السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
اسعد الله مساكم جميع ..
و اخيرًا اقدر اقول وصلنا الأجزاء الاخيرة من الرواية .. باقي تقريبًا
7 اجزاء و ينتهي المشوار .. و تنتهي
قصص ابطالنا بكل دواخلهم ..
قصة كتبتها بكل روحي و اخذت من مشاعري الكثير بحكم إني اتخيل نفسي
داخل كل شخصية و اعيش شعورها و احداثها ..
و الحين اترككم مع الفصل .. قراءة ممتعة 💜🍃
الرقصة الخامسة عشر
مستلقية على الأريكة باسترخاء ، ذراع على عينيها و الآخر منبسط على بطنها ..
من يراها يعتقد بأنها غارقة في النوم ..
و لكنها كانت تدور بدوامة أفكار عديدة ..
لقد ذهبت اليوم إلى العيادة القريبة من بيت أهلها و اجرت تحليل الحمل و كانت النتيجة إيجابية ..
هي حامل ..
بعد أن ساءت أوضاعهم أصبحت حامل ..
هاتفت فهد و لم يصلها أي رد منه .. أرسلت له العديد من الرسائل و لم يرد ..
اخبرته بأنها تريده في أمر هام و كانت نفس النتيجة هي ما قابلها ..
تنهدت بتعب ..
تشعر بأنها كانت تدور في حلقة فارغة ..
و قد خرجت منها بعد أن استهلكتها بجنين ينمو بأحشاءها ..
لن تقول بأنها لا تريد فهد ..
و تعلم بأنه يريدها مهما قال و فعل ..
تريد أن تعتذر لشمعة و لا تعلم كيف ، فهي لم تعتذر بحياتها ابدًا ..
و إن حصل و اضطرت للإعتذار ، كانت تسلك طرقًا ملتوية ، لذلك هي لا تعرف كيف ستعتذر من شمعة ..
ماذا ستقول ! و كيف ستفعل ذلك ؟؟
لا تعلم ..
كما أن اختفاء فهد يقلقها .. ليس من طبعه أن يختبئ ..
لا تنفك أن تفكر هل أصابه مكروه ؟ لماذا لم يعد ؟
إذا كان غاضبًا منها لماذا لم يهاتف والدته ؟
لم يخبر شقيقته ؟
لماذا لم يترك أي خبر ؟؟
فلتت منها تنهيدة أخرى مثقلة بكل ما يعتمل بداخلها ..
حتى حملها لم تفرح به كما كان ينبغي ..
مترددة حياله ..
لا تعتقد بأنها ستكون أم جيدة ..
فهي لم تكن ابنة جيدة .. وليست بأخت جيدة ..
و ها هي الآن ستقوم بدور لم تقم به من قبل ..
دور الأمومة ..
ما معنى الأم ؟
هي لا تعرف ذلك ..
فهي لم يكن لديها أم مهما حاولت زوجة والدها أن تسد الفراغ و لكنها لم تصل إليه حتى ..
تعلم بأن الأم يعني الحب ، الحنان ، التضحية ..
و هي لا تملك أي منها ..
فهي لا تجيد الحب ..
ولا تفقه بأمور العطف و الحنان ..
أما التضحية فهي ابعد شخص عنها ..
الأمومة تعني الإحتواء و هي ذراعيها اصغر من أن تحتوي أي احد ..
فما بالها بطفل متطلب يريد كل شيء ..
و بجانب كل هذه المشاعر المضطربة فهي تشعر بشعور غريب ...
شعور بأن هناك مخلوق صغير لا يتجاوز حجمه حبة العدس يشاركها بجسدها ..
يتغذى منها ..
و بالمقابل يجب عليها تغذية نفسها جيدًا حتى لا تقع فريسة لفقر الدم كما أخبرتها الطبيبة ..
إذًا هو متطلب من الآن ..
يفرض وجوده على حياتها وهو لا يكاد يُرى ..
ارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة ..
غريبة كغرابة مشاعرها حينها ..
و لا تزال يدها تمسد بهدوء حان على بطنها دون أن تشعُر ..
،
منزوية عن الكل بمكانها المفضل في المستشفى .. عند مساحة المربع الصغير الذي يؤدي إلى باب السطح ..
إن سألها أحد هل أنتِ غاضبة ؟
ستصرخ بملء فيها أن نعم ..
أنا غاضبة و شعور بداخلي يأكلني من الغضب ..
فزوجي يُحب أخرى .. و اكتشف ذلك بمحض فضول ..
اكتشف ذلك بعد أن عُقد اسمي باسمه إلى آخر العمر ..
فأين كان فضولي عندما تقدم لخطبتي و قبل أن نرتبط برباطٍ وثيق !!
و تأتيها الإجابة ببساطة بأنه لم يكن يهمكِ لذلك لم يكن هناك داعٍ لفضولك سابقًا ..
و لكن بعد كل ما حدث بينهم هي أصبحت تهتم ..
و لم تضع برأسها بأنها ستجد ما وجدته ..
و عندما اعتمدت على كلامه بأنه يريد حياتهم واضحة ..
ذهبت بكل غباء و سألته ..
ماذا كانت تعتقد !! أن يبوح لها بسرٍّ كهذا؟؟
بالطبع لن يفعل .. فهو رجل ..
و الرجال لا يبوحون بمثل هذه الأمور ..
بل يتملصون منها كالزئبق ..
شتمت صراحتها و غباءها ألف مرة ..
زفرت بغضب و هي تطوي نقابها إلى جانبها و تعدل من وضع حجابها ..
تشتعل منه ولا تريد أن تراه ..
و هو لم يحاول التواصل معها منذ أن انتهت مكالمتهم ..
و حتى لو حاول التواصل لا تعتقد بأنها كانت سترد ..
فما بها من غيظ لنفسها يجعلها تريد أن تختفي من حياته و كأنها لم تكن ..
تريد أن تكون لا مرئية ..
فهي تشعر بحرج عظيم تجاه نفسها اكثر من حرجها منه ..
لقد هدمت حصونها بإرادتها بينما هو لا زالت اسواره مرتفعة ..
لم يهدّ شيء منها و هي من كانت تعتقد بأنه واضح جدًا ..
بينما هو عميق جدًا و يبدو بأنها تغرق ..
كما لو أن الموج قد جذبها من شاطئ أمانها إلى عمقه الخطِر ..
و قد سلمته نفسها طواعية ..
و ها هي تقاوم الآن لتنجو .. فهي لا تريد الغرق ..
لا زال مبكرًا على ذلك و لم تدركه إلا بالأمس ..
تشعر بأنها كانت بفقاعة حالمة و انفجرت فارتطمت بالأرض بقسوة ..
لقد اخذها ناصر إلى عالمه باسبوع و عدة أيام ..
صرخت بغيظ من نفسها وهي تضغط رأسها على ركبتيها الملاصقة لصدرها ..
ثوان و رفعته وقد تضرجت ملامحها من قلّة الهواء عندما كتمت ملامحها بسبب ضغطها لرأسها ..
اخذت انفاس صغيرة متتالية ثم تناولت هاتفها من جانبها ..
رن بـ اسمه فتراجع جسدها بدهشة .. هل شعر بها !!
بقيت تراقبه وهو يرن حتى انتهت المكالمة فزفرت براحة ..
لحظات و عاد اسمه بالظهور على شاشة هاتفها ..
نظرت إليه للحظات ثم حسمت امرها ..
فما حدث قد حدث ..
و عليها لملمة كرامتها و اظهار أن ما حدث لم يؤثر بها إلى هذا الحد ..
لم تكد تفتح المكالمة حتى انتهت ..
مالت شفتيها بسخرية و تمتمت : خيره ..
و لكنه كان مصرًا على مهاتفتها فقد عاد اسمه يزين شاشة هاتفها و هذه المرة قد فتحت الخط مباشرة ..
رفعت الهاتف إلى اذنها و اجابته ..
أغلقت الهاتف بعد ثوان و بعجلة أخرجت مرآة صغيرة تحتفظ بها في جيب المعطف الطبي ..
أخرجت ايضًا مرطب للوجه و آخر للشفتين ..
عدلت زينتها بشكل سريع ثم رتبت حجابها مجددًا ..
اخذت انفاس عدة وهي تشعر بالتوتر ..
لم تكد تستقر بجلستها حتى رأته يقف عند اسفل درجة ..
يبدو بأنه كان قريب منها أو انه قد استخدم المصعد ..
عانقت عينيها قامته الطويلة ..
شعره الخفيف المصفف بعناية ..
حاجبيه المرتبة و التي هي شخصيًا حاجبيها ليست مرتبة بل تأخذ ساعات بالعناية بها ..
عينيه اللوزية و التي تشارك بها مع دارين .. فيبدو بأنها وراثة ..
قطع تأملها ارتقاءه الدرجات ببطء فشتتت نظراتها بحرج ..
يبدو بأنها لم تعد تملك زمام نفسها ..
اعتدلت بجلوسها عندما جلس بجانبها و حاشرها في المكان الضيق ..
التزمت الصمت و فعل هو المثل للحظات قطعها بعد ذلك بسؤاله الجاد : ليش ما لبستي نقابش ؟ يمكن كان حد غيري !
جذبت نفس عميق تهدئ به توترها .. اجابته بهدوء : محد يجي هنيه ..
نقل نظراته بالمكان من حوله بتعجب .. ثم سأل بخفوت : ليه هالمكان ؟
يبدو بأنه لا يريد فتح الموضوع .. و ذلك افضل ..
قالت بسكون وقد بدأ توترها يخفت : هادي و منعزل .. اخذ راحتي فيه ..
تنهد بصمت و قد جالت عينيه على المكان ..
آها .. اذًا هذا هو مكان اختباءك المفاجئ عندما لا أجدك ..
هادئ جدًا و كأن لا علاقة له بضجيج المستشفى ..
الأصوات تأتي من بعيد ..
منعزل جدًا فهو لا يعتقد بأن أحدهم سيفكر بالمجيء إلى هنا ..
فهو بنظر الكل ليس سوى سلم يؤدي للسطح ..
عقد كفه الأيسر على رسغه الأيمن و مال برأسه ناحيتها ..
نظر لها و سيل اسئلته مستمرة : أول مرة جيتي لهنا .. ليه جيتي ؟
قطبت حاجبيها بضيق .. ثم اجابته بعدم ارتياح : كنت متضايقة و لقيت نفسي هنيه .. هـا صرت بعدها اذا تضايقت اجي و اجلس هنيه لين أهدا ..
بتساؤل عميق و قد تعانقت عينيهما : و انتِ الحين متضايقة ؟
شتتت نظراتها بتوتر ثم هزت كتفيها بعدم معرفة ..
هتف بهدوء : ايش افهم من هزة الكتف هذي ؟
هزت كتفيها بصمت فاعتدل بجلسته .. التف بكامله عليها و جذب كفيها .. تسللت انامله بين أناملها و اطبق عليها بحنو ..
سأل بمباشرة : متضايقة مني صح ؟
بنفي و توتر : لا عادي ..
شد على أناملها بغيظ فعقدت حاجبيها .. قال بصرامة : لا تتهربين .. تدرين إن بينا حكي لازم ينقال ..
زادت تقطيبة حاجبيها و قالت ببعض انفعال يسيّره قهرها : ما تهربت ..
و الحكي ماعاد له لزوم دامه ما انقال بوقته ..
ضغط على أناملها اكثر فتأوهت .. حاولت جذب كفيها و لكنه قال بعناد : ما رح اترك ايدينش .. و كل ما شديتيها بشد عليها و تعورش .. فخليها احسن .. و الحين جاوبيني .. متضايقة مني صح !
بتهرب وقد اسدلت جفنيها : مافي شيء يضايق ناصر .. اترك يديني ..
بإصرار وقد لانت قبضتيه : لا بالله مانيب فاكّها .. و همّاني جاي لهنا و أبغى اراضيش ..
زمت شفتيها بصمت و لم تجبه ..
نظر إليها بعمق .. لم يزره الكرى بالأمس ..
و لكنه معتاد على جولات السهر و معانقة الليل ..
فـ كم من ليالٍ قد سهرها حتى مطلع الفجر بسببها ..
و الأمس ليس مختلف عن الليالي السابقة .. بل انضم إليها بتهليل ..
لا يريدها أن تحمل بنفسها شيء عليه ..
مكابرتها الآن توضح له بأنها تحمل بقلبها الكثير .. و لكن ماذا يقول !
هتفت بهدوء : ناصر فك يديني .. ابغى اعدل حجابي ..
ارتفعت عينيه إلى حجابها المعدل .. ليس منفلتًا ولا متراخيًا .. قال بابتسامة : عن الحركات ذي .. همّاه معدّل ولا عليه باس ..
قالت بغيظ وهي تجذب اناملها بقوة آلمتها : احسه بيتراخى ..
لم يرد وهو يترك لها الحرية بتعديل حجابها ثم و بلحظة كان حجابها بين أنامله بينما شعرها قد انتثر بفوضوية على ملامحها و كتفيها ..
نظرت له بدهشة فقابلتها ابتسامته الواسعة ..
لملمت خصلها بسرعة وهي تقاوم اخراج مرآتها و تعديلها أمامه ..
فتحت شعرها و اخذت ترتبه بأنامل مرتجفة من مراقبته لها ..
كان يراقب لمعة شعرها باستمتاع ..
لقد أحبّه منذ أن رآه أول مرة ..
انتهت من ترتيبه و مدت يدها تطلب منه حجابها فرفض بهزة من رأسه .. بغيظ و استنكار : نااااصر !!
رفع حاجبيه بمكر و قال باستجواب : متضايقة او لا !
نظرت إليه بعناد للحظات ثم تراخت كتفيها بتخاذل .. اجابت بهمس مسموع : متضايقة من نفسي موب منك ..
بدهشة : افاا !! وشهوله !!؟
هزت كتفيها بعدم معرفة و صمتت للحظات .. ثم قالت بصراحة : موب من عادتي انبّش ورى حد زي ما قلت لي امس .. بس حبيت اعرف عنك اكثر و تدخلت بشيء مالي فيه ..
هتف ناصر باستهجان : كيف مالش فيه ؟
مالت شفتيها ثم قالت بخفوت : ما يحق لي ..
بدفاع : كيف ما يحق لش ؟ انتي زوجتي يعني عادي ..
اذا ما يحق لش أجل منهي اللي يحق لها ؟
ارتفع حاجبيها بتعجب : انت قلتها امس ! قلت ما يحق لي !!
لوح بكفه بغيظ : كنت متفاجئ بس .. لا تاخذين بكل اللي أقوله ..
كتفت ذراعيها و مالت برأسها بتساؤل : يعني حتى حكيك عن الوضوح و الصراحة لا آخذ فيه ؟؟
نظر إليها بغيظ قد تفاقم .. لقد جعلته بنفسه يعترف بأنها يحق لها البحث من خلفه ..
و الآن تريده أن يعترف ايضًا بأنه بعيد كل البعد عن الوضوح و الصراحة .. قال بانفعال : تدرين ! اكتشفت انكم خبيثين ..
اتسعت عينيها بمفاجأة : مين !!
لوّح بكفه بشرح : انتو الاخصائيين النفسيين .. تخلون الواحد يهل علومه وهو موب داري ..
بدهشة حقيقية و هي لم تفهم : وش دخل ذا بموضوعنا ؟؟
قال بغيظ : تقول وش دخله !!
ابتسمت على ملامحه المغتاظة فقال بانفعال : وش اللي يضحك !!
اتسعت ابتسامتها اكثر حتى تحولت إلى قهقهة مرحة .. قالت بابتسامة بعد ان انتهت من موجة الضحك : ملامحك تقول انك واصل حدك و أنا مانيب فاهمة عليك ..
موب تقول جاي تراضيني ؟ وش فيك قلبت فجأة ..
اتسعت عينيه بدهشة ثم قال بسخرية : فجأة !!
هزت رأسها بموافقة فقال بغيظ : خلاص انسي .. و دام انش متضايقة من نفسش خلاص ماله داعي اراضيش ..
ارتجفت ابتسامتها وتقلصت حتى اختفت .. اسدلت جفنيها بهدوء ..
لماذا يذكرها بما تحاول نسيانه ؟
ما تعلمه بأنها لن ترضى بأن تكون بديلًا لأحد .. و لن ترضى بأن تكون جسر الوصل بينه و بين محبوبته ..
كما أنها لن تحل بمكان ليس لها ..
شعرت براحة كفه على خدها و صوته الهامس يصلها : والله ما تزعلين .. قولي وش يرضيش ؟
صمتت للحظات ثم سألته بهدوء يخفي خلفه الكثير : عادها موجودة بحياتك للحين ؟
سحب كفه من خدها و اعتدل بجلوسه للأمام .. نظرت إليه بخيبة وهي تعتقد بأنه سيتهرب من جديد ..
و لكن صوته الهادئ فاجأها : كانت قدامي لشهور و ما اهتميت .. بالعكس كنت احسها ثقيلة على قلبي عشاني مجبور اهتم فيها بدون ما تدري .. بس بعدها بدأت انجذب لها ..
هدوءها .. رزانتها .. صوتها المنخفض و اللي ما عمري قد سمعته ينرفع حتى لو درجة وحدة ..
دايم منخفض و تتكلم بهدوء و كأن ما في احد غيرها في المكان ..
حبة حبة بديت افقدها اذا غابت .. ادور عليها اذا ما شفتها ..
ما يمر يومي بدونها ..
كنت اغار عليها كثير بالذات انها مو معبرتني ابد ..
زيي زي أي واحد بالحياة ما افرق عندها ..
صمت للحظات و نظر إليها فكانت تنظر إليه بانشداه ..
قال ببساطة وهو يرفع كتفيه : بعدها عرفت انها مو لي .. و لما خطبتش كان قد حذفتها من حياتي وبس ..
قطبت جبينها بتعجب : كيف كذيه !!
ابتسم بهدوء وقال مقلدًا لهجتها وهو يرفع كتفيه : كذيه
اشارت بكفها بعدم استيعاب : وهي ؟؟ ما تعرف ؟؟
هز رأسه بالنفي ..
فمالت شفتيها بسخرية وقد ضيقت عينيها : انت صادق ؟ والا اخترعت لك سالفة عشان تسكتني فيها ؟؟
رنى إليها بسخرية و عاد بنظراته للأمام و صمت ..
قالت بهدوء : خلاص آسفة ما بتمسخر ..
ثم قالت بسخرية شديدة مناقضة لكلامها : وانت مالقيت تحب لك ألا وحدة ما درت عن هوى دارك !!
ابتسم باتساع ثم فلتت منه ضحكة رجولية جعلتها تعقد حاجبيها بتعجب ..
هتفت باستنكار : وشهو اللي يضحك !
لم يرد عليها و هو يضحك مجددًا فتمتمت بخفوت : استخف ..
و بسخرية اشد : ما على العاشق ملام !
نظر إليها بتهكم : تراني اسمعش ..
رسمت على شفتيها ابتسامة تسليكية فجذبها من مرفقها حتى التصقت بجانب صدره ..
تراجعت بخجل و لكنه لم يتركها فقد أردف : الحين انا احاكيش عن وحدة احبها و انتي ما غرتي ؟
اسدلت جفنيها بارتباك و خجل لذيذ جعله يشدها إليه اكثر حتى أصبح جزءها العلوي مستندًا على ركبتيه وقد حاصرها بصدره ..
مد يده و سحب رباط شعرها بخفة فتناثر على ركبتيه ..
سأل بهمس : ما تغارين ؟
لم تستطع الرد و هي تشعر بخجل رهيب ..
راقب تضرج وجنتيها الشديد فـ لانت ملامحه ..
مال عليها اكثر و قد عانقت عينيه شفتيها المطبقة ..
وضع شفتيه عليها دون أن يقبلها ..
فقط يضغط بشفتيه عليها يستشعر نعومة شفتيها ..
مرت لحظات وهو على حاله و يشعر بخدر لذيذ ..
شعر بتململها فابتعد لانشات فقط ..
كانت جفنيها مطبقة بهدوء و أنفاسها تشي بتوترها الشديد ..
أو خجلها العميق .. لا يعلم ..
و لكنه يعلم بأنه لن يستطيع الابتعاد عنها اكثر ..
و بأنه سيحدد مع اخيها موعد زواجهم .. لن يصبر عنها اكثر ..
كاذب هو عندما قال بأن ما يهمه أن تصبح له .. أن يقترن اسمها بـ اسمه .. هو يريدها كلها حتى أدق عرق فيها ..
همس بانجذاب : تدرين إنش حلوة كثير ؟؟
فتحت عينيها و عانقت عينيه الغائمة بمشاعر اربكتها ..
حاولت الاعتدال بجلوسها فساعدها وقد اسند جسدها على ذراعه ..
افلتها عندما استوت بجلستها وهو يشعر بأنه قد انفصل عن الواقع ..
لا زالت رائحتها ملتصقة به .. و لا زال يطفو بانسيابية ..
يجره موج الحياة إليها ..
إلى حبيبة الحاضر و المستقبل ..
وهي تستقبله بكل صدر رحب ..
و آه من رحابتها ..
وقف دون رغبة حقيقية منه و هتف بسلام خافت ..
راقبته وهو ينزل الدرجات برشاقة و لم ينظر إليها بينما ملامحه ترى عليها انفعال ما ..
وضعت يديها على وجنتيها بإحراج و هي تشعر بنبضاتها المتسارعة ..
رتبت حجابها بعد أن فلت منه عندما استقام ليغادر ..
لبست نقابها و هي تشعر باضطراب عميق ..
لحظات و فتحته و عادت إلى مكانها السابق ..
تحتاج أن تتمالك نفسها مجددًا قبل أن تعود للظهور..
فقد بعثرها و غادر ..
،
يجلس بالممر المخصص للمراجعين ..
ها هو أتى اليوم الذي سيقف ضد ابتهال أمام القاضي ..
و لكنها لم تأتِ حتى الآن ..
بينما هو قد تأنق اكثر من المعتاد ..
لم يمر على بيته ..
و لم يمر على بيت اهله بعد أن وضع ريما عند والدته دون أي تبرير ..
فقد تأنق بما جلبه معه بحقيبته الصغيرة ..
لا زال يمكث في استراحة الشباب مع ان الازعاج فيها مستمر ..
و لكنه أكثر مكان مناسب له ..
رفع معصمه و نظر إلى ساعته ..
لم يتبقَّ سوى عشر دقائق على موعد محاكمتهم .. و هي لم تأتِ بعد ..
بدأ يهز قدمه بتوتر .. لماذا لم تأتِ حتى الآن ؟
هل تتعمد التأخير ؟
أليست تريد الخلاص منه ؟
يكذب إن لم يقل بأنه مشتاق لرؤيتها .. فهو لم يكد يراها حتى ..
وقد بدأ يربكه تأخرها ..
كما أن الرجل القابع أمامه بشموخ يستفزه ..
ملامحه ليست غريبة مطلقًا .. و لكنه لم يستطع التذكر ..
موقن من أنه يعرفه و لكن لا يحضره أي اسم الآن .. و ذلك لا يهمه ..
بل نظراته المصوبة عليه بقوة قد بدأت هي الأخرى توتره ..
تجاهله و هو يخرج هاتفه من جيب ثوبه و يقلب فيه ..
فتح على الأسماء و اخذ ينظر إلى رقمها بنظرات مبهمة ..
مجروح منها حتى النخاع ..
و مع ذلك لا يستطيع منع نفسه من الإشتياق لها ..
ها هي قريبة كما تمنى .. و لكنها بعيدة أيضًا بروحها ..
هل كان قاسيًا عليها إلى هذا الحد الذي يجعلها تجابهه بقسوة لم يعرف بأنها تمتلكها ؟؟
هل كان جارحًا بقوة جرحها له ؟؟
هل هو سيئ إلى هذه الدرجة التي جعلته يبتلع فيها سوءها و يختنق فيه ؟؟
هل عاشت كل ذلك دون أن يدري و أظهرت له التسامح ؟
هل اختنقت وهي تبتلع قسوته مرة تلو الأخرى ؟؟
آهٍ علينا يا ابتهال ..
لمَ كان علينا أن نصل إلى حالنا الآن ؟؟
لمَ لمْ تعترضي حينها ؟
تعلمين بأنني كُنت أحبك حتى لو لم أبُح لكِ بذلك ..
فأنا لا أكون شخص آخر إلا بجانبك ..
كُنت سأعاند قليلًا و ستصرخين كثيرًا فأرضخ لك ..
فلمَ التزمتِ الصمت و لوّحتِ براية التسامح بينما أنتِ لم تغفري حينها ؟
لا أحملك الخطأ بأكمله فأنا ايضًا غارق بالأخطاء حتى رأسي ..
و لكنّا كنا نستطيع أن نُوجد لنا نقطة إلتقاء ..
فلا أتعنّت عليكِ و لا تتنازلين ..
آهٍ ثم آه ..
رفع عينيه عندما سمع اسميهما ..
وقف و هو يضع هاتفه بجيبه و يلتفت بتقطيبة ..
وهي حتى الآن لا يوجد لها أي ظهور ..
و لكنه شد الخطوات إلى الداخل و جلس في المكان المخصص له ..
لحظات و دخل بعد ذلك الرجل الذي كان معه في الممر ..
اتسعت عينيه بدهشة وهو يراه يجلس في المكان المخصص لابتهال ..
تدافعت الأفكار برأسه بتوجس .. ما الذي يحدث الآن !!!
و لمَ ملامحه مألوفة إلى هذا الحد ؟؟
لماذا ابتسم عندما رأى نظراتي إليه ؟
بل من الأساس من يكون ! و لم هو يجلس أمامي الآن ؟؟
بعد انتظار لدقائق حضر القاضي فوقفا باحترام ..
عرفا بنفسيهما و اتسعت عينيه و هو يسمع الرجل الآخر يعرف بنفسه : المحامي صالح الـ... ، محامي السيدة ابتهال الـ....
كيف لم يعرفه !!
هل لقلقه دور بذلك ؟؟
أم انها السنون ما وقفت حيال عدم تذكره ؟؟
راقبه بعينين متسعة وهو يجلس بثقة كبيرة و ابتسامة بسيطة قد رماها عليه عندما رأى بحلقته فيه ..
عاد بنظراته إلى القاضي و هو يسمع الرجل الآخر بمكان قريب من القاضي يبدأ بقراءة القضية ..
لم تدم المحاكمة سوى عشرون دقيقة خرج بعدها وهو يشتعل ..
يقطع الممرات بخطوات لاهبة تشي بمقدار الضغط الذي يعاني منه ..
خرج من المحكمة و قد تسلطت اشعة الشمس الحارة على الأرجاء يتخللها لفحات من الهواء البارد المناقض لحرارتها ..
تقدم إلى سيارته و ركبها ..
ارخى رأسه على المسند الخلفي لمقعده وهو يتنفس بقوة ..
ثوان و صرخ بانفعال : الله يااااخذش يا ابتهال ..
عاد و استغفر و هو يفرك ملامحه بعنف .. كرر استغفاره حتى هدأ تمامًا ..
لقد كانت المحاكمة كارثية ..
فالمحامي قد جهز دفاعه بشكل جيد مسبقًا ..
يعلم بأنه يعرفه من قبل أن يحضر حتى ..
فبالتأكيد قد عرفه من اسمه بعكسه هو ..
فهو لم يعرفه حتى عرّف هو بنفسه ..
لا يعتقد بأن ابتهال قد تعمدت اختياره .. فهي ببساطة لا تعرفه ..
ولا تعلم بأنه كان صديق سابق له ..
شخر بسخرية ..
صديق المراهقة و قد انتهت صداقتهم بشكل مأساويّ ..
فهو الظالم و صديقه لم يكن سوى المظلوم ..
و ها هو يعود ليأخذ حقه منه .. متأكد هو من ذلك ..
زفر بضيق ولا زال ماحدث بالداخل يعيد تكراره برأسه ..
لقد اتهم ابتهال بسفرها دون إذنه .. فواجهه المحامي ببساطة بأنها لو كانت فعلت ذلك لما كان سيهاتفها بشكل دائم ..
و لم تكن هي لتعود بالإجازات إلى هنا فهو كان يستطيع منعها من السفر مجددًا ..
اتهمها بأنها قد تركت ابنتها خلفها وهي تشكو من مرض يحتاج لعلاج طويل ..
فهي قد تركتها و هي تعلم بأن لديها مشكلة في الأعصاب جعلت النطق يتأخر لديها ..
فواجهه بأنه ما دام قد سمح لها بالسفر فهو مشترك معها بذلك ..
و هي كانت تتابع مراحل علاجها أول بأول حتى تماثلت للشفاء ..
اخبر القاضي بأن سبب رفع القضية ليس مقنع .. فهي لم تعد سوى منذ فترة وهو مستعد لتنفيذ جميع حقوقها التي تتبختر بأنه لم ينفذ لها أي منها ..
فواجهه المحامي بأنها من المفترض أن تكون جاهزة من الأساس .. فهي سافرت للدراسة و سنوات الدراسة محدودة ..
لم تغب لمدة غير معلومة ..
و قد كانت تعود ولا تجد بيت مستقل لها كي تعود إليه فكانت تجلس لدى أهلها و يجلب هو ابنتها فتراها ..
و بأن موكلته كما اطلق عليها لديها كل الحق برفع القضية ..
فهو لديه زوجة أخرى .. وهو غير عادل بينهن على الإطلاق ..
فالأخرى تحظى بالمسكن .. وهي ليس لديها أي شيء ..
و بأنها تشعر بالظلم و لم تعد تستطيع الإحتمال اكثر ..
و قد كانت نهاية الجلسة بأن سأله القاضي هل يريد الطلاق ؟
فأجاب أنه لا يريده ..
و ها هي قضيتهم تُحال إلى " اصلاح ذات البين " ..
و يجب عليهما الحضور جميعًا .. أو ستكون القضية مغلقة إذا لم تحضر ..
فتعتبر حينها متنازلة عن حقها ..
و بالتأكيد ابتهال لن تفوّت الحضور ..
فهو متيقن الآن من أنها تتوق للخلاص منه ..
،
تجلس في زاوية الأريكة .. و يتوسد هو فخذها ..
هي تقلب بهاتفها بينما هو شارد بنظراته ..
ترنو إليه كل حين و آخر فتجده لا زال على وضعه ..
حركت اناملها بخفة على اهدابه فـ رمش بعينيه بسرعة ثم رفع ناظريه إليها بتقطيبة ..
قالت بابتسامة : وين سرحت ؟؟ منت حولي !
تنهد بخفة و عاد بنظراته إلى الأمام ..
قال بهدوء و حشرجة من طول صمته : تذكرت شيء ..
بفضول وهي تميل عليه برأسها : وشهوو ؟
صمت للحظات ثم قال بصوت غريب ، بعيد كبُعد ذاكرته حينها : لما رجعت لي الذاكرة وانا في الطيارة .. و كمية الرعب اللي حسيتها وانا اكتشف إني معلق بين السما و الأرض .. كل اللي جا ببالي وقتها إن الطيارة بتطيح ..
كنت احس إني أعيش نفس اللحظة اللي هوت فينا الطايرة و انا استقبل الموت بيدين مفتوحة ..
بالذات ان الطايرة كانت بمطبات هوائية قوية خلتني ارتعب اكثر ..
جاتني نوبة هلع و كنت اقاومها بكل قوتي لأني ما ابغى يغمى علي و أموت ..
ما ابغى افقد الوعي وانا مدري بحيا بعدها والا لا ..
قاومتها بكل قوتي بس هي انتصرت علي .. ضيق انفاسي وقتها كني الفظ اخر انفاسي و هالشيء خلاها تصير اقوى لأني صرت اتخبط ما اقدر اتنفس زين ولا ابغى يغمى علي ..
راسي كان يطن بصوت الانفجار ..
صمت للحظات تنهد بعدها بتعب و أكمل : تدرين مدري كيف تحملت بعدها ؟ مدري متى اغمى علي و ايش صار بعدها ..
كل اللي اعرفه إني صحيت وانا بالمستشفى و رجعت تذكرت لما صحيت قبيل وانا بالمستشفى و جا ببالي إني أعيش هالشيء مرة ثانية ..
خفت على عمي لأنه كان معاي ..
قعدت اصارخ عليهم و اناديه وانا قلبي احسه مبلول زي الطير و ينتفض بصدري .. خفت يقولون عمك مات بسببك ..
ما خفت وبس ..
الا شعوري وقتها كان يتعدى الخوف بمراحل ..
ما صدقت و عمي يفتح الباب مفجوع ..
نطيت عليه و حضنته .. كان حضنه غريب ..
واسع كثير و فيه حنان كبير ..
احتواني و قعد يهديني ..
او يمكن انا كنت كل شيء اعيشه غريب عشان كذا شفت حضنه غريب ..
صمت بعدها و هو يستشعر لمستها الحانية على شعره ..
تمرر اناملها بين خصلاته بهدوء حان ..
تنهد بوجع وهو يسمعها تترحم على والدها ..
لقد توقف قلبه فجأة و هو نائم .. بدون أي أسباب ..
بدون أي امراض ..
فقد استيقظوا على صراخ والدتهم المفجوع ..
هكذا رحل بهدوء كمان كان يحتوي ثوراتهم بهدوء ..
رحل و ترك خلفه ابنة موجوعة..
و ابن كان اكبر طموحه أن يأخذ جائزة نوبل في الطب ..
و لكنه لم يكمل تعليمه ..
فهو بجانب عمله في المستشفى كجراح ماهر ..
هو يدير أموال والده عن بعد ..
تارك الحرية لأعمامه بإدارتها ..
فهو لا يريد أي مشاكل ..
فقط يضمن حقه و حق اخواته من بعده ..
،,
خرج من المحكمة بابتسامة لئيمة مائلة ..
لقد استمتع بكل ما حدث ..
بدايةً من صدمة يوسف بهويته بعد نظراته المتشككة ..
ثم مرافعتهما ضد بعض ..
ندًا لند بعد سنوات طويلة من الغدر ، و الجبن ..
و كثير من الأنانية ..
نقل نظراته على المواقف يبحث عنه ..
رآه وهو يضع رأسه على المقود أمامه بتعب واضح حتى من مكانه هذا ..
زاد ميلان شفتيه بلؤم و شماته ثم ابعد نظره عنه و مشى إلى سيارته و يا للصدفة .. فقد كانت قريبة جدًا من سيارة يوسف ..
لم يبالِ به وهو يشعر بأنه قد انتبه له بعد أن فتح سيارته عن بعد ..
تقدم حتى ركب بمقعده ..
اغلق الباب و قام بتشغيل سيارته و عاد بجسده إلى المرتبة باستمتاع ..
لحظات و نظر إلى جانبه الأيسر فرآه ينظر إليه ..
نظرات لم يفهمها و لم يأخذ من وقته الكثير كي يفهمها ..
فهو و بكل بساطة لم يعد يهتم له ..
و لم يعد ما حدث يؤثر فيه كما قبل ..
رفع له كفه بتحية ساخرة ثم داس على الوقود و تحرك بسرعة أصدرت منها العجلات صوتًا قويًا غير مبالٍ بالمكان الذي هم فيه ..
اخذ يضرب بأنامله بهدوء رتيب على المقود ..
أفكار كثيرة تحتدم برأسه .. و قد نفذ الأولى منها و الأهم ..
و هو ظهوره أمام يوسف ..
أما الباقي فسيأتي دورها هي أيضًا ..
لم يكن بـ نيته أخذ حقه من يوسف بما فعله به منذ عقد و أكثر ..
و لكن عندما أتته الفرصة لم يُفلتها .. فقد جاءته على طبق من ذهب ..
و هو يقدّر الأشياء التي تستحق ..
فـ هو بدايةً كان قد تعاطف مع ابتهال و رغبتها بالخلاص من زوجها الذي كان مجهول حينها ..
و لكن بعد أن علم هويته زاد إصراره على تخليصها منه ..
لأجلها و لأجله هو ..
فـ يوسف يستحق أن يُعاقب على أنانيته و حقارته ..
لا يستحق أن يُتغاضى عنه .. و هو من سيفعل ذلك ..
لقد وعد ماجد بأنه سيخلص أخته من يوسف ..
فهو مطلقًا لم يحادث ابتهال ..
و كل ما يعلمه عنها كان اخيها هو الوسيط بينهما ..
و يدرك بأن هناك حلقات فارغة لم تخبره عنها ..
فـ أن يحرمها من الدراسة ثم يتزوج عليها ليست بالأسباب الكافية كي تترك ابنتها و تسافر ..
و خاصة بوضع ابنتهما في تلك الفترة و عدم قدرتها على الكلام ..
و لكنه قد تجاهل ذلك فهو أكثر من قادر على تحوير كل الأمور إلى صالح ابتهال ..
لذلك لا ضير ..
و كما أضاع عليه يوسف مستقبله سيجعله يفقد زوجة يحبها إلى ذلك الحد ..
مع أنه لا يصدق حقًا بأنه يحبها ، فمن يحب لا يضر من يحبه ..
وهو لم يؤول جهدًا في الجروح و الأذى ..
هو يستحق أن يُترك و يبقى يتحسر على الأطلال ..
لا يستحق أن يهنأ له بال ..
ابدًا لا يستحق ..
،
دمتم بود 🍃