والتفتت إلى مسز برادلي قائلة :
- ان الكعك الذي تصنعينه له نكهة مميزة , سوف آتي يوماً لتعلمينني طريقتك الخاصة . فالكعك الذي تعده جيزيل يختلف إلى حد ما.
ضحكت مسز برادلي قائلة بحماس:
- باستطاعتك المجيء يوم الاربعاء القادم , سأصنع كمية اخرى كما ان شقيقتي أوديت ستأتي إلينا هذه السنة وهي لا تكف عن السؤال عنك كلما اتصلت هاتفياً بنا.
- لقد مرت سنتين منذ ان رأيتها لآخر مرة . ألا تزال تعمل بمستشفى غلاسكو ؟
- لقد انتقلت للعمل في أحد أكبر مستشفيات بلفست , وقد اصبحت رئيسة الممرضات هناك.
- كم يسرني سماع ذلك. هذه اخبار جيدة . قالت ميلاني وهي في طريقها إلى الباب الخارجي برفقة مسز برادلي .ريحانة
- إلى اللقاء يا مسز برادلي.
- إلى اللقاء يا عزيزتي ولا تنسي موعد العشاء عند السابعة أنت وجيزيل .
خرجت ميلاني وجيزيل من منزل الناظر حوالي العاشرة ليلاً, وكانت ميلاني قبل ذلك الوقت بعدة ساعات قد ذهبت إلى مزرعة هيدلي واتفقت معه على اعطاء دروس إضافية لابنه سام , وهو صبي في الثانية عشرة من عمره لمدة ثلاث ساعات يومياً في فترة المساء , خصص منها ساعتين كاملتين لدرس الحساب.
كان مستر هيدلي كريماً جداً معها حول المبلغ الذي سيدفعه لها مقابل تلك الدروس . فكرت ميلاني أن بإمكانها تدبر امرها بهذا المبلغ إضافة الى مدخراتها القليلة لبينما تعود إلى عملها في المدرسة . كما انه سيكون لديها الوقت الكافي لتعمل على اتمام كتاب والدها اثناء النهار.
في هذا الوقت كانت ميلاني وجيزيل قد دخلتا إلى المنزل .
- ان مدفأة حجرة الجلوس قد خمدت فيها النار . هل تريدينني ان اشعلها قبل ذهابي إلى النوم ؟
- لا , فأنت تبدين متعبة يا جيزيل . باستطاعتك الذهاب للنوم وأنا سوف أتولى ذلك. قالت ميلاني بعطف.
- لقد خرجت من منزل كورين متأخرة عن موعد الباص واضطررت للعودة سيراً على الأقدام لأنني لم أرغب بانتظار الباص التالي لساعتين اخريين . كما انني لم أتوقع عودتك اليوم . قالت جيزيل وهي تتثاءب.

- إذهبي أنت يا جيزيل فأنا لا اشعر بالنعاس وسوف اعمل قليلاً في كتاب والدي. لقد كنت أساعده في كل شيء ولابد ان أنجح في هذه المهمة .ريحانة
- اما أنا فسأذهب للنوم . لقد اشعلت لك المدفأة في غرفتك قبل عودتك من المزرعة . تصبحين على خير يا عزيزتي .
كان قد مضى على ميلاني حوالي الساعتين وهي تحاول الكتابة دون جدوى , فقد كانت افكارها تقودها تلقائياً وبصورة لا شعورية إلى أدوارد.
حاولت التركيز على العمل فلم تستطع ان تكتب سوى بضعة كلمات . رمت القلم من يدها وفكرت بأن تعد لنفسها كوباً من الحليب.ريحانة
- إنني حقاً حمقاء !. قالت لنفسها وهي تخرج من الغرفة .
في هذه اللحظة سمعت طرقة على باب المنزل , فتجمدت في مكانها وهي تظن انها تخيلت ذلك. لكن الطرقة تبعها طرقات متتالية , في باديء الأمر شعرت بالخوف وتساءلت عمن يكون الطارق في هذا الوقت المتأخر من الليل .منتديات ليلاس
ربما يكون احد الجيران وقد حدث شيء ! فكرت بذلك وهي تتوجه بخطى ثابتة لتفتح الباب.
اصابها الذعر عند رؤية الشبح الطويل الواقف بالباب. تمالكت نفسها وحدقت بوجهه علّها تتبين ملامحه في الظلام. لم يخطر لها أن تضيء النور قبل توجهها إلى الباب.
قفزت من مكانها عندما سمعت صوته يقول :
- ألن تدعيني للدخول ! لم أتوقع الوقوف هكذا ببابك في هذا البرد القارس بعد ان قطعت كل هذه المسافة .منتديات ليلاس
نظرت إليه بصمت عاجزة عن الكلام للحظة ثم هتفت بصوت خافت :
- اوه أدوارد !
- أهذا كل ما باستطاعتك قوله !
ازاحت جانباً ودعته للدخول ثم تطلعت بحذر باتجاه غرفة جيزيل .
- هل هناك أحد آخر في المنزل؟
- اجل إنها جيزيل . المربية . لم أكن أتوقع حضورك في ...

قاطعها قائلاً:
- هذا مما يؤسف له . فقد كان عليك توقع مجيئيء في أي وقت .
لم تنبس بكلمة وقادته إلى حجرة الجلوس ثم اغلقت الباب وقلبها يضرب بشدة .
- تعالي الآن واخبريني كم أنت مشتاقة إليّ . قال أدوارد وتناولها بين ذراعيه وقبلها بحرارة .
بعد دقيقة أو أكثر أبعدها قليلاً واخذ يتفحصها, وقد بدا لها أكثر جاذبية وسحراً عما كان عليه قبل يومين .
حاولت استجماع قواها وسألت متلعثمة:
- كيف جئت إلى هنا؟
- بسيارتي طبعاً وقد أوقفتها في باحة المنزل الخلفية .
قال بسخرية ثم سألها :
- لم خدعتني بهذه الطريقة ؟
لم تجب ميلاني . كانت تشعر بالسعادة تغمر قلبها وهو يجرها إلى الأريكة مقابل المدفأة ويجلسها فوق ركبتيه .
- والآن اخبرني كيف وجدتني ؟. سألت ميلاني بصوت خافت .
- ما الذي دعاك إلى الإقدام على مثل هذه الحماقة , فقمت بتقديم نفسك على انك كارين ؟ ان معظم الناس لا يفرقون بينك وبين توأمتك ولكن ...
- كيف عرفت بأنني لست كارين ؟ . سألت ميلاني بسرعة .ريحانة
- لقد شككت بأمرك عندما قبلتك. كنت متيقناً انه لم يسبق لأي شخص أن قبلك من قبل. لكنني لم أصدق ذلك وظننت بأنك تتظاهرين بالسذاجة لكي تمنعينني من الاقتراب منك. صممت على التأكد من الأمر أكثر فإنني كما أخبرتك قد سبق ورأيت شقيقتك كارين مرتين لكنني لم أتحدث إليها .
ساد الصمت قليلاً قبل ان يتابع :
- كانت إمارات الرعب التي بدت عليك تلك الليلة غريبة للغاية. كما أن هناك أشياء تفوهت بها بطريقة عفوية جعلتني أشعر بالحيرة أكثر. فحاولت معرفة ذلك منك, لكنك كنت متكتمة جداً, لذا عدلت عن ذلك وفكرت ان أحاول اكتشاف الأمر والتأكد بنفسي.
- هل تعني بذلك تأجيل موعدك معي لتقديم الكتاب ذلك المساء؟

- أجل يا حبيبتي , لقد قدمت الكتاب ذلك المساء لشقيقتك كارين وكنت على معرفة بعودة وليم تلك الليلة فلقد اتصلت بالمنزل واخبرني رئيس الخدم بعودته من فيينا وخروجه لأمر هام. عندها قررت الحضور إلى المنزل لمقابلتك . فكان ان خدمني الحظ ولمحت شقيقتك خارجة من احد الفنادق الكبرى في الثامنة والنصف فتبعتها فوراً حيث توقفت بها السيارة امام المدخل الخلفي لمنزلها فتريثت قليلاً ثم دخلت المنزل عند التاسعة .
- هل كنت تعرف بوجودي هناك قبل ذلك الوقت ؟
- لقد قال رئيس الخدم اثناء الاتصال الهاتفي بأن سيدته موجودة عندما اخبرته انني ابن عم السير وليم وسألني ان كان هناك شيء هام اود ابلاغه للسيدة كارين لأن السير وليم لا يعود الى المنزل قبل الثانية عشرة والنصف عندما يكون لديه عمل هام. ساورني الشك أكثر حول وجود امرأتين باسم كارين .منتديات ليلاس
- هل أردت مقابلتي عند ذاك أم مقابلة كارين الحقيقية ؟
- لقد فكرت بهذه الحقيقة . ومن أجل ذلك تريثت في الدخول إلى المنزل على أمل ان من ستقابلني كارين وليس أنت لأنني شككت بوجود شيء يجعل كارين تدخل من المدخل الخلفي لمنزلها وهي تخفي وجهها.
ارتكبت ميلاني وخافت ان يكون أدوارد قد افتضح أمر كارين ورآها مع كارل. وصممت على عدم التطرق إلى هذا الموضوع . وكما لو أن أدوارد قرأ أفكارها فأضاف :
- إن أمر كارين كان يهمني فقط لجهة معرفة وجود شقيقة لها تشبهها إلى حد بعيد . وكان ان وضعت الكتاب أمامها على الطاولة بطريقة عفوية فلم تلقي إليه ولو بنظرة عابرة . عندها قررت أن ألعب لعبتي فربما تكونين قد اخبرتها بشيء. فقلت لها , هاك الكتاب كما وعدتك يا سيدتي . فارتبكت وأبدت عدم معرفتها بي أو بأمر الكتاب . تأكدت حينها في وجود توأم لها . ففي باديء الأمر أنكرت وجودك , لكن عندما اخبرتها بأنني حصلت على المعلومات التي اريدها عن طريق جديها وأن باستطاعتي اللجوء إلى دائرة الأحوال الشخصية للتأكد من هذا الأمر ولا فائدة من تضييع الوقت , خافت وباحت لي بمكان وجودك وعنوان المنزل.
- هل حقاً حصلت على هذه المعلومات عن طريق جديّ. سألت ميلاني بدهشة .
- أية معلومات ؟
- حول مكان ولادة كارين .منتديات ليلاس

فقهقه ضاحكاً ثم قال :
- لقد اضطررت للجوء إلى الكذب كي انتزع عنوانك وكان الأمر كما توقعت فأخبرتني عن مكانك . كان عليّ الإنتظار حتى صباح اليوم التالي لكي استخرج رخصة الزواج وأقابل الشخص المسؤول عن نشر كتابي الجديد. بعد ذلك كان عليّ ايضاً تلبية دعوة للغداء على شرف سفير الهند الجديد كنت قد تعرفت به اثناء وجودي في بومباي والتقيته بعد عودتي إلى انجلترا ودعاني على الغداء . لم استطع يا حبيبتي المجيء مبكراً أكثر من ذلك فلم أكن أعرف أن المسافة إلى هذه القرية طويلة جداً, كما انني لم استطع الإنتظار حتى الصباح التالي فقد خفت ان تضيعي مني مرة أخرى.منتديات ليلاس
- كيف كانت درة فعل كارين ؟
- ضحكت طويلاً بعد ذلك وقالت انك ماكرة أكثر منها وهي ترسل لك تهانيها كما وأنها ستكون إشبينتك . فغداً ستعودين معي إلى لندن وبعد غد سنذهب لنعقد زواجنا . وسوف تكونين معي أينما أذهب.
- لم تسألني حول هذا الأمر ! . قالت ميلاني مكشرة بمرح .
- حسناً, باستطاعتي تلافي ذلك فوراً . هل توافق حوريتي على الزواج بأدوارد تيلور الذي يحبها بشدة ؟
وسرعان ما لفت ميلاني ذراعيها حول رقبته وقبلته .
- هذا جيد كبداية . اما الآن فلا تقولي انه يوجد فندق ما في القرية وأن باستطاعتي ان امضي ما تبقى من الليل فيه لأنني لن امتثل لذلك.
ترددت ميلاني قائلة :
- ان جيزيل نائمة في غرفتها فما الذي ستقوله فيما لو استيقظت فجأة ورأتك هنا؟
- بإمكانك ألا تزعجيها الآن . دعيها في نومها الجميل واحلامها , وغداً تخبريها بكل شيء.
- حسناً, يمكنك ان تنام في غرفة والدي, وأنام أنا في غرفتي.
- هيا بنا إذن يا حبيبتي .
قال ذلك وحملها بين ذراعيه , وعندما حاولت الاعتراض همس في أذنها :
- لا تحاولي التسبب بالإزعاج لئلا توقظي مربيتك . والآن باستطاعتك ان تدليني إلى غرفة والدك.