كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
روايات زهور
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
تضرج وجهها بحمرة الخجل وخيّل اليها ان شيئا ما يسرى فى جسدها , أشبه برجفة لذيذة , لهذا الاطراء وهو يستطرد :
-انك تختلفين كثيرا عن ابنة خالتك ولكن من يدرى , كيف ستغيّرك الأيام ؟ وهل ستحتفظين بتلك الأشياء الجميلة ؟ أم سيكون شأنك شأن الأخريات , عندما تحين لحظة ارتباطك وزواجك , فتتبدل مشاعرك وتقسين على من يمنحونك الحب ؟
انقلبت نشوتها الى شعور بالمهانة لعبراته الأخيرة , وتحوّلت حمرة الخجل على وجنتيها الى احتقان غضب , الا أنها لم تلبث أن تمالكت نفسها مقدرة موقفه وهى تقول :
-لن اعاتبك على ما قلته الآن فأنا أقدر مشاعرك , ولكن كل ما أرجوه هو ألا يدفعك موقفك الشخصى الى اصدار أحكام عامة تجاه كل المشاعر الطيبة والقيم النبيلة التى ما تزال تزخر بها الدنيا ..
وصمتت لحظة وهى تتطلع الى الحيرة التى ملأت وجهه قبل أن تستطرد :
-قد يدهشك أن تصدر تلك الكلمات من ابنة السبعة عشر عاما , ولكن من أدراك أنها لم تخبر الحياة أكثر منك ؟ .. لقد توفى والدك منذ بضعة اشهر فحسب , وكنت تحيا وسط أسرة توفرت لها أسباب الثراء والرفاهية , ولم تختبر مثلى الحرمان المادى والمعنوى , ولم تعرف قسوة اليتم فى طفولتك ,والحياة فى كنف الآخرين , حتى ولو كانوا يمتّون لك بصلة القربى , ولكنهم يتعاملون وكأنهم يتفضّلون عليك بالعيش بينهم , ويدفعونك الى خشية مخالفة أمر من أوامرهم حتى لا تتهم بالجحود .. صحيح أنهم يدعون أمام الجميع أنهم يعاملوننى كفرد من اسرتهم , ولكن الحقيقة تختلف , فسأبقى بالنسبة اليهم دوما فى الدرجة الثانية , لا أتجاوزها بأى حال من الأحوال , والا وجدت نفسى فى الشارع .. هكذا تعلمت ابنة السبعة عشر عاما منذ طفولتها .. تعلمت ما يجب أن يُقال , وما لا ينبغى أن يُذكر .. تعلمت كيف لا تتجاوز الحدود المسموح بها , وكيف تتقى غضب الآخرين .. تعلمت كيف تحيا فى كنف خالة قاسية وابنة خالة مدللة .. لقد كان من الأجدى أن أحلم أنا بدور الأميرة لأننى حُرمت منه على الأقل , ولكن كل ما أحلم به هو قلب محب مخلص , يزخر بالحنان , وما زلت أجد ذلك نادرا فى عالمنا وزماننا.
|