كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
Part22
.
.
.
قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.
.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.
.
.
انتهت اللّحظة التي ينتظرونها وتبعتها أشياء أخرى..توقّف نفسَه حينما رآه يضع يده لدفع الباب..للدخول إلى الدّاخل..ارتجفت سواعده وأخذ يزدرد ريقه بصعوبة..أنتهت وصايف الآن وانتهى هو ولم يبقى منهما سوى حُطام ناتج عن "هرثه" وطحنه تحت الأقدام..الأمور بدأت تتصعّب وتتعرقل بدأت ترسم خط نهايتهما على شُهاب أمل الباب دون العبور في السماء بوميض نور خاطف للأبصار..مشى خطوتين..رأى الأنوار التي ضجّت في الأرجاء..قلبه اضطرب لم يسمع صراخ..لم يسمع نحيب..لم يسمع حركة في الدّاخل..ركض..دخل كالهائج
نواف: فيصل تكفى..
.
.
رآه يقف في مُنتصف المخزن يحدّق للأشياء وبعثرتها..ينظر لصفوف "الكراتين" الموضوعه فوق بعضها البعض خمس صناديق وُضعت فوق بعضها البعض بالقرب من النافذة لتخبّأ ما يدخل منها من ضوء..وبالجانب الآخر أسلاك وشبابيك يهتم بهم جدّه..نواف حينما لم يراها قلبه اطمئن ولكن أين اختفت؟ هل تختبأ خلف الصناديق؟ أجل هذا هو المنطق..اقترب من فيصل
: فيصل تكفى لا تعلّم صارم...
فيصل يُبحلق في وجه نواف: ما بعلمه بس بأدبك بطريقتي يا حمار...والحين أمش قدامي..
ثم مشى معه ليخرجا ويغلقا باب المخزن..
.
.
سمعت صوت فيصل وصوت نواف ..انفعلت بالبكاء الصامت..ليتجّه عقلها في التوّقف لإنتظار لحظات الإنقضاض عليها للإنتقام..ولكن في اللّحظات الأخيرة..اختبأت خلف الصناديق وانحنت للأمام ..تخشى الأختباء في الظلام..وتخشى الحشرات وأصواتها ولكن اجبرت نفسها واغمضت عينيها..ازدردت ريقها عشرات المرات..ثم ...سمعت الباب ينفتح...ليُغمى عليها في الواقع!
وصايف في حالة إستنفار في مشاعرها..ولكن الخوف يُغلبها دومًا وفي هذهِ اللّحظة لها سبب كبير من إغماض عينيها لتُدخلها في ظلامها ويبتلعها بسكون..هدأت وسكنت خلف هذه الصناديق..انفاسها تُسحب ببطء..جسدها مرمي للأمام.
.
.
سحبه معه: روح روح..ادخل المجلس..حسابك بعدين..
.
.
عقله معها..خائف من دخول فيصل مرة اخرى لهناك..خائف من افتضاح الأمور علنًا..ولكن خضع ليُبعد الشكوك..ودخل المجلس..لا يدري كيف لعقارب الساعة التوقف هكذا..دون أن تتزحزح..ثقيل الوقت في عبوره..ثقيلة نظرات ريّان..وحديث المجلس..مضت ساعة ..ورفعت الصحون..وبدأ "يقهوي" الرجال..متى ستنتهي هذهِ الليلة أم إنّها ليلة لا تنتهي؟ ربما خرجت الآن..هو طرق الباب حينما أخذ دلّة القهوة ولكن هل النساء حقًّا لم يفتقدوها؟
وقعت عينيه على محمد الشاحب بوجهه وإلى جدّه وهو يتحدث بهمس
للرجل لم يسمع ما قيل ولكن الجد
كان منفعلًا في التحدث بهمس: اقصر الشر يا بو سعد...قلنا لك ما عندنا بنات للزواج..
بو سعد ينظر للجد من وفوق نظرّاته الطبية: ليكون ولدنا ما يشرّفكم؟
الجد يحاول ألّا يزعزع أمان هذهِ الليلة: انا ما قلتها يا بو سعد...بس بعدهم البنات يدرسون..وأبّهاتهم ما يبون يزوجونهم...
بو سعد بسخرية: وأنت ما لك شور عليهم؟
الجد نظر له بحده: شوري عليهم ما يزوجون بناتهم لعيالكم !
ثم رفع صوته الجد: جيبوا العود يا عيال..
بو وافي فهم مغزى الجد ونظر إليه
ليقول أبو الهاجس بنظرات سخرية: وما بعد العود قعود..
فيصل وريّان وفهد ينظرون للأجواء الخانقة
أبا صارم همس: الله يكفينا شرهم..
بو فهد: ابوي تصرف ...صح...
ورفع صوته: نواف استعجل جيب المبخر..
نواف شعر بالضياع يجلس وينهض ويأتي بما يردونه..ولكن هذهِ المرة وهو خارج ..دخل سريعًا إلى المخزن نظر خلف الصناديق لم يراها واطمئن..ثم خرج!
.
.
كان ينتظر فقط شروق الشمس..ينتظر الخروج من حبل ضيقه إلى نجاة الأمور بالإستفسار..يقف على حافة غضبه وصراخه الدّاخلي ينظر لنفسه وهو يضع البطاقة ويعلّقها على صدره..انفتح الباب
دخل عليه..يتفحّص شكله ومظهره
تحدث: تراك من أمس مو على بعضك ..بس ما قدرت آخذ وأعطي معك قدام الكل...
ألتفت عليه: ما فيني شي...وش فيني يعني؟
فيصل تقدم لناحيته ينظر لعينيه و لوجهه المصفر الشاحب
: ما نمت؟
محمد ابتسم بسخرية: اي تعرف..تو مملك وسهرنا لين طلع الفجر وحنا نكلم بعض..
بحلق في وجهه اكثر: محمد اذكر الله هد..علامك مشتط...
سحب هاتفه ومفاتيح سيّارته ثم خرج: عن اذنك مابي أتعطل على شغلي..ولا تدخّل فيني..انتهيت من ليث وألتفت علي الحين! تبي تشبع فضولك؟
..
..
فيصل صُعق أدرك محمد أخذ منه موقفًا سيئًا من بعد ما حدث..مسح على رأسه يُدرك هو عقّد الأمور ولكن من قهره..ومن وجعه هو الآخر..وجود ليث ورحيل على أرض الوطن ..أخلّا بإتزان افعاله هو يُدرك رحيل من المستحيلات..ولكن بهِ شعور يدفعه لناحية التفريغ والإقهار على مُنطلق"الفضول" ليختبأ خلف نواياه الصحيحة..سيبعد بعد الآن عن ليث وعن كل ما يربطه به..ليُخرس شعوره ثم ينخرط معه من جديد بصورة حقيقية أكثر..ذهب لغرفته..سمع رنين هاتفه
توجّه إليه أجاب: هلا عبيد...وينك ما جيت أمس؟
كيف لهُ أن يزّف خبرًا كهذا؟ يعلم الخِلاف بينهما قاسيًا ولكن فيصل مكسور على هذهِ الشروخات التي لم تُنبت بين جُنباتها زهرًا لترميم أوجاعه، سيكسره هذا الخبر، علاقتهما أخويّة بشكل كبير..زعلهما لا يُكافىء تلك السنين التي أهدا فيها مشاعر أخويّة رقيقة صادقة..مجبور على إعطاؤه الخبر..على تسليمه مفاتيح الأحزان
: اعذرني ما قدرت أجيك..فيصل..
فيصل عقد حاجبيه: نعم..شفيك؟..عبيد صوتك ما يطمن..الأهل فيهم شيء؟
ينخرس من جديد..ينظر للفراغ من حوله..بالأمس دُفن..ودّعهم جميعًا..وضعوه تحت التُرّاب ليقسو عليهم بفراقٍ طويل لا يُماثله أي فُراق على أرض الدنيا
: فيصل ماهر عطاك عمره!
ذُهل بل صُعق، مشى خطوتين للأمام..ينظر لنقطة تيهَة الجديدة
يسحب نفسًا عميقًا ليُخرس شيء قفز من داخله يريد التحرّر على حساب روحه!
: متى؟
عبد الله: أمس..وتم الدفان..بس ما قدرت اقولك وعندكم مناسبة.
سكت..دار حول نفسه همس: أرسل لي أي مقبرة اندفن فيها..مع السلامة.
.
.
اغلق الخط..جلس على طرف السرير..يلوذ بشعور متطاير في داخله..يضع يديه على وجهه يعتصر لحيته..تترقرقع عَينيه دون إنسيابية مريحة للدموع..مات؟!..مات قبل أن يتصالحا..توفي قبل أن..يُخرس عقله من أي كلمة..يتذكر آخر موقف بينهما .حينما اُجبر على زيارته في المنزل..كان باهت..يحتضر ..أجل كان يحتضر ببطء..توفّى أعّز أصدقاؤه ولكن بأي حال؟ بحال يُفلق ويُعمي العَينين وبخلاف كبير حفر أمامهم حُفر الإبتعاد والحذر من الإقتراب على وجه ذكريات الطفولة؟ شعر بالقهر..كيف للموت أن يسرقه كُليًّا من حياته؟ كيف ينسحب هكذا بجُبن؟ "آه يا ماهر" تسللت دمعة لتحرق خدّه الأيسر مسحها..نهض ليتجه لدولابه بعد أن نظر لرسالة عبد الله علم بأي مقبرة دُفن فيها قرأ كلام عبد الله"بسبقك هناك"..سحب ثوبًا نظيفًا..سيذهب إليه الآن!.
.
.
بعد ساعة ونصف
.
.
كيف يهدّأ؟ يُسلخ نفسه من عثرات الشكوك ويبعدها إلى يقين الإطمئنان
أتى حديثه في موقع الضيّق المدعوم بالظنون..ما زال صدى جُملته يزلزل عقله وقلبه "النّفس ما ترضى على نفسها بالغِصيبة ودايم تفر" هي مجبرة عليه لا ينكر ذلك.
حديثه دلالة عظيمة على عدم رغبتها به بالأمس ولكن لِم أتى شعور الرفض لها بعد أن بكت لهُ خاضعة بالموافقة عليه؟ مهما حاول أن يصفي نيّته تجاهها تبقى هناك أحجية مفقودة حينما يفكر بها تهز وجدان الشكوك ليتساقط عليه غضبًا مُوجعًا ما بين عينيه.
مشى بسرعة غضبه الذي يتكاثر على رأسه يوّد لو يرى أمامه رعد ليبرحه ضربًا على ما تركه من أثر سيّء بداخله.
هو لا ينتمى للشك ولكن الشك له القُدرة على أن يلتصق بأي شخص ليكون جزءًا منه ويخضعه بالإنتماء إليه، هو أدرك حالتها بالقبول بسبب الضغط النفسي الذي عاشته تقبل الأمر رغم اهتزاز ظنونها في بدايتها..ولكن بالأمس عادت تطرق اذهانه من جديد ليأتي حديث رعد كالضربة لتوجعه من ناحية أخرى، لا يقبل بامرأة على علاقة برجل آخر ولا يقبل الخِداع.
.
.
ينظر لكل الأشياء برمادية أفكاره..اليوم لا توجد الوان السعادة أمام عينيه..يمشي يدور بعينيه المحمرتين..ينظر لمكتب رعد حينما وصل ووقف قُبالة قبل أن يلتف لليسار..همّ بالدخول ولكن توقف في آخر لحظة..زفر مرّتين..لن يجعله يحظى بلحظات انتصاره بوقوع أثر كلمته هو ليس سريعًا بالغضب كأخيه ليث أو فيصل..شاح بوجهه عن الباب وسار في طريقه..ماذا فعل بهما جدّه؟ أهذا ما يريده أن يجعل حفيدة يعيش في ظنون تجاه ابنت عمّه؟ تنهد وكثيرًا يحاول يكرر عملية الشهيق والزفير بهدوء ليهدّأ من عواصفه..لا يريد أن يدخل في ماراثون الإحتمالات في عقله ليسابق الغضب..اتصل عليها حينما دخل المصعد.
اجابته سريعا ليقول: لا كان رديتي!
.
.
كانت أمام الأوراق جالسة خلف المكتب..تريد أن تُنهي هذا الملف سريعًا لم تنام جيّدًا بالأمس عقلها شرد في كيفية قبول الحياة الزوجية..دخلت في حالة ربكة بعد انتهاء فقرة فتيات عمومتها..لن تنكر أسعداها بالإحتفال بشكل منفرد فوق"السطح" الهواء الجميل داعب مخاوفها وأمتصها منها للحظة.
خرجت من طور التشتت بتمثيل دور يُناسب ضحكتهن وفرحتهن بها بينما حينما رأت وصايف بعينيها الباهتتين والباكيتين لم تحب تزيد حزنهن جميعا سألتها أين اختفت ولِم تبكي؟ ولكنها اجابتها بكل سهولة" كنت في الحمام" لم يكثرن الفتيات سحبوا وصايف معهن ليجبروها هي الأخرى على الدخول إلى الأجواء الصافية والخالية من التعقيد ولكن حينما عادت للمنزل وضعت رأسها على الوسادة عاد كل شيء يتججد ويتفخم في رأسها " الحين صرت زوجته؟"، "كيف بتقبله؟"، " هل بيجي يوم وأحبه؟"، اسأله تُثير الفزع وتُقلع النوم من عينيها..كان يتصل عليها وكثيرًا ولكن لم تستطع الرد عليه.
طيلة فجرها قضتهُ في البكاء..بعد كل تفكيرها المخيف خضعت للبكاء لتحتضن نفسها أمام عدم رغبتها بالزواج كليًّا منه، ولكن الآن تستطيع أن تحدّثه فالعمل شتت عقلها قليلًا عن قلقها. وضعت القلم على المكتب.
حارت بما تجيب: أمس نمت ومن التعب ما..
قاطعها بهدوء: وينك؟
تعجبت: في مكتبي..
محمد انفتح المصعد ليمشي بخطى سريعة
:بجيك الحين..
.
.
فتحت عيناها على الآخر نهضت لتفتح فاهها لتردف حرفًا مبتورًا لأنه أغلق الخط في وجهها لتقف مرتبكة وجدًا، لا تريد رؤيته أو الإختلاء معه في مكان واحد ربكتها هذه أيقظت الخوف في نفسها من جديد..لا تريد مواجهته بعد حديث أمس..هي لا تريد رؤيته إلّا في زواجهما هكذا فكّرت..أجل تريد الهروب منه ومن حقيقة زواجهما ولكن هو تبع خوفها ليسحبها إلى قاعه..سحبت نقابها ارتدته لا تدري لماذا ولكن لا تريد أن يراها ويرى انتفاخات سهرها وشحوبه..ازدردت ريقها نظرت للباب ينفتح ويغلق في خلال ثوان سريعة لم تتوقع سرعة وصولة الى المكتب..سحبت الملف نظرت إليه
: انتظر هنا بروح أودّي الملف..قسم..
قاطعها وهو يمشي لناحيتها: اتركي الممرضة توديه...
مشت لتبتعد عن كرسيّه تشتت نظرها عنه تحاول الإتزان وابعاد الخوف: ماقدر
دكتور عمر قال لي اجيبها بنفسي...دقايق واجيك...
.
.
ثم مشت سريعا قبل أن تترك له مجالًا بالحديث أو حتى الإمساك بها..نظر لها تهرب يشعر إنّها تهرب ولكن لا يهمه فلتذهب وتعود بعد أن يمتص جزءًا كبيرًا من غضبه ..نظر لمكتبها..لترتيبها ولمساتها البسيطة عليه..ثم ولّى بظهره ونظر للنافذه..حدّق في السيارات..وللعمارات المجاورة للمستشفى...للشمس..للسماء للطيور الحرّة ...ثم قوّس جفنيه لينظر لإنعكاس صورته بشكل باهت..مسح على رأسه ثم على وجهه سمع رنين هاتفه
اجاب: وينك محمد؟
محمد بصوت لا يطمئن:رحت المستشفى..ششفيك اصايل؟
أصايل بتوتر: جدي جا بيتنا ويبيك انت وفيصل وليث..حتى جمّع عماني كلهم..وامي قالت اتصل عليك...عشان تجي.
محمد بضيق: أمداه يجمعهم!!..بالله بعد وش صاير؟
اصايل تنظر لهيلة بحذر: اللي فهمته..بخصوص ليث ورحيل..
محمد زفر: مانيب جاي عندي شغل ضروري..
اصايل: ياربي أنت تقول كذا وفويصل ما يرد جدي بعصب والله..
محمد بقهر:اتركوه يعصب وش بصير له يعني؟!..لا تعطليني سكري سويتي اللي عليك خلاص باي..
اغلق الخط في وجهها لتبقى واقفة منصدمة.
.
.
بينما هو أخذ ينظر لساعة يده..ينتظر و يقلّب أرجاء الغرفة بنظره تمتم بالإستغفار، ألتفت على الجانب الآخر من المكتب..مكتبها مثلها تمامًا كل شيء هادئ ويعاكس روحه الضاجة بالحديث والثرثرة من الداخل..هل هذا الهدوء يحتفظ بحب عميق مخفي خلف أسواره أم أنه وهمي ليشتت الناظر إليه؟ بقيَ على هذا الحال خمس أو ربما سبع دقائق ثم سمع الباب ينفتح تدخل تغلقه تبقى بالنقاب وتحدثه بعد أن شبّكت .
.
أصابع يديها ببعضها البعض: أي ..شفيك؟
ينظر لها يتقدم لناحيتها وهو يركز على عينيها لتنكسر نظرتها وتشتت عينيها بعيدًا عنه
قال: فهميني وضعك يا دانة ساعة توافقين وساعة ترفضين..كلامك لي لم جيتك بالمكتب ذاك اليوم..يخالف كلامك لي بالأمس؟
دانة تهز رأسها..لا تريد الجِدال في الأمر لا تريد
ولكي تنهيه ابتعدت : انا ما نيب مستعدة للزواج كليًّا ما فيني رغبة له اصلا..بس خلاص ما فيه حل..
محمد يقف أمامها من جديد: يعني هذا السبب؟
نظرت له
نظر لها ليهاجمها بقول: رعد ماله دخل؟
.
.
حدّقت في عينيه مطولًا خفق قلبها ..ما دخل رعد في الأمر الآن؟ يكفيها ماسمعته منه هو الآخر.صبّ غضبه عليها بالأمس ليوقعها على حقيقة مشاعرها الداخلية والمتذبذبة
: شدّخل رعد؟
بلل شفتيه لا يدري كيف يلفظ الحديث دون رفعت صوت منه ولكن لم يستطع: جا أمس وبارك لي وقال لي اني سبقته واخذتك...
فهمت كل شيء اغمضت عينيها لتسحب النقاب بتوتر للأسفل لتقوم بتعديله، عضّت على شفتيها السفلية توترًا، فهمت ما يجول في خاطر محمد والتمست محاولاته في إمساك الغضب، هل جن رعد "ليخرّب" حياتها؟ ليثير الشكوك من حولها
هكذا يحب الإنسان؟
: محمد...سبق ورعد جا وكلمني وقال ابي اخطبك بس انا رفضت..ولا عطيته مجال..
محمد بلل شفتييه ابتسم بسخرية: وليش ما جا دق الباب حسب الأصول...ليش جاك يكلمك؟
دانة نظرت له:مادري عنه...بس ما بيني وبينه شي..هالمجنون مادري وش قال لك بالضبط...بس اقسم لك بالله ما بيني وبينه شي..
.
.
سكت..يحدق لها ولنظراتها المشتتة تفرك في كفّي يديها، تسمع لصوت غضبه بتسارع أنفاسه، هي خافت من أن يحدث رعد مشكلة في دار اهلها ليجن جدها ولكن اوقعها في دار عش الزوجية ومبكرا!
لا تريد لا رعد ولا حتّى محمد تريد الراحة فقط..شهقت سريعًا حينما..
أمسك محمد كف يديها ليوقفهما من التشابك والفرك حاولت سحب يدها منه ولكن محمد كان يشد ويقترب منها وجهه غاضب حانق يزفر أنفاس غضب ملهبة فاجئها أكثر حينما سحب النقاب ليكشف عن شحوب وجهها واحمراره خجلا وغضبا وخوفا من لمسته وقربه
شتت ناظريها عنه: محمممد..
محمد يحدق بحده: فهميني كل شي..
ثم اقترب أكثر همس بالقرب من أذنها اليسرى:كوني صادقة معي من البداية يا دانة عشان ما ندخل في متاهات سوء الظن..وحرفيا مابي اكتشف شي من نفسي وتهتز صورتك في عيني!
.
,
ارتحف جسدها..وحاولت سحب يدها منه لتبتعد ولكن شد يدها لتضرب في صدره..زمّ شفتيه ونظر لعينيها كادت تبتلع لسانها من شدّت الخوف والربكة والخجل..لم يقترب رجل منها بهذا القرب الذي يختطف الأنفاس مسبقا..لم ترى غضبًا حارًا يطبق على عنقها هكذا..خفق قلبها ارتجفت خلايا عقلها من التفكير لا يوجد شيء بينها وبين رعد لِم لم يصدّق؟
همست: محمد تكفى اتركني..لاحد يدخل ويفهم غلط...
سحبها سريعا لتخرج صرخة خافتة من فاهها لناحية الباب..اقفله ثم حاصرها ما بين الجدار تحدث بجدية
وبعينين تتركز بالنظر في بؤبؤ عينيها المهتز ولجفنها السفلي المنتفخ قليلًا
: أصدقيني القول يا دانة ولك مني الأمان..لا تتلفين أعصابي أكثر من كذا!
دانة ترفع اصبعها أمامه: والله ما بيني وينه شي..هو يبيني بس ما ابيه انا محمد..لا ضايقني تكفى..يكفيني اللي فيني...
اغمض عينيه زفر بشكل متتال مما أرعب عقلها من فعلته
تحدث رافعًا لحاجبه الأيسر: طيب في شي تبين تقولينه لي؟...أي شي عن هالزفت؟
ازدردت ريقها لا تفهم ما يجول في عقله وهي لا تريد خوفها يثبت جريمة لم تقترفها اصلًا..لذا ستهرب
: ابي انقل من المستشفى!
محمد اقترب أكثر لتبتعد وتلصق بقوة ظهرها على الجدار: ليش؟ وش اللي مضايقك من هالمستشفى وجودي؟
تهز رأسها بدأت عينيها تمطران دموع ترجوه بهم بالإبتعاد ولكن زئير غضبه ما زال يُسمع!
بكت وهي تشهق: لأ..
محمد وكأنه يتوقع أمر ولكن يفترق في منحنين من الشكوك: عشان رعد؟
يستجوبها..يثقلها بأسلوب غضبه هذا..هي لا تريد إشعال النار ولكن لا تريد إضرامها في جسدها..هو الآخر لم تهمه سارع في إثارة الفتن فلِم لا تكون حقًّا واضحة أمام محمد لتسد أبواب وشفتين الظنون؟
هزت رأسها: أي..هو مضايقني!
فتح عينيه على الآخر: كيف يعني؟
تبكي أكثر: بعّددد عني محمد..
محمد يصّر: كيف يضايقك؟
دانة تنظر له،: قبل لا أوافق عليك كان يضغط علي عشان أوافق عليه...بالكلام...لا أقل ولا أكثر...
محمد مسح على رأسه نظر لعينيها:ليش طيب ما تكلمتي؟
دانة بإنهيار في النبرة وبدموع: شششششقول شقول؟
محمد ابتعد أخيرًا جعلها تكح وتتنفس وكأنها قبل قليل تصارع الموت بإختناقها
تحدثت أخيرًا بصوت مهزوز: جدي كان يدقق علي ولا زال..لدرجة رماني عليك..وش تبيني اقول..اقول رعد اللي من قرايبنا يضايقني بالمستشفى..عشان أأكد شكوكه...واتركه يذبحني..يكفيني قدرت اوقفه عن حده واقطع آماله بعيد عن الشوشرة والهذره...
ألتفت عليها بشكل مفاجأ: هذا هو تجرّأ وجا تقوّل عليك ...لو أحد غيري والله كان قبره بأرضه وقبرك معه وقلب ليلة أمس عزاء!
دانة بصوت باكٍ وبكل رجاء:مابي مشاكل محمد تكفى أنسى سيرته...لا تهتم للي يقوله اقسم لك بالله انا صادقة معك...مايهمني شقال لك لأني واثقة من نفسي بس لا تسوي شي ما يأذيه أصلًا لكنه يأذيني!
فهمها لذا استفزته كلماتها أنقض ليمسك بمعصم يدها ليهزها: خايفة من جدي ومنّك خايفة على نفسك..مجنونة؟...والله لو اروح واتوطّاه ماحد يقدر يقول لي شي..
قاطعته ببكاء: بس جدي بقول..بقول انا قليلة أدب..انا اشتغلت بين رياجيل...انا اللي مدري شسويت عشان كذا هو تجرأ ووصار يضايقني....بسمم لي جسمي..وبيقهرني..وبركّب على اسمي لقب جديد يتغنّى فيه قدامكم!!
.
.
أرخى قبضت يده..نظر لإحمرار وجهها، لصدق نبرتها وانهيار الكلمات ما بين شفتَيها، لن يفعل شيء لرعد لن يضيّق الأمور عليه وعليها أكثر، رآها تضع كفيها لتخبأ بهما وجهها
تحدث بشبح صوته: وانا بقدم نقل..
ثم اقترب منها لتتحدث بشكل مفاجأ له وهي تبتعد: تكفى اطلع برا..
محمد زفر بضيق:طيب اهدي..
دانة تبتعد عنه تذهب لناحية المكتب تولي بظهرها: بهدأ بس اطلع..تكفى...
محمد لن يطيل الأمر تنهد بصوت مرتفع ثم فتح الباب ليرى أمامه الدكتورة موضي..تنحّت جانبًا خرج وهي دخلت.
.
تنظر للنافذة تبكي واكتافها تهتز، العالم كله مجتمع فوقها ليضغط عليها كُليًّا وعلى زوايا شتاتها ليزيدها شتاتًا..تقدمت لناحيتها
تحدثت: شفيك دانة؟
دانة مسحت دموعها ألتفتت لتظهر وجهها المحمر أمامها لترتعب
موضي: ما فيني شي!
تقترب تضع يدها على كتفها الأيمن: هذا حال وحده بالأمس مملكة؟..دانة عمري قولي لي وش فيك؟
دانة تبتعد تمسح بقايا حزنها: مابي أثقّل عليك كافي اللي فيك يا موضي..
موضي احتدت نظرتها: شالكلام ..قولي علامك...وش فيه محمد طالع ووجهه معصب؟
دانة سكتت نظرت لها: الكل جالس يضغط علي موضي..كلهم...تدرين إني مابي الزواج!
لم تستوعب فتحت عيناها على الآخر اقتربت منها
:مو من جدّك يا دانة ما زلتي على هالموال وانا ظنيت إنك تقبلتي وخلاص...دانة عمري غلط اللي تسوينه بنفسك..حابسة عمرك بنفس النقطة..أنا مو متقبلة وأنا مدري ايش..بالله موافقتك وملكتك أمس هذي تعتبر شنو؟
دانة تنفعل: إجبار!!...كل شي جا بإجبار حتى موافقتي!
سكتت موضي اشارت لها: هدي وفهميني الموضوع طيب..
دانة نظرت لكفي يديها المرتجفتين
: موضي ما فيني حيل للحكي...
موضي بحده ضربت على المكتب: حطي حيلك فيني...واغلطي ما عندي مشكلة..المهم تطلعين من جو الكتمان والكآبة..حرام اللي تسوينه في نفسك...تكلمي ما راح اطلع من المكتب إلّا لم أعرف شاللي غيّر حالك لكذا وأمس اشوفك فرحانه!!!
يرتجف صوتها: من متى فرحت؟...عمري ما فرحت بس أمثّل عليكم.!
موضي جلست ع الكرسي الجانبي مسحت على وجهها:مانتي مجبروة تمثلين علي يا دانة...أنا غيرهم...أنا موضي..أنا صديقتك...أختك..
دانة ازدردت ريقها نظرت لها وهي تحثها: قولي وش صاير؟
دانة: رعد مضايقني..ناشب لي بحلقي خفت يسسوي لي فضايح...وسوى وخلص..
موضي عقدت حاجبيها: طيب وش يبي منك؟ ليكون كان يبيك مثل ما أنا ما توقعت!؟
دانة تهز رأسها: أي..يبيني ورفضته..لكن مصر اتقبله قبل لا اوافق على محمد نشب لي في كل مكان يطلع لي واعترف لي بحبّه...وقد تجرأ وحطني في موقف صعب تركني أعيد حساباتي من جديد وأوافق على محمد من شدّت خوفي بدون عقل!
موضي نهضت تقدمت لناحيتها: وش سوى الحيوان...أذّاك؟
دانة تهز رأسها: لا بس تواجهة معه لحالنا..وأرعبني ...بس الحمد لله ما صار شي...وأمس جا الملكة أنتي تعرفين هو يصير لي..وقال لمحمد كلام تركه يفكّر ويشك فيني!
موضي منصدمة: حسبي الله عليه...من جده هذا؟...هذا وهو دكتور ويُشاد فيه قدّام كل الدكاترة...وسوي كذا...
دانة بقهر وبعنين مترقرقتين: فهّمت محمد ما بيني وبينه شي...وقلت هو يضايقني وأبي أنقل من المستشفى..لمستشفى ثاني..
موضي:أحسن الأفضل تنقلين...الخسيس هاللي ما يخاف ربه...يبي يخرب بيتك الله حسيبه...
دانة بتعب: تعبت والله...يضغطون علي ويشتتوني...تغيّرت فيني قناعات بس عشان ما أعطيه مجال من أنه يتمرد ووصّل كلام لأهلي واخسر وظيفتي..الوضع جدًا تأزم وأنا احترت أكثر..تعبت موضي ماحد فاهمني...ولا فاهم مقصدي!
موضي مسكت كف يدها تطبطب عليه: اذكري الله...هذا ولد عمك تفهم بإذن الله مو صاير شي..أبعدي هالشتات عنك بالقبول..أقبلي حياتك وحياة محمد...ولا تفكرين بشي ثاني...
دانة عضت على شفتيها طاطأت برأسها ثم نظرت لعين صديقتها: أخاف أفشل في كل شي وما أتقبل شي...
موضي بتفهم: لا قولين كذا...دانة اللي تعيشينه توتر..طبيعي مع الأيام بروح...اذكري الله...ارحمي نفسك من هالحزن...ابتسمي وطنشي كل شي واتركيه ورا ظهرك..
دانة هزت رأسها: بحاول...
موضي ابتسمت: وانا معك وبدعمك..
ولتغير مزاجها: ألبسي عباتك بس ناخذ فرة بسيارتي الجديدة...
دانة ابتسمت وهي تمسح دموعها:حبيب القلب وافق أخيرًا؟
موضي تضحك بخفة: هههههههههههههههه يقول لي كيف بسوقين وانتي حامل مدري شدخل هذا بالسيارة...
دانةتبتسم: إلا ما يبيك تسوقين...
موضي:هههههههههههههههههههه إلا ما يبي يدفع قيمتها...
ضحكت الأخرى بخفة لتردف موضي: يلا...نروح كوفي كذا نروّق ونجي..عارفة عندك بريك يمدينا..
دانة لم ترفض هزت رأسها: طيب.
.
.
|