- إذا كان لي ان احكم بعد هذه الضربات القليلة فإن ذلك يبشر بمباراة مثيرة .
استأنفا عملية الإحماء وقال جيف بعد عدة دقائق.
- أتودين القيام بمباراة ؟
- موافقة .
كانت لعبة البدء في كل مرة هي النقطة القوية لديها حيث كانت تلقي بالكرة تحت عيني جيف اليقظتين ثم تقفز في رشاقة حيث يتطاير الجيب الأبيض . مرت بسرعة فوق الشبكة , فقال :
- رائع , إنك لست رائعة في البداية فحسب..
صممت على ألا يشتت انتباهها بتعليقاته وإن كانت مثيرة للفخر . نظرت إلى الملعب المجاور وبعد بعض الضربات المتبادلة قال جيف :
- هل نبدأ؟
- موافقة .ريحانة
- أتختارين الملك أم الكتابة ؟
- الملك.
القى جيف العملة فاز بالبدء . لم تستطع ان تمنع نفسها من الاعجاب بجسد منافسها الرائع وبنيته الطويلة وساقيه ذواتي العضلات البارزة , سمعت صوته من بعيد :
- مستعدة ؟
اجابت بطريقة آلية :
- نعم .منتديات ليلاس
كان من الواضح انها لم تكن مستعدة لأن الكرة مرت كالريح عن يمينها دون ان تتحرك لتصدها .
- هل أنت واثقة بأنك كنت مستعدة ؟
صدت باتريشيا بدون مشقة البداية التالية, حاول جيف كرة عالية ولكنه فوجئ بصدها بطريقة رائعة .
فصاح :
- جميلة !
لم يستطع جيف ان يصد الكرة المرتدة منها وانتقل بدء اللعب إلى باتريشيا ونجحت في أول رمية ولكنها في الرمية الثانية ارسلت الكرة لتصطدم بالشبكة في ضعف فانتهز جيف الفرصة للتغيير.
اجبر بكرات طويلة ان تظل خلف الخط الخلفي وحاولت باتريشيا ان تجعله يبدل مكانه عن طريق ضربة حلزونية ولكن الكرة خرجت عن الخط بمقدار سنتيمترات قليلة .
اصبحت النتيجة خمسة عشر للكل , اهتمت بالفوز بالنقطة التالية حتى اصبحت النتيجة اربعين للكل . بذلت مجهوداً خارقاً في المجموعة الأولى وصاح جيف :
- يا إلهي ! انت امرأة تجيد اللعب الخاطف , هيا لن تستطيعي الفوز بآخر فرصة .
- أتحب ان تراهن ؟
استمرت المباراة دائما متعادلة لوقت طويل واحست باتريشيا بالمتعة الكبيرة وهي تلعب وكان كل منهما يتجاهل الآخر على ضرباته الناجحة ويضحكان معا على اخطائهما . وصلا في النهاية إلى التعادل في ستة أدوار وكان عليهما ان يلعبا الدور الترجيحي . كان على جيف ان يبدأ إلقاء الكرة وعندما استعد لذلك فجأة جرى ناحية الشبكة .منتديات ليلاس
- لدي فكرة يا باتريشيا ما رأيك ان نتوقف هنا عند نتيجة التعادل ستة للكل؟ ويمكننا الذهاب للاحتفال بعثوري على شريكة بهذه البراعة فهذا لا يحدث كل يوم كما تعلمين .

قبلت بحماس ولكن ما إن اصبحت داخل السيارة حتى استقرت عيناها مرة اخرى على عقب السيجارة الملوث بأحمر الشفاه وندمت على قرارها .
- كنت لا اعرف انك تدخن !
اجاب :
- هناك أمور كثيرة لا تعرفينها عني.
- كل ما هناك انني مندهشة بعض الشيء .
- لست فخوراً بذلك ولكن من وقت لآخر ادخن سيجارة حتى تسترخي اعصابي.
ودت باتريشيا ان تقول له هل وضع احمر الشفاه على شفتيه يرخي اعصابه ايضاً ؟! مد جيف يده دون ان يلاحظ مظهرها المستغرق في التفكير واغلق مطفاة السجائر.
قال لها :
- هل لديك اسئلة اخرى ؟
القت نظرة على الأريكة الخلفية واكتشفت عددا من الملفات , والكلاسيرات مبعثرة عليها الأمر الذي ادهشها لأنها كانت تتوقع ان يكون جيف رجلا منظماً قالت معلقة :
- من الواضح انك دؤوب في عملك.
- أتقصدين هذه الملفات في الخلف ؟ نعم لابد ان اعترف انني احياناً احمل العمل معي إلى البيت وأنت ؟
- افضل ان أقول لا ولكن هناك مسائل تشغلني أكثر من الاخرى .
- مثل قضية داريان مثلا؟
- مثلا.ريحانة
- ولم هذا يا باتريشيا هل هذه القضية مهمة لهذه الدرجة في نظرك؟
ودت ألا تكشف له عن الصداقة الحميمة التي تربطها بمارجريت داريان ولا عن الأسباب التي تجعلها تهتم لهذه الدرجة بقضية داريان ومن الأفضل ألا تجيب عن السؤال . ردت بسؤال :
- سأجيبك لو قلت لي لماذا بعد كل هذه السنوات يريد ريك داريان مد فترة حقه في الزيارة ؟
نظر إليها جيف نظرة ضيق:
- اسمعي ! إن ذلك المخلوق عمل كالحيوان حتى يصل إلى ماهو عليه الآن فليس من السهل ان يصبح مقدم برامج نجما مشهورا في التلفاز في سلسلة محطات على مستوى الأمة! والآن هو يشغل مركزا مريحا ويريد ان يكرس مزيدا من الوقت لابنته ألا تعتبرين ذلك أمراً طبيعياً؟
كان مسلك جيف قد تغير كلية . كان هدوؤه وعدم اكتراثه المرح قد تبدل إلى غرور شديد سبق ان اظهره في اليوم السابق في مكتب باتريشيا .
كانت تقلباته المزاجية تذكرها بمايك ودهشت من السهولة التي يثور بها فلم تنطق بكلمة . وساد صمت ثقيل يوتر الاعصاب . قال جيف وهو يضرب عجلة القيادة بقبضته :
- بحق السماء يا باتريشيا ! لقد اتفقنا على عدم الحديث في العمل خارج ساعات العمل , لقد افسدت مزاجي امس عندما ...
- أنا لا احب هذا التعبير !
- حسناً أنا اسحبه .
وقف جيف بالسيارة عند ساحة الانتظار امام احد المطاعم الصغيرة وكان يطل على منظر المحيط الرائع .منتديات ليلاس

- لننس كل هذا , هل يمكن يا باتريشيا ان نمتع أنظارنا بغروب الشمس؟
امسك بيدها عليها بحرارة فاحست بوخز في كل جسدها ولم تستطع ان تقاوم الرد على ابتسامته . على اية حال كانت مباراة الكرة متعة رائعة لا تقاوم كما انها لا تستطيع ان تقاوم المنظر الممتد امام عينيها.
كانت اشعة الشمس تغرق البحر باضواء ذهبية . كان من حظهما ان عثرا على مائدة في الشرفة حتى يستطيعا ان يتأملا هذا المنظر البهيج الذي يبعث راحتهما.
قال :
- لقد فكرت ان نحتسي مشروبا منعشا هنا قبل ان نذهب إلى المدينة .
مرة ثانية تضايقت باتريشيا من هذا النمط المعروف من الإغراء . ثم متى يكف عن اتخاذ القرارات بدلا منها ؟ قالت تذكره :
- لقد قبلت فقط ان ألعب معك التنس. كما إنني مشغولة هذا المساء.ريحانة
لم تحدد بالضبط ان مشروعاتها لهذا المساء تتكون من إعادة تسخين بيتزا مجمدة قبل ان تنام مبكرة .
- أنا آسف.
نظر إليها نظرة صبي ضبط وهو يرتكب خطأ مما أثر فيها وجعلها تندم على اللهجة القاسية التي استخدمتها معه . هذه أول مرة تكتشف نقطة ضعف في شخصية جيف .
سألته وهي تحتسي بعض عصير الفاكهة :
- ألست من مواليد لوس انجلوس ؟
- لا, لقد نشأت وكبرت في بوسطن .
بدا انه لا يميل للحديث عن نفسه وإن كان تردده هذا لم يمنع فضول باتريشيا .
- وفي اي مدرسة كنت ؟
- اوه , حسنا في الحقيقة لقد درست في عدة مدارس عندما كنت صغيرا كنت اصطدام دائما بالسلطات واعتقد انني كنت ممن يطلق عليهم المراهقون المشاغبون .
فكرت ان ذلك قد يفسر وجود اثار الجرح الذي فوق حاجبه الأيمن ويبدو ان جيف قرأ أفكارها :
- لقد لاحظت هذا الجرح , أليس كذلك ؟ إنه تذكار تلك السنوات التي قضيتها في سانت جيمس كنت متمرداً على والدي . كانا يغرقاني بالهدايا ولكنهما كانا ينسيان الأساس فقد كانا مشغولين تماما بعملهما او بحياتهما الشخصية عن ان يشغلا انفسهما بي وحتى اليوم كانت أمي تقضي معظم وقتها بين النادي للعب البريدج وموائد الرحمة للمساكين ولذلك ارتكبت الكثير من الحماقات لأجذب انتباههما ولكني في النهاية يئست .منتديات ليلاس
صمت جيف فترة ثم انطلق في الضحك وقال :
- ومع ذلك فالمرء لا يستطيع ان يحدد قدره . واعتقد ان جانب التمرد في هو الذي دفعني لاختيار مهنة المحاماة .
كانت حياة باتريشيا مختلفة عن حياته . كان عليها ان تعتمد دوما على أمها واخواتها البنات حتى انها احست بالتعاطف مع هذا الصبي الشقي الذي اهمله والداه . ولكن هذه العاطفة الجديدة اخافتها . إنها تخاف ان ترتبط أكثر من اللازم بجيف . أرادت ان تسحب يدها من يده ولكنها ابقتها سجينة .
- كان من الواجب عليك ان تخصص في القضاء الجنائي.منتديات ليلاس
ا

- هذا ما فعلته في البداية اترافع في قضايا جنائية . وهم يعتبرونني فريدا في نوعي لأنني ازاول كل شيء . ولكن بالنسبة لك لماذا اخترت دراسة القانون ؟
لم تكن باتريشيا على استعداد لأي سبب من الأسباب ان تكشف عن السبب الذي دفعها نحو هذا الطريق .
- اوه , أنت تعرف انني مثل بعض الناس احب مساعدة الآخرين .
نظر إليها متشككة ولكنه لم يصر.
- أرى من لهجتك انك ايضا لست من لوس انجلوس أم هل أنا مخطئ؟
ردت عليه وهي تضحك :
- ايه لهجة ؟ انت الذي لهجته غريبة , لا بل انت على حق لقد ولدت وترعرعت في شيكاغو ولكن اسرتي أتت لتستقر في كاليفورنيا عندما بلغت سن الحادية عشرة .ريحانة
لم ترغب في الحديث عن والدها ولا عن المأساة التي نتجت عن مصرعه وقالت :
- بعد الثانوية حصلت على منحة لدراسة القانون .
- لابد أن والديك كانا فخورين بك؟
اكتفت بأن قالت :
- نعم .
- هل لديك إخوة وأخوات ؟
- اختان صغيرتان وكلتاهما في الجامعة .
اخفت الجزء المتعلق بمصروفات الجامعة .
- لقد كنت محظوظاً عنك . لأنني الولد الوحيد وكثيراً ما أحس بالوحدة الشديدة . ولهذا السبب ربما عندما انتهيت من دراستي اردت إنهاء وحدتي فوراً.
- اوه , هل تزوجت ؟
- لا , لأنه هنا جاءت الضربة المؤلمة لي . لقد اردت الزواج ولكن كاتي كانت تكرر انها في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تتخذ قرارها . لقد عشنا معا سنوات عديدة ولكن في كل مرة احدثها عن الزواج وإقامة أسرة كانت تطلب مني الانتظار قليلاً . ثم من ثلاث سنوات تعرفت على احد زملائي وتزوجا منذ ستة اسابيع .
- هذا أمر لا يصدق !
استمر في الحديث في مرارة :
- من الواضح انهما سعيدان جدا والدرس المستفاد من هذه القصة هو ربما يجب عدم التردد عندما يحب الإنسان .منتديات ليلاس
تعمدت باتريشيا تجاهل نظرته المليئة بالمعاني الخفية .
- لست أدري , في مهتني أرى أعداداً كبيرة من الناس الذين يرتبطون دون ان يفكروا .
كانت تعلم ان الزمن لا يغير من الأمر شيئا فقد تزوج والداها بعد اسابيع قليلة من تعرفهما ورغم ان الألسنة السليطة توقعت انفصالا سريعا فقد استمر زواجهما مثالا يحتذى , غير ان هذه المحادثة جعلت باتريشيا تشعر بعدم الارتياح فألقت نظرة على ساعتها وقالت :
- يجب ان أرحل.
- هل تغيرين دائما موضوع الحديث عندما يزعجك الموضوع ؟
ردت باتريشيا وقد ازعجتها نظرته الثاقبة .
- ليس دائماً.

لم يلح جيف ودفع الحساب ثم ترك الاثنان المطعم. كانت الشمس قد غربت ولكن البحر كان يلمع كقطعة من الأحجار الكريمة. اخذت باتريشيا تتنسم عبير الهواء البحري واحست بيد جيف امسك بذراعها فجفلت بحركة غريزية , همس:
- أحب يا برتريشيا ألا تصديني .منتديات ليلاس
مرة ثانية اصبحت موزعة بين قلبها ولكنها لم تقل شيئا واكتفت بأن اخذت مكانها في السيارة . فهمت من طريقة خروجه بالسيارة من الجراج وطريقة قيادته ان هذا الصمت اغضبه . قالت بتؤدة :
- لقد قبلت ان ألعب معك التنس ولكن يبدو انك تريد ان تدفع الأمور أبعد من ذلك. لقد اخبرتك انني أرفض ان اخلط حياتي الخاصة مع عملي.
- ولكن لابد انك تحسين مثلي بتلك القوة التي تدفع كل منا نحو الآخر . لا يمكن ان اعتقد ان المشاعر غير متبادلة بيننا .
- من ناحيتي يا جيف لا استطيع ان انسى القضية التي تجعلنا متضادين وهي قضية ستؤثر بعمق على حياة ثلاثة اشخاص . ولا استطيع ان اخلط المشاكل من اجل مصلحة عملائنا اعتقد انه من احتمي ان نفصل علاقاتنا على الشكل المهني تماما . وصدقني ان هذا ليس سهلا علي . ولكني ارجوك دعنا لا نتحدث في هذا الامر .ريحانة
ظلا صامتين حتى وقفت السيارة امام العمارة التي تقع بها شقتها شكرت السائق وقفزت نحو بهو المدخل دون ان تلتفت وراءه.

نهاية الفصل