كاتب الموضوع :
طُعُوْن
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: يراقصها الغيم / بقلمي (الرقصة السادسة)
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
بدايةً .. حابة أشكر كل من تفاعل معي و كتب لي تعليق حتى لو من كلمتين..
هالشيء يحفزني جدًا .. و أشكر شكر خاص جدًا من اعماق قلبي لصديقاتي
اللي يتفاعلون مع الرواية و يكتبون تعليقات طويلة و كأنهم فعلًا أول مرة
يقرؤونها .. شكرًا لأنكم ما خذلتوني و وقفتوا معاي وقفة صادقة ..
احبكن كثيير ♥♥♥
و الحين اترككم مع البارت .. قراءة ممتعة 🍃
الـرقصة السـابعـة
،
في صدري ثلج لا يخمدْ
فبأيةِ نار أتبردْ
يا ساكنةً بين جفوني
ما أدنى الوصل ، وما أبعدْ
ها أنتِ بصدري قافيةٌ
تتنفس من عمري الأجردْ
قافيةٌ لم ترضَ بقلبي
إلّا جُثماناً كي توجَدْ
قد قال لي الناي ستحتاج
لتصبح ناياً ، أن تُحصَدْ
يتصفّدُ قلبي يتصفّدْ
في ليلٍ شعريٍّ مُحتَدْ
سويتك بالشعر ، فمالي
من وصلك إلا ما يُنشَدْ
يابنتُ وفي قلبي طيرٌ
أغراه الغيم ، ولم يصعَدْ
أشجاه الليل فما أبكى
أشجاه الصبح فما غردْ
يا هدهد قلبي ، لم أبرح
أمشي في الشِعر وأتفقّدْ
قد كنت سجيناً لا أدري
ما الحسنُ وما الغصن الأغيَدْ
حتى أقبلتُ على سجنٍ
قاد العشاق بلا مقوَدْ
،
رفعت هاتفها بإصرار ..
دخلت على برنامج الواتس اب و ذهبت إلى رقمه الذي قد سجلته مسبقًا بـ ن ..
اخذت نفسًا عميقًا و زفرته ..
ثم كتبت بشجاعة قبل أن تتخاذل : ناصر ..
كان خارج البرنامج و اخذت تراجع نفسها ..
ضغطت على الرسالة بجبن و همت بحذفها ..
و قبل أن تفعل رأته متصلًا على البرنامج فـ قذفت بالهاتف على السرير بفجعة و دون شعور ..
لحظات ثم مدت يدها ببطء و توتر ..
استلت الهاتف و رفعته بهدوء ..
نظرت إلى الشاشة فوجدته قد رد " هلا " ..
وضعت يدها على جبينها .. همست : ياربي .. وش أقول ..
وصلها تنبيه آخر منه بعد لحظات و كان مكتوب بتساؤل " مين معي ؟ " ..
اطبقت جفنيها بيأس وهتفت بتوبيخ : جبتيها لنفسش يا شمعة .. ياربي وش أقول ..
نظرت إلى الهاتف بيدها مجددًا فرأته قد كتب ايضًا " الوو " ..
اخذت نفس و زفرته ثم اجابته باصابع مرتجفة : أنا شمعة ..
لم يرد بعدها لدقائق فتكت بأعصابها و قد اخذت تكيل لنفسها الشتائم ..
تكاد تولول و تدمع عينيها ..
حينها وصلها رده ..
كان باختصار " آمري " ..
مسدت بيدها على عنقها و اخذت تفركه بعنف حتى احمر جلدها ..
لم ترد عليه وهي تفكر كيف تبدأ ..
رفعت كفيها و مسحت وجهها ..
كان جبينها يتصفد عرقًا من التوتر ..
وصلها تنبيه آخر و كان يسألها إذا كانت تريد أن يهاتفها بدًلا عن الرسائل فانتصبت بجلوسها بتوتر اكبر ..
ردت بسرعة و ارتباك : لا .. ما يحتاج .. بس بغيتك بموضوع ..
قرأ ردها وهو يكاد لا يستوعب ما يحدث ..
فعندما قالت " انا شمعة " شعر بأنه قلبه قد توقف ..
ثم عاد ينبض بجنون ..
الا يكفيه بأنها قد وافقت ؟ ..
اذًا لماذا أرسلت ؟
هل تريد أن تخبره برفضها ؟
هل تراجعت ؟؟
يتمنى ألا تفعل ..
فهو حتى الآن لم يفق من سكرة موافقتها بعد أن اخبرته والدته قبل ساعات ..
اخذ بضع دقائق وهو لا يعرف بماذا يجيبها ..
حتى اهتدى بأن يرد برسمية ..
مع أنه لا يكاد يطيق ذلك ..
أراد مهاتفتها و سماع صوتها بدًلا عن انتظار ردها الذي طال ..
و عندما اخبرته بأنها تريده بموضوع شعر بتوتر كبير يغزوه ..
قال لها سمي وهو يريد من يسمي على قلبه من تقلبات يشعرها ..
رآها تكتب فانقبض صدره ..
لا يستطيع التفاؤل بما يخصها ..
ولا يستطيع التنبؤ بماذا تريده ..
بعد دقائق وصله ردها ..
اطبق جفنيه قبل أن يقرأه فقد كان من عدة اسطر ..
و بعد ان تهيأ نفسيًا فتح عينيه ..
اخذ يقرأ ما تريد ..
و لم يستطع إكمال تواصلهم بالرسائل فضغط على رقمها و اتصل ..
بقي يرن حتى كاد ينقطع الرنين دون رد ..
و لكنها ردت على آخر لحظة .. صمتت فصمت للحظات يستجمع نفسه .. قال بهدوء : ممكن تفهميني ؟
بعد لحظات وصله صوتها مشدودًا و كأنها تحارب نفسها : انا مو مستعدة للزواج .. تقدر تتحملني ؟؟
رد بهدوء و ثقة : انا قادر اتحمل اذا كنتي جادة .. بس شغلة يومين و تنتهي السالفة اعذريني ..
لم يصله أي رد سوى أنفاسها المتوترة .. هتف بلطف : شمعة ؟
شمعة بصوت خائر : اسمعني ناصر .. انا جد مو مستعدة .. ولا اقدر اكذب عليك .. بس الحل الوحيد لي إني اتزوج ..
فإذا انت مستعد تصبر علي لين اتأقلم تمام .. اذا منت قادر فاعتبرني ما تكلمت ولا أرسلت ..
قال بهدوء و بدون أي تفكير .. فيكفي بأنها قد وافقت ..
و بأنها تناقشه الآن بشأن علاقتهم : اذا انتي ناوية نستمر ابشري .. مثل ما بتحملش رح تتحمليني .. بس عندي سؤال قبل .. و على أساسه نتفق ..
اخذت نفس عميق و زفرته بارتباك .. قالت بهدوء لا تعلم من أين اجتذبته : آمر ..
سألها وهو يكاد يحترق من مجرد التفكير .. بحدة غير مقصودة : انتي كنتي مخطوبة لولد عمش سنوات .. هل لا زال بقلبش شيء له ؟؟
فتحت عينيها على اتساعها .. لم تعتقد بأنه سيسأل ..
و لم تفكر بذلك مطلقًا ..
اعتصرت المفرش بجانبها و أجابته بثقة و ثبات : ما كان بقلبي شيء لا أول ولا تالي ..
ثقتها و ثباتها جعلا اكبر ابتسامة ترتسم على شفتيه ..
قال بهدوء و استكنان : اجل اتفقنا .. على بركة الله ..
بخفوت وهي تستعد لإنهاء المكالمة : يا هلا ..
،
دخل إلى جناحه و ارتفع حاجبيه بتعجب ..
المكان هادئ و مظلم ..
الشموع متناثرة في الزوايا و على الارفف ..
كما أن رائحة البخور و العطور تزكم أنفه ..
صوت موسيقى هادئ يتناهى له من غرفة النوم ..
تقدم بهدوء و تعجب حتى دخل .. نظر إلى المكان من حوله باستحسان .. رآها تتقدم منه بدلال ..
ابتسم باعجاب و قال بتساؤل وهو يستقبلها بين ذراعيه : وش سر هالاحتفال ؟
نظرت إليه و بجرأتها التي لا زالت تثير تعجبه ، وقفت على قدميه بقدميها و قبلته ..
ضم شفتيها بقبلة طويلة قد اشتاقها ..
ابتعد عنها بضع انشات فأجابته وهي تقبل خده بشفتين حارتين اثر هجومه منذ لحظات : عشان كملنا شهرين متزوجين ..
نظر إلى الطاولة التي تضم عليها عشاء مرتب بشكل أنيق ..
قال بهدوء وابتسامة وقد عاد بنظراته إلى عينيها الواسعة : بس باقي ما كملنا شهرين..
بدلال وهي تعانقه مجددًا : عااااادي اعتبرنا كملنا .. كلها كم يوم ما تفرق ..
بابتسامة وقد اخذته إلى عالمها .. بغرابتها و غموضها : تمام .. لعيونش نعتبره قد كملنا ..
سحبته من يده و تقدمت به إلى الطاولة ..
جلس بعد أن جلست و بدأ يلتهم الاطباق بجوع ..
نظرت إليه بحب ثم سألته وعينيها على بدلته العسكرية : الظاهر انك ماقد كليت اليوم؟
اومأ بموافقة : ايوه كان عندنا شغل كثير ولا قدرت حتى اكل ..
بعطف : حبيبي .. بالعافية اجل ..
اومأ بصمت فنظرت إليه ..
إن كان يظنها مغفلة فليكن ..
ستخبره بجميع الطرق و بدون أن يشعر بأن لا هناك انثى ستكون بحياته سواها ..
فملاحقته لاختها لم تفتها ..
ابتعاده عنها في اليومين الماضية لم تمر مرور الكرام ..
فهو ليس بالغامض الذي يستطيع إخفاء ما يحدث معه ..
و قد فضح نفسه بنفسه بالأمس ..
لذلك عليها إعادته إلى مساره ..
و تقويم اعوجاجه ..
لن تكون سهام إذا لم تفعل .. فصبرًا يا فهد ..
،
ماض
يا للسخرية ..
قبل عدة أسابيع كانت ترفض رفضًا قاطعًا أن توافق عليه ..
وها هي الآن تزف إليه ..
لم توافق من أجل اخواتها ..
ولا من أجل ابتهال..
لم يجعلها توافق سوى بكاء أمها و حالتها النفسية التي أصبحت تتردى ..
أليس لأجل الأمهات تباح المحرمات ؟؟..
لن تستطيع فقد أمها بعد أن فقدت اخيها ..
لم تشفى حتى الآن من فقده ..
و لا طاقة لها بفقد جديد ..
كما أنها لا تريد أن تفقد حياتها هنا ..
لا تريد أن تحرم من دراستها ..
لا تريد أن تفقد كل ما بنته و عاشته ..
لن تستطيع التأقلم في المنطقة الأخرى حيث يقطن والدها الذي تركهم منذ سنوات بسبب زواجه من أخرى مكتفيًا بها عنهم ..
تعلم نفسها جيدًا و تعلم بأن تغيير حياتها بأكملها شيء يفوق احتمالها ..
لذلك فقد وافقت مجبرة ..
اخذت زوج صديقتها..
عندما قررت الموافقة هاتفت ابتهال..
تقابلت معها بأحد المقاهي و شرحت لها ابتهال ما حدث ..
و اخبرتها كيف عليها أن تتصرف ..
قالت لها بالحرف الواحد " اكتبي بالعقد دراستش و وظيفتش شرط "
وقد كان ذلك ما حدث ..
فقد كتبته بالعقد وهو لم يرفض ..
و قد اخذت منها ابتهال وعد بأنها لن تحرمها من ابنتها ابدًا و تحت أي ظرف كان ..
حينها أصرت على ابتهال ان تخبرها لماذا ؟
تريد أن تفهم لماذا ستترك ابنتها !
فأخبرتها بأنها ستضطر للابتعاد و تريد أن تضمن بأنها لن تفترق عن ابنتها ..
وبعد إصرار اكبر اخبرتها بأنها ستسافر للدراسة ..
ولن تستطيع أن تأخذ ريما معها ..
لم تحدد اليوم الذي ستسافر فيه ..
و لكنها اخبرتها بأنه قريب ..
و بالأمس فقط قد أرسلت لها قائمة طويلة بجميع احتياجات ابنتها ..
و كثير من التوصيات و الرجاءات ..
فعلمت بأنها اللحظة الحاسمة ..
هي لا يهمها يوسف بمثقال ذرة ..
و إن كانت ابتهال الهادئة قد فعلت ما فعلت فهو اذًا يستحق ..
هي لم تخبرها بما حدث حرفيًا و لكنها أخبرتها بأن الموضوع به امرأة أخرى ..
لم تبقي ابتهال أي شيء لم تخبرها به من طباع يوسف و كأنها تعد لها العتاد كي تقاتل ..
كانت تخبرها بين كلماتها بأن احترسي ..
و لكن كل ذلك لا يهمها ..
ما يهمها هي والدتها و حسب ..
فالأيام القادمة تشعر بأنها ستكون ثقيلة .. و بائسة ..
فلن يمر سفر ابتهال على خير ..
وكل ما تخشاه أن يعود شر سفرها عليها هي ..
و تخرج خالية الوفاض بلقب مطلقة ..
و تذهب مع والدتها إلى منطقة ابيها تجر خلفها وصمة العار ..
و تتمنى ألا يحدث ذلك ..
فتخرج بلا يوسف ولا قميصه ..
،
ماضِ
قبل خمس سنوات
بـ أحد المقاهي النسائية ..
صخب ضحكاتهن جعل من حولهن ترتسم على شفاههن ابتسامات واسعة حتى أن البعض قد ضحكن بخفة ..
وقد لفتن أنظار من حولهن عدم استطاعتهن التوقف عن الضحك ..
ثوان فقط و وقفت نجد و اخذت تهمس بوجل وقد تضرج وجهها بالأحمر : بناااات ابغى الحمااام ..
عادت قهقهاتهن ترتفع وقد صرخت ابتهال بضحك وهي تضرب على فخذها بضحكة صاخبة ..
اشارت شمعة على جهة دورات المياه وهي لا تستطيع الكلام وقد دمعت عينيها بسبب موجة الضحك ..
قالت ابتهال بصوت متقطع يخالطه انفلات بعض القهقات : رووحيي ههههه قبل تسوينها ههههههههههه على نفسك هههههههههه
و مدت كفها إلى شمعة التي ضربت كفها بالمقابل و قد عادت لهن ضحكاتهن الصاخبة ..
نجد بوعيد وقد اخذت تمشي بخفوت : هيييين أوريكم لما ارجع ..
نظرن إلى مشيتها الرهيبة و محاولتها بتقريب خطواتها ..
من يراها لن يحتاج للذكاء حتى يعرف بأنها تحتاج لدورات المياه فانطلقت ضحكاتهن مجددًا ..
ضغطت ابتهال على بطنها و هتفت بابتسامة واسعة : بطني عورني خلاص .. قدني ضحكت حق سنة قدام ..
اومأت شمعة وهي تمسح عينيها ثم تأخذ انفاسًا عميقة و تطلقها حتى تستطيع التنفس جيدًا ..
قالت بضحكة : صديقتش خبلة .. اجل حد يسوي سواتها .. ما خفتوا حد يكشفكم وقتهاا !!
هزت ابتهال كتفيها بلا مبالاة و قالت بتوضيح : يختي كانت كريهه و تلاحقنا عالرايح و الجاي ..
شمعة بسخرية محببة : وش تبغونها تسوي وهي تشوفكم ترقصون عالطاولات بكل مكان ! مدرسة هي والا مرقص
انفلتت ضحكة ابتهال ثم هتفت بحنين : تصدقين كانت افضل ايامي هي أيام الثانوي ! لا هم ولا غم .. عايشين بالطول و العرض و كل همنا وش نسوي عشان نجلط المعلمات ..
ابتسمت شمعة بهدوء ثم سألتها بدون مواربة و هي ترا وجومها : ندمتي ؟
فرت تنهيدة عقيمة ثم اجابتها بصراحتها المعهودة معها وقد فهمت ما تعنيه بسؤالها : ما اقدر أقول إني ندمت .. لأن يوسف على كل عيوبه إلا انه انسان كويس ..
تجيه أوقات يكرهني فيه و يخليني اندم و أقول وش لي بالشقى !
بس بعدها يخليني اعطف عليه كنه بيبي صغير ما يعرف وش يسوي ..
شمعة بصراحة و قد ثبتت بنظراتها على عيني ابتهال الداكنة : ما تحسين انش تحملين نفسش فوق طاقتها ؟
في النهاية يوسف مهوب بيبي بس إنه يستعطفش عشان تنسين كلامه السم ..
ارتجفت ابتسامة ابتهال و اسبلت اهدابها ..
قالت بعد لحظات بصوت كئيب شعرت به شمعة يسبغها بالسواد : يمكن زي ما قلتي .. بس ما نسيت ..
كل كلمة يقولها احسها تنخر قلبي لين صار ماعاد يوجعني ..
ما اقدر انسى ولا اظن اني بنسى ..
شمعة بتساؤل وهي تضع ابتهال بمواجهة مع نفسها : ايش اللي يجبرش عليه ؟
زمت شفتيها للحظات ثم رفعت كتفيها بحيرة ..
صمتت شمعة تنتظر إجابة ابتهال و لكنها لم تصلها فمالت ابتسامتها بتهكم .. لن تكون هي شمعة إذا لم تخرج ابتهال من حالتها ..
لا تحب الخنوع ..
ولا تستسيغ الضعف ..
و من امامها ليست ضعيفة .. تدرك ذلك جيدًا ..
و لكنها و لسبب ما يكتنفها خنوع يستفزها لتخرجها منه ..
لذلك سألت بهدوء غامض : وين تشوفين نفسش بعد خمس سنوات ؟
ارتفعت حاجبي ابتهال بمفاجأة ..
لحظات فقط و صدحت ضحكتها ..
كانت خاوية بلا روح ..
حقًا أين ترى نفسها بعد سنوات ؟؟
هل تلاحق يوسف و ترضيه ..
أم تهتم بابنتها ..
أم سيكون لديها أطفال اخرون و قد ضاع وقتها في الصراخ عليهم حتى إذا جن الليل تأوي إلى فراشها مرهقة ..
بينما يوسف على الصعيد الآخر يرتقي سلّم النجاح و لم تعد ترضيه كزوجة ..
راقبتها شمعة بوجع ..
يا الله ..
لقد استشعرت ألمها من مجرد ضحكة باهته لن يستطيع تمييزها إلا من يعرف ابتهال حق المعرفة ..
و لا تظن بأن هناك من يعرف ابتهال اكثر منها ..
نظرت إلى جانبها عندما سحب المقعد و جلست عليه نجد براحة و هي تهتف بفضول : على وش تضحكين ابتهالوه .. ضحكيني معش ..
ابتهال بمرح مفتعل و هي تشعر بأن ليلتها قد لبست ثوب الرمادية : ولاشيء كنت أقول لشمعة إنها افضل صديقة بالحياة ..
نجد بغيرة : نعم يا روح امش ! وانا وش قدني قايلة ؟ * أي وانا ماهي مكانتي *
ابتهال بصدق وقد مدت يدها و ضغطت على كف نجد : انتي غلاك ما ينحكى به ..
نجد بمشاغبة وهي ترنو بنظراتها بغرورإلى شمعة : و هي ؟
ابتسمت ابتهال وقد أسندت ظهرها باستقامة : هي افضل صديقة تعرفت عليها من النت .. هي افضل من عرفتهم هالسنة ..
و الحين أتمنى انكم تصيرون صديقات بما اني عرفتكم على بعض ..
،
طرقات مزعجة على الباب تلاها رنين الجرس الذي تشعر به دخل إلى أعمق خلية برأسها ..
تأفأفت بضجر و التفتت على جانبها و هي تضغط الوسادة على رأسها ..
استمر الطرق فصرخت بغيظ و اعتدلت بجلوسها على السرير ..
فركت عينيها بمحاولة ابعاد النعاس و ماكانت الا لحظات فقط و اتسعت عينيها بصدمة وهي ترى اشعة الشمس التي تحتل الغرفة بتصريح كامل على أنه قد بدأ يوم جديد
و قد فاتها موعد دوامها ..
رفعت هاتفها من جانبها و اتسعت عينيها اكثر وهي ترى الساعة تشير للثانية بعد الظهر ..
شعرت بقهر عظيم و شدت شعرها بغضب ..
تكره أن يفوتها موعد الدوام ..
ولا تعلم حتى الآن كيف استغرقت بالنوم إلى هذا الوقت !
لقد كانت تعاني من الأرق منذ اشهر ..
و تحديدًا منذ صدمتها بأختها ..
فما بالها اليوم قد استغرقت بنوم عميق إلى الحد الذي لم توقظها فيه اشعة الشمس المزعجة!! ..
نظرت إلى الباب وقد عقدت حاجبيها ..
لم تعد تسمع صوت الطرقات و يبدو بأن من كان عليه قد ذهب او ان الخادمة قد فتحت له ..
عادت بنظراتها إلى هاتفها الذي يسكن راحتيها ..
كانت تشعر بأن نفسها هادئة ..
هناك شيء كان بها و لم يعد ..
لحظات و ومضت برأسها احداث الأمس ..
وضعت يدها على خافقها الذي تشعر به يكاد يثب و همست بصدمة : أنا وافقت !!! أنا كلمت نااااصر !!
نظرت إلى الانحاء بمحاولة لتكذيب ما فعلت ..
و لكن كل ما حدث اخذ يتدفق إلى رأسها بسرعة رهيبة ..
لم ترد تصديق ذلك فنظرت إلى هاتفها و فتحته ..
دخلت على برنامج الواتس بسرعة و اخذت تقلب بالمحادثات متجاهلة المحادثات الجديدة حتى استقرت على محادثتهم ..
فتحتها بوجل وهي تكاد تبكي من شدة احراجها و عدم تصديقها بأنها قد تجرأت وهاتفته ..
لا تعلم من التي تلبستها بالأمس خاصة و هي ترى رسالتها له وقد كتبت فيها بالصريح " انا وافقت زي ما قالت لكم عمتي بس ابغى وقت .. ابغى فترة خطوبة لشهرين او ثلاثة و بعدها يكتب الله الخير لأني حاليًا مو مستعدة للزواج بس هو افضل حل لي " ..
وضعت يدها على رأسها بتهويل .. هتفت بزجرة لنفسها الأمارة بالسوء : عجبش كذاا ! الحين يقول وش وساعة الوجه ذي ..
ثم و كأنها قد تذكرت باقي ما حدث فقد خرجت من البرنامج واتجهت لقائمة المكالمات ..
هتفت بنبره باكية وهي ترى مكالمته تتصدر القائمة و لعدة دقائق ايضًا : اووووفف ياربببييي
حذفت هاتفها على السرير بغيظ من نفسها و وقفت كي تتجه إلى الحمام الملحق بغرفتها فقد فاتتها صلاة الفجر و الظهر بظاهرة نادرة من نوعها ..
انتهت من وضوءها و خرجت متجهة إلى ركن الصلاة الخاص بها ..
مرت من أمام المرآة و نظرت إلى نفسها
ثم اشارت بكفها بأصابع مفروده لصورتها بالمرآة
و هتفت بغيظ لنفسها: كش عليش
،
" ايش تحس الحين "
كان سؤالها له بأول جلسة رسمية ..
نظر إليها بهدوء ظاهري لم يخدعها ..
فهي تكاد تقرأ توتره الملحوظ و مشاعره المبعثرة ..
سألته مرة أخرى : مستعد ؟؟
بابتسامة باهته : اكذب عليش لو قلت ايه ..
منعت نفسها من التعاطف معه ..
فلو تعاطفت سيذهب كل ما يريدون بناءه و قد يسوء الوضع اكثر ..
لذلك قالت بنبرة جادة عملية : تمام .. لا تشيل هم .. غمض عيونك و قول اللي بخاطرك ..
اطبق جفنيه بطاعة و اخذت تراقبه بهدوء و تحفز ..
كانت ملامحه مسترخية للحظات ثم اخذت تحتد بشكل مخيف ..
قالت بهدوء و سكون : ايش تحس الحين ؟
بملامح متألمة وقد بدأ جلده يعرق : خايف
بهدوءها ذاته : ايش صار هذاك اليوم ؟
اخذت ذاكرته تعدو بشكل سريع ..
تتالى عليه الأحداث و الصداع يكاد يشق رأسه لنصفين ..
قال بأنفاس متقطعة : الكابتن .. ماات
تراقب توالي الانفعالات على ملامحه ..
و تستمر بأسئلتها بهدوء حتى لا تثير حفيظة ذاكرته : ايش سويت انت ؟
قبضتيه إلى جانبيه تكاد تئن من ضغطه ..
و ماحدث يعاد على ذاكرته ..
بصوت راجف : حاولت انقذه .. بس ما قدرت ..
تركز بشدة على ملامحه و هي تشعر بقلبها يكاد ينعصر : و بعدها ؟؟
غامت ملامحه حتى كادت تثب من مكانها بخوف عليه ..
اكفهرت و كأنه يصارع الموت من جديد ..
قال بعد لحظات طالت و بصوت مشروخ : دخلنا بعاصفة .. الطايرة كانت تهتز بشكل يخوف .. كنت ماسك الموت بيديني
ارتجف قلبها من هول وصفه ..
وقد اكتفت من اسئلتها و تركته يعود إلى ذلك اليوم دون مقاطعة ..
مطبقًا جفنيه و يشعر باهتزازات الطائرة العنيفة و قد اخذت تحركها الرياح القوية و كأنها ورقة لا تزن شيئًا ..
اخذ يحاول السيطرة عليها و قد أدرك بأنهم في قلب العاصفة ..
كان يخفض مقدمة الطائرة للأسفل كي ترتفع للأعلى و لكنه بكل مرة يخفق ..
و بكل مرة تميل الطائرة يحاول موازنتها وقد بدأ صراخ من بداخل الطائرة يصله ..
خوفهم و ارتباكهم جعلاه يتحفز و يصر على الخروج من العاصفة ..
مشاعر عدة تتضارب بداخله و لم يشعر بمثلها ابدًا من قبل ..
غريزة البقاء جعلته يتشبث بإصرار ..
و رهبة الموت جعلته يدرك بأنه ليس مستعد للموت بعد ..
لا يتمنى بأن تكون هذه هي ميتته ..
لم يحج بيت الله الحرام ..
و لم يتصدق بالشكل الذي يرضيه بعد ..
لم يترك سماع الأغاني حتى الآن ..
و لم يكمل نصف دينه ..
لا يريد أن يترك الدنيا خال الوفاض ..
ولا يتمنى موتة السوء ..
هتف من اعماقه والرياح تشتد من حولهم و تكاد تقلبهم ذات يمنة و يسرة : ياااارب ..
شهق بحدة و فتح عينيه ..
نظر إليها هادئة و كأنها لم تسمع جزء مما حدث ..
مسبلة اهدابها بوداعة و من داخلها تئن ..
نظر إلى الأمام بأنفاس مبتورة ..
كان يتنفس بسرعة و ذهول ..
ماعاشه مجددًا مهول ..
و كأنه قد عاد لأربع سنوات من جديد ..
وقف و خرج بخطوات سريعة و لم تحاول إيقافه ..
تدرك بأنه بحاجة للاختلاء بنفسه لبعض الوقت ..
زفرة حارة فلتت منها عندما لم يبقَ سواها في البيت ..
وضعت يديها على وجهها و اجهشت بالبكاء ..
كانت تبكيه ..
تبكي حالته التي تدركها الآن ..
تبكي اكفهرار وجهه أمامها ..
تبكي رصاص القديم ..
و ترثي رصاص الجديد ..
فروحه قد ماتت ..
و احياءها سيتطلب كل جهدها ..
فقد وصلا إلى مفترق طرق ..
و قد بدأت حياتهم الجدية بعيدًا عن لهوهم الفائت ..
فإما أن تنتصر .. أو ينتصر ..
،
خرجت من غرفتها بعد أن اتمت فروضها الفائته وهي تشعر بأن معدتها ستنعصر من جوعها ..
ربتت على بطنها بهدوء و هي منشغلة بهاتفها ..
تتفقد المحادثات التي لم تقرأها حتى الآن و تتجاهل النزول إلى اسفل حتى لا ترى محادثتهما ..
وقفت بمفاجأة عندما وصلها صوت تعرفه حق المعرفة ..
التفتت بتعجب و قد مالت ابتسامتها بسخرية عندما سمعت صاحبة الصوت تخصها بالحديث : السلام لله يا شمعة ..
ارتفع حاجبها بسخرية اشد ثم هتفت بنبرة حادة : اووووه اختي الحبيبة هنا ؟؟
تقدمت بخطوات ثابته واثقة حتى جلست بالمقعد المقابل لها وهي ترى نظرات سهام المتحدية ..
قالت باستهزاء : وش ذكرش فينا ؟
ثم استطردت بمرارة : خبري إنش من يوم عرفتي فهد صرنا صفر عالشمال .. بعتينا كلنا عشانه ..
ف ممكن اعرف وش سبب تشريفش لنا بالزيارة ؟
التفتت حولها بسخرية درامية ثم نظرت إلى ساعتها و أردفت : و زي ما تشوفين محد حاب هالزيارة .. حتى عميمة ما طلعت لش للحين ..
لم تهتم سهام لما قالت ..
بل ركزت بنظراتها على ملامحها علها ترصد جواب سؤالها : انتي صدق انخطبتي ؟
نظرت إليها بمفاجأة حقيقية مالبثت أن تحولت إلى ضحكة مستنكرة اتبعتها بهجوم حاد : و انتِ وش دخلش ؟
هزت سهام كتفيها و قالت بصراحة : فهد قالي إنه قابل خطيبش ..
إلى هنا و يكفي ..
لن تستطيع احتمالهم أكثر ..
وقفت وهي تنوي المغادرة و نظرت إلى سهام بقوة ارهبتها ..
فدائمًا ما كانت تخشى شمعة عندما تقرر عقابها ..
فهي قاسية ولا ترحم عندما تريد تهذيبها ..
قالت بحدة جارحة اصابتها بمقتل : التفتي لنفسش انتي و فهيدان ..
تراكم وصلتوها لراس خشمي و و الله ثم والله إن زد تعرضتوني لا أقول اختي ولا أقول ولد عمي و إن ما يردني عنكم شيء ..
إن كاني سكتت لكم حتى الحين فهو بمزاجي ..
و قولي لفهيدان لا زد يجي للمستشفى و يسوي لي فضايح مالها اول من تالي ..
انتو قررتوا و اخترتوا فانشغلوا بأنفسكم و شوفوا حياتكم الزفت من الحين ..
ثم اردفت باستصغار وقد اشمئزت ملامحها بإتقان : اشفق عليكم صراحة ..
بقيت سهام جالسة ببهوت بعد الموشح الذي وصلها ..
ماذا تقصد بأن فهدًا قد ذهب إلى المستشفى و سبب لها الفضائح !..
ألم يذهب إلى هناك لأجل عمتها ؟؟
هل كذب عليهن عندما اخبرهن بذلك ؟؟
و لكن لماذا ؟؟
ماذا يريد فهد من شمعة ؟؟
وماذا حدث حقًا ؟
وقفت بوجل و تحركت بخطوات سريعة و غادرت ..
يجب عليها أن تحصل على أجوبة اسئلتها و لن يكون ذلك إلا بمكان هادئ ..
يجب عليها ترتيب افكارها حتى تصل إلى الحلقة المفقودة ..
لن تجازف بفقدان فهد بعد أن حصلت عليه ..
،
لا يعلم لماذا لم تأتِ اليوم ..
لقد كان متشوقًا لرؤيتها بعد أن أصبحت تخصه ..
لا يعلم ما الفرق و لكنه أراد أن يشعر بأن أمنيته لم تعد مستحيلة ..
و بأن الشامخة كإسمها لم تعد حلمًا صعب المنال ..
أراد رؤيتها بشدة حتى تلفت اعصابه و لم يعد يطيق أن يحدثه أي أحد ..
لآخر لحظة وهو ينتظر قدومها و لكنها لم تأت ..
لقد دخل على محادثتهم لعشرات المرات و كان اخر ظهورها بالأمس بعد أن هاتفته ..
كان يريد معرفة شعورها ، و هو يعلم بأن معرفته مستحيلة ..
و لكن من الممكن أن يلمح بعينيها أي شيء يجعله يصدق بأنها قد وافقت ..
وكأنه يعيش بحلم سيستيقظ منه ..
متى ستصبح بين يديه ملموسة ؟
سنتان وهو يحترق و لم ينطفئ حتى الآن ..
لقد عاد إلى البيت بعد أن عجز عن انتظارها ..
فقد انتهى وقت دوامها الرسمي ولم تأتِ بعد ..
لذلك غادر وهو يشعر بالخواء ..
هل كان صعبًا عليها القدوم و إراحته ؟
هل تضُنُّ عليه برؤية عينيها و إن من بعد ؟؟
اخبر والدته بأنه يريد نظرة شرعية و قد اسمعته موشحًا طويلًا عريضًا بأنه ليس من عادات اهل شمعة النظرة الشرعية و لكنه أصر على موقفه ..
فهو لم يطلب شيء حرام ..
و لم يرتكب ما يعيب ..
لقد طلب شيء من حقه و من حقها أيضًا ..
و كما قال لها ..
سأتحملك و ستتحملينني بالمقابل ..
تريد أن يتحمل نفورها فلتتحمل جنونه هي ايضًا ..
لقد اضحكته ردة فعل والدته وهي تولول و تكرر " فضيييحة يبغى يشوف البنية و لا هيب عاداتهم ولا سلومهم "
ولكنه لم يهتم بل اخبرها بصراحة بأنها ليست سوى عادات لا تهمه بمقدار ذرة ما دامت ليست بالحرام ..
فإذا أحل الله شيئًا لم يحرمونه هم ؟؟
و قد جلس بجانبها و لم يذهب حتى رضخت و هاتفت عمة محبوبته وهو يسمع ..
بل تمادى حقًا وهو يخبرها بأن تضع الهاتف على الحاكية الخارجية حتى إذا لم تقتنع يقنعها ..
و لكنها و لمفاجأتهم فقد وافقت بشكل سريع و دون معارضة ، و كل ما قالته بأنه من حقه ..
لذلك يجب عليهم التقدم رسميًا بحضور اخوانها و طلبها ..
و لكنه سيضطر للإنتظار لعدة أيام فأخيها ليس متواجد حاليًا ..
زفر بضجر فهو لم يعد يستطيع الانتظار اكثر
و لسان حاله يقول
" انت البدايه واخر امال وطموح
وانت العوض وانت السعد والعافيه "
،
ماض
لم يكن يعتقد بأنه سيحبها إلى هذا الحد ..
عندما تزوجها كان جل تفكيره بحياة زوجية هادئة ..
لا يطمح للحب ..
ولا لغيره ..
فهو لا يعرف الحب .. ولا يعرف كيف يحب ..
و قد جاءت كالماء العذب الزلال فأنعشته ..
أحيت به ما كان قد مات ..
انهمرت على حياته فأروتها بعد سنوات من الجحور ..
تشقق صدره و ازهر ..
كل ذلك حدث بمدة لا يستوعبها ..
استوطنته و نصبت جيوشها دون أدنى دفاع منه..
فقد تسللت بين قلبه و عقله دون أن يشعر ..
و الآن هو ضائع ..
يشعر بأنه لا يعرف نفسه ..
و المشاعر الجديدة التي تكتنفه تضغط عليه فتشتته ..
لا يعلم كيف يجابه ذلك بمفرده ..
تائهٌ هو ..
وهي بوصلته ..
يشعر بأنه قبل أن يعقد عليها كان ناقصًا ..
شيء كالخواء كان يستعمر حياته ..
و الآن هو ممتلئ حد التخمة ..
و ذلك يجعله يتصرف بغير طبيعته ..
يقبض عليها و يحاصرها من جميع الجهات و كأنها ستتسرب منه ..
يكره شعوره بالخوف من فقدانها ..
و يكره أن يضغط عليها و هي تحتمل بصبر لا يوجد لديه ..
لا يريدها أن تنفر منه ..
و لكن جميع حماقاته لا تخرج الا أمامها .. و بين يديها ..
لقد اصبح غريب عن ذاته ..
اصبح يأخذ من اهتماماتها الكثير ..
فهو لا يحب الشعر و لم يعتقد بأنه سيقرأه ذات يوم ..
و هاهو للسخرية قد ابتاع دواوين لعدة شعراء عله يفهم هذه المشاعر الدخيلة ..
بل اصبح يردد دومًا " إنّي أُحبُّكِ فاعلمي إن لم تكوني تعلمين .. حُبَّاً أقلّ قليله كجميع حُبِّ العالمينَ.!' ..
العجيب أنه اصبح يستعذب الشعر ..
و يستعذب الادب فهو يشعر بأنهم يكتبونه ..
يقولون كل ما يعجز عن قوله ..
يصيغونه فيفغر فاه الدهشة من عمق ما يصله ..
لقد اصبح يتمنى بأن لديه موهبة الكتابة عله ينفس عما يخالجه ويحيره ..
حتى أنه قد جرب ذات يوم و لكن محاولته كانت بالية فـصرف عنه الرغبة بذلك ..
ما يغيظه أكثر هو انه لا يستطيع البوح لها ..
يشم رائحة الضعف ولا تستسيغها نفسه الأبية ..
هو يوسف الذي يعانق شموخه عنان السماء ..
ليس من المحبذ لديه الضعف ..
لذلك هو يحارب مشاعره بضراوة ..
فلن يحني جبينه للحب و إن ارهقه ..
و لن يفلت ابتهال بعد أن وجدها ..
فهي بكل الحالات قد انعقدت به بميثاق غليظ لا فكاك لهما منه ..
،
تتهرب منه منذ أن اخبرتها عمتها بأنه قد طالب بالنظرة الشرعية ..
و عندما همت بالإعتراض اخبرتها بصراحة بأنه من حقه و إذا كانت تريد الرفض فلتخبره بذلك ..
اغاظها ذلك و بشدة ..
فهي قد اخبرت عمتها بأنها حادثت ناصر أو كما تحب عمتها أن تناديه " الناصر " ..
لم ترد أن تخبئ أي شيء عن عمتها ما دامت تعيش معها تحت السقف ذاته ..
ذاتها المستقيمة ترفض الاختباء ، و هي لم تفعل ما يشين ..
و لكنه بالنسبة لهم فهو شيء مستنكر و كبير ..
لذلك اخبرتها فأخذتها عمتها كحجة ..
كلما اعترضت على شيء قالت " روحي يَمَّه " ..
لا تعلم ما الذي أصابه عندما طالب بالنظرة ..
فهي لن تطير ..
و لن تهرب ..
و كل ما يريده عليه سيناله في الأخير .. فلما العجلة ؟؟
ألم يراقبها حتى حفظها ؟؟
فماذا يريد أكثر ؟
لم تتجاهل مراقبته لها و ذلك ما يحيرها حقًا ..
لماذا كان يراقبها دومًا و لوقت طويل ؟؟
لا تعلم إذا كان من هواياته بجانب عملياته مراقبة الطبيبات ..
و لم يردها عن سؤاله سوى حرجها ..
و كأنها تخبره بأنني سأجلب النكد معي ..
هي ستجلبه و لكنها لن تخبره بذلك ..
قهقهت بخفوت و استمتاع ..
فيبدو بأن موافقتها ليست بالأمر السيء في الأخير ..
ستستمتع و تريح ذاتها المنقبضة ..
ستعيش أيامها كما يجب على أي فتاة بفترة الخطبة ..
ستحاول جبر قلبها ..
و المثول أمام قرارته ..
و تعيد ترميم ما هدم منها ..
ستعتبرها بفترة نقاهة و تزيل شوائب ما علق فيها ..
لن تعطي الأمور اكبر من حجمها مجددًا ..
هذا ما توصلت له بعد أيام من التفكير ..
داخلها هادئ كما لم يكن يومًا ..
و كأنه قد اهداها السكينة مع موافقتها عليه ..
و كل ما ترجوه ألا تغادرها مجددًا ..
،
إلى اللقاء برقصة آخرى 💜🍃
|