كاتب الموضوع :
طُعُوْن
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة الثامنة)
سلامٌ ورحمة من الله ..
شكرًا لكل من كتب لي تعليق .. و شكرًا لكل من قرأ الرقصات
و لم يبخل ببضع كلمات قد تصنع يوم الكاتب ..
شكرًا من القلب لكم 💜💜
و اعتذر على عدم تعقيبي على الردود .. اعتذر جدًا 💔
و لكن هناك بعض التعليقات التي حازت على رضاي جدًا .. كـ
تعليق وراقة و تطرقها لمعالجة دارين لـ رصاص .. صدقًا كنت
اترقب أي تعليق من هذه الناحية .. فـ واقعيًا ممنوع منعًا كليًا أن
يعالج الطبيب او الاخصائي أي شخص تربطه به علاقة عاطفية ..
و ما يدور بين أروقة الرقصات ليس سوى محض خيال .. لا يوجد منه
في الواقع ..
أما بخصوص تخصص يوسف .. فقد ذُكر مسبقًا بأحد المواقف ..
فهو " مهندس معماري " ..
اعتذر عالإطالة .. و اترككم الآن مع الرقصة العاشرة 🍃
،
الـرقصـة الـعاشـرة
،
"وأحبُّها، والله يعلم أنها
حشوُ الفؤادِ، ولبُّهُ، والأضلُع"
،
التفتت إلى ريما و ابتسمت لها بحنان ..
تناولت حقيبتها و أخرجت منها هاتفها و فتحته ..
ناولته لها بعد أن وضعت لها إحدى الرسوم المتحركة و قالت بلطف : ريمي حبيبتي اقعدي هنا شوي و انا راجعة .. بكلم عمو برا و ارجع لش اوكي ؟
اخذت ريما الهاتف و قالت بابتسامة و حرج : اوكي
قبلتها على خدها ثم التفتت إلى ناصر الذي لا زال واقفًا و يراقبها ..
عندما التقت عينيها بعينيه أمالت شفتيها بابتسامة ساخرة ..
تجاهلها و خرج فلحقته ..
وقفا بالخارج قريبًا من الديوانية ..
كتفت يديها و قالت بتساؤل : ايه ؟
كتف يديه بالمقابل و هتف بعناد : ايه ؟
اشارت بيدها ناحية الديوانية و قالت بصوت جاهدت لإخراجه هادئ : ليش جبت ريمي لهنا ؟ و قلت انها أمانه ؟
ناصر بتغابي : وين المشكلة بالموضوع ؟ كانت معي و طلع لي شغل و ابوها مشغول ماقدرت اوديها له .. وماعندي غيرش ..
شخرت بعدم تصديق : سبحان الله يعني يوم ان ابتهال وصلت صارت ريمي معك و انت و ابوها مشغولين !
زم شفتيه وهو يشعر بأنه قد تورط حقًا ..
لا زال حتى الآن لم يستوعب بأن شمعة هي نفسها من يكرهها يوسف ..
و بأنها هي من ساعدت زوجة صديقه على الهروب ..
لا يعلم لماذا لا يريد أن يصدق بأنها قد فعلت ذلك ..
فهي بعينيه كاملة .. ولا يعتقد بأنها قد تتدخل بين زوجين لتفرقهما ..
فماذا ستستفيد !! ..
و لم يختر سواها كي يجلب لها ابنة يوسف ..
يا لحظه ..
استمر بالتغابي و قال بعتاب يريد منه تشتيتها عما يحدث حقًا : لو دريت إنش بتنزعجين ما جبتها لش .. بس توقعت إنه عادي ما دام انش صرتي زوجتي ..
تحرك للديوانية يريد اخذ ريما ثم الذهاب .. فلم يعد واثقًا بتصرفاتها ما دامت صديقة تلك الابتهال ،
بل المحرك الرئيسي إن صح القول ..
و لكنها وقفت بطريقه بعد أن مدت يدها أمام صدره تمنعه من التقدم ..
هتفت ببرود : لا تطلعني الغلطانة لأنك عارف إني مانيب متضايقة منها ..
زم شفتيه و نظرإليها بصمت و مشاعر متأججة ، فهذه المرة الأولى التي يراها من بعد عقد قرانهم ..
لا يستطيع تجاهل ذلك .. وهو يتوق لضمها بين يديه ..
يشعر بأنها تتوهج تحت شمس العصر الغائمة ..
و لا يجيء على لسانه سوى قول الشاعر
" مليحةٌ لو رأتها الشمسُ طالعةً ،
غطّتْ على وجهها الوضاءِ بالسُّحُبِ " ..
دقق بنظراتها الغامضة مطولًا و لم يرد ..
وقد شعرت بأنها تحترق من نظراته فأسبلت جفنيها بحرج ..
اسقطت يدها من أمامه و قالت بهدوء ..
بصوت متحشرج : موب زين تكسر خاطر ريمي بعد ما وصلت لهنا .. روح لشغلك و إنت متطمن .. بتكون بالحفظ و الصون ..
بقي للحظات يفكر بتردد ..
لا يضمن بأنها لن تعطي صديقتها ابنتها ..
و لو اخذ ريما فكأنه يقول لها أنا لا أثق بك ..
عوضًا عن أنه قد تأخر حقًا و لن يستطيع أخذ ريما و العودة بها إلى منزل والدها ..
و صدقًا هو لا يثق بتصرفاتها ..
فهو لا يعرف طباعها حتى الآن ..
و زاد عليه مفاجأته بها ..
و لحاجة بنفس يعقوب قال بهدوء : خلاص اخلص شغلي و أرجع لها ..
اومأت بهدوء و قد انغلقت ملامحها ..
التفت ليغادر و لكنها تفاجأت به وهو يعود ليقف أمامها ..
انحنى بجسده فعادت للخلف بتلقائية ..
مد يده و ثبت رأسها من الخلف ..
لثم وجنتها بروية و قد استنشق قربها للمرة الأولى ..
لم يبتعد إلا بعد أن شعر بحرارة وجنتها تحت شفتيه ..
لقد فاجأها تصرفه بحق ..
اطبقت جفنيها بحرج بالغ حتى سمعت خطواته المغادرة ..
إلى متى سيفاجأها هذا الناصر ؟
فيبدو بأنه يجب ألا تستهين به ابدًا ..
،
"وأحبُّها، والله يعلم أنها
حشوُ الفؤادِ، ولبُّهُ، والأضلُع"
،
ليومين فقط لم يتابع جديدها ..
فيتفاجأ صباحًا عندما دخل صفحتها على الانستغرام بأنها قد انتهت من دراستها ..
و بأنها قد وصلت بالأمس إلى الوطن ..
بأنها أصبحت تتنفس ذات هواءه ..
تتدثر من نفس برده ..
اشرقت عليهما ذات الشمس ..
و أقاما الفرض بنفس الوقت ..
لم يعرف ماذا يفعل ..
فأن تكون عودتها النهائية و دون أن يعرف ، يشعر بأن ذلك يشعله غيظًا ..
لذلك هاتف ناصر و طلب منه أن يأتي لأخذ ريما ..
فهو لا يضمن نجد ..
وقد تقول لها ابتهال اعطني ابنتي فتعطيها بسبب وعدها القديم لها ..
يريد أن يبعد ابنته عما من الممكن ان يؤذيها ..
لا يريد لها أن تتأثر أكثر .. فيكفيها ما نالها حتى الآن ..
لذلك الأفضل أن يبعدها عن مشاحناتهم القادمة ..
فهو يدرك بأنها لن تعود حالًا ..
و يجب أن يشحذ جميع أسلحته حتى يواجهها ..
عاد يقلب صفحتها على الانستغرام وهو يرى حفل تخرجهم و صوت صراخهم و فرحتهم ..
و اخذ يقلب بالتعليقات و المباركات ..
تنهد بشجن ، و حسرة كامنة
فهو لم يملك حق الفرحة لها ..
و لم يستطع المباركة لها ..
و عوضًا عن كل ذلك هو لم ينسى جرحه القديم منها ..
كل ما يخص دراستها ينكأه فيعود ليؤلمه و كأن ما حدث كان بالأمس فقط و لم تمر عليه سنوات ..
لقد وضعته بمواجهة مع نفسه حينها ، و هاله ما اكتشفه بنفسه ..
لا يملك سوى أن يقول بأن حبه كان كالوباء ..
تملكيًا قاتمًا .. لم يكن حبًا عاديًا ..
بل كان جارحًا له قبل أن يكون لها ..
كان أنانيًا بحبه و قد قدم نفسه و رغباته عليها ..
لا يعلم حتى الآن ماكان يشحذ دفاعاته ؟
هل إقراره من داخله بأنه لم يستحقها ؟
بأنها افضل منه بمراحل ؟
لقد خشي بأن تتخطاه بمراحل ثم تعود ولا تراه سوى رجل بائس يتعلق بأذيالها ..
لم يكن كبرياءه و غروره سوى غطاءً لنقصه و خوفه ..
فهو حينها لم يستطع حتى أن يحب ابنته بسوية كما فعلت هي ..
و لكنه قد ندم بحق ..
و سيوضح لها ندمه بكل ما لديه من طاقة ..
لن يجعلها تفلت منه بعد الآن ..
سيراوغها و يلاعبها ..
و ستكون في الآخر بين ذراعيه تغفو ..
و على صدره المتشقق تستكين ..
أبدًا لن يفرط بها ..
وهذه أولى فصوله .. سيكمل للأخير ..
و سينتصر ..
نظر إلى ملامحه في المرآة الأمامية للسيارة ..
فوجد ابتسامة تزين ثغره ..
لقد نسي متى آخر مرة ابتسم فيها بحق ..
فـ عودًا هنيئًا لقلبي يـا ابتهال ..
،
"وأحبُّها، والله يعلم أنها
حشوُ الفؤادِ، ولبُّهُ، والأضلُع"
،
لم تخرج من غرفتها منذ الأمس ..
معتكفة هناك ..
فقط تقوم لتصلي ثم تعود و تتدثر ..
شجن عميق يحتل صدرها ..
و شوق جارف لأختها ..
موجوعة بحق ..
لم تكن مع اختها بيومها المهم ..
و لم تشاركها حتى أتفه التفاصيل ..
تلك الـ " مبروك " التي خرجت منها باردة ..
ودت لو أوصلت لأختها حرارة مشاعرها ..
ودت لو انها مزقت الشرنقة التي التفت حولها و خرجت ..
ودت أن تبتسم لأختها و لكن شفتيها كانتا متخشبتان ..
حسرة عميقة بأقصى دواخلها باتت تطفو على السطح ..
فهل كان فهدًا يستحق ؟
تدرك بأن حبها كان يستحق ..
و لكن لم يكن بتلك الطريقة ..
فهل لندمها من معنى ؟
هل يلقى له صدى في نفس اختها ؟
أم انها قد أحرقت سفنها ؟؟
ما تشعر به الآن ثقيل على قلبها ..
تريد أن تبكي ، و يعصيها الدمع ..
تريد أن تصرخ ، فيخذلها الصوت ..
تريد أن تتنشق ، فيُطْبَق على صدرها ..
تائهة ..
ضائعة ..
لا تعلم ما الطريق الأصح الذي تسلكه ..
لا أحد يوجهها ..
ولا أحد يريدها ..
الكل يزدريها حتى أصبحت تزدري نفسها ..
أدركت و بعد أشهر من الزواج بأن حلمها لم يكن يستحق ..
بأن من حاربت لأجله عائلتها لا يرقى إليهم..
و كم هو موجع أن تكون هي من خذلت نفسها ..
لم تخرج بأي فائدة تذكر من هذا الزواج ..
ففهدًا تعلم بأنه مستمر بملاحقته لزوج اختها و قد اصبح كونان زمانه ..
يظن بأنه سيجد شيئًا كي يثور عليه ..
و قد ثار بالأمس عندما اخبرته بأن عقد قرانهما قد تم ..
يكاد ينفقئ من الثقة ..
و يشعر بأنه محور الكون لأنها قد تعلقت به ..
و لكنها صمتت عنه حتى الآن برغبتها ..
و لن تكون سهام إذا لم تجعله يعود إلى الطريق السليم ..
لن تؤذي شمعة أكثر مما قد آذتها ..
فلعلها تسدد بعض الدين لها ..
لعل ذلك يشفع و لو باليسير ..
مع أنها لا تعتقد ذلك ..
فهي تعرف اختها جيدًا ..
إذا اسقطت احدهم من قائمة علاقاتها فلن يعود ..
و لكنها على أمل أن تعودا ذات يوم ..
باسم اخوتهن .. باسم امومتها عليها ..
ترجو ذلك ..
و لا تدري كيف السبيل إلى ذلك ..
لم تستسلم حتى الآن ..
و لن تخوض الحرب مع فهد كي تفشل ..
لم تخلق للهزائم بعد ..
فروح شمعة تنبض بقلبها ..
و قوتها تستمدها منها عند اللزوم ..
تقسم بأن فهدًا لن يهنأ بعد اليوم ..
و ستريه بحق كيف له أن يتغافلها ..
ستعطيه آخر فرصة ..
إذا لم يستغلها فقد اخطأ ..
و إذا كان ذكيًا كفاية ، سيتجنب شرّها .
،
"وأحبُّها، والله يعلم أنها
حشوُ الفؤادِ، ولبُّهُ، والأضلُع"
،
لم ترضَ بأن تستقبل أي أحد ..
تريد أن ترتاح لبضعة أيام قبل أن يبدؤوا بالتعازم ..
فهي من بعد سفرها و دراستها بالخارج أصبحت محط أنظار اقرباءهم ..
فبعضهم مستنكر ..
كيف لها أن تسافر و تترك بيتها و زوجها كي " تدرس " ..
فـ هم يستنقصون من المرأة إن أكملت تعليمها و طموحها ..
و دومًا ما يقولون " البنت لبيت زوجها "
بمعنى : لماذا تدرس و تكمل وهي بالأخير ستتزوج ..
أما هي فلأنها قد تزوجت ثم بعد ذلك أكملت دراستها فالإستهجان كان لها منه النصيب الأكبر ..
و بعضهم متشفٍّ ..
و يقولون بأنها تستحق أن يتزوج عليها ..
فالرجل يحتاج لأنثى في حياته ..
و ليس لزوجة تجعله آخر اهتمامها و تقدم عليه دراستها ..
و جملتهم الشهيرة " اللي تدرس وهي متزوجة لازم تهمل شيء .. يا زوجها يا دراستها " ..
و يشيرون إليها .. انظروا هذا الكلام ينطبق عليها ..
أما الصنف الأخير فهم الفضوليين ..
يريدون أن يعرفوا كيف استطاعت اقناع زوجها بالسفر ..
هل سحرته أم ألقت عليه بعض التعاويذ حتى أصبح تحت طوع أمرها ..
تشكله كما تريد ..
فتأتي بالإجازات و يقضي معها بكل إجازة شهر عسل كما يظنون ..
و المأسوف على أمرها هي زوجته الأخرى ..
فتلقى من التناهيد و الحسرات الكمّ الوفير ..
لا أحد يعلم بحقيقة ما يحدث ..
لا أحد يلتفت لوجعها ..
يظنون بأنها قد جعلته كالشاه تسحبه خلفها ..
و لم يعلموا بأنه قد أذاقها من الوجع الكثير حتى أصبحت على ما هي عليه ..
مصقولة كالجماد .. باردة كالثليج ..
لا روح تنبض بين جنباتها ..
فقط تلتهم الفرص بنهم الواحدة تلو الأخرى كي لا يفوتها أي شيء ..
كي تلحق ما لم تستطع مجاراته ..
أو ما افلتته بتلك السنوات عمدًا من أجل عينيه ..
أدركت بأنه ليس هناك صدًقا بمقولة " لأجل عين تكرم مدينة " ..
فذاتها أهم .. طموحها أهم .. ابنتها أهم ..
كل تلك الأشياء أهم من عينيه التي خانت ..
من يديه التي لمست ..
و من أنفاسه التي تمازجت مع غيرها ..
لا يدركون بأن ذلك حتى الآن يشعل جوفها ..
فالخيانة مرة ..
لاذعة كالعلقم ..
لايدركون كم من الليالي قضتها بالغربة تتقلب على أشواك الغيرة ..
و كم من زفرات و تنهيدات أخذت من روحها جزءًا لم يعد إليها حتى الآن ..
لا يدركون كم من المرات قد تقيأت وجعها ، و لملمها أخيها الصغير ..
و كم من المرات تفقد عقلها من الشوق لابنتها و تكاد تعود ..
لولا اخيها لم تكن لتستطيع الصمود ..
لولاه لم تكن لتشعر بمعنى السند الحقيقي ..
على صغر سنه آنذاك و لكنه وقف خلفها صلدًا كالصخر ..
يتقبل ثورات ألمها بنفس صبورة ..
لذلك هي مدينة له بكل ما فعل ..
و ستسدد دينها أولًا بأول ..
و أول ما فعلته عندما وصلت بالأمس كان ارسالها للمحامي للبدء بتنفيذ إجراءات طلب الخلع ..
و ستكون قريبًا لدى يوسف ..
لن تخذل ماجد وقد دافع عنها بكل ما يستطيع عندما اتهمها والدها بأنها قد خدعته لسنّه الصغير ، و جعلته يوافق على أخذها معه ..
فقد قابلهم حينها بكل شجاعة و أخبرهم بأنه من عرض عليها ذلك ..
و لكنهم لم يصدقوه ..
أم أنهم قد فضلوا اتهامها هي .. لا تعلم ..
و لا يهمها كل ذلك ..
أهدافها واضحة أمامها .. و لن تتخلى عنها ..
ليس بعد أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن ..
ليس بعد أن حققت ذاتها و شُفيَت من حبها له ..
لن تسمح له بأن يضغط عليها أو يضعفها ..
و ستُفهم أهلها ذلك قبل أن تُفهمه ..
فقد وصلها صوت والدها يقول بصرامة و جفاء : يوسف يدري إنك خلصتي ورجعتي ؟
اخذت نفسًا عميقًا و زفرته ثم قالت بهدوء بارد : ما ادري ..
عقد والدها حاجبيه بغضب و سأل بصوت شابه بعض العصبية : وشهو اللي ما تدرين ! ما علمتيه ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة اشعلت والدها فقد قال بغضب : و وجعه .. تحاكي زين و خلي عنك هزهزت اكتافك .. * أي تكلمي جيدًا *
زفرت بصبر ثم قالت بهدوء : ما ادري عنه .. ولا علمته بشيء .. ولانيب ناوية اعلمه ..
نظر إليها بقوة أفجعتها و لكنها تجلدت ..
قال بصوت مصرور شعرت به يشرخ طبلتيها : متى بترجعين لبيتك ؟ عاجبتك الهياتة من دولة لدولة ..
علقت نظراتها به بقوة هادئة أدرك منها بأن ابنته قد فقدها ..
و بأن من أمامه لا تمت بصلة لتلك الصبية المفعمة بالحياة ..
قالت بأقصى طاقة للهدوء تمتلكها : أنا ببيتي هالحين .. إلا إن كانك ما تبغاني شفت لي شقة قريب من هنا ..
صرخ والدها بغضب عاتٍ أخذ يلوح بيديه : ولد ابوووووي .. تبغين تطلعين بشقة ! ليه ما وراك أهل يلمونك ! و كيف منتيب راجعة لبيتك ؟ دراسة و درستي .. شهادة و خذيتي .. وش تبغين زود !
رفعت حاجبها و استقامت لتغادر وهي ترسم أول خطوط حياتها : اللي أبغاه باخذه .. و رجعة لأبو ريما مانيب راجعة ..
،
"وأحبُّها، والله يعلم أنها
حشوُ الفؤادِ، ولبُّهُ، والأضلُع"
،
بقيت على اعصابها باقي ساعات يومها ..
منذ أن غادر و الأفكار تأخذها و تذهب بها ..
يبدو بأنه يعلم عن مشاكل يوسف و ابتهال ..
و يبدو بأنه يعلم أكثر من مجرد مشاكل ..
قدومه اليوم و معه ريما لا يترك لها أي مجال للنفي أو احسان الظن ..
لم يأتِ لها بريما سوى ظنه بأنه سيساعد صديقه ..
و يبدو قد تفاجأ بأنه لم يأتِ بها سوى لصديقة أمها ..
ثم موافقته على ترك ريما لديها لم تشعرها بالراحة ..
مع أنها قد قضت وقتًا طويلًا باللعب معها حتى أتت ابتهال و انشغلت معها فتركت لهن بعض الوقت و اختلت بنفسها كي تصفي ذهنها ..
و الآن ها هي الساعة تشير للحادية عشر مساءً و لم يأتِ ناصر حتى الآن ..
تكاد تميل على نفسها من الإرهاق ..
و لكن النوم قد طار وهي تفكر بمواجهتها القادمة معه ..
لم يطل انتظارها فقد وصلتها رنة منه يخبرها بأنه قد وصل ..
وقفت و نظرت لنفسها بالمرآة ..
كان مظهرها يبدو مقبولًا ..
فقد رفعت شعرها الداكن بذيل حصان انثوي متراخ ..
و جذبته للأمام ..
ثم اضافت بعض الزينة لوجهها مع أنها تشعر بأن الإرهاق ينطق منه ..
و لكنه فوق كل ذلك يبقى زوجها و عقد قرانهم كان بالأمس فقط ..
عوضًا عن أنها تحب ذلك ..
تحب أن ترى نفسها بأفضل صورة ..
خرجت بخطوات متمهلة حتى وصلت إلى الحوش ..
نظرت جانبًا فرأته يقف من الداخل قريبًا من الباب ..
دون أن تكلمه تقدمته إلى الديوانية ..
دخلت و فتحت الضوء ثم التفتت إليه ..
قالت بسكون و قد تعلقت نظراتها بصدره و لم تستطع رفعها وهي تشعر بنظراته مسلطة عليها : تأخرت ..
تقدم بهدوء و قال باعتذار حقيقي : معليش بس توني فضيت و جيتش على طول ..
أومأت بصمت فسألها وهو يشتت نظراته في المكان : وين ريما ؟
كتفت يديها و بمواجهة وقد نظرت إلى عينيه مباشرة : مع أمها ..
جمد بمكانه للحظات ..
ثم قال بهدوء يحسد عليه : وين قلتي ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة و بصوت بارد ممطوط : قلت مع أمهااا
تقدم إليها فتحفزت بوقفتها .. سألها بغيظ : ليش سويتي كذا ؟
شمعة ببرود : ما سويت شيء .. تبغون تحرمون الأم من بنتها .. و أنا ما أرضى بالغلط يصير و بمقدرتي أصححه ..
وقف أمامها مباشرة و هتف بعدم تصديق : شمعة !! أنا تركتها عندش أماااانه و إنتي قلتي بالحفظ و الصووون ..
مالت شفتيها بما يشبه الابتسامة و قالت ببرود أشد ..
بتوضيح : هذا هي بالحفظ و الصون .. مع أمها ..
فلتت اعصابه فشد على عضديها و هتف بتحذير : شممععة .. ما اتفقنا على كذاا .. وش أقول لأبوها الحين ؟؟
بعدم اهتمام كاذب و قد بدأت قبضتيه تؤلمانها : قووله مع اممهاا ..
هزها بخفة و بصوت منفعل يحاول اخفاضه قدر المستطاع : ما بيقوول وش وداها لأمها ؟ هاا ؟ وش تبغيني أقوله !
معليش زوجتي صديقة زوجتك اللي ساعدتها تهرب و الحين عطتها بنتك كمان ..
التمعت عينيها بشيء لم يدركه ..
و لكنها هي من انتصرت بداخلها ..
فقد راهنت على أنه يعرف الكثير .. وقد أصابت ..
هتفت بجمود : و ليش ما تقوله يعني ؟ ما بتخبى و أقول إني ما سويتها ..
هزها اكثر وقد انفلتت اعصابه بحق : بس أنا ما ابغاه يعررررف
لاكت لسانها بداخل فمها كي لا تطلق عليه و على صديقه السباب ..
سحبت نفسها من بين قبضته بقوة و هتفت ببعض انفعال : وليه ما تبغاه يعرف ؟ ما تتشرف والا كيف ؟
لوح بيديه في الفراغ و قال بغضب : حلااااتي أقوله ترا هذي اللي تكرهها و تدعي عليها هي نفسها زوجتي ..
شمعة بثقة و شموخ : قوله اللي تبغى ما يهمني .. و لو انعاد الزمن بسويها من جديد و خله يطق براسه ..
: شششمممممععععة
قفزت من صرخته العالية ثم هتفت بغضب شديد وهي تشعر بنبضاتها تتقافز من الروع : نعععمم وش فييه ..
ليش تصاارخ ؟؟
اخذ نفسًا عميقًا و زفره .. لقد أخرجته عن طوره حقًا ..
لم يجف بعد حبر عقد قرانهم و ها هو ذا يصرخ بملئ صوته ..
صمت لعدة لحظات يهدئ نفسه ..
ثم قال بخفوت و خذلان : تدرين الغلط ماهوب عليش .. علي أنا اللي خليتها عندش .. خلاص أنا بعرف اتفاهم معه ..
تحرك ليغادر .. و لكنه تجمد بمكانه بعد عدة خطوات عندما قالت بكل ما في الدنيا من برود : ريمي نايمة جوا .. تعبت وهي تنتظرك فنامت و ما حبيت اصحيها ..
التفت إليها بعدم تصديق ..
بهت للحظات بعدم استيعاب و لم يجد ما يقوله ..
قال بعدها باستنكار وهو يشير بيده ناحية المنزل : ريما داخل نايمة ؟؟
اومأت بصمت فعاد إليها ..
وقف أمامها و قال بتصلب : وش المغزى من حركتش ذي ؟
أمالت شفتيها بسخرية ثم هتفت بتحدي : نفس المغزى من حركتك و إنت تخليها عندي بعد ما عرفت إن أمها صديقتي ..
مال برأسه و ضيق عينيه وهو يدقق النظر بها للحظات ..
ثم فاجأها و هي تراه يضحك ..
ضحكة رجولية زعزعت ثباتها فرفعت سبابتها و الوسطى و دلكت صدغها برقة كي تخفي انفعالها عنه ..
تكتف باستمتاع و قال بسخرية : يعني الوضع كذا ؟
هزت كتفيها بدون رد ..
اقترب منها و هتف بغيظ وهو يسحب وجنتها المستفزة له منذ أن رآها : يعني اعصابي راحت عالفاضي ؟
بتحدي و هي تبعد وجهها عنه : محد قالك تعصب ..
هتف بدهشة حقيقية : و مين اللي خلتني اعصب ؟
شمعة ببراءة لا تليق عليها : محد
فتح فمه يريد مناكفتها أكثر ولكن الطرقات القوية على الباب الخارجي أوقفته ..
عقدت شمعة حاجبيها باستنكار .. من الذي سيأتي الآن ؟
سألها بتعجب : فيه أحد بيجي عندكم ؟ اخوانش او حد من هلش ؟
نفت بهزة من رأسها و قالت بتوضيح : اخواني عندهم المفاتيح .. و محد من هلي بلغني إنه رح يجي ..
تحرك بحمية و لا زالت الطرقات مستمرة بشكل مزعج لا ريب بأنه قد أيقظ الجيران ..
لحقته بخطوات مترددة فنظر إليها ثم قال بأمر : ادخلي جوا ..
شمعة بخوف حقيقي و هي تعلم بأنه أعزل من السلاح و من بالباب واضح بأنه لا يريد أي خير : و انت ؟
بنفاذ صبر وقد بدأ الطارق يستفزه : ادخخخلللييي
دخلت بعجل و أغلقت الباب فوجدت عمتها قد خرجت من غرفتها تتخبط ..
تقدمت إليها وهي تهتف بتأنيب : عميمة شوي شوي على نفسش الله يخليش ..
تشبثت بها عمتها عندما اسندتها و قالت بتساؤل وَجِلْ : مين اللي عند الباب ؟
هزت كتفيها بعدم المعرفة و قالت بتوضيح : ما اعرف .. ناصر كان جاي عشان يأخذ ريما وهو اللي راح يشوف اللي بالباب ..
لم تكد تنهي كلامها حتى وصلتها طرقات هادئة فقالت بهدوء : اكيد ناصر .. لحظة اشوفه و اجي ..
تركت عمتها واقفة و هرولت إلى الباب ..
و قفت خلفه وقالت بخشية : مين ؟
بهدوء : ناصر
فتحت له الباب فوجدته يقف أمامه تمامًا ..
سألته بخفوت : مين كان ؟
ناصر و هو يشعر باشتعال عروقه تمامًا : فهد .. يبغى عمته ..
،
دمتم بود 🍃
|