كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات أحلامي
رد: 314- وقائع سنوات الجمر ( من روايات احلامي المكتوبة )
1 - ذكريات الماضي
النهار وتصبغ الدنيا بلون الليل الطاغي , وهناك في الأفق البعيد بدت السحابات الرمادية المحملة بالماء تتراكم وتتراكم وتقترب من الأرض حتى كأنها تكاد تجثم عليها وتلتصق بها كسلسلة جبال طويلة بلا نهاية وكئيبة حتى الحزن وكانت مارتينا تطل من إحدى شرفات منزلها , او الذي كان منزلها كانت عيناها ترصدان ذلك المشهد السماوي , شعرت بشيء ما , شيء ثقيل يجثم على صدرها , وفجأة اضاء البرق .ريحانة
كان خيطاً براقاً لدرجة ارعبتها فاندفعت داخل الشرفة بحركة لا إرادية وطرحت نفسها على احد المقاعد العتيقة المتبقية من زمن جميل , ومن كان حنوناً عليها يهدهدها , كانت هناك أمها وابوها واخيها جون .
فجأة وضعت يدها على جبينها كأنها تحاول ان توقف نزيف الذاكرة , لكن دم الذكريات الدافئ راح هو الآخر يترسب كقطرات نور من رأسها ليشكل امام عينيها صوراً باهتة وبعيدة , بعيدة لكنها بعثت في جسدها رعدة محببة , وكأنها نشوى بإكتشاف أرض بكر لم تأتها قدماها من قبل.
تذكرت جلستهم حول المدفأة في ليالي الشتاء , ابتسامة أبيها العذبة الرقراقة كقطرات الندى , دعابات اخيها الشقية تذكرت حكايات أمها التي كانت عندما تحكيها تنفتح كل خزانات الحواديث والأساطير وتفتح أمامها شاشة في قلب دماغها الصغير ترى فيه الأشباح الصغيرة وسندريلا والساحرة العجوز وتنطط مع الأقزام السبعة وتجوب مع أليس في بلاد العجائب وأرض الأحلام " آه " اطلقتها متبوعة بزفرة حارة وتساءلت في نفسها , اين كل هذا الآن , لقد ماتت أمها بعد صراع مع المرض وهي مارتينا ما زالت في التاسعة من عمرها , واخيراً ومنذ بضعة اشهر ماتا اباها واخيها في حادثة سيارة وجاء عمها آرمسترونج وزوجته جينا ومعهما إبنتهما فانسيا وابنها صمويل .
في البداية كانت الليدي جينا زوجة عمها تعاملها بحب وشفقة وانطلت عليها الحيلة , وبمرور الأيام بدءت ليدي جينا تقسو عليها وتزدريها احياناً, اما العم فلم يكن له ثمة وجود يذكر في ظل جبروت زوجته المستبدة وابنة عمها فانسيا دائماً منشغلة في شؤونها الخاصة وما أتفهها .
و آه للمرة ثانية وايضاً مع زفرة حارة ومرة اخرى وضعت يدها على جبينها تحاول وقف نزيف الذاكرة الذي يبدء دوماً وردياً رائعاً , ثم رويداً يتحول إلى لون أحمر قان كئيب ومثير .منتديات ليلاس
واندفعت فجأة دفعة ريح باردة من الشرفة , ارعدتها كأن الهواء يتخلل من مسأمها , يخترقها حتى النخاع واتتها رغبة في ان تغلق النافذة في وجه الريح , لكن شيئاً ما ضغطها من الداخل ارغمها رغماً عنها , على ان تسلم نفسها لبرد الريح وقصف الرعد المدوي على ابواب آذانها واحست بأنفاس دافئة تلفح عنقها من الخلف .منتديات ليلاس
|