كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله (بـ حلة جديدة-2020م) الفصل الثامن
،,
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الفصــل التاســع عشــر
،,
مرت الأيام .... بـ دقائقها الرتيبة وساعاتها الطويلة
حتى مر اسبوعان كاملان ..
خرجت من العيادة النسائية بمشاعر جمة ... بأحاسيس تتولد في جوفها لأول مرة ... هل حقاً تحمل في احشائها جنين ؟
نطفةٌ منها ومن هزاع ؟
ارتعشت أنفاسها بذهول ... بجذل .... بنشوة .... يالله .... كم حلمت بـ هذه اللحظة منذ سنوات ... حلم الامومة كان بالنسبة لها مستحيلاً خاصة بعدما عانته مع مروان .. ومن ثم سنوات الزواج الصوري مع هزاع
لم تتوقع ان الحلم ينقلب لـ واقع ... وان الله كان يخبئ لها القمر بدل النجوم
سقطت دمعة على وجنتها وهي لا تكاد تصدّق ... مذهولة بشدة ... وتشعر انها تقف على غيوم بيضاء متحركة
دخلت السيارة .. وهي تلقي السلام بخفوت: السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله
احتوى كفها بين كفه واردف: ها غناتي شو صار وياج ؟
هزت رأسها نافية وقالت: و .... ولاشي
خافت وتوترت ... لا تعرف لمَ لا تريد اخباره الآن !
سـ تخبره بالطبع ... لكن ليس هنا ... ليس في هذا الوقت ...
رفع حاجبيه وسأل مستغرباً: ما عطتج نتايج فحص الدم ؟
هزت رأسها بـ نعم .... وقالت: عطتني ... قالتلي النتايج عادية بس فيتامين دال عندي نازل .. والحديد بعد ... عسب جي دوم احس بـ ضيقة في التنفس وتعب ...
ابتسم حتى بانت غمازة خده .... ليهمس بتلاعب: ارفعهم لج ؟!
رغم توترها وتشتت مشاعرها الهوجاء ... احتقن وجهها خجلاً من جرأته ... فـ قالت وهي تحتضن جسدها بحركة عفوية: هزاااااااااااااااع
: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
سألت برقة: وين بنسير ؟
: بيتنا ... ولا تحاولين تعترضين .. أسبوعين وانا أبا امسكج ومب رايم .. وكل ها عشان يدي صياح .. أسبوعين انتي عنده مجابلتنه ليل ونهار وانا المسكين روحي محد سائل عني ولا مهتم
: هزاع حرام عليك .. والله غصبن عني ..
اعترض بـ عصبية خفيفة: لا مب غصبن عنج ... عموه ريسه موجوده .. وعماتي المها وصنعا ..
عضت شفتها السفلية وهي ترمقه بـ ملامة نفس ملؤها الحب ... لتقول معتذرة: آسفة ... والله حبيبي آسفة
شهقت عندما جرها بقوة ... وعض انفها بتكشيرة عابثة .... وقال: عشان كلمة "حبيبي" بسامحج
مب دوم نسمعها
،,
تمشط المنزل بحركتها المنفعلة .. ذهاباً واياباً ... وتهتف بغضب عارم لـ اخيها الكبير: يعني شو مب موافق يخلي عيالي عندي !!! القانون في صفي يا شعيب ... عيالي لازم يتمون عنددددي
رد عليها شعيب بـ غضب يتعدى غضبها: انتي حمدي ربج انه يخليج تشوفين عيالج كل ثلاثة أيام ... انا لو منه حتى شوف ما اخليج تشوفينهم .... ويهج لوووح والله
عقب اللي سويتيه في حرمته لج عين ترمسييين !!
صرخت بهستيرية وصورة مديه بجانب زوجها سعيدة وراضية تكاد تسبب لها سكتة قلبية: خلااااص خلاااااص فهمت .. تعيدددد وتزيييد على رااااسي ... خلااااص مب لازم هالمواااال كل يووووووم
اتجهت للأعلى نحو غرفتها وهي تزبد وتغمغم بحقد اسود: اخخخخخ ياليييييتني جتلتهااااا .. ياليييييتني يبت سجيييين وجتلتهاااااااا
الكلبة سراااااقة الريااااااييل .... الغدااااارة طعنتني في ظهررررري ..
صاح اخيها بـ حنق وهو لا يسمع ما تغمغم به: سعادووووه حطي راسج بعقلج وخلج زينة ويا هزاع عسب ما يعاااند ويحرمج بالمرة من عيالج ... اللي سويتيه بحق حرمته يمكن يستخدمه ضدج في المحكمة اذا رفعتي قضية علييييه .... لو ما اسمهان رضيعة وتبا صدرج جان خلاها عنده هي بعد ...
،,
جنوب افريقيا – كيب تاون
: أخخخخخخخخخ
حك مؤخرة رأسه بألم مغمغماً بتهكم ..... وهو يراها ترمقه بنيران مقلتاها وتسبقه نحو السيارة
الشرسة .... ترفض أي تلامس بينهما منذ تلك الليلة .... حتى القبلة التي اراد أعطاها إياها منذ ثواني انتهت بصفعة على مؤخرة رقبته ...
زم شفتيه بـ وجه المعتوه فيه .... وهدر بعصبية: اصطلبي انا اكبر منج ياليااااااهل
استدارت نحوه بنظرتها التي تنضح بالكثير والكثير ... لتزأر وهي تقترب منه مهددةً إياه بقبضة يدها: بتنطمممم ولا اكسر خشششمك هذاااا
اقترب منها وهو يصرخ بغضب: جببببب .... تغارين أصلا من خشمي ... حلو وطويل مب شرات خشمج الوارم المنتفخ
شهقت مصدومة وهي تمسك انفها ..... لتهدر مرة أخرى بوجنتان منتفختان من العصبية: انا اراوييييك
وقبل ان تضرب وجهه بقبضتها .. رفع ذراعاه امام وجهه وهو يصيح بانفعال: جريندااااايزر انتي ... ان قربتي صوووبي بتصل فـ امايه واخبرها عن علووومج يا جريندايزر
تصنمت قبضتها في الهواء وهي تعد للعشرة كي لا تتهور
لم تخف من تهديده .... بل خافت من الاحراج الذي سيُلحق بها ان علموا "بوضعهم" الغريب
رباه
منذ ان تزوجته وهي لا تشعر الا انها في حلبة مصارعة مع هذا الغابش المجنون
وهو لا يتوانى عن اظهار الجانب المجنون الطفولي الساذج منها ....
حتى تلك الليلة بينهما ... انتهت بـ شكل مزري .... مزري بشكل لا يُصدّق !
"
قبـــل أسبوعـــان
شعرت بسائل يدغدغ بشرتها وهي وسط حمى مشاعرهما المتأججة ... ابعدت وجهها عن مرمى شفتيه وهي تلهث
لتنصدم من عرقه المتصبب ووجهه المحتقن من اثر كبت الألم
هتفت بصوت اجش: غـ غابش .. شـ شو فيك ؟
حرك رأسه نافياً واقترب يريد التهام شفتيها مرة أخرى لكنها أبعدته والقلق فيها يتصاعد ... كذلك الحرج والندم ...
في اوج ضياعها المخيف في عالم لم تدسها قدماها منذ ولادتها ... نست غابش
نست حالته .... وتعبه
قرّبها منه بخشونة ظناً منه انها نافرة ... رافضة قربه الحميمي
فـ تأوهت بخفوت وهي تهتف بحدة ... ومن بين عيناها الغائمتان الى الآن بالعاطفة المشتعلة: كسرت ايدي
حاولت دفعه كي ينهض من فوقها مسيطرةً على رعشات ساقيها ... ما عاشته منذ لحظات يفوق كل وصف .... يجتاز كل إحساس احست به يوماً: قوم شوي غابش ... انت تعرق ... شو تحس ؟ ..... قولي ؟
ابتعد عنها قليلاً وهي يزيح شعره من جبينه .... يلهث .... لهاث التوق .... والرغبة ..... ولهاث ألم قلبه وجسده
رمقها بنظرة توحشت بحق .... مظهرةً غابش الحقيقي .... الأصلي: خلج مكانج
ظنها تتنمر على إحساس التوق فيه .... ظنها تسخر منه اذ انه اظهر من ناحيته كل رغباته واشواقه ولهفته لمد وصال الروح معها
ظنها تستصغره !
ولكَم يبغض هذا الشي !
رغم انه يمثل العته امامها .... لكن من هي كي تلعب به وتوقفه متى تشاء حتى لو كان معتوهاً !
ما تزال تحت وطأة التوهان البصري .... والخدر العاطفي والجسدي
مع هذا قالت وهي تتحكم بـ وتيرة الصرامة ... والغطرسة بصوتها بينما تقف لتواجهه وهو ما زال جالساً امامها: نعم ! انت تآمرني الحينه ؟!
امسك معصهما وجرها نحوه حتى ارتمت في حظنه ... ليصدر زئيراً من اسفل حنجرته وهو يعض شحمة اذنها بقهر
ثارت اعصابها .... منه ومنها
من تصرفاته التي تثير فيها الجنون ... ومن ضعفها الغبي اتجاه لمساته
همس قرب اذنها بصوت ثقيل: كنتي عذاب .... شو ياج فجأة ؟
فكرت للمرة المليون وهي تشد من قبضة يدها علّها تهدأ قليلاً ......
أهذا معتوه !!!
بجانبه تشعر انها اشد الاناث عذوبةً وحلاوةً وفتنةً
وهي في الحقيقة عادية
عادية جداً .....
قالت وهي تسيطر على انفعالاتها: غابش .. خلاص .. افهم .. انت تعبان
وبرشاقة حركتها ... قفزت من حظنه لتقف
ثم انزلت قميصها تغطي بطنها وظهرها واردفت بخفوت خشن .... تريد إعادة حرابة العسكرية للواجهة ..... غير وجه العسكر منها لن تقبل:
بروح اسبح وارقد شوي ... وانت بعد ارتاح ... خلاف بنش بسويلك غدا خفيف ... الدكتور قال لازم تتغذا زين ما زين
"
اسبوعان وهي تتجنب الاقتراب منه ... وكأنه وباء
نهاراً معه في اجتماعاته شبه اليومية ..
وليلاً تنام على الاريكة رافضةً كل الرفض ان يمر الليل بقربه
حمد الله ان سير مشاريعه في جنوب افريقيا يمشي على ما يرام اذ ان سكرتيره راشد كان يؤدي اغلب الاشغال نيابةً عنه خاصة عند وجود حرابة التي لا تستكين وهي تراقب كل حركة منه وكلمة ... كـ ذئبة تنتظر الزلة لتنقض ...
لكن عند عودتها المنزل يأخذ كامل اريحيته ويبدأ العمل بجد وبالشكل المطلوب !
أسبوع فقط ويعود للوطن معها .. والله وحده يعلم كيف ستجري اموره معها هناك !!
طحنت اسنانها داخل فكها ... وهي تنزل يدها .... لتقول له بـ إحباط شابه الغضب ونفاذ الصبر: خلاص غابش .. اعقل شوي .. ممكن !!
قلّب عيناه بـ هبل ....... وقال مقلداً صوتها ساخراً: خلاص غابش .. اعقل شوي .. ممكن !!
لااااااا مب ممكن
دفعها بخشونة وهو يردف بتهكم: حد قالج اني خبل ....... يالخبلة !!
رصت على جانبي رأسها وهي تدعو الله من بين اسنانها .... ان يلهمها الصبر والتأني مع هذا الرجل
في السيـــارة
نظرت للفيلا من بعيد .. وتفكر في ان غابش القديم كان ذكي وفذ في عالم الاعمال كي يكوّن ثروة لا بأس بها بعمر صغير
فثار فضولها كي تعرفه شخصيته القديمة وكيف كانت !
التفتت نحوه وقالت بصوت مستكين: بيتك حلو
انت مختارنه ؟
تثائب بصوت مرتفع .... ليقول بنزق: ليش موعتني من الصبح !! شو هالحرمة اللي ما تراعي ريلها !
رفعت حاجباً وهي تقول: محد قالك ترقد ٣ الفير ... تعال شو كنت تسوي في الحوش روحك امس !
غمغم بـ دهشة بالغة: وقفعه تقفع العدو ... ماخذ رادار انا
فجاة ... قهقهت بخفة
فاتسعت عيناه "بذهول حقيقي" ...... ليقول منبهراً بطريقة مسرحية:
الله اكبر ... اكتب يا تاريخ ... حرابوه تضحك
عضت شفتها السفلية وهي تدعس قدمه بغضب: حرابة اسمي ... عيدها وبتشوف ويه ما قد شفته يالسبااال
لكز كتف السائق وهو يقول مغتاظاً: وقف وقف .... حووووه اقولك وقف
حرابة: لييش !!!
فتح الباب وهو يتهكم: سيري الشركة روحج انا برد البيت
امسكت معصمه بقوة قبل ان يهم بالخروج .... وقالت: يالمينون اليوم التوقيع على العقود ... والبارحة السكرتير قال ان خمس شركاء بيسافرون فـ ما عندنا الا هاليوووم
: شو تبين فيّه ؟ مب انا سبااااال !!
جرته بعنف ... لكن لا فائدة فـ قوة جسده تفوق قوتها .... لتهدر بقهر: سبال ونص ... وبتسير وياي الشركة وبتوقع على العقود
تقسم بالله انه لولا توصيات خالها لها لمساعدته على اتمام عمله هنا لتركته يفعل ما يشاء حتى لو تسبب بهدم كل اعماله ومشاريعه
: ماباااااااااااااا
صرخت حرابة من فرط غيظها: غاااااااااااابششششش
اغلق بابه وعاد لمقعده .... وهو يصيح بتعب "زائف": بس عااااد ... والله ما فيه ... ابا ارقددددد راسي يعووووورني
انا مسافر شهر عسل ولا عشان تكسرون ظهري بمشاوير الشركة
شعرت بالشفقة عليه .. كذلك احست انها اهانته كثيراً بحجة انه لا يمتلك مقومات عقلية كـ حال اي رجل ليرد عليها
احست انها بالغت بتصرفاتها ومعه وهي التي تكره التنمر على الضعفاء
تنهدت بضيق شديد ... ثم اعتدلت بجلستها
وقالت بصوت غلفته قدر المستطاع بالهدوء والتفهم: غابش اذا سرت وياي الشركة بسويلك اللي تباه ... اي شي تحبه بسويلك إياه ...
التمعت عيناه .... وتوهجت روحه حد النخاع .... ليقول مستفهماً وقلبه يتراقص عبثاً: اي شي اي شي ؟!!
ابتسمت مجاملةً .... وقالت وهي تجهل ما يدور في عقل غابش: هي نعم
بعد لحظات ... وبعد ان اكمل السائق طريقه نحو الشركة ..... قالت: انزين ما رديت على سؤالي ؟ انت مختار بيتك ؟
اومئ برأسه مجيباً إياها بصمت
ثم سألته بغموض: انزين منو يارك ؟ اللي بيته عدال بيتك ؟
نفخ علكته حتى انفجرت امام وجهه ....... ثم قال وهو يرجعها داخل فمه: مافي حد ساكن عدال بيتي ... ليش ؟
: لا امبلى ... واحد من سنايني تقريباً او اكبر شوي ... شعره ابيض ... هيئته أوروبية
رمقها ساخراً وقال: اخر واحد سكن البيت اللي عدالي مات من ٥ سنوات
التفت حوله بشكل درامي وقال بنظرة جاحظة يريد اثارة رعبها: بسم الله علينا بسم الله علينا ... يقولون في ارواح ساكنة بيته وهي اللي قتلته ..... اتحملي تمرين صوب بيتهم ..... بيدخلون فيج
وضعت ساقاً تحت وركها وهي تدير جسدها كله ناحيته ..... وقالت: تعرف انا وين ربيت يا غابش ؟
زم فمه وهو يمضغ علكته ..... وقال: لا
ابتسمت من غير ان تظهر اسنانها وقالت: انا ربيت في بيت ريسه بنت صياح .... في وادي أبو الين ..... وانا صغيرة كنت اتريا ربيعي كل ليلة عسب نلعب كرة عند عزبة يدي صياح ..... تعرف منو ربيعي ؟
سأل بـ نظراته الفضولية المترقبة: منو ؟!!!
قربت وجهها منه فجأة وهي تقلده بطريقته الخرقاء: جووووونقررر .... عطيته اسم من غلااااته في قلبي
: بسم الله الرحمن الرحيم
حرابة بخبث: عاد ماعرف هو اي صنف من الجن
انزوى قرب الباب وهو يغمغم بـ ذعر لنفسه: سلام قول من رب رحيم .. اكيد جن طيّار .. عسب جي تحب الطيايير وتروغ الخلق بـ القذااايف ... ثرها ملبوووسه بنت ابووووها ... اللهم حوالينا ولا علينا ...
رفعت حاجباً وهي تحرك جانب ثغرها بـ استهزاء لطيف ..... ثم قالت: نرجع لموضوعنا ..... تعرف الريال ولا ما تعرفه ؟
اتسعت عيناه باستنكار طفولي: يعني اقص عليج !!
والله محد ساكن البيت ... حتى سألي راعي المجمع اللي جدامنا .. هو عايش طول عمره في المنطقة ويعرف كل شي فيها وبيقولج ان اخر واحد سكن البيت قبل ٥ سنوات
رمقته بتعقيدة حاجبين .... وآثرت الصمت بعد ان احست بصدق حديثه
ما سر ذلك الشاب !! ولم ادعى انه جارهم !!
،,
ماضٍ يتحدث
منذ البارحة .... منذ ان اعترف حفيده بـ فعلته المريعة وبجرائمه المخزية
وهو هائم على وجهه يريد الهروب من إلحاح أبنه وأبناء عمومته وجماعة عبدالكريم كي ينفذ ما تلفظ به الشيخ عبدالكريم فوراً وبلا تردد
يـــــا حـــــــر كبــــــــده
يهرول ويجوب الأرض الترابية غير المعبدة بنعليه الخفيفين والشمس تلهب رأسه وجبينه
لا يعرف ما عليه فعله .... حفيده اعترف
بلسانه اعترف انه الجاني ....
انه المجرم المغتصب ووووووالـ....
زمجر وهو يسقط على ركبتيه بعنف متناسياً الألم الذي سببه لنفسه
ألم الروح كان طاغياً
مشتعلاً
عظيماً
تردد اعتراف حفيده للمرة المائة في دماغه الحارة من اثر التفكير/الشمس
وصدره يرتفع ويهبط بنهت مختنق
ليصدح صراخ الرجال في عقله وهم يطالبونه الا يتهاون مع حفيده والا يفعل ما يجعله بنظرهم ونظر الجميع ظالماً ضعيفاً امام الحق والعدل
فـ سهيل مجرم
مجرم واعترف بلسانه بـ كل ما فعله اضافةً للأدلة والشهود
رفع عيناه فـ وجد دكاناً صغيراً من بعيد ... لتأتيه فكرة وليدة اللحظة خرجت مع تخبطه وتشتته وهلعه
هرول وهيئته المأساوية تثير استغراب من يمر قربه .. فـ هذا الشيخ صياح بشحمه ولحمه !
لمَ يبدو بتلك الحالة المزرية البائسة !!
بعد دقيقتان
اومئ له صاحب الدكان الهندي باحترام .. والجد يلقنه رقم الشيخ الذي يحفظه عن ظهر قلب
لحظات حتى أعطاه سماعة الهاتف الأرضي العتيق ... وهو يقول: ارباب
استل صياح منه الهاتف وهو يهتف بصوت اجش متقطع: شيخ سليمان
انا صياح ... صياح بن احمد
ثم انزل هاتفه وهو يطلب من الهندي ان يخرج وكل من في الدكان على الفور يريد بعض الخصوصية وهو يتحدث على الهاتف
وعندما فرغ الدكان ..... امسك الهاتف واخبر الشيخ بكل ما يمر فيه متجنباً ان يذكر ان الجاني هو حفيده
يكفيه عاراً
يكفيه ذلاً
يكفيه تساقطاً روحياً ملؤه الدماء
خفق قلبه بـ روع ووجع وهو يتلقى هدير الشيخ المصدوم: اعوذ بالله اعووووذ بالله
منووو هاللي ترمس عنه ؟!!! اعرررفه !!!! عندكم في الوااادي ؟؟!
تلعثم الشيخ وهو يكاد ينهار امام الشيخ سليمان الذي كان يمسك امامة المسجد الكبير قبل ان ينتقل الى منطقة أخرى بعيدة: قوولي ... قوولي شيخنا شو نسوي ويااه !!!
: هذا شووووي بحقه تحرقووووونه
واخذ الشيخ يشتم المجرم من هول صدمته فالأمر الذي سمعه لا يفعله حتى البهائم فـ كيف بالإنسان الذي أعطاه ربه عقلاً وديناً حنيفاً !
: شيخنا ... شيخنا أبا اعرف بس شو الحكم العادل اللي....
فـ هدر الشيخ وعاطفة الابوة والفطرة السليمة والإنسانية اخذت منه مأخذاً عظيماً ناسياً انه عليه التفصيل في أمور الحكم والتأني بالجواب: يقاااام عليه الحد يا صيااااح يقام عليه الحدددد ... حسبي الله ونعم الوكيل
حسسسبي الله ونعم الوكيل
يعله في نار جهنم الوصخ النجسسسس
شقى يسوي جييي في الصغااااار ؟؟؟؟
حسبي الله علييييييه ... يعله في نار جهنم هو ومن يسوي سوااااااته
وانقطع الخط فجأة بينما صياح يرتعد فعلياً
نار جهنم
نار جهنم
أهذا مصيرك يا سهيل !!!
نار جهنم !!!
اشهد بالله ان النار هنا
في قلبك يا صياح
نار مستعرة لا تنطفئ
خرج من الدكان والعذاب فيه يتضاعف ويتضخم حتى كتم على انفاسه
لتصل به قدماه بعد سير طويل مجهد .... للمستودع القديم .... حيث حفيده
يريد ان يراه لآخر مرة
هو اعترف ..... لكنه يريد سماعها منه وهما لوحدهما
النتيجة واحدة
لكن من يعلم
ربما اتته معجزة وجعلته يرى امراً آخر غيرَ الذي سمعه/رآه !
: قلتلكم اناااااااااا ... خلاااااااااااص فااااااااااارج
فااااااااااااااارج
كان صراخ حفيده يصل لمسامعه قبل ان يهم بالدخول
ليسمع ابنه منصور يصرخ به بغضب عارم: انت مينووووووووون
مينووووووووووووووون
ليش سويت جيييييييييه !!!!
ليييييييييييييش ؟!!!!!
: هي مينووووون ... مينووووون وحقيرررررر وماسووووى فلسسسس
فاااااااااارج اقووووولك
تراجع الشيخ صياح وهو يعض اسنانه بنيران تتلظى ... بغضب يسمع صراخه الوحشي من قلبه فـ رئتيه فـ سائر جسده
ابتعد عن المكان وألف صورةٍ وصورة تتراقص كالشيطان في روحه الباكية !
حاضرٌ يتحدث
اغلق عيناه ببطئ ... بعد ان اوقف سيارته امام كورنيش العاصمة
ماذا ؟
هل عاد للوطن ؟ أيهنّئ نفسه الآن وقد انتظر هذه اللحظة منذ دهر !!
لمَ ما تزال احاسيسه متجمدة .... منقبضة .... تشوبها الظلام ..... والصراخ ..... والعويل ..... وفواجع الدنيا اجمع
لمَ وهو يغمض عيناه .. يرى نيراناً متأججة بدل السكينة وامان تراب اصله !
نيران .... وجمر .... وشياطين .....
الحنين قتله ........ سيعترف وسيقولها ...... لكن ما فائدة الحنين واناسه ميتين !
ما فائدة الحنين ..... وقد رُميَت خمسة عشرة سنة من عمره في مزبلة العمر الفاني !
كل شيء تغير حوله .... كل شيء ..... لم يدخل الالفية الجديدة مع اهله .. لم يبارك امه خمسة عشرة رمضاناً وثلاثون عيداً !
لم يشهد عمران بلاده .... لم يحضر جنازة باني الوطن زايد .... لم يكن في الوطن ليتلقى خبر وفاة فهداً وجابرَ .... ومن لحقهم من باني الامجاد والسيَر واقطاب الرفعة والشرف ...
ضحك ملئ شدقيه ... ضحكة حقيقية .... وهو يوقن للمرة العاشرة بعد الألف ..
ان شر الدنيا يقنص العين ..... قنص قاتل !
لا يُعمي .. لا لا ......
بل يقتل فقط ! ..... يقتل الذمم والضمائر وحتى القلوب الحية بـ لا اله الا الله .....!
لحظات حتى انتصب واقفاً .... وهو يغلق باب السيارة الفارهة
اخفض محاجره يرهف السمع لزقزقة العصافير والطيور وهي تسبح وتكبر مع تكبيرات المساجد
وأصوات الشجر وهي تتمايل مع الهواء المغربي الخفيف
صافحت انفه روائح الحياة والبحر والزهور ..... عذوبة الشفق وحلاوة الحبق واخضرار الورق
منذ ان وطأت قدماه ارض الوطن وهو هكذا ... يتأمل الدنيا من حوله بصمت عذب ، ويعجز عن الكلام
الكلام ؟
ما الكلام ؟
لم يؤمن ابداً بالكلام ....
الكلام عنده كـ خرقة بالية مستخدمة مهترئة
الكلام عنده كـ من يتسول الاستماع والانتباه ... كـ من ينتظر التصديق او التكذيب
كـ من يترقب الاجابة فـ أما تكن بمقام ما قاله او اوطى !
هو يفعل وكفى .... ودوماً ما كان يفعل !
رفع نظارته الشمسية عن جسر انفه واضعاً إياها فوق عصامته
من يراه لا يظنه قد ترك لبس الثوب العربي والعصامة يوماً .. ذات أناقته الرجولية بلباس الوطن .. ذات الفخامة في نوع القماش وذات الجودة في انتقاء النعال
وكأنه خُلق كي يتجاوز رجال بلاده تألقاً وتوهجاً ... يتجاوزهم فخراً واعتزازاً بانتمائه وجذوره الاصيلة
حتى وهو قد عاش سنين طويلة في الخارج
اخفض عيناه ما ان احس بخطوات احدهم تقترب .... ليقول بابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه: مواعيدك بالتايمر ما شاء الله
لم يكد يواجه الآتي وجهاً لوجه
حتى ارتد للخلف وهو يتلقف بصدره صدر صديقه الغالي
قهقه بخفوت وهو يربت بخشونة على ظهر صديقه: بطيّحنا في البحر يا محمد
،,
مستشفى الشيخ خليفة
قبل انتصاف الليل بساعة
ينظر لـ عمه شاهين الذي يمشي نحو الرواق الجانبي من المستشفى .. وعلى ما يبدو ينوي الخروج
يحدق به بعينان لا ترفان .... لو ان نظرته شوهدت من حكماء الزمان
لشبّهوا نظرة النمر قبل انقضاضه على فريسته .... بنظرته هو
بوقفته الهادئة المسيطرة المثيرة للربكة ..
ابتسم بخفة .... بنظرة كالشهاب المشتعل ..
أتظن أنك عندما احرقتني
ورقصت كالشيطان فوق رفاتي
وتركتني للذاريات تذرني
كحلاً لعين الشمس في الفلوات
أتظن أنك قد طمست هويتي ؟
ومحوت تاريخي ومعتقداتي ؟
عبثاً تحاول لافناء ثائرٍ
انا كـ "القيامة" ذات يومٍ آتي
"انــا كــ الـقـيــامـــة ذات يـــومٍ آتـــي"
*لـ الشاعــــر مهـــذل الصقــــور
مشى في رواق المستشفى الرئيسي .. ليصدح صوت خطواته الثابتة الرزينة على الأرض الرخامية ... مستشعراً هدوء المستشفى الفارغ تقريباً في هذا الوقت من الليل
يتقدم خطوة وعقله ألف خطوة
يدعس الأرض مرة ... ليدعس على قلبه ألف مرة
دعوات الويلات والدمار واللعنات تكاد تصم اذنيه مع هذا ظل مستقيماً مرفوع الرأس
اخذ يسير حتى وقفت قدماه امام الغرفة المنشودة
امسك مقبض الباب المعدني ودخل بهدوء لتسبق خطواته صوت الأجهزة الخافتة والليل الدامس
استرجع المكالمة التي اتته منذ ساعة
"
: الشيخ صياح طاح مرة ثانية وودوه مستشفى العاصمة .. لكن الحمدلله يقولون الدكاترة مؤشراته الحيوية زينة بس الضغط شوي ارتفع عنده .. بيرقدونه ليلة في المستشفى وبيرخصونه الصبح ان شاء الله ..
"
وقف امام ساقي صياح الممدودة بلا حول ولا قوة ... يحدق بوجهه والمشيب يحفر قلبه كما حفر بقسوته على بشرة الطاعن بالسن
يريد اشباع مجاعات الأطفال والثكالى في روحه ... صيـــــــاح
يــــــــا صيــــــــــــــاح
يا حر قلبي عليك يا عنيــــــــد
اين انت ؟ اين رحلتَ بـ جبروتــــــــك ؟
هل رحلت كما رحيل سهيل يا غافــــــة الــــــــوادي ؟
هل رحل حجر الصوان في جوفك كما رحل نجمك في ليلة ظلماء لا يعلم بها احد من البشر ؟
ماذا فعل بك الزمـــــــــان ؟
اقترب يريد لمس الفرعــــون منه ..... لكن ارتدت أصابعه خائبة .... فـ كل ما لمسه يشبه ماشطــــةَ ابنتــــــه وهي تبكي اطفالها المحترقين ....
لماذا ؟ هو عاد يريد الحق .. يريد الحلم .... يريد الخلاااااااااص
ابتسم بتلك الطريقة التي لطالما رآها الناس شبيهةً بابتسامة الراقد امامه ..
ليهمس وهو يتأمله بعذاب: يقول الدكتور ان حالة النسيان عندك تزيد .. صدق هالشي ؟
تقدر تنساني ؟ تقدر تنسى المغدور بهالسهولة ؟
كيف بتسويها ؟
في راسك زر بتضغط عليه عسب تنساني يا صياح ؟ هاي هي حيلتك الأخيرة عسب تبري ذمتك عند الله وتتناسى ويعك واحزانك ؟
اخذ نفساً طويلاً ... طويلاً جداً .... رافعاً جبينه نحو السقف الأبيض .... ثم اخرج زفرات السنين وانّات العمر المفقود من ذاكرة الزمن ..
اقترب حتى اصبح عند رأسه .... الإرهاق كان بادياً على تقاطيع وجهه وعلى عيناه المغلقتان وشفتاه المبيضّتان
التعب اكل مأكله من عظامه والنوم يُغرِقه فيه حتى النخاع
دنى بقامته الطويلة .. ثم لثم جبين الشيخ بعمق/بارتعاشة ثائر
يريد لثم رأسه عن خمسة عشر سنة
يريد استنشاق رائحته العودية حتى يكتفي من الألم والعذاب والضياع
هز رأسه رافضاً وهو ما يزال قرب جبينه .... وفكرة ان صياح ينساه تكاد تحيله لرماد من شدة الغضب والجنون
لا .... لن ينساه ...
ليس قبل ان يعلم الحقيقة .... ليس قبل ان ينال هو كامل انتقامه
رفرفت عينا الراقد .. مستشعراً وجود احدهم قربه .. وعندما فتح عيناه ببطئ .. لم يجد احد ..
ليدخل مرة أخرى في نومه المرهق .. وصورة حفيده لا تفارق أحلامه ..
،,
سكب الماء على وجهه ثلاثاً ... بعد المضمضة والاستنشاق
واكمل وضوءه كاملاً
ليقف امام مرآة الحمام يتأمل وجهه المبلل
سيصلي العشاء الآن ..... اجل
سيصلي
حتى لو اقترب الليل على الانتصاف
المهم ان يتجه بوجهه للقبلة ويصلي ....
بعد دقائق
كان يسلم يميناً ... ثم يساراً
وقف وهو يأن من ألم ظهره ... يأن ويتذكر أسباب الألم الجسدي
لتبتسم عيناه بمرارة كالعلقم
أسبوع مضى منذ خروجه من السجن
خروجٌ اتى بعده مباشرةً توثيق طلاقه الرسمي في المحكمة وبحضور هزاع وخليفة كي يضمنوا عدم غدره كما قالوا ..
ها هو أسبوع يمر وهو حبيس المنزل ... بإرادته التامة
لا يريد رؤية احدهم ولا التكلم مع أي بشري كان
يكفيه قهر وغضب ... يكفيه ما اقترفته يداه في لحظة السُكر
يكفيه ذل وعار .. وندم وعذاب
روزة وقد طلقها ؟ فـ ماذا يمكن خسارته اكثر ..؟
يعلم انها خائنة
لكن يحب تلك الخائنة .... فليقولوا عنه مضطرب نفسياً ويحب جلد الحبيب له عاطفياً
لا يهمه
هو يحبها ولم يحب احد سواها ...
وها هو خسرها وخسر ابنه
يالوجعه ... حُرم من حامد الصغير كلياً وهو الذي قبل أسابيع كان يرى بصائص النور بعلاقته معه وامه ..
اطفئ نور الامل بفعلته الأخيرة وضعفه امام الشراب .... هدم طرق الوصال بسلكه درب الشيطان مرة أخرى
تنهد بـ ضيق وهو يرتمي على السرير .... ويتنفس بعمق علّه يلتقط شيئاً من رائحة روزة في الغرفة التي جمعتهما في يوم ما ....
رن هاتفه فجأة ... ليلتقطه بمزاج متعب مكتئب
......: ها ربيّع اشوفك طلعت من الحبس ؟
علم بهوية المتصل من صوته ... فقال بـ كُره وهو ينتفض بظهره جالساً: شو تبا داق ؟
: أبا بيزاتي .... بتعطيني اياهن ولا الدور بيي على ولدك
واعتبر اللي صار في حرمتك رسالة تمهيدية
وولدك هو الرسالة الرسمية
جحظت عينا ربيّع ذعراً ..... هل كانت إصابة روزة في سيريلانكا بسببهم ؟ هل تأذت بسببه هو ؟
: شـ .... شو تقول انت ؟ شو تخررربط ؟
: اللي سمعته
صرخ به مغاضباً: يالحقييييييييييييييييير
: مب احقر منك .. أبا بيزاتي وخلال يومين بس يا ربيّع
هدر ربيّع بقلة حيلة وقهر: ما عندي الحيييينه شيييي
: دبّر عمرك
ثم اغلق الهاتف بوجهه قبل ان يشتمه ربيّع بانفعال
تباً ..... لا يملك مالاً في حسابه البنكي الآن ... فـ مالذي يستطيع فعله !
ولده
رباه ولده !!
لم يظن ان تهديداتهم السابقة .... ستصبع في خانة الفعل الحقيقي !
تحرك بـ تفكير مرتبك سريع وقد قرر على الفور ان يبيع سيارة الثانية القديمة واليخت الصغير الذي اهدته له والدته منذ عامين .. وبعضاً من ارقام سيارات مميزة لديه ... ولو انه يمتلك خنجره الآن لباعه هو ايضاً ...
حسناً ... لا مشكلة .... ما سيبيعه سيغطي تقريباً كل المبلغ المطلوب ..
المهم ان يرجع لهم المال قبل ان تطال أيديهم النجسة ولده الوحيد
،,
قبّلت عين هزاع بـ حلاوة ثغرها الزاهي
لتقف وهي تغطي لباسها الشفاف بـ روب قطني ... مسترجعةً عشقهما المدمر منذ ساعة ..
اشتعل وجهها خجلاً وكادت تضرب زاوية السرير من حرجها وارتباكها
ضحكت بخفوت وقررت ان تأخذ حماماً ساخناً ... ثم تفعل ما قررت فعله صباحاً
لأنها ان ظلت في دوامة الحيرة والتخبط ساعة أخرى ... فـ ستنفجر
بعد دقائق ... خرجت وهي تغطي شعرها المبلول بالمنشفة الصغيرة
لتستل هاتفها بخفة وتخرج من الغرفة كي تتحدث براحتها
مديه: سلام عليكم امايه
ريسه بـ قلق: وعليكم السلام مديه ... حبيبتي شبلاج انتي بخير ؟
مديه: ا ا هي امايه بخير الحمدلله
ريسه: زيغتيني يا امايه ... متصله هالوقت قلت شي صايرلج انتي او هزاع او اليهال
شو فيج غناتي خبريني ؟
مديه: لا فديت قلبج ما فينا الا العافية .. ا اممممم ترومين تييني امايه ؟
وضعت ريسه يدها على صدرها وهي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم ... مديه يا امايه الساعة الحينه 12 ... وين اييج ؟؟
مديه: عادي امايه ما بينا الا كمن بيت .. لو اقدر اييج جان ييت ... بس هزاع راقد الحينه ماقدر اترخص منه ..... يلا امايه تعالي دخيلج ... اباج في شي مهم
عقدت ريسه حاجبيها بـ تخوف: بديتي تخوفيني صدق .. قوليلي شو فيج ؟؟
مديه وهي تحاول الا تثير قلق أمها اكثر: والله العظيم ما فيني الا العافية .. سالفة تقرقع في فوادي وابا اخبرج عنها
ريسه: والله يا بنتيه ماعرف شو أقول .. انا روحي كنت مستضيجة وابا أي حد ايلس وياه ... واللي زاد الموضوع يدج مرقدينه اليوم في المستشفى ... لو شاهين مب وياه جان سرت عنده
مديه بـ أسى: هي قالتلي امايه ... فديت عمره عين ما صلت على النبي .. ما مداه يطلع من أسبوع الا رد
ريسه باقتضاب: الحمدلله الفحوصات كلها زينة بس ضغطه شوي ارتفع ... ان شاء الله باجر بيرخصونه
التمعت عينا مديه وهي تقول: انزين تعالي باتي عندي .. ما من غريب ... انتي امنا وعمتنا ...
(باتي من كلمة المبيت أي نامي)
ريسه بحرج: لا لا ما فيني وو...
مديه بعناد طفولي: امايه يلا عااااااد تعااااالي
تصاعد الحرج عند ريسه اكثر: ياااا بنتي فشييلـ.....
فجأة ..... استل احدهم الهاتف من يد مديه هاتفاً بصوت خشن ناعس: عموه زهبي روحج دقايق وبيي اشلج
ريسه بصدمة: وابووووي هزاااع !!
: هههههههههههههههه لا اليني ههههههههههههههههههههههههه
كتمت ريسه ضحكتها وهي تقول: يالهرم تنكت بعد
: ههههههههههههههههه يلا يلا زهبي روحج اليوم بتباتين عندنا
بعد ان اغلق الخط عن عمته .. جلس قرب مديه وقال بـ نظرة ذات معنى: بتخبرينها ؟
هزت مديه رأسها بـ يقين وقالت وهي تشد من مقدمة ملابسها دليل عدم قدرتها اكثر على تحمل عبأ التفكير والاسرار:
ان ما رمست الحينه وقلتلها بنفجررررررررررر .... لازم اعرف كل شي .... من الالف الى الياء .... ومنو يعرف .... يمكن تخبرني شي يدلنا على سهيل اخويه
أسندت رأسها بـ ألم على كتفه ..... وهي تردف: آآآآآآه ..... هذا اذا كان حي يا هزاع
مسد رأسها بـ تفهم ... وحنية ...... ليقول واثقاً: باذن الله حي
،,
أمريكا - فلوريدا
بعد مضي اسبوعان على مكوث نارة وضي معه في الشقة ... وبعد ان قررا الاثنان ان يحلا المشكلة الأساسية وهي قضية المجرم العالقة .... ارتأى منصور لفكرة ان يتصل بـ احد الضباط الأمريكيين القريبين منه واخذ مشورته بما يواجهه .... فـ نصحه بالقدوم ونارة للمركز كي يتحدثوا بشكل مباشر واكثر سرية ..
وهذا ما حدث بالفعل .... اخذ نارة وضي ... واتجهوا للمركز ... وهناك التقى برفيقه المخلص ضابط الاف بي آي
صافح الضابط بابتسامة رجولية ... الضابط الذي ساعده في التخلص من تاريخه المخزي مع عبدالرزاق وجماعته الضالة
وقال يريد تلمس التفهم منه:
جون .. أرغب بالتأكد ان لا اذى سيلحق بـ اخت زوجتي او ابنتي .. الفتاة فعلياً ترتعد في الغرفة الثانية ولا اعرف كيف السبيل لتهدئتها .. خاصةً وهي تعتقد انكم ستزجون بها بالسجن على الفور ظناً انكم لن تصدقوها اذ انها مسلمة وترتدي الحجاب
ذنبها فقط انها شهدت على جريمة اغتصاب وقتل ... وصمتت سنوات لـ خوفها الشديد وقلة خبرتها كونها كانت صغيرة حينها وجاهلة في بيئة كـ بيئة الولايات المتحدة ..
اومئ الضابط النزيه بتفهم شديد وقال يطمئن منصور "الذي كان له الفضل انه ما زال على قيد الحياة بعد إنقاذه له من مجرمين مطلوبين صدفةً":
لا تقلق منصور ... فقط اتركني معها لـ ساعة .. يجب ان نحقق معها ونعرف كامل تفاصيل القصة .. تستطيع اخذ ابنتك وتعود فيما بعد
: اشكرك يا صديقي ..
ثم اتجه نحو نارة ... واخذ ينصحها بصرامة الا ترتعد والا تتلعثم عند سرد الحكاية كاملة كي لا يشكوا بـ صدق ما ترويه .... وحذرها من ان تخبئ أي تفصيل لأن كل معلومة هي مهمة لهم .... مطمئناً إياها بحقيقة انه بالفعل لديه محامي ماهر جداً يستطيع إخراجها من القضية "البسيطة واقعياً" بلا أي عقاب
ثم اخذ ابنته التي كانت تسأل باستمرار عن سبب تركهم لـ أمها هنا ... وطمئنها بكلمات قصيرة .... بعد ان وعد نارة بأنهما سيعودان لها قريباً .... نارة التي كانت صامتة تحت وطأة أنفاسها المتلاحقة ورعبها الذي تسيطرعليه قدر المستطاع
بعد ساعة ونصف .. كان يدخل الغرفة في المركز الأمني .. ليرى وجه نارة المحتقن وكأنها تكبت بقوة انفعالاتها وذعرها
هو .... وبعفوية شديد ولكي يدخل السكينة في روحها ..... امسك ذراعها بقوة لطيفة وساعدها على الوقوف
وقفت بـ وجه شاحب .... وهي تهمس: خـ خلاص ؟
هز رأسه يطمئنها وقال: خلاص .. ضي تتريانا برع
: ا ا ما بيسجنوني ؟
جعلها تتقدمه وهو يهمس بـ خشونة: لا تخافين امورج في السليم .. المحامي برع عطيه بس هويتج وبنخلي الموضوع عليه
رفعت عيناها البنيتان نحوه ... تشم بقايا سجائر عالقة في قميصه .... وشذى عطر رجولي فخم ....... لتقول مذهولة: مـ ما قلتلهم عني ... اني .. اني انتحلت شخصية وحده وو...
قال يسكتها بحزم: اووووص مب هني ... بنرمس على راحتنا عقب ما نطلع
بعد عشرة دقائق خرجوا من المركز ..... لتهتف بـ ألم وهي تواجهه بعيناها البنيّتان: ليش ما قلتلهم ؟
انزل رأسه وهو يلاحظ ابنته التي بدأت تترنح تريد النوم من شدة التعب ...
أجاب نارة بجمود وهو يرفع ضي ويضع رأسها على كتفه: دام ما ضريتي حد فـ ليش أرمس ؟
صح نارة ؟
ارتعشت شفتاها وجعاً وهي تتأمل عينا ابنتها الحبيبة بـ محبة خالصة ...... وقالت: بس ... بس ضريتك ... وكـ كنت بستخدم حيَل غير مشروعة عشان اشرد منك انا وبنتي
ابتسم ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه وقال: بس ما شردتي
تساقطت دموعها وهي تهدر بانفعال: لان ما مداني ... مب رحمةً فيك ولا تعاطفاً كونك ابووو ضي
توقفت خطواته وهو يقول بضجر: ليش الصياح الحينه !!
: لـ لاني ندمانة على اللي سويته ... وانت كنت طيب وياي وشهم وما اذيتني شرات ما كنت بأذيك في بنتك .... آ آسففففففة ....
قلب عيناه بـ سخرية وقال: صدقيني الشهامة في صوب وانا في الصوب ... اللي اسويه عشانج اخت سارة
أحاول اكفر شوي من ذنبي ناحيتها كونج تحملين نفس دمها
رفع حاجباً وقال مذكراً إياها: غير ان ضي ما تعرف ام غيرج
احتراما لهالنقطة انا سامحتج وعديت لج اللي صار
اخفضت وجهها بمشاعر تمتد وتجزر في روحها .... لتقول بخفوت مرتبك بعد ان دخلوا السيارة: شو بيصير الحين ؟ بيلقون القبض على المجرم ؟
: حالياً بيتجهون صوب الغابة اللي صارت فيها الجريمة عسب يفتشون ويتأكدون من صحة اللي قلتيه ... المسألة يمكن أطول اذا ما لقوا دليل اليوم يخص الجريمة .. بس ان شاء الله يلقون شي لا تحاتين
،,
ابوظبي
منزل هزاع بن حامد
: شخبارج فديتج ؟
جلست ريسه قربها وهي تقول باستعجال: الحمدلله .... يلا ارمسي مديه شبلاج ؟
زمت فمها بدلال: نادوووووني ام المسك كم مرة بقووووول !
قلبت ريسه عيناها من برودة تصرفات ابنتها وقالت وهي تقرصها: بلا مياعة يا بنت وارمسي .. مخلتني على اعصابي
كشرت مديه متوجعة .. وضحكت: اخخخخخخ هههههههههههههههههه زين زين اممممممممم
ريسه بنفاذ صبر: لا حول ولا قوة الا بالله
وقفت مديه وهي تقول: صبري امايه بييب شي نشربه
جرتها ريسه بقوة حتى جلست مرة أخرى ..... وهدرت: مديووووووه
تنهدت مديه بصمت .... وهي تعلم ان كل حركاتها ما هي الا نتيجة توترها بما تنوي قوله ... فقالت بسرعة بعد ان اغلقت عيناها: سهيل
ارتد وجه ريسه ... وهي ترمقها بتوجس ... وذعر .. وذهول: هااا !!
كررت مديه وهي ما تزال تغلق عيناها: سهيل
خفق قلب الام المسكينة بجنون وهي تستفهم: سمعت سمعت ... شو مستوي ؟ شو تبين من طاري سهيل ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تستدير نحو أمها الروحية وتقول بنبرة جعلتها مسيطرة قوية قدر المستطاع: قوليلي شو صار قبل 15 سنة يا امايه ... كل شي لو سمحتي ... ووعد ... ان قلتيلي كل شي ... بقولج انا شو اللي عندي واللي يخص سهيل ...
ورفعت اصبعها تردف بـ حزم رقيق وعنيد جداً وهي ترى أمارات الاستنكار والرفض بنظرة أمها ... نظرات أمها المفجوعة من مجرد ذكر اسمه الغالي:
وقبل لا تعترضين يالغالية ... من الحين اقولج .... ما بقول أي شيييييي قبل لا اعرف شو صار بالتفصيييييل ذيج الاياااااااااام ...
،,
ختمت حديثها بنبرة ميتة .... تحت وطأة خفقات مديه المأساوية: طاحت نورة ... وطاحت ريسه وراها تصيح ظهرها اللي انقسم نصين
من ليلتها لين يومج هذا ما قدرت اسامح يدج على اللي سواه ... منو هو عسب يحكم بالموت على حفيده .. منو هو عسب يحرق قلب نوره على وحيدهااا .. يحرق قلب ريسه على ولد روحها !!!!
قالوا عنه مجرم حشى والله ما كان
قالوا عنه راعي وصاخه وفاحشة ومنكر وفعَل ما فعله قوم لوط .. حشى والله يكرم سهيل وتكرم من يابته
ضربت صدرها بقسوة وهي تهدر بلوعة: وتكرم من ربته اناااا ريسه بنت صياح
رجـــــل والمرجلــــة ما انخلقت الا على طرف شــــاربه
شخرت بـ علقم الدنيا وما فيها .... وهي تغمغم: اجبرونا نسكت وننطم ونجذب ... نجذب على العربان والخلايق ..... عسب شووو
عسب ما ننفضح
الا عسب محد يكشف غدرهم وحقارتهمممممم
سألت مصدومة من الحقائق ... مصدومة مما تسمعه ولا تكاد تتخيله: تقصدين يدي ؟
هزت رأسها قهراً وحسرةً: مب يدج ... يدج مصيبته الاولى واللي ما تنغفر انه مشى وراهم وصدق اللي احبكوه ضد ولد ولده ... يدج خذا بالدلايل والاعترافات .... مشى ورا عقله وداس على قلبه
: تقصدين منو امايه ؟
بصقت الكلام بصقاً: اطري عبدالكريم وجماعته .... جماعة الشياطين يعل الله لا يوفقهم ولا يبيحهم ... يعل ربي يحرقهم في جهنم شرا ما احرقوا سهيل وزود
هم اللي تموا يوزون يدج وابوج وعمامج وعيال عمومتج ... هم اللي عقوا التهايم على راس سهيل
ليش مااااااااعرف .... وما عندنا دلايل تثبت رمستنااااا
بس كلنا نعرف انهم ورا السااااالفة ... انا وخالتج نوورة ومنصووور
قالت مديه بـ صوت مرتجف: انزين انتي ما قلتي ان سهيل اعترف بلسانه ؟!
قالت ريسه وهي تضرب رأسها بنواح: ماعرف شو اللي خلاه يعق السالفة على روووووحه ... هذا اللي حارق يوفي لين الحيييييينه
لو انه مات وهو سااااااكت اخير ألف مررررررة من انه يعترف ثم يموووووووت
مسحت مديه دموعها وهي تحاول التماسك كي تسكب ما في جعبتها على حضن أمها وترتاح: امايه ... اهدي شوي واسمعيني
لم تسمعها وسط انهيارها المهلك للوجدان
صعب ان تهدأ وهي تنهار بعد كبت سنوات عجاف ... صعب ان تغلق سدود الوجع وهي سبق وقد اغلقته عن البشر عمر عاشته كالدهر !
امسكت وجه أمها بحنان ونادتها: امااااايه
عندما لم تهدأ ..... لم تجد مديه بداً من التكلم .. التكلم وكفى ....... فقالت بصوت سريع مرتبك: امايه .. سهيل يمكن يكون بعده حي
،,
ظهر اليوم التالي
بعد ان انتهت وخادمتها من دفع ثمن ما اشتروه من الجمعية التعاونية ... اكملا طريقهما مقتربتين من بوابة الخروج
لتهتف وهي تتذكر امراً: حورية روحي يا ماما اسحبيلي فلوس من المكينة
اومأت حورية رأسها وقالت: ان شاء الله ماما ... بس خلج هني حبيبتي لا تتحركين انا خايفة عليج من الدرج
ابتسمت لتلك التي رافقتها عشر سنوات من غير كلل ولا ملل ... وقالت: زين لا تخافين بس استعيلي
ذهبت الخادمة لجهاز الصرافة الآلي ... لتقف هي مكانها تتنهد بإعياء ... الصداع اهلكها والمشكلة انها تكابر ولا تريد الذهاب للطبيب للاطمئنان على نفسها
عدلت من عباءة رأسها وتقدمت قليلاً تريد امساك عربة التسوق .... فـ شهقت مذعورة عندما دفعها شخص ما ويبدو انه طفل ... ومن فرط ربكتها تراجعت للخلف وكادت تسقط من الدرج القريب من البوابة
لولا يدان امسكتا ذراعيها ومنعتاها من السقوط
نهتت هلعة بما كاد يحصل ... وهي تقول بصوت مختنق خائف: شو شو صار ؟
استقامت بظهرها وهي تسند جسدها على العربة
لم يجبها صاحب "القبضتان القويتان" الذي أنقذها ... فـ أخذت بعفوية تحرك يدها وتنادي بصوت لم يكن مرتفعاً كثيراً: حورية .. حورية وينج ؟؟
رائحة
رائحة مألوفة تتخلل مسامات انفها وبشرتها
لتشعر بـ شيء كالخيال يجتاحها ... شيء جعل عضلات صدرها وعظام ظهرها تتصلب على نحو مبهم
بلا تفكير ... حاولت الضغط على عينها اليسرى علّها ترى من انقذها
لكن عبثاً
اقتربت الخادمة وهي تهرول قلقة: ماما ماما شو فيج ؟؟
نورة بخفقات قلب وجلة: وينج يا حورية بغيت اطيح على ويهي من شوي
كادت تبكي حورية قلقًا وندماً وهي تتحسس صدر مخدومتها وذراعيها : بسم الله انتي بخير ماما !!! كان في زحمة قدام الاي تي أم ماما انا اسيفااااااا
سألتها نورة بـ لهفة: شفتي حد كان واقف عدالي ؟
حورية: هي شفت ماما
: مـ منو ؟ ريال ولا حرمة ؟؟
: رجال ماما
أمسكت صدرها تدعكه علّ النار المشتعلة فيها تخفت ... لكن عبثاً
ماذا ؟ مالذي يحصل معها بحق الله ؟
وكأن اعصاراً ضرب رأسها ! وكله بسبب ذلك الرجل !
سألت وهي تشعر بدموعها تكاد تفرط فعلياً: عود ولا صغير ؟
حورية بتعجب: صغير ماما .. شاب يعني
: وين راح ؟
امسكت حورية يدها وهي تساعدها على السير: ماما شو فيج ؟ شو تبين من الرجال ؟
اجل يا نورة ؟ ماذا تريدين من الشاب بحق الله ؟
ارتجف فكها وجعاً وعيناها تتلألئان بدموع غير مذروفة: خلاص خلاص حورية ماشي ..
،,
داخل احدى السيارات المركونة في مواقف الجمعية التعاونية
شرب الماء دفعة واحدة راغباً بخمد نيرانه وكبت هستيرية الأشواق في روحه
يالله
لم يكن يريد الاقتراب منها
لكن توقه المريع لـ شمها أهلكه
اخنقه
أحاله لـ كائن لاهث ضائع في الصحراء يبحث عن جغمة ماء
يا رباه
نورة
نوووووووورة
كم أحييت فيني روحاً جديدة مع انبثاق كل فجر
كم جددتِ فيني انفاس وتنهدات ... أيام وصباحات ... فقط اذكر اسمكِ فـ استحيل لـ بشري قابل للحياة مرة تلو الأخرى
قرب كفاه يرتشف عطرها الباقي بين أصابعه
ليهمس باختناق ..... بدمعةٍ حارة سقطت على خده لأول مرة منذ سنين:
امـــايــــه
،,
كانت تتحرك بـ جنون داخل الغرفة ... جهزت لباسه ... وعطرته
وعندما اقتربت لتبخره ... كادت تحرق يدها وصدره
اخذ منها المبخرة بهدوء ... وقال عاقداً حاجبيه: بس بس اهدي .. اهدي شوي شبلاج .. جنه شايفة بليس من الصبح
هزت راسها باضطراب وقالت بوجه شاحب: لا لا ... بس بلحق انزل اسوي الريوق قبل لا تظهر امايه ريسه من الحجرة
هزاع: ترى بعدج ما قلتيلي شو صار البارحة ... اترياج تهدين عسب اتخبّرج
لمست جبينها بيد مرتعشة وقالت: لا تذكرني .. لا تذكرني دخيلك .. ليتني ما رمست يا هزاع
قطب حاجبيه بقلق وقال: خبريني شو صار
واخذت تحكي لـ زوجها كل ما سمعته من أمها ريسه .... من بداية الاتهامات التي وقعت على رأس سهيل ابن عمهم ..... حتى تلك الليلة ..... يومَ المحرقة ......
وحتى اعترافها لـ ريسه عما شاهدته بعد الحرق .... والذي سكتت عنه سنين طويلة ....
كتمت شهقتها وهي تضع يدها على فمها وتقول بمحاجر ممتلئة بالدموع: من كثر ما انفجعَت يا هزاع يلست تضرب جتفي مب مصدقة ... تضرب وتقول انتي جذاااابة
انتي تتمصخريييين عليه ... انتي تبين تجلطيييييني ... انتي تبين تذبحييييييني
قالت كلااام كلااااام لا على البال ولا على الخااااطر .... دخّلت الحابل بالنابل
والله يا هزاع اول مرة اشوف امايه بهالحاااااااااالة ... قعدت اهديها وحاولت ايلسها بس ابدددد تمت تضرب كتفي وتهددني أوقف هالمزحة ولا تحلف بالله ما تراويني ويهها
بعد عشر دقايق هدت ويلست ... بس ويهها غدا شرا الكركم .... وتتراااااااااقل
والله العظيم خفت عليها وبغيت اوعيك عسب تشوفها بس ما خلتني
امسك هزاع كتفيها واجلسها اذ انها كانت ترتعد وشعر بالقلق عليها ... ثم قال بقلق: انزين وعقب ؟
: عـ عقب .. عقب طالبتني افسر اللي قلته .... قلتلها ما برمس اذا تمت مهسترة بهالشكل .... سرت يبتلها شي تشربه وعقب ما هدت شوي .... أصرت اقولها كل شي
: وقلتي ؟!
انخرطت ببكاء مرير وهي تتذكر تعابير أمها ريسه المفجوعة الليلة الماضية: قلت ... قلت ... وليتني ما قلت ... الحرمة صخت مرة وحدة خفت قلبها يووووووووقف
مـ ماعرفت شو اسووووي ..... عقبها مسكت ايدي قو وقالتلي وديني الحجرة أبا ارتاح ... ما خليتها ترقد رووحها ... رقدت عدالها وطول الليل اراقب نبضها ونصخها ... وأول ما اذّن الفير نشيت عنها وييت عندك ...
هزاع: عرفت ان عندي علم باللي صار ؟
هزت رأسها بإيجابية وغمغمت: هي ... قلتلها ..
قطع حديثهما صوت غرفة الضيوف وهي تفتح وتنغلق .... لتقول مديه وهي تنهض بسرعة: نشت امايه ريسه
اوقفها هزاع بحزم: خلج انتي ... غسلي ويهج وهدي عمرج .. وانا بسير اصبّح عليها ونتقهوي .. عقب انتي انزلي ..
،,
كيب تاون – جنوب افريقيا
احدى الحدائق العامة
امسك نشاباً بقبضة خشبية وحجرة صغيرة ..... ثم ضرب جذع شجرة بمهارة لتسقط بعض الثمرات على كتف حرابة التي كانت تقرأ كتاباً بمزاج هادئ ..
رفعت وجها عابساً نحوه: غابش خلاص
تشقلب برشاقة حتى وقف على يدٍ واحدة وهو يقول بمرح: شو سويت ؟ انني امارس هوايتي المفضلة
قالت ساخرة بعد ان نظرت لـ عضلات صدره التي ظهرت من تي شيرته وهو بوضعية الشقلبة: وترمس فصيح بعد ؟!
مشى على يديه وهو يهتف: اجل .. الا تعلمين انني درست الادب في الجامعة قبل تخصص إدارة الاعمال
رفعت حاجباً وهي ما تزال محافظة على نبرة السخرية: ابوك قالي ادب انجليزي مب عربي
اشر بصبعيه بابتسامة كبيرة وقال: درست مادتين اختياريتين من كلية اداب اللغة العربية
قلبت عيناها وقالت محاولةً التحلي بالصبر معه: اللهم طولج يا روح
غابش: وأنتِ ؟
قالت بـ كشرتها الدائمة: أوقف زين .. وارمس عدل عشان ارد عليك
تشقلب مرة أخرى حتى استقام بوقفته ... ثم جلس قربها وتربع .... ليقول بابتسامة رجولية حلوة مغيراً لسانه كما ارادت: وانتي ؟
تأملت ابتسامته، ورغماً عنها شابت الحمرة خديها الا انها سرعان ما عبست وهي تقول: علوم سياسية
حك ذقنه المتناسق مع وجهه الوسيم ..... وقال مستفهماً بنظرته البريئة: ممممممممم ليش ما اشتغلتي شغلة غير عن هاي اللي تشتغلينها ..!!
رمقته بطرف عينها وقالت: وايد تسأل يا غابش .. شعندك ؟!
شوح بيده يصرخ بضجر: لانه مــــــــــــــــــــــلل ...... عنبوووه ماحس رووحي معرس ...... دلعيني كلميني قوليلي كلااااااااام حلووووو ... خذي وعطي معااااااااااااي
بوسيييييني احظنيييييني ولو تبيييين تعضيييني راااااضي ... أبا احااااسييسيييي تتحررررك
اووووووووووففففففففففففف
أغلقت فمه وهي تلتفت يميناً ويساراً بحرج فظيع .... لتقول وهي تجره ناحيتها بغيظ شديد: اوووووص اوووووووص غربلات بلييييسك ... ما يسوى عليه .. ها قول شو تبا تعرف .. بقولك اللي تباه بس لا تزاااعق
زم فمه يشعر بالحنق .... وهتف: انا اسألج لاني ملان ومستضيج بس انتي مب حاسة فيه
حرابة: زين زين .. رداً على سؤالك اللي قبل ... ما اشتغلت في مكان غير الجيش لاني ما اشوف روحي الا في الجيش
غابش: كيف يعني ؟
زفرت حرابة من انفها وقالت توضح بتمهل: يعني ما اداني الوظايف المكتبية ولا الوظايف اللي ما فيها حركة وروحة وردة
غابش بعقدة من بين حاجبيه: قولي تبين الشقا وخلاص
قالت حرابة مستنكرة: خدمة البلاد مب شقا
غابش: كلنا نخدم بلادنا .... بس انتي ادورين الشقا غصب
: ليش تشوفه شقا ؟
امال رأسه وهو يرص على عيناه بتفكير وقال: مممممم انتي بنت ..... مممممم حلوة وصغيرة وعندج شهادة ..... ليش نقيتي شغلة بتّعبج اكثر من الوظايف الثانية
تململت بجلستها وهي تكاد تذوب من الداخل من عفوية حديثه
يقول عنها حلوة وصغيرة بذلك الأسلوب المسلم به ... وكأنه حقيقة وواقع وشفاف ومرئي لجميع البشر !
تنحنحت بخشونة وقالت: هذا نصيبي عاد
شفت ان مكاني في الجيش ..... ومشيت ورا اللي يشوفه عقلي وقلبي ....
حضن كتفها بذراعه وقربها نحوه .... ليهتف بنبرة مشتعلة: فديت عقلج وقلبج .. أقول .. شرايج نرد البيت
حاولت دفعه وهي تقول من بين اسنانها بارتباك حانق: وخّر ... شو تبا في البيت تونا يايين الحديقة
صرخ بقهر وكأنه يفهّم معادلة كيميائية: هرموووووووووووووووناتي
غمغمت وهي تضع يدها على جبينها بإحراج بالغ ... وتوتر انثوي طبيعي: لا حوول ولا قوة الا بالله ...... لا بوووها من هرمووونات ....... فضحتنا بسبتهااااااا
بعد نصف ساعة ... وبعد ان انتهوا من وجبة العشاء التي سبق واعدتها حرابة ... قال وهو ينبطح واضعاً رأسه على ساقيها الممدودة: طبخج حلو ؟ ما توقعت
رغم انها تريد ضرب رأسه المرتاحة بشكل وقح على ساقيها ... الا انها قالت بخشونة: وليش ما توقعت ؟ نسيت اني عسكرية !
من سنين معتمدة على روحي في كل شي ... خصوصا اذا كنت في دورات خارجية
رفعت حاجباً وهي تبتسم بشوق لتلك الام: وعمتك عفرا اعترفت شخصياً ان نفسي في الطبخ احلى من نفسها
اغلق عيناه بابتسامة هادئة .... لتهدأ تعابيرها هي الأخرى ..... وتتأمله بسكون
ثم هتفت بعد ثوانٍ بتساؤل: شو صحتك الحين ؟ تحس انك بخير ؟
اومئ برأسه وهو ما يزال مغمض العينين وقال: الحمدلله
: هلك يعرفون انك عويج فـ قلبك ؟
هز رأسه نافياً وقال: لا
: ليش ما خبرتهم ؟
زم فمه وهو يقول بنبرة اثارت شفقة حرابة: ما بيتحملون .. الحادث اللي ياني يسدهم .. ماباهم يشلون همي زود
رمقته بضعة ثوانٍ ثم التفتت للجهة الأخرى تتذكر مع كلمات غابش ما حدث لها قبل خمسة عشرة سنة
تتذكر ذعر والديها عليها وخوفهم من تصاعد حالتها آنذاك
ماضٍ يتحدث
التفتت حول نفسها وهو تنادي: سهيييل ......... انت هنييييه ؟
سهيييييييييييل
اين انت يا اخي .... وعدتني الليلة ان تريني النجم الساطع
فـ اين انت وسط هذا الظلام !!!
: سهييييييييـ......
ثم صرخت وهي تسقط بقوة على الأرض اثر نزولها السريع من القمة
لترتطم ذراعها بالحجارة الحادة الضخمة .... عضت شفتها وهي تكتم وجعها ... اين انت سهيل ؟ اين انت ؟
اتسعت عيناها بـ ذهول وهي ترى من خلف الصخور مجموعة رجال يهرعون ويحملون شيئاً على كتوفهم .... بعضهم يحملون فوانيس تضيء لهم الطريق والبعض الآخر انارات كهربائية عتيقة
وخلفهم منصور يصرخ بطريقة هستيرية ويترجاهم ان يتركوه
ان ......
ان يتركوا سهييييل
خفق قلبها بجنون ... ومن غير تفكير كانت تسير معاهم تتوارى تارةً بالصخور وتارةً أخرى بالأشجار والنخيل ...... حتى توقف قلبها مع توقفهم المفاجئ
وحدث امامها ما حدث .... حتى قبل ان يستوعب عقلها الصغير ... حتى قبل ان تلتقط أنفاسها الهاربة اللاهثة .....
ظلت عيناها جاحظة ..... الى ان لمحت بـ فم فاغر مرتعش ....... الجد صياح وهو يستدير نحوها بعينا الصقر ..... ويكتشف وجودها ورؤيتها ما حدث ...
ذلك الوقت ... احست ان الرب بث في جسدها الادرينالين من حيث لا تعلم .... حيث انها التفتت بسرعة وعادت ادراجها ركضاً
تركض بـ وجه اختفى منه الحياة كلياً
في تلك الليلة فقدت النطق ..... وظلت على تلك الحالة سنة كاملة ..... حتى انها خلال السنة تلك لم تزر أمها ريسه ولم تدس قدماها ارض البلدة .... وقررت المكوث للابد مع أمها عفراء في بلدتهم التي تبعد تقريباً ساعة ونصف عن وادي أبا الجن ..
عاشت تهالكاً روحياً اخرساً بحق ... ولـ كَم عاشت اياماً وسنين تعض كفها غضباً ثائراً من جبنها وضعفها تلك الليلة .....
ليتها عندما رأتهم يقذفونه .. فعلت شيئاً ... أي شيء ....
ليتها صرخت ... ليتها هرعت تطلب مساعدة أي شخصٍ كان ...
ليتها على الأقل ... اتجهت نحوهم واخرجت نجمها الذي اقتلعوه من كبد السماء ووضعوه في فم النار .... علها كانت تستطيع إنقاذه
يالله ..... ليتها جلبت معها سكيناً ... وطعنت صدر كل رجل حقير فيهم ..... ليتها وليتها وليتها
لكن ما يدريها
ما يدريها انها خرجت من المنزل بنيّة التلاقي مع سهيل كي تختم ليلتها المتأججة بفاجعة الفقد !
آآآآآآآآآآآآآآآآآآخ
حاضرٌ يتحدث
اخفضت عيناها بـ مشاعر هوجاء لا قبل لها ولا بعد
وكانت تلك اجابتها التي لم تصرّح بها لـ غابش ....
اجابتها عن سبب دخولها المجال العسكري بدل المجال المدني !
،,
وقف داخل حوش منزل عمته ... وللمرة العاشرة يلتفت إليها يطمئن على حالتها الغريبة
قال وهو يربت على كفها المستكين: عموه فديتج .. ليش ما اتمين في بيتي .. وانا بسير المستشفى اظهر يدي ؟
هزت رأسها لتقول بملامح شاحبة جامدة: لا لا ... ابوك حامد قال بييني العصر مع الدريول عسب نسير رباعه نظهّر يدك
: انتي بخير ؟
هزت رأسها بسرعة وهي تخرج: بخير بخير .. رد عند حرمتك يا ولديه
لم تعلم ان هزاع التقط بعيناه خطواتها السريعة المتخبطة
هل اخطئ وزوجته بـ إخبار ريسه عما اكتشفوه !
هل كان عليهما التريث على الأقل حتى يتأكدوا ما اذ كان سهيل حياً ام لا !
هز رأسه بـ انهاك عقلي جرّاء التفكير المتواصل .. وهمس: الله يستر من اللي ياي
واكمل طريقه للخارج متذكراً ما قالته عمته عندما سألها ما اذ كانت تعرف امرأة تدعى ريكا في البلدة القديمة او لا
"
: هي اذكر ... كانت عاملة اجنبية من هالعاملات اللي اشتغلوا في الصالونات أيام عرسي من علي الله يرحمه .. واحيد كانت موجوده حتى عقب وفاته ..... اذكرها لان اسمها مميز وشاطرة ومشهورة بين الحريم ..... وترمس عربي بعد
وشفتها مرة وحدة ... كنت واقفه عند ميلس الرياييل على فترة المشكلة اللي صارت ويا سهيل
وكانت هي ياية ومتلحفة بالعباه
وقتها انا يريتها ما خليتها ادش خفت تسمع السوالف اللي يرمسون عنها وتنشر العلوم وننفضح بين العربان
يريتها وخليتها ترد مكان ما يت
هزاع: شو كانت تبا ؟
: ماعرف .. ما قالتلي .. وما همني وقتها اعرف كثر ما همني محد يسمع اللي ينقال داخل الميلس
: انزين هي كانت معرسة ؟ عندها عيال ؟
ريسة وهي ما تزال تحت وطأة اعياء الصدمة: ماعرف والله .. شو تبا منها ؟
: عموه ركزي معايه الغالية ... هالحرمة اللي يت .. هي نفسها اللي شافتها مديه تشل سهيل ليلة الحرق .. وكان معاهم واحد من عمره تقريبا او اصغر ..
ارتعش فكها والصدمات في جوفها تتصاعد
: شـ شو تقصد ..؟؟؟؟ مب ..... مب فااااهمة ....
: ونحن مب فاهمين بعد ... نبا نعرف هالحرمة منو ... وشو علاقتها بـ سهيل ... وشو كانت تبا يوم سارت ميلس الرياييل هاك اليوم ؟؟؟
التفت لها وقال: ترومين تعرفين عموه ؟؟؟
وضعت يديها على رأسها المنكوس تهمس بلوعة .... وهلاك: بتخبل انا .... بتخبل .... شو هاللي يصير حولي يا ربي ..... عقب 15 سنة اتون تقولولي سهيل حي !!!
صرخت منهـــــارة: عقب ما شفتهم بعيني يعقونه في التنووووووور !!!
خافوا الله في قلبي ... والله ما اتحمل العذاب زووووود
حضنها بقوة وهو يهتف بحزم: صدقيني يا عموه ... لو سهيل حي ... صدقيني بيكون محتاي وقفتج معاه ... بيحتاي قوتج وصلابتج وكل غلاااااااج .... نباج بس تهدين وتحلين ويانا هاللغز الغريب
بعد دقائق وبعد ان هدأت قليلاً ... قالت باختناق وصورة الشاب الهولندي تظهر امام عيناها الحمراوتان: هزاع .. في شي ابا اقولك عنه ...
"
،,
بعد ثلاث أيام
بعد بحث طويل واتصالات عديدة ... تمكن هزاع من العثور على صاحبة المشغل التجميلي التي كانت تعمل فيه المرأة الهولندية ريكا قبل سنوات طويلة ...
فـ اخذ عمته معه .... وذهبوا .... تاركين مديه التي فضّلت المكوث في المنزل والاهتمام بـ الصغار
بعد ساعتين على الطريق الطويل المعبّد .... اتصلوا بالمرأة واعطتهم عنوان منزلها ما ان اقتربوا من مشارف البلدة ....
عقد حاجبيه من خلف نظارته الشمسية وغمغم باستغراب: اذكر هالفريج
قالت عمته بإقرار ومن بين خفقات قلبها المنقبضة الملتاعة: هنيه دكان محمد حسن ... العيال اول كانوا دوم ايون هني يلعبون ...... اما انت كنت تحب تلعب ويا عيال خوالك من يومك صغيروني
ابتسم بخفة ثم اخذ يبحث بعيناه عن المنزل المنشود الى ان وجده
توقف امام بابه المعدني الصغير وهو يقول: خلج عموه .. بسير اتأكد من البيت وبييج
اومأت برأسها راضية وكلها امل أليم الا تخيب ظنونهم وآمالهم ...
طرق الباب المواري بيده وهو يهتف بصوت عالي: هود هود ياهل البيت
رد احد الصبية من بعيد: منوووو !!
هزاع بحزم: هذا بيت حسناء علي ؟؟
فتح الصبي الباب وهو يقول بفضول: هي .. شو تبا من خالوه حسنا ؟!
دنى منه هزاع وهو يقول بابتسامة لطيفة: ازقرها حبيبي اباها في شغله
: زييييييييين
وهرع الصغير ينادي خالته من الداخل
بعد ثلث ساعة
كانت ريسه تتململ بجلستها بعد ان وضعت كوب الشاي على الطاولة .... امام حسناء ... وامام هزاع .... وابن اخت حسناء الكبير ...
لا تشعر بأنها بخير ... تخبط في الروح وخفقان في القلب ... ورجفان في الأطراف
كل هذا بسبب انها فقط علمت ان هناك احتمالية بـ ان سهيل حي يرزق
فـ كيف اذا تأكدوا انه حي بحق !!!
يالله ....... كيف لو علمت نورة بالامر !!!!
كيف لو علم والدها صياح !!!!
رحمتك يالله
ابتلعت ريقها الجاف وقالت لـ حسناء: حسنا ... مثل ما قلتلج يا ختيه .... يينا عسب نعرف وين الحرمة اللي كانت تشتغل وياج في الصالون
اسمها ريكا
هزت حسناء رأسها وهي الى الآن مستغربة من وجود ريسه وابن اخيها هزاع ... لكنها اجابت بهدوء: اذكرها ريكا ... كانت تشتغل وياي قبل اكثر من 30 سنة .... عقب كم سنة من شغلها .... ا ا ممممم
تحفز كل من هزاع وعمته المترقبة الملهوفة ..... لترمق حسناء ابن اختها الكبير بطرف عيناها وتقول: عقب كم سنة عرست وحملت .... وووهدت الشغل عندي
شعرت ريسه بصبرها ينفذ من المرأة التي تسرد الاحداث ببطئ لكن قالت بهدوء: حسناء بارك الله فيج نحن نبا المهم ...
ريكا ... ريكا شو كان علاقتها بـ سهيل ولد اخويه اذا تذكرينه ؟
تنحنحت حسناء مزيحةً عنها التردد والربكة .... اومأت برأسها بإيجابية .... وهي تطلب من ابن اختها بلطافة ان يتركهم قليلاً فما ستقوله يجب ان يظل قيد السرية الا من المعنيين فقط
بعد لحظات ... قالت تريد الشرح من البداية: ريكا كانت قريبة مني وايد ... واعرف اغلب الأمور اللي مرت فيها في حياتها ..
بعد صمت وجيز .... اعتدلت بجلستها واكملت: انا بقولكم كل شي ... لان لازم الكل يعرف ان ريكا انظلمت هي وولدها ... والسبة احمد ...
نظرت لـ ريسه وقالت مؤكدة: بوسهيل .. اخوج
شهقت ريسة مصدومة وهي ترتد للخلف: ا ..... احمد الله يرحمه !!
: هي
أكملت بعد ان اخذت نفساً قصيراً: بوسهيل من بعد سنة وشوي من زواجه من نورة .. تعرّف على ريكا وتزوجها بالسر .. وشرط عليها محد يعرف .. شاء الرحمن تحمل ريكا .. ويابتله الولد بعد شهور
بوسهيل بعد ولادة ولده الثاني .. تغير وتبدل ما عاد هو الاولي .. غدا عنيف .. يضرب ريكا ويهينها
وريكا ما كانت ضعيفة ... بس كانت تحبه صدق وادور رضاه ... وما اخفي عليكم كانت ادور المال والجاه والصيت بعد .. وضع طبيعي لأي وحده فقيرة محتاجة وتزوجت من ولد شيخ قبيلة ...
قامت تهدده تفضح موضوع زواجهم بين الناس اذا ما راح بنفسه واعلن لأبوه ولأهله .. وكل ما تهدد احمد يتمادى بـ ظربه وقسوته ... بعد فترة ماعرف شو صار ... احمد ودا ريكا وولده دبي .. وخلاهم بعيد عن الوادي ... يمكن عسب ما تنفضح سالفة زواجه الله اعلم
وتعرفون انتو في الثمانينات محد عنده تلفونات شرات الحينه ... التواصل مبينا شبه انقطع
المهم يا عيال الحلال
توفى بوسهيل الله يرحمه ... وتمت ريكا في دبي اكثر عن 14 سنة ... ماعرف ليش ما ردت ..
طبعاً كانت بين فترة وفترة اطرشلي ناس يطمنوني عنها وينقلولي علومها .. ولدها كبر ما شاء الله وهي شوي شوي شلت عمرها وفتحت لها محل تترزق منه .. دخلته مدرسة اجنبية رخيصة على قد الحال .. وتعلم وغدا تبارك الله من احسن ما يكون .. بس تمت الحسرة في قلبها
كانت تبا ولدها بين هله وناسه ... كانت تبا المال والجاه وما تركه احمد بعد موته ... لذلك رجعت الوادي
لكن صدقوني شفت ويه ثاني منها .. ويه الانتقام والحقد والغل .. ويه شاف العجب العجاب في الغربة
هزت رأسها بـ شفقة واكملت: ما تنلام .. عاشت اللي ما يعلم به الا الله وكله من ورا راس بوسهيل
ارادت ريسه الوقوف والاعتراض .. ارادت الاستنكار والاستهجان
لكن توقفت وهي تلمح نظرات التردد والقلق بعينا حسناء
فقالت لها مطالبة بصرامة: كملي
تنهدت حسناء وقالت: قالتلي يوم ردت ..... انها ..... انها راحت حق اخوه شاهين والامام عبدالكريم وقالتلهم عن زواجها من احمد وعطتهم ورقة الزواج تثبت لهم صدقها ... وهم في البداية سايروها ووعدوها باللي تباه ... لان
اشاحت بوجهها لا تريد ان ترى تعابير وجه ريسه الشاحبة: لانهم كانوا يبون يتخلصون من سهيل
وقفت ريسه مفجوعة بما تسمعه ...... اخيها شاهين أراد التخلص من سهيل !!!:
شووووووووووو !!!!!
هزت حسناء كتفيها بارتباك وقالت: مثل ما سمعتي يا ختيه ريسه ... انا اقولكم كل كلمة قالتها لي ريكا ويشهد الله اني ما زدت من عندي ولا حرف ..
هزاع بحزم: كملي خالتيه
: قالتلي انهم اوعدوها بكل شي تباه حتى انهم بيعترفون بولدها وبيخلونه على راس عيال صياح كلهم ... بس لازم اول يتخلصون من سهيل عسب ياخذ ولدها المكان والمال وكل شي .. هي ما بغت تأذي سهيل بس هذا كان شرطهم عسب يعترفون بـ ولدها
اقتربت ريسه بملامح مهلكة ... معذبة .... وامسكت بقوة كتفي حسناء متسائلة بـ نبرة خافتة انما شبه هستيرية:
الولد ... ا ا ا و .... ولد احمد الثااااني
شو اسمه ؟؟
: ابوه سمّاه ناصر ...... بس امه كانت تناديه آرنود .....
،,
جلس هزاع قرب عمته بعد ان ساعدها بشرب الماء اثر الشحوب الذي غزا وجهها ذو التجاعيد الخفيفة
ثم نظر لـ حسناء يحثها على اكمال الحديث
ابتلعت حسناء ريقها ثم اردفت وهي تشعر بالأسف على حال ريسه البائس: صدف ان وحدة من لقاءات شاهين بـ ريكا ... كان ارنود معاها .... وربيعه اللي من المدرسة الأجنبية ... كان لزيمه وما يفارقه مول
للأسف ربيعه يوم سمع ان شاهين واعد ريكا بـ مبلغ مالي ضخم .. تدخّل بالموضوع وشار عليه بـ شورن اسود مثل ويهه ... خذاه الطمع والجشع ...
قال انه صانع من فترة برنامج على شاكلة برنامج هابين فيه الشركات العالمين وقتها .. برنامج ماعرف شو اسمه يغير كل شي في الصور .. وانه بالبرنامج اللي صنعه يقدر يحقق مراد شاهين وعبدالكريم ...
اتسعت عينا هزاع: تطرين برنامج مثل فوتوشوب !!
حسناء وهي تحرك يدها المتجعدة: هي هي جنه شرات اللي قال عنه
قالت ريسه بذهول: الفوتوشوب كان منتشر في اخر التسعينات يا هزاع ؟!
اومئ هزاع برأسه بإيجابية .... وقال: البرنامج كان منتشر عالمياً بس مب وايد في البلاد
التفت لـ حسناء وهو يردف بإنصات: كملي
: اللي ما يخيّل فتح بيبان كانت مسكره ... طبعاً بوربيع والامام عبدالكريم ما صدقوا اللي اسمعوه .. ايامها محد يعرف الكمبيوتر ولا أي شي من هالامور مثل ما تعرفوون
لكن الولد راواهم بنفسه كيف يقدر يشتغل على البرنامج .... وبعد يومين عطوه صور وغيّر فيهم
المصيبة .... ان الجرايم والصور الاصلية اللي مب ملعوب فيها ..... كانت حقيقية
قالت ريسه بـ قشعريرة جسد: منو المجرم ؟!
ابتلعت ريقها بخوف ..... ثم قالت بعد تردد اثار التوجس بقلب ريسة وهزاع الصامت:
عبدالكريم وجوهر وباقي جماعته .. كانوا متلحفين بـ لحاف الدين والورع والتقوى ... وهم من تحت لتحت يسوون المنكر والخياس ..
تلفّظ هزاع باللعن من هول صدمته وغضبه ..... لتقف ريسه وتهتف بـ انفعال بالغ: وينج انتي وقتها ؟!
ليش ما رمستي وانتي تعرفين كل هالسواااااالف !!!
اجابت حسناء وهي تكاد تنهار من ألم الضمير: هالرمسة سمعتها من ريكا قبل ما اسافر كشمير بيومين .. كنت مسافرة اشوف امي .. وقتها امي دشت غيبوبة هناك وتعبت وايد واضطريت اتم عندها بالشهور ... يوم رجعت الا اسمع ان سهيل قاموا عليه الحد بسبة جريمة قتل ارتكبها
طبعا شكيت ان السالفة فيها إن
دورت على ريكا وولدها وما حصلتهم .... سألت عنهم في كل مكان بس مثل فص ملح وذااااب
وسكتت .. لاني أساساً ما عرفت شو صار عقب ما سافرت
فقلت الولد يمكن سواها صدق وقتل حد وعلى هالجريمة هو خذا جزاته
وطبعاً ما قدرت ارمس عن اللي عرفته بخصوص جماعة عبدالكريم لان ريكا محد
اختفت
اذا جذّبوني شو بسوي ؟ خصوصاً ان ما عندي دليل ضدهم ...
اقل شي يسوونه يروغوني من الفريج او يسفروني من البلاد كلها .. وانا وحدة على قد حالي ما عندي قرون اناطحهم
هزاع: كملي ... شو صار عقب ما عطوا الولد الصور عسب يلعب فيهن ؟!
حسناء مردفة: ريكا بعد فترة اكتشفت ان بوربيع يقص عليها .. وانه يبا يتخلص من سهيل ومن ولدها فوقه
لذلك راحت للي ظنت انها بتلاقي عنده مرادها
عند سهيل
وقالتله كل شي
انها حرمة ابوه ... وان عنده اخو ... ووو
وهددته اذا ما وقف معاها وخلى الكل يعترف بولدها انها ..... انها تفضح ابوه
قطب هزاع حاجبيه وقال: تفضح عمي احمد بشو ؟!
: ماعرف والله يا ولديه .. قالت انها تمسك عليه اشيا تقدر من خلالها تييب حق ولدها من اهله
ريسة: انزين وعقب ما هددته ... شو صار ؟!
هزت حسناء كتفيها بجهل وقالت: عقبها مثل ما قلتلكم سافرت كشمير عند امي وما رجعت الا بعد سنتين
اتسعت عيناها وهي تحاول قدر المستطاع جمع بعض قطع الاحجية: يمكن عسب جي كانت ياية يوم الاجتماع .... كانت تبا تفضح المستور على قولتها
حسناء بتساؤل: أي يوم ؟
وقفت ريسه تهتف بقلبٍ ينتفض بـ مشاعر جنونية لا حصر لها: لا ماشي ..
،,
بعد دقائــــق
أغمضت عيناها وهي تسند رأسها على رأس مقعد السيارة .. مرهقة نفسياً وجسدياً
إلى الان لا تصدق ما سمعته
احمد كان متزوج من امرأة أخرى غير نورة !!
متزوج من اجنبية ..... ولديه ولد اخر غير سهيل !!
يالله كيف ... كيف !!
لقد كانت واقفة فعلياً امام ابن اخيها ... النسخة الأخرى من سهيل
ولم تتقدم لاحتضانه ؟
أتراه كان يعلم من انا ؟ ومن أكون بالنسبة لأبيه ؟!
وشاهين .... شاهين وفعلته النكراء المريعة بسهيل ؟!
يا إله السموات ... ماذا يجري حولها .... تكاد تشعر بـ روحها تنشطر نصفين من هول ما سمعته ..
كيف شارك شاهين عبدالكريم في التآمر ضد البريء سهيل
لم يا شاهين ؟
لم فعلتها ؟
من أيضا متآمر ؟ ............ حامد ؟
هو ايضاً كان ممن وقفوا ضد سهيل وقت سقوط التهم كالأمطار على رأسه ... هو أيضًا رآه مقيداً ويُهان ولم يفعل شيئاً البتة .. خرس لسانه كما خرس ضميره في قلبه ..
وما حكاية فضيحة احمد التي كانت سلاحاً بيد ريكا ؟!
مسدت جبينها بتعب حقيقي .. لتسمع هزاع يقول من بين أفكاره المتداحرة: عموه
منو اللي قدر ينقذه ليلتها ؟ مستحيل ريكا تقدر روحها وسط كل الرياييل اللي كانوا حول سهيل انها تشرده ... على كلام مسك كان طايح مغمى عليه
قالت باختناق: ويمكن ميت يا هزاع
هز رأسه رافضاً ليهتف بثقة: لا .... مب ميت ..... على وصف مسك الحرمة وولدها كانوا يحمون سهيل ويحاولون يشردونه فـ اكيد مب ميت يا عموه ...
وسؤال ثاني ..... منو اللي عقوه في التنور ؟
اكيد محد كان يعرف ان الريال اللي يشلونه مب سهيل
حتى يدي صياح
غضن جبينه وهو يشعر بالصداع: بس .... بس كيف !! ومنوووو !!! راسي بدا يعورنيييي ...
رصت يديها على حقيبتها وهي ترد بـ نبرة مهلكة: ماعرف يا ولديه .. الله وحده يعلم شو صار يومها
شخرت بمرارة وهي تغمغم: سووله قبر .. وادفنوا بقاياه المحترقة .. كل ها عسب محد يشك بفعلتهم ... عسب محد يجذّب القصة الرسمية اللي انشروها ...
يا ويلكم من الله ... يا وييييلكم من الله ... حسبي الله ونعم الوكيل بسسسس
صمت قليلاً يهدأ أنفاسه المتلاحقة ويحاول ترتيب أفكاره ولملمة قطع الاحجية ..... ثم تذكر حكاية عمه وابنه الآخر ...... ليهتف بعدها باستدراك وهو يلتفت لـ عمته المتخبطة المشوشة الحزينة: عسب جي هاك اليوم خربطتي بين هذاك الريال وبين سهيل ..... ثره اخوه
ريسة بـ خفوت مرهق: هي ..... يشبهه وايد سبحان الله
نظر لعمته وقال مستفمهاً: غابش بوالشريس شو علاقته في اللي اسمه ارنود ؟
ريسه: يقول ربيعه بس ماظن غابش يعرف بسالفة سهيل
هزاع بتشكك: شو اللي مخليج متأكده من هالنقطة ؟
ريسه: احساس بس .. انت شو رايك ؟
هزاع بنبرة واقعية فهو ما عاد يرى في الدنيا بعد قصة ابن عمه الغريبة أي شيء مستحيل: كل شي جايز عموه ... تبينا نكلمه ؟
هزت رأسها رافضة .... توترت
تخشى ان أدخلت غابش بالموضوع ان يُفشى سر الزواج بشكل او بآخر
اذ انها الى الان تكتم حكاية زواج غابش من حرابة عن الجميع .... وستكتمه إلى ان ينتهي موضوع حرابة الشائك ....
فقالت بحزم وهي تغمض عيناها المتراخيتان وتعتدل بجلستها علّ ألم ظهرها يخف: خل غابش بوالشريس على طرف .. انا متأكدة ان ماله علاقة بـ سالفة سهيل
اومئ هزاع رأسه شاعراً بالقلق على عمته والندم اتجاهها اذ ان الأخيرة أصبحت كبيرة في السن وكان عليه ادراك انها لابد ستنال التعب والاجهاد جراء كل ما حدث وما سمعته ...
وما حصل اليوم على وجه الخصوص معهما
يالله .... كان يعلم ان عمه شاهين يملك الشر المقيت في روحه
لكن ان يكون سبباً مباشرةً بتوريط سهيل قبل 15 سنة !!!
تباً ..... أي صنف من البشر هو ؟!!!
كيف الذي مثل عمه ينجب فتاة بيضاء كـ مسـك ؟
يالعجائب الدنيا
هتف هزاع وهو يرمق عمته باهتمام: تبينا نرد بوظبي ؟
ريسه: هي ... خلنا نتوكل يا بويه ..
غمغمت بعد لحظات بأسى شديد وهي تحدق بالشارع من نافذتها: الله يسامحج يا مديه .... الله يسامحج .... كيف سكتي كل هالسنين وما قلتيلنا كييييف ؟!!!
قال وهو يتعاطف مع محبوبته: كانت صغيرة وقتها عموه وخافت ترمس ... لا تلومينها دخيلج
بكت موجوعة مكسورة القلب: كله من يدك ... كله من صياح ... هو اللي هدم كل شي .. هدم ماضينا وحاضرنا .. هدم العايلة وشتتنا وضيعنا وخلانا بدال ما نتلاحم نتناااافر .. عيال صياح اللي كانوا مظرب مثل بالقوة والعزوة والمحبة صاروا متشتتين ضايعين محد قام يزور احد الا في المناسبات والاعيااااد
كلن باااغض الثاااني كلن شاااايل بقلبه على الثاااااني
هاذي حووووبة نوووورة .... حووووبة نوووورة
يا ويلي عليج يا ريسه ليتج متي قبل لا يسويها ابوووج .. ليتج متي ورا عليييي ..
آآآآآآآآهه ....
والدها هو من اجبر خاطرها ووضع الأولاد والبنات بحضنها عندما فقدت زوجها رحمه الله
هو الوحيد من فهم حاجتها الملحة بالاحساس بالامومة
وكان هو من سلب منها ذلك الإحساس ليلة انطفاء نجمها
ليتهم يعلمون بما عانته في السنين الماضية
ان تحب احد وتحقد عليه ذات الحين
ان تبغضه وانت تشعر بالألم من هذا البغض
ان تضطر ان تبر به وانت تكره هذا الاضطرار
لأنها ما كانت لتبر بوالدها وان تهتم به بعد وفاة أمها رحمها الله الا من طيب خاطر وسماحة نفس ومحبة خالصة لوجه الله
احتضن كتفها بقوة وهو يهمس: استهدي بالله عموه .. شو هالكلام اللي تقولينه ! مب زين تعوذي من بليس ... خلاص اللي صار صار ... وسهيل ان الله قاله حي وعايش مبينا
اهدي انتي بس وخلج قوية مثل ما عرفتج دوم ..
هزت رأسها بخيبة عظيمة ....... وهي تهمس بصوت مكتوم: فوضت امري للحي الذي لا يموت
،,
جنوب افريقيا – كيب تاون
بـ حنين عارم مؤلم ... اخذ يتأمل صورة امه في هاتفه ويتذكر بعض اللحظات الجميلة التي أمضاها معها يقول بعض لأن اغلب اللحظات التي عاشها معها كانت مأساوية
كانت قاسية معه جداً جداً ويعلم ان قسوتها كانت بسبب ما فعله والده احمد بها وبسبب الغربة والهم والغم والعمل المتواصل لكسب لقمة العيش
وبسبب امر واحد على وجه الخصوص
انها لم تتمكن من جمعه بـ اهله !
امه أرادت المال والجاه اجل ..... لكنها ارادته قوياً ويشد ظهره بـ قومه
طمعت اجل .... واحلام المال اعمتها ... لكن ابداً لم تبغي شيئاً من مال احمد
اذ انها تعرف انها لا يجوز ان ترثه بعد ان علمت بارتداده اثر دخولها فجأة غرفتهم الخاصة وهو يتلوا عبادات وصلوات غريبة عجيبة وعندما واجهته ضربها حتى ادمى وجهها وجسدها ثم نفاها خارج البلدة
الى دبي تحديداً
واقسم ان رجعت بأي وسيلةٍ كانت .... سيقوم بـ اخذ الولد وتسفيرها خارج البلاد
ارادت المال من صياح تعويضاً عن سنين الشقاء والآسى
ارادت المال الذي ستكسبه بطريقة آلية اذا أصبحت بنظر الجميع ام ولد احمد الثاني
ولابد انها قالت في نفسها انها ستكسب بعض الأراضي والمزارع بطريقة بديهية اذا اعترف الجد صياح بـ ابنها وجعله مساوياً لـ سهيل ...
لكن عندما عادا البلدة القديمة .... وبعد سنة كاملة من المكوث المتوارى والاختباء كل حين كي لا ينكشفا امام الملأ ..... وبعد التفكير والتخطيط والذهاب والإياب من عند شاهين وعبدالكريم ..... وبعد كل ما حصل حينها فعلياً
ادركت حقيقةَ ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه !
طحن ارنود اسنانه داخل فمه المطبق بغضب اسود
يكره ابيه احمد
يكرهه ويكره لمس أي خيط يصل نهايته لـ آل صياح
لكن امه أخطأت كثيراً ... وتمادت كثيراً وكثيراً
صحيح ان أخيه سهيل سامحها ... كما تلفظ به لسانه قبل موتها
لكن قلبه ظل متكمماُ ... متعذباً ... متقطعاً لأشلاء
فـ سامحها يا رب الغفران ..
نهــاية الفصــل التــاسع عشــر
|