كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
روايات زهور
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
الفصل السادس
اللقاء المرتقب
امتد بصره الى الأفق المواجه للفندق وبدا شاردا وهو يقول :
-لقد حملت معى المبلغ الصغير الذى تبقّى من ثروة أبى وجئت الى هنا بعد لقائنا الأخير فى الاسكندرية , وكنت قد اتفقت مع صديق لوالدى على العمل كمدير لهذا الفندق الذى يمتلكه , ولقد وافق - وفاءً لأبى - على أن أسهم بنقودى القليلة فى رأس مال الفندق , وتعاملت أنا معه بكل كفاءة واخلاص , وكان هو يعتبرنى ابنه بعد وفاة ابنه الوحيد , فتنازل لى عن هذا الفندق قبل وفاته بيوم واحد ,وتحوّل الحب الفاشل والمشاعر الجريحة التى جئت بها الى هنا الى ارادة قوية وعزيمة لا تخمد واصرار لا يلين على النجاح والتفوّق , وهكذا حقق الفندق أرباحا ضخمة خلال سنوات قليلة , واضفت اليه مصتع الملابس الرياضية ومحل الأزياء.
سألته فى اهتمام :
-أيعنى هذا انك قد تغلّبت على مشاعرك نحو مديحة ؟
فرّ من السؤال بذكاء وهو يسألها :
-معذرة .. هذا يخجلنى ولكن ما اسمك ؟ .. انك لم تخبريننى به ولقد نسيته.
أجابته فى خيبة أمل :
-سماح.
هتف :
-آه !! تذكرت .. كيف يمكن أن ينسى المرء صفة رائعة كهذه.
حاولت أن تتكلم ولكنه قاطعها قائلا :
-سماح , أعتقد أنك قد تأخرت , وأظنهم سيقلقون بشأنك الآن , لذا اقترح أن أقوم بتوصيلك الى فندقك , ولنتابع حديثنا فيما بعد.
لم تجد سماح بدّا من الاستسلام لاقتراحه , وقد بدا عازفا عن خوض أى حديث آخر , وتركته بنطلق بها الى فندقها , حيث ودّعها أمامه قائلا :
-سماح .. اريد منك أن تعدينى بأمر ما , وهو ألا تبلغى مديحة بأننا قد تقابلنا , فلا أريد أن تعرف بوجودى فى تونس حتى الغد على الأقل , ولا تسألينى عن السبب.
أخفت دهشتها وهى تقول :
-أعدك بذلك.
ابتسم قائلا :
-وأنا واثق من أنك ستحفظين وعدك .. والآن , هل نلتقى غدا ؟
همّت بالاعتذار , ولكنه وضع اصبعه فوق شفتيها مشيرا اليها بعدم التحدث , وقائلا :
-لا .. لا أعذار .. ستأتين ,, يجب أن أراك , فما زالت لدىّ رغبة قوية فى التحدث اليك.
أجابته دون وعى :
-وأين سنلتقى ؟
-امام جامع ( القيروان ).
-ولكننى لم أذهب اليه قط.
-استقلى واحدة من سيارات الأجرة , واطلبى من سائقها توصيلك الى مدخل الجامع الرئيسى , وهناك ستجديننى فى انتظارك , فى العاشرة صباحا.
-سأحاول.
-أنا واثق من أنك ستفعلين.
هبطت من السيارة واتجهت نحو الفندق , ولكن صوته استوقفها:
-سماح.
التفتت اليه وخفق قلبها وهى ترى ابتسامته الأخّاذة التى افتقدتها طويلا وهو يقول :
-لقد سعدت حقا بصحبتك.
غمغمت فى حياء :
-وأنا أيضا.
ثم اسرعت تعدو نحو الفندق وقد أورثها خفقان قلبها خوفا مفاجئا ..
لم يكن ذلك التغيير المفاجئ الذى اعتراها , هو مصدر خوفها , وانما كان حسين ..
كانت تخشى لو توقفت أمامه لحظة واحدة أن يسمع دقات قلبها , وهى تزلزل ما بين جوانحها ..
وأدكت لحظتها أنها قد وقعت ..
وقعت فى هواه ..
|