لكن ماذا ستكون ردة فعل ادوارد لو صرحت له بالحقيقة وعلم انها ليست كارين زوجة السير وليم مالكولم, بل هي ميلاني غرين !
ما الذي يؤكد لها ان ادوارد قد احبها وسيتزوجها فيما لو عرف الحقيقة ؟
ان ادوارد لا يشعر بأية رغبة في الزواج , فهو رجل كثير الأسفار محب ويستحيل عليه اصطحاب زوجته معه في هذه الرحلات . فهو يفضل إقامة علاقات عابرة هنا وهناك لا تقيد حريته وحبه للترحال , كما فعل معها , أي كارين , فيمكنه ان يصبح عشيقاً لها , ولم تخطر بباله فكرة الزواج.
لا , قالت ميلاني في نفسها , إنه حلم جميل وعليها مهما كلف الأمر ان تستفيق منه . لكنه ستواظب على قراءة كتبه ومؤلفاته فتكون مصدر الفرح الوحيد في حياتها الروتينية في القرية النائية . وتتذكر إلى الأبد حرارة قبلاته ولمساته.
وامتلأت عيناها بالدموع وشعرت بانقباض في قلبها . لم تفارق صورة ادوارد خيال ميلاني حتى وصولها إلى لندن . ريحانة
توقفت السيارة اخيراً امام منزل كارين . ودخلت ميلاني المنزل وما ان وطئت قدميها الدرجة الأولى للسلم بادرها رئيس الخدم :
- انني سعيد بلقائك يا سيدتي , لقد اتصل سيدي مساء امس واخبرته انك اضطررت للبقاء في قصر اللورد بسبب العاصفة الثلجية .
- هل هناك شيء؟
- لا يا سيدتي فهو يبلغك تحياته .
وحمدت الله على انها لم تكن في المنزل عندما اتصل زوج كارين , ونظرت إلى رئيس الخدم قائلة :
- سأصعد إلى غرفتي وأرجو ان تبعث إليّ بميراي .
- إنها بانتظارك فوق, لكن هل ترغب سيدتي في تناول الغداء في خلوتها ؟
- افضل ذلك , شكراً. إنني متعبة بعض الشيء .
واضافت بعد لحظة صمت :
- ان السيد ادوارد تيلور سيأتي لزيارتنا في المساء.
- حسناً يا سيدتي , هل تفضلين استقباله في الصالة ؟
- اجل, أفضل ذلك .
قالت ميلاني وهي تصعد السلم متوجهة إلى غرفتها . واحست بقشعريرة للقاء ادوارد في المساء . الصالة الكبيرة هي أفضل مكان للقائهما على غرار صالة قصر اللورد الفضية .

كانت الخادمة ميراي تنتظر ميلاني في غرفتها فبادرتها ميلاني عندما اغلقت الباب :
- هل اتصلت كارين ؟
- لا يا سيدتي, هل قمت برحلة ممتعة ؟
- لقد كان كل شيء على مايرام .ريحانة
وساعدتها على نزع معطفها دون ان تكف عن الكلام .
- لقد احضرت لك بعض الملابس يا سيدتي .
- إنك في غاية اللطف.منتديات ليلاس
وأوشكت ميلاني ان تقول لميراي بأنه لم يسبق لكارين أن فكرت بها وبأحوالها من قبل وبذلك فإنها ترفض كل ما تقدمه إليها , لكنها كانت على يقين من أن كارين لا تستطيع ان تقدم لها اشياء تفضل الاحتفاظ بها , فعدلت عن هذه الفكرة , ذلك لأنها بحاجة ماسة إلى هذه الملابس.
اجابتها ميراي كأنها قرأت ما يجول في خاطرها .
- ان سيدتي تملك عدداً كبيراً من الأثواب .
قهقهت ميلاني وسألت :
- هل تملك كارين بذلة خاصة بركوب الخيل لم تعد بحاجة إليها , ذلك انني اركب في بعض الأحيان حصان أحد المزارعين في القرية , فقد صغرت عليّ بذلتي واصبحت قديمة .
- لم أكن اعتقد أنك بحاجة لمثل هذه البذلة , فإن سيدتي تملك عدداً كبيراً منها ولم تعد ترتديها كلها .
- هل لي إذاً أن آخذ احداها !. سألت ميلاني بحياء.
- دعي الأمر لي . قالت ميراي بكل لطف . سأرتب لك في إحدى الحقائب كل ما تحتاجين إليه , ان سيدتي لا ترتدي الثوب أكثر من مرة او مرتين على الأكثر .منتديات ليلاس
- يصعب عليّ تصديق ذلك ! . اجابت ميلاني بدهشة .
هزت ميراي كتفيها واجابت :
- إن سيدي يعتبر من كبار الأغنياء في لندن ويحرص على ان تظهر بمظهر لائق دائماً.
وعاونتها ميراي في هذه الأثناء على خلع ملابس السفر قائلة :
- ليس عدلاً يا سيدتي ان تقيمي في قرية صغيرة وترتدي مثل هذه الملابس الرثة بينما تقيم شقيقتك في افخم القصور وتلبس أفخر الملابس.

ففضلت ميلاني عدم التعليق على هذا الكلام.
دخلت ميلاني إلى خلوة شقيقتها المعطرة لتناول طعام الغداء وهي تفكر بكارين التي تملك كل تحتاج إليه من الناحية المادية , لكنها تفتقر إلى السعادة , فهي تعيش إلى جانب رجل يكبرها سناً ولا تكن نحوه اية عاطفة , ولم تنجب منه اطفال .
ودون ان تغيب كارين عن مخيلتها تناولت ميلاني طعام الغداء اللذيذ بكل شهية وقالت في سرها "علها تجد السعادة يوماً وتعود إلى رشدها " وتذكرت ما كانت تسمعه عن الحياة الإجتماعية في لندن وعن كثير من الناس الذين يعيشون لأنفسهم وملذاتهم .
إن شقيقتها كارين تنتمي إلى هذا النوع من الناس . وتذكرت ادوارد فقد كانت لديه نفس الفكرة , فكرة التمتع بالحياة وملذاتها مهما كان الثمن .
بعد الغداء وجدت ميلاني في غرفة كارين كومة من المجلات فاستلقت على سرير كارين المريح وامضت بعض الوقت في القراءة حتى غلبها النوم .

نهاية الفصل

الفصل السادس

كانت الساعة الخامسة عندما افاقت ميلاني من قيلولة ما بعد الغداء سمعت نقرة خفيفة على الباب ودخلت ميراي لتخبرها بأن السير وليم قد عاد وانه يرغب برؤيتها. فشحب وجه ميلاني وتملكها الرعب من لقاء زوج شقيقتها , فقد اخبرتها كارين بأن زوجها لن يعود قبل الثامنة مساءً , وفي ذلك الوقت تكون ميلاني قد غادرت لندن . ولما لاحظت الخادمة اضطرابها , قالت مطمئنة :
- ان سيدتي قد تأتي في أي لحظة .
- لكن ماذا لو اكتشف زوجها بأنني لست كارين .ريحانة
- لا اطمئني فأنا واثقة من انه لن يميز بينكما . ويحسن بك ان تغيري ملابسك الآن .

- هل ... هل سيأتي إلى هنا؟ . سألت ميلاني بخوف.
- وماذا في الأمر؟!
- لقد عاد مبكراً عن موعده , ولكن ماذا لو عادت كارين الآن ؟
- لا تقلقي, فسيدتي ستدخل من الجهة الخلفية للمنزل إلى غرفتي الواقعة عند طرف جناح الخدم القريب من الحديقة الخلفية, وهناك ايضاً ممر يفضي إلى هذا الجناح مباشرة , وستنتظر هناك لحين مغادرتك فلديها مفاتيح الأبواب , وستخرجين أنت ايضاً من نفس الطريق وسأطلب من السائق ان ينتظرك امام البوابة الخلفية ليوصلك إلى المحطة.
- وماذا لو رآها أحد وهي داخلة إلى جناح الخدم , او رآني وأنا خارجة ؟
- سوف يظنها الخادمة الجديدة الآتية لتحل مكان سالي التي ستذهب في إجازتها هذا المساء. اما أنت فسوف يظنونك سالي . وسالي نفسها فسوف تخرج من الباب الأمامي , وابتسمت امام دهشة ميلاني واضافت :
- ان الخدم في مثل هذا الوقت من المساء يكونو مشغولين في انحاء القصر , وجناح الخدم خال تماماً.
شهقت ميلاني قائلة :
- اوه , إن كارين قد فكرت بكل شيء.منتديات ليلاس
وفكرت ميلاني فيما كانت ميراي تساعدها في ارتداء احد أثواب كارين وقد أنهت تصفيف شعرها , بأن ادوارد لم يخبرها عن الوقت المحدد لمجيئه إلى منزل كارين . وتمنت ان تصل شقيقتها قبل وصوله.منتديات ليلاس
في هذه اللحظة سمعت حركة خفيفة امام الباب ثم نقرة على باب الغرفة وفتح الباب ليدخل رجل مسن, طويل القامة , أشيب الشعر , صارم الملامح. وخارت قوى ميلاني واحست بنوع من الدوار , لكنها تمالكت اعصابها وسيطرت على نفسها وحاولت الابتسام .
وخرجت ميراي متمتمة باعتذار , وتقدم السير وليم من ميلاني قائلاً:
- هل فاجأك وصولي باكراً يا عزيزتي ؟ لقد رتبت أموري لإنهاء كل اعمالي وتمكنت من العودة اليوم .منتديات ليلاس
واحتضنها بين ذراعيه محاولاً تقبيلها , لكنها بحركة عفوية ازاحت وجهها قليلاً فجاءت قبلته على خدها .واستجمعت كل قواها وقالت بصوت متهدج :
- إنها حقاً مفاجأة جيدة ! هل ... قمت برحلة ممتعة ؟