كاتب الموضوع :
شتات الكون
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون
Part16
.
.
.
.
.
قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.
.
.
.
.
أمرها بأن تُغلق الباب خلفها لتضطرب اكثر، اخذت تفرّك يديها وتشّد على "جوالها" بقوّة، تخافه تخشى من أنه سمع حديثها كلّه، يوتّرها بروده وخطواته التي سحبته بالجلوس على السرير ازدردت ريقها وهي تقف تنتظر عقوبةً أو تنتظر ريحًا تنتشلها من أمامه ارتفع صدرها خوفًا حينما اعتلى صوت رنين هاتفها هُنا كتمت انفاسها ثم عضّت على اسنانها بقوّة...حينما نظرت للشاشة وهي تحدّق بالاسم بذعر"نوفة يتصل بك"،خفقت أجنحة الموت عند نظرة فهد الحادّة لها وكأنه يُعرّيها من هذا الخوف ليوقع بِها على عتبات ما تخاف منه!
سحبت هواء وكتمتهُ في صدرها، "ويلي ويلي يا نواف بجيب أجلي الحين" اعطتهُ مشغولًا ليكف عن الاتصال...ولكن استمر...نهض هُنا فهد ليتقدم أمامها... سيُقطع هذه النظرات وهذه الرجفّات التي تُصدر منها بشكل مهتز أمام عينيه أما هي لوهلة تذكّرت كل مصائبها مع نواف...تذكرت قُبلته التي اشعلت في نفس ريّان الشك وألقتها على فراش التعب والقلق من الفضيحة...
تذكرّت مكالماتهما السريّة...ولكي يضمنا ألّا يكشف امرهما احد...اخذ نواف يحدّثها برقم سري لا يعرفه احدًا من أهله سواها....بينما هي....سجلّت اسمه باسم انثى لتبعد الشكوك من حولها...
يتصل....يتابع "جوالها" الرنين ليتصاعد مع انفاسها ونبضات قلبها...يقترب فهد لتُدني بنفسها نحو الموت....نحو الفضيحة واكتشاف الأمر على مُنحنيات القلق الشديد...نظر لها..ازدردت ريقها ..سواعدها اخذت ترتجف...عقلها لا يتوقّف عن فّض شريط الذكريّات أمام عينيها لتتذكّر جميع مساوئها..وتمرداتها التي انطوت وراء ثقّة كبيرة اعطوها إيّاها بينما هي قابلت هذه الثّقة بخيانة لو ظهرت أمامهم لن تُحمد عُقباها!
وقف ووضع يديه خلف ظهره : ردّي عليها....
نظرت لهُ بعنين حائرتين...زاغ قلبها من نظراته وحدّت نبرته
تلاشت انفاسها وكُتمت في الآن نفسه..
حينما صرخ: رررردّي عليها....
وصايف شجّعت نفسها: هذي نوفة مو مزون...
ورفعت شاشة هاتفها أمام عينيه ليقرأ"نوفة يتصل بك" كانت تتمنّى زوال غضبه ، ويتوقف لهذا الحد ولا يأخذ هاتفها منها...
انفعل بالحديث: شاللي سمعته تحت؟...شالمصيبة اللي مهببه فيها بنت خالك؟
سقط الثّقل وذنب نواف في الناحية اليُسرى من قلبها ليُثقله اضعاف ثقله المزعزع في هذه اللّحظة...إن كان سيغضب لمزون فلهُ ذلك....فليغضب ولكن فاليبتعد عن أمرها.. لا تريد أن يفتضح امرها الآن لتُصبح المصيبة مصيبتان ومليئتان بالفضائح التي لن تمر عليها بسلام.
ازدردت ريقها واخذ جسدها يرتجف بتوتر: فهد.....والله...هي مالها دخل....صديقتها....
صرخ ليقاطعها: ورّيني الفيدييييييييو...
أيقنت هُنا فهد سيتحوّل لجنونه المُعتاد أثناء الغضب لذا استسلمت لحقيقة سماعهُ بكل شيء، فتحت هاتفها سريعًا للتتجة للـ"وات ساب".....نظرت لعدّت رسائل تصلها من نواف تقرأ الإشعارات قبل أن تدخل لدردشة مزون يضج قلبها بالخوف حينما قرأت " كل شيء بينا انتهى يا وصايف" ازدردت ريقها وترقرقت عينيها بالدموع...اطالت النّظر، تريد استيعاب ما كتبه..يبتدأ بالأمر ويُنهيه حيثما يشاء وكيفما يشاء ضاربًا بعرض الحائط شعورها ومشاعرها لناحيته، غصّت في شهقتها التي لو خرجت لأدمت قلبها ..طافت في عالمها الحزين ولكن صرخت فهد ايقظتها من سكرة الصدمة.
: خلصصصصصي علي....
توجهت اصابعها الطويلة والمرتجفة للذهاب لدردشة مزون
نظرت للفيديو، قامت بتشغيله ولم تنظر له في الواقع..
اعطته فهد بعقل فارغ وشارد...ضجّ فؤادها بغضب على نواف الذي ينتظر إشاراتٍ لتُغلق وصالهما ببعضهما البعض...لها الحق في ان تغضب لمقارنته بينما في الواقع لاحق لها وله في هذا الوصال المحرّم العنيف....والذي بهِ تعدّى نواف الحدود والمناطق المحظورة.....خافت ....حقًّا اختلجها الخوف....ماذا يعني بِكل شيء انتهى...هل هُما بدآ بشيء لينتهي كل شيء اصلًا....
ما باله لم يعد يحترم رغباتها ويتقبل ماهيتها ويقف أمام خوفها مهونًا بدلًا من اشعال كل احاسيسها في صُّرّةٍ واحدة، بهت لونها وأُختطف...هل هي حقًّا تضخّم الأمور...تخاف بشكل مفرط ومنفّر؟ استيقظت من جديد على صوت مزون وهي تكرر كلمات وطنية مشهورة ...مزون تعشق هذه الأغنية الوطنية وفي كل يوم وطني تُنشدها على عتبات مسرح مدرستهن....يرتفع صوتها..ضاق تنفّسها...كثيرًا حينما رأت تأجج وجه فهد بالحُمرة والغضب...كان ينظر لتمايلها...لشعرها الطويل والكثيف الذي يتمايل على ظهرها كالموج المُنبثق من لجّة البحر...ومن ثمّ يلتف للجانب الأيمن مع موجة طربها للمقطع الذي تغيّرت فيه نبرتها إلى نوتات ناعمة وصارخة،
أتت الموجة من جسد يضّج بالأنوثة المُلفتة التي اثارت غضب مُستعير بنيران الغيرة عليها.....ظهر جانب وجهها الأيمن ليستبيح النّاس النّظر إلى قُمحيّة بشرتها اللّامعة ولأنفها الشّامخ ....كحيلة العَينين "ومتوردّة" الوجنتين...وورديّة الشفتين...هو رأى وجهها متكامل من خلال جانبها الأيمن فقط!
ضغط على هاتف اخته...وألقاه على الارض لتنكسر شاشته وتشهق بعمق وهي تُلثم بكفّيها فمها تمنع خروج قلبها من فاهها.....تخاف فهدًا وهو غاضب...فهو يتحول إلى أسد سريع الانقضاض بوثبات عصبيّته....
اقترب منها: حسبي الله عليها...وعليك...وعلى اللي تارك لها المجال تسرح وتمر على هواها وكيفها!
ارتعش جسدها ورفعت نظرها له...هل يتحسب على خالها بطريقة غير مُباشرة؟ انكمشت على نفسها حينما اقترب منها يسأل وسقطت هُنا دمعة خوف من عينيها اليُسرى ودمعة حُزن على وضعها مع نواف بشكل لا إرادي، هي تخاف فهد..وقلبها موجوع من حُبٍ عصّي يأبى الإستقامة!
: من متى وهالمقطع منتشر؟
تهز رأسها وشفتيها ترتجفان، كيف تحوّل فهد الذي قبل أيّام قليلة يدنو منها ويتودّد بمشاعر اخويّة ويُطبع حنانه على جبينها الآن وحشًا تخافه وتهابه
: مادري...
أبتعد عنها، وشعر برجفة خوفها وانكماشها مُبتعدة عنه...انحنى على الأرض...ليلتقط هاتفها الذي لم يمت إلى الآن!....فقد ضجّ الرّنين ليزعج خلايا فهد...انكسرت شاشة الحماية فقط....نظر لأسم المتصل" نوفة يتصل بك" لم يتردد في الإجابة ظنّت هُنا وصايف مزون من تتصل...اجاب
وصرخ بحنق: لو سمحتي اختي....لا عاااااااد تتصلين ازعجتينا!
اغلق الخط ...وتقدم لها....فهمت المتصلة لم تكن مزون...ولكن مَن؟ هل نواف؟....جمدت أحاسيسها...تغيّبت عن الوعي وهي تُبصر لردّات فعل فهد....اصبحت قريبة من حُفرة العقوبات والموت...ولكن مزون وفضحيتها تُنقذها الآن ببطء شديد....مدّ لها الهاتف....
: ارسلي لي رقمها...بسرعة....
سحبت الهاتف من يده بأنامل مرتعشة....ضجّ قلبها...وهي تنظر للشاشة المكسورة ولإشعاره الذي أتى على قلبها المرتجف قائلًا" فهد رد علي...كشفك؟"
فقدت وعيها تمامًا لا تفهم شيء....كل ما فعلتهُ ارسلت رقم هاتف مزون لأخيها...ثم نظرت له
برجاء: بطلع...
فهد اشار لها بحذر: بس اخلص من مصيبتها....بلتفت لمصيبتك!
وقع قلبها في الأرض ماذا يُعني بمصيبتها؟...هل أن أوان الموت؟
هل تبكي الآن وتعتذر وتُخبره أنّ القلب مُعتل بالحُب الذي يُسقم الجسد؟
هل تعترف انّ لا ذنب لها في طيش افعال واشتعال نواف...ولكن مازالت تُحب قلبه النقّي؟
ارتجف جفنها همست وكأنها تريد تأكيدًا : اي مصيبة؟
صرخ: بعد تسألين عن أي مصيبة ؟...يعني الوضع فيه مصايب؟
انفعل ممسكًا بعضدها: الله ياخذك أنتي وبنت خالك كأنكم بجيبون أجل هالعيلة بكبرها!
تنفّست بصوت مسموع وتيقّنت بمعرفته بالمصيبة كادت تكشف الستّار
وهي تبكي: فهد والله...
اشار أمام فاهه: اششششششش ولا كلمة.....وطلعي الحين مابي انشغل فيك!
ازدردت ريقها هي لم تفهم هل يقصد مصيبة حُبّها أم هُناك سوء تفاهم؟ لم تتمالك نفسها أمامه بكت....وخرجت وهي تُسارع خطوات النّجاة ناحية غرفتها....بينما هو اغلق الباب ولم يهتم لها...عقله مشغول في نيران مزون...توجّه لسحب هاتفه من على السرير ....نظر للرقم الذي ارسلتهُ اخته...سجلّه باسم مزون...وذهب لناحية الاتصالات ليتصل عليها ليكتشف المفاجأة...رقمها ذاته الذي كان يتصل عليه دون أن يجيبه....فهم الأمر قليلًا....
اتصل واخذ ينتظر ردها...وهو يجول في غرفته ذهابًا وإيابًا
.
.
قرأت رسالتها التي كُتبت باخطاء إملائية تدّل على عظمة توتّرها، قرأت بشفتين مهتزّتين" فهد عرف كل شي"، ضربت على فخذها بيدها السليمة...عبء يدها المكسورة أخذ يضج بالألم لتعلن نوبة بكاء من زمن طويل لم تُدخلها...رجف قلبها...هي لو كانت تعلم أنّ صاحبتها سبق لها وقامت بتصويرها دون إذن لقلبت طاولة المدرسة على رأسها، لا يحق لها ذلك...وهي في الواقع لا تحبّذ ارسال الصور لصديقاتها أو الإحتفاظ بصورهن في هاتفها فهي لا تعلم ما قد يحدث في المستبقل...تخشى من وقوع هاتفها في مكان ما يومًا وتنتشر صورهن بسببها أو يحدث عطل في هاتفها وتكون سببًا في تأذيُتهن لا تدري ولكن ليست ممّن يحبّذ الإحتفاظ بصورهن داخل ذاكرة هاتفها...ولكن ماذا فعلت رهف؟....اقتحمت خصوصيّتها بمبدأ صداقة...لينتهي بِها المطاف لمبدأ عداوة....هي تعلم خروجها معها في ذلك اليوم يُعد من الكوارث التي لا تُغتفر ...كان عليها الإنسحاب ما إن علمت بنواياها ولكن قلبها الطيّب خشي عليها من ذلك الوحش...لتقع هي في فخّه...لا تدري ماذا حدث بعد انتشار صورتها هل وصل خبرها لأهلها...هل عاقبوها أم انتحرت بسبب خوفها الشديد
أم استسلمت لرغبته...هُناك حسنة واحدة من المقطع وجهها لم يكن ظاهريًّا للعدسة ...جانبه الأيمن ظاهر أجل صوتها واضح ولكن هوّيتّها تبقى جزئيًا مخفية...فقط اهلها من سيتعرّفون على هذا الكيان الذي يتمايل بأغنيته الوطنية!
سمعت رنين الهاتف...عضّت على شفتيها وهي تنظر" ف يتصل بك" اضطربت حواس الخوف...هي استعجلت حقًّا في اتصالها عليه لطلب النجدة والآن تشكر الله على عدم ردّه فوصايف صادقة من المفترض تتصل على ريّان ولكن بها من الداخل شيء يمنعها من فعل ذلك لتحير هكذا!
مسحت على شعرها لا تنفك الرجفة عن يدها ....ويدها المكسورة تضج بالألأم...لن تُجيب عليه وهي تتلوها العواصف...لا تريد أن تُسمعه رجفة الأحرف من لسانها المعقود...تركت الهاتف يرن...وهي تسحب وتستل انفاسًا متتالية...اخذت تجوب في غرفتها....بعينينها المحمرّتين ووجهها الشاحب....والدها بعد ساعات قصيرة سيكون في جدّه...تدعو الله أن يلتهي في عمله ولا يصله المقطع...إن وصله سيُكسر ما ترمم من كسرها العنيف!
ضاقت عليها التوقعات فيما يعقب معرفته بالفضيحة...لم تستطع أن تحدد ردّت فعله...سحبت الهاتف واخيرًا اغمضت عينيها
لتقول: هلا فهد...
أتاها صوته الغاضب والمعاتب: بلاويك متى تخلص؟....ابي افهم متى رااااح تخلص؟
تسكت وتجلس على سريرها لتسمع: ناوية على ابوك ولا على امي ولا على من انتي؟
تحدثت بصوت مهزوز : فهدددددد قل خيرًا أو اصمت!
صرخ ناسيًا نفسه: من وين يجي خيرررررر وهذي بلاويك....تعرفين وش معنى الفضيحة؟.....وشمعنى ينتشر لك فيديو وانتي تترقصّين قدام الكاميرا؟...اصلًا انتي تعرفين وش معنى الشرف يا ....
ثم سكت واخذ يتمتم بالاستغفار
فانهالت عليه بغضب: اي اعرف...وانا حريصة على نفسي اكثر من اي احد....بس اللي صار...خارج عن سيطرتي...ولا هوب برضاي.....
بلل شفتيه هزّ رأسه حانقًا: كيف صوّرتك؟....هااا....كيف تسمحين اصلًا لصديقاتك يصورونك ويحتفظون بصورك بجوالاتهم هاااا؟
اهتز جفنها: ما ارضى احد يصوّرني وهي صوّرتني بدون ما ادري...وكانت بتحذفه لكن نست....والزفت خويها هكّر جوالها ونشر اللي فيه....ما هوب بس أنا اللي صورتها انتشرت!
شتمها بقساوة ثم تحدث منفعلا: خويها؟....بالله كيف تصاحبين هالدشيرات ....وين عقلك فيه....ولا انتي من نوع لكل ساقط لاقط!
انفعلت لتصرخ: حدّك عععععاد فهد....ماسمح لك تغلط وتضغط علي.....دام هذا حكيك سكر الخط....وانا بتصرف بنفسي....
فهد: كان تصرّفتي قبل لا ينتشر زود......وش كنتي منتظرة؟
سحبت هواء عميق لرئتيها لتردف: مابي اغلط عليك فهد!
ضحك مقهورًا ليردف باستصغار: هههههههههه لا غلطي...يا ام الاغلاط....صدق شين وقوي عين!
روحها تنزف ألمًا وخوفًا .....اتاه صوتها باكيةً وهي تشتمه وتسبه بألفاظ وقحة لا يعلم ممّن سمعتها وممِن تعلّمتها ولكن يقسم لو كان أمامها لصفعها على فمها ليُعيد تكوينه من جديد!
صرخ: وقص اللي يقص لسانك.....فيك حيل والله.....ما الومك ما لقيتي من يوكلك تراب...ويعيد تربيتك من جديد....و ما عندّك من اللي تراقبك طول اليوم وتوقفك عند حدّك...خالي لاهي بشغله ومعطيك ثقة كاملة يحسبك كفو وانتي من وراه....تخبصين ....حسبي الله عليك هذا اللي اقول...
استوعبت تعيرته اللامباشرة كونها يتيمة الأم، مال حاجبها حُزنًا لفُقدها لوالدتها ولشعورها الذي يلّح عليها بتذكيرها ورغبتها في احتضانها لتنتشلها من هذا الوجع....قاسي فهد حينما يغضب ينهمل لسانه ليوجع قلوب كُثر....عضّت على شفتيها لتختنق في غصّة يُتمها الذي جاء مُبكرًا!
شهقت لم تستطع كبح هذه الشهقة
مزون بانهيار: الحين انت متصل علي عشان تهاوش يعني؟...عشاننننن تستفرد علي بغرورك....وتزيدني هم؟
فهد استل نفسًا عميقًا، حينما أدرك نبرة وجعها تلك: حطي ببالك زين...ما تصلت عليك إلّا عشان خالي.....وعشاني ما راح اعدّيها لك يا مزون.....
وبجدية: راح اقدم بلاغ.....بس ابي رقم الزفت خوي صاحبتك....
مزون في الواقع اخذت رقمه من رهف من أجل التبليغ ولكن تراجعت لأنها خافت من امر الفضيحة
تحدثت بثبات هذه المرة: بسكر الخط وبرسله لك...
اغلقت الخط في وجهه ليعود إلى ضوضاء غضبه وهو يشتمها وبدأت تجول بعقله افكار سوداء حول الأمر ، سحب نفسه وخرج من الغرفة "ليرقع" الباب بقوّة..
.
.
كُل شيء تغيّر ،الحياة هُنا لم تكن الحياة التي تعرفها...المباني...الشوارع...حتّى رائحة التُربة الحامضة اثر المخلّفات وأثر الحشرات الميّتة لم تعد نفسها، تغيّر ربيع هذا الهواء الذي بات يخنقها...تنظر للأشياء بانكسار...هي أتت هنا دون تخطيط بل بشكل سريع وصادم لتطأ على هذه الأرض دون أن تحس بالتغيّرات فالصدمة أمنعتها من رؤية ما آل عليه زمانها...أتت هُنا لتدخل في وكرٌ جديد يمنعها من رؤية الأشياء وتحسسها لها، ولكن تجزم الآن الأرض لم تعد نفسها ولا تدري هل الأرض تغيّرت حقًّا أم هي من تغيّرت في الواقع؟ تذكّرت ايامًا خلّدت حُبها لهذه الأرض والبُقعة التي تستنشق عبير الهدوء والطمأنينه منها تذكّرت وقوفها على عتبات المسرح طفلةً تُنشد أغنية وطنية خاصة لدولة الكويت الشقيقة ولكن استبدلت كلمة "يا كويت يا كويت يا نبض الحياة" إلى "يا سعودي يا سعودي يا نبض الحياة" لم تُختمها بالتاء المربوطة لتخفف من وزنها ورغم ركاكة الجُملة إلّا انها اكملتها أمام الأمهات.
تنظر لخالتها بعينين تقدحان بريقًا ينّم عن براءتها البريئة من زُقاق التفكير الظالم هذه الأغنية ترددها حتّى في المنزل كما أنها تخلّدت في عقول الكثير من الشعب السعودي حُبهم للكويت كأخوة جعلهم يدندنون الأغاني الوطنية ويتبادلونها كالأرض الواحدة والجسد الواحد وهذا لا يقتصر على الكويت فقط بل على جميع دول الخليج، هذه الأغنية لها ذكريات وطابع خاص في قلبها تتذكر كانت تحاول أن تعلّم وصايف ومناهل وحتّى مزون حفظ كلماتها ولكن ثلاثتهن لم يستطيعوا حفظها في وقت وجيز ولكن وعدتهن من تحفظها أولًا.. وهنّ صغار وجدًا ستعطيهن هديّة لطالما تمنّوها، حفظوها ولكن كانت جملهن غير مفهومة ونطقهن يجعلها تضحك لدقائق معدودة. تنهدت ثم أخذت
تنظر لتلك الزاوية لتعلو في آذانيها" وطني حبيبي، وطني الغالي" هو غالٍ لم يتغيّر شيء في معزّته وإلى الآن لم تروي ظمأ عشقها لإنتماؤها لهذا الوطن ولكن ما بال الأشياء لا تذّكرها بالوطن الذي ينمو ويغرق بداخلها ما بالها؟ تلتفت لضجيج تجمّع الرّجال الذين خرجوا متساءلين عن سبب اطفاء الكهرباء في العمارة ...وجدتهم يرتدون الزّي السعودي الرسمي "الثوب" نفسه لم يتغيّر"الغترة\الشّماغ" ايضًا نفسها لم يتغيّر شيء..."الله الله يا شمس الحياة"... أين شمس حياتها؟ أين نَجمَيْها اللّذان يُضيئان دربها؟ أين غَيْمتّي حياتها؟... "وطني النجم العالي وطني"...رفعت رأسها للسماء...تنظر لضوء القمر وتخبّأ النجوم خلف الغيوم الحمراء...لا تستطيع أن تكبح مشاعر اشتياقها للوطن وهي على أرضه...هل تقف أمام نفسها لتعترف أنّ الوطن تغيّر خلف صدى صوتها؟ في ترديد "الله الله يا أرض أهلي وأجدادي" لم تتحمّل تذكّر صوتها الطفولي في ترديد هذا المقطع...أين اهلها أين اجدادها؟ لِم هم مصرّين على نزعها منهم وقذفها بِلا هوية على ارضها الجدباء؟ أين وطنها الغالي؟ أين ارضها الخضراء؟ تدمع عينيها وهي تُهمس بجنون" يا شوق ما بعده بعد" بكت...اهتّزت اشواقها جميعها تارة واحدة ودفعة تُسابق عبراتها التي تُخنقها...هو وطنها...هو عَينيها التي تُبصران بهِما
تشتاقهُ...تمشي خطوتين للوراء لتختبأ عن تجاعيد حُزنها تُهمس بشفتين تهتزّان شوقًا على أوتار وعلى نمط آخر بيت من أغنيتها المفضلة " والحافظ الله يا بوي والحافظ الله يا بوي"...خبّأت بكلتا يديها وجهها المختبأ خلف " النقّاب" ها هي تتعرّى أمام الشوق وافتضاحه...تاقت روحها لأبيها...ارتجفّت خلايا عقلها حينما نظرت للشوارع وإلى الإنارات
والأعمدة الكهربائية التي تغيّرت عليها كليًّا وكأن لهذه الأعمدة وهذه الأرصفة القدرة على إثارت انتباه شوقها ناحيّة أبيها التي تتعمّد في السّابق على تجاهل الشعور والإختباء خلف قسوة سجنها اللّئيم...
كم وكم تمنّت أن تُخبره عن ضياعُها المستميد من السّجن...طال صبرها وانتظارها في رؤيته لتُخبره عن ضجيجها الداخلّي عن خوفها وعن نزعات الشيطان التي تمر مرورًا ثقيلًا ما بين أوردتها وشرايينها ولكن لا تدري كيف خرجت من هذه النّزعات سليمة؟
..هي تُدرك لا تملك إيمانًا كاملًا لتقف أمام هذه النزعّات دون أن تُبدي بحركات جنونية....فلو كانت تمتلكه لأمسكت نفسها عن الإقدام على فكرة الإنتحار لتأخذ قرار إخراس روحها من استمرارها في العَيش من دون وجه حق...لَمَا قنطت في لحظات ضعفها ....ولكن لا تدري كيف كانت تعود لرشدها حتّى ولو كانت الفترة طويلة كانت تعود...تعود لتنهزم وتفوز وهي ترجو المغفرة من الله والرحمة....تلك الجروح التي خُطّت على جسدها تشعر أنها كالتكفير لأفكارها ومحاولاتها في الإنتحار....لن تنسى الألم الذي ذاقتهُ...لن تنساه وستخبر والدها عنه لعلّه ينتقم لها منه...لن تنسى تلك اللّحظة التي خشيت فيها من الموت...أجل خافت أن تموت...وقتها الزّمن توقّف ضجّ صفير في آذانيها بشكل مُخيف وكأنه يريد أن يُخبرها أنّ الموت قد آن أوانه رغم انّها تقسم وقتها لم تجّهز سريرتها لتعيش في عالمها الآخر،تكرر بضعف وبصوت يتردد في جوفها"رَبِّ ارْجِعُونِ"، ضاق تنفّسها مُباشرةً حينما غُرزت حافّة الزجاجة في خاصرتها، توقف كُّل شيء يتحرّك أمام عينينها ادركت انّ أمنيتها تتحقق ببطء أمام هذا الألم زاغ قلبها وشخصت عينيها ....ظنّت انها ستظفر بالراحة ولكن في آخر لحظات
الإختناق خشيت من الموت، ترآت أمام عينيها امرأة ترتدي ثوبًا اسود وكأنها تُعزّيها، فهمت هذا السّراب خاص لوالدتها التي رسمته في مخيّلتها مُنذ الصغر ولكن هذا السراب لا يمتلك وجهًا، لا ترى ملامح وجه والدتها بوضوح بل تراه رماديًا تتخله خطوط متعرجة وكأنها تنّم عن عبوسها وحزنها عليها...سقطت على الأرض تذكر جسدها اخذ يرتعش خوفًا فهي خائفة من الموت...ومن حُزن والدتها التي تقف على رأسها بخيالات تراجيدية مع نوتات الألم....تلك الطعنة افترشت جسدها على السرير لشهرين متتاليين لتبقى في سجن الجسد...وأي سجن كان؟
سجن يمنعها من البُكاء، يمنعها من الصّراخ، يمنعها من الحركة...هي تذوّقت اصنافًا من السجون ولكن لا تريد الآن أن تُحبس في نوع آخر....نوع يحبسها على ارض الوطن ليُبعدها عن وطن قلبها....لا تستطيع....فهي تريد ذلك الوطن الذي يُخبّأُها ما بين يديه...يشدّها على صدره...ليُمسك بخيوط سعادتها ويفترشها أمام عينيها حُبًّا....
.
.
اغمضت عينيها، وتداركت وجودها في الشارع على صوت بوق السيارة القادمة من الشارع الرئيسي، فتحت عينيها ونظرت لمن حولها بشتات جازم في أن يُنهي كيانها ، نظرت للسيارة التي أُركنت جانبًا بالقرب من العمارة مشت بخطى ضعيفة على الرصيف حينما ادركت عودة الكهرباء على العمارة، فالرجال عادوا لشققهم ولم يعد هناك تجمهر امام حارس العمارة، اخذت تتنفّس بعمق تختنق برائحة الدخان الصادر من رجلين عبرت امامهما، علقت عيناها على تبعثر الدخان وتصاعده بشكل خفيف ومتناغم امام عينيها، تذكرت الدخان المتصاعد في السماء صباحًا تذكرت ارض النخيل في واحتها الواسعة، تذكرت ايّام طفولتها وحنينها الآن
ينتشلها للمكان الذي تعشقه وللرائحة التي نستها أو تخشى من انها نستها في الواقع، توقفت لوهلة وكأنها تريد استيعادة حسّية شمّها للأشياء تريد أن تسترق رائحة تذكّرها بأيّامها الجميلة مشت خطوتين وهي تسحب اطنانًا من الهواء تُريد ان تشتم رائحة الطمأنينة، رائحة الصباح في طريقهم نحو النّخيل تريد أن تشتم عبير نخيل الأحساء ليحتضنها قليلًا تريد ذلك الدخان المتصاعد من تراكم السعف فوق بعضه لتمسكه ويحرق باطن كفها كما فعل قبل سنوات حينما امسكت بهِ.
ارتعشت سواعدها على هذه الذكرى الشارع هُنا ايقض قلبها من سباته وانعش ذاكرتها من غيبوبتها الطويلة، دخلت إلى وجهة العمارة لا تدري كيف اشتمّت رائحة "الطبينة" فجأة وتغلغلت في انفاسها لتختلط برائحة الخبز الأحمر الحساوي والذي يشتريه جدها على طريقهم المؤدي للمزرعة،
ضاق صدرها عقلها بات يتذكّر كل شي وهي التي خشت نسيان الأشياء التي عاشتها مسبقا مشت بخطى سريعة، ركضت على عتبات الدرج لتهرب من واحتها الظلماء وقفت امام باب الشقة لتسمع صوت من جانبها الأيسر" بطة يا بطة شيلي الشنطة، شنطة خفيفة زي الريشة، تلعب كورة في راس تنورة" ، ألتفتت سريعا لتلبّي الحنين المتدفق من رأسها، نظرت لطفلة تحمل حقيبة حمراء بطابع طفولي ممسكه بيد والدها الذي يغنّي لها تلك الأغنية التي تنتشر بين اطفال الأحساء آنذاك، تذكر انها حفظتها من طفلة تمر مع ابيها ليسلم على جدها في مزرعتهم تجلس تلعب معها تُنشد تلك الطفلة بالأناشيد المحلية والشعبية لأهالي الأحساء حتى حفظت منها الكثير، فتح الأب الباب وحاول ان يدخل ابنته هل اهالي الاحساء انتقلوا لهنا او شوقها يُجلب لها الهواجس؟
فتحت الباب سريعًا واغلقته سمعت صوت الطفلة يرتفع"بابا خلنلعب سلام سلام" اختفى صوتها وارتعشت شفتي رحيل، تضيق ذاكرتها في الدائرة التي لم تتسع لها في قعر السجون حتى بها جعلتها عاجزة .
دخلت الشقة نزعت العباءة بقوة من على جسدها تتعبها الذاكرة ، ليس وقت الانهيار.
جالت بنظرها على ارجاء الغرفة ندمت من خروجها منها لو بقيت هنا في الظلام لمَا تذكرت وجهه ابنت صديق جدها وهي تقول"نلعب سلام سلام؟" تجهل اللعبة تماما،
تهز برأسها، لتبدأ الطفلة" سلام سلام" تمد يديها الصغيرتين وكأنها تريد ان تصافحها مدت لها يدها لتصافحها ولكن الاخرى سبقتها حينما سحبت كفّها ثم ارسلت لها تحية عسكرية بلحن يشدو على اوتار مسامعها شوقا الآن"تحية الاسلام" ضمّت اصابع يديها لتفرج الابهام والبنصر وتقربهما من اذنيها"الو الو" ثم قبضة يدها لتشير بإبهامها ناحية فاهها سريعا" شراب برتقال"
صفقت كفيها بيعضهما البعض ثم اشارت لها بأن تضرب بيدها اليمنى على يدها اليسرى ليكملا اللعب ولكن لم تنجح فتململت منها لتقول"ماتعرفين تلعبين؟"
اهتز جسدها لا تعرف اللعب ابدًا كانت واضحة في حياتها ولكن لا تدري كيف دخلت في متاهات هذه اللعبة التي تشعل نيران مُحرقة في جوفها، بكت واطرقت الذكريات ذاكرتها الفولاذية، الآن ايقنت ان عقلها اشد قسوةً منهم ادرج على عينيها ومسامعها وعلى انفها ذكريات في ضجيج واحد وجماعات واحدة بللت شفتيها نظرت لضعفها بينما هي كذلك سمعت قرع الجرس، انشدت هنا خلاياها وانطفأت قناديل الذكريات، هل يعقل محمد؟ ولكن لِم لم يرسل لها رسالة.. بقيت واقفة حائرة تتقدم وترى من الطارق ام تبقى هنا واققة، ولكن قرع الجرس لا يهدأ تقدمت بقيت خلف الباب، تنفست بضيق ذكرياتها قبل عدة ثوانِ همست: مَن؟
لا يحق لها ان تسأل ولكن انجرفت لتستعلم لم هو خلف الباب لتُبعد ضجيج الذكريات، والاخرى من خلف الباب نطقت: طليقة محمد!
وقفت تنظر ببهوت، لم تنصدم فهي تدرك هناك امور حدثت دون ان تعلم بها ولكن السؤال طليقته ماذا تريد بهذا الوقت خاصة؟
.
.
تشتاقهُ، لا يهدأ جفنها من الارتعاش، تلك الأفكار كفيلة من أن تُسلبها راحتها، يُبعدها ويُبقيها على ذمته وكأنها لا شيء، تكره قربهُ الحميم لا تنكر ذلك ولكن تحب وجوده في حياتها هي ليست متناقضة ولكن وهبت مشاعرها كلها له وكأنها بذلك تنتقم من شيء ثقُل بداخلها، لن تنكر يؤلمها أن تعيش معه وهما ينظران لركان بوجه يمثّل السذاجه والفرح لخداعه، لو كانت تعلم انها ستعيش هذه الأيّام لمَا ذهبت هُناك .
تخشى من ان يصطدم اخيها بالواقع وتخاف من الأيام التي ستضم رحيل معهما، ها هو معها أجل ابقاها معه لتؤنسه في وحدته لم يجعلها تنزل معهما من أجل ان يحظى بلحظات سعيدة بعيدة عن ضجيجها وضجيج اهله، هو مشتاق ترى اشتياقه يخرج من بؤبؤ عينيه ربما تتخيّل ولكن احاسيسها لا تخطأ، يُتعبها هذا الشعور، تحاول التناسي والإنقياد وراء رغباتها المندفعة لناحيته ولكن هو لا يشجعها على ذلك يوقفها قبل ان تقترب ويقترب منها في لحظات تُشعل امامها ضميرها بالنيران يأخذها على موجات إلقاء اللوم والعتاب ويضربها على صوتها الداخلي المرتطم في جدران خوفها، يقترب بشكل مُخيف وعلى أنماط تكرها ويبتعدا مسافات قصوى!
لا يريد منها حبا،لا يريد منها عشقا حياتهما على طريق تأدية الواجبات فقط لا يهتم لشعورها ولكن في الأوان الأخيرة بات متغيرًا وهي تعلم جيّدًا هذا التغير طرأ عليه بسببب ركان وشدّت ملاحظاته التي اوقعتهما تحت اضواء تساؤلاته اللامنتهية حتى جعله يتنازل عن إلقاء ذنبه كليًّا عليها واخذ يحاول على الا يذكّرها بما مضى، ازدردت ريقها تذكرت ايامها وبداية زواجهما لن تنسى فرحة ركان ولن تنسى نفورها منه"لا نمثل على بعض نامي حنا اصلا خلصنا من هالليلة"
اوجعتها جملته واشعرتها بالرخص هو لم يكن يعلم انها عاشت ايام صعبة تحاول بهم لملمت كيانها الضائع في لُقيا طريق لينتشلها من الفضيحة كانت تحمل على اعتاقها الخوف من ركان والخوف من انكساره الذي كسرها قبل ان يقع ليصبح واقعاً!
كانت ايام طويلة وهي تركض خلف ليث تتشبّث بكفّيه بعد خروجه من الجامعة تدخل معه في زُقاق ضيّقة بعد أن تتوسّل اليه بالتحدث ترتجف خوفًا"تكفى استر علي" يُبعدها عنه، يسير امامها تنكسر وتتحطم، معرفته بأصلها وفصلها وعائلتها سببًا في تغييره وتكوينه على طور آخر ولكن حينما علمت بالسبب بطل عجبها منه.
تزوجا وعاشت معه على جُمل وافعال ابكتها" لا تنتظرين مني شي"،"أنتي غلطة"، "الرخيص للرخيص" تلك الجملة القاها عليها حينما أدمى قلبها إجابةً على جملتها التي فلتت من لسانها كرها لتوبيخه وتذكيرها له بتلك اللحظة صرخت" لا تلومني يا الرخيص حتى انت شاللي خلاك تروح هناك؟"
ابكاها بعد جملتها تعايشت مع طبعه اجزمت حياتها ستكون تحت جحيمة لن تستطع حب شخص آخر فهي اذنبت دون ان تحس وهو ألتهمها بذنبه وابتلعها لتدخل في ثقبٌ اسود ذو جاذبية صارمة في سحبها بداخله، من سيتقبلها بعد الآن؟
عمرها مضى، اخيها ركان يعامله وكأنه اخيه الأصغر يشد بهِ أزره و يستند عليه يشعر به وترا خوفه وتقلباته المفاحأة حينما يلتمس الخطر يحاول إلتهام ليث وكذلك ليث لم يكن اقل شعورا بالاخوة لناحية اخيها فهي تجزم الانفصال عن ليث لا يعنيها فقط بل يعني ركان لذلك حاولت ان تحب ليث، وهامت به لا تتخيل حياتها دونه تشعر انها غفرت له خطيئته ولكن جزءًا منها لا يقبل هذا..وينازع قلبها!
يؤلمها انها احبته بعد كل هذه العواصف ، يؤلمها انها اعتادت عليه، والاشد الما غيرتها من ميوله لرحيل، مسحت على شعرها عدت مرات، اغمضت عينيها تذكرت تلك الليلة الحالمة لا تدري كيف قلبتها رأسا على عقب تكره قربه وتشعر انه يفهم ذلك ويعاقبها عليه حاولت التخلّي عن مشاعر الخوف والرعشة الجسدية التي تصيبها وترهقها حاولت ألا يتطور الأمر معها ولكن لم تتجاوزه اغمي عليها كما هي العادة، بعثر الوسط اتهمها بالكذب"تسوين كذا وتمثلين علي تفكرين بحبك؟".
ابعد نفسه آنذاك لا تدري ماذا حدث ابكاها وادماها ثم خرج لتبقى بقلة حيلتها على السرير تنظر للجدران التي اخذت تتلوّن بلون خيالاتها السوداء، بكت تحاول أن تخرج من طور الهلع الذي تشعر به حينما يقترب ولكن قربه الحميم خانق ، ضيّق، يُمنع رئتيها من سحب الهواء تختنق وهي تحاول الصمود من ألّا تبكي لا تستطيع ان تتجاوز تلك الليلة، مر شهرين لتكتشف حملها صارحته به وانقلب ليث لرجل مُتعب شكّاك يرمي حديثه القاسي بلا مُبالاة حينما ادركت لا حياة معه رغم حُبها له اتخذت قرار اجهاض الجنين، كانت تتمنى قبوله به، تتمنى ان يساعدها في تخطي فزعها ولكن هو لم يحاول بقدر محاولاتها في تقبله...بقدر تمسكها بالحياة وذهابها إلى طبيب نفسي!، بكت ولم تتردد في اجهاضه وها هي الآن تبكي ندما على فعلتها
سمعت رنين الهاتف، سحبته بيد مرتجفه وهي تتنفس بصوت مسموع نظرت للاسم وارتسم على وجهها ضيق لا تريد محادثته ولكن اشتاقت لصوته
اجابته: هلا ليث..
ما زال مستلقي على الكنب يحدق بالسقف تفكيره متعب اتصل عليها ليطمأن:أخبارك؟
امل: بخير..
ليث رمش حينما ألتمس نبرة الضيق ونبرة الاهتزاز:باكية؟
شدت على أسنانها لِماذا هي مفضوحة امامه لِم يستطيع قراءتها هكذا بكل وضوح رغم عدم محبته لها؟
:لا
ليث وكأنه يريد اطالة المكالمة والهروب من جنون ما يعيشة..ليواجه صدق مشاعره: لا تكذبين علي يا أمل...انا اعرف نبرات صوتك....انتي باكية بس على شنو بالضبط؟
سكتت، ضاقت روحها على جسدها يعرفها تماما وهي باتت لا تعرفه بسبب صراحته المسبقة لها في مشاعره كيف يفهمها؟ رغم كُرهه لها!
تحدث بصوت ثقل: أمل....فيك شي؟
تداهمه بصوتها المحشرج: لو مت راح تزعل علي؟ راح تبكي ليث؟ راح تندم على اللي سويته فيني؟
عقد ذكرياته لتتجه لناحية ذنبه، جلس سريعَا واسند ظهره على المسند، مسح على وجهه بضيق: علامك صاير شي؟
امل بدموع وبصوت متنهّد: هو لازم يصير شي يعني؟
ليث: لا مو لازم....يا أمل.....
قاطعته: راح تزعل لم...
قاطعها: راح تضيق علي روحي!
بكت بصوت محشرج: ندمانه على حياتي اللي انهدرت.....ندمانه على فضولي...ندمانه على شعوري وانت قريب مني وخوفي...ندمانه على ولدي اللي ذبحته...ندما...
قاطعها وهو يشد على جبينه وبصوت مهزوز: أمل...
تسكت عن الحديث وتسترسل في البكاء
ثم تعود تأخذ نفسا : انا ذنب؟
|