كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
Part18
.
.
.
قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.
.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.
.
.
الحياة في غاية الجمال في غاية الهدوء والسكينة ولكن نحنُ من يجعلها جحيمًا لا نتوق للعيش فيها، نحولها رمادَا يُحرقنا حيثما اتجهنا لنواحيها العديدة، الحياة واحدة لا تتغير بل نحن من نتغيّر..نتغير لنُفسد جمالها ونُفسد معانيها الساكنة ما بين أحرفها..نحنُ جعلناها شيئًا لا يتُوق للإنسان العيش فيه..هي رائعة وهادئة لا يتخللها ضجيج ولكن صدى ضجيجنا اخرسها واخرس العالم كله لنقلبها رأسًا على عقب.. نحن
بالذنوب وبالنوايا السيئة جعلناها هكذا شيئًا لا يُطاق وثقيل.
.
.
.
ينظر لنفسه من خلال المرآة ..يقف على حافة الموت، يُغلق "سحّاب" بنطاله، تنتقل أصابع يديه لإغلاق الجاكيت الأسود اللّامع ليُضفي شموخًا جذابًا في إطلالته..نظرته ثاقبة على المرآة ينظر لنفسه بوجه خالٍ من المشاعر..قام بتسريح شعره الرُّمادي للوراء..
سحب قنينة العطر..أخذ "يرّش" على جسده بشكل مفرط وكأنه يريد إفراغ هذا العطر كلّه على بدلته(الأسموكي)..
أغمض عينيه "رّش" في باطن كفّيه الكثير منه..قرّب كفّيه لأنفه..أخذ يستشق رائحة العطر بعمق شديد ويسحب اطنانًا من الرائحة حتّى ارجف بهذه الرائحة خلايا ذكرياته..
العطر سوط عذاب الذكريّات الجميلة مع الرّاحلين الذين رحلوا ليتركوا لنا سوى ذكريات خالدة في العقل وصوّر عشوائية أُلتقطت بجنون لحظاتها..استنشقه من جديد..كاد يختنق به..رمش عينيه اهتّز بجبروت جفنه الذي يأبى من التحرك ليبقى ثابتًا أمام رغبات الدموع من الإنسياب على خدّيه المتجعدتين قليلًا..ابقى عينيه هكذا مغمضة..ليسرح بطيفه..تراءى أمام عينه..ينظر..يحدق بابتسامته الصباحية..تدور عينيه العسليتين بوسعهما حوله
يتقدم لناحيته...يُطبع على جبينه كما اعتاد يوميًا قُبلة الإبن البار لأبيه..يهمس له
"طالع الجامعة تامرني على شي يا الغالي؟"
يختفي من أمامه..يبتعد عطره عنه جيوبهُ الأنفية..ينظر لظهره العريض وطوله الشامخ..يحمله في ذاكرته بتلك الصورة..يمشي بهدوء يصل إلى الباب يخرج...يغلق وراؤه أبواب الفرح والسرور ...ويفتح أبواب الحزن والويل والثبور...اشتم رائحة كفّيه وكأنه يريد أن يعيد تلك الذكرى من جديد...ازدرد ريقه..وفتح عينيه ببطء شديد لا يُريد سرابه يختفي ويختنق هو في عُتمته ولكن
فتحهما ليختنق في عبرة أبت من النزول والعبور مُنذ وفاته..تنفّس بصوت عميق ليُجمد رغبات الضعف من أن تُعيده في النقطة التي قيّدوه فيها حتى انه لم يُسعف بها ابنه..تذكّر امر نسى ذلك الزر الذي اشتغل على نمذجته وبرمجته اشهر عدّة...عاد يفتح "أزرار" الجاكيت...ليفتح بعدها"ازرار" بدلته البيضاء الخفيفة..كشف عن صدره..ليهب الهواء البارد ويرعش ضجيج قلبه..فتح الدرج الأول من الكومدينة..سحب الزر الصغير..بقطر يُقارب ظ£ أو ظ¤ سم...نظر إليه بتمعن شديد..هذا هو....
منيّته في يده...زر إيقاف حياته....عمل عليه لفترة طويلة ..تنهد بضيق...يعلم هو لا يوازي ذكاء ودهاء اللورد..يعلم جيّدًا أنه ليس غبيًّا بل يستغبي...ويؤمن انه كشف أمره..وحاك أمور عده للانتقام منه..ولكن لن يدع لهُ مجالًا...هذا الزر ..سر بينه وبين نفسه لم يُطلع عليه لا بتّال ولا حتّى رجاله...زر سيُنهي حياته وحياة اللورد..ربما اللورد كشف امر القنبلة التي وُضعت تحت مكتبه...وفي المعمل السري الذي يقع في فلته( تحت في القبو)...ربما قطّع اسلاك القنبلة ليُخمد ضجيجها...وربما ظّن انه نجح...ولكن هو ليس كذلك...الأسلاك ما هي إلا تمويه تخطيطًا منه...في الواقع الزّر هو اساس ضجيجها من عدمه..قام ببرمجه مُعقدة...لا تثير الظنون والشكوك ما إن يقطعوا أي الأسلاك تنطفي الأرقام البرمجية من الشاشة..ولكن سيوقظها هذا الزّر...فهو قلبها وأساسها ضغطه واحده عليه في نفس محيطها سيعلن انهيار عظيم وجبّار في المكان...هو لن ينتحر..لن يضغطه...ولكن صنعه من أجل إخماد صراخ اللورد...وظلمه في قتل ابنه أمام عينيه...أزاح اللاصق من خلفها..ليقف أمام المرآة وضع الزر تمامًا على قلبه...فهو يعلم اللورد حينما يُصيب فريسته لا يُصيبها إلّا من قلبها ..حينما يميته سيُميت قلبه في اللحظة نفسها!
.
.
جنون ربما ما فكرت به وخططت عليه يعد جنونًا ولكن انا حقًا مجنون بإبني، لا تسعني الكلمات في وصف عجزي آنذاك..طوّقوني بالخيارات...طوّقوني بالخوف..انا ضحيّة افكارهم علقت بهم ولم استطع الخروج ليومنا هذا..وضعوني في خيارات ضيّقة اخبروني وقتها ورقة سلمان سقطت يبسة على الأرض، ضجّ ضجيج في فؤادي حاولت ردعهم وردع سلمان من الإنسحاب ولكن لم استطع السيطرة على الأمر كليًّا خيّروني بين قتله أو قتل تحرير خطيبته..لم استغرب معرفة اللورد بأدق تفاصيل الأمور عن حياتي..حينها لم اختار..لم أهمس بأيهما أضحّي اتخذ القرار اللورد من نفسه لأنه ادرك صعوبتي في الأختيار.
حتّى إنني اتخذت قرار سحب شريط حياة ابنه من تحت قدميه جعلتهم يقتلوه..في غربته..شدّدت عليهم ان يلقوا جثّته حيثُ لا يعلم النّاس أين هي..أردت ان اوجعه كما اوجعني..لحظة قتل سلمان..في الواقع هي لحظة قتلي أنا..كُنت ضعيف جبّان...خفت من الموت لو كنت مدافعًا عنه لمت معه بدلَا من العيش على عقاقير مهدئة ومضادات ضد الإكتئاب وأخرى تساعد على استمرارية نومي لِم يُقارب الأربع ساعات..كل شيء دُمّر بعد رحيله..لا أنام طبيعيًا..لا أشتهي الحياة..لا أستطيع إظهار مشاعري..سرابه يُلاحقني بعتاب طويل..حتّى والدته التي توفيت اثر حادث شنيع تأتي إليّ تعابتي على هذهِ الحياة..كانت تعلم بنوايا العمل الذي اشتغلتُ في دائرته..لامتني على الغربة..على ابعادها عن احبّتها حتى يوم..اثرنا الغضب خرجت من المنزل لترحل...بغضبها كما حدث لسلمان قبل يوم من الحادثة..
.
.
رمى الكرسي بعد أن سحبه: ليش جذيه يبه ليش...انسحب خلنا نرد الكويت...قبل لا يبلونك ببّلاويهم ..
.
.
هو لم يدرك الإنسحاب يُعني الموت ..يعني تجرّع لوعات أخرى ولكن بطرق أشد عنفًا..مسح على رأسه ركّز ناظريه على ابنه
ابا سلمان: سلمان لا أنا ولا أنت نقدر ننسحب من هالطريج....
انفعل بوجه محمر وعينيه مليئتان باللمعان الحارق: شنو يعني يبه...راح يظلون جذيه مسوينك مثل الخادم لهم...هم يآمرون وانت تنفذ..وتبيني اصير مثلك....
هز رأسه:مستحيل اصير ظالم مثلك....مستحيل..انت اصلا ما ربيتني على جذيه...شلون...
قاطعة هو الآخر منفعلا: زين اذا مو على شاني عشان بنت عمك..وقّف هالينون عشانها..كلها شهر ..ونرد الكويت وتملجون على بعض..ليش تبي تحر قلبي وتجبرني انزلك هناك في تابوت؟
شعر وكأن ابيه مستسلم لهؤلاء الأشرار اردف بابتسامة سخرية:
ما اخون وطني يا يبه....ولا ابي اكون سبب في موت أحد..
.
.
خرج من الشقة، ولم يعد للأبد كوالدته التي وبخته على انصياعه وراء رغبات اللورد..هما لا يعلمان انه لا يريد فعل ذلك ولكنه كُبّل في مشابك أياديهم العابثة..فكّر كثيرا إن انسحب قتلوه وأيتموا سلمان وجعلوه بِلا أب وأم وإن بلّغ عليهم سيمكث في السجن سنوات عدّة وسيترك وراؤه ابنه المدلل وربما سيقتلوه وقتها انتقامًا منه..ففضّل البقاء ولكن سحبوا منه اغلى ما يملك ببطء شديد..وفعلوا بسلمان ما يخافه !
اغلق آخر"الأزرار" وقام بتعديل هندامه..عاد ينظر لنفسه..وكأنه يريد أن يحفظ ملامح وجهه الظالمة لابنه أولًّا ولأُناس آخرين..مات سلمان شامخًا وبحريّة مطلقة...يعلم نوعيّة موته لا تعُد إلّا نوعًا من أنواع الذّل ولكن سيحاول أن يغيّر المعنى...اليوم الجميع مُجتمع من أجل عشاء تعزيّة اللورد "أوليفر"..بوفاة ابنه...اليوم سيُنهي حربًا خامدة خلف استار الطِّيبة التي يخدعون بِها النّاس...نظر لهاتفه السّري والذي يُهاتف بهِ بتّال...رماه على الأرض بقوّة حتى تلفه..أودع في حسابه البنكي جميع ما يملك خلال تلك الأيام الذي جلس فيها ليخطط ويفكر..أودعها بشكل جُزئي وعلى فترات مُتباعدة لإبعاد الشكوك من حوله!
بتّال رجل بهِ مساوىء كثيرة...ولكن رُبما هو بحاجة لوقت فقط لكي يستقيم..لذا سيُعطيه الفُرصة من أجل استقامته ومن أجل ابنت اخيه ...التي ستُصاب بانهيار كبير حينما تُدرك موته...ولكن لا بأس..سيطول أمر اكتشاف جثّته..سيصلها الخبر متأخرًا...ربما في ذلك الوقت بتّال استطاع في استمالة قلبها إليه..هو واثق به...لأنه اعطاه...حياة وفرصة أخرى!
.
.
مشى بهدوء..لن يأخذ معه أي سلاح...سلاحه فقط هذا الزّر...سلاحه الإنتقام..بلل شفتيه...نظر لمنزله...المنزل الذي سيُترك للعدم...لم يُبيعه ولم يجعل ماله جزءًا لبتّال...لأنه يعد مشبوهًا ويخشى من أن يضّر بهِ ابنت اخيه...فسيتركه هكذا...سيصبح بيتًا للأشباح...وللذكريّات القاسية التي لن يمر أمامها أحد...اطفأ جميع أنواره..سيُصبح مُظلمًا كما هو في داخله الآن...تنهّد..من سيُنعي عزاؤه؟ لا أحد.
من سيُبكيه..لا أحد...من سيُحاول سحبه من هذا الموت الانتحاري؟ ايضًا لا أحد.
.
.
ارتدى جاكيتًا آخر ثقيل...فالجو أخذ يشتّد ببرودة أثر الصقيع ...خرج..استقبلهُ رجاله...فتحوا له باب السيارة ودخل..يشك بالجميع الآن...حتّى أنه يشك بنفسه...يخشى من التوّقف وعدم الإقبال على الموت...يخشى من أن يكونوا رجاله خائنون...ولكن لا يهم...يحاول عدم التغمّس في هذهِ الأفكار لكي لا يجن...ولكي لا يتوتر اكثر...فقلبهُ موجوع...زهد في حياته..يشعر بعد رحيل ابنه وزوجته...خسر أشياء لا تعوّض...عائلتهُ في الواقع ليست متفرّعة...كان لديه أخ..توفى في حرب طحنت في القلوب الشيء الكثير..وابقى ابنته أمانةً لديه..وهو لا يقوى على أن يخون أمانة اخيه..حاول بكل جهده أن يكون بقدر هذهِ الأمانة التي اُعطي لها...وها هو يُعطيها الآن لبتّال..يتمنّى من قلبه العليل أن يكون اختياره في محلّه...حيث لا توجد خيارات أخرى تُساعد في إبقاء هذهِ الأمانة بعيدًا عن الشرور سواه!
.
.
المطر..البرق...والصقيع..وظلام اللّيل..ظواهر طبيعية ولكن يشعر انّها تُعزّيه الآن..ترتفع أهازيج التّعازي..يُرسم أمام النافذه بعينيه..ساحة تُرابية يركضون على ترابها ليُثيرا زوبعة الغُبار الخفيف..رافعًا ثوبة ليثبته على خاصرته ..بيده (تيلة الروز) وهي بمثابة أو بمنزلة الجوكر في لعبة (رايح جاي)..يركض...يُركّز بعينيه في مسافة يريد أن يوصل(التيلة) إليها والتي هي عبارة عن كرة زجاجية بحجم حبة البُندق..يريد مسافة لكي لا تمكُن خصمه من إصابتها بـ(تيلته) الأخرى..يذكر ذلك اليوم فاز...واخيه اخذ يشجعه...ركض في الساحة التُرابية...ليُثير سعادة ...ثم...بعدها...اختفت هذهِ الساحة...اختفوا الصّبية...اختفى اخيه...وبقيَ هُنا..ينظر للنافذة...ويتذكّر شريط حياته بصمت...لحظة زواجه...بدايات حبو سلمان في سنواته الأولى...لحظة نُطقة "ببباببّا"..ذاكرته أخذت تجرف وراؤها وأمامها ذكريات جميلة..رحلت ولن تعود..لذا هو من سيرحل معها..ليرحل مع سلمانه..مع قلبه...
.
.
توقفت السيارة أمام الفيلا..ترجّل منها...الأضواء هُنا مسلّطة على كل أنحاء الفيلا...الجميع مُجتمع...سيدخل بهدوء...سيُلغي مجاملات كثيرة على رجال ونساء كُثر...ثم سينتظر...إلى أن يحين موعد الإنفجار...إلى أن....
.
.
دخل..استقبلهُ اللورد بنظراته التي يفهمها..جيّدًا.. يحدّق به...يبتسم على مضض..ادرك تلك الإبتسامة ما هي إلّا ابتسامة خُبث..تقدم إليه..الجميع متشرنقون باللّون الأسود...النساء يرتدين فساتين سوداء دون تكلّف والرجال ببذلات رسمية سوداء يرتدونها بكل تكلّف!
صافحة عزّاه...ثم تركه...ليجول بنظراته حول الزحمة.. هو مستعجل على الموت...ولكن الأحداث هُنا تُؤجّله ...الرسمية والمجاملات الكريهة ..تُفسد عقله..مشى بخطوات ثقيلة لناحية إحدى الرجال..دخل فجأة في حديث...استمر ربما لعشرون دقيقة...ولكن المهم ان يمضي الوقت...ينظر للورد واللورد يسترق النّظر إليه تلاقت أعينهم في بعض...واللورد رفع كأسه له وكأنه يُحيّيه بطريقته ..بلل شفتيه ابا سلمان...ثم بدأ موعد الخطاب..والذي يُعد من المجاملات التي تُنهي التعزيّة ...تحدث اللورد بصوت جهور وعالٍ مما جلب الإنظار إليه
.
.
(مترجم): اشكر الجميع على الحضور في يومي الحزين هذا...ستيفن خلّف في قلبي..وجع ربما لا استطيع الشفاء منه...
كان ينظر له وهو ايضًا يحدّق به بكل شراسة..بؤبؤ عينه لم يتزحزح عن النّظر إلى وقفته أبدًا.
اكمل اللورد (مترجم): قُتل..واخفوا جثّته حتى لا يكون لهُ قبرًا استطيع يومًا ما زيارته...لأخبره عن شوقي له...
.
.
الجميع بدأ بالتأثّر وخاصة النّساء حتى بهنّ اجتمعنّ الدموع في عينيهن
ابا سلمان يُسعده سماع ذلك ولكن نظرات اللّورد كانت دليل قاطع
على كشفه!
.
.
اكمل اللورد (مترجم): أعداؤنا...كُثر..والأنفس الطامعة في التعلّي ايضًا تتكاثر في موجة هذا التنافس الكبير.. والنجاح الذي وصلنا إليه اكثر علينا هؤلاء المعتوهين..لن يمر هذا الأمر..دون عقوبة...واليوم...احببت في رثاؤه وعزاؤه...اخبركم ...الفاعل اصبح في حوزتي...ذلك المتجرّأ في قتله بينكم الآن...
.
.
ارتفعت أصوات الإستنكار كيف للقاتل أن يأتي في هذا المكان وفي هذه اللّحظات ألّا يعد هذا انتحارًا وجنون؟
.
.
ضحك مستخفًا ابا سلمان ولكن لا أحد لاحظه بسبب ارتفاع الأصوات..وضع الكأس الذي لم يشرب منه قطرة واحدة على الطاولة الجانبيّة حتّى بعدها كتّف يديه.
.
.
علت نبرت اللّورد هنا (مترجم): ستشهدون على قتلة اليوم...ولكن دعوني اخبركم...
.
.
ثم مشى خطوتين للأمام وعاد بها للخلف..تحرّك يمينًا ويسارًا، رفع حاجبه الأيسر ثم توقّف لينظر لهم بحدّه من تحت جفنيه العُلوي الذي يرّف بخبث
اتسعت ابتسامته لتنّم عن جنونه
.
.
(مترجم)
: هو شخص مهم...يعد معروف لديكم...ذات يوم...اجبرتُ على قتل احد افراد عائلته..لأنه تستر على ما يُخفيه...
اشار لهم بيده (مترجم)
: كان يخطط هذا الفرد على حرق معملنا...وكان عليه أن يخبرني بذلك فهو اقسم على الّا يخون ...واقسم على ان يُخبرني بكل شي...ولكن خان...من أجل حمايته....
.
.
بلل شفتيه تقدم ليسحب من على الطاولة كأسه ليرتشف منه القليل ثم دار حول نفسه وكأنه يبحث عن طريق ضائع هو فيه..ولكن توّقف بشكل سريع وجنوني ورمى الكأس على الأرض لينكسر ويرتفع صوته بالغضب (مترجم)
: قتلت ابنه....جعلتهُ يشهد ويشاهد مقتل ابنه...وهو مقيّد بقيود كُثر...
.
.
ابا سلمان هُنا لمعت عيناه بغضب شد على قبضة يده لا يريد أن يرى تفاخر
اللورد لا يريد أن يرى هذا الخيلاء الذي يمشي امامه، لا يريد أن يذكّره بضعفه وخوفه الشديد من الموت...لا يريد أن يشرح للنّاس كم هو جبانًا لم يستطع تحريك السّاكن لإنقاذ ابنه الشجّاع الذي واجههم بصرامة محيهم جميعًا ولكنهم محوه في أقل من الثانية !
.
.
اكمل (مترجم): جعلتهُ بعد ذلك قريب مني ...اوكلتهُ امور كثيرة وشاقة من اجل ألّا يفكّر يومًا في الانتقام ولكن فعل...وقتل ستيفن...وزرع قنبلتين في هذا المكان...
.
.
ارتفعت أصوات النساء بالذعر والرجال بالدهشة
.
.
اشار لهم (مترجم)
: لا تخافوا ابطلناهما!
ثم اشار على حرّاسه ليأتوا بالقنبلتين...
مسكهما اللورد
رماهما على الارض (مترجم)
: خططه فشلت...في الواقع...
وضحك بسخرية وهو ينظر لأبا سلمان مباشرة وكأنه يخبره بإنتصاره عليه و بنبرة جنونية (مترجم)
: ابني ستيفن لم يمت...ولكن احببتُ الدخول في زوبعة الحزن معكم...للتماشي مع درامية حُزنه على ابنه...وسعادته في الإنتقام!
.
.
ابا سلمان ينظر له بتحديق عميق
ومتعجّب...كيف لم يمت؟، قام بتوكيل هذهِ المهمة لإحدى رجاله المخفيين عن انظار اللّورد كيف لم يقتلوه..من ساعده إذًا في تخليص نفسه من أياديهم المتوحشة؟
.
.
ستيفن نظر له وهو يشير للخلف(مترجم)
: من يخُون يُخان
وبنبرة عربية: بو سلمان!
.
.
شهق الجميع والتفتوا حوله ...واتوا حرس ابا سلمان ليمسكوه بشكل مفاجأ...أبدا دهشة عميقة لهم اللورد يعشق التباهي وإظهار دراميّة الأحداث على تراجدية سادية وأورث هذهِ الصفة لأبنه المختل توقّع خيانة الجميع له ولكن حتى من وثق بهم بشكل جزئي خانوه؟ حاول الصمود في الأخير..هو استبدل جميع خططه بهذا الزّر...
اتى اللورد أمامه ولم يجعله يتحدث أو يخمّن ما سيفعله لكمه على وجهه حتّى ترنّح للوراء قليلًا وأدمى انفه
قال بعربية مكسرة: كيف تجرأ....بتّال...اعلم معاك بتّال...ستيفن لم يمت...وليث ادخلته انت في الخطه...بس دقائق والجميع سيموت....بتّال...وليث...وانت...وحتّى زوجة صاحبه سوزان!
ابا سلمان مسح الدم النّازف من انفه بظاهر كف يده اليُسرى ضحك : ههههههههههههههه ما راح يمديك يا اوليفر....وخليني اقولك ليث مجرّد دمية عشان تشتت ذهنك...ولا انا مالي دخل فيه...ولا في نواياه!
صفعه على وجهه ثم امرهم بسحبه إلى مكتبه...ليُثير الرّعب في قلوب الحاضرين...وأمرهم بإغلاق الأبواب لا يريد أن يخرج أحد ولا يريد أن يدخل فرد جديد هنا .
سيجعل ابا سلمان عبرة لمن لا يعتبر اجمع جميع شركاؤه يريد ان يخيفهم...لكي لا يخونوه يومًا!
اغلقوا عليهما باب المكتب
صرخ ابا سلمان: شنو كنت تظن فيني؟...مينون ما عندي احساس يوم انّك تقتله قدامي؟
اللورد: اشششششش......اشششششش....صوت ..نو...
ثم قال(مترجم): اتظنني غبيًّا..تضع قنبلة سخيفة تحت طاولة مكتبي...واخرى في القبو؟..انت مراقب طوال حياتك...كُنت اعلم بكل خطواتك...كيف تجرؤ على تخطيط قتلي؟
بو سلمان شعر انّ جسده بدأ يرتجف، قلبه يزداد في دفع الدماء في عقله..اصبح ثقيلًا..وحزينًا...وخائف...ومشتاق وجدًا لأبنه...وزوجته...وحتّى اخيه وتحرير ايضًا!
فقال: ستيفن..هناك...يقتل سوزان..
وبصرخة (مترجم): هالأمر سيجبر ركان وليث في المجيء...تحت قدمي..وبعدها سيكون ليث في مكانك حتمًا...
بو سلمان : طموحك كبير وايد...بس صدقني هالمرة ما راح تضبط معاك....
.
.
سلاحه ان يُضعف اللورد بالحديث..ليجعله يشك بقدراته ويتهاوى غضبًا يريد أن يُبعد تفكيره الآن عن بتّال ...ينظر له والآخر يحدّق به...دخلوا في احاديث عقيمة بالنسبة إلى ابا سلمان...يعلم انّ الموت قد حان....الأحاديث لن تقدم ولن تؤخر ما سيحدث بعد قليل...سيرى سلمان...سيرى اشياؤه الجميلة ...دخل احد الحراس ليزف اليه خبرًا
جعله يضحك..ويترنح يمينًا ويسارًا بتعب..قلبه..وحُزنه الذي ظهر عليه كومةً واحدة!
(مترجم): قُتل السيد ستيفن سيدي...
صرخ اللورد وامتزج صراخ غضبه بضحكة ابا سلمان المستفزة...
حتّى اتى اليه وركله ليسقطه على الارض..ثم امر بسحبه للخارج
.
.
تحدث اللورد (مترجم): انهيت حياتك بيدك ابا سلمان...انهيت كل شي...
نظر الجميع لأبا سلمان الذي صرخ(مترجم): اجل كل شيء انتهى...لا اريد بعد اليوم أن أكون كلبًا مسعورًا مثلك....
اللورد(مترجم): لن يبقى من عائلتك أحد...اعلم جيّدًا كلًّا من بتّال...وتحرير ايضًا...سيتم قتلهما...اعلم بذلك..
ثم اشار للحارسين الخاصين لأبا سلمان..ولكنهما خائنين له..ليسحبوه
انفه ما زال ينزف..هيأته اصبحت مبعثره من الدّاخل والخارج
صرخ: ما رااااااااااااح يمديك تسوي شي...
.
.
يؤمن أنه لم يكتشف امر الزّر ..يمنّي نفسه في ذلك يجب عليه أن يموت معه...هكذا سيتحقق الإنتصار...
.
.
صرخ اللورد(مترجم): كُنت اعلم مُنذ البداية بخيانتك..الرجل الكندي الذي جعلته يُراقبك قبل مقتل ابنك ها هو...اخبرني بكل شي...
نظر ابا سلمان إلى الجهة الذي اشار لها ستيفن ونظر للرجل...ثم عاد ينظر لستيفن بجنون
(مترجم): وضعت خلفك آلافًا من الرجال لكي يخبرونني عن تحرّكاتك...
وصرخ: اتظنني مغفلًا....بعد مقتل ابنك...لن اشدد الحراسك عليك؟
.
.
هل كشفوا الزّر...هل ابطلوا السحر قبل أن يقع..يُدرك ذكاء ستيفن ولكن لا يريد الآن التفكير فيما يعقب هذا الذكاء...يريد ان يموت معه...يريد أن يحرق هذه المجموعة... لا تحرقه وحده...شعر بالذّل..أمام انظار الجميع...يحدقون بهِ مذعورين ومذعورات...ومنهم مشمئز من خيانته...ونظرات اخرى...لا يريد ان ينظر لها...كل إيمانه الآن موضوع على أمر عدم اكتشاف الزّر...الزّر نجاة لبتّال ولتحرير..ولربما لليث...لا يهمه ليث..ولكن لا يريد أن يُقطع نسبه كلّه..لا يريد أن يجعلهُ لا شيء يُذكر..لذا كل ما يهمه سلامة بتّال من أجل سلامة تحرير ومن أجل عمل شيء لطالما كان يريده سلمان ذلك الابن الذي اشعل فتيل حرقة في قلبه حتى هذه اللّحظة لم تنطفي ولن تنطفي ...يريد أن يأخذ انتقامه الضّاج في صدره كحرقة تُلهب جراحاته المتناهية في الصّغر...ازدرد ريقه...هل انتهى هو و سيبقى بأسطورته اوليفر...هل حقًّا هو لا ينتهي؟
.
.
اشار اللورد للحارسين من ان يوقفوه..يعلم جيّدًا هذهِ اللّحظات ما هي إلّا لحظات الإعدام...
.
.
يؤمن لم يكشف أمره..هو كان يعمل على هذا الزّر بتخفي شديد...عمله دون تكلّف ولكن بجودة عالية...لا أحد يعلم عنه...يتمنّى لا أحد يعلم عنه!
سمع اللورد(مترجم): لن يكون قتلك سهلًا...
ثم اطلق النّار على رجله اليمين...
وكتم ابا سلمان صوت صرخته..لا يريد أن يشعره بانتصاره بإظهار الضعف والذّل..هو جبّان لا ينكر ولكن ليس وقت الإعتراف بهذا الشيء أمام هذا المختل..عضّ على شفتيه
هل يريد ان "ينكّل" بهِ امام الحضور "ليتبختر" امامهم في كيفية تأديب الخائن؟
لن يقبل الأمر...لن يقبله ابدًا!
.
.
هل سيضطر في الضغط على الزر؟...هل سيضطر؟
لا يجرؤ...هو يخاف الموت...ويخاف الانتحار...ولكن مجيئهُ هُنا في الواقع انتحار من نوع آخر...ماذا يفعل؟..ماذا يصنع...يتلفت بجنون على جهة مُنزويّة عن وجه اللورد..هذهِ الزاوية ثُقب أسود من ذاكرته التي عطّلت عليه معاني السعادة..سلمان ممّدد على السرير الأبيض..بوجهه شاحب...بشفتَيْن احرقت عينيه من شدّت بياضهما..صدره العاري لا يرتفع ولا ينخفض..شعره مبعثر للوراء، رائحة المعقّم تنتشله من اللامكان للوجود، للشعور بالحرقة والألم..يناديه ولكن لا يُجيبه..يعتصر كفّه ويوبخّه..عينيه اليسار مفتوحة جُزئيًا..أنفه الشّامخ يضرب في جبينه..كسره ابنه...كسره وجدًا..لا يقوى على التحمّل أكثر..ابنه الوحيد ذهب ليتركه في عُتمة الجنون..في تجرّع الآلام بصمت..كره كل شيء بعده..حقد على نفسه وعلى اللورد وعلى الجميع...سلمان وجعًا لا يستطيع الشفاء منه..سلمان جزءًا منه لا يستطيع بتره كليًّا عنه ولكن فعل اللورد ليجعله ينزف سنوات عدّة...سنوات عدّة اجل..هو يشعر أنه قتله...وفي ذلك اليوم دفنه وكفّن روحه معه.
.
.
اطلق بهمس: آه سلمان آه.
.
.
عاد يبحلق في اللورد الذي يضحك ويسرد عليه
(مترجم): لا انكر كُنت ذكيًّا...استفدت منك في تكوين هذه الأسطورة الخفية...ولكن لم اتمنّى ان تخونني...لذلك اجبرتني على ان اصر في تحديث ليث...لجعله شخصية اخرى...تُناسبني في المستقبل..وأضعها في موضعك تمامًا...ليصبح على حد قولك...
وبعربية مكسرة: ذراعي اليمين!
.
.
يعلم بذلك يريد ليث ليكون يومًا بدلًا عنه...ليمسك منصبه...وهو ....لا يدري ماذا كان ينوي له قبل ذلك ولكن واضح كان ينوي قتله!
.
.
اطلق اللورد رصاصة على كتفه ...اهتّز ابا سلمان ولكن امسكوه الحراس...وبعض النسوة تراجعوا للخلف لا يريدون مشاهدة هذا التعذيب...والرجال تهافتوا في رغبتهم في قتله...وبقي ابا سلمان يجّر وراؤه شريط الذكريات ببطء..مستسلم لهذهِ الذاكرة الصلبة من أن توجعه دون أن يُسكتها بمهدئات تُسحبه للنوم العميق...اليوم كل شيء سيكون متاحًا...الألم...الحُزن...وحتّى البكاء ولكن لا يسعه أن يُبكي سلمان لا تسعه هذهِ الدموع المالحة التي فجّرت الطمأنينة وبعثرتها بعيدًا عنه..يريد ان يصرخ..ولكن صوته لا يخرج..لم يتمكّن من إخراجه...لم يستطع أن يعزّي نفسه في هذهِ الأثناء من جديد...بقي يحدّق للاشيء كمجنون...كرجل يُشاهد ابنه يُقتل أمامه من جديد!
.
.
يؤلم..هكذا اوجعوك بني؟ادخلوا الرّصاص في جسدك بغيض افكارهم حولي؟
هل توجّعت هكذا أم انا اتوجع اكثر منّك الآن؟
وجع قلبي وتندمه...وجع جرحي وإلتهابات جراحات أخرى..سلمان هل اوجعوك هكذا؟
.
.
صرخ بالعربية: قلت لك اتركني اخليه يرد الكويت رفضت...لو تركتني...كان تصرّفت...كان جبرته يرد الكويت ولا يرجع...أهنيه للأبد!
.
.
هز رأسه اللورد وهو يسدد رصاصة اخرى في كتفه الآخر
(مترجم): لا احب ان اكون متوترًا بسبب شاهد جرم علينا يا صديقي..
.
.
دمعت عين ابا سلمان...بلل شفتيه....ينظر لهُ...يحاول ان يقرأ ما يدور في عقله
ولكن فاجأة بقول
(مترجم): جميع اعمالي التي لا تحبذها كُتبت باسمك...وسيتم نشرها ...لتتحاسب بدلًا عني...هكذا آخذ انتقامي منك!
.
.
|