- لقد اعجبني طبعاً! .
قالت ميلاني بتلعثم , فهي تجهل تماماً عن أية لوحة يتحدث , فأسمعت بضربات قلبها تتسارع وسيطر عليها الخوف مرة اخرى وسارعت في تغيير الحديث فسألت :
- هل زرت احد معارض الفن في فيينا هذه المرة ؟
- لا ليس هذه المرة, فهناك موجة من الفن المعاصر قد اجتاحت اوروبا كالفن التجريدي وغيره . إنني شخصياً لا احب هذا النوع من الفن ابداً ولا اقدره . اعتقد ان هذا النوع من الفن لا يقيد بأية قواعد ثابتة ومعروفة .منتديات ليلاس
وصعدا معاً السلم حيث توجد غرف النوم . كان قلب ميلاني يخفق بسرعة كبيرة وما أن توقفا امام باب غرفته حتى قال لها :
- لقد كنت رائعة الجمال يا عزيزتي اليوم , وقد استمتعت حقاً بتناول العشاء برفقتك وسأنظم اوقاتي من اليوم فصاعداً لقضاء أكبر وقت ممكن إلى جانبك .
- شكراً لك. اجابت ميلاني بحياء دون ان يفارقها شعور القلق والخوف اللذين استوليا عليها .
وفتح السير وليم باب الغرفة وذراعه لا زالت تحتضن كتفيها . وفكرت بأن تتهرب من الدخول إلى غرفته فقالت :
- عليّ كتابة بعض الرسائل , والإتصال بشقيقتك لأبلغها حول قدومي والإستعداد لهذه ...
فقاطعها بلطف:
- لديك الوقت الكافي يا عزيزتي , فصديقاتها لن يأتين قبل العاشرة , ولا زال لديك متسع من الوقت , فدعينا نمضي القليل منه معاً.منتديات ليلاس
ودفعها برفق إلى داخل الغرفة, وحالما وقعت عيناها على السرير الضخم القائم في وسط الغرفة استولى عليها الجزع فحاولت الجلوس على المقعد القريب من السرير, وتقدم السير وليم وفتح الخزانة , وبعد ثواني اغلقها واستدار عائداً إلى ميلاني وقد شع بين اصابعه بريق عقد ماسي يخطف البصر.
شعرت ميلاني بأصابعه على رقبتها من الخلف وهو يقفل العقد ثم يمسك بيدها ويجرها باتجاه المرآة . ارتبكت بشدة عندما رأته في المرآة واقفاً خلفها وقد أشرق وجهه فرحاً وإعجاباً, ثم انحنى ليطبع قبلة على رقبتها , فاستدارت بسرعة قائلة :
- اوه , شكراً لك يا عزيزي , إنه رائع.

وتذكرت ما أخبرتها كارين عن كرهه للون الأسود فأضافت :
- إنه ملائم تماماً للثوب الحريري الأسود.
فأجاب السير وليم بحدة :
-انت تعرفين انني أكره هذا اللون بشدة .
- آسفة , لا تغضب . كنت فقط أتساءل عما أرتدي لسهرة الغد!
- ارتدي ما تشائين عدا هذا اللون . قال ذلك وامسك بيدها ومشى بها إلى السرير قائلاً . تعالي يا عزيزتي واجلسي إلى جانبي لأخبرك كم أنت فاتنة .
واستلقى على السرير واجلسها الى جانبه وهو لا زال يحتضن يدها , واخذ يتأملها بشغف ثم ترك يدها ليتلمس وجنتيها بنعومة ويمسح شعرها برفق وقد اغمضت عينيها كي لا يلمح خوفها وبدأت تفكر بحيلة تمنعه من التمادي أكثر. وفي هذه اللحظة شدها الى صدره بنية تقبيلها , فلم تعد تعي شيئاً وأغمي عليها بين ذراعيه .ريحانة
حمل السير وليم ميلاني إلى غرفة كارين ومددها على السرير وضغط زر الجرس فحضرت ميراي بعد ثوان واجرت لها الإسعافات اللازمة لانعاشها .
كان السير وليم لا يزال واقفاً امام السرير وميراي تمسك بيد ميلاني لحظة افاقت من إغمائها فاقترب منها قائلاً بقلق:
- كيف تشعرين الآن ياعزيزتي ؟ هل اطلب لك الطبيب؟
واجابت بصوت خافت :
- لا , شكراً لك , إنني بخير.
وحاولت النهوض فمنعها والتفت إلى ميراي قائلاً :
- إبقي معها . ولو حصل شيء فاتصلي بطبيبها الخاص فوراً.
وسكت ثم أضاف :
- إنني مرتبط بموعد هام يا عزيزتي ولا استطيع الغاءه , لكن اعدك بأنني لن أتأخر .
ومشى باتجاه الباب وفتحه بتردد ثم التف إلى ميلاني ونظر إليها بحنان قائلاً :
- هل أنت متأكدة أنك بخير؟
اجابت بهدوء :
- اجل إنني بخير تماماً, وسوف أنام مبكراً.
- هذا أفضل , لكن غداً يجب ان يراك الطبيب . تصبحين على خير يا عزيزتي .
وخرج من الغرفة وأغلق الباب بهدوء .والتقت نظرات الفتاتين في ابتسامة صامتة .ريحانة

بعد فترة من الوقت سمع صوت سيارة امام المدخل الأمامي فأطللت ميراي من النافذة لتشاهد السير وليم يخرج بسيارته من البوابة فالتفتت إلى ميلاني قائلة :
- لقد خرج سيدي, سأتركك قليلاً لأتفقد جناح الخدم علّ سيدتي كارين تكون قد عادت .
- حسناً يا ميراي . اتمنى ان تعود كارين وينتهي هذا الكابوس , فلقد طال كثيراً.
وتنهدت :
- آه, كم أحن للعودة إلى القرية وإلى جيزيل .
لم تعلق ميراي بشيء وغادرت الغرفة . في تمام التاسعة سمعت ميلاني نقرة على الباب ودخلت الخادمة سالي لتخبرها بأن الخادمة الجديدة وصلت وهي موجودة في جناح الخدم. فابتهجت ميلاني لكنها خافت من ان تكون سالي قد احست بشيء فسألت :
- هل تكلمت معها ؟
- لا يا سيدتي, فقد ادخلتها ميراي إلى غرفتها .
- اجل , لقد خبرتني ميراي ان الخادمة الجديدة من اقاربها .
وفكرت ميلاني ان تبعد سالي عن جناح الخدم لئلا تكون كارين آتية إلى غرفتها . فقالت لها :
- إذهبي واعدي لي كوباً من الحليب واتركيه في المطبخ فسوف تأتي به ميراي فيما بعد. بعد ذلك باستطاعتك الذهاب في اجازتك . اتمنى لك وقتاً ممتعاً.
- شكراً يا سيدتي , هل تريدين شيئاً آخر ؟.
- لا , شكراً لك.منتديات ليلاس
وتنفست ميلاني الصعداء كمن أزاح عن ظهره حملاً ثقيلاً. بعد ثوان دخلت عليها ميراي قائلة :
- لقد عادت سيدتي كارين .
- اجل يا ميراي لقد اخبرتني سالي بذلك وهي تظنها الخادمة الجديدة وقد ارسلتها الى المطبخ . هيا بسرعة اخبري كارين ان تأتي إلى غرفتها .ريحانة
- إنها تنتظرك هناك . وقد بلغت سائقها الخاص ان ينتظرك بالسيارة عند المدخل الخلفي للمنزل كما امرتني .
- إن الخادمة سالي قد تدخل في أية لحظة إلى جناح الخدم ولدي اشياء اريد ان اخبر بها كارين.
- حسناً يا سيدتي سأخبرها بذلك .

واستدارت ميراي متوجهة إلى الباب الذي فتح فجأة ودخلت كارين إلى الغرفة وهي ترتدي معطف واضعة فوق رأسها خماراً اسوداً شفافاً. واقفلت ميراي الباب بسرعة وساعدتها على خلع المعطف.
- هل أنت بحاجة لكل هذا الوقت لارتداء ملابسك ؟
صاحت كارين بغضب فيما كانت ميراي تساعدها على خلع قبعتها وخمارها. كانت ترتدي تحت معطف ميلاني الرث ثوباً من الحرير الفاخر وظهرت على وجهها إمارات التعب والغضب.
اجابت ميلاني بحدة :
- هل اتعبك الإنتظار لدقائق؟ فماذا باستطاعتي القول عن ساعات الرعب التي امضيتها برفقة زوجك! وكيف تريدينني ان اذهب إليك وانت ترتدين ملابسي؟
وتدخلت ميراي قائلة :
- أنسيت يا سيدتي أن إجازة سالي تبدأ اليوم صباحاً وأنك من طلب منها تأخيرها لحين عودتك مساء!
فانتبهت كارين لغلطتها ونظرت إلى ميلاني قائلة :
- لقد اخبرتني ميراي عن عودة وليم مبكراً فقد كان متوقعاً حضوره عند الواحدة بعد منتصف الليل. هذا ما استخبرته وتأكدت منه عن طريق شركة الطيران التي يسافر على متن طائراتها . لكن لا ادري أي شيطان دفعه لتغيير برنامجه والعودة مبكراً. وبدت على وجهها إمارات تفكير عميق ثم قالت لميلاني بخوف :
- لكن اخبريني يا ميلاني , هل شك بأمرك ؟
- لا ابداً . طمأنتها ميلاني.منتديات ليلاس
- في أي وقت خرج من المنزل ؟ . سألت كارين .
- حوالي الثامنة والنصف . ردت ميلاني.
وتنفست كارين الصعداء وقالت وهي تشير بيدها :
- هيا هيا يا ميلاني , عليك الإنطلاق فوراً فلا داعي لبقائك هنا لحظة واحدة.
- لدي اشياء كثيرة أقولها لك.
- ليس لدي الوقت لسماعك الآن يا ميلاني .
اجابت كارين بلهجة جافة .والتفتت إلى ميراي قائلة :
- هيا ناوليها معطفها وقبعتها ورافقيها إلى الباب الخلفي.
- كارين يجب ان اتحدث إليك فلدي أشياء هامة أقولها لك حول مراسيم الدفن وما دار بيني وبين زوجك من حديث ...

لكن كارين قاطعتها وهي تخلع ثوبها :
- كل ذلك لا يهمني الآن يا ميلاني . فلا داعي للغوص في تفاصيل لن تجدي نفعاً .
قالت كارين وتوجهت إلى خزانة ملابسها وفتحتها واخذت تنظر إلى الأثواب الكثيرة المعلقة وبدأت بتقليبها .ريحانة
فكرت ميلاني ان مهمتها قد انتهت بالنسبة إلى كارين والوقت أصبح متأخراً جداً لتعود إلى القرية . وتخيلت ردة فعل جيزيل وهي تدخل عليها بعد منتصف الليل بساعتين , وبالطبع سيكون هناك أسئلة كثيرة توجهها إليها وليس لديها ما تخبرها به . فهي لن تستطيع ان تخبرها عما فعلته كارين , وعن الدور الذي قامت هي نفسها به . فقالت كارين :
- أليس باستطاعتي أن امضي الليل هنا وأرحل في الصباح الباكر؟
فالتفتت إليها كارين وصاحت :
- هل أنت مجنونة ! ان وجودك في هذا المنزل الآن يشكل خطراً علينا . ستقلك السيارة إلى محطة القطار, ومن هناك تنطلقين إلى ديربي.
وامسكت ميراي بالقبعة التي كانت ترتديها كارين ومدتها إلى ميلاني ثم التفتت إلى كارين قائلة بتلعثم :
- لكن يا سيدتي هل ... هل ستدعينها تذهب هذه الليلة ؟ ان الطريق إلى القرية بعيدة جداً وربما لا تجد تاكسياً يقلها من محطة ديربي إلى القرية .
القت كارين بنظرة إلى ساعتها :
- إنها التاسعة والثلث وباستطاعتها الذهاب فوراً.
انتبهت ميلاني فجأة إلى انه ليس بحوزتها ما يكفي من النقود لهذه الرحلة , فلقد جاءت إلى لندن برفقة كارين وبسيارتها الخاصة . وفكرت ان تقترض بعض النقود من كارين من اجل العودة إلى القرية.منتديات ليلاس
فيما كانت ميلاني تزرر معطفها ارتطمت اصابعها بالعقد الماسي الذي ألبسها إياه زوج كارين وهو يظنها زوجته , فخلعته على الفور وقدمته إلى كارين :
- هذا لك يا كارين ؟
التمعت عينا كارين وقهقهت قائلة بسخرية وهي تتناول العقد من يد شقيقتها :
- يبدو أنك اجدت التمثيل حقاً حتى ان وليم اهداك عقداً من الماس . رائع ! رائع يا عزيزتي , إنني على يقين من أن باستطاعتي الإعتماد عليك مرة اخرى .