1- لقاء عند منتصف الليل - انجيلا كارسون - كنوز عبير الجديدة ( كاملة )

روابط فصول رواية

الفصل الاول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع والاخير

الفصل الأول

ترددت ميلاني كثيراً قبل ان تقرر الكتابة إلى اختها لتخبرها بوفاة والدهما , وارسلت الرسالة اخيراً إلى جدتها في مقاطعة ساوثمبتون علها توصلها إلى كارين لتحضر دفن والدها .
وتساءلت في نفسها هل تبدلت كارين؟ هل هي سعيدة في حياتها الجديدة ؟ هل لازالت تشبهها كما كانت منذ خمس سنوات ؟
ونظرت ميلاني في المرآة لتلاحظ بأنها زادت جمالاً عما كانت عليه في السابعة عشرة . فشعرها الأحمر اللامع اضفى نوعاً من السحر الفتان على بشرتها البيضاء . اما عيناها فكانتا كبيرتين متسعتين ومعبرتين . وأنفها صغير مستقيم وشفتاها مكتنزتان بإغراء.

عينا كارين تشبهان عيني ميلاني بالكبر واللون الأخضر, فهي لا زالت تتذكر عيني اختها اللتين كانتا تقذفان شرراً عندما تغضب وتمتلأن بالدفء والحرارة عند شعورها بالفرح والسعادة.منتديات ليلاس
في هذه الأثناء كانت جيزيل المربية المسنة تحضر طعام الغداء, ولم تكن ميلاني تشعر بالجوع فقد أثرت وفاة والدها في شهيتها فكانت تمضي معظم الأوقات شاردة الأفكار, صامتة , تفكر بالمستقبل بعد ان اصبحت وحيدة .
كانت والدتها قد توفيت إثر نزلة صدرية حادة . وشقيقتها التوأم قد تركت القرية بعد ان ملت الحياة فيها دون ان تشعر بأية رغبة في العودة او حتى بالحنين إلى أهلها ومنزلها حيث امضت طفولتها وانقطعت اخبارها .منتديات ليلاس
كانت ميلاني تعلم انها لا تمتلك الشجاعة الكافية لتتصرف كشقيقتها فقد كانتا توأمتان متكاملتين , كما كانت تقول المربية جيزيل, فكارين قوية الشخصية عنيدة ذات إرادة حديدية لا يثنيها عن رغبتها رادع. اما ميلاني فكانت هادئة ولينة الطباع , تحب مساعدة الآخرين .
القت بنظرة على المقعد الذي كان والدها يجلس عليه واحست بالألم يعتصر قلبها , فالمقعد خال وسيبقى كذلك . ولطف جيزيل وتفهمها لن يعوضاها حنان والدها ولن يملا الفراغ الذي تركه بعد موته .منتديات ليلاس
تذكرت انه قال لها ذات مرة " لديك ذكاء وفطنة الرجال يا ميلاني رغم انوثتك ! فلو وهبني الله صبياً لما كان أكثر موهبة منك" وتذكرت ما كانت شقيقتها تردد على مسامعها " كم كانت والدتي بلهاء عندما تركت عائلتها الغنية وحياة الترف والرفاهية هناك"
- لقد احبت والدي ! . كانت ميلاني تجيبها بحدة .
- لكنه ليس إلا رجلاً بائساً فقيراً وكاتباً مغموراً!
- لا تنسي ان والدنا يتحدر من أسرة عريقة .
- لا يهم هذا . كانت كارين تجيب بغضب . فوالدتي تركت عائلتها الغنية في لندن وجاءت لتعيش مع هذا الرجل الفقير في قرية حقيرة .
- لا تتحدثي بهذه الطريقة عن أبيك . إنه كاتب موهوب .
ورفعت كارين كتفيها واجابت :
- من الذي يشاركك هذا الرأي عدا والدتي بالطبع !
كان في لهجة كارين الكثير من الاستخفاف والاحتقار , فقد كانت تلوم والدتها على تصرفها ولم تغفر لها ابداً هذه الغلطة التي اجبرتها على العيش بعيداً عن عائلة والدتها التي رفضت هذا الزواج بشدة .

كانت ميلاني تحلم بأن يصبح والدها كاتباً مشهوراً لكن هذا الحلم لم يتحقق وبقيت معظم كتاباته مهملة ولم تلق الإهتمام الكافي من الناشر. وقررت ان تكمل ما كتبه والدها وتذهب إلى لندن علها تتعاقد مع احد الناشرين هناك.
تساءلت في سرها عن سبب عدم رواج كتب والدها , فقد كانت مليئة بالإثارة والشعر , وذات اسلوب أدبي جميل.ريحانة
افاقت ميلاني من افكارها على صوت طرقات على الباب الخارجي . واستغربت بادئ الأمر , من الطارق يا ترى ؟ فقد اعتاد سكان القرية على الدخول من الباب الخلفي للمنزل والذي يؤدي مباشرة إلى المطبخ. فحثت الخطى وتوجهت لتفتح الباب .
تسمرت ميلاني في مكانها مذهولة لبضع دقائق وهي تظن نفسها في حلم . اما كارين فقد وقفت أمامها في المدخل , وكانت ترتدي معطفاً أنيقاً من الفرو الثمين جعلت ميلاني تظن انها ترى نفسها في حلة جديدة وقد كان الشبه بين التوأمتين صارخاً رغم مرور مدة طويلة على فراقهما وصرخت ميلاني اخيراً :
- كارين !
لم تتلفظ بأكثر من هذه الكلمة فقد دفعتها كارين ودخلت إلى المنزل قائلة :
- هل أدهشتك رؤتي إلى هذا الحد؟
- بالطبع ! لقد تأخرت فقد دفن والدي منذ أيام .
- أعلم ذلك, لقد جئت لرؤيتك أنت ! هل هناك أحد آخر في المنزل؟
- اجل, جيزيل موجودة في المطبخ.
واغلقت ميلاني الباب فقد كانت الرياح تعصف بشدة في الخارج وقالت :
- تعالي إلى غرفة المكتب فالبرد قارس هنا, سأعلم جيزيل بقدومك فالغداء سيكون جاهزاً.
- اشعر بقليل من الجوع . فقد قطعت مسافة طويلة اليوم ولم أكن أتصور أننا نبعد عن لندن كل هذه المسافة . منتديات ليلاس
قالت كارين جملتها الأخيرة وكأنها تضع اللوم على أختها بسبب بعد المسافة . وركضت ميلاني إلى المطبخ قائلة :
- جيزيل , لقد عادت كارين , وصلت لتوها .
- لقد تأخرت كثيراً على الدفن ! . اجابت المرأة العجوز .
- هذا ما قلته . إنها جائعة وستتناول الغداء معنا .