لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-20, 10:50 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خطوات على الجمر

 

انتهى الفصل وهذه مجرد بداية وستبدأ الحكاية الحقيقية بعد فصل التعريف عن ياسمين وقصتها مع يوسف... استمراري يرجع إلى تفاعلكم...

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي   رد مع اقتباس
قديم 19-06-20, 02:57 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خطوات على الجمر

 

تغير جذري

في أيامي التي لم أكن أعي فيها حجمي الحقيقي، أو واقع الحياة التي أعيشها
كنتُ أقضي معظم وقتي مع يوسف
لأنني من تجالسه منذ أن أكمل الثانية من عمره، ومن تعتني به وتقضي
له حاجياته
كان طفلاً لو قلت إنني أبغضه فقط لأنني تحملت مسؤوليته لكذبت
لذلك
فأنا مجرد طفلة أرغمت على تحمل مسؤولية أكبر منها
كان دائماً ما يتبعني عندما كبرنا وأنا أنهره عن ذلك
ولكن وبعد ذلك أعود إليه مع إصراره، وألعب معه حتى مع وجود
تلك الحساسية التي كنتُ أشعر بها نحوه
فليس لدي غيره من هو قريب مني ويحب مجالستي، أو مشاطرتي
أفكاري وألعابي
فأخواتي بعيدات كل البعد عني، مختلفات كثيراً، كنَّ يطردنني في أكثر
الاوقات لو حاولت الجلوس معهن أو مشاركتهن أحاديثهن.
كان يوسف طفلاً مناقضاً لي، مطيعاً، محبوباً، لطيفاً لا يسبب المشكلات
وطفلاً رأى ما رأيته
في ذلك الوقت تحدثت معه من بعد الحادثة التي وقعت لنا: «يوسف لم
يصدقني أحد، إنني أشعر بالقهر »
بطفولة وعينين لامعتين، عينيه اللتين تحملان بريقاً عسليّاً بريئاً، قال:
«ياسمينة أنا أصدقك فأنا رأيت ما رأيته، لا يهم إن كذبنا الكل فنحن
على حق »
أحب قوله لاسمي، فعندما كان طفلاً صغيراً فبدلاً من أن يسميني
ياسمين مثلما يفعل الكل، سماني بياسمينة، فأعطاني هذا الطفل شعوراً
جميلاً
شعور أنني شخصٌ مميز، وأنه صديق يفهم شعوري ويصدق كل ما
أقوله له، وينفذ أوامري
كنتُ أستغله
كنتُ طفلة ظالمة، مستبدة
أعامله معاملة قاسية خالية من الرحمة
أضربه، أجبره على فعل ما أريده

أسمعه كلاماً يحمل من الغيرة والكره الكثير
حتى إنه يقول لي: «ياسمينة، إن أمي تحبكِ، أنا متيقن أنني لم آخذ
حبها لكِ منها »
أضربه وأقول: «لا تكذب أنت لا تعرف شيئاً فأنت المفضل لديها وأنا
لا، أنت مجرد سارق »
يقول بحزن: «أنا لستُ سارقاً »
أدفعهُ عني، وأنا أقول: «بلى، أنت سارق »
مع هذا كلهِ
مع قسوتي وكرهي له
هو لا يبتعد عني، إنما يستمر باللحاق بي، ويفعل ما أفعل
كنت ألعب معه دائماً في باحة المنزل وبين الأشجار الكبيرة وبالرمل
والحصى وبعض الألعاب البلاستيكية، بزجاجات المياه الغازية الفارغة
كنا نرسم طريقاً طويلاً في الرمل بين أوراق الشجر والأعشاب،
ونبني بيوتاً من الأخشاب الصغيرة والصناديق الخشبية والورقية
كنت أشرب من صنبور الماء المخصص لسقي أشجار المنزل وكان هو
يقلدني
وفي بعض الأوقات يقول لي: «ياسمينة اصنعي لي المعكرونة،
فمعكرونتكِ لذيذة جدّاً »
أشعر بالفخر لقوله لي هذه الكلمات، وأطير زهواً
فأبدأ في صنعها على الفور، وأكلها معه بلذة
كان يوسف كظلي، كجزء مني
وكنت أنكر حبي له، أو اهتمامي به
وكم كنا نتخاصم، وكنت أنا شديدة الخصام بغيضة التصرفات
أنا من يبدأ وليس هو
أنا من أفتعل المشكلات
وكنا في خصام دائم
لا يحله إلا هو
ذات مرة، وفي ذلك اليوم الذي لا ينسى!
كنا كعادتنا نلعب، ولا نكف عن اللعب
كنتُ أبلغ من العمر الثانية عشرة وهو في التاسعة
كنتُ بغيضة فتاة مشاغبة، بل طفلة لا تعي ولو
القليل
تشاجرت مع يوسف في ذلك المساء، لأنه لم ينفذ طلبي ولم يهتم
لصراخي عليه، وبعد أن وقعت على وجهي من بعد تسللي إلى المطبخ
ورفض مجيئه معي
ضحك عليّ بعد أن تبعني وقفز من النافذة إلى داخل المطبخ بعدي
كنا في مطبخنا الواسع الذي اكتسى باللون الأبيض والبيج، وكان كُل
شيء في متناول الأيدي، والمخاطر تحيط بنا من كل جانب
تحركنا نلعب ونلهو ونتشاجر بالأيادي، نمر قرب الفرن، ولا نشعله
إنما نشعل أعواد الثقاب واحداً تلو الآخر، وفي مرات أخرى نقوم بقلي
البطاطس من دون النظر إلى العواقب، ونجلس على الأرضية نحصي
عدد بلاطها أو نعبث بأدوات المطبخ المختلفة.
كنت غاضبة وأريد تلقين يوسف درساً فأمسكت بأول شيء وقع في
يدي وكانت علبة حمراء وضعت عليها علامة تحذير كبيرة، ونفثت بها
على وجهه بغزارة
أخذ يوسف يصرخ ويلطم ويدافع عن نفسه، وأنا أضحك عليه
وكأنني أسترجع ضحكاته السابقة عليّ
في لحظات قصيرة، استوعبت فعلتي
ولكن بعد فوات الأوان
اجتاحني الرعب من جراء فعلتي
بل متُّ جزعاً
ورميت ما بيدي وأخذت أمسحهُ عن وجهه، لعلي أبعد ذلك السم عنه
وبعد ذلك غسلت له وجهه، وهو يبكي عينيه واللسع فيهما وفي وجهه
كانت عيناه منتفختين ووجهه محمرّاً بشدة
كان لا يستطيع فتح عينيه أو الكف عن البكاء
مرت دقائق طويلة
مرت وأنا معه أخفف من قوة ألمه، وأحاول نسيان ما فعلته أو التبرير
لنفسي أن لا شيء حدث له، وأنه مجرد شيء بسيط وسيختفي
انتابني في ذلك الوقت البؤس والندم الشديد
وبعد فوات الأوان ذهبنا إلى أمي
واعترفت لها بما حدث
ضربتني أمي أشد ضرب تلقيته في حياتي
ونقل يوسف إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن
ولم يكف أحدٌ عن أذيتي وتأنيبي
وندمت كثيراً وأحسستُ في ذلك الوقت أنني أستحق كل ذلك
فأنا جنيت عليه
بكيت في ذلك المساء بكاءً لم أبكه من قبل
بكيت خوفاً من فعلتي الخرقاء
لم أكن أظن أن شيئاً تعيساً كهذا سيحصل!
ولم أكن أستطيع تصديق حقيقة ما حدث!
وأنني أحدثتُ مصيبة
فأنا كنتُ مجرد طفلة مشاغبة، طفلة عُلمت الانتقام منذ نعومة أظفارها!
بقي يوسف في المستشفى، وبقيت أمي معه
وبقي الكل يسلط نظراته عليّ
الكل يوبخني وينعتني بالمجرمة
فلقد أدى ما فعلته إلى إصابة عيني يوسف بضرر بالغ
ضرر أدى إلى فقدانه البصر
فلقد أصبح يوسف أعمى
صديق طفولتي، أخي البغيض، وطفلي الصغير، أنا سببت له عاهة
مستديمة
في ذلك الوقت وحتى الآن أشعر أنني مجرد شخص حقير، اقترف ذنباً
لن ينساه مدى الحياة
تراكمت على صدري أحزاني
انطويت على نفسي
وأكلني إحساسي بالذنب والندم
والكل بدأ يعنف، ويحتقر ويكره طفلة مثلي
حتى أثر ذلك على نفسيتي التي كانت متأثرة من قبل
والتي كانت تعاني الأمرين
رؤيته ولو من بعيد تجعلني أعرق وأنشف من الرعب من جراء تذكري ما حدث
نظراتهم تأكلني قبل نظراته الفارغة، والتي أصبحت غير واعية لمَا
حولها
كان في بادئ الأمر مصدوماً ويبكي طوال الوقت، ويقول هي السبب،
ياسمينة هي من فعلت بي هذا، لقد سلبتني ياسمينة عينيّ
نعم!
فأنا قد سلبته عينيه مثلما سلب هو حياتي وأمي عني
ولكنني أنا من سلب ودمر أكثر
فأنا من أعلن الحرب، وأحدث خسائر فادحة
منذ ذلك الوقت وحتى الآن، كان الاختباء وسيلتي الوحيدة للهرب
من العالم
الهرب من إدانة العالم بجرمي هذا
فأهلي لم يرحموني
واستمروا أياماً وشهوراً وسنينَ يذكرونني بعظم ما فعلته.

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي   رد مع اقتباس
قديم 19-06-20, 05:21 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خطوات على الجمر

 

حياة بلا أحضان

لقد أصبحت في مراهقتي شخصاً حساساً
لأن ما فعلته أثر على نفسيتي، وجعلني شخصاً منعزلاً كليّاً غير
قادر على الاختلاط نهائيّاً
فأنا أخاف اللوم، أخاف رؤية وجهه الذي يتهمني ويزدريني
ويكرهني
فلقد أصبح يوسف غير ذلك الطفل الذي أعرفه
فعندما أكون موجودة ويعرف هو بذلك
كان يصر على الذهاب
يسود وجهه، ويلويه الحزن والألم
عندما كان صغيراً كان يقذفني بالشتائم ويبكي
ولكن وبعد ما كبر
أخذ يتخذ الصمت رفيقاً عند وجودي
والهروب وسيلة إضعافي، وتحسيسي أنني مجرد شخص مسؤول عن
فعل لا يغتفر أبداً
وأمي ... ظلت كما هي
كانت بخيلة جدّاً، بخيلة عليّ بعطفها
كنتُ أريد أحضاناً تضمني
تسكنني محيطاً يحتوي أوجاعي
كنتُ منبوذة من قُبلها
شخصاً غير محبوب، شخصاً يريد البوح ولكن لا يستطيع
البوح صعب لشخص لا يعرف الاعتراف بما يخالجه
فأنا أرى أخواتي يحصلن على الاحتضان والاهتمام، وأما أنا فلا أحصل
على شيء
وعندما أحاول الاقتراب منها
أحاول الاعتراف بأنني أحبها وأعشقها
وأنني أريدها لي أيضاً
أريد البكاء على صدرها، واستنشاق عطفها وحنانها
أحاول تطويقها بذراعيّ، تصحيح علاقتي بها قبل أن تصلحها هي
ولكن فجأة أسقط في حفرة مظلمة، تصيبني صدمة عنيفة في كل مرة
أحاول فيها احتضان أمي
أحتضنها لتدفعني بعيداً عنها
وكأنها تركلني، تمزقني، تنفي وجودي
تبعدني عنها متضايقة مني، ناهرة إياي، وقد رسم وجهها علامات
الاستياء مني
تستاء مني، وترميني بعيداً عنها، تحطمني كثيراً وتشتكي مني بلا سبب
وتذكرني بأفعالي، تلومني ولا تكف عن ذلك حتى الآن!
كنت في الماضي أسمع عنها أقاويل عني لا أفعلها، فأصدم أخبرها
بالأمر وأصارحها ولكنها تنفي وتقول ببرودة: «أنا لا أحب الكذب
ولا أقول إلا الحقيقة ولكن الناس قد تسيء الفهم، وتزيد عليه »
لم أكن أكره أمي بل كنت أحبها، ولكنني في تلك الفترة أصبحت لا
أعرف ما هي مشاعري نحوها
أهو استياء
أم عدم محبة
أم أنه حزن عميق
ولكن ومع مرور الوقت بدأت أشعر بالبرود والصقيع يجتاح صدري
الحساس، صدري الذي قد تعود على هذه الحياة وتفهم أنه أمر لا مفر
منه.
أن تكون فرداً منبوذاً، غير موجود، لا أحد يحبك، هل باليد حيلة! ليس
هنالك إلا الصمت والتشبث بالأمل الذي قد يكون مجرد سراب، أو
الانتقام منهم ولفت الأنظار إليك.
أذكر في تلك الأيام أن أبي قد جاء إلى المدرسة لأخذنا منها، أبي تأخر
وليس من عادته أن يفعل ذلك!
ولكن وبعد فترة من الوقت جاء إلينا، وأوقف سيارته أمام سيارة
إحدى المعلمات وترجل منها من دون أن يلقي نظرة إلى أطفاله
الذين جاؤوا إليه فرحين تأخذهم النشوة برؤيته، وأخذ يتكلم مع
المعلمة بابتسامة واسعة لم أكن أراها إلا نادراً، ويعاين سيارتها بكل
جهد، والتفت إلينا بنظرة سوداوية يحثنا على ركوب سيارته، في تلك
اللحظات نظراتي أصبحت حائرة مصدومة، خفت من رحيل أبي لمرة أخرى عنا!
الرحيل إلى امرأة أخرى وقلب حياتنا رأساً على عقب، فأنا لا أريد
فقدان ذلك الاستقرار القصير الذي حل علينا من بعد عودته إلينا،
هو قصير وشحيح ومتعب...
أبي ساعد تلك المرأة وكسر قلبي، ولم يكن ذلك بالشيء الجديد، فوجود
أبي ليس كعدمه
ففي فترة طفولتي القصيرة كان أبي شخصاً صامتاً جامداً، شخصاً
يحاول تربيتنا بأحسن تربية كما يقول
كان عطفه وحنانه شحيحين
كان جافّاً وقاحلاً أكثر من أمي، بل إنه عندما كبرت أصبح وحشاً
كاسراً لا يعرف الرحمة!
ولكن معاملته لأختي الكبرى سارة أفضل لأنها المفضلة
لديه.
مراهقتي كانت من الصعوبة لا تطاق
مراهقة تعيسة لا تجد اليد الحنون فيها، صاخبة حد الجنون
ففيها قد خضتُ معارك مع نفسي، كنتُ أريد تكوينها ولكن تكوينها صعباً على نفسي المهزوزة والمنبوذة
أن تبحث عن شخص يعطيك جبالاً من الآمال، أن تكون شخصاً
مميزاً عنده، أن تكون محبوباً
لم أكن أثق أن أحداً سيعطيني ذلك وخاصة من جنس الرجال
لأن أبي كان قدوة عبرت عن جنس الرجال كافة
وأن الرجال مجرد بشر معدومي المشاعر
فمشكلاته مع أمي ومعاركه الدائمة وجعل أمي تبكي أمامنا جعلني
لا أتمنى أي رجلٍ مثله أبداً.
حدث لي مرة موقف وكان الأول وتوالت بعده الكثير من المواقف التي
كانت في العلن، أن ذهبت إلى غرفة أمي ووقفت عند بابها لأسمع بكاء
أمي وصراخ أبي وشتائمه وقوله بصوته الصاخب: «أنتِ يا أم البنات
لستِ جديرة بتربية بناتكِ، انظري إلى تصرفاتهن وقلة أدبهن، أنتِ لم
تكوني ولن تكوني زوجة جيدة في حياتك كلها، يا ليتني لم أتزوجك »
أمي لم تكن لتصمت في تلك الدقائق بل أخذت تنعته بأنه أناني ومهمل
وزوج غير صالح ولكن بكاءها وحسراتها كانت أقوى وأمر...
كانت تنتحب بشدة، ذُهل عقلي الصغير بما يسمعه ويراه لأول مرة،
وتقطع قلبي وجعاً مع أنني أعترف بذنب إهمال أمي لي وعدم حبها
لي، ولكن ذلك الموقف كان شديد الصعوبة عليّ
صدمني أبي، وكسر ذلك الهدوء الذي كان في داخلي وحوله إلى فيضان
من الأوجاع، حطمني أبي بكلماته القاسية وصراخه على أمي.
أصبحتُ شخصاً حزيناً في مراهقتي، لأنني كنت مشتتة لا أجد حبّاً
ولا احتواءً
وأصبح أبي يضربني على أخطائي الصغيرة ويمنعني من كل شيء، فقط
لمجرد تفريغ ما بداخله عليّ.
من الغباء أن تنتظر من ينقذك مما أنت فيه، أن تتشبث بأمل مستحيل تظل نتنظره سنيناً طويلةً... دون تغير..
لقد طمستُ نفسي في الحزن
حاولت اعتزال العالم، حبس أحزاني في قفص صدري
وعدم أخرج مشاعري لأي كان، فلقد كنت أخشى انكشاف ضعفي
وأنني مجرد مظهر خادع للأعين، المرح وسيلتي، الثرثرة فضفضتي،
شخصيتي السعيدة والرائعة كانت مجرد قناع مبتذل لجذب الأنظار.
أن تمر السنون وتكبر، لم يكن أمراً يهمني ولكن! دائماً ما تكون
كلمة «ولكن » معي
خطواتي دائماً تكون مرتبطة بلكن، فهي رفيقتها التعيسة، كفتاة
كأنثى تكاد تتفتح نضجاً، فتاة مراهقة هكذا نحن المراهقات، نتمنى
الفرار إلى السعادة الأبدية والأحلام الوردية، أحلامنا وردية تحيطها
هالة من الأزهار البيضاء، هي صافية براقة لا تحمل السواد، لا تحمل
أي شهوة، إنما تحمل الصفاء والنقاء، ولكن أنا يربطني الخوف من
تكوين العلاقات مع الناس ومن الوقوع في الحب، أن أحب شخصاً،
أن يقاسمني قلبي أحد لهو شيء يخافه قلبي الموجوع، قلبي الذي اعتاد
على الوحدة.
الألم هو أن تعيش بلا حب من الوالدين، أن تعيش مرميّاً لا يذكرونك
إلا وقت أخطائك.
في ذلك الوقت أخذت أنبش التراب، حتى أصل إلى نهايته ولكن
أوصلني إلى اللانهاية، فلا شيء تغير حتى لو كبرت وانعزلت
وأصابني البرود، حتى لو بكيتُ في وجوههم، حتى لو ذهبت للبحث
عن أشخاص يحتضنونني، فأنا لست شخصاً يخدع، ولا شخصاً تجره
مشاعره، صحيح أنني فتاة حساسة، ولكن هناك في البعيد في أعماق
صدري نبض يمنعني من التمادي، من الخضوع لأي شيء.
***

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي   رد مع اقتباس
قديم 19-06-20, 06:01 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خطوات على الجمر

 

أنا ويوسف
كان الشخص الوحيد الذي أختبئ عنه
أختبئ تحت صمتي وانعزالي في حضرته
حتى بعد انقضاء هذه الأعوام الثلاثة عشر
لم أستطع الخروج من حفرة ذنبي
من بئر خوفي
أذكر أنني توسدت الأريكة واحتضنت الوسادة من بعد ذهابهم،
وذهابه من غرفة المعيشة
الغرفة التي يجلس فيها كل أفراد العائلة من دون قيود
أغمضت عينيّ لدقائق أتنفس بعمق، هكذا أنا من بعد كل تلك
السنوات
حتى صوتي لا يسمع حسهُ
فأنا أصبحت لا أعرفه، ولا أجالسه ولا أحادثهُ
فلقد أصبحنا مجرد غريبين بعد أن كنا أخوين
غفوت لثوانٍ قليلة لأشعر بعدها بلمسات على وجهي
تنحتهُ
تسبر أغواره
تسير على خطوطه بلا تردد
تتلمس بشرتي بخفة
تصبب عرقي، ارتفعت درجة حرارة جسمي
حاولت فتح عينيّ بتردد، ونبضات قلبي تدق صدري
رأيته
وتزايد قلقي، وحل على قلبي الألم
منظره القريب مني، أصابني بالحزن والدهشة
دهشت من شكله الذي تغير وكبر كثيراً
ولِلونِ عينيه العسليتين
ولوجهه ذي السمرة الفاتحة
ولذقنه الذي نمت عليه اللحية الخفيفة
فلقد أصبح غير ذلك الطفل الذي كنتُ معه
فلقد أصبح يوسف الصغير رجلاً كبيراً
يوسف كان يلمس شعري من الأمام
يخطو بخطوات أصابعه ليكتشفني
ليكتشف من أنا!
لمساته كانت موترة وغير مريحة
أشعرتني بغرابتها على بشرتي، وجعلتني أنطوي على نفسي خجلاً
وصمتاً
عندما انهى اكتشافه لي، رفع يده عني متردداً وحائراً وتمتم:
«عذراً »
لم أنطق، إنما تحركت من مكاني، وأسرعت إلى أبعد مكان أختبئ فيه عنهُ
من بعد ذلك الموقف، خشيت مقابلته
خوفاً من تلك المشاعر
مشاعر الندم
مشاعر طفولتي التي لا أنساها
إحساسي بأنني من دمره بالكامل، وأفقدهُ أعز ما يملك
فأنا من سلبه عينيه
فكيف لهذا الذنب أن يغتفر
ترددتُ كثيراً عندما جلس مع أمي وخالتي التي أرضعته
أجبرتُ على الجلوس معهم، جلست والصمت رفيقي
لأنني كنت أتجنب التواجد عندما يتواجد هو في أي مكان
نادتني أمي: «ياسمين »
تعكرت ملامحه المبتسمة، واختفت ابتسامته الصغيرة مع ذكر اسمي
وحل عليه الوجوم
فهو لم يكن يعرف بوجودي معهم
طأطأ نظراته المنزعجة، والتي لم تكن ترى وجهي إلى الأسفل
وكأنه شعر بمراقبتي له، وكره نظراتي المسلطة عليه
أمرتني أمي بالذهاب لإحضار غرضٍ لها
وعندما عدت إلى هناك، توقفت عند عتبة الباب
توقفت وأنا أنظر إلى أمي ويوسف
ابتلعتُ ريقي
تشتتت نظراتي
واحتلني التوتر، وأصابني القلق
عند رؤيتي ليوسف ورأسه يتوسد حجر أمي
ويده تتلمس وجهها وشعرها القصير الذي أسقط عنه حجابه
يعيد لمساته عليها من أعلى وجهها إلى أسفل فكها، ويعبث بشعرها
البني، يزيل خصلة ويرفع أخرى، وهي تتذمر من فعله لذلك
اقتربت منهم عند رؤيتي لنظرات أمي المنادية لي
اقتربت منه، والتوتر كان رفيقي
مددت يدي إلى أمي وأعطيتها حاجتها، يدي كانت قريبة منه وأنا
أقرب إليه، وعينا يوسف اللتان تنظران إلى وجهي كانتا أقرب وأقرب.
قلبت حالي إلى هيجان وحرارة أخذت تغلي في داخلي
وابتعدت سريعاً، وجلست في أبعد مقعد عنهم
في تلك اللحظات شعرت بأن يوسف يريد معرفة ذلك الشخص
الذي هو أنا
والذي كان يظنه أمي أو أي شخص آخر يعرفه
ولكن لم تكن تقاسيمي تشبه تقاسيم أمي
فأنا أختلف عنها كثيراً
فأمي بيضاء البشرة أما أنا فحنطية مثل أبي
أمي قصيرة القامة أما أنا فطويلة القامة مثل أبي
حتى في الملامح، فأنا لدي انف أبي وفم أبي وعينا أبي
فلا شيء فيّ يشبه أمي إطلاقاً
في ذلك الوقت كان يوسف شديد الإلحاح بالأسئلة على أمي وخالتي
كان يسأل عن سكان المنزل
كنا نسكن في المنزل الكبير، منزل جدتي )رحمها الله( والتي رحلت عنا
منذ زمن طويل.
لأن أمي أصبحت كالمعلقة يمر عليها أبي متى يشاء، ومتى اشتاق إلى
رؤيتنا فهو لا يعيش معنا من بعد انتقالنا إلى منزل جدتي ومنذ سنوات
أحسبها طويلة نسبيّاً، تركنا منزلنا الذي أصبح خالياً، في بعض المرات كنا نمر
عليه متى شاءت أمي لنقضي فيه إجازة أو عيداً، فأمي تظن أن لا داعي
للعيش فيه وحدنا من بعد أن تزوجت أختاي سارة ولطيفة الأكبر سنّاً
من أختي خولة ومني.
وخالتي المتوفى زوجها تعيش معنا، وخالي الوحيد يعيش معنا مع
عائلته في قسم خاص بهم.
فنحن عائلة كبيرة أكثرها نساء وقليلها رجال
كان هناك بنات خالتي الأربع واحدة أكبر مني سنّاً وهي فاطمة، أما
سميرة فهي أصغر مني وهي بعمر يوسف وهي من رضع مع يوسف،
وأما سحر وريم فهما فتاتان مراهقتان على عتبات العشرين.
وبنات خالي هما اثنتان تصغرانني
وأما ذكور العائلة فهم أطفال لم يبلغوا الحلم
فمع وجود الكثير من الفتيات في المنزل لم يعرفني يوسف
ذات يوم، بينما كنتُ في المطبخ أحاول صنع الطعام
في الحقيقة فشلت فشلاً ذريعاً، بل في الحقيقة دائماً ما تكون المحاولة
الأولى لصنع بعض الأطباق هكذا!
كنت أستعد للخروج من المطبخ، وقد تبللت بالماء، وأرهقت من
طول الوقوف
فتحتُ الباب في غير انتباه، فداهمني جسد واصطدم بي، بدل أن
يمسك بكتفي أو حد الباب أمسك بوجهي في ضربة
سمعته يقول وأنا مغمضة العينين متألمة من الضربة التي تلقيتها:
«أووه، عذراً »
رددت على من ضربني بألم: «يا إلهي، إنه مؤلم » وتوقفت عن الإكمال
حينما أدركت أنه يوسف
قال لي: «آسف لم أكن أقصد ذلك »
أبعد يوسف يده عني، لكنه أعادها، وصدمني من جراءته
ولثانية واحدة فقط أبقاها ثم أبعدها، وقال بسرعة: «أنتِ »
وابتسم يوسف لي
ولأول مرة ومنذ زمن طويل يفعلها أمامي
ليظهر صف أسنانه المتراصة والبراقة، ابتسامته التي لم تتغير أبداً
ابتسامته التي أعادت إليّ ذكريات طفولتي
ارتسم وجه ذلك الطفل أمامي
أشرق نوره، وتشكلت صورته في ذهني
أرسل صوته القشعريرة في جسمي
ضحكاته السابقة
تعلقه بي، وحبه لي ظهر لي في وجهه القديم
تقاسيمه لم تتغير، لا لم يتغير فيه شيء
ولكن أنا من تغير
أنا من أصبح غير شخصه القديم
أعاد كلمته الأخيرة وزاد عليها: «أنتِ، أخبريني من أنتِ فأنا لم
أعرفكِ »
«أأنتِ من بنات خالي، أو إحدى أخواتي من الرضاعة »
لم أستغرب قوله عن أخواته من الرضاعة لأن سحر وريم فتاتان
خجولان جدّاً، وتجدان صعوبة في التواصل مع يوسف بعكس سميرة
وفاطمة.
لم أجبه، إنما اتخذت الصمت سبيلاً
هو لم يسأل حتى إذا كنت ياسمين، أو أنني إحدى بنات أمي !!
لم يتحرك من أمامي، إنما بقي حاجباً طريقي عني: «ما بكِ، ألن
تجيبيني؟ »
نطقت من غير وعي وأنا أحاول الفرار منه، إبعاده عني، ولكن لم
أستطع لأنه بقي كالسد أمامي: «... أنا ... أنا ... أنا هي » وتوقفت
أحدق به، أنقل بصري في تفاصيله، أنقل إليه شعوري الذي لا ينطق
لمَ لا تتذكرني!!
أنا ياسمينة، صديقة طفولتك
أنسيت صوتي يا يوسف، أم أنه قد تغير!
أم أن الأيام قد أنستك إياهُ!
يوسف
أتدري كم أتمنى، وكم أرجو لو تعود طفولتنا، ونعود كما كنا
نطقت بصعوبة، وأنا متيقنة بأنهُ لن يعرفني: «مجرد فتاة تسكن هذا
المنزل »
ازدادت ابتسامته اتساعاً، وقد بدأ المرح يرسم تفاصليه على تقاسيمه:
«أعرف أنكِ فتاة من وجهكِ وصوتكِ، ولكني فضولي لمعرفة صاحبة
الحاجبين الغليظين »
يا إلهي
نبرته تلك
وصفه لحاجبيّ
قلب حالي وجعلني أود الضحك معه
انتابني الحنين والحب لذلك الطفل الذي رعيتهُ
وددت إخباره بأنني أنا ياسمين، وأردت استعادة ذكرياتي معه
والحديث معه عما كنا نفعله، عن تلك الأيام الجميلة التي كنا نقضيها
معاً
وددت إخباره أنها كانت الأجمل، ولم أكن أكرهها أبداً كما كنت أدعي
ولكني تراجعت عن كل هذا
عندما سمعت نداءً من البعيد، يقول: «ياسمين »
تعكرت ملامح وجهه التي كانت تنظر إليّ، بل هي في الحقيقة لم تكن
تنظر إلي، إنما كانت تنظر إلى مكان آخر.
تشكلت التجاعيد بين حاجبيه الكثيفين، بهت وجهه في صدمة محت
كل التعابير السعيدة عنه
صدمته جعلتني أُصدم أنا الأخرى
وأندم على حديثي معه
في تلك اللحظات كان الوقوف بصمت ملاذاً لنا
بدأ قلبي ينبض وينقبض بشدة
وأنا أشعر بتعكر الأجواء واختناقها من حولنا
ونشوء جو الحرارة، وانهيار كل تلك المشاعر
حاصرتني الكآبة
وقوفه بصمت، تشنج ملامحه كانا علامة لشكه بمن يحادثه
عيناه انذرتا بغضب عميق وكره سحيق
وكأنه كان يحاول استيعاب أن من يحادثه هي ياسمين، ولا أحدَ غيرها
تراجعت خطواته عن أمام الباب، حتى أخلت المكان لي، لأتقدم
وأتأخر
كسر حاجز الصمت المشحون بالمشاعر السلبية، صوت عالٍ قريب منا
يرد: «نعم »
«يا إلهي لم أصدق أنني استرحتُ لدقائق لتزعجوني ثانية »
وبسرعة رهيبة، التفت نحو مصدر الصوت، تجمد لثوانٍ وبعدها
ارتخت ملامحه وطرد كل ذلك عنه
وكأنه شعر بالراحة والأمان
يا لعِظم ذلك الموقف !!
كان قاسياً!
محزناً!
أهذه أنا بالنسبة لهُ!
حاصرني الحزن من كل الجوانب
حاولت المقاومة، وزجرت نفسي عن البكاء
وأنا أنسحب بهدوء أحسه يوسف، وناداني بهمس: «لو سمحتِ لمَ
أنت صامتة! »
كفاي اللتان كنت أشدهما في قبضة حررتهما، وأنا أجر خطواتي إلى
الباب المفتوح وأجتازه إلى الأمام، وأترك يوسف الواقف على جانبي
يكمل بصوته الهادئ: «لم تخبريني عن اسمك؟ »
ضغطت على أسناني في محاولة يائسة لخنق الألم الذي أشعر به، وأنا
أقول بصوت مرتجف واضح لنفسي: «اعذرني »
وأكملتُ خطواتي المسرعة إلى غرفة المعيشة لأتركها خلفي وأركض
نحو السلم وأقفز بخطواتي إلى الأعلى
وهربت منه
كنت أركض خوفاً من انكشافي، خوفاً من ضعف داخلي وهشاشته
وأوقفت خطواتي بداخل غرفتي، التي ولجت إليها وأجهشت بالبكاء
فيها
لأول مرة في حياتي أشعر بهذه الأحاسيس
وأنني شخص بغيض، وكريه لهذه الدرجة
مع أنني كبرت وأصبحت بالغة ودفنت الكثير من الماضي ورائي منهُ
النبذ الذي كنتُ أعانيه، وعدم حب أحدٍ لي
نعم، حاولت دفنه ونسيانه ووضع الكثير من الخطوط عليه
ولكنني أسترجعه في كل حين، وألوم نفسي والعالم كله عليه
صحيح أنني الآن لست تلك الطفلة أو المراهقة
وأنني غير ذلك الشخص القديم
فأنا شخص يخاف عيش ذلك الماضي مرة أخرى
ولا يريد أي أحداث تصله به
فأنا حاولت الاستغناء عنهم، والاعتماد على نفسي فقط
وكبت مشاعري، واهتماماتي داخل صدري
ولكن أن يشعرني يوسف بهذا
وأنني شخص مرفوض غير مقبول، ومكروه لهذه الدرجة لهو شيء
وقعه على قلبي عظيم وأليم.
***

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي   رد مع اقتباس
قديم 25-06-20, 08:00 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خطوات على الجمر

 

حصار
بعد ذلك الموقف
حاولت الهروب من أي مكان يوجد فيه يوسف
فمشاعري متقلبة
دامعة في لحظة وغاضبة في أخرى
حتى إنني لزمت غرفتي في ذلك الوقت، وحبست نفسي بين جدرانها
في كثيرٍ من الأحيان كانت تطوقني أفكاري، وتخنقني هواجسي
وأفكر في حياتي الآن
وما أنا عليه
وهل حققت شيئاً
أجمع أوراقي، أنبشها، أنظر إليها عن كثب
فتتساقط من بين يديّ
فأراها فارغة، لها عمق أسود مثقوب
نعم ...فداخلي مملوء بالثقوب التي لا ترقع
منذ زمن وحتى عمر الخامسة والعشرين لا أزال أبحث عن ذاتي
المخبأة فيّ
ذاتي التي لا أعرفها
فأنا لا أعرف نفسي، ولا حتى ماذا تريد!
أعرف أنني عشت حياة غير منصفة
حياة تتجسد كشكل من المعاناة
حتى في بيئتي المدرسية، وعند مراهقتي تغيرت إلى الأسوأ
الانعزال كان ملاذي
وانخراطي في أحزاني وهمومي
جعل مني شخصاً وحيداً منبوذاً في نظري
حتى نبذت نفسي في ذلك الوقت، وكرهتها
فالكل أصبح في نظري يعاملني مثل أمي
والكل يلومني ويعنفني على أخطائي حتى لو كانت بسيطة
حتى كدتُ أخسر أحلامي التي كنت أطمح إليها
وأتخلى عنها، وأخضع للواقع
كنتُ أريد دراسة القانون الجنائي، أطمح في شيءٍ مميز أحبه
وعندما وقفت أمام الكل بطموحي هذا، وقفت حوائطُ رفضهم
القاطع أمامي، وجدران تذمرهم وتعنفيهم لي
خضعت لهم، وتخليت عنه، بسبب أنني بنظرهم لا أرتقي لذلك
الطموح، واخترت غيره تخصصاً قريباً منه وأسهل وكان علم نفس،
وأعادوا الكرة
أبي ... كان أكبر المتشمتين بي، في البداية ضحك عليّ، واستحقر
حلمي، ورفض ذلك الغباء الذي أريده، وأنه تخصص لن يفيدني بشيء
أما أمي ... أمي التي تمنيت ولو لمرة في حياتي أن تكون في صفي، وأن
تقف معي وفي الأمام
فكانت غير مبالية، وغير مهتمة وكأنني لست ابنتها ولا شيئاً يخصها
كنتُ أريد التوسل إليها، وتقبيل قدميها، أريد فقط ابتسامة حنوناً
منها، ابتسامة تشجعني
تضمني وترفعني إلى السماء، وموافقة تسع الكون
ولكنني وكما تعودت، وكما هي العادة والصدمات المتتالية
قالت لي: «أشك في نجاحكِ فأنتِ نجحتِ بصعوبة بعد محاولات
كثيرة فاشلة، الحمد لله أنك استطعتِ التخرج من المدرسة، ولا أظن
أن هذا التخصص مناسب لكِ فقد تصبحين في المستقبل شخصاً مجنوناً
فالكثير من الأشخاص أصيبوا بالجنون من جراء هذه المهنة، الجلوس
في المنزل أفضل من الدراسة من وجهة نظري »
كانت كلماتها، هي الشوكة القاصمة
والمدمرة بالكامل
كانت محزنة بشكل عقيم
جعلتني أذرف دموعاً حارة، وأبكي وحيدة، وأتمنى لو أنني لم أولد
أو أتمنى لو كانت أمي تحبني، ذلك الذي أتمناه، حلم بعيد لا تطاله
الأيدي!
ولكن ذلك لم يكن ليجعلني هشة فقط، إنما مترددة في كل خطواتي،
حزينة في داخلي، ولكن فعلتها ودخلت ووقفت في وجه المعارضين
حتى لو كانت كلماتهم سمًّ يجري في الأبدان.
وفي النهاية فعلتها وتخرجت منه بتقدير جيد جدّاً، لم يكن سهلاً ولم
تكن كل محاولاتي سهلة
فلقد عانيت الكثير إلى أن نجحت، وأهملت النظرات لشخص يظنونه
لن يفلح فقط لأنه رسب مرات قليلة
وفي النهاية، جلوسي في المنزل كان الخيار الإجباري إلى أن تجدني
وظيفتي أو أجدها.
***
أنا شخص أحب الكتابة، وكم كنت أقرأ وأكتب وأتعلم
كنتُ أقرأ بالسر لأن القراءة كانت ممنوعة من جهة أبي، وكنتُ أحاول
الكتابة وأخفي ما أكتبه في خزانتي خوفاً من اكتشاف أحدٍ لي
فكسر المواهب وإهمالها من قبل الأهل، جعلني أعمل كل شيء بالخفاء
جعلني أخفي حبي لأشياء كثيرة
خوفاً من تحطيم أحدٍ لي، أو الاستهزاء بي...

أن تتحدث مع نفسك كثيراً، أو أن تُحدثها وكأنها شخص مقرب
وحميم، هو أمر بغاية الغرابة لكثير من الأشخاص!
أنا هكذا
دائماً ما أتكلم مع نفسي وأشتكي إليها
فهذا يعطيني راحة عظيمة، وتنفيساً عميقاً
وكم من المرات كنت أتكلم فيها مع نفسي في دورة المياه خاصة،
وأخطط لمَا سأفعل غداً
وعندما أخرج أسمع أختي خولة الأكبر مني بسنتين تقول: «أأنتِ
مجنونة! »
أهز رأسي، وأؤكد لها أنني شخص مجنون كليّاً
الجنون هو أن أتحدث مع نفسي عن يوسف
وأن أقول عنه كلاماً غير لائق، وأقلده
فيوسف قد تغير فجأة، وأصبح لا يبالي بوجودي، ويتصرف على سجيته على غير العادة
فلقد ترك صمته وكآبته بعيداً
وبدأ يصبح ثقيل الدم، ويتدلل بإفراط على أمي وخالتي
دائماً ما أراه يحتضن أمي ويقبلها ويسمعها المديح، ويحادث خالتي
ويجعلها تعبر عن كل ما بداخلها
فيوسف قليل النقاشات، كثير التودد إلى أمي وخالتي وأخواته من
الرضاعة
يا إلهي، حتى إنني نسيت ما حصل بيننا
ونسيتُ أنه هو يوسف بسبب تصرفاته هذه
فأنا قد بدأت أراقبه، وأرى تصرفاته مع أهلي
واكتشفت أشياء بغيضة عنه
أنه يبدي رأيه فيتقبله الجميع برحابة صدر، ويعطي رأيه بالأشياء التي
لا تعجبه، ويسن القوانين كيفما يشاء، وكأن كل مقاليد العائلة بين يديه.
لم أكن أتصور أن يكون يوسف شخصاً بهذا الشكل، فأنا لم أعرفه
إطلاقاً خلال سِنِيّ الماضية
فلقد اكتشفت أنني أكره هذا النوع، وبصدق!!
في إحدى المرات وبعد ذهابهم جميعاً، بدأت أتكلم بصوت عالٍ مُنقهر:
«يا إلهي لم أرَ أحداً مدللاً مثله من قبل، والمصيبة تصرفهم معه يشعرُني
وكأنه هو الشخص الوحيد الموجود على الكرة الأرضية، يا إلهي .. كم
أكره الرجال ». عبستُ بشفتيّ وأنا أقلده: «أختي سميرة أنا لم أتذوق
مثل طعامكِ من قبل، يا إلهي يا لها من كاذبة فهي لم تطبخ في حياتها
بيضة واحدة، الذي يتعب ويكد نحن وهي تأخذ كُل المجد، أما فاطمة الثقيلة
الدم تلك والتي لا تكف عن النقد والتذمر فيقول إنها أجملنا وتملك
حلاوة لسان لم يرَها من قبل، يا لسخافته »
«يا إلهي، صدقاً إنكِ تملكين الكثير من الأحقاد بداخلك »
جاءني صوته القريب مني ممزوجاً بالفكاهة، وأخافني وأنا في خلوتي
وكنتُ أظن أن لا أحد هنا، ولن يسمعني أيٌّ كان
ولكن ويا لسوء حظي سمعني صاحب الشأن
احمر وجهي وإحساس بالخجل اعتراني
لم أتحرك ولم أرد عليه، إنما سكنت للحظات قبل أن يقرر عقلي أن عليّ
الهرب
في الحقيقة لا أستطيع مواجهته بعد الذي قلته، وأنا خجلة جدّاً منه، بل
أكاد أموت من الإحراج.
ظهر أمامي، كان يوسف يتحرك بحرية وكأنه يحفظ كُل شبرٍ في المنزل،
لا... إنما ظننتُ للحظات أنه يبصر!
فيا سبحان الله الذي يعطي الأعمى بصيرة تفوق بصيرة المبصر بمرات
مر من أمامي فلمحت ثوبه الأبيض، ولكنني لم أرفع بصري إليه
وصل بالقرب مني قرب المقاعد، وقال: «ها أنتِ ثانية يا صاحبة الحاجبين الغليظين، حقّاً إني لا أخطئ نغمة صوتكِ، وأعرفكِ على الفور »
تصاعدت الحرارة إلى وجهي، يا إلهي.. يا لهذا المدلل المعسول اللسان،
إنه لا يخجل من قول مثل هذه الكلمات.
كانت غرفة المعيشة خالية من سكان المنزل إلا مني أنا ويوسف، وكان
الصمت سيد تلك اللحظات
تجرأت أن أحادثه، فأنا متشوقة للحديث معه، ومعرفته عن قرب،
فصغيري قد تغير وكبر
إلى جانب أنه لا يعرف أنني ياسمين!
بعد حزني الطويل في الأيام الماضية
وندمي السحيق
توصلت إلى أن لا أخبره أنني ياسمين، إذا حاول الحديث معي عن
هذا الأمر
وأن أكون شخصاً مخفى يعرفه يوسف حتى أستطيع الوصول إلى قلبه
حتى أجعله يرق ويسامحني حتى لو تقبلني قليلاً، ولم يسامحني نهائيّاً
قد تأتي فرصة يسامحني فيها يوسف
فأنا لم أكن أقصد فعل ذلك
إنما كنتُ طفلة غير واعية
تجرأت وطرحت أفكاري بعيداً عني، فأنا أريد التقرب منه، فبدأت
حديثي معه: «وبهذه السرعة ما شاء الله »
أصدرت حنجرته ضحكة خفيفة وعميقة، جعلتني أبتسم وأمشي مع
خطواته التي مرت بجانبي وبدأت ترحل نحو أحد المقاعد
وجلس يوسف على المقعد الجلدي الأسود، مقعده الدائم والمفضل
على ما يبدو
وأسند ظهره عليه بكل أريحية
يا إلهي إن يوسف طويل وضخم، ويملك جسداً رياضيّاً !!
قلت له بدون وعيٍ مني: «يوسف، هل أنت تمارس الرياضة ؟»
تشكلت على وجهه تلك التعابير، التي لم أفهمها في البداية، ولكني
وللحظة ظننتُ أن السؤال كان قاسياً، سؤالاً يذكره بحقيقة إعاقته،
صمتُّ بعد تلك الكلمات وأصابني الندم الشديد عليها، أيقظني من
ندمي وتأنيب نفسي صوته الغليظ المنخفض وهو يقول: «نعم فأنا
رياضي بارعٌ جدّاً، ولدي الكثير من الميداليات »
تبّاً!!
أظن أنني أخطأت في ندمي ذلك، فصوته كان محملاً بالغرور والفخر
حل علينا الصمت، وأنا استرخيت في مكاني وغصت في مقعدي
وانتقلت نظراتي إلى كل ما يحيط بي من أبواب ونوافذ وجدران وألوان.
كتمت أنفاسي وأنا أبعد نظراتي عن كل شيء، وأرحل بها إلى أعماق
أفكاري، سرحت في عالمي لأفكر لمرة ومرتين وثلاث في كل شيء، فيّ
وفي يوسف وأهلي !! وهل ما أفعله صحيح! وهل عليّ أن أقترب منه
لأخدعهُ!
أعدت نظراتي إليه، واهتز قلبي الساكن في أعماق صدري
حتى تشقق وتقطع
وتناثرت شظاياه
لو كان لي القدرة على إعادة الماضي
لو حدث ذلك
لكنتُ غيرت العديد، بل وفعلت الكثير وتركت القليل
لكنتُ أحسنت معاملتك، ورعيتك جيداً
أتعرف ندمي يا يوسف
ندمي يحرق صدري في كل يوم
ندمي يسع الكون كله، بل إنه لا يسع أي شيء
ولو أخرجته لك لما استوعبته من ثقله وعِظمه.
أخرج يوسف سماعة صغيرة ووضعها في أذنيه، ظننته ولوهلة أنه قد
نسي وجودي
ابتلعت موجات الألم التي اعترتني منذ لحظات، وخبأتها بداخلي
وأخذت أطيل النظر إليه
يا تُرى ما الذي يسمعه الآن !!
فملامحه تغرق في الاسترخاء
زفرت نفساً، تبعه صوتي وجلبة داخلي، تعمقي في النظر إليه، وحفظ
تفاصيله
سمعت يوسف يقول وأنا سارحة فيه: «ألن تكفي عن التحديق بي! »
في تلك اللحظات كدتُ أكذب حقيقة أنه لا يبصر، أكذبها رأي العين
فأنا أسمع العجاب منه
«يا إلهي، وكيف لك أن تعرف هذا!! »
قلتها والدهشة تغرقني، ويطوقني تعجبي من كل الجوانب
ارتفع طرف شفتيه عن ابتسامة واسعة، اظهرت غمازة خفيفة على
خده
ذكرني ذلك بالماضي
وتساقطت الذكريات على رأسي
وخلف موجها فيضاناً من السعادة في داخلي
وكأنني في ذلك الوقت، وكأن الزمن عاد بي إلى الوراء
إلى ذلك الصغير الذي لا تفارقه ضحكاته، ولا ابتسامته، ولا حتى
هُتافاتهُ
أنظر إلى الأسفل والرؤية ضبابية، نظراتي تنصب عليه، وجه دائري
قمحي اللون وشعر بني مسترسل كالشلال، وعينان كبيرتان لامعتان،
وابتسامة واسعة تسع الكون من فرحتها، وغمازة صغيرة مميزة.
صغير جدّاً، وجميل جدّاً، ويقول بصراخ: «احمليني »
أرفض.. أهز رأسي بالرفض، بل هو رفض الحقيقة، رفض كل ما أراه
في تلك اللحظة!
أهذا يوسف !!! أهذه أنا !! أرفع أصابعي فأراها صغيرة ضئيلة، تعبر
عن حجمي، وتعبر عن ذاتي القديمة
ينتشلني من ذلك الموقف المرعب صوت بعيد
صوت من بعده يكاد لا يسمع
كان يقترب بسرعة رهيبة مني
وأعادني إلى أرض الواقع
وكانت تلك ضحكة يوسف
يا إلهي !!
خُيل إلي أن ما حدث منذ لحظات كان ضربة من الجنون
جنون حل على عقلي
وضعت يديّ على وجهي وأنا ألهث من الخوف، وأنظر إلى أصابعي
التي كبرت فجأة، وبشكل مفزع أصابني بالرعب
أغفوت! متيقنة أنني غفوت ولم أشعر بذلك، على الأكيد أنه حلم!
أبعدت يديّ عن وجهي وأنا أحاول العودة إلى أرض الواقع ونفي كل
ما مر عليّ، وأنظر إلى يوسف
الذي قال: «أعرف فإحساسي لا يخيب »
ما الذي يحدث يا يوسف !!!
أرأيت أنا واقعاً، أم حلماً!
أخذت أتنفس بسرعة، أخرج أنفاسي المختنقة من صدري، وأبعد تلك
الأحلام المزعجة عن مخيلتي
حتى لو لم تكن مزعجة
حتى لو كانت الأجمل
ولكنها مرعبة عندما أصبحت حقيقية
«ما بكِ! »
قالها يوسف والاهتمام بادٍ عليه
كان يحدق بي وكأنه يراني، ينظر إلى عينيّ اللتين ارتبكتا فوراً، وتبدل ما
بصدري إلى حرارة
حركت مشاعري الخامدة، مشاعري التي تصهر جسمي وتحرك ما
تحت أضلعي، وتتموج بأشكال من الأحاسيس الغريبة
التي تنتابني عند رؤيتي لهُ في الآونة الأخيرةِ
قلت وأنا أشعر بالعرق يبللني أكثر من ذي قبل: «لا شيء »
«إذاً إن كان لا شيء، فلمَ كان صوتك وأنفاسك بهذا الشكل »
والآن أكتشف في يوسف شيئاً سيئاً أكرهه جدّاً
أكره الحديث عن نفسي في حالاتي هذه
أكره رؤية أحدٍ ما لي في لحظات ضعفي
أكره اقتحام أحدٍ ما لحصني المنيع الموضوع حولي
أكره الإلحاح الذي يلحه الغير في معرفة الأسرار
يوسف أرجوك لا تواصل الحديث !!
كلمة أخرى وأنفجر عليك، وأقول كلاماً غبيّاً وأنا في حالتي هذه!
ويا للعجب تغيرت تعابيره ولهجته وهو يقول: «أتحبين القراءة »
انقلب حالي المنزعج، وتحول التعكر إلى انشراح، بل وسكنني الهدوء
بهمس قلت: «على الأكيد، فأنا أكتب »
سأل والدهشة ترتسم على وجهه: «وأتكتبين! »
بتردد أضفت: «نعم، فأنا أحب كتابة القصص والخواطر »
أصابني الندم على هذا الاعتراف الصريح، صحيح أنني أتوق لإخبار
أحدٍ ما بأنني أكتب، وأريد الافتخار بهذا الشيء، وأريد أن أصبح
عظيمة الشأن، بارعة في هذا المجال.
ولكنني أفضل الاختباء في ذلك الجحر الذي يفصلني عن العالم المحيط
بي، وعن الذين يعرفونني على الأخص
«مدهش، وهل نشرتِ شيئاً؟ »
احتجزني صمتي، وهجرتني عزيمتي وآمالي التي كانت تلمع في الأفق
البعيد
لا.... لمَ أفعل يا يوسف!
ألكي يعرفني الكل!
أم لكي يستهزئ بي المزيد من الناس الذين من حولي
جربتها مرة وأعطيتها لأمي لعلها ترى في ابنتها شيئاً مميزاً تفتخر به،
فأصبحتُ محط سخريتها قبل أن تقرأها
حتى إنها قالت لي: «دعكِ من هذه السخافات، التي لا تجدي نفعاً ولا
تغني من جوع، إنها إهدار للوقت »
لقد كان وقع كلماتها على نفسي أشد وأقوى من وقع المرض على جسمي
فالتأثير النفسي كان أشد مرارة
ولقد أصبت بالصدمة، صدمة جعلتني أفقد رغبتي في إكمال ما أريده
قلتُ لهُ وصوتي ذابل، يغص بالحزن: «لا »
كان في صوتي نبرة تدل على عدم رغبتي في الاستمرار في هذا الحديث
أعرف أنها كانت فظاظة مني، ولكن حقّاً أنا لا أريد الحديث أكثر عن
نفسي لكيلا يكتشفني يوسف!
لا .... ليس لكيلا يكتشفني يوسف
إنما هو الخوف من الإفصاح عن حقيقة نفسي، فأنا لا أريد استنكاراً أو
احتقاراً سقيماً آخر
لا أريد التحدث، إنه صعب، صعب أن أعبر عن فرحي وحزني
لشخص بيني وبينه هذا التضاد العجيب، والفروق العميقة
والشروخ الكثيرة
يوسف لا يزال غريباً عني، وبعيداً أميالاً كثيرة
أنبني ضميري لصمتنا الذي وضعته أنا، واستمر لدقائق طويلة
وخنقني
قطعت الصمت بصوت منخفض هامس: «ما الذي تسمعه! »
لم تظهر ملامحه الهادئة أي ردة فعل على سماعي، كان مستغرقاً في النظر
إلى أمامه، وسماعته تلتصق بأذنيه، فصمتُّ وقد حاصرني ندمي، وحل
عليّ الحزن.
قطع تفكيري وانحشاري بين أنسجة الأريكة، صوته الخشن الرنان:
«كتاب يمكنك القول عنه إنه مجموعة من الخواطر » صمت ليضيف
وكأنه استنتج أن وجهي قد قفزت إليه علامات التعجب والدهشة:
«إني أجيد خمس لغات، وقصدي من القراءة هو نصفه الاستماع إلى
الكتب المسجلة، والنصف الآخر القراءة من كتب المكفوفين »
بعد هذه الكلمات وهذا اللقاء، نظرت إلى نفسي، أمعنت النظر إلى
أعماقها
ووجدت التبعثر يحتل كل ركن فيّ
أنا الإنسانة التي لا تعاني من خطب عضوي واحد عدا النفسية المدمرة
بالكامل
إنسانة طبيعية تمتلك كل حواسها، تمتلك كل مكملات الحياة حتى
الرفاهية منها
لا أجيد إلا لغتي الأم، ولا أجيد شيئاً في هذه الحياة سوى الانغماس
في البؤس!
وأتخلى عن كل الأشياء بسهولة، لا أرغب في التقدم خطوة واحدة
بسبب أنني خائفة ومترددة!
أما هو فيعاني من فقد حبيبتيه، فقد أغلى ما يملك الإنسان، فالأعين
أهم شيءٍ لدى الإنسان وهي نعمة لا تضاهيها نعمة.
يوسف شخص إيجابي يناقضني
يوسف غريب كغرابة عالمي عني
يوسف شخص يعيش في فضاء غريب عن فضائي، وفي عالم فسيح
ولعل معرفته الواسعة جعلته بهذا الشكل
شخص وكأنه يكبر عمره أضعافاً
هو أصغر مني، وأقل مني مرتبة دراسية
ولكنه أكبر عمراً بعقله مني
أحسست بحجمي الصغير وهو يطلعني على مهاراته، وحجم
الكتب التي قرأها، وسعة معلوماته المذهلة، علم فيزياء وكيمياء
ورياضيات.... بل كل علوم الدنيا تستقر بداخل ذلك الرأس الذي
لا يكبر رأسي كثيراً، أما أنا ... ويا لفظاعة ذلك فلا يوجد لديّ غير
التفكير المستمر والتردد والتذمر، ونظراتي العمياء عن المساحة الممتدة
أمامي، وعن فضاء يوسف الساطع في السماء.
يوسف كان لا يتردد في طرح أفكاره، والتحدث بانسيابية
لم أكن أستوعب حديثه إلا بمشقة
كنتُ مجرد شخص منبهر، يرى شيئاً لامعاً مصقولاً بعناية فائقة
فيوسف قد صقل نفسه صقلاً، ورمى عثرات طريقه بعيداً عن مرماه
اتخذ الحياة سبيلاً، والإعاقة درباً
بعد حديث يوسف المطول، بعد تلك الحرب النفسية التي خضتها
اجتاحتني الغيرة وأمسكتني مطولاً من عنقي
خنقتني وجعلت مني شخصاً يرى ويسمع ويفقه
لمَ لم أفعل شيئاً واحداً صائباً في حياتي!
لمَ لم أكن أفضل منه!
لمَ لم أقاوم كل العثرات والخيبات!
وأجابه الحياة والناس الذين كانوا يحاولون إضعافي بكل السبل،
وإسقاطي في مستنقع التخاذل والإحباط
الفظاعة أن أكون شخصاً كشخصي الآن الذي أفكر به، وأنني شخص
مملوء بالحقد والغيرة
لأنني أرَى يوسف أفضل مني، وأنا لا شيء
لأنني بقيت كما أنا، أما هو فقد تغير كليّاً
استلقيت في تلك الليلة في ظلمة غرفتي والهدوء يخنقني، والألم يحفر
صدري، يشق أخاديده في نفسي
لو كان لدي القدرة على شق صدري، واستخراج قلبي وتمزيقه إلى
قطع صغيرة
لفعلت ذلك من دون تردد
لم أكن أفعل غير الضرب عليه، ولطمه لكي يخرج ألمي منه.
والندم لا يزال يجثم على صدري، فكل شيءٍ في حياتي مرتبط بالندم
وهل الندم يقال لهُ يا ليت!!!
لم تكن كلمة يا ليت لتضيف شيئاً جديداً إلى حياتي، فهي كانت ولا
تزال تلتحم بي
قضيت الليل بطوله أتقلب في تفكير مستمر لم يثمر إلا عن آمال تعد
مستحيلة بالنسبة إليّ.

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:44 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية