لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-10-20, 10:13 PM   المشاركة رقم: 176
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طُعُوْن المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الحادية عشر)

 
دعوه لزيارة موضوعي





الرقصة الثانية عشر

،



إنّي رحلتُ إلى عينيكِ أطلبها
‏إمّا المماتُ وإمّا العودُ منتصراً
‏كلُّ القصائدِ من عينيكِ أقبسها
‏ما كنتُ دونهما في الشعرِ مقتدراً
‏صارت عيونُكِ ألحاناً لأغنيتي
‏والقلبُ صار لألحانِ الهوى وتراً





،





لحظات فقط و تمالك نفسه ..
وقف بسرعة و لا زالت عينيه تعانق عينيها ..
قال بحذر : هلا فيش ..

لم تتقدم أكثر وهي تنتظر أول خطواته ..
و لم يطل انتظارها ، فهو و بعد أن رآها ساكنة بوداعة تقدم بخطوات واسعة و جذبها إلى صدره ..
اطبق ذراعيه عليها و شدها إليه أكثر ..
اغلق عينيه و بداخله مشاعر تكاد تفلت من عقال سيطرته ..

أما هي فقد اتسعت عينيها و ابتلعت ريقها وهي تشعر بنبضاته القوية على صدرها ..
و كلما جذبها تشعر بها أوضح ..

دفن رأسه بعنقها و قد اضطربت أنفاسه ..
ها هي و بعد شوق سنوات تستكين بين يديه ..
ها هو يعتصرها حتى أنّت فخفف من ضغطه و لا زال وجهه مدفون بين عنقها و شعرها ..

شعر بها تتملل بين ذراعيه فتراخت كفيه حتى افلتها ..
ابتعد عنها انشات لا تُذكر ..
فلا زال ملاصقًا لها ..

نظر إلى ملامحها عن قرب ..
لم يعد بين طياتها تلك المراهقة التي اخذها بيضاء نقية ..
تلك التي لم تتعدى سنوات عمرها الثامنة عشر حينذاك ..
لقد نضجت ..
و بانت عليها بحور العشرين الفاتنة ،

اكتسبت ملامحها بعض الحدة ، أو ليقل بشكل اصح ..
عينيها أصبحت ثاقبة ..

لم تعد لينة رقيقة ..
وضع كفه الأيمن على خدها بتأثر ..
و الأخرى بدون إرادة قد ارتفعت و تغللت بين خصلات شعرها المتموج ،

فها هو تغيير آخر يناسبها ..

فابتهال القديمة لم تكن لتفرط بشعرها ..
و كان هو أكثر من محب لذلك ..

و لكن الآن ! لا يتجاوز اسفل عنقها ..

ابهامه تمر على وجنتها و قد غرق هو بها ..
بعينيه تساؤلات كثيرة ..
و الأحرف التي كانت تتراقص أمام عينيه و تكون جمل كثيرة لم يعد يدري أين ذهبت ..
يشعر بأن عقله مصفى من كل شيء ..

و ها هو يكاد يخسر من أول لقاء ..

و لكن لماذا تبدو هادئة هكذا ؟
لماذا تبدو خانعة هكذا ؟
أين هو جفاءها ؟

عقد حاجبيه بتفكير وهو ينقل عينيه على ملامحها ..
انها هادئة حقًا ،
ليس تمثيل وليس تزييف ..

أما هي فكانت تقاوم نفسها .. تقاوم ارتفاع كفيها و القذف به بعيدًا عنها ..
تجبر نفسها على الهدوء و الأفكار تتقاذف عليها ..

الذكريات تحاصرها ..
لا يكاد يذهب من أمام عينيها آخر مواجهة لهم قبل أن تسافر ..

قبضت على فكها و تشعر بأن أحد اسنانها سيخرج من مكانه من شدة ضغطها عندما شعرت به يقبل جبينها بعمق ..

اسبلت جفنيها كي لا يرى بغضها لقربه ..
فقبلة الجبين تعني

التقدير .. الإحترام .. و الإعتزاز ..

و لكنه أتى متأخرًا ايضًا ..

أتى بوقت أصبحت فيه تقدر ذاتها ..
تحترم كيانها ، و تعتز بطموحها ..

تبعها بقبلتين على الهدبين المسبلة ..

حبست أنفاسها و هي تتبع مسار أنفاسه ..
فبعد العينين حط على الوجنتين بقبلتين عميقتين ..

ثم فتحت عينيها باتساع وهي تشعر بانطباق شفتيه على شفتيها ،

انقض عليها دون تمهل .. دون صبر ..

دارت بعينيها على وجهه عندما زاد من عمق قبلته ..
كانت عينيه مطبقة .. و كأنه قد اغلق جميع حواسه ،
وبقيت حاسة التذوق فقط ..
حاسة اشعلته و اشعرته بالرغبة في المزيد ..
يريد ان يجتاحها ..
انها اعذب من كل أحلامه ..
لقد اشتاقها جدًا .. جدًا ..

لم يكن بأفضل توقعاته بأن يجدها طيعة لينة هكذا ..
و لكنه افلتها بعد أن عاد إليه إدراكه وهو يسمع بعض الضجيج البعيد ..
ابتعد عنها قليلًا و تقدم إلى باب المجلس ..

تابعته وهو يغلقه و يعود ..
اجلت صوتها ثم قالت بهدوء إشارة للتريث : فيه أشياء لازم نتفاهم عليها قبيل ..

وقف أمامها و احتضن كفيها على صدره بعد أن قبل أناملها ، ببحة أعمق من بحته المعتادة : إنتِ تامرين .. تدللي ..

أشارت له بالجلوس فجلس و جذبها بجانبه ..
ابتعدت قليلًا بضيق حاولت مداراته ..

نظر إليها و قال بعمق : أنا جيت ابغى اشوف لنا حل .. و كل اللي تطلبينه و تامرين فيه بيتنفذ إن شاء الله ..
بس لازم نتفق من الحين و نوضح خطوطنا الجاية عشان اللي صار ما يتكرر ..

اومأت بهدوء متقن و هي تود لو تضغط ملامحه بين كفيها حتى تصغر و تتلاشى ..
أو تسحب أنفه فتوقعه أرضًا ..
و كم هو محبب لها أن تنتف اهدابه شعرة شعرة ..
ثم تدخل سبابتيها بعينيه فتفقأها ..

قالت بذات هدوءها ، بتساؤل : ليش ما جبت ريما معك ؟ و انت تدري إني مشتاقة لها و لي شهور ما شفتها ؟

غضن جبينه بانزعاج ثم قال بإصرار : موب قبل نتفاهم .. ما ابغى ادخلها بينا ..
و اكيد ما يرضيش إن بنتنا تدخل بين المشاكل ..

ابتهال بهدوء بارد : بس انا من حقي اشوفها ، و انا ما رجعت ابغى المشاكل ..

هز رأسه بحركة مبهمة ثم قال بتوتر و حذر وهو يشعر بأنه و بأي لحظة سيدوس على لغم فينفجر به : نتفاهم أول يا ابتهال .. و بعدها لش اللي يرضيش ..

كتفت ذراعيها على صدرها بجلسة مستقيمة ثم قالت بابتسامة مائلة : اووك .. قول اللي عندك و أقول اللي عندي ..

نظر إليها بتدقيق .. يحاول الكشف إذا ماكانت تتلاعب به ..
و لكن لم يرى سوى الهدوء الجاد ..
قال بتساؤل يؤرقه : بترجعين ؟

رفعت كتفيها وقد نبض عرق بجانب صدغها فهي تحمل نفسها فوق طاقتها ..
قالت ببديهية متقنة : لو ما برجع ليش انا جالسة قدامك الحين ؟

ابتسم باتساع و جذب كفيها ..
تعانقت الأنامل بفرحة خالصة من جهته ،
و بوجع كامن من جهتها ،
فهو لا زال على نفس ردود افعاله القديمة ..
ما إن يبهجه شيء حتى يبحث عن أناملها كي تعانق أنامله ..
ثم يغرقها بالقبل العميقة ..
المبهجة قديمًا .. و الحارقة اللاسعة حاضرًا ..

قال بوعد صادق ، و الأمل بات يطفح من بين جنبيه : ما رح اخذلش صدقيني .. بسوي كل اللي تبغينه و اقدر عليه ..

ابتسامة صغيرة متخشبة ارتسمت على شفتيها و قد بدأ الصداع يغزو رأسها .. قالت بسؤال مفاجئ له : عندي بيت ؟

عقد حاجبيه باستفهام و قال بعدم فهم : كيف يعني ؟

جذبت كفيها بلطف من بين كفيه وهي تشعر بها تحرقها ..
ترغب بأن تغمسها بإناء ممتلئ بالثلج علّه يبرد قليلًا من حرقتها ..
بتوضيح وهي تلوح بكفها : يعني بيت لي

بعدم فهم : موب انتي عندش بيت اصلًا ؟

هزت كتفيها بلا مبالاة ثم أردفت : ابغى لي واحد جديد .. يكون أوسع من اللي قبيل ..
و أبغى أثث من جديد لأن اللي قبيل صار قديم خلاص ..
يوسف باعتراض : بس راح يأخذ وقت ..
بعبوس و إصرار : عادي .. موب مستعجلين .. خذ راحتك و دور و اذا لقيت خبرني ..

لم يرد الإعتراض أكثر حتى لا تنفر منه ..
فهو يريدها أن تعود و بشدة ..

تقول بأنهما غير مستعجلين ..
و لكنه يكاد ينهت من الشوق لها ..
يتوق إلى بيت يجمعهم من جديد ..
فإذا كان هذا هو مطلبها .. سينفذه ،
فلن يصعب عليه بأن يجد البيت الذي ترغب به ..
سيستغل معرفته بعدة اشخاص و يلبي لها مطلبها ..
أومأ بابتسامة ثم قال بحب : تدللي ..

ردت له ابتسامته بأخرى بسيطة و قد بدأ الصداع يشتد ..

نظر إليها بتأمل لعدة لحظات ..
يشعر بها بعيدة .. مع أنها ها هي ذي ..
يشعر بها كتومة ، متباعدة ، حذرة ..

زفر بإرهاق ثم نظر إلى ساعته ..
رأى بأن الوقت قد مضى عليهما دون أن يشعر ..
وقف فوقفت معه ..
قال بهدوء : يللا انا استأذن الحين .. بينا اتصال ان شاء الله ..

اومأت بصمت فجذبها إليه ..
عانقها بصمت للحظات ثم ابتعد بابتسامة هادئة ..
غادر تتبعه بنظراتها الحاقدة ..
فلتعش الأمل يوسف ..
جرّب مذاق الخيبة اللاذع ..
فـ أنا لن أعود ..
أبدًا ..


أما هو ..
خرج وهو يشعربأنه يحلق في السماء من شدة سعادته ..
و أخيرًا محبوبته ستعود ..

يعلم بأن بينهما حديث طويل .. طويل جدًا ..
و لكن ما يهمه الآن بأنها ستعود ..

ركب سيارته و غادر ..
بابتسامة واسعة لم يستطع السيطرة عليها ..



،



منذ أن حدث ما حدث ،
و بعد أن استقبلوا فهدًا طريح الفراش في المستشفى ،
و بعد أن علمت بأن اخيها هو من فعل ذلك به ، و بأنه الآن قد اصبح في التحقيق حتى استيقاظ فهدًا و الإدلاء بإفادته وهي قد تلبسها صمت غريب ..

صمت مبهم ..
و كأنها حقًا قد تعبت من مجاراتهم و اللحاق بهم ..
تقابله ببرود ..
تتحدث معه ببرود ..
لا تكاد تتحدث من الأساس ..

حاول الإعتذار منها و لم يجدي ذلك نفعًا ..
فقرر اليوم أخذها إلى المستشفى ..
و منها أن يتفاهموا ،

لم تعترض عندما اخبرها بأنه سيقلها معه ..
و ها هو الآن ينتظرها في الخارج ..
يقبع بسكون داخل السيارة ..

دقائق و ظهرت من خلف الباب ، تقدمت إلى السيارة و فتحت الباب بجانبه ..
جلست و أغلقت الباب ثم هتفت بخفوت : السلام عليكم ..

رد السلام و عم الصمت عليهما ..
رنى إليها بطرف عينه وهو يراها تخرج هاتفها من حقيبتها ..
زم شفتيه وقد أولت جُل اهتمامها للهاتف ..
عاد بنظره إلى الطريق و سلك طريقًا آخر ..

عندما طال الوقت و لم يصلوا إلى المستشفى رفعت نظرها تستعلم أين هما ..
تفاجأت تمامًا وهي ترى المكان الذي قد توجّه إليه ..

نقلت نظراتها المستنكرة من الأمام إليه فاستقبلتها ابتسامته الهادئة ..
زفرت و تجاهلته ..
استرخت على مقعدها و اطبقت جفنيها ..
تشعر بتحركاته الخفيفة بجانبها ..
تشعر برغبة عميقة بالإرتماء على صدر احدهم و البكاء حتى تخرج كل ما بصدرها من قهر و مشاعر متضاربة ..
ولا يجيء بذهنها سواه ..
و لكنها لن تفعلها ..
يكفي حتى الآن ما اظهرته من ضعف أمامه ..
فهي ليست معتادة على اظهار ضعفها ..
ولن تفعلها الآن ..


بعد عدة دقائق شعرت باهتزاز السيارة فعلمت بأنهم قد دخلوا بطريق فرعي غير مزفلت ..
لم تتحرك و لم يبدو عليها أي ردة فعل ..
تتابع الاهتزازات في السيارة حتى بدأت تخفت و تثقل فعلمت بأنه على وشك التوقف ..

فتحت عينيها و اعتدلت بجلوسها ..
نظرت إلى الهاوية القريبة منهم ، على بعد خطوات فقط ..
فـ هم الآن في قمة جبل " السودة " ..
وهو أعلى جبل في المملكة ..

اطفأ محرك السيارة و فتح الباب بجانبه ، نزل و تقدم حتى اصبح على الحافة ..
الجو بارد جدًا.. بل يكاد يكون صقيعًا ..

انقبض قلبها وهي تراه يقف و يوجه وجهه للسماء ..
الهواء القوي يحرك شعره و اسفل معطفه الثقيل ..
حسنًا ..
يبدو بأنه حقًا يشاركها بعض من الأشياء التي تحبها ..
بداية من حبها للشاعر الكبير " البدر " ثم قهوتها المفضلة ..
و الآن هذا المكان ..
هي تحب البرد .. و الأماكن العالية ..
تشعرها بالشجن ، و بأنها هنا وحدها ..
لا احد يستطيع تعكير مزاجها ..
وليس لديها هموم أو ذكريات ..

في المرتفعات فقط تتجرد من كل شيء .. و تبقى هي ذاتها ..
صافية ، هادئة ، و كأنها تعانق الغيم بنقاءه ..

التفت من مكانه و عانقت عينيه عينيها فابتسم ..
اخفضت عينيها بحرج ..
فها هو يمسك بها متلبسة ..

لحظات و شعرت بالهواء البارد يدخل إليها بقوة و قد اصبح هو يشرف عليها من جانبها بعد أن فتح الباب ..
سألها بهدوء : ما بتنزلين ؟

لم يمهلها لترد وهو يجذبها من كفها إلى خارج السيارة ..
عدلت حقيبتها على كتفها بعد أن أدخلت هاتفها ..
قال باقتراح : اتركيها في السيارة و تعالي نمشي ..

ترددت للحظات ثم تركتها على المقعد و أغلقت الباب ..
مشت بجانبه و قد عقدت ذراعيها على صدرها ..
فالهواء يضرب أجسادهم بقوة ..

وقف و التفت عليها فجأة فعادت إلى الخلف خطوتين ..
مالت شفتيه بشبه ابتسامة ثم قال بتفكه : هدّي شوي .. ما باكلش ترا ..
شتتت نظراتها بحرج و لا زالت تعتنق الصمت ..
عاد إلى سيارته و رأته يفتح الباب الخلفي ثم يجذب منه شيء ما ..
لم تكن سوى " الفروة " خاصته ..

وصل إليها و مدها لها : خذيها .. رح تبردين ..
يمكن نطول اهني ..

تناولتها منه و لبستها .. نظر إليها برضا ثم قال باقتراح : وش رايش تنزلين النقاب ؟ ما حولنا احد ..

حمدت الله بداخلها على اقتراحه ..
فهي كانت ترغب بذلك و بشدة ..
ترغب بأن يلامسها الهواء دون حاجز ..
أن تقبلها البرودة و تنتشي على اثرها نبضاتها ..

رفعت يدها و انزلت نقابها ..
وضعته بجيب الفروة ثم تقدمته دون أن تنتظر منه المزيد من الأوامر و الاقتراحات ..
لحقها بعد بضع خطوات و مشى بجانبها ..
شردت بنظراتها في الأفق ..
و احترم هو صمتها لعدة دقائق ..
اقترب منها اكثر حتى عانقت أنامله أناملها الباردة ..
شد عليها ثم قال بهدوء بين طياته اعتذار : آسف ..

زمت شفتيها و لم ترد ..
أوقفها عندما وقف أمامها .. قال بلطف : ناظريني ..

اخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته ..
رفعت عينيها إليه فكرر بهدوء : أنا آسف .. موب بـ نيتي اني آذيش .. و اللي صار من يومين أي حد بمكاني كان رح يسويه ..

أومأت بفهم ثم قالت بهدوء به رنة وجع: عارفة .. و أنا آسفة إن ردة فعلي كانت كذيه .. بس انت خطبتني و إنت داري باللي صار لي .. اصلًا الكل صار يدري .. انا تحملت كثير ، و اللي صار كان فوق الكثير ..

صمتت دون أن تعلم ما تقول أكثر ..
حينها أخذ هو دفة الكلام : فاهمش يا شمعة .. و انا ما همني هالشيء من يوم خطبتش .. أنا آسف لش انتي بس ابدًا ماني آسف باللي صار له ..

تنهدت بتعب فأفلت أناملها ..
عانقت كفيه جانبي وجهها و قال بعمق و صدق شعرت به : أنا ابغى ابني حياتي معش .. عشان كذا جبتش لهنا .. بينا كلام كثير لازم نتفق عليه عشان نبدا صح ..

اومأت بموافقة فأشار على صخرة كبيرة بارزة : تعالي نجلس هناك ..

مشت بجانبه و هي تشعر بصفاء عميق ..
ممتنة هي لأنه جلبها إلى هنا ..
و كأنه يشعر بما تحتاجه فيفعله دون طلب منها ..

جلس على الصخرة ثم مد كفه و اسندها حتى جلست باستواء على جانبه الأيمن ..

هذه اللمسات بينهم تربكها ..
تولّد بداخلها شعور غريب ..
قال بهدوء : أول شيء نتفاهم عليه و من ناحيتي اشوفه أهم شيء بينا هو الثقة .. مارح اخفي عليش إني انصدمت لما عرفت إنش نفسها اللي صديقي يشكي منها ..
و لما تركت الإبنيّة عندش كان عشان اشوف وش بيكون تصرفش ..
بس ترا لو خذيتها كان بتجي نفس الشيء و كأني اقولش ترا مانيب واثق فيش ..

شمعة بابتسامة مائلة : طيب هذا الصدق .. منت بواثق فيني ..

عقد حاجبيه باستفهام : يعني افهم انش كنتي تعطيني درس ؟

عقدت حاجبيها بالمقابل ثم قالت بصراحة : ايه ، انا اصلًا ما كنت حابة اتدخل بينهم .. مشاكلهم يحلونها بينهم ..
و الصدق صدمتني و انا ادري انك متعاون معه و جايب البنت لعندي ..
بتبرير : بس انا وش عرفني انش صديقتها ؟

نظرت إليه بدهشة حقيقية : يعني هذا اللي فكرت فيه ؟ ما فكرت إنه غلط تدخل بينهم ؟ و البنيّة وش ذنبها ؟؟
تنام ببيت غرب و موب متعودة عليهم ؟؟

بتوضيح : بالعكس .. انها ما تكون بينهم افضلّها .. خل يتناطحون بيناتهم و هي ما تتضرر ..
و انا ساعدت صديقي زي ما ساعدتي صديقتش و تدخلتي بينهم ..

هزت رأسها بنفي و قالت بصدق و دفاع : ما تدخلت يا ناصر .. كانت منهارة ..
و حاولت فيها انها تبقى و تأدبه بس هي رفضت ..
صدقني لآخر يوم وانا أحاول فيها تغير رايها و هي ابد اذن من طين و إذن من عجين ..
كنت كلما ضغطت عليها ببنتها تنهار بكى و تقول لا تخذليني ..
وش كنت تبغاني اسوي ؟ اترك صديقتي وهي محطمة و فاقدة الثقة بالكل ؟
والا امسك بيدها و اقومها لين تقوم ؟
صدقني صديقك ما بقى شيء ما سواه فيها .. والا هي موب طبعها انها تتصرف كذا ..
صديقك قتل روحها و هي رجعت و اعتلت بشجاعة ما توقعتها فيها..
انا ما تدخلت بينهم ابدًا ..
ولا تدافع عنه لأنك اكيد تدري هو وش مسوي ..


نظر إليها وهي مسترسلة بالحديث ..
دفاعها عن موقفها ، صراحتها ، دفعته للتفكير ..
هل سيأتِ يوم و تلبس ثوب المحامي و تدافع عنه ؟

قال بابتسامة عندما انتهت : خلاص يا ستي أنا آسف .. شكلي بقضي فترة الملكة كلها وانا كل شوي اتأسف منش ..
بس حبيت أوضح لش إن أهم شيء بينا الثقة ..
انا من ناحيتي واثق فيش امية بالمية .. "100٪" ..
و ما نبي نتدخل فيهم .. حيلهم بينهم ..

هزت كتفيها و قالت دون مواربة : أنا لو بتدخل بينهم كان أرسلت البنت لأمها .. انت اللي لا تتدخل ..

اومأ بموافقة .. ثم قال بلطف : تبشرين .. توبة ..

ابتسمت بصدق ابتسامة جعلته يتنهد و يبعد عينيه عنها ..
نظر إلى السماء المكفهرة و التي قد حجبت الغيم اشعتها ..
ثم نظر إلى الأسفل ..
إلى الغيم المتراقص بخفة ..
فـ هم حقًا فوق السُحب بكل ما للكلمة من معنى ..

يحب هذا المكان ..
يحب ضبابيته ، هواءه ، برده القارص ،
و يبدو بأنها قد احبت المكان مثله ..
فهي تبدو مشرقة ، هادئة ،
ولا يقصد الهدوء الخارجي ..
بل عينيها الناطقة بالوجع كانت هادئة ..
و كأنها قد عقدت هدنة مع الأوجاع فتركتها خلفها و استمرت هي بالهدوء لبضع ساعات ..
قال بتوقع : الظاهر انها رح تمطر .. كن الجو كتّم زياده ..
بشوق : ياليت تمطر .. احب المطر ..

عَقَدَ لسانه قبل أن يفلت و يقول " وانا احبش "
فترد عليه " حبتك القرادة يا البصباص " ..

و عوضًا عن ذلك قال بفضول : تكلمي عن نفسش .. وش تحبين .. وش تكرهين ..
عشان نتعرف على بعض أكثر ..

رنت إليه بطرف عينها ثم نظرت إلى السماء و قالت بهدوء : ما اعرف أتكلم عني .. انت رح تعرفني مع الوقت ..

و صدق الظاهر بتمطر .. لازم نمشي قبل ..

بإصرار و قد عقد ذراعيه على صدره : مارح نمشي لين تمطر .. انتِ تحبين المطر ..
وانا رح ابقى لين ينزل ..
و لا تصرفيني ..
اذا ما تعرفين تتكلمين عنش انا بسألش و انتي تجاوبين ..

عقدت حاجبيها و نظرت إليه بتعجب ..
قالت بهدوء باسم : هاو ! غصب يعني ؟

أومأ بجدية : ايوه .. ابغى اعرف عنش .. تراني ما اعرف ولاشيء ..
هزت كتفيها بلا مبالاة و قد بدأت تستمتع : عادي . حتى انا ما اعرف عنك ولا شيء ..

مالت شفتيه بعدم رضا : ولا جاش فضول يعني ؟

بسخرية : ليه انتو عطيتوني مجال للفضول ؟ ماغير مهابدة و دمانكم تصب

" مهابدة * مضاربة ..
دمانكم تصب * دماؤكم تسيل"

ابتسم على سخريتها ثم قال بعناد : هذاش عندش الفرصة ..
يللا انطلقي و تعرفي علي ..

بابتسامة واسعة : والله ؟ و كيف اسوي ؟ كيف بتعرف عليك ؟
أشار بيده / ببديهية : اسأليني و اجاوب ..
اومأت باستحسان ثم قالت بسخرية مرحة : طيب ..
وش تحب و وش تكره ..

مالت شفتيه باستهجان و قال بعفوية : اخييه .. كنش تبغين الفكة ..

قهقهت بمرح جعل ابتسامة عريضة ترتسم على شفتيه ..
لأول مرة يراها تضحك بصدق ..
دون تهكم .. أو وجع ..

قالت بعد لحظات بدفاع : لا والله ..
بس انا ما اعرف اتعرف على احد كذا .. خل الأيام تعرفنا على بعض .. افضل مو ؟
قال بسخرية : مووو !! امرنا على الله بس ..

سخريته جلبت القهقهات لها من جديد ..
قالت من بين ضحكات تنفلت منها عنوه : ههههه طييب .. علمني انت ههههه اللي تبغغى ..
بنفي و زعل زائف وقد راق له مرحها : لا خلاص ماعاد لها طعم ..
بابتسامة و خجل و هي تدرك رغبته الحقيقية بالتعرف على بعضهما : طيب وش يرضيك ..
بكبرياء : ولا شيء ..

نظرت إليه للحظات ثم قالت بلا مبالاة متعمدة : على راحتك ..

تحركت تريد المغادرة فجذبها من ذراعها و اعادها بجانبه ..
قال بعبث : على وييييين !! باقي رضاوتي ما عطيتينيّاهه ؟
قالت بعبث اكبر : انت رفضت !!
باستنكار : وانتي صدقتي على طول ؟ و بتقومين بدون ما تحاولين ؟
بعدم مبالاة : و ليش أحاول ؟ انت رفضت ف خلااص !

بمرح : لاا ما اتفقنا على كذا .. اذا انا زعلت رح تراضيني واذا انتي زعلتي رح اراضيش .. مارح نفك بعض الا متراضين ..
بطاعة : اوووكي .. و ايش رضاوتك الحين ؟

بصراحة وهو يمد ذراعيه و يدخلها من تحت الفروة ثم يعانق خصرها من الجانبين : بوسة ، او ضمة .. او الثنتين ..

عادت بجسدها إلى الخلفة بدهشة و حرج تلقف ملامحها ..
لم تمهله السماء لتنفيذ ما يرد فقد دوى صوت الرعد يسبقه التماعة البرق المتجذرة في السماء ..
قالت برهبة و رجاء : خلنا نمشي ناصر ..

نظر إلى السماء و أومأ موافقًا ثم قال بأسف : تمنيت تمطر واحنا اهنيه ..

بهدوء وهي تنزل بحذر من فوق الصخرة : بتمطر ان شاء الله ..

لم تكد تنهي عبارتها حتى انهمر المطر بقوة ..
أمرها باستعجال : خلي الفروة على راسش و امشي ..

رفعتها فوق رأسها ثم هرولا ..
كانت ابتسامة واسعة تعانق شفتيهما حتى وصلا إلى سيارته ..
وقفت بجانب الباب و خلعت الفروة ثم فتحت الباب باستعجال و جلست ..
عقب ذلك جلوسه بمقعده و هو مبتسم ..
بينما هي قذفت بالفروه إلى الخلف و قد احمرت وجنتيها من البرد و المطر ..
عدلت جلوسها بعد أن رفعت حقيبتها و وضعتها على ركبتيها ..
أخرجت هاتفها تنظر إلى الوقت فرأت الساعة تعانق العاشرة و النصف صباحًا ..
قالت بدهشة : اووف ! مر الوقت بسرعة !

عقدت حاجبيها و هي تسمع صوته قريب منها جدًا ..
بهمس اقشعر له بدنها : شمعة !

التفتت بحذر فرأته قريب منها .. بل يكاد يلتصق بها ..
تصنمت وهي تسمع نبرته الهامسة بتوق : ابغى رضاوتي .. الحين !



انحبست أنفاسها واطبقت جفنيها بمشاعر جديدة عليها وهي تشعر به يقتحم حصونها ،
لماذا لا تشعر بأنه يقبلها ؟
بل يمتص داخلها و يتلقفه بنهم ..

يستل من بين نبضاتها نبضة هاربة ثم يعيدها إليها و قد تولدت إلى مئات النبضات ..

استندت بكفيها على صدره و قد بدأت تغوص بعالمه ..
تتعلم المشي إليه كطفل بدأ يحبو للتو ،
تتعثر بين مشاعرها فتقع رهينة صدره ، فتشعر به رحبًا جدًا ..
واسع جدًا ..

أما هو فقد تجرع قربها حتى ثمل ،
اسكرته رائحتها ، طراوة شفتيها ، ثم كفيها المستندة على صدره برخاء ..

آهٍ يا شمعة ..
لو فقط تشعرين بما اشعر به الآن ،
يذيبني الإحساس بكِ على صدري ،
طراوة شفتيكِ تجعلني أرغب بالتهامها ..

اشعر بأنني اقبل روحكِ ، فهل أنتِ تعطينها لي راغبة ؟
أم انها قد انفلتت عنوة من بين قيودك الكثيرة ..
هل هي تناجيني ؟

أخبريني بربكِ يا شمعة ..
برب المطر الذي تحبينه ، هل ما اشعره منكِ حقيقيّ أم أنني من لذة ما اشعر لا أكاد أفقه شيء ؟؟ ..
اجزم بأنني لم اشعر من قبل بما اشعره الآن و انتِ هنا بين قلبي و ذراعي ..
تلتحفين نبضاتي ..
تتلصصين عليها و تسرقينها ثم تخبئينها في جوفك ..
سعيد أنا بهذه السرقة ..
اعلم أن لا عاقل سيسعد بأنه قد سُرق ..
و لكني سعيد جدًا .. بل و سأمنحكِ المزيد بكل نفس راضية ..


افلتها رحمة بقلبه ، و رأفة بحرجها و قد ابتعدت عنه تزهو خديها بالأحمر الفاتن ..
بلل شفتيه و التفت للأمام ..
اخذ عدة انفاس يعيد بها تنظيم نفسه ، يقاوم رغبته بالمزيد ..
يكفيه الآن بأنه قد غرس بقلبها بذره ..
و سيحرص على إرواءها حتى تكبر و تورد ..
قال بحشرجة وهو يضغظ زر التشغيل : البسي نقابش ..
لم تتحرك من مكانها فتنهد .. قال بهدوء : سمعتيني ؟
اومأت ثم قالت بحرج شديد : نقابي بجيب الفروة ورى ..

ابتسم عندما فهم مقصدها ..
فهي لو تحركت و التفتت إلى الخلف ستقترب منه بجسدها ..
لذلك قدر احراجها و التفت هو بنفسه إلى الخلف بينما انكمشت هي بجانب الباب ..
اخرجه من جيب الفروة ثم عاد إلى جلسته خلف المقود وهو يمده إليها ..
جذبته منه و اسرعت بترتيب حجابها ثم ارتدت النقاب ..
تنهد بعمق و حرك المقود ليعودوا إلى ابها ..
سيأخذ منهم الطريق وقت أطول مع المطر الشديد ..
قال بهدوء : راح علينا الدوام .. تحبين اوصلش للمستشفى تكملين باقي يومش والا اردش للبيت ؟

بهدوء لم يشذب من الحرج : البيت لا هنت ..

بابتسامة : لا هان غاليش .. ابشري ..



،



يجلس على الكرسي الذي جلبته بشكل خاص لذلك ..
يرتدي نظارة الواقع الافتراضي 3D ..
هذه هي طريقة العلاج الذي اقترحته عليه ..
ستشغل له فيديو محاكي لما حدث معه .. حادث طائرة ..
حتى يواجه ما حدث له ..

تمر المشاهد أمام عينيه تباعًا ..
تحلق الطائرة في الجو بأمان ..
تمر الدقائق و قد بدأت المظيفات بالعمل ..
ثم يعم الهدوء على الطائرة .. الركاب هادئون ..
كل واحد منشغل بما لديه .. و البعض نائم ..
و المضيفات يثرثرن بالجزء الخاص بهن ..
حتى اقترب وقت الهبوط ..

الكابتن يحادث رادار المطار ، والمساعد منشغل بالأزرة أمامه ..
يتابع كل شيء بدقة و كأنه يعيشه مجددًا ..
ارتفع صوت الكابتن بتوتر و هو يخبر المساعد بأنه لا يستطيع الهبوط ،
هناك خلل ما بالطائرة ..

يتواصل المساعد مع الأشخاص في الرادار ..
و يحاول هو موازنة الطائرة حتى لا تنقلب ..
و بعد معافر شديد لم يفلح أي شيء بموازنة الطائرة ..

اخذت تهوي إلى الأسفل وقد تصلب جسده هو ..
تومض الذكريات برأسه و قد اتسعت عينيه ..

اضطربت أنفاسه و عاد يكرر كما حدث يومها " يارب ، يارب ، يارب "
دقيقة و نصف ثم دوى صوت ارتطام الطائرة بالأرض ..
لم يعد يستطيع التنفس وهو يرى زحف الطائرة السريع ثم ارتطامها بمبنى كان يقف أمامها بشموخ ..

صوت الإنفجار العالي جعله يشهق بحدة و قد رفع كفيه و نزع النظارة بقوة بردة فعل تلقائية..
و يكاد يشعر بجسده يطير ثم يرتطم بقوة في الأرض ..

شهقة أخرى حادة خرجت منه وهو يهوي من فوق المقعد على الأرض ..
استند بكفيه على الأرض وهو يحاول اخذ أنفاسه بقوة ..
يشعر بأنها لا تصل إلى رئتيه ..
عينيه مفتوحة على اتساعها و المشاهد تتكرر برأسه بحلقة دائرية ..
تدور و تدور و تدور ..

و هو يتلاحق أنفاسه ..
امتد أمامه كوب ماء و كـ ضمئان لم يشرب منذ أيام اخذ يرتوي من الماء بنهم و قد طفر من جوانب الكأس و اغرق عنقه و ملابسه ..
تراخى جسده بعدها وهو ينهت بتعب ..
لم يقوى على الوقوف فبقي جالسًا ..

ضربات قلبه مضطربة .. يشعر بخوف عميق و مبهم ..
لحظات فقط و امتدت يدها بعلاجه ، اخذه و ابتلعه دون ماء ..
دائمًا ما تنقذه ، دائمًا ..

فها هي الآن انقذته من نوبة هلع متوقعة ..

اطبق جفنيه بانهيار داخلي ..
و تماسك هش خارجي ..

بعد دقيقتين انتظمت أنفاسه .. فتح عينيه وقد توقع بأنها ستخرج كالعادة ..
و لكنه وجدها جالسة بهدوء و سكون على المقعد الذي كان يحتله قبل دقائق ..
تنظر إلى النظاره بحجرها بصمت ..
لم تستطع الذهاب هذه المرة ..
فهي تخشى بأن ينتكس بأي لحظة ..
مع أنها موقنة بأنه و بعد ساعات سيشعر بالتغير ..

لقد لفظ ما بجوف ذاكرته خارجًا ..

و حان الوقت لملؤها بشيء أفضل ..





،





لم تذهب إلى زيارة فهد ..
و لم تهتم لنظرات عمتها الحاقدة .. أو كلمات اخته اللاذعة ..
فهو لم يصبه سوى ما يستحقه ..

كانت تريد البقاء ببيتها حتى يصحو و يعود إلى وعيه ، ثم إلى بيته ..
فيدخل و يجدها أمامه كعزرائيل ..
و لكن أخيها احبط مخططها ..

فقد هاتفها و عندما اعترضت صرخ بوجهها بأنه سيأتي و إن لم يجدها جاهزه فستذوق منه الويل ..
و مع أنه اصغر منها الا انها خافت منه بحق ..
فهو يبقى اقوى منها جسديًا و لن تأخذ بيده سوى قبضتين فتتساوى مع الأرض ..

لم تتمنى لعيسى حقًا ما حدث ..
فبعد أن ذهبت السكرة ، و حلت الفكرة ..
أدركت بأنها آذت عيسى بطريق انتقامها من فهد ..
و ها هو الآن يقبع في التحقيق ..

و اخيها الآخر غاضب منها بشدة .. فكل ما يعرفه بأن عيسى قد هجم على فهد بسببها ..
فكيف لو علم بالسبب الحقيقي !!
سيدفنها حية ..
و سيذهب ليكمل الباقي على فهد ..

فأخوتها يحملون لشمعة الحب العظيم ، التقدير و الإحترام ..
و مع أنها قد تجاهلتهم و خرجت من بيت ابيها إلى بيت عمتها إلا انهم لا زالوا يكنون لها ذلك الحب الذي يغيظها ..
فهي لا تلقى منهم سوى التهكم .. و السخرية ، و الاستنقاص ..
ليس و كأنها تصمت عنهم ..
بل كانت دومًا ما تنشب الشجار بينهم فيفرقهم والدها ..
ثم يأمرهم باحترامها كونها الأكبر منهم ..
و كان ذلك يرضيها جدًا ..

لم يكن يحتملها أي احد كما احتملتها شمعة و والدها ..
و بعد أن مات والدها اصبحوا فجأة اكبر بأيام معدودة ..
كل واحد منهم تحمل مسؤولية شيء ..
لم يعودوا للشجار معها ..
بل أصبحوا يقدرونها كما كان يطلب والدها منهم دومًا ..
و كما كانوا يتجاهلون طلبه وهم يغيظونها ..
و لكن احترامهم كان يوقع بقلبها حسرة ..
حسرة الفقد لوالدها ..

تعلم بأنهم لم يقدروها لشخصها ..
و لكن لأن والدهم كان يطلب منهم ذلك ..
تنهدت بشوق ثم همست : الله يرحمك يبه ..

جهزت شنطة صغيرة تكفي احتياجاتها للأيام القادمة ..
ثم نزلت إلى الأسفل تنتظره ..
تجلس بكل ثقة و برود على الأريكة ..
متجاهلة تمامًا الأشخاص القابعين معها بنفس المكان ..
و على بعد خطوات منها فقط ..






،





واقف في مكان خال خارج سيارته ..
يقبض على الورقة بين كفيه بغضب حتى انكمشت ..
صرخ بقهر ، صرخة تلو الأخرى حتى بحت حنجرته ..
بالأمس فقط كان يقبض على الأمل بين يديه ..
كانت الأرض لا تسعه من الفرحة ..
يدور حتى وقت متأخر كي يعثر على البيت الذي يرضيها ..
حتى وجده أخيرًا و لكن الوقت كان متأخر جدًا فقرر الذهاب اليوم إليه ..
و لكنه يفاجأ صباحًا عند خروجه من الشقة و قبل أن يركب سيارته ليغادر إلى صاحب العقار بشخص يوقفه و يسأل عن رجل اسمه يوسف و يقطن هنا ..
اخبره بأنه هو ..
فسلمه مظروف ابيض عليه ختم المحكمة ..
طلب توقيعه ثم غادر ..

هكذا ببساطة ..

اخذه الفضول و التوجس فدخل إلى سيارته .. و فتح المظروف ..
شعر بأنه يهوي من قمة جبل مرتفع حتى سقط على رأسه ..
ضربته الكلمات بعنف شعر معه بأن رأسه قد انشطر لنصفين ..
بقي باهتًا في مكانه لفترة طويلة ..
لم يستوعب بعد ماذا قرأ ..
استدعاء إلى المحكمة بقضية " خلع " ..
المدعي ابتهال ..
و المدعى عليه يوسف ..

يعيد قراءتها لأكثر من مرة ..
حتى استوعب بأنها قد تلاعبت به بين أناملها ..
و هو بكل عينين مطبقة سار معها إلى الفخ وهو واثق بها ..

شعر بأنها غدرته .. أدمته ..
قهرته بحق ..

حرك سيارته بتيه حتى وصل إلى مكانه الحالي ..
نزل من السيارة و لا زالت يده تقبض على الورقة ..
و بعد أن افرغ قليلًا مما يعتمل بداخله ..
اخرج هاتفه من جيبه و ضغط على رقمها وهو ينهت من الغضب ..
تراخى على السيارة خلفه وهو يشعر بالصداع يفتك به ..
يبدو بأن ضغط دمه قد ارتفع ..
لحظات فقط و فتح الخط ..
بادر بقهر ، بصوتٍ عال : اناااا تسوييييين فيني كذااا ؟؟ انا تتلاعبييين فيني كني غر بين اصابعش !! اناا تقولين لي ابغى بيت و دور لي بيت و برجع لك و اليوم الثاني ترسلين لي ورقة الخلع .. انااا ؟؟
زفرت بضجر ثم قالت ببرود : اوهوو .. انت هو انت ما تتغير ..
الأنا عندك زايدة بشكل أوفر .. اييييوه بسوي فيك كذا و بسوي فيك كل اللي كنت تسويه فيني ..
كلللل اللي ذوقتنيّاه رح تذووقه ..

قاطعها باشتعال : مهما سويييت فيش ما يحق لش تتلاعبين فيني كذا .. رجال طول بعرض تجين انتي تسوين فيني كذا !

حينها هتفت بقهر و كلمات حادة مسننة ، كل ما فيها حاد و من يقترب منها يُجرح : نسيييت والا تناسيت ؟؟ نسيت يوم تلعب بحلمي بالدراسة ؟؟ تقولي بخليك تكملين و انا اصدقك لأني احبك ! اشوف كلمتك ما تِنثنى !
و بكل مرة تضحك و تقولي انتي صدقتي ؟ انا كنت امزح ..
و الحييين انا اقولك انت صدقت ؟؟
بكل قواك العقلية صدقت إني برجع لك ؟
بعد كل اللي أنجزته تعتقد إني برجع لك ؟؟
بس طبعًا لأنك اتبعت قلبك صدقت .. لأنك تمسكت بالأمل زي ما كنت اتمسك فيه صدقت ..
ذووووق من نفس اللي ذقته يا يوسف ..
و احمد ربك اني ما خذيت منك البيت و فوقها الأثاث وبعده رفعت القضية ..
و نصيحتي لك هيئ نفسك لأني رح اذوقك كل اللي انا تذوقته ..
تراا طعمه مر .. دور لك شيء يحليه ..

ثم أغلقت الهاتف .. نفثت بقهر ..
طوال اربع سنوات كانت تغذي نفسها على كرهه ..
كانت تشذب حقدها و توجهه إليه ..
لم تعتقد بأنها ستكره أحد يومًا كما فعلت معه ..
ستحارب و إن كلفها الكثير ..

تعلم بأنه لن يمرر لها ما حدث مرور الكرام ..
فلنتقاتل يوسف .. و سنرى من المنتصر ..

أما هو فقد قذف بهاتفه فارتطم بزجاج السيارة محدثًا شرخًا لا يستهان به في زجاجها الأمامي ..
صرخ بقهر وهو يركل سيارته حتى تهاوى بجانبها ..
يكاد يفقد وعيه من هول ما يشعر به ..

لقد أهانته ..
بل بالغت في اهانته ..

كسرته بعين نفسه ..

تحامل على جسده المرهق و اعتلى قليلًا حتى استند بكفيه على مقدمة السيارة ..
رفع جسده بإعياء و دوار شديد يخيم عليه ..
جذب هاتفه و اتكأ على مقدمة السيارة ..
ضغط على رقم الطوارئ .. وبعد أن اجابوه قال بتقطع : أسسـ..عععفففوو..ننـييييي

سقط الهاتف من بين انامله و انزلق جسده ببطء حتى تراخى فاقدًا لوعيه بجانب سيارته ..




،



دمتم بود 🍃

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 10:58 PM   المشاركة رقم: 177
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طُعُوْن المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الحادية عشر)

 
دعوه لزيارة موضوعي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ايش هااااد لا ما اتخيلته بهالعنف رح يكون...

انجلط الزلمة فعلياً مو مجاز لووول

ابتهال مجرمة يا بت ما اتخيلتك بهالقوة والبأس




شمعة وناصر وجلسة مصارحة فتحت من وراها قلوب
ولا نقول قلب شمعة اللي كان مسكر ومختوم بالشمع الاحمر

ناصر برقته وعذوبته أزاح الختم واقتحمه



رصاص نقول مبروك إن شاء الله أتجاوز الصدمة ونجح العلاج


يسلمو إيديك طعون مبدعة كالعادة

تقبلي خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°






 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 12:39 AM   المشاركة رقم: 178
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 308719
المشاركات: 38
الجنس أنثى
معدل التقييم: deegoo عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
deegoo غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طُعُوْن المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الحادية عشر)

 

ولوو انها متأخرة ثلاث حباات بس ألف مبروك لك التميز يامبدعتنا وكاتبتنا الجميلة انه أقل ماتستحقينه من جمال قلمك وروعة حضورك وقصصك 😍😍😍😍🤤🤤🤤🤤🤤🎉🎉🎉🎉🎉

 
 

 

عرض البوم صور deegoo   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 12:12 PM   المشاركة رقم: 179
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,526
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طُعُوْن المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الحادية عشر)

 

ياساااتر ياابتهال كل هذا يجي منك ماتوقعت هالكره كله ليوسف ..انا لو منه اطلقها يقطع الحب شو بيذل ...😡😡
ونشوف بعدها هي ايش راح تسوي ...
اكيد خطتها القادمه طلب حضانه لبنتها ..عاد هنا مو يوسف الي بينهار حتى نجد بيغمى عليها هههعععهههه اتوقع مافيه شي مصبرها على حياتها مع يوسف الا وجود ريما

.
رد على السريييع

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 08:57 PM   المشاركة رقم: 180
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طُعُوْن المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الحادية عشر)

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay مشاهدة المشاركة
  

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ايش هااااد لا ما اتخيلته بهالعنف رح يكون...

انجلط الزلمة فعلياً مو مجاز لووول

ابتهال مجرمة يا بت ما اتخيلتك بهالقوة والبأس




شمعة وناصر وجلسة مصارحة فتحت من وراها قلوب
ولا نقول قلب شمعة اللي كان مسكر ومختوم بالشمع الاحمر

ناصر برقته وعذوبته أزاح الختم واقتحمه



رصاص نقول مبروك إن شاء الله أتجاوز الصدمة ونجح العلاج


يسلمو إيديك طعون مبدعة كالعادة

تقبلي خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°







وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته


يوسف 🤭🤭🤭
عاد بنشوف وش ردة فعله على حركة ابتهال اللي ما توقعها ..
يمكن يسوي شيء ما تتوقعه هي 🙃


شمعة وناصر 🤩🤩 ناصر برقة تعامله عرف كيف يدخلها ..
و هو لو من اول متصرف كذا كان يا سلام عليهم 🏃🏻‍♀


رصاص .. نشوف يا نكسة يا يجتاز ..
على حسب تقبله و اصراره ..



دمتِ بلطف 💜🍃

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:05 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية