كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله(بـ حلة جديدة-2020م) الفصل 23
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
شاهين استعد النفس لابد منصوره
يالظالم اللي زاد في ظلمه وجوره
بتنكشف جرايمك لوهي مستور ه
و يظهر اللـه الحق للأم المذعوره
ماتسكت على الضيم الغاليه نوره
قبل الكلام ضرب الراس بالباكوره
والوجه ياليت تخفي معالم الصوره
وجرايمك للناس تصبح منشوره
الكل يحتقرك مع عائشه المكسوره
وانتقام سهيل بعدها بيجيك دوره
واشدها انتقام الله للنفس المغدوره
#كلمات_فيتامين_سي 💘
الجــــزء الأول من الفصـــل الرابــــع والعشــــرون
،,
امسكت ريسة ذراع نورة تريد تهدئتها ... إلا أن فجأة اعتلى رنين هاتفها المحمول
لتستله بسرعة من جيب ثوبها اسفل عباءتها ... وتقول بانفعال: عواش انتي في البيت ؟
ردت عائشة وهي تنظر من نافذة غرفتها لما يحصل امام باب المنزل الخارجي: هي عموه في البيت ... لمحت موتر دريولكم مجابل الباب جان اتصلبج .. شو السالفة ؟؟ منو يزاعق عموه ؟!
هدرت ريسة وهي تلتفت حولها وتدعو الله ألّا تصبح ليلتهم هذه فضيحة على لسان كل الجيران:
منو في البيت الحينه !!
نظرت عائشة لأختها الغارقة في النوم على سريرها لتجيب: بس انا ومديه وووامايه ووو..
سكتت وهي ترى من النافذة الخادمة وهي تخرج للحوش وخلفها والدتها التي تتلحف كيفما كان بجلال الصلاة الكبير
فـ هرعت عائشة للخارج وهي تقول لعمتها ريسه على الهاتف: امايه يايتنكم عمووه
أغلقت الهاتف وهي تتراجع لتوقظ اختها بتوتر شديد .. اختها التي أتت عصراً تزور كـ عادتها بيت اهلها كل أسبوع .... ويبدو أن الحمل انهكها فـ استسلمت للنوم
: مديه نشي نشي
استيقظت مديه مرعوبة وعيناها محتقنتان من أثر النوم: بسم الله .... شو فيج عواش ليش تزاعقين !!
ثم شهقت وهي تدرك متأخرة أنها نامت على سرير اختها
امسكت هاتفها تريد رؤية قائمة الاتصال الخاص بها: اوييييه كيف رقدت !!
أكيد هزاع اتصلبي وانا ما سمعت التلفووون
أخذت منها عائشة الهاتف بحدة ...... ثم هتفت بينما تستل بسرعة جلال صلاتها: مب وقته انتي وريلج
تعالي تعالي .... شي سالفة مستوية تحت
زعيق ودنيا وحالة
همست مديه بـ قلق: خير اللهم اجعله خير
في حوش المنزل
اندفعت نورة للداخل وهي تدفع ريسه بعيداً عنها إذ أن الأخيرة كانت تمسكها بقوة مخافة ان مكروها يصيبها جرّاء سيرها المتخبط السريع
لكن نورة كانت تدفعها عنها باستماتة .... وهي تصرخ وتشتم شاهين وزوجته رملة وكل فرد ينتمي له
فجأة احست بأحدهم يوقف خطواتها الغاضبة بدفعة قوية من يده
هدرت ام ربيّع "رملة" من بين شرار عيناها: حوووه حوووه حوووه ..... عنبوووه لا احم لا دستور .... لا هووود لا هداااا
داشه علينا شالة البقعة بصريخج .... شعندج نورة خييير !!!
شبلاج عليناااا بسم الله الرحمن الرحييييم ...
وكأن مارداً تلبسها بالكامل !
وكأن دموع السنين الشبيهة بالدماء .... والتي ذرفتها من كبدها قبل عيناها
أصبحت تلوّن وجهها ..... وزجاج عيناها الشفافتان
حرّكت عصاتها امامها متعمدة ... حتى دعست على قدم ام ربيّع
: اخخخخخخخ يعل ايدج الكسر ما تشوفييييين !!!!
فـ أكملت بحقد .... وهي ترى امامها مالكة قلب زوجها ... ترى امامها حسرة شاهين .... وقهر شاهين ..... وعذاب شاهين
: طاعوووووو ... معلوم ما تشوفين نسيت انج عمياااا .. عافاناااااا الله
عميا وتشوووطح بعصاتها تكفخ بالعررررب
وهي تتحدث بكلماتها المسمومة .... كانت نورة تقترب شيئاً فشيئاً منها
حتى غدت امامها
فـ لطمتها لطمةً كادت ترديها ارضاً من قوتها
صاحت ام ربيّع بينما شهقت ريسة مصدومة
لتهتف هي بكره عارم: ملعونة الصير
واكملت سيرها وهي تهدر بوحشية: ويييينه !!! وييييينه الوصصصصخ النييييييس !!!! وييييييينه !!!!
أتت عائشة تركض وهي التي شهدت من بعيد صفعة نورة لأمها: خالوه نورة شبلاااج !!! ليش حادرة علينا جي !!!! وووليش تضربين امي !!!!
اصلا ما يحقلج تضربينها نحن وين عايشييييين !!! في غااااابة !!!!!
في تلك اللحظة .. اقتربت مدية من والدتها وساعدتها على الوقوف
ثم قالت بـ صدمة شابتها العصبية والاستنكار ... فـ مهما حصل
لن يرضى أي انسان ان يُضرب احد ابويه امام عيناه ويسكت !
: شسالفة عموه !!! شبلاكن !!
خالوه نورة شبلااج على امايه !!!! ليش تمدين ايدج عليهااا !!!!
نحن ما نرضى
اسكتت نورة الفتاتان وهي تهدر: اسألكن انتي وهي وييييييينه !!!
عائشة بعصبية: منو هووو !!
نورة: ابوج الكلب .... ابوج اللي ما حط اعتبار لحد
ابوووج اللي طعن ولديه وطعني في الظهرررر
حرمني منه يعل الله يحرمه شوووفت الجنة
هنا شعرت مديه بالدوار
هل علمت نورة !!!
هل علمت نورة ما حاول هزاع اخفاءه عنها "هي مديه" اذ انها في نهاية المطاف ابنة شاهين ولن تشعر الا بالذل والآسى كون ابيها كان السبب فيما حصل لـ سهيل !
،,
الساعة الثانية بعد منتصف الليل
دخل شاهين ليتواجه مع الثلاثة
زوجته رَملة .... وابنتاه عائشة ومديه التي كانت فعلياً بالكاد تسيطر على انفعالها بعد ان توسلت الخالة نورة ان "تدحض الشر" وان تعود لمنزلها من غير اثارة مزيداً من الفضائح
ترجتها بالفعل بعد ان أخرجت نورة ما في جعبتها امامهن .... ترجتها بعد ان اخبرتهن بما فعله والدهن شاهين بـ ابنها الوحيد !
ترجتها مديه بأن قالت باكية وهي تمسك كفوف الاخيرة
"دخيل الله
دخيل الله عدي هالليلة على خير يا خالوه
ابويه ما بيي الحينه
اللي تسوينه صدقيني ما بيتعب حد غيرج
تعوذي من بليس يا خالوه دخيلج"
حينها التَفَّت نورة بعباءتها بـ جمود تام ... جمود نواظر اختفت اغلبها تحت برقعها
ثم هتفت بصوت غليظ اسود كـ سواد الشر الحائم حولها
"ظلمكم يا عيال صياح زااااد
زاااااد وفاق كل حد
اكملت بـ صوت مبحوح وهو توليهم ظهرها
"يمكن الله رحمني يوم ربي خذا ولدي
خذاه من جبروتكم
خذاه قبل لا يتعلم منكم الظلم وكسرة نفس اليتيم
وعضت باطن يدها بـ مشاعر جنونية ...... واكملت بـ نبرة مكلومة متقلبة على نار لا تُخمد: وعض كف المسكين وانتو تدرون انه ما عرف اهل ولا ظهر غيركمممممم
دخل شاهين وتقدم من الثلاثة الواجمات المحدقات به على نحو اثار توتره .... ليهتف برفعة حاجب: عوذ بالله
شياطين الانس توالفوا علينا اليوم !!
بصمت تام .... اقتربت زوجته رملة منه ..... لتهدر من بين اسنانها:
ما غيرك الشيطان .. إلا انت ابليس نفسه ... ها شاهين ... عساها كانت سهرة حلوة ..؟!
الا تعاااال ما قلتلي .... شعلوم نويرة قلبك !!!
عبس مديه ومعها عائشة مستغربات مما تقوله والدتهن ......... "نويرة قلبك !"
ليكشّر هو بعصبية ويسيطر على خفقان قلبه ..... ثم قال بـ حدة: صخي عني رملوه .. مب متفيج حق لغوة الحريم المااصخه
بصقت كلماتها بصقاً وهي تقول باحتقار: على الاقل اذا تبا تسوّد ويهك
سودَه
وضربت كتفه مسترجعةً صفعة نورة لها فـ ازداد غضبها وغلها
وثوران روحها
أكملت بصراخ حاقد: سوّده
ولونَه وشخبط عليه على كييييييف كيفك بصورةٍ عدلة يالعــــوي
يا المتعوووووس
ياللي ما ريت منك من يووووم خذتك شيٍ سنع
شيٍ يبرد اليوووف
ما غير اخدمك واخدم عيالك ...... لا حمداً ولا شكووورا
سود الله ويهك سوادٍ ما يتنظظظظظف
اقتربت مديه من أمها وابيها وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: يعني انتي مب زعلانة من اللي عرفتيه ..
زعلانه لان ابويه انفضح ويت خالوه نوره وصفعتج بسبته ... صح !!
اخرستها أمها بغضب ما بعده غضب: جججججب انتي ..... ججججب ولا كلمة
ما شفتج عصبتي .. ولا حاميتي عني .. جنه الا انتي واختج عيبكن اللي صاااار
مالت عليكن من بنات بسسسس
ليهمس هو بإسمها مأخوذ البال مصدوماً مما يسمعه: نورة يت هني ؟
صرخت بجنون .... زوجها الوغد ما زال يعشق نورة عشقاً مسموماً مجنوناً:
هي يالعاشق يالولهااااان ..... نورة حبيبة القلب احدرت علينا بـ شرهاااا ... وخبرتنا كل شي ...
يالمقروووود يا طايح الحظ يا مضيع المذذذذهب
خفق قلب مديه بـ شراسة ..... وكأنها للتو بدأت تفكك كلمات والدتها الغريبة !
هل اباها كان يحب زوجة أخيه !
رباه ...... لا لا
لا مستحيل ...... اباها بالتأكيد لن يصل لهذا المستوى المقرف من الاخلاق
بالطبع لا
تحدّق بهم عائشة من بعيد وهي تتخذ من الصمت مسكناً
أهناك صور متراكمة فوضوية فوق بعضها البعض ..... ابشع من الصور التي تراها الان !
أهناك واقع اشد صدمةً واشمئزازاً من هذا الواقع الذي تعيشه الآن !
أهناك ألمٌ اشد من ألم فتاة ترى والدتها تُضرب امامها ولا تفعل شيء لانها تعلم بشكل ما ان والدتها تستحق الضرب !
أهناك ذل اشد من ذل فتاة ترى والدها يُهان ويُنعت بأقبح الالقاب امامها ولا تفعل شيء
لانها تعلم ان اباها يستحق الاهانة والشتيمة !
نظرت لـ مديه الواقفة بجمود وتحدق فقط بالذي يحصل بمشاعر غامضة غير ظاهرة
استرجعت بعقلها توسلات اختها للخالة نورة ... توسلات ملؤها الخزي والخجل والغضب
لتدرك عائشة ان ظنونها في محلها
مديه كانت تعلم بما فعله والدهما شاهين بـ سهيل
على الأقل
كانت تشك وبقوة !
لكن لمَ هي ترمق الاثنان بتلك الطريقة المثيرة للتوتر ؟!
مديه التي تعرفها كانت ستقف في المنتصف وستدافع عن هذا وتربت كتف هذا وترفع راية المحاماة لصالح كل الاطراف ... لتعود ادراجها كالعادة وقد فشلت في وظيفتها المخصصة لها في دفتر الاسرة
اشتدت معركة اللسان بين الزوجان
حتى ان عائشة لم تعد تسمع شيء ...... عدا صراخ الوجع والخيبة والسخرية بعينا مديه
مديه التي اخفضت جبينها
واقتربت بهدوء من عائشة .... لتقول بنظرة مقتضبة متصلبة: راجعة البيت .. تأخرت وايد على هزاع واليهال
فجأة ... امسكت عائشة يدا اختها وكأنها تستنجد: لا تخليني في هالبيت روحي
كان يكفي ان ترى مديه نظرة اختها الصغيرة
لتدرك انه يجب عليها اخراج الاخيرة من هذا المنزل الموبوء بالشر
الغارق بالسميّة والظلام ..... والجنون !
قالت وهي تلبس عباءتها ..... وتضغط بجبين مقطب طبلة اذنيها تريد الهرب من صراخ ابويها المزعج:
لبسي عباتج وإلحقيني
،,
في مكان آخر من البلاد
رفع هاتفه بهدوء .... وارسل لـ صديقه عن طريق برنامج الواتساب: متى الوصول ان شاء الله ؟
رد عليه غابش: الطيارة بتتأخر كم ساعة بسبة الجو المتقلب
سهيل: اها ... بالسلامة ان شاء الله
غابش: الله يسلمك ... شفت عمك منصور ؟
سهيل: هي شفته .. وبالمناسبة .. تسلم على المعلومات اللي عطيتني إياها بخصوص نارة
لولاك ما كنت بعرف انها منتحلة شخصية سارة اول ما عرفت بوجودها
: نقطة تُحسَب لصالحي
ابتسم سهيل ابتسامة مائلة وطقطق على هاتفه: تحب تسبقني دوم بنقطة
ارسل له غابش وجه يغمز .... وقال: اعيبك يالخوي
،,
ترك غابش هاتفه بجانبه ببقايا ابتسامة
وهو يسترجع ما حصل منذ فترة طويلة .... عندما اكتشف وسهيل ان منصور عمه لديه زوجة وابنة عن طريق احدهم ..... يسمى جهاد ان لم تخنه الذاكرة ..
ولولا انه كان حينها في هولندا وفي ضيافة سهيل .... ورأى معه صورة سارة والصغيرة لأول مرة ..... لما تذكر تلك الفتاة .............. نارة !
اذ ان الأخيرة التقَت صدفة بـ رحمة اخته في حديقة العاصمة قبل سنواتٍ طويلة
حينها .... صادَقتها رحمة سنة ونصف فقط وعلى لقاءات معدودة ..... قبل ان ترتحل نارة وتتجه الى أمريكا من غير ان تترك لها أي رسالة او تسلّم عليها سلام الوداع
جاهلةً رحمة ان نارة كانت تعيش في دار رعاية وانها ذهبت بعيداً تبحث عن عائلتها الضائعة !
عندما اختفت نارة كلياً
بحثت رحمة عنها في كل مكان ولم تجدها
احبتها بصدق
واقلقها اختفاءها المفاجئ بل واثار فيها كل أنواع الهواجيس
لذلك طلبت منه المساعدة في البحث عن الفتاة بواسطة أصدقائه في الداخلية
واعطته صورة لها كـ وسيلة للتعرف عليها
وهو بكل سهولة ... تمكن من معرفة ان نارة سافرت الى أمريكا
واخبرها بذلك .......... حزنت في تلك الأيام وانطوت على نفسها
لكنها كانت أيام
وولّت
بحلوها
ومُرِّها !
: يعلها دوم الابتسامة
رمقها بـ طرف عيناه ... فـ لمح نظرتها الذئبية
كعادتها
تراقب
تقنص بمقلتاها
تحلل بعقلها الذي لا يهدأ ولا يستكين
وتوقظ كل حواسها
فقط بمجرد ان تصبح قربه
أعطاها ابتسامة حلوة .... وقال يدّعي الجهل بما يموج في خاطرها وبالها:
وياج
لتخفض عيناها على هاتفها ..... ما ان اتتها رسالة نصية من احدهم
رمقت غابش الذي كان منشغلاً بقراءة احدى المجلات العالمية المختصة بالاقتصاد
ثم فتحت الرسالة .... والتي كانت محتواها فقط
"ام ليث ... الاسم اللي عطيتيني إياه ما حصلته ضمن ملفات حوادث المرور آخر خمس سنوات .... لا في مرور ابوظبي ولا في مرور أي امارة ثانية ..... وانا متأكد تماماً من هالشي"
تجمّدت اصابعها على الهاتف
كذلك عقلها
وانفاسها !
هل هذا يعني ............... ان
ان غابش ...........
لم يحدث له
أي حادث مروري !!!
،,
أبوظبـــي
الليل ما زال دامساً .... لكن لمَ ساقته قدماه الى هنا
الى منزلها تحديداً !
اقترب من سيارة الحارس الذي وضعه ليراقب منزل حامد بن صياح
طرق عليه نافذة السيارة .. ليخرج الرجل بسرعة وهو يحاول إزاحة آثار النوم من عيناه:
هـ هلا هلا سيدي
لانت ملامحه وهو يشعر بالرحمة نحو الرجل ... ليقول له بحزم هادئ: عرفان .. خلاص رد بيتك انا بتم هني
توتر الحارس المراقب وقال: سيدي لا لا .... انا مصحصح وعيني على المكان 24 ساعة
مشط محمد شعره بأصابعه .... وكتم تنهيدة منهكة كادت تفلت منه
ضائع ... وضائع جداً جداً
ووحيد
دوماً كان وحيداً
شقيقاته انشغلن بحياتهن بعد ان تزوجن وانجبن الأطفال
اشقاءه الذين يصغرونه سناً انشغلوا كذلك ... بعد ان توظف احدهم في حقول النفط بعيداً عنهم .... والثاني طيار يجوب العالم بلا توقف
وهو لم يتخذ من الدنيا اي صديق ...... عدا سهيل
لكن سهيل الآن منشغل بأمور شتى في حياته .... ولا يريد ازعاجه او مضايقته باتصالاته
اومئ له محمد بصمت
ثم جلس على رصيف نظيف .... وقال لـ الحارس عرفان: اقعد عرفان
: تامر سيدي
هتف محمد بابتسامة بسيطة: خلنا الليلة مثل الطيور احرار
لا القاب ولا رسميات
: احم ...... تامر سيدي
محمد: هههههههههههه شو قلت انا يا عرفان ؟!
استل عرفان مطارة القهوة الخاصة به وسكب لـ محمد قهوة في كوب بلاستيكي: ا ا ان شاء الله سيد....... اقصد محمد
اسمحلي قهوتي يمكن باردة
ابتسم له محمد وهو يأخذ الكوب برحابة صدر: تسلم ..... الا ما قلتلي يا عرفان ... كم عمرك ؟!
جلس قربه الشاب وقال: 22 سنة
محمد بنظرة لطيفة: شكلك اصغر
سكت عرفان حرجاً
ليترك لـ محمد مجالاً .... للتنهد من انفه .. والتأمل بما حوله بعيناه المرهقتان
ثم حدق بالمنزل امامه .... بنظرات مبهمة مخفيّةَ المعاني
سأله عرفان بـ طريقة فاجأته: ملاحظ اهتمامك بهالقضية
رد محمد ببرود شديد: قضية مثل باقي القضايا
قال عرفان بعد تردد: بس بسيطة وايد مقارنة بالقضايا اللي تمسكها مع باقي الضباط بالعادة
كان يحرك ركبتيه يمنةً ويسرة بتوتر بلا وعي منه !
اجل .... بسيطة جداً ..... وفواحة جداً ....... ومغرورة جداً حد انك تريد تحطيمها بحضنك فتتأوه
وتتناثر ....
لا يهم ان جرحتك او خدشتك بأظافرها المرتبة
المهم ان تراها طوع امرك بتناثرها .. بتفكك صلابتها ...... بانهيار تعنتها !
تصلب ظهره مصدوماً من حقيقة انه يتمادى ..
ويتمادى بشكل مريع بخيالاته ورغباته ووووو
تنحنح وهو يشيح وجهه مستغفراً بخفوت
عرفان بحيرة: قلت شي سيدي ما سمعتك !!!
: ا ا لا ولاشي
اردف وهو يؤشر بانفه نحو المنزل يريد التحكم بخفقاته المجنونة:
هل البيت اعرفهم من سنين
ابوهم العود كان له الفضل على جميع عوايل وبيوت فريجنا الاولي
وسكت لا يريد البوح بالمزيد
عرفان بتفهم: اهاا
ثم تحفز بجلسته وهو يقول ما تذكره للتو: سيدي في شي حصل ما قلتلك عنه
محمد بحاجبان معقودان: شو !!
عرفان: قبل كم ساعة صارت مشكلة جدام بيت شاهين بن صياح
واشر نحو المنزل الذي يبعد عن منزل حامد مسافة ثلاثة منازل
محمد باستغراب: مشكلة ؟! مشكلة شو ؟!
بين منو ومنو !!
حك عرفان رقبته بابتسامة محرجة وقال: ماعرف سيدي بس يمكن مشاكل عائلية هههههه
رمقه محمد بحزم ... وقال: اذا مشاكل عائلية معناته نحن مالنا دخل يا عرفان
تحفز عرفان وكأنه تذكر امراً آخر: سيدي بقولك شي
: قول
عرفان بتردد: انا ماعرف اذا هالشي يفيد التحقيق او لا ..... لكن دام يخص ام حامد قلت لازم اقولك ...... من يومين وقفن عدالي بشاكير الفريج
كانوا يرمسون عن ام حامد
تحفز محمد لا ارادياً عند ذكر اسمها وقال: انزين ؟
احس عرفان بالحرج لكن شد من عزيمته وقال: وحدة من البشاكير عطت حق ثنتين بيزات قالتلهم انها بتعطيهم زود اذا انشروا بين بيوت الفريج ان ام حامد وحدة مب زينة وانها خانت ريلها مع واحد ... واننن ........
اسكته محمد بـ عصبية: بس بس
عرفان وهو يبرر بجدية: انا قلتلك هالشي سيدي خفت تكون هاي وحدة من حيَل عصابة الادوية بما انهم يبون الاذية حق اهل حامد بن صياح
قال محمد بـ جبين مقطب: البشكارة اللي عطتهم البيزات من وين طلعت ؟ من أي بيت ؟!
اشر عرفان نحو المنزل المجاور لمنزل حامد بن صياح وقال: من هالبيت
محمد: بشكارة يارهم !
عرفان: هي
اخذ يفكر ويفكر .... يريد معرفة التفاصيل
حتى لمح عامل توصيل طلبات المطاعم وهو يوقف دراجته امام منزل جار حامد
ما ان خرجت الخادمة ......... حتى قال محمد لعرفان بسرعة: هاي هي ؟
: هي سيدي .... هي البشكارة
اقترب منهما محمد بخطوات واسعة سريعة ......... وقال للخادمة في الوقت الذي كانت فيه تأخذ كيس الطعام من عامل التوصيل:
تعالي
قالت له بـ لسان غير مهذّب: شو يريد !
اشر بيده وهو يكرر بقسوة: اقولج تعالي بلا هذربان
عندما رأت نظرته المرعبة وهيئته التي تشبه هيئة رجال الامن
تقدّمت منه بتوتر شديد وقالت بتلعثم: شـ شو يريد انته ؟!
بنبرة ثابتة مسيطرة اخذ يذكر امام عيناها المتسعتان اسماء بعض رجال عصابة الادوية
المتعددة بين اسماء اجنبية واخرى عربية
حتى قالت وهي تنكمش من شدة الخوف : انته شو يقول سير ؟ انا ما يفهم
عندما لم يلاحظ بوادر معرفة بمعالم وجهها
اذ انه ومن خبرته البوليسية يستطيع الاستنتاج ببديهية سريعة من علامات وتعابير معينة من وجوه المتهمين
قال وهو يرفع حاجباً: شو سالفتج ويا مدام روزه !!
عندما ارتدت للخلف متوترة احس بشكل ما ان الموضوع شخصي ولا يتعلق ابداً بقضية العصابة
كرر سؤاله بنبرة اشد رعباً حتى تفزع وتتحدث على الفور:
ارمسي ..... شو تبين من مدام روزه !!
اذا ما رمستي بتصل الحين في المركز .. اييبون السيارة ويشلونج
اشرت الخادمة بيداها مذعورة: لا لا سير بليز نو بولييييسسس
واكملت تعترف: ا ا هذا بنت مال بابا صالح قالتلي عطي كلو بشكارة مال حارة فلوس عشان يرمسون قر قر قر عن مدام روزاااا
واقتربت من محمد وهي تردف بصوت خفيض:
هي ما تحب مدام روزاااا .... هي شافتها يوم ريلها ضرب روزاااا وسوى بيج بروبلم وياهااااا
بعدين هي يجي ويقول ان روزه بنت مش كويس ..... قالت انها تكلم ريال ثاااااااني
بعدين هي يت عندي وقالت تبا كل حد يعرف هالشي
تبا كل حد يعرف ان مدام روزه وحدة مش زينة .... وحدة كچرة وسخاااا
وهمست بكلمة اقتبستها من الفتاة بالحرف: وحدة ترابع الرياييل
غمغم محمد وهو يحدق بها بغضب عارم: غربلكن الله
ثم طحن اسنانه مقهوراً مما سمعه
هل اندفاعه تلك الليلة سبّب كل تلك الفوضى في حياتها ؟
تباً
رمقها بنظرة مشتعلة ....... ورفع اصبعه مهدداً: بقص لسانج اذا عدتي اللي سويتيه تسمعين !!!
تشوفين هذاك الريال
واشر نحو عرفان
: بخليه 24 ساعة عينه عليج ...... اي شي تسوينه بيقولي عنه
تسمعين !!!
انكمشت الخادمة متراجعة خطوتان للخلف .... وقالت: زين زين سير
بس ..... بس سير هي تعطيني فلوس واااااجد
علم انها ترغب بالمال منه ...... لـ تفعل ما طلبه منها !
رفع كفه الكبير امامها وهدر بـ عينان تقدحان شرراً:
اذا هي تعطيج فلوس واااااجد ....... انا بعطيج صطارات واااااااجد
ها
شو رايج !!
ثم صرخ بها: اذلفي لا بركتن فيج وفي اللي ياااابج
وابتعدت الخادمة تهرول وتقول: زين زين سير خلاص خلاص
،,
اليوم التالي
في منطقة أخرى في العاصمة
ابتسمت بحب وهي تتلقى صوته العذب: علومك ابويه ؟ شحوالك فديتك ربك الا بخير ؟
اجابها على الخط الآخر: الحمدلله بنتيه .. الحمدلله والشكر له
سألته ابنته صبحة بقلق: شبلاك الغالي احس صوتك مب اللي هو .. ميهود ؟!
تنهد بتعب ...... ثم قال بصوت مبحوح: ماشي ابويه ... ماشي
بييكم هاليومين ان شاء الله .. بسيّر اول على عمج صياح عقب بييج
رغم استغرابها من قدوم ابيها
الذي نادر ما يأتي للعاصمة
الا للضرورة
الا انها قالت بـ بهجة روح خالصة: تنوّر بوظبي فديت روحك
ليسألها بـ صوته المبحوح الخشن: علوم عيالج وريلج ؟
: الحمدلله كلهم بخير
سألها والدها جابر: غابش وينه ما ريته من زمان !!
صبحة: مسافرعنده اشغال في فرع شركته في جنوب افريقيا
قال بـ نبرة صادقة محبة: تولهت على اليلسة وياه وعلى سوالفه
احتقنت عيناها بالدموع ولا تعلم لماذا !
صوت ابيها لا يشعرها بالراحة
بل لا يشعرها انه على ما يرام
قالت له وهي تحاول اخذ نفسٍ عميق: فديت روحك .... وهو والله سألني عنك كم مرة
واتصلبك لكن ما رديت عليه
: يا بنتيه انا ماعرف حق هالتلفونات .. يبندن ولا اعرف شقى ارد اشغلهن
يوم أبا اتصلبج اييني البشكار ويدقدق به لين اييني حسج
قالت له راجية: ليش ماتيي تقعد ويايه يا بويه ... سنين وانا أحاول فيك وما ترضى
: مابا يا بنتيه .... هني مكاني وهني أبا اتم
تنهدت بعمق .... وقالت: على راحتك فديتك .... وغابش بوصيه يتصلبك
أصلا المفروض ايي اليوم ولا باجر
ان ييت انت ان شاء الله بتتلاقى وياه اكيد
: على خير ان شاء الله
قبل ان يغلق الخط قالت له باهتمام قلق: ابويه اكيد ما فيك شي ؟
صمت للحظات ....... حتى قال: أبا اوصيج
اعتدلت صبحة بجلستها وقالت: ابويه شبلاك الله يهديك .. لا تزيّغني
ترى بضرب خط لين عندك الحينه وما عليّه من حد
: صبحة
: لبيه
قال لها وهو يتأمل مسبحته التي تتحرك بين اصابعه: لمي عيالج حولج ..... خلي ريلج يحتويهم كلهم تحت ينحانه .... تحت عينه ونصخه
لا تقولين غدوا كبار
ابد محد يكبر على المحبة والود وضمّة الام والابو
وانتي يا بنتيه لا تفرطين بـ حقج وحق عيالج عند ريلج عبدالرحمن
امسكي بـ هلج وبيتج بضروسج وايدينج
مول لا تخلين شي يفرق مبينكم ويشتتكم
دقائق حتى أغلقت الخط عن ابيها بقلب منقبض ...... منعصر
من غير سابق تفكير ...... دخلت في موجة بكاء شديدة
لا تعرف السبب !
اباها ليس بخير
ليس بخير !
تكاد تقسم على هذا
،,
اشتدت النيران في جوفه حتى ما عاد يستطيع نفثها من مكان في جسده قابل لتحمل اللهيب والاشتعال
كل سبب اوجاعه من ابيه
كل مصائبه السابقة والحالية منه
لمَ زوّج نورة لـ احمد !!
لمَ لم يدعه يتزوجها هو !!
لمَ !!!!!
فعل ما طلبه وتزوج بـ احدى بنات القبيلة
فـ لم لم يوافق على امنية حياته الوحيدة !!
لم !!
دار حول نفسه ..... منذ البارحة وهو يدور حول نفسه
نورة كانت هنا
في منزله
رباه
واخيراً حمل منزله بعضاً من عبقها
بعضاً من وهجها
وغرورها
وروعة حسنها الذي لا يموت ولن يموت في قلبه
تذكر شتائم زوجته التي لم تسكت حتى وهو يتركها وينام في غرفة منفصلة عنها
تذكر نظرة ابنتاه له قبل ان ينصرفا
صياح
كل ما حدث ويحدث له من صيـــــــــــاح
ارتدى ثوبه بسرعة
تسبقه اوجاعه
واحقاده المتراكمة
وعشقه المريض الدامي
واتجه لمنزل ابيه
دخل المنزل ... ليرى ريسة اخته الكبرى امامه
وكأنها بشكل ما كانت تنتظره
كانت تعلم في قرارة نفسها ان شاهين سـ يأتي
حتى لو اتى كي ينفي التهم ضده !
قالت وهي ترمي جهاز التلفاز على الاريكة: وين تبا ؟
شاهين من بين اسنانه: أبا اشوف ابويه
وقفت امامه
ليرى نظرة لم يرها ابداً بعيناها
نظرة مرعبة
اثارت فيه التوتر بحق
لتقول له: ابويه تعبان مب ناقص ويع راس
رد مكان ما ييت
اصر وهو يحاول اكمال سيره نحو غرفة ابيه: أبا اشوفه
اوقفته بـ هديرها العاتي: اسمع ... بعدني محطيه اعتبار الاخوة اللي بيني وبينك
اذلف ولا تراويني ويهك يا ولد صياااااح
استدار نحوها وهو يهتف بانفعال: جذابين
كل الرمسة اللي سمعتوها عني جذذذذب
انا ما سويت شي
أغلقت عيناها بقوة
بفك يرتعش
مخزي ما تشهده ..... ومرير ما تتذوقه الآن بلسانها !
قالت وهي تفتح عيناها .... الدموع تغرق محاجرها ... وابت ان تتساقط: كيف سويتها يا شاهين !!
كيف !!
اول كنا نتحرا السبة من عبدالكريم
كنا نتحرا عنده أسبابه خفية ضد سهيل الله العالم شو هي
لكن انك تكون متعاون ويااه وداري انه مظلووووم !!!
لا
لا
صدقني انت مب ادمي
انت شيطااااااااااان
قولي ... حامد كان وياكم بعد !!
عندما انخرس لسانه وعجز عن الرد ..... صرخت به بلوعة: ارمسسسسس
حامد كان وياكممممممم !!!!
: انتي ما تعرفين شو تقولين ... شكلج تخبلتي على كبر
انا مروّح
وابتعد لكن باتجاه باب المنزل ليخرج ...... وقد اكتشف انه اخطأ بقدومه الآن
اخطأ في لحظة غضب
: لا تروووووح
لا ترووووح قبل لا تقولي كل ششششي يا شاهييييين
وامسكت بذراعه لتوقفه بـ كل ما يعتمل روحها من قهر وغضب وحسرة !
: قوووول ... ارمسسسسس ..... ليش جي سوييييييييت !!!!
ليييييييييييش !!!!
جن جنونه
بل
شيطانه المريض القابع فيه
استيقظ في لحظة نام الوعي والادراك فيها !
وهل هناك اشد وطأة على نفسه من ان نورة تأتي لمنزله وتفضحه امام الجميع وهو الذي يعشقها عشق العالمين وعشق المجانين
كي لا يستيقظ شيطانه !!!!!!
فـ دفعها بعيداً عنه وزمجر: هييييي
انا كنت مع قوم عبدالكريم
كنت وياهم وخططت وياااااهمممم وسعييييييت اكسرررر سهيييييل
مب اكسسرررره
الا اذذذبحه
اشوووفه يموووت جداااامي
سهيل كان لازم يموووووت
كان لازم يمووووت لانه وجوووده في هالدنيا كان اكبر غللللللطة
واكبرررر حسررررة
واكبر هم ليييييي
اشر على نفسه واخذ يصرخ غير مستوعب البتة
ان صدى صوته ضرب جدران غرف المنزل كلها !
: ابوج كان يعرف اني احب نووورة وابااهاااااا
كان يعرف قبل ما حامد يعرس .... قبل ما آخذ انا رملة
هي ..... خذت رملة عشان اسكته وقلت ما عليييييه
نورة الثاااااانية
نورة بتكون الثانية والشييييخة على العرب يمييييييع
لكن كسر قلبي يوم خطبها حق احمددددد
احمدددد اللي ما عرف جيمتها اول وتااااااااالي
شخر بـ مرارة الروح في جوفه:
عقب سنة ونص عرّس عليهااااا خذا اللي ما تسووووى مواطييييها
نورة الشييييخة
نورة ماي العييييين وتاج الرااااااااااس
متخيلة انه عرّس عليهاااااا
انزين وانااااااا
اناااا اللي كنت أبا اشتريها بالروووح والدم
ويني
وييييييييني !!!!!!!
كانت تسمعه وهي تغلق فمها بكف مرتعدة
ما تسمعه مريع
مريع وفظيع حد النخاع !!!!!!
اشر على نفسه وهو ينفث براكين جوفه الخامدة سنواتٍ وسنوات: هي
سهيل كان برررري
سهيل مات وهو برررررري
انااااا
انا اللي بغييييته ميت
من يومه في مهااااده بغيته ميييييت ...... عبدالكريم ما بغاه ميت كثررررري
ولا غييييره
جهنم ترعاهم كلهممممم محد همني
انا اللي كان همي سهيل يمووووت
ومااااااااات
سهيل ماااااااااااااااااااات
وابوووووه قبله
ابووووه السفْلة الكللللب الكــــ
قفز مكانه ... فعلياً قفز وتراجع ما ان سمعوا طرقاً حاداً على باب المنزل
التفت حوله بتوتر شديد
وكأنه استيقظ من نوبة هستيرية مخيفة !
استل هاتفه بسرعة واغلقه بالكامل ...... بقلب يرتعد بجنون !
اصبح يؤمن ان هناك العديد ممن يريدوا ان يسقطوه
او يردوه ارضاً
الكثير من المتربصين والكثير من الاعين المتجسسة عليه !
الكثير ممن يريدون معرفة كل تفاصيل حياته ليأخذوها سلاحاً لهم ضده في الانتخابات !
قصص مثل قصة سهيل وابيه احمد يمكن ان تقتل حلمه بـ الوصول لـ السلطة والنفوذ
لقد اخطأ عندما ترك نفسه ينفجر
اخطأ
والحمدلله انه لم يكمل حديثه
فُتح الباب ليدخل ربيّع العابس وهو يهتف: وينكم انتو !!
من الصبح اهرن محد فتح لي الدروازة
وي....
دفعه ابيه بقوة ورحل تاركاً ريسه في انهيار تام !
اقترب ربيع وسأل بتوتر:
شسالفة عموه !!
شبلاه ابويه ؟!!!
ولّته ريسه ظهرها وهي تستند على ذراع الكرسي المجاور بأطراف مرتعدة
ثم أكملت سيرها مبتعدة وهي تصفق يمناها بـ يسراها
وتغمغم بـ نفسٍ ذاوية
منكسرة
مضروبة بـ اسواط الدنيا الغريبة ضرباً مميتاً:
"يوم يفر المرء من أخيه، وأُمّه وأبيه، وصاحبته وبنيه"
وابتعدت وهي تتعثر بخطواتها الثقيلة المنهكة ...... تحت انظار ربيّع المتوترة القلقة
: اللهم لا تخزنا يوم يبعثون
اللهم لا تخزنا يوم يبعثون
،,
بعد لحظاتٍ معدودة
دلف غرفة جده وهو ينادي بارتباك: يدي ... انت واعي ؟!
عندما تقدم نحو سرير جده
رآه يجلس مقابل النافذة الكبيرة ... بظهره المنحني وعيناه المشيبتان المصوبتان على الفراغ على نحو اثار ارتباك ربيّع اكثر من الارتباك الذي يحوم حوله منذ ان دخل المنزل
جلس قربه وقال بعد ان لثم رأسه: يدي شحوالك ؟!
لم يجبه
هل جده غاضبٌ منه ؟!
بالتأكيد غاضب
اذ انه علم من امه قبل أيام ان جده اصبح يعلم انه طلّق روزة !
: ا ا ..... يدي ... يدي ادريبك زعلان مني ومعصب
ماعرف شو اقولك ..... هي بغت الطلاق
وانا سويت اللي تباه
العرس في النهاية قسمة ونصيب
بصمته التام ....... استدار نحو حفيده ببطئ
ونظر إليه مطولاً ....... مطولاً حد ان ربيع رفع يده قرب انف جده بتخوف يتأكد ان كان يتنفس او لا !
: يدي انت بخير ؟ شبلاك جي اطالعني ؟!
رفع صياح يده التي تهتز لا ارادياً لكبر سنه
أراد اخذ علبة دواءه من فوق الطاولة الصغيرة
لكن خانته يده
كما خانته الدنيا شر خيانة
كما خانه الابناء
والقلب ....... والضمير !
فتح فمه ..... يريد اخذ نفساً حاداً
لا يريد ان يسقط مرة أخرى
تكفيه سقطة واحدة
لان الثانية ستقتله
ستقتله وهو الذي تمنى الموت مراراً طيلة السنوات الماضية
ستقتله وهو الذي ادعى الصلابة والقوة والثبات حتى وهو يواجه اعظم ابتلاء
الا وهو ابتلاء سهيل !
ستقتله وهو الذي تمنى لقاء ملك الموت كل ليلة
كل مطلع سهيل
"سهيل كان بررررررري ...... سهيل مات وهو برررررررري"
يتردد صراخ شاهين على مسامعه كـ صدى صياحات الجن ، الصحراء الواسعة
والاودية المظلمة الخاوية !
نطق الاسم
نطق الاسم المحظور .... المبتور من قلبه والمقتلع من روحه:
سهيل
انتفض ربيّع واقفاً
وقال بتلعثم: شـ شو فيك يدي ؟
: سهيل
سأل ربيّع من غير ان ينطق بـ اسم ابن عمه
اسمه مرعب
مرعب بالنسبة له
: شـ شبلاه ؟
رفع الجد عيناه نحو حفيده
وقال بـ نبرة لا توحي بشيء ......... فقط تثير الهلع في العروق: تعرف شي عنه ؟
: مـ مثل شو يدي ؟ ما .... ما فهمت عليك
امسَك يد حفيده
لم يتوسل احد في حياته
ولم يخفض جبينه لقريب او غريب
ولا لعدوٍ ولا حتى صديق
لكن هذه المرة
هو مستعد ان يتوسل ربيّع !
حتى وان كانت ريسه قريبة منه ويمكن ان يسألها
حتى وهو يستطيع سؤال شاهين ذاته !
لكن بشكل ما .... علم ان ربيع يعرف شيئاً بشكلٍ او بآخر !
يعرف ويستطيع البوح ..... عكس شاهين وريسه !
اللذان لن يخبراه
الأولى لأنها تخاف عليه
والثاني لأنه
لأنه من الممكن ان يكون .................. المذنب !
قال له وهو يحدق بوجه ربيع الشاحب بكل قدرة بصرية لديه ...
تحديقه كان معذباً حد السماء/الارض: سهيل كان بري ؟!
ارتد للخلف وهو يتلعثم
نظرة جده كانت مؤلمة
مؤلمة وتبكي القلب
كرر الجد صياح سؤاله وهو يقف بصعوبة: عندك اليواب يا ربيّع
اشوف هالشي الحينه في عينك
قولي
سهيل
سهيل ولد احمد ............ كان بري ؟!
هز ربيّع رأسه وقال بـ صوت مكتوم مختنق: مـ ماعرف
ماعرف
انت اللي تعرف يدي
انت اللي عطيت الحكم الأخير عقب ما شفت الدلايل وسمعت الاعترافات
انت اللي امرت نقيم عليه الحد
انا ماعرف شي
استل الجد بظهره المنحني كتاب الله
وألصقه بصدر ربيّع
وقال بـ صوت شديد
عظيم
مبحوح
: هذا كتاب الله
احلف عليه
احلف انك ما تعرف أي شي يا ربيّع
هدر وهو يبتعد برعب: لاااااا
لاااااااااااا ما بحلف
امسك صياح بـ كتاب الله يتشبث به كما تشبث الغريق بحبال واهية
من بين امواجٍ عاتية
انتكس ظهره اكثر وهو يحاول الجلوس
لكن رجلاه غدرتا به
فـ سقط على الأرض المسجاة بالسجاد الفخم القاتم
سقطة اهلكت ما تبقى من قواه
هتف بصوت خفيض أجش: طعم الذل مر
مر يا ولديه
ذقته مرة
لا تذوقني إياه مرة ثانية
انهار ربيّع ارضاً
عند قدمي جده
وكانت هذه القاصمة له
القاصمة والعاصفة
والقاتلة !
قال بمحاجر متسعة ... محاجر مرعوبة مرتعدة: الله يخليك
ابوس ريلك يدي
يترجاه ولا يعلم في الحقيقة يترجاه على ماذا !
على الا يذكره بفعلته بـ سهيل !
على الا يذكره انه خان
والخيانة تدور ... وتدور ... وتدور ...... وتعود لصاحبها لتقتلع عيناه وكبده !
: ارمس ..... قول
ارتعش فكه وهو يحاول جمع مشاعر كبست في قلبه عمراً .... فقال بتلعثم وهلع ورعب:
ما كنت راضي على اللي سووه
والله ما كنت راضي
بس
انقطعت احرفه بـ مأساة الضمير .... مأساة خيانته لـ من تربى معه كـ اخ
لـ من نام قربه وشاركه اللقمة كـ شقيق
والخيانة كانت سببها الاول فتاة !
فتاة عاش عمره كله يتوسل الحب منها ويشحذه بـ ذل من قلبها !
اكمل بنبرة مختنقة ملتاعة: بس ابويه وسوس لي مثل الشيطان
وسوس لي واغراني بـ احَب الناس على روحي
اغراني وقال بيَوزك روزة ... بنشل سهيل عن دربنا وبيوزك روزة اللي تحبها من وانت صغير
وانا ضعفت
ووافقت
عشان روزة
عشان حبي لـ روزة
انخرس لسانه وهو يحاول التقاط أنفاسه الهاربة
رباه
الآن فقط ادرك ان ما فعله بـ ابن عمه عظيم
عظيم جداً
للتو ادرك ان أسبابه
ونواياه
كانت لا تستحق
فـ التي حارب وخان لأجلها
تركته في النهاية
بل خانته وتركته كالقمامة في النهاية !
لتتساقط دموعه على قدمي جده
بعينان ما تزالان متحجرتان
متسعتان
مرعوبتان حد الموت !
ليأتيه صوت صياح من مكان بعيد
بعيد عن عقله وقلبه المنصهران
: ارمس
أبا اعرف كل شي
لا ادس عني ولا شي يا ربيّع
،,
دبــــي
همست لعاملة التنظيف بضعة كلمات باسمة ثم اعطتها بخشيشاً كعادة ارستقراطية ورثتها عن والدها رحمه الله
ثم رفعت الهاتف وهي تجيب على اتصال من والدتها لوسي
كان يراقبها من بعيد والشمس تتلاعب بخصلات شعرها المنسدلة وكمي قميصها الزهري الذي يظهر نعومة ذراعيها الانثويتين
بعد ان أنتهت من المكالمة .... سمعها تقول لآدم بالهولندية وهي تضع يدها على خصرها:
لن تفلت من درس اليوم .. صحيح انكما في عطلة رسمية لكن طيلة الاجازة ستتعلم واخيك دروساً جديدة وتمارين من مادة الرياضيات
قال يعقوب وهو يضرب الأرض باعتراض: جووووووجي
: نو نو نو لا تملص ولا هروب ... واعدكما كل يومين سنزور اماكن جديدة في الامارات
سنكتشف كل شيء سوياً
من العاصمة ابوظبي الى امارة الفجيرة
لدينا 3 اشهر إجازة يا اولاد
بعد ان انتهت والتوأمان من دروس التعلم الذاتية على الحاسوب
ذهبت لـ سهيل تستأذنه اخذ الولدين للألعاب .. فـ ألغى اعماله النهارية وقرر ان يأخذهم بنفسه للمكان الذي يريدونه
بعد ساعتيـــن
في قلب مدينة دبي
تشرب قهوتها في الكافيه المطل على برج خليفة تتفكر بكل شيء حولها
صامتة هادئة
صمت لا يعبر عن الصخب الاهوج داخلها
تتذكر اسم تلك المرأة على لسان زوجها فتشعر بكهرباء قاتلة تسير مع مجرى دمها
من تلك الروزة بالنسبة له !
أهي مجرد ابنة عم واخت تربت معه في ذات المنزل ؟!
ام هي فتاة اكثر من هذا وذلك !
صحيح ان ابن خالتها ارنود ذكر لها بعض الامور التي تخص سهيل
لكن روزه لم يذكرها ويبدو انه لا يعرفها معرفة حقيقية اساساً !
فقط ذكر لها حرابة
حرابة الهوس الجنوني بالنسبة له
تنهدت وهي ترخي ظهرها على مقعدها ثم اخذت نظرة سريعة على توقيت الهاتف وهي تتذكر انه يجب ان يُخرجوا الصبيان من قاعة الالعاب بعد نصف ساعة
اين سهيل لقد تأخر في دورة المياه
لقد طلب منها ان تسبقه وتجلس على احدى مقاعد الكافيه حتى يأتي إليها
: مرحبا
رفعت عينان هادئتان نحو الصوت لتقول بعفوية طبعها الاوروبي: اهلين
رفعت حاجبيها وهي ترى وجه الشاب المحدق بها بابتسامة بلهاء معجبة ... شاب على ما يبدو لا يتعدى ال 18 من عمره
لتقول ساخرة بعد ان فهمت وضعه المريب: مضيّع شي في ويهي يا اخ !
ليصدر تأوهاً اخرقاً ويقول بلا أي سيطرة على نفسه: ليتنييييييي والله اضيع وما يحصلووووني
هزت رأسها بسخرية وهمست: الله يخلف على هلك .. اقولك توكـ.....
لتسكت فجأة وهي تعض شفتها السفلية بتوتر خفي ..... ترمق القادم بعيناها الواسعتان الحلوتان
التفت الشاب ما ان احس بطيف احدهم خلفه
وعندما ابصر الرجل المهيب ..... تململ بوقفته وارتبك
ليسمعه يهتف بصوت خفيض وانما مخيف .... وقاتم جداً جداً: سر يا صبي ..
امك ادوّر عليك
فغر الشاب فاهه بذهول وارتباك: هاا ... ا ا السسموووحة السسسسموحة
ومن شدة توتره تعثر بالسلم وكاد يسقط على وجهه
لتغلق جواهر فمها وتضحك بصوت مكتوم من هيئة الشاب المرتعب المثيرة للشفقة
اقترب سهيل بوجه غدا مظلم من الغضب
فقال وهو يجلس قربها ليحتل المكان كله بجسده الطويل العريض ....... ليحتل الهواء والنفس وقدرات اكسجينها المتلهفة المنبهرة العاشقة:
ماله داعي تضحكين
جواهر ببراءة: هههههههههههه شكله كان يضحك
أشر بأنفه بـ قسوة: وشحقه يالسة هني مجابلة الخلق كل من مر يشوفج !!
رمقته بنظرة باسمة وقالت: ابا اتقهوى بهدوء بعيد عن ازعاج الناس داخل الكافيه
سهيل بصوت جاف: والناس اللي هني ما ازعجوج مدام جواهر ؟!
لتقول له بتكشيرة باسمة: ياهل يا سهيل .. لا تعصب
غمغم بعبوس شرس وهو يعتدل بجلسته: قد الجحش وتقولين ياهل !!
: ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
قال بتقريع حاد: بس جواهر .... رياييل حولنا
قالت هامسة وهي تقترب منه ....... يالله كَم تذوب هياماً وهي ترى جانبه الشرقي المتملك:
سوري
ثم اخفضت عيناها ...... ليجذب ناظرها ساعة يده
تشبه الى حد ما تلك الساعة التي كانت تلبسها حرابة !
ذات الماركة العالمية وذات اللون والشكل تقريباً
لتتذكر لقاءها ذلك اليوم بـ حرابة وكيف ان الأخيرة ثارت عليها لأنها "جواهر" في لحظة حماسية نزعت عن يدها الساعة لتلبسها الساعة التي اشترتها لها
تتذكر كيف انها بعد أيام تواصلت مع حرابة مرة أخرى واعلمتها بصدق نواياها اتجاهها وانها ابداً لم تقصد اغضابها بالتعدي على حدودها ..... ثم اعادت ارسال الهدية إليها
فـ ارتضت حرابة بها رغم توجسها وريبتها الجلية مع اعتذار راقي منها انها هي كذلك أخطأت واعطت الامر اكبر من حجمه !
قالت جواهر لـ سهيل برقة وهي تميل رأسها:
ذوقك في الساعات حلو
هز معصمه يعدل وضع ساعته بشكل عفوي وقال:
عيونج الحلوة
رفعت أرنبة انفها الصغيرة وهي تقول بغرور لذيذ: كلي حلوة مب بس عيوني
التفت كله لها ...... ليقول وهو يحدق بها ببسمة كسولة: تتريين مني اعترض عسب اكسر غرورج
ولا اوافقج الراي وارضي غرورج ؟
بادلته ذات الابتسامة الكسولة وانما تخللها هذه المرة بعض من الذبول والحزن
ثم همست: اللي تباه .. اهم شي تسولف وما تسكت
اذاب قلبها بنظرته الرجولية الثقيلة .... لتسمعه يقول وهو ينظر بكل شيء عداها:
لو بإيدي دسيتج عن عيون الناس كلها
ارتفع صدى خفقاتها حتى وصلت اذنيها
هو وحده من يعرف كيف يذيب اوصالها بنظرته الشبيهة بنظرة الطير الحر !
بهمسه الخفيض المبحوح .... بخشونة عقدة حاجبيه القاتمتين
وقف وهو يمد يده لها: قومي خل نتمشى شوي
اخذا يتمشيان على مهل وهدوء قرب النافورة الراقصة
فقالت وهي تتأمل المياه والرذاذ يضرب وجهها برقة: قول حق البودقارديه يردون ..
ادريبك موصنهم ما يظهرون جدامي ولا جدام اليهال بس كشفتهم على طول
طرق على سور النافورة طرقات رتيبة وقال: لا تناقشيني في هالموضوع جواهر لانج تعرفين جوابي
جواهر بعقدة حاجبين: هولندا غير وهني غير
اجابها بصرامة: بس ديدريك هو نفسه سواء في هولندا ولا الامارات
طبعه وقوانينه ما بتتغير
سكتت ... وهل لديها القدرة اساساً لتليين حدائد عقله الصلبة !!
بعد لحظات من التأمل الصامت الهادئ
قالت بصوت خفيض ناعم يحمل في جعبته صراخ الغيرة والشكوك: منو روزة ؟!
عبس بـ وجهه وهو يلتفت نحوها بحدة: شو ؟!
جواهر بثقة: روزة
سهيل: شبلاها ؟!
جزاهر بخفقات قلب تطرق جنبات روحها طرق: منو !!
نظر للطفل الذي يشاكس والده بالقرب منهم ..... واجابها باقتضاب: قلتلج عنها ..... بنت عمي وتربينا سوى في نفس البيت
: بس بنت عمك ؟!!
رمقها بـ عقدة حاجبين: شو بتكون زود !
: ليش كنت تحلم بها هاك اليوم ؟
سأل باستغراب ... اذ انه بالفعل كان ناسياً الامر: انا ؟!
: هي .. سمعتك
يحاول تذكر الحلم بالتفصيل ... فلا يتذكر !
قال بنبرة صادقة: ماذكر جواهر
اشاحت وجهها عنه تبتلع غصة ماكنة في روحها
ثم همست بوجع: متى بترمسني عنك وعن هلك ؟
متى بتخليني اشوف سهيل الصدقي يا سهيل ؟
سألها بـ ذهول اخفى خلفه توتره واعصابه المشدودة: شو اللي صار وجلب مزاجج الحينه !
: انت مب صريح ويايه
قال لها بحزم: شو تبيني اقولج يا جواهر ؟!
توقفت وهي تسأله هذه المرة بإصرار: منو روزة !!
قلبه يؤلمه
رجولته تؤلمه
لا يريد تذكر الماضي لكن جواهر تصر إلا ان تدعس على الجرح وتقرحاته !
قال بعد صمت جعل قلب جواهر يصرخ من عصبية الترقب والانتظار
: كنت خاطبنها
ارتدت للخلف مذهولة
وشحب وجهها كلياً
ربــــاه !
يحبهــــا
يحب ابنة عمــــه
لهذا ......... لهذا فقط التقطت بأذنيها مرارة العذاب والفراق بصوته وهو ينادي اسمها في منامه
اكمل بنظرة معتمة: هالرمسة من سنين
الحينه الحرمة لها حياتها الخاصة وعندها ياهل
عقدت حاجبيها بـ حيرة مؤلمة
هل يتعذب ؟
هل يحبها ويتعذب اذ انها من المستحيل ان تغدو من نصيبه ؟!
هل الامر على هذا النحو حقاً يا جواهر !
قالت وهي بالكاد تستطيع تمالك اعصابها: شو اللي صار وخلى الخطبة ما تكتمل ؟
ابتسم ساخراً .. وقال: اوووه .... وايد اشيا
هل هذه المرارة الناضحة من عيناه لأنها لم تصبح من نصيبه !
هل يحبها لهذا الحد !
ابتلعت غصتها بحدة ... وقالت بنبرة اظهرتها قدر المستطاع ثابتة ومسيطرة: مثل شو ؟
حدّق بالناس حوله
بالمكان الذي رغم ضوضائيته الآن
وحيويته
وتبهرجه وبريقه
يراه فارغاً خاوياً خامداً
لينظر إليها بطرف عيناه
فـ لمح رفعة حاجبها .... وتوهج التمرد بعيناها
لم يعجبه
شعر انه كالمتهم امامها
وهو ليس متهماً ابداً
اجابها ببرود شديد
برود الدب القطبي ذاته
: اشيا مب من ضمن اهتماماتج يا جواهر
قطبت حاجبيها بـ سخرية قاسية ..... وقالت: هاي طريقة راقية تقصد بها "مالج خص"
كز على اسنانه بعصبية
هذه السنجابة يعرفها كما يعرف عروق يداه
وقت المواجهات .... لا تتركه حتى تفرغ كل "بترول سيطرته"
لهذا قال بـ حدة يريد قطع الحوار برمته: افهميها مثل ما تبين
ولاها ظهره الا انها وقفت امامه
وقالت له بإقرار بدل ان يكون سؤالاً: بعدك تحبها
اتسعت عيناه ذهولاً واستنكاراً .... الا انه سيطر على نفسه .... وقال بصوت بارد جداً: جواهر ممكن تغيرين الموضوع ؟
ابتسمت عيناها بـ شراسة ..... بـ قهر شديد .... وقالت: ليش ؟ ترانا نسولف يا ديدريك
وين الغلط في اللي اسويه !!
لم يعلّق على الاسم الذي خرج من فمها
فقط قال: الحوار هذا كله غلط في غلط
كررت وهي تأكل عيناه بنظرتها القوية .. بتحديها الصلف
: تحبها صح !!
اسكتها بحدة: جواهر
انتفخت اوداجها وهي تشيح بعيناها عنه
كانت كفوفها ترتعش لكن هيهات ان تضعف اكثر ..
هيهات ان تنوح عند ركبتيه تتوسل منه بعض الرحمة بـ فؤادها
: مب انا اللي بقعد نفس المراهقات اتبجبج واصيح .. حتى وانا اعرف الحينه انك تحب وحدة وهيمان بها
لكن يا ديدريك ... بقولك شي واحد
اللي خلاني أوافق عليك .... واطير من آخر الدنيا وياك لين البلاد
اظنه سبب كافي يخليك تحترمني وتحترم مشاعري
وسارت مبتعدةً عنه
ليسير هو بخطوات واسعة خلفها حتى اصبح قربها
وقال من بين اسنانه: منو قال اني ما احترمج ولا اقدرج !!
قالت وعيناها مصوبتان للأمام ... للأمام وفقط: مشكلتي اني كنت اتريا منك اكثر من الاحترام
واكثر من التقدير يا ديدريك
اسرعت بخطاها وهي تردف بجفاء .... وتصلب: خلص موعد لعب اليهال .. خل نلحق نظهرهم
نهــــاية الجـــزء الأول مـــن الفصـــل الرابـــع والعشـــرون
|