة لناحيتها لتدخل في اللاواعي منها:..خسّرتني كل شييييييي....موتك ما بريّحني...ماااافيييي شي يهزززززززك ما في شي راح يووووجعك..مهما قلت بانتقم منك..ومهما فكّرت ليث..ما ألقى شي عادل ياخذ حقّي منّك ويتركك تتوجّع مثليييييي الحيييييييييين!

وضعت كفيه على عنقها: موتنننننننننني..اعتتتترف بخسارتي..اعترفففففف....مابي اشوفك...مرتتتتتاح وانا عالقة في ظلامي مااااابي....ما أبي أتنفس هوا هالوطن بعد..صايرة غريييبة فيه..هواه يخنقني...جيت هنا أبي أعيش بأمان..وأثاريني جيت لغربة تكسر الظهر بالحيل...مابي أعيشششش بعد..انخذلت كثيييييييير...وش الشي اللي لسى ما ذقته وشفته؟..ليش أعيش عشااااان اتوجّع؟..موّتني...يمكن ارتاح ..يمكن هالخيار هذا ..هو الاختيار الصح..موّتني...أنا أموت وأنت عَش بكيفك!

ينظر لها بعينيه المحمرتين يختنق من حديثها وهي تشد على كفيه
تلوذ بنفسها: وش باقققققي ما خسرته قولللللي وش باقي ما خسرته وبسببك أنت....خسرت دراستي...وصرت بدون شهادة لكن انطبع فيني لقب خريجة سجوووووون....انهدرت كرامتي على مدار الثمان سنين...اهليييييييي ابعدوا نفسسسسهم وخسرتهم...نفسي خسرتها...كل شي خسرته...قولي وش باقي ما خسرته؟
ابعدت كفيه بقوة لتشير لجسدها وهي تجلس أمامه بعدما ابتعد ليستقيم عن انحناء ظهره:حتى جسمي تشوّه....خسررررررررت....حياااااتي
..خسّرتني كل شي...يا ليث.. كل شي..ما باقي لي شيء أصلًا عشان اخسره!

ليث انفعل هنا لا يريد أن تزيد ضميره وجعًا هذهِ الأفعال تؤذيه..تزيده فهمًا بشخصيته السابقة المكروهة ..تطحن ضميرة وتعجنه بشكل مستفز هو يريد الخلاص من وجعه الداخلي ولكنها الآن تزيده بدلًا من أن تخففه، ماذا يفعل؟ هو مخدوع ..مخدوع وبشكل قاسي..هل ذنبه لأنه كان يطمح للأفضل؟ يطمح في الصعود على سلم النجاح بتزويد عقله من العلم؟ هل ذنبه لأنه ظنّ بتلك المسابقة خيرًا؟ ما ذنبه؟ هل سيكون ذنبه تطنيشه؟ ربما..ولكن ما يُدريه عن حقارتهم هو لم يعيش يومًا هذا الخُبث توقع سيهددونه ثم يصمتون بلا فعل..لم ينسى موت سلمان..ولكن تأهّب في تأذيتهم له..لم يتوقع سينظرون لرحيل..لم يتوقع سيصلخون الطبقات الثلاث من دماغه من شدّت الصدمة والتفكير..لم يتوقع تهديدهم سيتوجه لناحيتها..ولم يتوقع جديّتهم في ذلك، هم هددوه إذًا سيفعلون به ما فعلوه بسلمان..لن يفعلوا لرحيل شيء..ولكن كل هذا لم يحدث..بدؤوا من نقطة ضعفه..ادرك كل هذا متأخرًا..رحيل لن تغفر له يعلم..لن تغفر له..لا شيء حسن اتجاهه يثير في قلبها الشفقة عليه ..افعاله وهما مع بعضهما البعض قبل السجن..لا تشفع له أبدًا..وإن كانت افعال برود..سخرية..استنقاص..كل هذا مؤثر وبشكل كبير عليها.
.
.
أمسكها من أكتافها نظر لتهجم وجهها: ما ظنيييت راح يسوون كذا ...رحيل هم كسروا قلبي عليييييك..قيدوني ما تركوا لي خياااااار...كلما حاولت اسحبببببك من نقطتي اللي مالك دخل فيها...رجعوك لها...حاولللللت اقسممم بالله العلي العظيم...حاولت اطلعك من السجن قبل الثمان سنين....رحيل...افهمي انا ما رميتك عليهم ولا رضيت باللي صار...وكّلت لك كذا محاميييي..والله كذا محامي...بس يبعدونهم ...يبعدونهم لصار الوضع من صالح القضية وضدهم...ما قوّيت على قوّتهم وسطوتهمممم نفوذهم كبيرة...كلما حاولت انقذك ضرّوك وانتي في السججججن..ضربوك...عنفوك..حاولوا قتلك عدّت مرات عاااااارف...عارف بكل هذا ...وكل هذا كان تخويف لي وتهديد من إني اتوقف عن النبش وراهم وأوّقف أوكّل لك محامين!...ما قدرررررت اكمل خفت عليك..وكّلت القضية لركان...وركان بعد تأذى منهم....وما زالوا يأذونك وقتها...خفتتتتت يقتلونكككك..قيّدوني وحيّروا فكري من الصواب..خلوني عاجز والله عجزت كيف انقذك والله عجزت اقسم لك بالله إني عجزت وضعفت..واستسلمت لكل شيء بعدها!
.
.
اعتراف آخر ووجع آخر..كلما حاول انقاذها..آذوها..هل يعني الطعنات والضرب والإهانات من قِبل بعض السجينات أتت من أوامر سيّدهم؟ يا لحرقة القلب..يا للقهر الثقيل..تنفست بعمق..جفّت الدموع بداخلها أو ربما جفت على وسادتها المقززة في السجن..وفي الفراش الذي احتفظ ببقايا دماؤها مليًا..نظرت له، ترى وجعه هو الآخر..تصدقه لأنه يعترف بكونه السبب الوحيد في هدم ذاتها..لو اردف بعكس ذلك لأثارت زوبعة حياته سريعًا..ارخى من تطبيق كفّيه على اكتافها واعتقاها تهجد صوته
بإنكسار: خفتتتت اخسرك بعد..تركت ركان يمسك القضية..عشان يحميك وأنتي داخل السجن هالمرة..آمنت انهم يبونك تتمين فيه ثمان سنين جرحني هالشي وبالحيل...ولا قدرت أواجهك وانتي داخل السجن بسببي...صرت اهرب منك عشان احميك من جنوني...ومن جنون رغبتي من إني اطلعك منه!

يُرخي فخذه الأيسر على الأرض بقلّة حيلة
يطوّق وجهها تحت جمود تصرفاتها: شفتهم بعيني وهم يقتلون سلمان...شفتهم كيف قتلوه لم حاول يعاندهم...قهروني على موته...قهروني على جنون ركان..قهروني عليك..خفت أخسر أكثر من كذا...وتنازلت عن عنادي..بمقابل أنهم يوقفون ضرب..ووقفون محاولات قتلك وأنتي داخل السجن!

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رحيل، وجدان، ضمير، حب، غموض،
facebook




جديد مواضيع قسم المنتدى العام للقصص والروايات
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:21 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية