كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله (بـ حلة جديدة-2020م) الفصلين 8&9
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الفصل العاشــــر
ثلاثة أيام وهي تبحث عن الشخص المناسب ليحقق لها ما تريد بسرية تامة وثقة كاملة فـ تحدثت معه واخبرته بما ترغب به
لتقول له بتوجس بعد دقائق من الانتظار والترقب على خط الهاتف:
كيف يعني محظور عليك دخول ملفه ؟
ما هو انت اللي تملك اساساً هالصلاحية
قال الرجل الآخر وهو يحاول للمرة العاشرة دخول الملف الصحي التي طلبت منه حرابة دخوله لكن دون جدوى: ماعرف والله يا ام ليث .... هالملف الوحيد المحظور عندي غير طبعاً الملفات الخاصة بـ المطلوبين قانونياً والمجرمين والشيوخ في المقام الاول
قالت وهي تمط شفتها بشكل جانبي وتفكر: بس أبا هالملف .. شو الحل ؟
الموظف: لازم موافقة من مدير الهيئة .... والموافقة تسبقها أسباب وشرح وتفاصيل .... مستعدة ؟
حرابة بصرامة: لا طبعاً .... أبا الملف من غير هالمعمعة كلها
الموظف: والله ماعر....
قاطعته حرابة وهي تلمح اتصال آخر يقتحم اتصالها الحالي: حسين ..... يايني اتصال مهم ..... دقايق وبرد اتصلبك
الموظف: خذي راحتج ام ليث
أغلقت الخط عن الموظف لتجيب على اتصال آتٍ من ......... خالها عبدالرحمن بوالشريس شخصياً
،,
بعد قضاء ليلة متعبة في احدى النزلات الرخيصة القديمة ...... وبعد ساعات طويلة في الطريق الجبلي الوعر المليء بالمطبات الصخرية والحفر ..... لمح من بعيد .. ومن خلف مقود الشاحنة ...... نيران مشتعلة فـ خمّن انها لإحدى القبائل الرحل المنتشرين في هذه المنطقة النائية
اتجه نحو النار المشتعلة وهو يشعر بنظرات روزه متسلطة عليه ..... تباً
لا يريد النظر إليها او حتى محادثتها
فـ هو الى الآن لم يتلقى منها الا الاهانات والكلمات الجارحة ... ولولا قسمه انه سيتحمل مزاجها الصعب لأجل اكمال مهمته لكان قد انتقم منها منذ اول دقيقة اهانته به
: وين ساير ؟
لم يجبها ... فـ شعر بغضبها يتصاعد من تنفسها الذي اصبح ثقيلاً منفعلاً وجلستها التي تصلبت
بعد دقائق .... أوقف سيارته تحت شجرة كبيرة .... فـ أصبحت السيارة مظلمة بالكامل خاصةً وان الشمس كذلك بدأت بالغروب
خرج من السيارة واتجه نحو احد الرجال المجتمعين قرب النار ...... ثم اخرج له هاتفه ليريه صورة الصغيرة
عقد الرجل حاجبيه وهو ينظر لـ محمد محاولاً فهم ما يقوله .... فـ لا محمد يستطيع التحدث بغير الإنجليزية ولا الرجل السيلاني يستطيع فهم غير لغته الام
بعد جهد جهيد ... استطاع محمد فهم ان الرجل قد رآى الصغيرة في مكان ما الا انه لا يتذكر ... ثم نصحه بالذهاب الى منزل ما خلف سفح جبل صغير تقطن به امرأة كبيرة بالسن على دراية اكثر بسكان المنطقة وضواحيها
اومئ محمد رأسه له بشكر ثم اتجه للمنزل المنشود
كان تنظر له من بعيد ...... وغصة حارقة تقف في حنجرتها
ما زالت كلماته الساخرة المحتقرة ترن بأذنيها
" تبدلين الثريا بالثرى ..... غبية"
من غير أي سلطة تُذكر على مشاعرها .... وكأنها كانت تنتظر خلو الشاحنة منه كي تفقد سيطرتها على نفسها وتفجر ما استعر في جوفها
انهمرت دموعها على وجنتيها الروزيتين .... دموع وجع صارخ .... يخبئ بين طياته صراخ موجع !
،,
اصبح الوقت قريب العصر .... ولم يتبقى الا دقائق ويعلن المؤذن حينونة الصلاة ..... مع هذا لم تستغرب حرابة طلب خالها قدومها لمقر عمله فالاخير يمسك منصباً كبيراً ولابد وانه لا ينتهي عادةً الا منتصف وقت العصر
دلفت مكتب سكرتيره وهي تلقي السلام بصوتها الخشن الرنان: السلام عليكم والرحمة
وقف مدير مكتب عبدالرحمن ابوالشريس وهو يرد بـ رجولية ملؤها التقدير/الاعجاب: يا هلا يا هلا ... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... مرحبا بـ حرابة بنت ليث
: مرحب لا هان يا خويه
اشرت بأنفها نحو الباب المغلق لتردف بصوت رخيم هادئ: اقدر ادخل ؟
لم تكد تنهي سؤالها حتى فتح عبدالرحمن ابوالشريس باب مكتبه بنفسه وهو يقول ببسمة ابوية فاخرة: ما يسألون طال عمرج ... المكان بكبره مكانهم
ابتسمت عيناها لترحيبه الجميل كـ ابتسامته .... لتقترب منه وتقبل رأسه قبل ان تقول بصوت خفيض:
يعل عمرك طويل يا بوغابش
احتضن كتفها بحميمية وادخلها مكتبه وهو يسألها بدفء خالص: اشحالج ابويه ؟ واشحال ابوج وامج ؟
: كلهم بخير ونعمة .. ربي يسلمك ويعافيك
اجلسها على احدى المقاعد الفارهة الفردية القريب من مكتبه ... ثم جلس امامها بينما هو يأمر السكرتير بصوت رنان ان يجلب الغداء
حرابة بمعارضة رقيقة: مداخيل العافية فديتك انا مب مشتهيه
قال خالها بحزم حاني: تغديتي ولا ما تغديتي بتاكلين ويايه يعني بتاكلين
حرابة: لا الغالي ما تغديت .. مب مشتهيه العيشه
(العيشه = الطعام)
: ماشي .... بتتغدين ويايه ومابا رمسه ثانيه .... خالتج صبحه مطرشه مجبوس ربيان على كيف كيفج
بعد جدال فاشل مع خالها ...... جلب عاملين المطبخ الخاص بمكتب أبا غابش الغداء للإثنان
بعد حوالي ربع ساعة .... كانت تخرج من حمام مكتبه وهي تنشف يدها المبلولة بالمحارم الورقية: اكرمك الله فديت عينك
: يعله هني وعافية على قلبج ... تعالي ابويه تعالي ايلسي عدالي
جلست بقربه بهدوء ...... لتلمحه بطرف عينها يمسك احدى الملفات التي على ما يبدو "حكومية طبية"
أعطاها إياه وهو يأمر بعينه ان تفتحه وتقرأ ما فيه
قلبته بخفة وهي تلمح اسم غابش عبدالرحمن بوالشريس يتصدر الملف من الاعلى !
،,
بعد ساعة
جلست خلف مقود سيارتها وهي تسترجع حديث خالها محدقةً بالملف الصحي بشرود
"
....: بنتيه ادريبج ما ترومين بليا شغلج ... لجني حاط العشم بج ... الولد هب ف حاسيته ... قبل الحادث كان في جنوب افريقيا يرتب أوضاع شركته بعد ما أسسها من سنتين ونص ... اعضاء مجلس الادارة وصلهم خبر الحادث ... شاكين انه غدا غير مؤهل لإدارة المجلس ... وانا ماباهم يعرفون الصدق .... لو عرفوا مستقبل غابش بيضيع ... هو حط كل ما وراه في مشاريع هالشركة
لازم يسافر نهاية هالاسبوع صوبهم .... والصراحة اباج تخاوينه يا بنتيه .... لو اقدر انا جان سرت روحي ولا تعبته وتعبتج .... لكن بيشكون في السالفه زود خَص عاده وهم يعرفون انا منو وشو املك .... وتبين الصدق يا بنتيه غابش من يومه ما يحب ادخل في شغله ولا ادخل اسميه في اي ورقه تخص مشاريعه ... دومه كان يحب يعتمد على نفسه ويبني مستقبله من تعبه وشقاه ... مابا اكسر هالشي فيه حتى لو هو هب في حاسيته
"
تنهدت وهي تبصر ما حولها بضياع
اجل .......... حرابة ضائعة ........ وبسبب من
بسبب رجل !
وهي التي اقسمت الا تتأثر بجنس آدم بعد رحيل الرجل الوحيد بنظرها بعد والدها
حبيب عينها واخيها
سهيــــل
رغماً عنها ... اخذت تتخيل غابش قبل الحادث ... كيف كان يا ترى ؟
نظرت للملف من جديد .. واسترجعت مرة أخرى حوارها السابق مع خالها
"
: كم لازم أنتم هناك ؟
اجابها: شهر او شهر ونص بالكثير ..... وانا مستعد أطرش وياكم سكرتيره الخاص عسب يعاونج في أي حاية هناك .... وفريق حراس بعد ..... البلاد هناك مب أمان موليه
: السكرتير بس خالي ..... اما الحراس لا
شعرت بالاهانة والغضب ... هي التي تقوم بحماية الناس وليس العكس !
لتردف له بصوت جامد لا يخلو من الرقي/التهذيب: حرابة بنت ليث ما وصلت الجرايد العالمية وهي محطية صبغ اظافر وحولها عشر معضلين يحرسونها
كتم خالها ابتسامته بقوة ... ليومئ برأسه بهدوء ثم يقول بصوت فيه الكثير من الحذر: لو رضيتي يكون الزواج نهاية هالاسبوع .. فـ بيكون سكيتي .. محد يعرف عنه الا انا وانتي وامج وابوج .. وامج ريسه ان بغيتي لأني اعرف شكثر هي عزيزه عليج
: ليش سكيتي ؟
: محد يا بنتيه يعرف حالة غابش الا انا وامه واخوانه وعمه زيد .. ان عرف زيد باللي بنسويه يمكن يمانع ويعترض وعقبها يزل لسانه عند حرمته ويقولها وانا أبا هالسالفة اتم طي الكتمان يلين ما ربج ايسر
"
صوت مزعج صادر من شاحنة ضخمة اخرجها بحدة من شرودها ... لتشتم بهمس السائق قبل ان تستغفر ربها بضيق وتحرّك سيارتها باتجاه منزلها
تباً ...... تكره هذا الشعور ...... شعور العجز والحيرة والقلق
،,
: بشّر يا بوغابش ؟
زم فمه بغموض وهو ينظر من نافذة مكتبه لسيارة حرابة التي تبتعد عن الشركة شيئاً فـ شيئاً:
صار اللي تباه يا غابش ... لكن والله ان ياها شي هناك بخلي عيال بوالشريس من اكبرهم يلين اصغرهم اييبونك عندي من علباك .... تسمعني ؟
(علباك = منطقة الرقبة من الخلف)
برقت عينا غابش بانتصار ... قبل ان يردف اباه بصرامة بالغة:
ولا تنسى حايه
غابش بتساؤل بارد: شو ؟
: انصحك تسوي شي كبير حقها ولجل خاطرها ... عسب يوم تنكشف خلاف جدامها يكون عندها شي تسامحك عشانه ... مع السلامة
،,
اغلق الهاتف منزعجاً من ابن أخيه الذي يطلب منه باستمراره اخباره بمكان روزه وكأنه وبوقاحة شديدة يكذّبه علانيةً من غير وضع اعتبار لفارق السن بينهما ولا اعتباره عمه
صحيح هو لا يعرف مكان روزه بالضبط غير انها في سيريلانكا عموماً .. الا ان هذا لا يهمه .... يثق بابنته كـ ثقته بنفسه وان ذهبت الى اقصى مكان في تلك البلاد لن ينزعج او يغضب طالما انها لم تتعدى حدود الدين والأخلاق
مستغرب من انفعال ربيّع ورغبته الشديدة في معرفة مكانها .... ان علم والده صياح بهذا فـ انه سيطلب من غير تردد بجلبه من رقبته كالتيس ويجثيه عند قدميه
فـ هو قد سبق وقال كلمته ..... لن يقترب ربيّع من روزة حتى ترضى هي ... وحتى يترك شرب ام الخبائث
حرّك عجلات كرسيه المتحرك واقترب من والده الجالس بصمت قرب شاهين شقيقه الأكبر
من غير ان يُطلب منه ..... اخذ قدمي والده ووضعهما على ساقيه ليعمل له مساج خفيف ...... يحب فعل هذا عندما يشعر انه بحاجة الى ان يشعر بـ بره بوالده .... ان يشعر انه ما زال يملك نوايا صادقة اتجاهه بعد الحادثة الأليمة
مقتل سهيل شوّه صورة اباه صيّاح خمسة عشر سنة في قلبه ..... وعندما شعر ان الدنيا لا تساوي حفنة تراب قرر ان يحاول نسيان الماضي .... ان يحاول نسيان بشاعة وجه صيّاح تلك الليلة السوداء المريعة
فـ هل هو يخطو الآن حقاً نحو النسيان ... ام التناسي مجبوراً خانعاً مجروحاً !
رفع عيناه فجأة ما ان سمع والده يلقي ابياتاً قديمة بخفوت غليظ مبحوح:
واطبعتي ما بين برين
والموي من يوره غشاني
سكت بعدها وهو يحدّق بالسقف بنظرة ضبابية غريبة
فـ ذكّره حامد بأول كلمة من البيت الثاني وهو يمسد أصابع قدمه برقة:
بسبح
اكمل والده وهو ما زال محدقاً بالسقف ..... وكأنه يتحدث مع احدهم عن طريق هذه الابيات:
بسبح وخانت بي هالايدين
وش حيلتي والليل ياني ؟
سأله حامد وعيناه على حركات أصابعه المتقنة الخفيفة: تحيد متى سمعناها ابويه ؟
ايام والله
بهت وجه صيّاح وهو ينظر لإبنه: ها ؟
عقد حامد حاجبيه باستغراب ليقول: ما تحيد !!
حرّك الجد صياح كتفاه بضياع قبل ان يسند رأسه بمقدمة الاريكة ويغلق عيناه بتعب
قال حامد باندماج ولم يعلم ان والده قد غط في نوم عميق: أبويه نسيت ؟
سمعناها على لسان بن طاروق ونحن على السيف عقب ما خطبت ام منصور رحمة الله عليها
رفع رأسه وهو يردف متسائلاً: تحيد.....
سكت وهو يراه قد نام بالفعل !
تكلم أبا ربيّع "شاهين" بعد مراقبة طويلة صامتة: ابويه خلاص
حرك يده نحو رأسه بحركة تعني ان الجد صيّاح اصبح خرف وكثير النسيان
قال حامد منزعجاً: شاهين
شاهين ببرود: صدق .. وايد سوالف قام يفوتهن .. حتى عيالك نسى اساميهم
لم يعر حديث اخاه الأكبر اية اهتمام .. حرك رجل والده وهو يحاول ايقاظه فالوقت غير مناسب ابداً للنوم لكن الأخير لم ينهض
قال بعفوية ملؤها القلق محاولاً الاقتراب منه كي يسمعه ويستجيب له: ابويه تعبان ؟
تباني اوديك الدختر ؟
لم يجبه البتة ..
أتت عندها ريسه وهي تلقي السلام على اخويها شاهين وحامد ببرود جاف
هذا هو سلامها منذ ١٥ سنة !
سألت اخيها الصغير حامد باقتضاب: رقد ؟
حامد بقلق: هيه
همست بتعجب بارد وهي تقترب من والدها: ما خذا دواه
حامد: بودي ابويه الدختر اشوف صحته مش ولابد
ريسه: شبلاه ؟
شاهين بنبرة فجة قاسية: خرّف
رمقته بنظرة كالسهم السام ... لتقول بعدها بنظرة شرسة: كل الناس مخرفه الا صيّاح بن احمد ... اصطلب في الرمسه احسلك
حرك شاهين عيناه ممتعضاً بفظاظة وآثر السكوت .... فـ اخته الكبرى تحمل لساناً يتحول لسكين في ثانية واحدة ان حاول احد اغضابها !
اشاحت بوجهها عنهما .. لتبتعد وهي تجيب على هاتفها الذي رن مقاطعاً اجتماع الاخوة البارد الجاف
: ألو .. هلا حبيبتي نوره .. وعليج السلام
كان صوتها خفيضاً لا يكاد يسمع الا ان اذناه قد التقطتا بسرعة الاسم المكون من اربع احرف .... احرف كأشعة الشمس ... كعيناها المشرقتان عندما رآها اول مرة قبل سنوات طويييييلة .... طوييييلة جداً
التفت شاهين بعنف نحو اخته الماشية باتجاه المطبخ
لتسقط بعدها عيناه المتوترتان المهتزتان على حامد المحدّق به بحدة وريبة
نظرات الأخير كانت مظلمة متوجسة اثارت ارتباكه اكثر من ذي قبل
لملم شتات نفسه "التي انكسرت من جديد مع سماعه اسمها العذب الوهاج" وابتعد متجهاً الى الخارج ... خارج المنزل بأكمله
،,
بعد طلبها البارد منه ان تنام في منزل والدها يومان ...... وافق مرغماً وهو الذي كان يرغب بمناقشة ما جرى بينهما وتوضيح الأمور ... لم يتحمل جفائها ولا قسوتها الناعمة ...... لم يتحمل رؤية "مسكه" وهي تعامله كما تعامل الغرباء
حتى الغرباء تعاملهم بطريقة ألطف واكثر حلاوةً !
عند حلول منتصف الليل ... ابتعد عن الفراش بضيق وتحت وطأة انفاس سعاد النائمة بعمق شديد
يريد التحدث معها الآن .... ولن يبالي بالوقت ...... يشتاقها حد الرمق الاخير
بـ وزاره الأبيض وقميصه الداخلي الابيض ... خرج لباحة المنزل وهو يحمل هاتفه
بعد تردد وجيز .. ضغط على زر الاتصال
انتظر .. ثم انتظر .. حتى رفعت اخيراً الخط لتأتيه أنفاسها الناعسة الناعمة
بحرارة .... وبثقل عاصف في خفقاته .......... همس: ألو
: ا ا ألو .. هلا
شعر بخفقاته ترقص على حنجرته واطرافه وحال لسانه يردد بلوعة
هلا ثم هلا ثم هلا
هلا بك عد ما غنى حمام الراعبي بغناه
هلا بك عد ما هلت ومادن السما برعود
اخذ نفساً سريعاً حاداً ... رباه يريدها حد السماء/الأرض .....: مـ .. مسك
طار النوم من عيناها وهي تسمع نبرته الخافتة الحارة .... لتقول وهي تحاول فتح محاجرها ورؤية ما حولها بوضوح: هـ هزاع
: عيون هزاع .. وروحه
إلهي ...... تستطيع احتمال كل شيء الا احتمال هذا الصوت منه
كان يريد فقط سماع صوتها ... وسؤالها عن صحتها واحوالها ... يعلم انه صدمها بمشاعره التي انجرفت بلا توقف
وكأن الذي حدث منذ ايام
من موقف الخسيس مروان الى موقف قبلتها العذبة قد قسم ظهر الصبر وحطمه
يعلم انه خلف وعده
وعدها بالاخوة
برباط العضد والمآزرة والتلحف تحت غطاء الزواج الاخوي
لكن مشاعره هزمته شر هزيمة
من قال لها ان تكون ناعمة بهذا الشكل
شفافة كـ طيوف الملائكة ..... حلوة سُكرة كـ نظرة الرضيع عند ايقاظه من النوم !
وجد نفسه يستلقي فوق مقدمة سيارته المركونة تحت المظلات ..... ويقول بعذاب مرتعش:
تعالي رقدي على صدري ..... ابا ...... اشمج
اطبقت شفتيها فوق بعضهما وكأنها بهذا تحبس ثوران تنفسها العنيف
جن هزاع ....... جن رسمياً !
همست بتلعثم مرتبك: هـ هز احم .. هزاااع ... بغيت شي !!
: هيه .. انتي .. اباج انتي .. ابا حظنج .. اباا ....
قاطعته بعد ان وقفت واخذت تسير حول الغرفة بساقين مرتعشتين: هـ هزاع ..
اغلق عيناه وهو يمغط همسه وحروفه بتعب هالك أصاب قلبها قبل ان يصيب قلبه: ابااااج .. تعالي .. تعالي عندي .. اباج بين ضلوعي .. ابا اتنفس ريحتج
ابا هاذيك البو.
.
ولمس شفتيه بعذاب .... وكأنه يتلمس شفتيها العسلية بأصابعه ... ثم وضعها على انفه واخذ يشتمها بجنون
جنون .... ما يعيشه هو الجنون ذاته !
فـ كأنما استشعرت حركته ... هرعت وامسكت جهاز التكييف .. لتوجه مراوحه باتجاه وجهها مباشرةً علَ الحرارة الفائحة منها تنخفض وتهدأ !
إلهي ... نار ... نار تشتعل فيها
ابتلعت ريقها بثقل لتقول بارتعاش خائف: بـ بسكر هـ هزززاع
قبض بقوة على قميصه الداخلي وهو يهتف معارضاً بلوعة شديدة: لا لااا ....... لا تعذبيييني ... واللي يرحملي والديج ...... بسج تعذيب فيه ..... حسي مسكي ... حسي بقلبي
حرّكت رأسها بعنف لتهتف بمشاعر منفعلة وانفاس متلاحقة هلعة: مـ ما ما اقدر ... بـ بسكر ... دخيلك
: احبج
شهقت برقة ... وقبل ان يتنفس عقلها جزيئات الكلمة الصادمة كان هزاع يردف بعنفوان ... واندفاع مرير:
حبيتج من يوم ما عرفت انتي شو ... من يوم ما عرفت انج ما ييتي لهالدنيا الا عسب تكونين حليلة هزاع وبس
احبج يا بنت العم ... وحبج تغلغل فيه يلين الموت .. دخيلج حسي فيه .. عطي قلبي ريج حلو تراه يستاهل والله ... لا تردينه وهو يايج راجي
: آسـ ...... آسفه
ثم أغلقت الهاتف بوجهه
تأوه بصوت مقهور حار مرتعش وهو يضرب بهاتفه على صدره: آآآآآه
ليش مسسسك .... لييييششش !!!
،,
يقف امام احدى نوافذ مكتب غابش محدقاً بالشارع العام
اقترب منه غابش وهو يهتف بصوت هادئ رخيم: شو تشوف ؟
: اشوف شو اللي تغير في البلاد في هالسنين كلها
غابش بنظرة معتمة متسائلة: تولهت عليها ؟
: لا
ارتفع جانب ثغره بسخرية وقال: هذا انت .... طول عمرك صريح
انزل عيناه بشرود قبل ان يرفعهما ويقول وهو يرمقه بطرفهما: شحاله ؟
وقف قربه لتظهر قامته الأطول من قامة صديقه ذو الشعر الأبيض بعدة سنتيمترات ليقول بهزة من كتفه الايمن: ماعرف .... بس تييني علوم منيه مناك عنه .... بعده بصحته وعافيته ما شاء الله
عاد بأنظاره نحو النافذة ... ظل صامتاً حتى قال بعد ثوانٍ كئيبة: الصحة والعافية ما ادوم يا بوعبدالرحمن
تأمل غابش رأس صديقه الأبيض وهو يسأله بغموض: ليش ما حلقته زيرو عسب يرد شعرك الصدقي ؟
تنهد بعمق حار .... ثم رد بصوت جامد مقتضب: حلقته زيرو ... صبغته ... حنيته بعد للعلم ... لكن ما فاد ... شعري غدا ابيض من ذيج الليلة وبيتم ابيض
ما بيفيد وياه أي شي
وبعدين تعال
ابتسم ساخراً بلطافة واردف:
شحقه مستهم بشعري ؟
غمز له بمكر وأضاف: تغار لاني حلو
ضربه بخشونة على رقبته وهو يقول بعينان ضاحكتان: اغار اونه .. ماشي شغله .. الحمدلله رب العالمين الزين هب ناقصني
: في مثل انجليزي يقول
Your ego is your enemy
غابش ببسمة خرجت مع حاجب واحد مرفوع: الحمدلله ثقة مب غرور
نفض رأسه وهو يرتشف باقي القهوة الامركية ثم همس: الله يعين بنت ليث عليك
قال بغطرسة: تحب ايدها ويه وقفى
: تحب ايدها على شو ... على واحد خبله هههههههههه
ضحك غابش بخفة: ههههههه حتى وانا خبله نعمة لازم تحمد ربها عليها
: روووح ..... خف علينا
شخرغابش بسخرية قبل ان يقاطعهما صوت هاتف صديقه الذي يرن ... فـ قال الأخير بهمس وهو يبتعد عنه: السموحة
غابش: خذ راحتك
ثم التقط عقاله ليضعه فوق رأسه وهو يسمع آرنود يهتف للشخص على الخط الآخر: يس ... ارنود معك
،,
سيريلانكا
دق قلبها بعدم تصديق وهي تهتف بانفعال: صدددق !!! متأكد الحرمة عرفت اليااهل !!
اجابها ببرود: هيه .... نزليها بسرعة أباها تشوفها بعينها واتأكد لو هي تعرفها صدق ولا مشبهة عليها
حملت الصغيرة وهي تقول: يلا يلا نازلين ... وين الحرمة ؟
: بتيي الحين من بيتها
روزة بأمل صادق: يا رب تكون تعرفها وتعرف هلها ... ياااارب ... تعرف محمد ... لو وصلنا البنت عند أهلها بكون اسعد انسانة في هالكون
تلألأت عيناها بالدموع فـ تأثر رغماً عنه بما قالته لكنه حافظ على جمودة ملامحه وهو يقول بخفوت مقتضب: ان شاء الله نلاقي أهلها
: محمد
نظر لها بتعابير جامدة
بعد تململ خجول .. قالت بهمس: آسفة
اشاح بوجهه بجفاء .. ان تحدث الآن فـ سيألمها ... يفضَل الصمت حتى يفترقا !
اردفت بنبرة صادقة شابها الحرج: والله آسفة .... ما كان لي الحق امد ايدي عليك وانت مالك ذنب .... آسفة وأتمنى تسامحني ... انا ماعرف شو ياني هاييج الحزة ..... حسبي الله على الشيطان
قال بعد ان علقها ثوانٍ من الترقب المتوتر: ولا يهمج ام حامد .. حصل خير
: سامحتني ؟
سكت ولم يجبها .. لتكرر سؤالها بانفعال ناعم حزين: يعني ما سامحتني
قال بعد ان تنهد من انفه: حصل خير ام حامد
فجأة .... نادته بحدة: محمد
استدار نحوها بغضب شديد .. لكم يريد تأديبها على سلاطة لسانها وطبعها الوقح
لا تنفك ان ترفع صوتها باستحقار عليه وكأنه احد خدمها او خدم والدها !
لترتبك نظرته وهو يتفاجئ بأعذب ابتسامة خرجت من ثغرها ... ابتسامة قطعت كهربائية غضبه وفوران اعصابه: آسفة ... يلا عاد سامحني ... عشان خاطر هالبنت الحلوة
نظر للصغيرة التي تبتسم لهما وهي لا تعلم ما يجري حولها البتة ... فقال بجفاف وخشونة اخفى خلفه حبه الذي بدأ يتولد فيه اتجاه الطفلة ببراءتها الحلوة وجمالها الأسمر الصافي: عشان خاطرها هي بس
رمقته روزة مغلقاً نصف عيناها بتمعن وقالت: يعني خلاص ... طاح الحطب ؟
: طاح الحطب
اتسعت ابتسامتها قبل ان تقول: يزاك الله خير .. الحين بقدر ارقد وانا مرتاحة
نظر لعيناها بجرأة اربكتها ...... وقال: اهمج لهالدرجة ؟
بهتت تظرتها وفغرت فاهها: ها ؟ّ!
قال رافعاً حاجبه بثقة عالية: سمعتيني
تلعثمت وهي تحرك وجهها هنا وهناك ترغب بالابتعاد عن سؤاله/نظراته: وينها الحرمة بطت
كادت تفلت منه ابتسامة رغماً عنه الا انه سيطر عليها وهو يجيبها: يايه الحينه
،,
مساء اليوم التالي
تعلم ان ذهابها لحفلة تخرج ابنة صديقتها مع السائق وخادمتها ستثير غضب هزاع لكنها لم تستطع طلب هذا الامر منه شخصياً ..
يالها من مجنونة ... كيف تجرأت وارسلت له رسالة نصية تخبره بهذا ثم تغلق الهاتف كي تبتعد عن اتصالاته التي ستنهال عليها بلا هوادة ..!
ليس بيدها حيلة .. لا تستطع مواجهته بعد اتصال ليلة البارحة .. وبعد الاحداث الأخيرة التي حصلت بينهما
بعد انتهاء الحفلة ... فتحت هاتفها واتصلت بالسائق كي يأتي ويعيدها مع الخادمة لمنزل والدها شاهين
بعد دقائق ... كان تقف السيارة امامهما .... ليطل وجه جدها صياح من خلف النافذة المظللة بشكل خفيف
دخلت السيارة وهي تلقي السلام على جدها والسائق لتقول بعدها بحرج: حبيبي يدي ليش تعبت روحك وييت ؟!
: واخليج تردين روحج ويا الدريول ف هالليول .. يسدج رحتي وياه بليا علمي ... لوما امج يت البيت وخبرتني انتي وين جان ما عرفت
اردف بتهكم المسنين: مسودت الويه تتحرا الدنيا على هواها
اطبقت شفتيها على بعضهما بخجل مرتبك .. ثم همست بتأنيب ضمير: ترى البشكارة ويايه فديتك
نهرها بقسوة: اص اص .. وريلج وينه !!! شعنه ما يوديج هو واييبج ؟!
سكت عن زجره وهو يسعل بقوة .. فقالت بقلق: شو بلاك فديتك .. ميهود ؟!
لاح بيده لامبالياً: ما بلايه شي ابويه ... الحمدلله رب العالمين بصحة وعافية
لم تقتنع بما قاله فـ اندفعت للأمام نحوه لتمسك جبينه وتعلم باللمس مدى درجة حرارته
ازاح جبينه عن يدها وهو يهتف بحدة وضيق: حوووه مديه لا تبدين بسوالفج الماصخه ... قلتلج ما بلايه شي
هتفت للسائق بصرامة غير آبهة لغضب جدها: عبدالرحيم ودنا المستشفى
قاطعها الجد بقسوة: البيت يا عبدالرحيم
مديه بذات صرامتها: المستشفى يا عبدالرحيم
نطق اسمها باستنكار حاد: بنت شويهييييين
: يعل بنت شويهين الموت ان شافت صياح بن احمد ميهود وقعدت صاخَه
صوتها كان مرهقاً .... متهدجاً ..... وكأنها تقاوم بكاءاً عنيفاً ..
شعر الجد صياح ان حفيدته الحلوة ذات رائحة المسك حزينة وكأن هموم الدنيا كلها تجثو على جسدها النحيل الصغير
واخذ يتساءل في نفسه بقلق ما اذ هناك امر جلل حدث معها في الحفلة !
كررت امرها للسائق تحت صمت الجد صياح المضطرب: المستشفى يا عبدالرحيم
،,
في المستشفى
شهقت برعب امام الطبيب المناوب: حرارته 40 !!
قال الطبيب موضحاً: حرارته داخلية يا مدام
حدّقت بجدها النائم تحت تأثير المخدر بـ هلع وحزن
لم يكن ينقصها هذا ...... ابداً
خرجت من غرفة العلاج وهي ترغب بالاختلاء بنفسها كي تنفجر وتبكي بجنون
دخلت غرفة الانتظار الخاصة بالامهات والأطفال
أعطت الجالسات ظهرها بجلسة جانبية قريبة من الحائط ... وانخرطت في بكاء صامت شديد
كل شيء تراكم على روحها ... ما حدث مع هزاع ... مقاومتها لمشاعرها .... ما حدث في الحفل .... وما حدث مع جدها الآن ..
قطع سيول دموعها اتصال من هزاع
شهقت من بين دموعها وهي تشعر بالشتات ..
ليس وقت اتصاله الآن .... ليس وهي في غارقة بالسوداوية والكآبة والحزن والبؤس والقهر !
لكنها لم تستطع تجاهله اكثر .. فرفعت الهاتف وهي تتنحنح لتسترد صوتها الذي اختفى مع البكاء
: احم .... ألوو
سمعته يهتف بقلق وهو الذي لم يتصل الا ليصب براكين غضبه عليها: مسك
: هلا
غضن هزاع جبينه وهو يسمع صياح اطفال واصوات نساء وممرضات: وينج ؟!
سعلت بحدة .. قبل ان تجيبه بعيناها الحمراوتان المرهقتان: في المستشفى يديه تعبان
سألها بهلع: اي مستشفى ؟
قالت ام المسك موضحة بصوت متهدج وهي تشعر بالندم انها اخبرته: طواري مستشفى النور
قال بسرعة وهو يلتقط مفتاح سيارته ومحفظته: ياينكم
،
بعد نصف ساعة
دخل غرفة العلاج وهو يسمع صراخ جده الغاضب المنزعج على زوجته ام المسك:
ما تفهمووون .. اقولكم طلعوووني .. ثيران انتو ما تفطنون الرمسسسه
على كلمته الأخيرة ...... حرك طاولة الدواء المعدنية بجوار مدية ..... فـ ضربت جانب خصرها بقوة
تأوهت بألم حقيقي: اخخخخخ
اقترب وهو ينطق باسمها بخوف: مسك
امسكت خصرها وهي توجه الحديث لـ هزاع بشحوب محاولاً كتم توجعها وتعبها:
كلمه ... انا تعبت وياه
خرجت من الغرفة بسرعة .... ليسمع هزاع جده وهو يهتف بحدة وكان واضحاً عليه انه امارات الندم والقلق على حفيدته: سر طالع شبلاها لا تيلس جيه شرا بو الهول
سأل باهتمام جده وعيناه تحومان عليه وعلى باب الغرفة التي جلبت لأنفه بقايا رائحتها العذبة: انت بخير يدي ؟؟
اجابه الجد بصوت مبحوح متعب: بخير بخير سر طالع حرمتك ..... لا حول ولا قوة الا بالله عورتها من غير ماحس
كرر بعصبية وهو يرى تصنم هزاع وتوتره: سر طالعها شو فييييك !!!
انتفض بمكانه وهو يستوعب للتو ما يقوله جده ... فالتفت بسرعة وذهب خلف ام المسك بقلب يرتعش توتراً وشوقاً
لمحها داخل إحدى غرف المعاينة الخاصة بأخذ طول ووزن المرضى ومقياس الضغط الخاص بهم
غرفة صغيرة بين قسم الطوارئ و قسم العمليات الحرجة
كانت تقف قرب الميزان وتولي الباب ظهرها
اشر للممرضة المناوبة ان الغرفة مشغولة فأومأت له متفهمة ... ثم اغلق الباب ووقف خلفها متسائلاً بخفقات شرسة: تصيحين ؟
لمح نفضة جسدها الرقيق .... ليسمعها تقول بصوت مبحوح اختفى من البكاء كلياً: احم ..... لـ ... لا ما صيح
رباه ...... تؤلمه هذه المسكة ...... تؤلمه حد النخاع ...... قال وهو يديرها نحوه برقة موجعة: تعورج الضربة ؟!
تراجعت وهي تقول بتلعثم وانفعال ناعم: هـ هدني
لم يبالي البتة باعتراضها ..... كان يريد معرفة ما مدى إصابة خاصرتها
كررت بهلع وهي ترى يداه تنخفضان لتنزعان عنها العباءة: هـ هدني هزز... هزااااع
: اشششش اهدي باباا
فتح عباءتها ببطئ ..... قبل ان يأخذ نفساً طويلاً عميقاً حاراً .... ويبلع ريقه بصعوبة
وجهه غدا محتقناً من شدة حرارة جسده
أخ
غزالة ناضجة حد الهلاك
نظرتها الحادة سهم نافذ
يخترق فلا يقتُل . . يُألم فلا يطيب
هيفاء دعجاء شرود
تبور بعدها القصائد . . ولا تبور
مذهلة
في صمتها ... في عتمها ... في طيبها
تلوي قسوة الشمس . . ولا تجور
مُهلكة
في صخبها ... في تمردها ... في لهيبها
آهٍ من لذتها . . آهٍ إلى النشور
يالله . . أيّ سُكرٍ هذا الذي يدغدغ حناياه !!
أيّ جنون هذا الذي يتراقص بشماتة على أنَفة رجولته !!
وجهه يزيد سخونةً
جسده يتعرق أكثر فأكثر
ساقيه اصبحتا هلاميتان رخوتان
مسكين . . . ظنّ أن صيدها سهل !
ظنّ أنه سيشبع فيه الغرور !
أغلق عيناه لثواني
ثم فتحهما
وأخذ بهدوء ظاهري تلمس خصرها من خلف قماش فستانها الأسود الخفيف
حتى تأوهت بوجع حقيقي ...... قال بخفوت أجش وهو يتلمس بأصابعه مكان الإصابة في خصرها النحيل: هنيه يعورج ؟
أغلقت عيناها بعنف وهي تهتف من بين اسنانها مرعوبة خائفة: هـ هدني .... الـ ... الله يخليك
شد من لمساته على المكان وهو يهمس بذات نبرة الاجش المثيرة:
هنيه يعورج ؟
: هـ هيه هيه هدني خلاااص
لم يتحمل .. كيف يتحمل كل هذا الجمال المتجسد على هيئة انثى ويقف عاجزاً عن مواساتها ؟!
اخفض رأسها حى وصل لكتفها الصغير ..... قبله ببطئ .. بتمهل .... كما يليق بالعشاق ان يقبلوا !
ثم رفع يديها الى ثغره .. ليهمس بين قبلة وقبلة بنبرة اطهر من الماء النقي:
فيَه ولا فيج يا عمري
ترتعش ...... وبجنون خالص هذه المرة
قبلاته كانت خفيفة انما مهلكة حد الثمالة .... هدمت أكثر حصونها صلابة
واعتاها دفاعا
واقساها اسلحةً
نظر إليها من الأسفل ..... بتوق مخيف .... اخافه بصدق لا مبالغة فيه
يريدها يالله ...... يريدها بجنون خالص
اتسعت عيناه بمشاعر حامية ما ان لمحها تبعد يدها اليمنى عن ثغره وتضعها بارتعاش على خده
اغلق عيناه بقوة لثوانٍ مستشعراً بخدر نعومة يدها على بشرته ... قبل ان يفقد سيطرته كلياً ويقف متخذاً هجوماً كاسحاً على شفتيها
كان يتعذب ..... ويقسم انه لمح ذات العذاب بعيناها الباكيتان
شفتيها هذه المرة كانت اقل تصلباً ... اكثر مرونةً .... واشد حلاوةً
ظنها ستهرب ... او ستبكي ... او حتى ستعلن غضبها بوابل من الإهانات المتتابعة
لكن لا
هذه المرة أخطئ
أخطأت ظنونه بمجرد أن احس بيديها تلامسان كتفاه .... وتشبكهما خلف عنقه
طول الكعب الطويل جعل قمة رأسها أمام عنقه بالضبط
لكنه رغب أن تكون أمامه بالضبط ... حملها من خصرها واجلس على طاولة الغرفة الرخامية ... ودخل معها في معركة حامية من المشاعر الهوجاء العنيفة
لم يعرف أي منهما كم طالت المعركة المجنونة .... الا انه هزاع ختمها في الأخير بكلمتان ساخنتان مليئتان بالتوق العاتي: ردي البيت
هزت رأسها بالنفي وهي تحاول إخفاء وجهها الأحمر المحتقن من ناظره الجريء المتلهف
سألها وهو يرفع ذقنها بأنفاس ثقيلة متلاحقة: لـ ليش ؟؟
عضت شفتها السفلية وهي تقول بارتعاش: مـ مابا اظلمك معايه
هز رأسه بالنفي ليقول بثقة عالية ملؤها الامل/الشوق: ما بتظلميني ... ولا بيصير امبينا الا كل شي يرضيج ويسعدج
قالت وانفاسها الثقيلة المحمومة تضرب وجهه بسرعة ومن غير توقف: مـ مـ محتايه اختلي بنفسي شوي هزاع ..... هالأيام صارت امبينا أمور ما كانت المفروض تصير
سألها بنظرة مريرة منكسرة: ندمانة ؟
هزت كتفيها بتوتر بالغ ... صورة سعاد وهي تتهمها بخيانة العهد وسرقة زوجها تلاحقها منذ اول قبلة انفجرت بينها وهزاع ..... قالت بصدق: مـ ماعرف ... بس انا خايفة
سألها وهو يرفع ذقنها من جديد ليرى عيناها ويتلمس الأمان منهما: مني ؟
اجابت بخوف .... وحيرة: من نفسي
اقترب منها وهو يحاول شم شذاها قرب شفتيها المنتفختين .. قبل ان يسأل بهمس خافت ملتاع: متى بتكونين واضحة معاي مسك ؟
برجفة مرتبكة .... امسكت يده وهي تهمس بمشاعر صادقة مليئة بالضياع/الحيرة:
اترجاك..... كم يوم بس .... احتاي اقعد ويا روحي شوي
سألها فجأة وهو يتذكر بكاءها الغريب من إصابتها التي أتت من غير قصد من جدها ... ليست ام المسك من تبكي بسبب إصابة غير متعمدة ..
لطالما واجهت هذه الأمور بضحكة بريئة ساذجة منها وتسكت صابرة حتى يختفي الألم كلياً .... لا ان تهرب وتبكي بعيداً عن اعين الناس:
شي صار في الحفلة ؟
نظرت نحوه بذهول مرتبك لتقول مدعيةً الصدق: ا ا لاا
هزاع بعدم تصديق: متأكدة !!
لأن مب انتي اللي بتيين هنيه تصيحين لأن يديه صياح ضربج من غير ما يقصد
لمح بوضوح التردد والأسى بعيناها
امسك وجهها بحنان وهو يهمس باهتمام: اسمعج انا مسك
لا لا ..... لن تخبره انها رأت زوجة مروان الحالية في الحفلة .... وان الأخيرة أخذت تسخر منها وتخبرها ما يقوله مروان عنها وكل الكلام الذي بالطبع كان ينافي الحقيقة كلياً
اخفضت عيناها ارضاً وهي تقول بمرارة: ما اقدر ارمس عن شي الحينه
تأملها ثوانٍ عدة قبل ان يبتسم برقة ... ويقبّل رأسها ... ويقول: على راحتج ... بس تذكري اني موجود دوم متى ما بغيتي ترمسين وتظهرين اللي في خاطرج .. تسمعيني ؟
هزت رأسها بخجل قبل ان تهمس: يدي يتريانا
: لا
رمقته بتعجب بريء وقالت متسائلة: شو ؟
احتضنها واغرق وجهها في تجويفة عنقها ... ثم قال بلوعة الشوق المتأججة في روحه: شوي بس خلج معايه
اشتدت الحمرة في وجهها فأصبحت اكثر لذاذة من ذي قبل ...... قبل ان تهمس بصوت اختفى خلف كتفه التي غطت فمها بقوة: نحن مب في مكان مناسب هزاع
قال وهو يغمض عيناه بثمالة: ادري ... بس شوي ... والله شوي غناتي
ابتعد عنها .... ليمسك وجهها مرة أخرى ويعود لما كان يفعله قبل ثوانٍ
أخذ برقة يقبل ثغرها ..... قبلة قبلة .... ببطئ شديد ..... وبرقة اشد
قال وهو يشعر بالثمالة تشتد عليه من خنوعها التام له وطواعيتها الحلوة لما يفعله بها: آآآآآآاه من متى كنت اتريا هاللحظة
همست وهي تحاول ابعاد شفتيها عن مرمى شفتيه: اترجـاك
خرج صوت غليظ ثمل من جوفه وهو يستمر في تقبيلها بجوع خالص: اممممممممم
دفعت صدره بأقوى ما تستطيع لكي تقول ... لكي توضح ؟
هي مرتبكة
ضائعة
لا تعرف ما تريد الآن
وتبغض ما تفعله الآن
تبغض وترغب وتتمنى
تناقض مشتعل فيها لا قبل له ولا بعد
تارةً ترى وجه سعاد الغاضب
تارةً وجه مروان المجنون
تارةً ترى وجه زوجة مروان الساخر الشامت
وقبلهم كلهم
ترى مديه الساذجة قابعة في ذلك المكان المظلم
تنتظر اما الفرج او الموت !
ما زالت مشوهة .... ما زالت مهووسة بفكرة انها مجرد قمامة لا تساوي شيئاً البتة !
مروان لم يبقي فيها الا فتات انثى !
وهزاع ..... آهٍ من هزاع ..... منذ زمن لم تذق هذه الاحاسيس
تلك الانتعاشة التي تخبرك ان الحياة ما زالت تحمل في طياتها الحظوظ والجمال والنقاء
منذ زمن لم تحظى بـ صدر رجولي يحتوي انوثتها المدمرة ...
فكيف ستوضح ما يعتريها من تناقض ومعمعة مشاعر متناثرة متناحرة له ؟
كيف ؟
ليست غبية ... هي تعلم انه يتوقها جسدياً
يتوق وصالها
يريدها زوجته بالكامل
لكن ليس اكيدة ان كان يحبها ذلك الحب الذي سيعوضها ألم السنين
حب ينسيها ما عانته ... حب لن تندم على قبوله فيما بعد
لقد قال انه يحبها
لكن الكلمة سهلة ..... والفعل اصعب !
قالت بصوت متحشرج ... وتشعر انها متقلبة على جمر الآسى والاحساس المقيت بالوضاعة: هـ هزاع .... دخيلك ... انا .... انا اخون العهد جي ..... ما يصير ... سعاد .... حرمتك ..... انااا
: اووووه ماي قاااااااااااااد
انتفض الاثنان من الصوت المصدوم .... كان هذا صوت الممرضة الفلبينية التي اقتحمت الغرفة فجأة
ابتعدت ام المسك عن هزاع بعفوية تفجرت بالحرج .... لتسمع الممرضة تقهقه وعلى ما يبدو قد راق لها ما رأته .... ثم خرجت من غير ان تعتذر حتى
أغلقت عيناها بيديها وهي تكاد تبكي من فرط الحرج ... والضيق العارم: الله يسااامحك هزااااااع
وقبل ان تنتظر رده ... كانت تخرج من الغرفة مهرولة متجهةً نحو غرفة جدها صيّاح
تنهد بـ خيبة لا تضاهى ... لم كلما شعر انه وصل للنجمة كي يلمسها
تختفي !
لم يشعر ان النجمة لا تصدق انه وصل ..؟
انه اخيراً وبعد شقاء مضني وقف عند خط النهاية ليعلن انه انتصر على مخاوفه ويريد المطالبة بجائزته!
تذكر بضحكة ساخرة ما قالته ..
تخون العهد !
اي عهد !
هي زوجته في النهاية .. يحق لها ما يحق لـ سعاد
مسح وجهه ببؤس وهو يشتم نفسه ويشتم الاتفاقات والوعود الزائفة
من المخطئ ؟؟
هزاع الذي ارتضى منذ البداية ان تكون ابنة عمه مجرد اخت لا زوجة ؟
ام هزاع الذي فقد سيطرته على قلبه وتجاوز الحدود المحرمة والوعود ؟
تحرك مستوعباً اخيراً ان المكان لم يكن مناسباً لما حدث بينهما
طحن اسنانه بغضب ... تفقده صوابه كلياً ... ثم تأتي وتشكك "بنظراتها التائهة" بمشاعره الحارقة نحوها ..
طفلة هذه المسكه وجاهلة !
وقف امام المرآة ليعيد ترتيب هندامه وليمسح بقايا حمرتها من شفتيه ووجهه .. ثم ذهب خلفها مستطعماً بعذاب بقايا طعمها الشهي على ثغره
،,
مطار اورلاندو الدولي
فلوريدا
يقف امام مكتب الحجوزات رامقاً من خلف نظارته الشمسية سارة والصغيرة .. كان يريد العودة بهما الى البلاد قبل هذا لكنه واجه عدة مشاكل في الحجوزات اجبرته ان ينتظر الى هذا اليوم
تأمل الصغيرة بعمق ونبضٌ في داخله يدغدغه .. الى الآن لم يستوعب انه في الحقيقة أب .. ومنذ ما يقارب تسع سنوات !
منذ رآها والى الآن وهو جامداً معها
خاف من التقرب .. خاف من التودد
خاف من التلفظ بكلمات حلوة ليستميل قلبها
العجيب انه بارع بالثلاث
مع جميع النسوة
مع جميع الاطفال
لكن الخوف حاصره فقط مع من تكوّنت من صلبه !
من لحمه ودمه !
زفر بغلظة وهو يشتم نفسه للمرة الألف على فعلته الشنعاء .... كيف رحل قبل ان يتأكد انها ليست حامل بابنته .... كيف !
رمق سارة من جانب عينه بتمعن ..... وفكر
لكم احبها ... لكم اراد ان يأسس عائلة حقيقية معها ...
شخر فؤاده عتاباً ..... هو من أحبها فقط ...... اما هي فلا !
سارة احبت منصور الفارس المنقذ .. احبت منصور الرفيق المؤنس .. احبت منصور الأخ الذي لم تُرزَق به
اما الزوج والحبيب ..... كلا وابداً !!
زواجهما كان وهجاً من الخيال ... كان نتيجة حكاية مازالت غريبة حد اللامعقول
فـ هل هناك شاباً ينال صبية "كان قد التقاها مسبقاً صدفة" من احدى مزادات نادٍ رخيص في تكساس !!
ماضٍ يتحدث
: يا اخ منصوووووي ....... شوف ....... بعطيك يقمي وعقب دق عليه عشان نتفاهم
منصور برفض ساخر: لا ابويه .... لا ابا يقمج ولا أبا اتفاهم
عطيني بيزاتي الحينه وخليني اتوكل
: والله العظيم مب ناوية اسيق بيزاااااااتك
خذ يقمي وانا اوعدك اكلمك ... سايه يوم توعد توفي
نطق الاسم بتعجب اخرق محاولاً ترجمة الكلمة بداية الامر: سايه !
تجاهلته وهي تفتح حقيبتها وتخرج منها ورقة وقلم ...... كتبت اسمها الكامل عليها ورقمها
"سارة عبدالرزاق الـ"
ثم طوت الورقة ووضعتها في يده بخشونة
قبل ان تبتعد عنه مهرولة وملوحة بيدها له ..... وتصيح بشقاوة: سي يووو منصووووووي
لاحقتها عيناه الحادتان على نحو ساخر قاسي الى ان دخلت احدى البنايات السكنية
علم من هي .... لذلك رغب قليلاً باستفزازها واغاظتها
"ســــــــــــــــارة"
اذا هذه هي ابنتك يا عبدالرزاق !
انخفض بصره نحو هاتفه الذي يرن فاستله ببرود شاعراً برغبة شديدة بالشرب الا انه قاوم رغبته بقوة
يجب ان يحافظ على قوة ارادته
سبق وان قرر ان يترك هذا المنكر ....... وسيتركه لا محال
: هلا
...: وينك ؟
اجابه بخبث: عند بيتك
...: اخلص قول وينك
عقد حاجباه ببسمة ساخرة باردة وقال: اقولك عند بيتك
...: شو تسوي هناك ؟
منصور ساخراً: احَدْق
(احدق = اصيد السمك)
زجره الرجل بغضب: منصوووور
منصور ببرود: شو بسوي يعني .... ولاشي كنت خاطف من عنده ووقفت جدام السوبرماركت عسب اخذلي ولاعة
: زين تعال أباك في سالفة
رد منصور بضجر: ياي
اغلق الخط وظل واقفاً يحدق بالبناية بشرود .. فجأة لمح سارة تخرج من جديد وتمشي بسرعة لتتخطى الشارع وكان من الواضح انها شاردة الذهن
فلو كانت تحمل مجمل حواسها ...... لرأت سيارته !
شيئاً ما في روحه اخبره انه يجب ان يلحقها ويعرف ما بها
فضول ربما
لم يعرف ان فضوله سيجره لأمور كان في غنى عنها تماماً ... كان يكفيه تخبطه وبؤسه وتعقيدات حياته الجامدة
كان يكفيه جنونه وغضبه وهيجان روحه المتصاعد منذ خمسة عشر سنة
كان يكفيه حماقته بأن تعمّد ان يهدم كل ما بناه صيّاح كل تلك السنوات وينضم لجماعة عبدالرزاق المتاجرة بالمخدرات والاعمال غير الشرعية
خرج من سيارته وبدأ يلاحقها مشياً .... وبعض المرات مهرولاً
ازداد فضوله وازداد استغرابه ..... مالذي يجعلها بهذا التوتر في مشيتها ولمَ تهرول وكأنها تهرب من امر ما
فجأة اختفت خلف الناس المتراصين امام إشارة المشاة
اخذ يبحث عنها بعيناه ولم يجدها
تنهد بحنق ... وتقدّم كي يدخل بين زحمة الناس ... قبل ان يتصلب بمكانه وهو يسمع صراخها القادم من جهته اليسرى
التفت نحو صوتها المناجي فـ رأى اثنان من ذوي الاجسام الضخمة يحملانها ويدخلانها سيارة من النوع الليموزين
كتم شهقة مصدومة كادت تفلت من حنجرته ... واسرع بإيقاف سيارة اجرة ليلحق الرجلان الغريبان والفتاة
بعد ما يقارب نص ساعة من الملاحقة ... أضاع سيارة الخاطفان ... فـ امر سائق التاكسي ان يتوقف
أعطاه أجرته وخرج
تأفف وهو يغضن حاجبيه رامقاً البنايات حوله والشوارع عله يلمح السيارة هنا او هناك
في نهاية المطاف استسلم وهمّ ان يطلب سيارة اجرة ليعود لسيارته الا انه سمع احدهم يقول لصديقه وهو يتجه لإحدى النوادي الرخيص المبنية اسفل الأرض بلهفة وجشع: هيا هيا المزاد سيبدأ الآن
فكّر منصور ......... مزاد !!
لم يكن الرجل وصديقه هما فقط من دخلا .... بل العديد من الرجال ..... فـ شعر بالاستغراب ودخل معهم
ليراها بين يدي الرجلان الخاطفان تحاول الإفلات منهما ولا تستطيع
بينما الجميع متجمهر امام المسرح الصغير وكل رجل يصرخ بـ ماله يريد نيل الفتاة له
حاضرٌ يتحدث
تأمل ابنته .... فابتسم بسخرية تشوبها لوعة/حزن
حتى ابنته لا تطيقه ..... وتخاف الاقتراب منه
لمَ كتب عليك يا منصور كره الناس جميعاً لك ؟
بدأ الكره من اباك ......... وانتهى بـ ابنتك
خرجت تنهيدة مُرهقة من انفه ليعود بأنظاره لموظفة الجوازات التي كانت تحادثه
بعد دقائق
شعر بأصابع صغيرة تنغز خصره ..... التفت للخلف فـ رأى ابنته ترمقه بهلع وتسأله باللكنة الامريكية: اين امي ؟
امال نصف جسده نحوها واضعاً يده على كتفها وقال مستغرباً مبادلاً ذات اللكنة: ماذا تعنين حبيبتي ؟! أين ذهبت ؟
ارتعش فمها خوفاً وتوتراً وقالت وهي بالكاد تستطيع تحمل ملمس يد رجل غريب على كتفها: لـ لـ لا اعلم .. ادخلتني الحمام وظلت تنتظرني عند المغاسل .. وعندما انتهيت وخرجت لم اجدها
رفع رأسه بحيرة وهو يعتقد انها ربما ذهبت لجلب بعض من الماء او العصير للصغيرة .... الا ان اتصالاً مفاجئاً اخرجه عنوةً من أفكاره وحيرته
استل هاتفه ليجيب على الرقم غير المعروف ...... وقال ببحة ثقيلة: هالو
كرر بحاجب مرفوع عندما لم يتلقى سوى الصمت من الجانب الآخر: هالوووو
: أنسيت وعيدي يا منصور ؟
تراجع منصور بحدة ........... وصورة واحدة تشابكت مع صاحب الصوت المكسيكي
خوليـــان
ربااااه .......... كيف في لحظة ذهول وشتات .... لحظة تصادمت معها حاضره بماضيه
ان ينسى خوليان ..
كيف !
ابتلع ريقه بقلق ليقول مبتعداً قليلاً عن ابنته كي لا تسمع حرفاً مما سيقوله: لا ذنب لها خوليان .. اتركها وخذني بدلاً عنها
تأتأة ببطء مستفز وقال بانجليزيته المكسيكية: كان من المفترض ان تفكر بهذا اولاً قبل عصيان خوليان وتخطي لهيب وعيده ... أليس كذلك ياااااا ...... اخي الصغير ؟
اغلق عيناه بقهر
تباً
تبـــــــــــــــــاً
كيف نسي ! ....... كيف انجر خلف مشاعره ونسيَ مخلفات ماضيه القذر
كيف !
عاد صوته المقزز القاسي يقول: قل لي يا اخي الصغير ..... مالذي قلته لك قبل تسع سنوات ؟
منصور من بين شرار عيناه: اعلمممم .... اعلمممم .... لكن ما حصل قد حصل يا خوليان فـ لمَ تجر فتاة لا ذنب لها خلف احقادك وانتقامك !
اهديت لك رقبتي في الماضي فـ لمَ لم تقبل الهدية وتقتلني !! لم !!
اجابه الأخير ببرود تام: بشاعة فقد الحبيب اشد من بشاعة فقد الذات يا عزيزي
كتم شخير سخرية كادت تخرج من شفاهه ... من هذا الذي يعلمني عن بشاعة فقد الحبيب !
الحقير خوليان !
هه
سأل بقهر/توتر: اين هي يا خوليان ؟
اريد رؤيتها فقط والاطمئنان عليها
خوليان بنبرة ثلجية: هي بخير معنا ..... حتى حين
ثم اغلق الهاتف في وجه منصور
زمجر منصور من بين اسنانه: الككككككككككككككككلب
،,
يتصل بها منذ الصباح ولا تجيب
ما بها يالله
قد وعدته ان تختلي بنفسها وتفكر بعيداً عن ضغطه لمشاعرها .. لكنها لم تعده ان تحرم خافقه من صوتها !
: ادّق على منو ؟
اجابها ببرود فـ سعاد هذه الفترة باتت تثير ريبته بصمتها الغريب وتحديقها الدائم به: مسك
سألت بسخرية: ما ترد عليك ؟
تجاهل سؤالها الساخر بشكل استفزها فضحكت مخبأة كل الغل والغيرة خلف ضحكتها وقالت: يمكن المسكينة مشغولة .. اعذرها حبيبي
ما انت انتهت من كلماتها حتى اهتزت جدران المنزل جرّاء دخول احدهم
وقف وهو يهتف بحزم مستغرب: عاشه !!
من غير سلام او تحية مسبقة .... اقتربت عائشة اخت مديه من سعاد بعيناها اللتان تقدحان شرراً وغضباً فظيعاً بعد ان رمت كيساً كانت تحمله بيدها عند ارجل هزاع
قبضت على ثوب سعاد من جهة كتفها وجرتها بعنف حتى أجبرت الأخيرة ان تقف امامه مرعوبة
: انتي يا المتررربيه .... يالمتعلممممه .... ياااااا بنت الحسب والنسسسب .... كيف هان عليج ضميرج تفكرين تضرين ختيه بهالشششكل !!! كييييييييييف !!
هدر هزاع بعينان متسعتان من الذهول: عاشه شو تسوييين .... شلي ايدج عن ام عبدالله
جرتها عائشة بحدة اشد وصرخت: انت لو تعرف شو مسوية المداااااام جان قلتلي اجتليييها
حاولت سعاد دفع عائشة وهي تهتف بغل يشوبه التوتر: خووووزي عننننني
قطع صراخ عائشة صوتٌ مرتعب مرتبك: عاااااااااااااااشه
التفت الجميع لـ صاحبة الصوت ..... ام المسك
التي اندفعت للداخل وكلها امل الا تتمادى اختها في الحديث وتخبر هزاع عما حدث وانكشف
هتفت ام المسك وهي تحاول ابعاد اختها عن سعاد: عاشه خوزي عنها ... خووووزي
عائشة بغضب واستنكار بالغان: لا ما بخووووز لين ما ألعن صيرها الجلبة ام الطبوووووووب
دفعتها ام المسك بقوة حتى أصبحت بينهما فـ هدرت عائشة بقهر وهي تؤشر نحو الكيس المرمي على الأرض:
ولد العم ممكن تفتح الجيس وتشوف شو فييييه
هزاع بصوت حاد قاسي: وانتي خليتيها فيها ولد العمممم يا عويشووووه
تجاهلت عائشة كلام ابن عمها وكررت بقهر اشد واعتى: دخيللللك لا تفور دمي زووود
افتح الجيس وشوف شو فيييه حزتها بتعرف لو عندي حق ولا لاااااا
ام المسك برعب: هزاع لا تفتحه ... عويش خبله ما عندها سالفة أصلا
التقط هزاع الكيس رافعاً حاجباً بريبة ... رامقاً بحدة عائشة وسعاد "التي غدا وجهها كـ الكركم تماماً"
الى الآن لم ينظر لـ مسكه ..... ربما هو عتاب الاحبة كما يعتقد قلبه العاشق
ام المسك: هـ هزاااع .... بوعبدالله .... دخيلك لا تصدق عويش هاي ياهل ما تعرف شو تقوووول
تجاهل رجائها وناظره رغماً عنه يتجه نحو سعاد
كانت بالمختصر ترتعش
كيف لا والكيس هو ذاته الذي اعطته لخادمتها الاندونيسية الماهرة في اعمال السحر كي تجعل مديه مجنونة فيبغض هزاع الاقتراب منها !
مالذي جاء بالكيس الى يد عائشة ومديه ! من اخبرهما بحق الله !
عندما فتح هزاع الكيس ورأى ما بداخله قال متسائلاً بصرامة: شو ها ؟
تحركت سعاد مبتعدة لكن يد هزاع اوقفتها بأن قبض على معصمها ... فـ عاد يسأل بصوت اشد صرامة واقسى من ذي قبل: شو هاااا !!!
عائشة بحقد: شوفت عيييينك ... ملابس حرمتك الداخلية
غضن جبينه محاولاً استيعاب الموضوع اكثر .... محدقاً بالملابس الداخلية الغريبة عنه
قال وهو ينظر تارةً لـ سعاد وتارةً أخرى لـ عائشة: شو ها مب فاهم شي انا
هدرت سعاد برعب غاضب وهلع لا يُضاهى: ا ا ا انا ماعـ عـرررف شي .... هاي الخايسة تبا تمشكلني وياااك واتخرب امبينااا ومب عارفة كيييييييف
عائشة: الخااااااااايسه انتي واخلاااااااقج .... تعرف حق شو ها يا ولد عمي !!! انا بخبرك
اشرت نحو سعاد مزمجرة: المداااام المتربية المتعللللمة بغت بهالملابس تسحر ختيه وتخليها خبله مينوووونه
بغت تسحر بنت عمممك اللي من لحمك ودممممك .... كل ها عسب شوووو
عسب اطلقها خلاااف وتكون حقها بروووحها
المداااااااام يا هزاع طلعت لا تخاف الله ولا رسوووله ولا تعرف شي اسمه ضميييير
حل صمتاً مكفهراً بين الجميع ........ عدا هدير انفاس هزاع الذي اخذ بصدمة مهولة يحدق بملابس مسك الداخلية ويتلمسها وكأنه يريد بهذا التأكد من ان مسكه ما زالت بخير .. ما زالت الى الآن لم تمس بسوء
ثم رفع عيناه الى سعاد ........ عينان كالجمر
وقال بهدوء ينافي تماماً غليان روحه: سعاد سيري الحجرة بييج
هرعت سعاد بسرعة للطابق الأعلى وكأنها كانت تنتظر امر هزاع بينما الأخير وجّه حديثه هذه المرة الى ام المسك بذات هدوءه المخيف: تفضلي على حجرتج بنت شاهين
كان يكتم غضباً مجنوناً بداخله .... ترى هذا وان اخفاه تحت هدوءه ..... لكنها لا تستطيع المكوث هنا بعد ما حصل
لا تستطيع
قالت محاولةً قدر المستطاع الا تثير غضبه اكثر: بس هزاع
قاطعها هزاع بجبروت: ماشي ظهره من هالبيييييت ... تسمعين ؟؟
عدلت عائشة حجابها وهي تقول بقهر: ريّحت ضميري وخبرتك اللي يستوي من وراك يا بوعبدالله الدور والباقي عليك ..... بس لازم تفهم شي واحد
مديه ما اطلقت من واحد مرمطها وتعبها في دنياها عسب تاخذ واحد غيره يمرمطها اكثر ويتعبها اكثر واكثر
حط هالشي في بالك
ختمت حديثها بأن تأملت اختها الكبرى بـ هيجان عاطفي ملؤه الحب/الحماية ..... ثم ولت ظهرها للإثنان وخرجت
،,
وضعت جهاز الايباد الخاص بها فوق مكتبها لتجيب بحركة رشيقة من سبابتها على مكالمة الفيديو الآتية إليها
خرجت صورته امام عيناها فابتسمت بمكر وقالت بهولنديتها المرنة: يا إلهي .... أصبحت اكثر وسامةً بعد التان يا هذا
: هههههههههههههههههههه أنلت على اعجابك اخيراً أيتها السمراء ؟
اتسعت ابتسامتها لنبرته التي تثير خفقات اشد الفتيات حصانةً ..... وقالت: يكفيك اعجاب الشقراوات بك .. اترك السمراوات وشأنهن يا فتى
شقراوات !! ومن هذا الذي يفكر برؤية الشقراوات وامامه جوجي ؟ :
انخمد لهيب الفرح بعيناها وهي تتذكره ... لتهمس ببرود تحادث نفسها: من غيره الدب القطبي ... دونجوان عصره
: الا ان كاااااان
جواهر بارتباك: مـ من ؟
ابتسم باتساع ... ثم قال محركاً ظهره قليلاً الى الامام لينخفض شعره الأبيض بنعومة على جانب جبينه: ديدر....
قاطعته بحدة وهي تحمّر عيناها الواسعتان الكحيلتان: آرنووووووود
انفجر آرنود ضاحكاً: ههههههههههههههههههههههههههههههههههه
كم انت ثقيل الدم يا آرنود وتشعر باللذة عند ازعاج الآخرين :
لوى فمه بمكر وقال باستفزاز: اشبهك تماماً يا ابنة خالتي
قاطع حديث الاثنان دخول احدهم من غير اذن الى مكتب جواهر
انقلبت ملامحها للجمود والصقيع .... ثم قالت بهدوء لابن خالتها: آرنود يجب ان انهي المحادثة الآن
: لماذا ؟
فجأة اصبح وجه ديدريك امام آرنود .... وهو من اجابه بغلظة حازمة: لأنها وباعتقادي تجلس في رأس عملها الآن وليس لديها الوقت لحكاياتك واحاديثك التي لا تنتهي يا عزيزي
تأمله آرنود بغموض لم يفهمه ديدريك بادئ الامر الا انه في الأخير فهمه ..... يكفيه رؤية الآسى بعيناه ليعلم ما به
هز رأسه بالنفي وقال بصرامة: عد الى هولندا آرنود
انزل آرنود اجفانه ثوانٍ ثم قال بصوت اخشوشن: ليس الآن ... ليس بعد
كانت جواهر تحاول الوقوف والابتعاد عن ديدريك فالاخير كان يقف قربها مميلاً جسده نحوها وهو يحادث ابن خالتها
المستفز البارد .. يعلم انها تشعر بالحقد/الكره نحوه الآن فلمَ يتعمد اضعافها بقربه المُهلك ؟
قالت بحدة وهي تقف ليهتز المقعد تحتها: لو سمحت سيد ديدريك هل تستطيع اكمال حديثك مع آرنود بجهازك الخاص ... لأني مضطرة ان اخذ جهازي واخرج .... لدي موعد مهم مع نائب مدير دائرة الكهرباء
حرّك ذراعه الى الامام من غير ان يلمسها فعلياً لتتحرك هي بعفوية ... فـ جلس بمقعدها واخذ يتحدث مع آرنود عن مشاريعهم المترقبة متجاهلاً تماماً وجودها
اهااا .... اذا هو يرغب بمعقابتي على سوء الحوار الذي دار بيننا ذلك اليوم ؟
حسناً أيها الدب القطبي .... سنرى من يستطيع استفزاز الآخر اكثر !
ابتعدت عن مكتبها بخطوات محتدة مقتربةً من الباب
ثم حركت المقبض لتخرج الا انه لم يُفتَح ...... فالتفتت بعفوية نحو ديدريك لتراه يرفع بسبابته مفتاح المكتب
اتسعت عيناها بذهول واشتعل قلبها بالخفقان
لمَ اقفل ديدريك باب المكتب وراءه !!
،,
"انتــــــي طــــــــالق"
"لمي قشارج وردي بيت هلج ..... يعلني الموت ان خليت عيالي يتربون فـ حضن وحده شراتج"
اغمض عيناه ويداه ما زالتا ترتعشان من الغضب
من الذهول
من المرارة
من الخزي
رباه ..... لم يكن الامر بسيطاً عليه ان ينكشف الوجه البشع من سعاد وعلى يد ابنة عمه الصغيرة عائشة
لم يكن بسيطاُ عليه ان ينتفض قلبه خوفاً على المسك من السحر ومصائبه
لم يكن سهلاً عليه ابداً ان يقف امام زوجته ويكتشف بعد فوات الأوان ان التي احبها في ريعان شبابه لم تكن سوى جمالاً ظاهرياً اما اللب فهو "عفِن" !!
كان يستطيع ضربها
كان يستطيع حتى قتلها
لكن مشاعره لحظةَ ان اصبح امامها لوحدهما كانت اكبر من كل شيء
وياللسخرية
شعر ان الضرب لن يطفئ ناره ابداً
فـ نطقها ليقطع آخر صلته بها
حاولت قبل ان تخرج الكلمة من لسانه ان تقسم بالله كذباً وتنفي عن عاتقها ما اسمته بالافتراء لكنه لم يصدقها
فـ هو يعرف سعاد
ان كانت على حق فـ ستثبت هذا بداية الامر .... في اللحظة التي دخلت عائشة المنزل ورمت فوق رأسها الاتهامات والشتائم
لكنها صمتت وآثرت الهروب بدل المواجهة
: سـ سيررر
نظر للخادمة الاندونيسية الخاصة بالأطفال بمقلتان حمراوتان .. فجأة قبض على يدها بعنف وقال بنبرة مرعبة: تخبريني شو صار بالضبط يالـ..... ولا قسمن بالله الليلة عند الشرطة
ومن غير تفكير او تردد اخبرته بما حصل تماماً
اخبرته ان الخادمة الاندونيسية الخاصة بـ مدام سعاد كانت قد جلبت كيس ملابس الى قسم الخدم لتخبرها بكل بجاحة وجرأة ان السيدة طلبت منها عمل سحر لـ ام المسك وهي من شدة حبها لـ ام المسك الطيبة .. ذهبت واخبرت خادمتها الخاصة بما يحصل واعطتها الكيس بعد ان سرقته من الخادمة الأولى وهي نائمة
فـ وصل الخبر والكيس لـ ام المسك وعائشة التي كانت تجلس معها في ذلك الوقت
ترك هزاع يد الخادمة ... واسرع بخطوات متوعدة جنونية الى قسم الخدم ... حتى رآها هناك وهي تحادث احدهم بهاتفها وتضحك
ضحكٌ تحول فيما بعد لصياح وبكاء وهي تتلقى الصفعات والشتائم من هزاع الثائر
،,
قلّب جهاز الايباد الخاص بها بعد دقيقتان .... ثم وقف بطوله الفارع وهيمنة رجولته الكاسحة
وسار باتجاهها هاتفاً ببرود خافت: تمارسين دور القوية على ديدريك ؟؟
فهمت بسرعة انه كان يقصد ما حصل بينهما آخر مرة
كتّفت يداها حول صدرها وهي تقول محاولاً بث اكبر من القوة والسيطرة في صوتها:
أمارس دوري كـ امرأة مستقلة لا تتهاون بكرامتها او حقوقها
ابتسم بقسوة
فـ ارتعش خافقها وتوترت رغماً عنها
لأول مرة ترى هذه الابتسامة المرعبة من ديدريك
قالت بتوتر وهي ترفع قليلاً حاجبها الايسر: ما هذه الابتسامة ؟
اقترب اكثر وهو يجيبها بخفوت: ما بها ؟ اعتقدت انك كنتي تنتظرين رؤيتها بفارغ الصبر
ابتلعت ريقها ثم همست: لم انتظر أبدا قسوتك
قاطعها بصوته الثقيل الخافت: بل تنتظرينها
وتنتظرين ذوبان بيت الدب القطبي
اتسعت عيناها مستغربة وقالت: دب قطبي !!
رص على محاجره بخبث وقال بنبرة شبه باسمة: دوماً كنتي ترسمين دباً قرب بيت ثلجي وانتي شاردة الذهن بي في الاجتماعات .. وتكتبين أسفله اسمي بعد ان تنتهين
ما لا تعرفينه انني أعيد تشغيل اجهزة التصوير واضغط على زر التكبير لأعرف بالضبط ما الذي تفعلينه
ديدريك يراقبها ! لم هذا الاهتمام ؟
ام انه مجرد فرض سيطرة وتسلط !
همست بعصبية وهي تحدق بشعيرات ذقنه بتوتر:
أليس من العيب مراقبة الناس !!
رمقها بنظرة اشتد فيها الظلام ...... فشعرت جواهر ان كلامها اللاذع لم يعجبه فاردفت بنبرة اشتدت فيها السخرية:
ولم تراقبني من الاساس !!
هل انا اشغل بالك لهذه الدرجة عزيزي ديدريك !!
تجاهل سخريتها الواضحة بأن أشر بسبابته على شفتيها من غير ان يلمسها ....... ليقول ببرود نمرودي:
انتي .. وكل موظف في شركاتي تحت امرتي وسلطتي فلا تستغربي ما افعله يا آنسة
اشرت برأسها للباب المقفل وقالت بحزم جاد: اريد ان اخرج
: ليس قبل ان تعتذري عن قلة تهذيبك معي
جواهر بذات نبرة الحزم: لم اخطأ بحقك
متأكدة ؟ :
اجابت بقوة: بالطبع
اقترب منها بخفة خطواته حتى صار لا يبعد عنها سوى شبران
ليقول مخفضاً رقبته كي يصبح وجهه اقرب الى وجهها من ذي قبل:
هل علي إنعاش ذاكرتك أيتها الفاتنة ؟
انكمشت بعفوية بريئة وهي تقول حانقة من قربه وتصرفاته الغريبة:
د ديدريك ..... المعذرة انك تتعدى .....
قال ببراءة ظاهرية: ما بك ؟ .... اريد فقط إنعاش ذاكرتك الضعيفة
اغلقت عيناها بقوة وهي تأمره بهمس حاد: ابتعد
ديدريك بغموض: تُحبين اللعب بالنار يا جواهر
رباه ...... جفونها ترتعد ......... وشفتاها في انقباض وارتعاش لا يتوقفان !
يقترب منها اكثر .... فتزداد هي توتراً وتخبطاً
ماذا يااااا "جوجي" ... هل اكل القط لسانك ؟؟ :
هدرت بقوة حتى لطم وجهه انفاس كلماتها الحاقدة الغاضبة المتوترة: ا ا اكررررهك ديدريييييك ...... ا اكرررررهك
اتسعت ابتسامة ثغره ..... وهذه المرة كانت ابتسامته حنونة حد الوجع .. حد الارتعاش .. حد الشتات !
همس بدفئ قرب انفها: اعلم
عادت تهدر بذات مشاعرها المهتاجة ..... بعينان مغلقتان بقوة الى الآن: ولا اطيق النظررر الى وجهككك
: اعلم
: وو .. ولا .... ولا أستطيع الصبر اكثر كي ابتعد عنك وعن صوتك البارد المستفزززز
: اعلم صغيرتي
سكتت لتستطيع التنفس ..... صدرها كان يعلو ويهبط بجنون وارتجاف
وهو اثر الصمت مراقباً إياها برقة
همس باسمها: جواهر
ببطء منتفض ..... فتحت عيناها فـ رأت منه نظرة تقسم انها لم تراها أبداً منه
همس وهو يتأمل بـ دفء عيناها الواسعتان بالدهشة والذهول:
انتي أشد الكاذبات حلاوةً
عضت على شفتيها وخداها تتوردان خجلاً شديداً .. لتقول بتوهان عاطفي مثير للشفقة وهي تخفض ناظريها الى الأرض:
وانت أشد الصادقين استفزازاً وبروداً
فـ انفجر ديدريك ضاحكاً بشكل اخبرها ان هذا الانسان ..... لم يضحك بصدق منذ زمن بعيد جداً: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
نهــــاية الفصــــل العــــاشر
|