اخذت تمزح وتقول أنت ربما كان اسم تارتوف في المسرحية الشهيرة لموليير او خائن بالانجليزية ...
قادها السلم الحلزوني للدور الأول من ناطحة السحاب والذي يشغله مركز تجاري فخم . وقفت عند دورة مياه النساء حتى تسوي شعرها وقد قررت ان تقدم لجيف وجهها الرسمي المحترف. ومع ذلك لم تكن تعرف بالضبط ما الذي دفعها ان تقوم بهذه الزيارة الشخصية له .
همست لنفسها إن الأمر يتعلق بالاعتذار عن مسلكها في هذه القضية . ولكن كيف يمكنها ان تفسر السبب في رطوبة العرق في كفيها وسرعة تزايد نبضها .
عبرت الباب الزجاجي الضخم واخذت المصعد إلى الدور السابع عشر وهي تحاول استعادة برودة اعصابها وتظاهرت بالهدوء الامبراطوري وهي تقدم نفسها إلى السكرتيرة .
- هل عاد السيد ديفيز ؟
- لقد عاد من دقائق ومع شخص . وإذا تفضلت بالجلوس فسأقوم بإخباره انك تنتظرين .
- لا داعي وشكرا. سأنتظر إلى أن يفرغ حيث إنني لم اخذ موعدا.
جلست على الأريكة وهي من الطراز الحديث للغاية واستغرقت في التأمل لذلك المنظر الذي امتد امام عينيها خلال الزجاج المطل على الشرفة.ريحانة
فجأة عبر خيال مألوف لها بهو الاستقبال في خطوات متراقصة رجراجة . إنها دون شك نفس المرأة التي فاجاتها وهي ملتصقة بجيف ليلة مطعم ويست ماركيز ! امام الصدمة لم تمنع باتريشيا من تأملها اما ذات الشعر الأحمر نفسها فقد بدا انها لم تلاحظ حتى وجودها ومرت من امامها وعلى شفتيها ابتسامة كبرياء. وجدت باتريشيا صعوبة في احتواء غضبها . منتديات ليلاس
إذن جيف ليس سوى مغو نذل للنساء ورجل سوقي يجري وراء ذوات الجيبات القصيرة . لقد أتت لتعتذر لجيف ولكنها الآن تجد الرغبة في ذلك وإنما كل رغبتها ان تقصف رقبته لذلك رأت من الحكمة ان ترحل قبل فوات الوقت وعندما اغلقت ذات الشعر الاحمر الباب وراءها قفزت باتريشيا واقفة . فرفعت موظفة الاستقبال عينيها عن المجلة التي كانت تقرأها .
- اوه يا آنسة ! لابد ان السيد ديفيز خال الآن .
- لابد ان ارحل وسأراه فيما بعد .
- يمكنني ان اعطيك رقم هاتفه إن احببت !
قالت باتريشيا :
- لا داعي لهذا التعب فعندي رقم هاتفه بالفعل .

نهاية الفصل

الفصل الخامس

كانت كارين غير ظاهرة وسط المطعم الإيطالي المزدحم لدرجة الانفجار. اخذت تلوح بيدها لتجذب انتباه باتريشيا وهي تنادي عليها والتي ظهرت في الردهة .منتديات ليلاس
شقت باتريشيا لنفسها طريقا حتى المائدة الصغيرة المغطاة بمفرش من القماش المربعات الحمراء والبيضاء ثم ألقت بنفسها على المقعد وهي منهكة .
- ماذا جرى يا عزيزتي ؟ إن منظرك لا يسر الناظرين !
ردت المحامية الصغيرة في تهكم :
- اتدرين ماذا يعجبني فيك؟ كياستك وكلامك الجميل!
- وماذا تريدين مني ان أقول , إنني أقول ما اعتقده وأراه . وما أراه ... أنت في حالة ! إنك ترتجفين تماما وتعضين شفتك و ...
- كفي من فضلك يا كارين لقد مررت بيوم صعب هذا كل ما هناك. ان القاضي لم يكف عن ترديد عبارته وموكلتي تقتل نفسها من البكاء في كل مرة ترى فيها زوجها السابق والذي كانت لديه الوقاحة ان يظهر وذراع صديقته معلقة بذراعه, لست ادري إن كنت تستطيعين تصور تلك اللوحة .
- لماذا لا تقولين لي الحقيقة يا باتريشيا ؟ لقد شاهدت الكثير من تلك المظاهرأنا وأنت ولم نتشارك في غرفة واحدة سنوات طويلة لتأتي اليوم وتحاولين ان تخفي عني أسرارك! وأنا اعرفك بما يكفي ان أدرك ان الامر اكثر من زيادة عبء العمل. هيا إذن خبريني بما يزعجك.ريحانة
- انت تتكلمين كطبيب نفسي حقيقي , لقد اضعت موهبتك الربانية .
- ليس تماما . إن مهنة التدريس ليست بعيدة عن العلاج النفسي للمجموعات سوى انه في نهاية اليوم اصبح أنا التي تحتاج إلى علاج من الصدمة ! ولكن لماذا ابتعدنا عن الموضوع الاصلي , ماذا هناك ؟
قالت باتريشيا وهي تتظاهر بفحص قائمة الطعام :
- إنه جيف ديفيز .
- لقد كنت أشك في ذلك . اعرف جيداً انني لن انتهي من سماع اخباره !
- هذا صحيح , إنني اجد صعوبة في مواجهته مهنيا.
زفرت كارين :
- أعرف. منتديات ليلاس
قصت باتريشيا على صديقتها احداث النهار وجزءاً من شكوكها حول العلاقة بين جيف وذات شعر الاحمر.
- خبريني يا باتريشيا هل تعودت تناول الغداء مع العملاء؟
- نعم هذا قد يحدث ولكن لدي إحساس ان الأمر لا يتعلق بغداء عمل.
كان عليك ان تشاهديها وهي بين ذراعيه فما بالك بعقب السيجارة الملوث باحمر الشفاه داخل مطفأة سجائر سيارته ؟

- اعرف ان هناك ماء تحت التبن. ولكن هناك حلا سهلا لماذا لا تطلبي من هارولد ان يعفيك من قضية داريان ؟
- لا إطلاقاً وعلى جثتي ! انا مسؤولة اخلاقياً ومهنيا امام مارجريت لقد ضحت بكل شيء من أجل زوجها وابنتها والآن يريدون خداعها.
- لماذا طلقا؟
- ريك لا يفكر إلا في عمله وليست لديه ولا دقيقة يكرسها لأسرته وها هو الآن وقد نجح في حياته وعمله .
قطعت باتريشيا كلامها فجأة قبل ان تقول بصوت منخفض :
- لا يجب عليّ ان احكي هذا لأن ريك شخصية عامة و ...
- هيا يا باتريشيا انت تعرفين انني صامتة صمت القبور !
اعترفت المحامية وقد شعرت بالارتياح عندما رأت النادلة تحضر .منتديات ليلاس
- هذا حقيقي , في الواقع إنني تورطت كثيراً في هذه القضية وكوني ضد جيف زاد الأمور تعقيداً.
في رأيي الشخصي انت لست مدينة له بأي عذر , على اية حال فقد يكون قد حاول جاهداً وبنية خالصة ان يضغط عليك مستغلا عواطفك نحوه .
اجابت باتريشيا وهي تلتقط الشوكة:
- لست متأكدة من ذلك , على اية حال لم يكن هناك داع لان اتعصب واطلب منه الخروج ولكن من الصعب عليّ الآن ان اتحكم في اعصابي في وجوده .
- إنني انتظر ما سيكون عليه تأثير ذلك عندما تواجهان بعضكما امام القاضي .
- الحقيقة انني لن استطيع مواجهته ما لم اعتذر إليه لقد تجاوزت حدودي وانفعلت وهو ليس بالتصرف المهني المحترم وأنا مصرة على تصفية الموقف قبل الجلسة .
- حسنا ! ولكن ليس معنى ذلك ان تسارعي إلى مكتبه لتحقيق ذلك إلا إذا كنت ترغبين ذلك , لماذا لا تتصلي به بكل بساطة ؟
- هذا ما انوي ان افعله .ريحانة
- اتصلي به في بيته هذا المساء , هل هذا وعد ؟
- اوه لا ! لن أقع في الفخ.
احضرت النادلة الطعام وهجمتا عليه والتهمتا البيتزا في ثوان . قالت كارين وهي تلتهم آخر قطعة من البيتزا :
- لست ادري إن كنت سأتمكن من ارتداء الروب دي شامبر هذا المساء. في الحقيقة لقد وعدت ان تختاري الثوب الذي سأحضر به الحفل مع دوجلاس.
- إنني لم أنس ذلك .
- ولكن لا يبدو عليك الحماس.
- في الحقيقة إنني في حاجة ماسة إلى حمام ساخن.
- اعدك ان هذا لن يستغرق وقتا طويلا .
***
ظهرت كارين عند باب الحجرة وقد ارتدت ثوبا ورديا يظهر جمال جسدها وصدرها وسألت :
- ما رأيك في هذا الثوب ؟
- على الاقل سيلفت إليك الانظار ! بل يمكنك ان تنافسي به المعروضات الفنية .

قالت كارين وهي تشعر بالاحباط :
- إنه لم يعجبك , وأنا لست متحمسة له ولكنه يباع في التصفية .
- وهذا لا يدهشني !
- باتريشيا !
- اتحبين ان أكذب ؟
- لا ولكنه ملفت للنظر اكثر من اللازم اليس كذلك ؟ وافضل ارتداءه على الشاطئ صباح السبت القادم وهو مناسب جداً لطاقم المايوه الذي عندي.
- بشرط ان يظل في حالة جيدة ويصلح للبلاج صباح السبت يا كارين , انت متفائلة لا يمكن إصلاحها.
ردت قبل ان تختفي في حجرتها :
- وانا فخور بذلك. ريحانة
ضجت باتريشيا من الضحك , لقد كانت صديقتها تحب ان تكون مبهرجة وتلفت إليها الأنظار حتى انها لن تدهش لو شاهدتها يوما ما ترتدي زي مصارع الثيران واحيانا تحسدها باتريشيا على حياتها .منتديات ليلاس
وحتى تقطع الوقت التقطت باتريشيا مجلة من فوق المائدة المنخفضة وتصفحت بسرعة مقالاً يشرح الفروق في التصرفات بين الرجال والنساء ويرجع ذلك إلى اسباب هورمونية بحتة . ولما كان مزاجها لا يساعدها على التركيز استبدلت مجلة علم النفس بمجلة عن الفن واخذت تتصفحها وهي ساهمة وفجأة وقعت عيناها على وجه مألوف وصاحت :
- إنها هي يا كارين إنها المرأة التي شاهدتها في المطعم مع جيف ديفيز ! والتي خرجت من مكتبه أنا متأكدة من ذلك . إنها هي !
قالت كارين وهي تطل على المجلة :
- دعيني أراها اوه إنها فيفيان ايفانز .
- هذا ما يقوله الخبر ولكن من هي فيفيان ايفانز ؟
- نسيت انك لا تشاهدين التلفاز. إنها تلعب دور البطولة في مسلسل وسط العالم وهو من احسن المسلسلات في ايامنا هذه , لقد ارتفعت اسهمها بدرجة لا تصدق.
- أمر مثير !
- مثير للغاية , إنها منافسة رهيبة .
- ماذا تقولين ؟ إنني لست مهتمة بجيف لهذه الدرجة .
- أنا لا اصدقك يا عزيزتي , ولو كان ما تقولينه صدقا لما فزعت في مقعدك وانت تشاهدين صورتها . اعتقد انك ترفضين الاعتراف بعواطفك الحقيقية نحوه .منتديات ليلاس
- اسمعي يا كارين ! إنني أكرر انه مهما كان ما حدث او يمكن ان يحدث بيني وبين جيف فقد انتهى . وعلى اية حال لقد خدعت فيه, إنه رجل هذا الوسط ليس من نوعي المفضل , ألست متفقة معي ؟
- لست ادري ولكن قبل كل شيء أنت لا تعرفين هذه المرأة وعلى اية حال لو كنت في مكانك لن اتمنى ان تكون منافستي .
- لو كانت مكانك لذهبت لارتداء ملابسي.
- اوه ! يا إلهي ! لابد ان أسرع فإن دوجلاس سيصل في أي لحظة ولا اريده ان يقابلني هاكذا على أية حال طالما كنت موجودة.
اختفت مرة ثانية في حجرتها وعندما بقيت باتريشيا بمفردها لم تقاوم رغبتها في إلقاء نظرة اخرى على الصورة التي يقول التعليق تحتها فيفيان ايفانز زواج محترم . بعدها ذكر مقطع سريع عن مهنة الممثلة ذات الموهبة التي ليست موضع جدال وانتهى التعليق بهذا السؤال من هو الرجل الغامض الذي اختاره قلبها ؟

رغم كل ما بذلته من جهد فإن باتريشيا لم تستطع ان تمنع قلبها من ان ينبض بعنف وسرعة عندما ادارت رقم هاتف جيف واحست بارتياح عندما علمت من سكرتيرته انه اضطر لمغاردة المدينة لأمر مهم وكان عليها ان تؤجل كلمات الاعتذار التي اعدتها في ذهنها .
كان الأسبوع التالي رهيبا حيث احاطت سحابة من الحرارة والتلوث على سانتا مونيكا وكأنها غطاء ثقيل فوق سكان المدينة وعلى سلوكهم . ولكن باتريشيا كانت تعلم ان الجو السيء ليس هو المسؤول الوحيد عن حالتها المزاجية المعتلة وكان وجه جيف يطارها بلا هوادة .منتديات ليلاس
كانت عطلة نهاية الاسبوع أسوأ وحتى لا تدع نفسها تتسكع بلا فائدة فقد اخذت معها العمل إلى المنزل. ولكنها وجدت صعوبة بالغة في التركيز على الملفات . وفي الاسبوع التالي تابعت نفس الموال حيث اتصلت بجيف في مكتبه وسمعت نفس الرد وهو انه لم يعد بعد ومساء يوم الاربعاء بعد نهار مرهق خانق جلست امام مائدة المطبخ وعليها بقايا العشاء عندما رن جرس الهاتف قال جيف بصوت رقيق :
- لقد حاولت ان اطردك من ذهني ولكن بدون جدوى.
سألته بلهفة :
- هل عدت إلى لوس انجليوس؟.
- لا , أنا في كليفلاند , كيف عرفت انني رحلت ؟
- لقد اتصلت عدة مرات بمكتبك كي اقدم لك اعتذاري , وأنا آسفة لأنني احتددت عليك وقتها .
- اعتقد أننا نحن الاثنان قد انفعلنا دون أرادتنا وعندما يكون الجو مشحونا بالكهرباء فلابد ان ينفجر الموقف . إن هذه القضية وترت اعصابنا يا باتريشيا ولكني اقبل اعتذارك واعتقد ان الأمر يحدث دائماً عندما يتعرض مستقبل طفل للخطر مما يجعل الأمور أكثر حساسية .
- هذا صحيح والاكثر من ذلك ان مارجريت أم متفانية من اجل سعادة ابنتها .ريحانة
- وريك داريان ليس الوحش بلا قلب الذي تجدين السعادة في ان تتصوريه هكذا . ولكني اعتقد ان قضية داريان ليست السبب الوحيد في التوتر بيننا . ثم ربما أكون اتحدث عن نفسي وقد فكرت كثيرا الأيام الاخيرة , كيف الحال بالنسبة لك؟
تأثرت باتريشيا من نظرته الثاقبة للأمور لكنها مع ذلك ظلت في الوضع الدفاعي وقالت :
- افضل , وقد كنت مشغولة جدا وإن كنت في كامل لياقتي .
- لست ادري , ربما توقعت رد آخر , لقد اشتقت إليك يا باتريشيا.
- لقد سبق ان تحدثنا في ذلك يا جيف ولا تجعلني أكرر ما سبق ان قلته .
- وهل افقد الأمل في ان تغيري رأيك؟
- إنني لا اتراجع عن قرارتي .
- أي كلمات يا باتريشيا يجب ان اقولها حتى اجعلك تفهمين ان ما جرى بيننا لا يمكن اعتباره شيئا غير مهم ؟ منذ ان قابلتك اصبحت كجزء مني , حتى بعد ان افترقنا سادني إحساس بأنني على اتصال مستمر معك كما لو ...