المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
قصه الخيال العلمى والغموض آثار الماضى
لم أكن أدرك أن أحداثآ رهيبه كانت تنتظرنى عقب إستقبالى
تلك المكالمه العجيبه وكأنى فتحت بابآ مؤدى للجحيم .. كنت
قبلها رائق البال مبتهجآ بصحبتى مع رنا وهى سيده وحيده
فى العقد الثالث مليحه فاتنه ذات قوام رشيق ولافت بمنحنياته
جارتى الجديده فى الشقه المقابله.. قابلتها على السلم
تحمل شنطه ثقيله بعناء .. ولأنى شهم وأقدر الجمال
عاونتها وتم التعارف سريعآ حتى أنها طالعتنى على عقد
الشقه خاصتها لتستفسر عن بعض الأمور خاصه بعد
معرفتها بأننى محامى .. ولأنى شهم وأقدر الجمال عاونتها
على فهم ما أغلق عليها .. وفى نهايه الأمسيه شكرتنى على
مساعدتى .. فقلت لها – لا داعى لأى كلام فأنا شهم وأقدر
الجمال .
بخبث تساؤلت- وإن لم تكن جميله ؟
بتلقائيه قلت – لن أكن شهمآ .
ضحكت وتعددت لقاؤاتنا وأصبحت يوميه وأنتقلت من طور إلى طور ..
وبعد سهره طويله سألتنى عن زيجتى السابقه؟
- نسيتها .
- وهدفك الآن ؟
- اللهو .
نعود للمكالمه والتى بدأت بصوت وكأنه يأتى من بئر سحيق – حضرتك عمر السيد العطار المحامى .
- أنا هو .
- أخيرآ .. لقد نجحت .. أنا لا أصدق نفسى .
- ولا أنا ؟ ! .. خير ؟
صوت هواء كثيف تبعه صمت مطبق ثم أتى صوت عميق يسألنى بحماس – اليوم هو الثلاثاء 12 ديسمبر لعام 2020 .. أليس كذلك ؟
- هو أنت تائه؟! .. العنوان خطأ .
- أرجوك أجبنى .
- تمام كما قلت .
- وكم الساعه من فضلك ؟
يبدو أنه مقلب سخيف .. ولولا أنى فى مزاج رائق لأنهيت معه المكالمه مع سيل من الشتائم التى لم تدون فى القواميس بعد ..
- الساعه يا سيدى الفاضل العاشره والربع مساءآ.
بلهجه يقينيه صارمه – إذآ لا تفزع من الزلزال القادم .. هزه قويه ولكن لن يتأثر المنزل أو العقار بأدنى ضرر .
- أوه .. حضرتك مندوب من هيئه الزلازل الدوليه أنا عندى عتاب عليكم .. المره السابقه الهزه كانت ...
وفجأه أرتج المكان بهزه عنيفه كدت أن أسقط أرضآ لولا أنى تشبثت بجدار المكتبه السميك .. لحظات ثم سكن الأمر فجأه وكأن لم يحدث شىء من ثوان .. سقطت على أول كرسى صادفنى كنت مرتعبآ ودقات قلبى تدق بعنف وجنون.. كأنه كابوس غامض مر فى لحظه خاطفه .. دققت النظر المكان عاد لوضعه الأصلى مستقر .. ساكن .. ثابت .
وسمعت صوت الرجل الغامض يأتنى من الهاتف النقال المتشبث بيدى صارخآ-أكمل معى المكالمه أرجوك .
سألته برهبه وقلق – كيف عرفت ؟
- أنا أعرف أمورآ كثيرآ فى حكم الغيب عندك .
- من أنت ؟ ! .. الشيطان ؟!
- لا تقفز لإستنتاجات خاطئه .. ستعرف كل شىء فى المكالمه القادمه ولكن لكى تتيقن أكثر من مصدقيتى سأخبرك بأمورمستقبليه هامه.. أولآ فى مجال البورصه
هوايتك الإستثماريه أشترى أسهم شركه ....
ثم تفرع لأحداث سياسيه هامه سوف تحدث خلال الأيام المقبله.. وأختتم بنتائج المباريات القادمه وكأنها نشره إخباريه من المستقبل المجهول .
ثم صمت قليلآ ثم قال – موعد مكالمتى القادمه معك يوم الجمعه القادم .
- تمام .
- فى الساعه العاشره مساءآ.
- طيب .
- وإحدى عشر دقيقه
- أممممممم
- وثلاثون ثانيه وأربعه أجزاء من ال.....
- لااااا .. هذا يكفى .
وأنهيت المكالمه وأنا فى قمه الحيره والخوف.. كسجين فى بئر لا قرار له .
...........................................................
و.... جاءتنى مكالمته التاليه فى الموعد المحدد ..
- هل تيقنت أنى أعلم المستقبل؟ !
- أنت الشيطان .. هذا هو التفسير الوحيد.
- أنت تجهل الأمر فقط .
- أى أمر ؟ من أنت ؟!
- أنا حفيدك وأدعى نور .
- حفيدى! .. أمازن الذى فى الثالثه من عمره تزوج وأنجب .. اللعين لم يدعنى على حفل زفافه سأوبخه على ذلك بالتأكيد والدته هى التى أصرت على .....
- أرجوك يا جدى .. لاداعى للهزل .. فأنت لن تتخيل كم الوقت والجهد اللذان بذلا لكى تحدث تلك المعجزه العلميه وأستطع السفر عبرالزمن والتواصل معك .
- أنت مجنون بالتأكيد.. هذه خدعه بالتأكيد.
- لقد أيقنت بنفسك أنى أعلم المستقبل لأنه ببساطه تاريخ بالنسبه لى .
- هذا جنون .. أنا لا أصدق .
- تذكر معرفتى بتوقيت الزلزال بالظبط .. وأسهم البورصه الصاعده .. ونتائج المباريات المختلفه طوال الاسبوع الماضى .. دعك من الريبه التى تشوشر على تفكيرك وستستنتج الحقيقه بنفسك .
- أى حقيقه ؟!
- أنى نور حفيدك وأنت جدى الثالث .
- الثالث من أيلول! .. اللعنه فى أى عام أنت ؟
- عام 2120.
- يا سيدى .. وإستعمرتوا القمر ولا لسه .
- ليس هذا هو موضوعنا.
- إذآ أدخل فى صلب الموضوع لأنى لحظات وسأنفجر .. أريد أن اعرف ما سبب أتصالك الكريم بنا من المستقبل وبذل الجهد العظيم كما تدعى .. تريد الأطمئنان على صحتى مثلآ .. أنا بخير وثوان وسأصاب بجلطه .!
- أريد منك ألا تقتل سها عزمى .
هزتنى عبارته رغمآ عنى وجعلتنى أتجاوب معه بإهتمام حقيقى متخطيآ مشاعر الحيره والريبه والغضب
وسألته بإستغراب – ومن سها عزمى ؟! .. أنا لا أعرفها .. ولم أقابل سيده بحياتى تدعى بهذا الأسم .
ثم أستدركت بعنف – وانا لست بقاتل أيها المعتوه .
- هذا للأسف واقع قد حدث .. هذا تاريخ بالنسبه لى كما قلت لك .
- واقع أنى قتلت.. قبل أن أقتلها هنا بالفعل .. ما هذا الهراء؟
- يمكنك الآن تصحيح الأمر .
- محاوله ثانيه مثل ألعاب الفيديو .. أنا أريد ثلاثه مع خاصيه الطيران و....
- رجعت مره أخرى للهزل .
- الانسب لهذا الجنون ..
- لازال عندك الأمر ليس بواقع لذلك تواصلت معك لكى نستطع منع حدوث الجريمه والتى وقتها يوم الجمعه القادم فى فيلا نائيه فى المقطم .
- فيلا بالمقطم ؟!.. الأمر يزداد غموضآ .. ومع ذلك الأمر سهل سأحبس نفسى فى الشقه يوم الجمعه حتى لا أقتل تلك السيده المجهوله فى الفيلا المجهوله كما يدعى الحفيد المجهول فى اليوم المعلوم .
- فكره عظيمه.. ولكن الاوقع منع نفسك من معرفتها .. ومن أى علاقه طوال هذا الاسبوع .. فتفاصيل الجريمه شحيحه للأسف فى أرشيف الجرائد القديمه ويبدو أنها لم تأخذ حيذ من الإهتمام وقتها .. كل المكتوب أنك كنت على علاقه معها غير شرعيه وأختلفت معها لسبب ما فقتلتها .. ولا يوجد أى تفاصيل عنها سوى أسمها وسنها .
- كلامك حكيم ! .. وطبعآ حكم على بالإعدام ؟
- لا .. أنت أنتحرت بعدها فى الفيلا .
- آه هذه نهايه أفضل وأكثر شاعريه .
- أرجوك أحبس نفسك فى شقتك طوال الأسبوع .
- عندى إقتراح أفضل .. تدخل أنت بنفسك فى الأحداث وأمنع الجريمه وأكشف الغامض من الأمور .
- للأسف الأمر أعقد مما تتصور نظرآ لحداثه التجربه ومحدوديه الإختيارات بسبب ظروف عديده .. ولحسابات دقيقه فليس من المتاح التدخل الفج فى نهر الزمن فنتائجه ليست معروفه حتى الآن .
- طيب هعديها ..السؤال الأهم .. لماذا تحذرنى ؟!
- لأن ما فعلته فى الماضى آثر على حياتى فى المستقبل .
- كيف؟!
- فى السنوات الأخيره من زمنى الحاضر أصبحت العلوم هى المكون الأساسى والوحيد والنهائى للمجتمع مع إستبعاد أى قيم أو تقاليد أو نظريات تقليديه وإدارته وترشيده فى إطار علمى محكم .. فالعلم مكتف بذاته .. ومن ضمن النظريات العلميه تم تطبيق الحتميه البيولوجيه فى مجال حمايه المجتمع من الجريمه ..
فالعلماء المتخصصون حسموا أن الجينات لها دورأساسى فى جعل الأشخاص مؤهلين للقيام بأعمال إجراميه.. فعند الرجال الذين يجنحون للعنف طفره وراثيه على الصبغى إكس – وهذه أبحاث موجوده فى زمنكم ولكن تم تطويرها وإعاده صياغتها مع التطور والتراكم التكنولوجى فى زماننا - وأن تلك الطفره تقع على الجينه المسئوله عن إنتاج إنزيم أوكسيداز أحادى الأمين .. وبما أن الجينه تقع على الصبغى إكس الذى توجد لدى الرجال نسخه واحده فقط يكون هم أكثر عرضه للمعاناه عن النساء .. وهذه الطفره للأسف قد ورثتها منك فى التاريخ الجينى للعائله .. وهنا تكون أول قرينه للإشتباه بك ثم يبحثون فى التاريخ الأسرى فإذا وجدوا حالات عنف سابقه كحادثه القتل خاصتك ..
فى هذه الحاله يقومون بإتخاذ تدابير أمنيه وإجراءات إحترازيه إجتماعيه تجاهك ..على سبيل المثال وليس الحصر .. فأنا محروم من الترقى لمناصب مرموقه فى الدوله رغم شهاده أساتذتى العلماء بعبقريتى ونبوغى العلمى ولكنى محكوم على بسبب جيناتى وتاريخى الأسرى .. ستقول أنه ظلم بالتأكيد ولكنهم يروا أننا فى أول التجربه .. والتجريب هو أساس المعرفه .. والتغير هو جزء عضوى من منهج العلم نفسه .. لذلك ربما يختلف الأمر فيما بعد .. أما الآن فأنا مع غيرى أتجرع نيرانها .. لذلك طرأت على رأسى تلك الفكره المجنونه وبعد خمس سنوات من التجارب السريه نجحت وأستطعت السفر عبر الزمن
والتواصل معك – وهذه تجارب محرمه علميآ –وأخيرآ أنت الوحيد الذى فى يديه فك آسرى من تلك القيود الحتميه .
- اللعنه .. ما كل هذا الهراء !.. حتميات وجينات !.. إن كنت قد فهمت كلامك العجيب هذا جيدآ فأنت فى المستقبل المبهج فى حكم السجين لفعل لم تفعله بل بسبب جيناتك وجريمه قتل من قرن .. أى مستقبل هذا .. إننا فى نعمه إذآ رغم كل هذا السواد .
- أى تقدم له ضحايا .
- والضحيه الدائمه ..الإنسان .
- على الأخص .. روحه .
- إذآ الحل النهائى للمشكلات لم يوجد بعد .
- ولن يوجد .. صدقت حديثى إذآ .
- رغم ما بالأمر بأكمله من غرابه ولكنى بدأ قلبى فى الميل لتصديقك .. إذآ إنفكاك قيدك محسوم بعدم إرتكابى لجريمه القتل المزعومه.
- نعم.. وأرجو ألا تخيب أملى لأى سبب .
- لا تقلق فأنا لست جزارآ ..أرجو المره القادمه أن يكن اللقاء بيننا وجهآ لوجه .
- للأسف هذه ستكون آخر مكالمه بيننا لظروف وتعقيدات لا داعى لشرحها .. وكنت أرجو أن يكن اللقاء بيننا كما تريد ولكن لحداثه التجربه أخترت التواصل هاتفيآ .. فلازلت غير مدركآ للنتائج المترتبه على هذا التدخل فى نهر الماضى .. وأرجو أن تكن إيجابيه .
- إذن هذه هى النهايه .. لا مكالمات أخرى .. ولا أرباح جديده من البورصه ولا تنبؤات أخرى .
- للأسف .. ولكنى على يقين بأنك ستنجح يا جدى .
- رغم أن كلمه جدى تثير أعصابى وجنونى إلا أنى سأنجح من أجلى وأجلك ومن أجل المستقبل .. مارأيك فى هذا العنوان !
- أنا على يقين من نجاحك .. وداعآ يا جدى عمر .
- أنت مصر إذآ .. وداعآ أيها الحفيد .. وداعآ يا نور .
لست أدرى لما أجتاحنى هذا التأثر والحزن مع عبارات الوداع رغم غرابه الموقف بأكمله .. ولكن شعور بالفقد أعتصر قلبى ورددت مكررآ .. سأنجح من أجلك .
.........................................................
حبست نفسى داخل الشقه .. رغم يقينى بأنه رغم ما يمكن أن يحدث فمن المحال أن أرتكب جريمه قتل .. هناك خطأ ما .. ولكنه نبأ من المستقبل .. لذا على أن أهرب من الخطر الغامض وأن ألتزم حتى ينتهى هذا الأسبوع .. الهروب طريقتى المفضله فى إداره الصعب من حياتى .. طلقت زوجتى وأبننا لم يبلغ عامه الأول .. هربت من المسئوليه متمتعآ بعلاقات بلا كلفه أو ثبات كعلاقتى الأخيره برنا التى أسهر معها سويآ كل ليله فى شقتى ..هى التى تبدد ملل الليالى السقيمه والأفكار القلقه .. سألتنى عن سبب إنعزالى فى الشقه الأيام السابقه؟..
فأجبتها ضاحكآ – نبؤه الحفيد .
- أنا لا أفهم شيئآ .. تكلم بجديه .
- بيات شتوى لنهايه الأسبوع .
- لما؟
- لهزيمه الحتميه البيولوجيه بالضربه القاضيه.
- أنت غريب هذه الأيام .
وفجأه وأثناء حوارنا العابث جاءتنى مكالمه من أيمن الصياد صديقى الحميم والمحامى المعروف وصاحب مكتب المحاماه الذى اعمل فيه .. كان غاضبآ أو يتظاهر بالغضب فأننا نعرف بعضنا منذ الطفوله ..
عاتبنى على غيابى الأيام السابقه.. وأخبرنى أنه يدرك أنى أتظاهر بالمرض وهذا ليس وقته .. وليس وقت اللهو .. فالمكتب لديه إجتماع هام غدآ - يوم الخميس - من أجل قضيه المحاسب طارق إبراهيم ويلزم حضور جميع أفراده.. وأنت تعلم مدى أهميه تلك القضيه وخصوصآ أن خصمنا هو محامى الشر زكى نجيب .
حاولت أن أعتذر وتعللت بأكثر من حجه ولكنه ألح وأصر ولم يكن أمامى أى حل .. فوافقت على مضض وقلت لنفسى أن الخطرالغامض يعتبر قد أنتهى ..ولم يتبق سوى يوم.. ومن المستحيل أن أقتل فتاه مجهوله تمامآ بالنسبه لى لأى سبب خلال تلك المده القصيره.. وبالإضافه إلى هذا فأننى سأذهب للمكتب وأحضر الإجتماع ثم أرتد للمنزل دون الأنحراف لهنا أو هناك .. إذآ لا خطرعلى الإطلاق.
أغلقت المكالمه ممتعضآ وسألتنى رنا عن السبب ..فقلت لاشىء .. أبتسمت نحوى إبتسامتها الفاتنه وسألتنى عن أيمن الصياد .. قلت لها أنه صديقى منذ الطفوله وهو من أهم المحامين الآن .
ناولتنى كأسآ وقالت بدلال – السهره فى بدايتها وأود سماع حكايتكما.
– كما يحلو لكى .
............................................................
وصلت المكتب فى الموعد مرهقآ فقد قضيت سهره طويله بصحبه رنا .. تحدثنا طويلآ ولهونا كثيرآ حتى الفجر تقريبآ .. وقفت عند الإستقبال قلقآ وقلت لنفسى يا لها من بدايه .. إذ كانت هناك وراء المكتب موظفه جديده .. كانت سمراء تتميز بملامح هادئه دقيقه .. أبتسمت إبتسامه مرحبه عند رؤيتى وقالت – صباح الخير يا أستاذ عمر .
نظرت لها كمحقق متمرس وسألتها بذكاء – أنت موظفه جديده أليس كذلك ؟
- تم تعيينى منذ يومين .
- أسف كنت متغيبآ لظروف ولم نتعارف .. ما أسمك ؟
- دينا رجب.
- نجوت إذآ .. أنت تعريفينى .
بخبث سألتنى – أنت لا تتذكرنى إذآ ؟
- أنا آسف لذلك .. ولكن وجهك مألوف بالنسبه لى .
- لكنى أتذكرك فأنت محامى معروف .
- معذره .. متى تقابلنا ؟.
- إنها ذكريات بعيده ويبدو أنك نسيتها .
- أنت تتلاعبين بى .
- أبدآ.
- إذا سيكن بيننا حوارآ مطولآ فأنا شهم وأقدر الجمال
- أعلم ذلك .
أختتمت حديثى معها مرغمآ حتى لا ألفت الأنظار بوقفتى الطويله معها وأتجهت لغرفتى ناويآ أن أتأكد من شخصيتها عن طريق إطلاعى على أوراق إلتحاقها بالوظيفه .
فور دلوفى من الباب نظر لى حمدى – صديق الغرفه –نظره متفحصه .. كان فى أوائل الأربعينات .. ضخم الجثه متوسط القامه يمتلك كرش عملاق كالمدفع يبرزه لأصدقاءه قبل أعداءه .. وجه بشوش ولكنه جاد وصارم
سألنى – سهره جديده ؟
- لا جديده ولاقديمه .
ثم سألته عن الموظفه الجديده فقال لى بسخريه وهو يرتب أوراق عديده ويضعها فى حافظه سميكه – أنت شهيتك مفتوحه من أولها .
- أبدآ .. أنا مستغرب فقط .
- الأستاذ أيمن – صديقك – طرد الموظفه السابقه لأنه شك فى بعض تصرفاتها يظن أنها تم تجنيدها من طرف زكى نجيب للتجسس علينا .
- أظنه إرتياب ليس فى محله على الإطلاق .
- كل هذا بسبب قضيه المحاسب طارق شغلنا الشاغل .. وأعتقد أنه عنده حق فزكى نجيب خصمنا اللدود شخصيه قذره ولن يتورع فى فعل أى شىء .
وهنا أستأذن عم مرزوق الساعى للدخول ووضع لى كوب القهوه المركز الذى طلبته منه على مكتبى ثم أخبرنا أن الأستاذ أيمن قد حضر ويطلبنا فى غرفه الإجتماعات بعد ربع ساعه.
............................................................ .....
كان على رأس المجلس أستاذ أيمن الصياد فى أوائل الأربعينات طويل القامه .. رشيق.. نظراته الحاده تجعل له هيبه واضحه بصوته المجلجل وفصاحته العظيمه .. رغم صغر سنه أثبت نفسه وسط عتاوله المحامين الكبار فى مصر ..
وعلى يمين المجلس جلس طلعت بصلعته وملامحه البارده فى أوائل الخمسينات و فى الطرف الآخر جلست أنا وحمدى متجاورين ..
بدأت الجلسه بتلخيص واف لأحداث القضيه عن طريق الأستاذ أيمن .. وأكد قوه موقفنا وخصوصآ مع إمتلاكنا المستندات التى تدين خصمنا رجل الاعمال محمود العلايلى والتى أستطاع موكلنا – المحاسب طارق –
الحصول عليها قبل أن يفصل من عمله ويقوم رجل الاعمال بالزج به فى قضيه إختلاس وإهدار مال عام .
ثم أكمل .. وهذه المستندات الهامه سنبنى من خلالها إستراتيجيتنا فى الدفاع وأعتقد أن محامى الشر – زكى نجيب يدور حول نفسه لأنه يدرك أن موقف موكله ضعيفآ للغايه وربما ستكون غايته الوحيده هى أن يشكك فى صحه أوراقنا .
.. ننعته بمحامى الشر .. لأن أى قضايا فساد أو أخرى مشبوهه تجده ينوب للدفاع عن أصحابها ..
يبدو أنى شردت قليلآ ولم أنتبه لأيمن وهو يوجه الحديث نحوى فلكزنى حمدى فأنتبهت معتذرآ ..
وهنا قال طلعت بلزوجته المعتاده معرضآ بشرودى- هذا هو دوره الهام فى كل قضيه .
- ليس هذا من شأنك .
- طبعآ .. فأنت صديق الأستاذ .
وهنا دق أيمن على المنضده بقبضته وبدأ بصوته الجهورى فى تحديد مهام كل شخص فى القضيه بعدها إنفض المجلس فأنفردت بحديث ودى معه تطرقت فيه لأمور عديده من ضمنها الموظفه الجديده ثم ختمت الحديث بالإستئذان منه للمغادره ووافق بعد تبادلنا دعاباتنا المألوفه.
............................................................ .....
أتجهت بالسياره نحو المنزل مطمئنآ أن اليوم قد مر بسلام وفجأه أعترضت سياره فان طريقى بطريقه حاده وسريعه فضغط على الفرامل بطريقه آليه صارخآ فى قائدها بأبشع السباب .. وفجأه نزلا منها ضخمان وفى لحظات معدوده لم يدركها ذهنى كنت مقيدآ بجانبهما داخل الفان وعلى فمى كمامه سميكه وأنطلقت بنا وأنا فى حاله من الذهول والخوف عميقه .
حملانى الضخمان كطرد نحو فيلا نائيه بعد أن توقفت الفان عندها وأنا أحاول مقاومتهما فى بؤس دون جدوى.. قام أحدهما بربطى فى عمود فى أقصى الرواق التى تتزين أنحاءه بتماثيل برونزيه .. وقف أمامى قائد السياره الفان وهو ربعه القوام غليظ الملامح تبرز من فمه أسنان صفراء كالحه خلع الكمامه التى تسد فمى فسألته ثائرآ وأنا أحاول الملاص من قيدى – من أنتم يا ...... ؟
أشغل سيجارته وقام بنفخ دخانها فى وجهى ثم سألنى فى حده – أين سها عزمى ؟
- من تقول ؟!
- ألم تسمع ؟
- إن هذا للغز! ..
- لما ياترى ؟
- يتردد أسمها من المستقبل والحاضر وأنا لا أعلم عنها شيئآ.
- ياه .. ألا تعرف جارتك الجديده ؟!.
- من تقول ؟!
- يكفى كل هذا الهراء ! .. لقد كنا نعلم من البدايه أن نقطه ضعفك هى النساء.. لذلك أرسلنا إليك سها وهى زكيه وفاتنه وبإمكانها أن تقع بأقوى الرجال فى مصيدتها .. وكنا نظن أنك صديق وفى وليس من شيمك أن تبيعه ولو بأغلى النقود وللأسف كان ظننا خاطىء وياليتنا علمنا ذلك من البدايه لكنا سلكنا معك الأمر بصوره واضحه بدلآ من اللفه الطويله .. ولكن خمسه مليون دولار مبلغ باهظ .. هذا طمع كبير حتى ولومقاطع الفيديو تهمنا وبها نلوى عنق صاحبك أيمن .. وأنا هنا مندوب من الباشا فى حل الأزمه بشكل سلمى وعقد مساومه مناسبه تفيد كل الأطراف .
سقط حديثه على رأسى ككارثه مميته وبدأت الأمور تتضح رويدآ .. لقد تم الزج بتلك اللعينه نحوى من طرفى زكى نجيب بهويه مختلقه من أجل البحث عن نقطه ضعف فى ماضى أيمن لتسديد ضربه قاتله نحوه ولا يوجد أفضل من شخصى لأجل هذا .. فأنا صديقه منذ الطفوله ..
ولقد أستدرجتنى الأمسيه السابقه للحديث عن علاقتى معه وسقطت بلسانى بسبب الخمر وكشفت لها عن سهرات الصبا واللهو .. ويبدو أنى أظهرت لها الموبايل القديم والذى يحتوى على عده تسجيلات ولقد نصحنى بشده فى مره بضروره مسح تلك المقاطع ووعدته بذلك وأخبرته فعلآ أنى مسحتها ولكنى لم أفعل وكنت أعرف داخلى أنى لن أفعل ذلك فكان من المحبب لنفسى رؤيته - فى وقاره وعظمه كيانه الحالى - فى ماضيه مثلى تمامآ عابثآ لاهيآ .. اللعنه على نفسى .. لقد دمرته ودمرت نفسى وسقطت فى الظلام الأبدى .. يا لسخريه القدر .. لقد كانت أمامى سها طوال الوقت وأنا لا أعلم هذا .. لقد خانتنى وخانتهم .. إنها تستحق الموت وبأبشع طريقه .. أنا متأسف يا نور .. يبدو أنه قدر لا مفر منه
- أين مكانها ؟
- أنا لا أعلم عنها شيئآ .
- يبدو أنك تريد الأسلوب الآخر . قالها وهو يكور قبضته
- أضرب كما تحب .. أنا أستحق أكثر من ذلك .
- كما تحب .
وفجأه أرتفع رنين هاتفه النقال .. رد بإهتمام وبصوت خافت بكلمات بسيطه وطوال المكالمه كان ينصت بتركيز ثم أغلق هاتفه وقال لى – يبدو أنك كنت صادقآ
قلت له بخفوت – لايهم .
غادر الفيلا بصحبه الضخم الاول أما الآخر فظل على مقعده يراقبنى بصمت .
............................................................ ..
وصلوا فى الليل وبصحبتهم سها ألقوا بها على الأرض كخرقه باليه تحت قدميى .. لقد أصبحت بقايا إنسان.. ماذا فعلوا بها ياترى لتصير بتلك الحال .. شعرت بالإشفاق نحوها رغم مايعتمر صدرى نحوها من غل وحقد .. نظرى نحوى قائد السياره بتشف وقال- آسف تأخرنا عليك قليلآ ولكن يمكن القول الآن أن الأمر كلل بالنجاح الساحق .
سألته والمراره تطفح على روحى – وما معنى هذا ؟
- لقد أنتهى أمر صديقك الأخرق وأصبح فى قبضه الباشا يفعل به كما يحلو له .. والفضل يعود لك بالطبع . قالها بتلذذ ليزيد من تعذيبى وإنهيارى الواضح .
ثم قال بلهجه مسرحيه – والآن حان وقت الحساب .. لقد أيقنا أنك لا دخل لك فيما حدث وتم خداعك كالأبله .. ولقد طار الخائن الأول رفيق تلك الحشره من شرفته ونال جزاءه .. والدور عليها هى .. ولأننى رجل عادل سأجعلك تقم بهذا الشرف وتنتقم لنفسك .. سيحرر رضا زراعك الأيمن .
وأشار إلى الضخم الأول فقام بتحرير زراعى الأيمن وقام الآخرفوقف عند جانبى الأيسر ووضع فوهه مسدسه على رأسى .. وقف قائدهم ورائى ثم وضع رضا المسدس فى قبضتى وسمعت صوت قائدهم من خلفى بلهجه آمره – إنها حشره تستحق ذلك المصير .. إقتلها حالآ .
وجهت مسدسى نحوها وزراعى ترتجف أما هى فكانت ذاهله عما يدور حولها .. ساكنه باهته ..
مشاعر متداخله تجتاحنى وصوت نور يهز كيانى المتهالك
أنزلت زراعى وتركت المسدس يفلت أرضآ وقلت – أنا لست بقاتل .
- إنه إختيارك . قالها ثم دوت رصاصه بجانب أذنى الأيمن هزتنى هزآ وفجرت رأس سها وأسقطتها جثه هامده .
وقف الرجل أمامى وقال بأسف مصطنع – أرجو ألا تأخذ الأمر بمحمل شخصى .. إنه العمل وحسب .. وفى الختام يجب أن يدفع أحد الحساب .. وليس أمامنا سواك .. ولقد رتبنا الأمر على تحميل شخصك المتواضع جريمه القتل تلك ثم سنتوجها بتدبير إنتحارك .
قالها وألصق فوهه المسدس فى جانب رأسى الأيمن .. الذكريات تتدفق أمام عينى .. أشعر بالأسف والندم ..لم أتصرف كرجل رشيد ولو لمره فى حياتى .. خيبت ظنون الجميع ..زوجتى وأبنى وصديقى .. سامحنى يا نور .. العزاء الوحيد هو أنى لم أفعلها حقآ .. لقد إنتصرت فى هذا ولكنه إنتصار سيدفن وسط أمواج الهزيمه الهادره .. إنتصار لن تعرفه إلا يوم أن نلتقيا فى العالم الآخر و...
دوى عنيف وصمت داهم أنا أغرق فى ظلام دامس وعميق .. لا نهائى ...
تمت بقلم .. عمرو يوسف أحمد .
|