فتحتها فوجدت بداخلها أوراقا قديمة وصورا أخذت تتفحصها بفضول آملة أن تجد دليلا يساعدها على فهم شخصية زوجها.
رأت أولا صورة قديمة لامرأة جميلة شابة تحمل طفلا صغيرا بين ذراعيها . لا بد أنها والدة فيليب , ولا بد أن هذا الطفل هو فيليب نفسه لأنها رأته فى صورة ثانية مع نفس الامرأة وبجانبهما رجل يبدو أنه والده.
وضعت الصورتين جانبا وقررت أن تسأل والدها اذا كان يعرف أصحابها . ثم قلبت الأوراق القديمة أيضا ووجدت رسالة موجهة الى والدة فيليب من والده.
عزيزتى جودى.
وصلتنى رسالتك الأخيرة ويؤسفنى أن تكونى وحدك فى هذه الظروف , واذا كان الطبيب يريد مبلغا كبيرا من المال لاجراء عملية القلب لابننا فيليب العزيز , اذهبى الى صديقى السيد باتريك هوزون واطلبى منه مساعدتك , فهو الذى كان السبب فى سجنى , ويجب أن يدفع ثمن خيانته لى ...
تجمد الدم فى عروق لين عندما قرأت اسم والدها فى هذه الرسالة القديمة , واتضح لها سبب حقد فيليب عليها وعلى والدها , وفهمت الآن سبب زواجه منها , أراد أن يوقعها فى حبه لتوافق على الزواج منه ثم يتركها محطمة لتعود الى والدها كسيرة الفؤاد وبذلك يكون قد انتقم من والدها على طريقته.

وضعت لين الرسالة والصورتين فى حقيبة يدها , وجمعت ملابسها فى الحقيبة وغادرت هذا المنزل الملئ بالحقد والكراهية , وتوجهت الى منزل والدها لتعرف ما هى علاقته بوالد فيليب . وقد صممت على الطلاق مهما كان دور والدها فى هذا الموضوع , فهى لن تغفر لفيليب ابدا استغلاله لها ولعواطفها فى نزاع قديم بين والديهما.
وصلت لين الى منزل والدها مع الغروب فاستقبلها استقبالا حارا وكاد يسألها عن زوجها عندما لمح حقيبة ملابسها التى تركتها أمام الباب . على الفور ظهر القلق على وجهه ودعاها للجلوس وقد انتبه عندئذ فقط الى شحوب وجهها.
لين , هل أنت بخير يا عزيزتى ؟
انهمرت دموع الفتاة ورمت نفسها بين ذراعى والدها وهى تعلم أنه السبب فى ما جرى لها.
لين , هل فيليب بخير ؟
نعم ... ومسحت دموعها.
لا بد أنكما تخاصمتما , لا بأس يا ابنتى , فهذا يحصل عادة بين المتزوجين حديثا.
الأمر أكثر من مجرد خصام عادى ... وأجهشت بالبكاء.

فضمها اليه بحنان , ومسح دموعها وساعدها على الجلوس .فتحت لين حقيبة يدها وقدمت الصورتين الى والدها
أتعرف هذا الرجل ؟
على الفور تبدلت ملامح وجه باتريك هوزون وسأل ابنته متلعثما
وما علاقة هذا الرجل بفيليب ؟ أعتقد أنه توفى منذ مدة طويلة
من هو ؟ سألته بالحاح
أنه ... أنه ...
أنه والد فيليب
غير معقول صرخ والدها ونهض :
هذا الرجل هو أندرو نيلز بينما فيليب يحمل لقب عائلة تورن !
لست أدرى كيف غير اسم عائلته , لكنه فى الحقيقة يدعى أنك أنت من تسبب فى دمار والده ودفعه الى السجن حيث مات وأنك تسببت فى عذاب زوجته وابنه.

من قال لك هذه الأكاذيب ؟
فيليب نفسه , وقال ... وأجهشت بالبكاء من جديد.
انه لم يتزوجنى حبا بى , بل كان يسعى للانتقام منك أنت ... أبى , هل صحيح ما يدعيه ؟
حقا ؟ وهل أساء معاملتك ؟
رمت نفسها من جديد على صدر والدها واستسلمت لموجة البكاء التى انتابتها.
عزيزتى , اهدأى ... سأتصل به وأفهمه الحقيقة.
لا يا أبى , لا أريده , سيتولى المحامى أمر الطلاق , لا تكلمه والا سيعتقد أننى أريد العودة اليه ...
عزيزتى , كم تتعذبين !
ولكنى أريد أن أعرف الحقيقة , هل كنت السبب فى تشتيت هذه العائلة ؟ وهل ساعدت والدته عندما جاءت تطلب منك مالا ؟
هذه الرسالة وجدتها فى خزانة فيليب مع الصور ... وناولته الرسالة.

قرأها والدها بصمت ثم رماها على الأرض غاضبا.
يا له من قذر , كان لصا محتالا والسجن لم يكن بكثير عليه , فاستمر بكذبه وخداعه حتى على زوجته وابنه.
أبى أرجوك , أوضح لى كل شئ , لم أعد قادرة على الصبر أكثر.
اطمئنى يا ابنتى , أنت تعرفين والدك جيدا , لم أكن لأتسبب فى تشتيت عائلة وحرمان طفل من والده ثم أمر الخادمة أن تعد لهما القهوة.
كان أندرو نيلز شريكى عندما أسست شركة المقاولات الأولى التى انبثقت عنها شركتى هذه . وأندرو كان صديقى منذ الطفولة لكنه كان يحب اللهو ولعب القمار , وكان له علاقات كثيرة مع النساء الى أن تزوج أخيرا من جودى التى كانت راقصة فى أحد الكازينوهات , أى أنها لم تكن امرأة محترمة . وهى التى شجعت أندرو على التبذير حتى خسر كل أمواله واختلس كل المال الذى كان فى خزنة الشركة وباع مواد البناء التى كانت فى المستودعات بثمن زهيد ليسدد ديون القمار . لم يعد بامكانى أن أتحمله أكثر وقد أشرفت الشركة على الافلاس وكادت تخسر كل زبائنها وثقة التجار والمصارف . وكى أبعد عن نفسى الأخطار القانونية المترتبة على تصرفاته , رفعت عليه قضية وطالبت بسجنه.
وكيف مات فى السجن ؟