كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
روايات زهور
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
الفصل الخامس
لقاء مفاجئ
لم تدرِ سماح الى أين تقودها قدماها , منذ غادرت الفتدق غاضبة واستقلّت أول حافلة عامة , نقلتها بعد مسيرة نصف الساعة الى ميدان كبير , راحت تجوّل فيه على غير هدى حتى توقفت أمام واجهة أحد محال الثياب , وهزم فضولها ومشاعرها الغاضبة , وهى تستعرض الثياب النسائية الأنيقة والمبهرة ..
ودفعها الفضول الى دخول المحل , لمشاهدة تلك الثياب عن قُرب ما دامت لا تملك ما يكفى لاقتنائها , وراحت لتستمتع بمشاهدة الثياب فى الداخل , دون أن تجرؤ حتى على لمسها ..
وعلى الرغم مما سببته لها مديحة من شعور بالألم والمهانة , الا أن أول ما جال بخاطرها وهى تستعرض الثياب وبعفوية شديدة هو أن ترشدها الى ذلك المتجر , وقد تنايت كل ما حدث , وتذكرت فقط أن ابنة خالتها تهوى ذلك النوع من الثياب الفاخرة وأنها ستسعد حتما لو امتلكن أحدها وهى تسعد بدورها , عندما ترى سعادة مديحة , فهى لم تطمع يوما فى امتلاك ثوب فاخر , على الرغم من ان مديحة تتنازل لها من حين لآخر عن بعض ثيابها الغالية وكانت هى تكتفى برؤية الثوب الجديد على جسد مديحة , و .....
وفجأة ارتطمت بشخص ما وهى تتراجع الى الخلف لتأمل ثوب أنيق فاستدارت تغمغم فى ارتباك :
-معذرة .. اننى لم ....
لم تكتمل عبارتها وهفدت المفاجأة لسانها وهى تحدق فى وجه ذلك الشخص , قبل أن تهتف :
-أستاذ حسين ؟!
تطلع اليها فى دهشة وبدا وكأنه يبذل جهدا ليتذكرها قبل أن يهتف :
-يا الهى !! .. أنت ذات السبعة عشر ربيعا التى التقيت بها فى منزل حكمت هانم وراحت تتحدث بما يتجاوز عمرها .. أليس كذلك ؟
لم تجبه سماح وانما هتفت فى دهشة :
-ولكنهم أخبرونا أنك قد غادرت تونس !!
-من هؤلاء ؟
-أقصد موظف الاستقبال فى فندقك
-وهل ذهبت الى فندقى ؟
-نعم
-وحدك ؟
-بل مع خالتى ومديحة.
أطلق زفرة قصيرة عندما سمع اسم مديحة ثم تجاهل الأمر وهو يسألها :
-وما الذى طفعكم الى الذهاب الى فندقى ؟ .. بل ما الذى أتى بكم الى تونس ؟
ضايقها أنه يمطرها بالأسئلة منذ التقيا فسألته بدورها :
-وهل أزعجك هذا ؟
أجابها فى صراحة قاسية :
-لايمكننى أن أنكر هذا
ثم اردف متسائلا :
-ولكن لماذا اتيتم الى تونس ؟ . ومن أخبركم أننى أمتلك هذا الفندق ؟
صمتت برهة وهى تفكر .. أتخبره بالحقيقة أم لا ؟ . ووجدت نفسها تكرر ما سمعته من خالتها فى آلية :
-لقد جئنا للاستجمام والسياحة , فخالتى مريضة , وبقد نصحها الأطباء بالاستشفاء هنا ولقد علمنا من موظف فندقنا - بالمصادفة - أنك تمتلك فندقا فى تونس .
قالتها وهى تطرق بوجهها أرضا , وقد غمرها شعور عارم بالذنب , وانتظرت أن تتلقّى منه ردا الا أنه تحوّل عنها الى فتاة جميلة , أقبلت نحوه مرتدية ثوبا من الدانتيلا الزرقاء وهى تقول :
-ما رأيك ؟
أجابها فى هدوء :
-رائع .. دورى حول نفسك.
أطاعته الفتاة وهو يتأملها فى دقة ثم قال :
-حسنا , ستشاركين به فى عرض الأزياء الذى سيقام بفندقى يوم الأحد القادم , والآن اذهبى الى مدام ( سيمون ) واطلبى منها تضييق الخصر قليلا.
أطاعته الفتاة هذه المرة أيضا , وهى تُلقى اليه بقبلة فى الهواء فسألته سماح فى فضول :
-أهى صديقتك ؟
أطلق ضحكة قصيرة قبل أن يسألها :
-ما رأيك ؟
أجابته فى حرج :
-أنها جميلة جدا
تابع ضحكته وهو يقول :
-لست أتحدث عنها بل عن الثوب.
أجابته فى حماس :
-أنه رائع خلّاب.
-اترغبين فى اقتناء ثوب مثله ؟
-كل فتاة ترغب فى ذلك , ولكننى لا أمتلك ثمنه.
-لم أسألك عن الثمن , سألتك فقط عمّا اذا كنت ترغبين فى اقتناء ثوب مثله.
-لست اظنه يناسب فتاة مثلى.
ركز نظراته على وجهها وهو يقول :
-ولكنه يناسب فتاة مثل مديحة .. أليس كذلك ؟ .. انه يدخل ضمن الأشياء التى تعشقها , والتى تضحّى من أجلها بالكثير , وبعواطف رجل أحبّها بكل صدق واخلاص .
|