كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله (بـ حلة جديدة-2020م) الفصلين 6&7
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الفصـل_التاسـع
،,
بعد مرور أسبوع
صباح يوم الاحد .. وبين شوارع العاصمة المكتظة
كانت ذاهبة لموعد اسنان ..... والعيادة تقع قرب منطقة الوزارات واهم الشركات الوطنية في العاصمة
تضع رأسها على النافذة وتتأمل من خلف النقاب سرعة الحياة الصباحية وضجيج السيارات الكبيرة والصغيرة
عندما سقطت عيناها على شركة ابوالشريس رصت على عيناها بغموض ..... علمت بما ينوي غابش فعله مع ابنتها حرابة ... صديقتها ام حرابة اخبرتها بكل شيء ولم تخفِ اي تفصيل هام ..
وياللعجب .... ارتضت ان تؤدي التمثيلية معهم وكأن غابش بحق معتوه .... وغابش نفسه وافق على هذا الامر .... فـ خير من سيساعده وقت الحاجة هي ريسه !
تنهدت بعمق ..... قبل ان ينقبض قلبها وهي تلمح احدهم يقف قرب غابش امام بوابة شركته
امرت السائق بالتوقف وقلبها ينقبض على نحو مبهم
اثر امرها المفاجئ ... توقف السائق بحدة بجانب الطريق حتى كادت ريسه تصدم بظهر المقعد الامامي ومعها خادمتها
فتحت الباب من غير تفكير وخرجت متوجهةً نحو الإثنان
كانا يوليانها ظهرهما ويمشيان متوجهان نحو سيارة فخمة متوقفة في الشارع المقابل
نادته بخفقات مجنونة: غابش
التفت غابش بسرعة نحو المرأة المستورة ..... وقال بعفوية: لبيه
هو فقط من التفت
اما الثاني فـ لا
اقتربت منهما وعيناها على ظهر الشخص الآخر ....... قلبها ينقبض ...... فـ ينقبض ....... ويكاد يخرج من بين اضلعها
نظر غابش بحيرة لصديقه ثم عاد بانظاره نحو ريسه
قالت بلعثمة .... وهيجان داخلي عاصف: انا ..... انا ........ احم ...... خالتك ريسه
قال بسرعة مرحباً بها بصوت رنان: هلا هلا والله .... اسمحيلي ما عرفتج ... شحالج الغالية ؟
: احم ...... ا ا ... بخير
قالت متسائلة بعذاب مترقب ... تريد فقط التأكد من هوية الشاب الآخر .... تعلم ان افكارها مستحيلة جداً جداً لكن كبد الأم فيها يصرخ ويستنجد الخلاص من العذاب:
لا يكون قطعت رمسـ... ـتك مــع .....
عيناها لم تفارق ظهر الشاب .......... فـ قال غابش بعفوية: اووه لا لا خالوه ... هذا ربيعي الهولندي .. يايني زيارة البلاد ..
اكمل متحدثاً الى صديقه: آرنود
التفت الشاب نحوها ..... فـ شهقت بذعر
ذعر جنوني
قال آرنود ببسمة كبيرة منطلقة وهو يعرف بنفسه بلغة انجليزية مهذبة: صباح الخير مدام
سهيــــــــــــــــل
سهيـــــــــــــــــــــــل
رباه ........ سهيـــــــــــل !
لكن ....
لكن هذا .....
هذا ..... بشعرٍ ابيض بالكامل
انفه مختلف قليلاً
وجنتاه مرتفعتان اكثر
لكنه وجه سهيل ........ لا ......... سهيل ميت
ميت يا ريسه
ميــــــــــت
ارتعشت شفتيها وهي تكاد تسقط من هول فجيعتها من احياء ذكرى النجم الراحل في قلبها
متى سيموت هذا الوجع
متى يالله !!
ردت بصوت مختنق ..... متحشرج: صباح النور ..
التفتت لـ غابش واردفت بنبرة امومية مرهقة حد النخاع: خلاف ابويه بتصلبك وبرمسك
ا .. السسمـوحة ... بخليكم
وهرولت عائدة نحو سيارتها ....... ووجهها اصبح كـ وجه الأموات !
ما ان اختفت سيارتها ........ حتى التفت نحو صديقه وقال بانزعاج: المسكينة بغت تموت يوم شافتك .. لازم نكون منتبهين اكثر وما نخلي حد يشوفك هنيه
اشاح بعيناه بعيداً وهو يهتف من بين دقات قلبه التي أعلنت استنفارها ما ان رآها ...... قبل ان يقول بـ انزعاج مشابه: كنت ساير اييب نظارتي من السيارة عسب ألبسها ومحد يشوفني
تمتم غابش بحيرة حانقة وهو يمشي مع صديقه نحو سيارته: ما توقعنا نشوف حد من اللي نعرفهم الحينه وفي هالصباح .... الله يستر بس
،,
عادت الى منزلها قبل حتى ان تفكر بإكمال طريقها نحو عيادة الاسنان
مفجوعة ........ وتريد سريرها كي تغطي كامل جسدها وتترك فاجعتها الملتهبة تنخمد تحت الاغطية
استوقفها والدها متسائلاً عن سبب عودتها بسرعة من مشوارها: شو ردج بسرعة !!
نظرت نحوه بتوهان .......... وقالت بنبرة مهلوسة كلياً:
سهيلي مذبوح
حدّقت به اكثر ..... بنظرة ضائعة .... زائغة ...... واكملت بهلوستها المفجوعة:
مذبوح يا صياح .... والله مذبوح
ولته ظهرها واكملت غمغمتها وهي تبتعد وتتجه نحو الطابق العلوي:
والله مذبوح
ضربت صدرها وهي تأن بخشونة محترقة: شفتكم بعيني وانتو تحرقووونه
"شفتكم بعيني وانتو تحرقووونه "
جملتها شطرت قلبه لنصفان !
امسك عصاه ودخل غرفته بحدة
اسند جانب جسده على الحائط ........... متهالك
محطم
معذّب
محترق
اصبح كل شيء عدا صياح نفسه !!!
"شفتكم بعيني وانتو تحرقووونه"
وجهه غدا شاحباً اختلط به ازرقاق مخيف
لا يستطيع التقاط أنفاسه
يشعر بالموت البطيء
وبالعذاب البطيء
وبالاختناق البطيء
لم يدخل الهواء الى صدره الا عندما ضرب جسده بقوة على الحائط .... ثم شهق بحدة وسعل حتى انسكبت دموع الاختناق من عيناه
انهار ارضاً وسقطت عصاته على صلابة السجاد العتيق
اسند جسده بيداه الهرمتان على الأرض
"شفتكم بعيني وانتو تحرقووونه"
زمجر بآه اخشن من سنين عمره القاحلة
واخذ يضرب صدره بعذاب لا يضاهى !
يضرب بمرارة ..... بهلاك
وبدموع أبت أن تنهمر على خداه عدا دموع الاختناق ذاته !
ظل يطرق صدره بقوة ...... وعيناه مغلقتان مرتجفتان
وجملة نوره تتكرر مع جملة ريسه
"صيّاااااااااااااااح ........... شكيتك لله ................ تعرف شو يعني شكيتك لله
يعني تبشر بالشقى والحزززززن باجي سنين عمرررررك ....... لين ما ياكل الهم فواااااااااادك ..... ولين ما تفقد اغلى ما تملك ............. نفسسسسك"
وجعه متين ..... متين يالله
تجهل ابنة علي ..... انه ذبح نفسه قبل أن يذبح نجمه
تجهل أن رحيل سهيل
كان رحيل سعادته .... وهنائه ........ وآماله العظيمة في الحياة
كان رحيل نفسه الفخورة واعتداده الجبلي
يا رب البشر
اي ابتلاء هذا الذي ابليتني به !!
أي مصيبة كتبتها على لوح قدري !!
سهيل
اصرخ باسمك كل ليلة ولا يسمع صراخي إلا الصدى والجدران والأشجار العارية
لماذا يا ابن روحي حطمت عزة آل صياح وأنفته !!!
لماذا اوجعت ورقه ... وكسرت غصنه !!
صرخ بأشد زمجرة مبحوحة خرجت من روحه في يوم: ياللـــــــــــــــه ......... ياللــــــــــــــه
رحمتك يــا ربي
الويـــع اللي فيّـــــــه مـــــــوت
مـــــــــــــــــــوت
،,
سيريلانكا
عصراً بتوقيتها
داخل احدى الشاحنات العمومية المتنقلة .......... كانت تجلس وفوق حضنها الطفلة ... وبجانبهما محمد الذي يقود بصمت تام
هذه وسيلة النقل الوحيدة التي تمكنوا من استخدامها خاصةً بعد انتشار موضوع خطف الطفلة .... فـ هم لا يستطيعون استخدام سيارة عادية او قطار او حتى طائرة لدواعي امنية ............ فـ قرر محمد ان يستأجر بالخفاء شاحنة صغيرة تساعدهما على التنقل بعيداً عن اعين الناس والشرطة ..... محاولاً قدر المستطاع جمع معلومات هنا وهناك عن اهل الطفلة كي يعيدها إليهم بأمان وسلامة
قفزت الصغيرة من حضن روزة النائمة وجلست فوق حضن محمد
حاول محمد اخبارها بـ خطورة جلوسها فوق حضنه وهو يسوق لكنها لم تفهم وعاندت
فـ تركها تفعل ما يحلو لها رغم انه بحق كان قلقاً على حياتها ويشعر نحوها بالحماية
رمق بطرف عيناه تلك النائمة .... ثم عاد بأنظاره نحو رأس الصغيرة
فـ وجد نفسه يتسائل بخفوت:
بنلاقي هلج يا بنية ولا بنضيع بين زحمة الناس بليا فود
ارتبك عندما سمع الرد من روزة نفسها: بنلاقيهم إن شاء الله
أكانت تدعي النوم !
قال لها وهو يتأمل عيناها المنتفختان ........ كانت بحق نائمة وللتو استيقظت:
صح النوم
شعرت بالخجل من تحديقه بها
فعدلت جلستها المسترخية .... ثم حجابها ...... وقالت بخفوت: صح بدنك
بهدوء تام .... قال وهو يشيح وجهه عنها: عدلي حجابج من ورا
رتبت حجابها من الخلف وهي تشعر بالضيق
تذكرت عطرها الذي صنعته البارحة ...... فـ أخرجته لتشمه وتعرف نتيجته
استوقفها بنبرته الفجة:
ما تعرفين انه ما يجوز تتعطرين برع بيتج !!
قالت بحدة: استاذ محمد لا تعق كلام يمين وشمال على كيفك
انا احاول اشم العطر اللي سويته البارحه عسب اشوف لو نجح ولا لا
ما طلعته عسب اتعطر به
قاطعها بنزق وهو يحدق بالطريق الجبلي امامه: ريحته صكّت الشاحنة كلها
(صكت هنا بمعنى انتشرت وفاحت)
قالت بنبرة لاذعة مغتاظة: ما عليَه منك
اخذت تشتم عطرها وهي تشعر بالقرف من رائحة الشاحنة الكريهة: خلني اشم ريحة حلوة بدال الصنان اللي صك خشمي وخنقني
: شلي الياهل ولصقيها في خشمج ... ما شاء الله سبحتيها بعطورج يلين ما قلتي بس
سألته بشكل مباغت خبيث: حلووو !!
رفع حاجباً وقال مستغرباً: شو !!
ردت عليه موضحة: العطر
زم فمه بامتعاض وقال: زوين
ابتسمت بغرور لتقول بكل ثقة العالم: مب زوين إلا غاوي وتتمنى بس تتعطر به
رمقها باستخفاف ..... ليقول مسايراً حديثها المتغطرس: غاوي .... شو اسمه يا ام حامد ؟
قالت بغرورها ذاته: حرابة
نظر نحوها وقال مستغرباً: حرابة ؟
ابتسمت بحب خالص لصاحبة الاسم وقالت: هيه .... سميته على اسم ختيه
صمت قليلاً قبل ان تضيف روزة متسائلة:
ما تذكرها !!
البنية اللي كانت دوم تضربك انت وربعك
أعطاها نظرة قاسية باردة ...... وقال بنبرة جافة: محد كان يضربني انا ..... لا ولد ولا بنت
قالت بثقة ... وببسمة خبيثة: امبلى .... مرة ضربتك واذكر يومها يدي صياح خلاها تستسمح منك غصبن عنها
إلا ما قلتلي ..... ليش ضربتك ؟
رص على عيناه وهو يحاول تذكر ذلك اليوم الذي تتحدث عنه روزة .... حتى تذكّر بالفعل
يومها كانت حرابة هي من بدأت بضربه لكن ولشدة كبريائها لم تخبر الجد صياح انه أعاد لها الضربة بأقوى منها
ولكي يشفي أكثر غليله سمح لنفسه أن يتشمت بها وهي تعتذر منه أمام الجد
يذكر أن بعد اعتذارها ضربت من شدة قهرها كل من منصور وسهيل ثم هربت تختبئ عن اعين الجميع
لكن لماذا ضربته !!
امممم .... اجل
لأنه تعمد ازعاجها بأن عايرها بشعرها المنكوش والذي لا تسرحه الا مرغمة وبأمر مباشر من ريسة .. اضافةً لمعايرتها ... فقد طلب منها ساخراً ان تحذو حذو اختها روزة بأناقتها وتهذيبها
خرج من شروده وهو يقول بتنحنح: احم ......... ناسي
روزة: ههههههههههههههههههه تستاهل
ابتسم لها ساخراً وقال: ليش !!
روزة بخبث ناعم: بس جيه.... حرابة ما تمد ايدها إلا على شي يرزى .. وانت اكيد يومها غلست بالرمسة معاها وقلتلها كلام مب حلووو
رفع حاجباً لها وقال بنبرة ارعشتها واسكتتها ولا تعرف السبب: تبين تعرفين شو قلتلها ؟
ظلت صامتة تنتظر ان يكمل حديثه بفضول وترقب
الا انه لم يكمل .... بل ظل يتأمل تقاطيع وجهها .... وقبل ان يتهور اكثر بالنظر .... وبالحديث الذي اخذ مسار لم يحبذه
اشاح عيناه عنها وقال بصوت جامد: ماشي
قالت له بعد ان ابتلعت ريقها الجاف: قول
أوقف سيارته داخل محطة البترول وقال متجاهلاً كلمتها بينما يضع الصغيرة فوق حضنها بحدة: بعبي بترول وبييبلكم شي تاكلونه
رمقته بغضب .......... مغرور
وغد
صمت وخرج بعد ان تمكن من اثارة فضولها وحيرتها
حدّقت بـ الصغيرة
والأمومة التي تشعر بها ناحيتها تزداد .. وتشتعل في قلبها اكثر فـ اكثر
وكررت للمرة العاشرة شكرها لله انها ومحمد تمكنا من إنقاذ المسكينة من الموت !
إلهي
ما كان يدريها أن لديها حساسية قوية من المكسرات .. لو كانت تعلم لما اطعمتها بعضاً منها ذلك اليوم
آآآآه .... الحمدلله على كل حال
،,
فجر اليوم التالي
اتصل به اباه وهو على فراشه متمدداً بعد ان أدى فرضه
هتف بصوت ناعس ثقيل: مرحبا الغالي ... صبحك الله بالخير والعافية
رد عليه اباه بنبرة جافة: هلا .... صبحك الله بالنور
الجفاء بصوت والده ليس غريباً عليه لكن هذا الجفاء يعلم ان سببه ما ينوي فعله والجميع ضد ابنة اخته
وقبل ان يتمادى اكثر بأفكاره قاطعه اباه بصرامة: عمتك ما ردت علينا خبر .. الظاهر البنية ما تبا وهي مستحية تخبرنا
غابش ببرود: ويمكن البنية موافقة بس عموه ما لقت وقت ادق وتخبرنا
أبا غابش بنبرة لاذعة: واثق وايد من عمرك !! لا تنسى انك بنظر حرابة واحد معتوه .... هزرك بترضى بسرعة بـ معتوه وهي اللي ما رضت قبلك بالعقّال وأصحاب المناصب الكبيرة !!
: ليش لا !! المعجزات في هالدنيا تصير يا بويه
نطق اسمه بحدة: غابش
هتف غابش بنبرة قاطعة: الليلة
أبا غابش بحاجبان معقودان: شو الليلة ؟
غابش: الليلة بييك الخبر من عموه
،,
بعد عدة سويعات
داخل احد انفاق العاصمة
شتمت بغضب الانسان الذي اصطدم بسيارتها من الخلف وسط هذا الزحام البغيض الجالب للصداع
خرجت من سيارتها وهي تعد للعشرة كي لا يصل غضبها حد ضرب السائق سواء رجل ام امرأة
طرقت نافذة السيارة المتسببة بحدة لكن لم ينزل السائق نافذته مما زاد من غضبها
طرقت مرة أخرى وهي تنادي بنفاذ صبر:
يا انت ... نزل الجامة
وللمرة الثانية لم تلمح اية ردة فعل من الآخر
فتحت الباب بعنف وألف شيطان يرقص فوق رأسها
لتتفاجئ وترى شاب ....... مذعور !!
ذعره لم يخفي وسامته الفجة ...... وفتنة عيناه المظلمتان اللتان لم يزدادا جمالاً الا بـ حاجباه الكثان
ذعر الشاب ... جعل غضبها يستكين قليلاً ..... واوعزت ما فيه على انه حديث عهده في السواقة لا اكثر
لكن لمَ تشعر ان وجهه مألوف جداً لها !!
قالت بصرامة له غير آبهة للسيارات التي بدأت تتجمع حولهما: يا ابني انت ما تشوف زين !
عطيتك اربع اشاير يوم الزحمة اشتدت وبطى السير .... شعنه ما وقفت بسرعة قبل لا تدعم !؟
نظرته الخائفة
التائهة
اثارت غيضها وشفقتها في آنٍ واحد
هي لا تحب الضعاف وتبغضهم .. خاصةً في المواقف التي تتطلب مواجهة وحزم وقوة
غضنت جبيتها بانزعاج وهي تأمره بالخروج: حول حول يا بوووي بلشتنا بلشه من صباح الله خير
غمغمت منقرفة من رائحة النفق الضيق وهي توليه ظهرها: لو تأخرت على الدورة حرام يا اطلع الدعمة من عينك
خرج الشاب من سيارته .... ووقف امامها وهي ما تزال توليه ظهرها
التفتت بحدة نحوه لتتراجع بعفوية شابتها بعض التوتر ... بسبب طوله وعرض منكبيه
فـ ازداد غضبها
تكره الرجل الذي يشعرها بالارتباك حتى لو من غير قصد منه
وقبل ان تتفوه بكلمة .. هتف بصوت مكتوم وهو ينظر لمؤخرة سيارتها: ا ا انا ما قصدت .... والله ما قصدت
قهقه فجأة بشكل ابله ثم اردف ببقايا ضحكة متوترة مرتعشة: ا انا كنت سرحان .. كنت افكر شو بتريق...
وضع يداه على معدته واكمل بحزن: ما تريقت ... امايه مسوتلي بيض وانا ما احب البيض ... اكره ريحته
تنهد وعيناه تنتقلان بذعر من سيارتها الى سيارته اليها مردفاً بنبرة مرتبكة ضائعة: ريحته مب حلوة .... مب حلوووة
انتقل فجأة بحديثه وهو يسألها بصدمة: بدقين على الشرطة !!
كانت ترمقه بحاجبان مرفوعان ...... هل هذا الشاب ابله ام يدعي البلاهة كي يفلت من عقابه ؟
وضعت يدها على خصرها من غير ان تشعر ..... وهي تقول بسخرية باردة: انت خبل !!! شو عليه انا من ريوقك وبيضك وامك وسوالفك
اشرت على سيارتها لتضيف بنبرة ارعبته ... اتضح رعبه منها من قفزته وتراجعه الى الوراء: داعم مووووتريه انت يا حبيييبي ..... اكيد بتصل في ساااااعد
الشاب بهلع حقيقي: ساعد منوو !!
رمقته بنظرة مصدومة وقالت: ساعد منووو !!!! ساعد ابوك يا روح ابوووك ..... بعد منو سااااعد
الفزعة اللي بتيي تشخطلك المخالفة وتصور مكان الدعمة
: هيه هيه ساعد .... ا ا انزين انا بعطيج اللي تبينه بس لا تتصلين ابهم
حرابة بهدير مستنكر حاد: خييير !!
غضن وجهه بخوف وهو ينكمش محدقاً بها كـ طفل صغير خائف: أخاف يحبسوووووني
رباه ....... أتصفعه ام تضحك ؟
لكن غرابة تصرفاته وحديثه اشعرتها ان عقله غير سليم بشكل كامل .. فــ آثرت التراجع بصمت والاتصال بـ مركز ساعد كي يجلبوا العون لها
بعد دقائق
أتت سيارة الإنقاذ .... فـ طلب العسكري من الشاب الواقف بتوتر خلف حرابة رخصة فيادته وملكية السيارة
اخرج البطاقتين المطلوبتين وهو ما زال يختبئ خلف جسد حرابة .... ومن شدة ارتباكه أعطاها هي البطاقتان كي تعطيهما للعسكري بنفسها
: عـ عطيهم ا ا انتي
اخذت البطاقتان منه بحدة واعطتها للضابط من غير ان تنظر لأي من البطاقتين
قرأ العسكري اسمه فقال بصوت حازم رنان:
غابش عبدالرحمن بوالشريس .... ممكن تخبرني كيف صار الحادث ؟
غابش عبدالرحمن ابوالشريس !!
وقبل ان ينطق غابش بحرف .. مدت حرابة يدها وامرت العسكري بصرامة:عطني ليسنه
احتدت نظرة العسكري من وقاحة مطلبها الذي كان امراً لا مطلباً في الحقيقة
لكن ما ان سقطت عيناه على رتبتها ... واسمها .... حتى تراجع واعطاها ما تريد من غير معارضة
آخر ما يريده هو الطرد من العمل بسبب مواجهته لـ الرائد الطيار حرابة بنت ليث
قرأت الاسم كاملاً
ثم نظرت للشاب خلفها عدة ثوانٍ طويلة
امرت العسكري وهي تمد يدها مرة أخرى نحوه: عطني ملكية موتره
أعطاها العسكري بطاقة الملكية كذلك من غير معارضة
اعادتهما لـ غابش وهي تقول للعسكري بحزم بالغ: توكل انت واعتبر ما من حاية صارت
: بس يا اخت حرابة نحن لازم
قاطعته بحدة: لا تعيد وتزيد في الرمسة ويايه ..... قلتلك توكل واعتبر ما من حايه صارت
اعطته بطاقة عملها وهي تردف: واللي بيحاسبك على شي اتصلبي وانا بتفاهم وياه
العسكري: بسسس
حرابة بحاجب مرفوع: تباني اعيد رمستيه !! ... ترى مب مشكلة عندي حتى لو السيد واقف ومتعطل يلين آخر بوظبي
(السيد = طابور السيارات)
عندما استوعب الامر تراجع وقال بحنق متوتر: انا مالي خص
حرابة بنبرة صقيعية مستفزة: توكل ابوي توكل
بعد ان ابتعد العسكري .. التفتت لغابش وقالت من غير ان تعطيه نظرة كاملة: وانت ..... حرك موترك ووقف برع النفق .... تجدم وبلحقك
هز غابش رأسه بخوف شديد وفعل ما طلبته حرابة من غير تردد
خرج من النفق ووقف في جانب الطريق فـ وقفت خلفه بعد دقائق قبل ان تنزل من سيارتها وتقترب منه
وهو خرج لها بالمقابل
قالت وهي تتأمل وجهه بتمعن مستوعبةً اخيراً الشبه الشديد بينه وبين والده عبدالرحمن: انزين يا غابش
اشرت لإسمها الذي يتربع بفخامة على قميصها العسكري لتضيف:
ما عرفت بنت عمتك ؟
ردد الكلمة بنبرة معتوهة مستغربة: بنت عمتي ؟
شخرت بسخرية ..... ثم قالت بخشونة: شر البلية ما يضحك ... هيه بنت عمتك عفرا يا ولد خالي عبدالرحمن
مسد عنقه بلامبالاة خرقاء ..... ثم قال: انزين بنت عمتي ... الشرطي خلاص ما بيحبسني
حركت شفتيها ببرود .... واجابته: لا ما بيحبسك
تهللت اساريره ........ وبحركة لم تستوعبها حرابة بداية الامر .... امسك ذراعها وهو يصيح ببهجة/عدم تصديق: حلللفي !!!! ..... اخخخخخخخ
بسرعة شديدة .... لوت ذراعه بقوة وهي تزمجر بشراسة: ايدك يا ووووولد
توسلها بأنين متوجع وهو يغمض عيناه بخوف/رهبة: اخخخخ ..... ايدي ..... ايدي ........ بعدين بتنكسر .... مثل ما انكسرت في .... في .... في الحاااااادث ....... اخ ايييييييدي
نزعت يدها من يده بسرعة وهي ترمقه بنظرة حادة انما مرتبكة وقلقة .... فـ هذا الرجل بكامل طوله وعرضه اخذ يرتعش بجنون بعد ان كان للتو يكاد يقفز بهجةً وسعادةً معتقداً ان الشرطي كان سيتجرأ ويسجنه بسبب مخالفة مرورية فقط !
اشرت نحوه بغضب تأمره بالرحيل: توكل توكل .... اشهد ان هالصباح نكد في نكد
تغيرت تقاطيع وجهه وهو يتذكر امراً ما: حرابة .... هيييه حراااااابة ... انتي حرااااابة
قاطعته بحدة ساخرة: شو هييييه حرابة
اشر نحو وجهها منبهراً ليقول: انتي اللي بتخطبيني صح !!
شهقت وهي ترمقه بصدمة ... ثم قالت مغتاظة: اخطببببببببببببك
حك خده بحيرة وقال: هيه امايه قالتلي جيه
هدرت حرابة بهيجان ناري: لا يا حبيب امك .. الريال هو اللي يخطب الحرمة مب الحرمة اللي تخطب الرياااااال
هتف ببساطة: بس انتي مب حرمة
حرابة بصدمة: نعمممممم !!!
زم فمه بطفولية ....... وقال حائراً: ما تلبسين شرات امايه واختيه رحمة .. تلبسين لبس الرياييل
عضت شفتها بغضب عاتي وهي تريد لكمه في الحال وكسر صف اسنانه البيضاء
الا انه قال وهو يبتسم بخجل لا يليق برجولته "الواضحة رغم عتهه": بس انتي احلى عنهم
كان يرمقها بإعجاب ....... إعجاب صريح جلي وشفاف
لأول مرة في تاريخ حياتها ... تسمع غزلاً بريئاً كهذا الغزل
غزل لم ينفرها
لم يغضبها
لم يزعجها
بل وياللغرابة ..... حرك غصون قلبها المتيبسة !
تنحنحت بغلظة وقالت:
روح شغلك وخلني اتوكل لشغلي ... عطلتني بما فيه الكفاية
التفتت وذهبت مبتعدةً عنه لكنها توقفت عندما نادى بإسمها ملهوفاً: حراااااابة
نظرت له بنظرة باردة متمللة سرعان ما ارتعدت
سمعته ... ورأته بأم عينها كيف نطق بها ... نطقها بطفولية ... ببراءة .... وبصفاء قلب جذب حواسها:
انا خلاص أبا اخذج .. انتي وايد حلوووووة .... وايد وايد حلوووووة
في البداية ذُهلت مما قاله ..... ثم بعد ذلك لانت نظرتها ...... وأصبحت .... اكثر دفئاً
من غير ان تشعر .... وبسبب اعصابها التي تخدرت على نحو مدغدغ .... رفعت يدها نحوه .. واشرت له بالوداع بهدوء وصمت .... ودخلت سيارتها
حركة بسيطة ناعمة تفعلها عادةً للأطفال كلما بثوا الدفئ والرقة في روحها القاحلة
ما ان اختفت من امام ناظره ... حتى برقت مقلتاه ببسمة ذئبية متغطرسة
استقام بظهره لتظهر انفته الشامخة .... وفخر ابوالشريس بكل عضلة في جسده
ثم عاد لسيارته
،,
هولندا – أمستردام – ضاحية جوردان
يجلس على مقعد مكتبه الفخم ... وينظر لها من بعيد .. من خلف باب مكتبه المفتوح على مصراعيه .... وهي تلاعب توأمه آدم وجايكوب
حتى رن هاتفه فجأة معلناً قدوم اتصال من انجلينا ..... رغبت الأخيرة بزيارة فاتصلت به مسبقاً لتعرف ما اذ كان مشغولاً او متفرغاً ..... فأذِن لها بالقدوم
بعد حوالي نصف ساعة ..... كانت تدخل القصر بعد ان فتحت لها الخادمة الباب الداخلي
هتفت للتوأمان "الجالسان بشقاوة فوق طاولة الطعام متمردان على قوانين القصر الصارم وبروتوكوله"
وهي تتجاهل وجود جواهر التي تراجع بعض الملفات امامها بانهماك: هااي
شعرت بالغيظ ...... فـ جواهر لم تكلف نفسها رفع رأسها لتراها وتنبهر كبقية الناس بجمالها الأشقر المضيء
كتمت غيظها ... واتجهت نحو مكتب ديدريك الذي انغلق قبل وصولها .... ومن فرط غطرستها ... دلفت من غير ان تطرق الباب
ابتسمت جواهر ساخرة مستهزئة
هذه الشقراء لا تعرف ما الذي ستواجهه الآن
وقبل ان تنهي كلمتها الأخيرة ... كانت هي والتوأمان يسمعان هدير ديدريك القاسي الموبخ
: اخرجي حالاً انجلينا ... تعلمين انني اكره من يقتحم مكتبي من غير استئذان
بعفوية .... صدر صوت ضحكة مكتومة من جواهر ..... وزاد ارتفاع الصوت وهي ترى انجلينا تخرج من المكتب بوجهٍ محتقن من اثر الاحراج والقهر
وقفت امام الباب وطرقته بحدة ...... لتسمعه يقول بصوت جبروتي رنان: عودي بعد عشرة دقائق
شعرت بغيظ وهي تكاد تشتم مزاجه المتقلب ... ما به !!
لقد اتصلت به قبل قليل وتأكدت من خلو جدوله من الاعمال الحالية ..
صاحب انفصام في الشخصية هذا الديدريك
استدارت نحو التوأم المشاكس .... وقررت ان تمارس بعض الحنان عليهما كي تكسبهما بجانبها
سألت الأكبر ببسمة حلوة وهي ما تزال تتجاهل وجود جواهر: كيف حالك آدم ؟
وقف فوق الطاولة ...... ثم هرول اتجاه جواهر وقفز فوق حضنها يحتضن عنقها بقوة .... ونظراته الحاقدة تخترق روح انجلينا بقسوة
تجاهلت حركة آدم وهي تسأل الأصغر بذات ابتسامتها الحلوة "المتصلبة": احم .. وانت جايكوب .. كيف هي دراستك ؟
مد لها لسانه باشمئزاز وهو يأخذ ألعابه ويجلس قرب جواهر بردة فعل شبيهة بتوأمه
قالت جواهر ببسمة خبيثة وعيناها ما تزالان على الملفات التي بين يديها: يبدو ان صديقك العزيز يعاني من بعض التوتر والغضب ... هل تريدين مني المساعدة ؟
اشاحت انجلينا بوجهها عنها وهي تغمغم باحتقار: وقحة
قهقهت جواهر بنعومة ثم غمزت لها بمكر تخلله ثقة/انفة: اعطني معلومة جديدة يا عزيزتي انجلينا
وهمت انجلينا ان ترد على جواهر الا ان آدم المشاكس قذف مثلث ورقي من لعبة المطاط خاصته على خدها فـ تأوهت متألمة وهي تمسك خدها المحمر
رمقته جواهر بحزم وقالت: آدم ... كف عن مشاكستك ... اعتذر لـ انجلينا في الحال
آدم بكره: لا لن اعتذر من هذه القبيحة
واخرج لسانه لها باشمئزاز/حقد
امرته جواهر للمرة الثانية بحزم اشد: اعتذر في الحال آدم
زم فمه باعتراض ... قبل ان يقول بنظرة تشبه نظرة ابيه الباردة: ان اعتذرت .. هل ستنامين اليوم عندنا ؟
رفعت سبابتها وهي تجيبه بصرامة: لا تربط الأمور ببعضها .... اعتذارك أمر .... وموضوع نومي عندك وجايكوب امر آخر .... هيا اترك المراوغة واعتذر في الحال
حرك جانب فمه بغضب طفولي ... ثم قال مجبوراً: آسف
فجأة صاح جايكوب بحماس: بابااااااا
كان "الـ بابا" ... يقف امام باب مكتبه بوقفة مائلة ... ويرى كل ما يجري امامه
التقط ابنه الذي ركض نحوه ..... وحمله ثم قبّله على رأسه ..... ليقول بعدها بصوت حازم هادئ: تفضلي بالدخول انجلينا
دلفت خلفه وهي مغتاظة من وجود جايكوب معهما ..... والذي زاد من غيظها دخول آدم خلفها
لكن غيظها وصل درجة الألف عندما سمعت ديدريك ينادي بصوته الفخم الرخيم: جواهر تعالي
دخلت جواهر وهي ترمقه بنظرات متسائلة .. فأجابها في الحال بحركة خفيفة من يده نحو الجلسة الإنجليزية القابعة في زاوية المكتب: تفضلي
امرها بالجلوس قبالته قبل ان يأمر انجلينا ... هذا ما جعل الاخيرة تطحن اسنانها من القهر والغضب !
ثم قال للأخرى بهدوء وهو يضع ساق فوق ساق:
تفضلي انجلينا
تقدمت وجلست بجانبه نكايةً بـ جواهر التي كانت تجلس بكل اريحية واسترخاء امام ديدريك ولا تعرها اية اهتمام يُذكر
سألها وهو يمسد شعر قطته البيضاء: ما الامر عزيزتي انجلينا ؟
ميلت جسدها نحوه وقالت بصوت مدلل مغري: جئت لألقِ السلام عليك خاصةً وانني لم ارك قبل سفرة افريقيا شهراً كاملاً .... كيف حالك عزيزي ؟
ديدريك: بخير .. ممتن لسؤالك انجلينا
دق جرس النداء الخاص بالخدم ... فـ أتت احدى الخادمات وهي تومئ برأسها بإجلال وتهذيب
ديدريك: ليزي .... احضري القهوة .... وبعض من عصير البرتقال الطازج للأولاد
مسد ذقن قطته برقة واردف: ولا تنسي الحليب الخاص بـ سوزي
الخادمة باحترام شديد: أمرك سيدي
اوقفتها انجلينا بتهور: ليزي .. كأساً من النبيذ الأبيض
التفتت ليزي نحو سيدها الصامت ثم قالت: المعذرة سيدتي لكن النبيذ والمشروبات الكحولية غير مسموح بها في القصر
تباً .... كيف نسيت هذا الامر !
تنحنحت بخفوت ثم قالت: سأكتفي اذا بالقهوة
اومأت الخادمة برأسها قبل ان تقول: من دواعي سروري سيدتي
بعد شرب القهوة ... طلب ديدريك بلطف من توأمه ان يذهبا ويكملا دراستهما
بعد خروجهما ..... قالت جواهر له بجدية: ديدريك .. هل الوقت مناسب لأناقش معك ما أنجزته في الامارات ؟
ديدريك: بالطبع
نظرت الى انجلينا نظرة خاطفة باردة فـ فهم الأمر من غير ان تتفوه بكلمة
قال للأخرى بأسلوب لبق: انجلينا هل لديك شيء آخر ترغبين بقوله لي ؟
: ا ا ..... لا ........ هل جلوسي يزعجكما ؟
قالت جواهر بوجه صاحبة الاعمال الصارمة الرسمية وهي ترفع بعض الاوراق وتضعها بين يدي ديدريك:
لن يزعج ديدريك لكنه سيزعجني ... لا احبذ جلوس الدخلاء بجانبي وقت العمل
نظرت نحو ديدريك بحزم .... ثم اردفت بثقة عالية: وديدريك يعلم هذا
من غير ان ينبس ببنت شفه ... رفع عيناه إلى انجلينا ... وامرها بنظرة واحدة ان تنصرف
فـ خرجت مغتاظة حد اللهيب .... مالذي يراه في جواهر ولا يراه فيها !!!
مالذي يجعله قريباً من تلك القزمة حد انه لا يرضى بأي امر ضدها او يعارض أي شيء تقوله/تفعله !!
لو لم ترى بعيناها كي يعامل الجميع ببرود حتى جواهر نفسها ... لظنّت انه يهواها وغارق في بحر عيناها !!
هيا انجلينا ...... تعلمين ان حتى بروده مع صاحبة عينا الغزال مختلف عن بروده معك ومع بقية النساء
تباً
سنة كاملة تحاول الالتصاق به كـ علقة ..... منذ حفلة الاوبرا التي عرفتها عليه من خلال والدها ولولا المصالح المشتركة بينه وبين والدها لما وافق ان تدخل حياته وتتعرف على ابناءه وقصره من الداخل
سلبها من اول دقيقة بعيناه السوداوان ووسامته الارستقراطية الباذخة
ورغبت به .. بأكمله .. بـ رجولته
بـ سلطته المتوهجة الجاذبة لأعين الاغنياء من الرجال والنساء المثيرة للغيرة والحسد !
بـ بروده ... بـ اسلوبه الفج الرسمي
وقبل كل شيء ...... بـ غناه الفاحش وثروته الضخمة
لكنه الى الآن لم يعطها الضوء الأخضر لتقترب ... يعاملها كـ صديقة لا اكثر
حالها حال بقية النسوة والفتيات حوله
ما به !!
في كثير من الأحيان تعتقد انه شاذ جنسياً .. لكن لا .... ديدريك والشذوذ خطان لا يلتقيان
افففف
تباً لـ تلك الجواهر .... هي من تعيق طريقها نحو قلبه وامتلاك روحه
ليتها تموت وتتخلص منها !
،,
ابوظبي
مساءاً
اقتربت من والدتها وهي عابسة ..... فـ هي عندما تشعر بالحرج تعبس ويتغضن كل انش من وجهها المليح من غير ان تشعر
: موافقة
قفزت والدتها وهي تشهق: سلام قول من رب رحيم
وين ظهرتيلي انتي ؟؟
كررت كلمتها بصوت غليظ: موافقة
ثم سكتت بينما تسكب لنفسها فنجاناً من القهوة
فغرت والدتها فمها غير مستوعبة لتقول: هاااه !!! على شووو !!!
بعد ان ارتشفت من القليل من القهوة قالت ببرود ظاهري: على ولد اخوج
ام حرابة بصدمة بالغة: في ذمتج !!!
قالت حرابة متمسكة ببرودها وصقيعية تعابير وجهها: ردي عليهم خبر
فاهها ما زال فاغراً ... وكذلك حال محاجرها ......... حرابة موافقة !! وعلى من !! على غابش ابن اخيها
حرابة باستنكار بارد: شبلاج ؟
لمست جبين ابنتها وهي تهتف بذهول: صدق ولا فيج حمى وتهويسين ؟
رمقتها حرابة بلا مبالاة وقالت: متى امزح انا امايه !
فجأة .... انفجرت ضاحكة وهي تقفز لحضن ابنتها: حرووووووووبتي
التقطت جسد أمها بعفوية وهي تقول بصوت مغتاظ: امايه خنقتييييييني
اخذت تقبل خد حرابة بقوة وهي تقول: واي قلللللللبي .... فرحتيني من الخاااااااطر
فـ وجدت نفسها تبتسم بخفة تشوبها الدهشة ....... ثم قالت متعجبة: غريبة
ضربت ام حرابة كتف ابنتها وهي تقول: شو الغريبة بعد !!! ام وتبوس بنتها
حرابة: لا .... غريبة انج فرحانه فيّه وانا باخذ واحد مب صاحي
تلعثمت والدتها وقالت: ا ا يعني شسمه .... بتعرسين انتي .... ومهما كان الريال اكيد بفرحلج ... ان كان مب صاحي ولا عاقل
انتي بنتيه العوده وبهجة فواديه بعد حزني بموت اخوج
لانت نظرة حرابة بدفئ .... قبل ان تقبّل كف أمها بهدوء وتأثر الصمت
سألتها والدتها باهتمام وما زالت الابتسامة تشق تقاطيع وجهها: بشو تفكرين ؟
هزت حرابة رأسها بالنفي وقالت: ماشي
ام حرابة بإصرار: قولي
نظرت لأمها مطولاً قبل ان تقول: احيد قلتيلي ان محد يعرف بحالة غابش ... وان ابوه دس سالفة مرضه عن اليميع
ام حرابة وهي تخفي توترها بجدارة: هيه .... الكل يتحرا ان غابش تشافى 100 % .... نحن بس اللي نعرف بحالته الصدقية
حرابة: انزين
ام حرابة: شو اللي في خاطرج ... قوليه
وقفت حرابة وهي تقول ببال شارد: ماشي ..... افكر اظهر ملفه واقرا اكثر عن حالته الصحية
تمكنت من رؤية الشحوب على وجه والدتها فـ سألتها بحاجب مرفوع: فيها شي ؟
ام حرابة: ا ا لا لا ابد .... من حقج تعرفين زود عن حالة ريلج المستقبلي
ما ان ابتعدت ابنتها عنها حتى التقطت هاتفها بسرعة تريد تبشير اخيها بقرار حرابة .... وتحذره بعدها مما ترغب بفعله
لم تعلم ان اتصالها بـ اخيها سيصدمها بخبر آخر لم يكن في حسبانها البتة
،,
أمريكا .... في احدى مناطق فلوريدا السكنية
بوجهها المحتقن من اثر الحمام الساخن الطويل .... خرجت وهي تجفف شعرها البني مرتديةً قميص نوم قطني خفيف فوقه رداء طويل قطني كذلك
احكمت المنشفة حول رأسها كي تتجنب البرد ... قبل ان تخطو اكثر نحو المطبخ
ثوانٍ فقط لم تعلم انها ستأتي بالفجائع
حتى صاحت مرعوبة !
هو من ارعبها ... بوقفته الكسولة ويداه المختبئتان داخل جيوب بنطاله ... مستنداً على باب المنزل الخشبي الصغير
قامته الفارعة بـ لباسه البوهيمي الخليط من اللون الزيتي والبيج ............. كان ابداً لا يناسب حجم المنزل الصغير
كان وكأنه داخل احدى بيوت عرائس الصغيرات الورديات
اقترب منها ببطئ .... بخطوات رشيقة كـ رشاقة قامته
وقف امامها وهي ما تزال تقف امامه مفجوعة مصدومة من وجوده
: شحالج سارة ؟!
كان ترمقه بتعابير خرساء
وكأنها تحاول جمع صور احجية امامها ... هل نسيته !
هل سنين الفراق الماضية كانت كافية لأن تنساه حقاً ؟!
لحظات من التحديق الصامت .... حتى فعلت بالضبط ما توقعه ..
غيّرت ردة فعلها بسرعة ..... تصرف كان دوماً يلمحه منها في المواقف المحرجة ..
تراجعت بهدوء تحاول تغطية عنقها ...... وهي تهتف بجمود وكأن الذي امامها لم يفارقها منذ سنين: منو دلك على البيت ؟ وكيف دخلته ؟
اجابها وعيناه تشتدان على وجهها/جسدها: اللي يسأل ما يضيع
وضعت شال صوفي حول جسدها الذي كان ساتراً بالاصل الا ان نظراته المحدقة الوقحة كانت تخترق صدرها مما اشعرها بالربكة/التشتت: شو تبا ؟
لا شيء .... فقط ارغب بسماع "منصوي"
لم يخف عليها الوله الناضح بعيناه ... حتى وهو ما زال يحافظ على برودة همسه الرخيم ونظرته الكسولة اللامبالية
اشتدت خفقاتها اضطراباً ... وقح فج عديم الشرف !
استدارت للخلف وهي تقول بذات صوتها الجامد الجاف: استييح ... ببدل وبييك
مسك ذراعها وقربها نحوه بقوة حانية ... ليقول لها بحرارة أنفاسه ونظراته: اتفقنا على البعاد
رفعت حاجباً له .... الصمود .... الصمود فقط من الله ...... قالت باقتضاب: هيه
منصور بذات صوته وسخونة جسده الذي بدأ يبث شراراته نحو جسدها: واتفقنا على انا نذكر بعضنا بطيب حتى لو افترقنا وشتتنا الظروف
: هيه
قست نظرته فجأة وهو يرص بقبضته على ذراعها: بس ما اتفقنا على الجذب
سألته بقلب منتفض: شو تقصد ؟
رفع الصورة امامها وقال بنبرة شرسة: ما اتفقنا تحملين وتربين وأنا آخر من يعلم
بحدة ... اشاحت بوجهها عنه
نطقت ببرود قاسي بـ اول امرٍ خطر في بالها: زواجنا كان لعبة في لعبة ..... تظن بخبيك اني حامل وانت شردت بعد زواجنا ؟!
تجاهل كلامها وهو يسألها بتسلط استفزها: وينها ؟
ردت وهي تدخل بتوتر خصلات شعرها تحت المنشفة: في مديستها
ترك يدها بحدة ..... وقال بلا تردد: زهبي روحج ... انتي وهي بتردون البلاد ويايه
ردت بقسوة اخفت خلفها رعبها وهلعها مما سمعته: لا
منصور بنبرة كالصقيع: مب على هواج سارة
هدرت سارة بغضب بدأ يتصاعد في صدرها وينفجر: هاي بنتي وانا اللي احدد مستقبلها وين بيكون
منصور: مستقبلها في بلادها
سارة بهيجان: هاي بلادها .... وهنيه انولدت وعاشت
لوى فمه بغضب وهو يقول محتداً: لو كان عندي علم من اول ... جان ما انولدت هنيه ولا عاشت هنيه
نطقت اسمه غاضبة هائجة: منصوووي
قاطعها وقد بدأت سيطرته على اعصابه بالانفلات: منصور ماسك اعصابه وايد .... وايد يا سارة
سارة بصوت ارتفع واحتد من الانفعال: ليش شو سويت !!
زمجر وهو يقترب منها ويجرها نحوه لتصطدم بصدره الصلب .... اصطدام جعلها تنتفض وتنكمش: غير اني متشفق على شمّة وحده من نصخج .. غير اني حرَمت على هالصدر جبين بنت غيرج .. غير اني مصدوم وخايب ظني انج دسيتي سالفة بنتي علي !
ما اعتقد سويتي شي
تنظر له بشحوب ورجفان .... رؤيته اليوم لم تكن في حسبانها ... لم تكن في ابشع احلامها ... كيف عرف بأمر ابنته ... من اخبره !!
لتقول وهي تسيطر على اعصابها قدر ما تستطيع: ا ..... انت ما كنت تباني
رد على جملتها بعيناه المحدقتان بعيناها وثغرها بتوالٍ اثار اضطرابها: الظروف ما كانت تبانا لبعض
همست بحدة وهي تحاول إخفاء هزة الرعب فيها: انت والظيوف كنتو ضدي
تنهد قرب جبينها بحرارة .. ثم قال بهدوء: زهبوا عماركم .... انتي وبنتي بتردون معايه البلاد
انتفضت سارة مبتعدةً عنه لتهتف بنبرة شرسة: اسمها ضي وهي بنتي انا
ابتسم بجرح عذَب قلبها ........ قبل ان يقول ساخراً: وبنتج من وين يت .... من الهوا
اشاحت بـ وجهها المحتقن وهي تقول بانفعال: من ابوها ..... اللي عقب ليلة وحده صاي انسان ثاني وقيي يغيي مسيى حياته من غيي ما يهتم بمشاعي غييه
رد مصارعاً رغبته بتقبيل رجفة شفتيها وحرف الراء المختفية من بين حروفها: بغيت مصلحتج
قاطعته بعنف: لا ..... بغيت ياحة بالك وحييتك
تنهدت روحه وصمت بوجوم
ايّة راحة بال وحرية يا صغيرة ....... آآآه
لن يستطيع الآن افهامها ما كان يشعر به ويفكر بخصوصه في تلك الأيام العصيبة ..
لن يستطيع ابداً !!
تراجع وقال بصوت لا يقبل المجادلة: زهبي اغراضج واغراض البنية ..... ولا تخليني اعيد رمستيه عسب ما تنصدمين عقب باللي بسويه
قالت بحدة وهي تتحداه بتعمد .... اغضبها بتهديده حقاً: وشو ناوي تسويه فيّه يا أستاذ منصوي عقب كل اللي سويته قبل !!
التفت لها هادراً بجنون ارعبها ..... وهو يأشر نحو الاريكة بجانبها .... كان صادق بتهديده ... صادق وعازم: ما بسوي شي مووليه ... بس بحمّلج مرة ثانية وهالمرة حملج بيكون تحت عيني ونصخي
هاااه شو رايج يا مدااام !!
(بحمّلج = سأجعلك حامل)
بسرعة كالبرق كانت تهرب نحو غرفتها قبل ان يفعلها حقاً
وفكرة واحدة بدأت تتضخم في عقلها .... يجب ان تستعين بـ ذلك الرجل
يجب !!
،,
سيريلانكا
صباح اليوم التالي
قال وهو يرمق روزة من بعيد بطرف عيناه: عنيدة
..
رد بتأكيد: حاط بالي عليها
..
: ليش ساكت ؟
..
: متأكد ؟
..
: آسف ... المفروض ما أتدخل
..
اخرج تنهيدة من انفه .... وقال بإيماءة من رأسه: إن شاء الله
..
: في أمان الكريم
ضغط زر اغلاق المكالمة بينما اذناه تلتقطان صوتها الغاضب الجاف: ممكن اكلم هلي الحينه ؟
تذكر انه منعها فيما سبق الا تصدر أي مكالمة من هاتفها تفادياً لأي مراقبة من الحكومة او الشرطة عليه
بعفوية .... أعطاها هاتفه الذي يستخدمه في الحالات الحرجة ... وقبل ان تلتقطه روزة ... كان يطير باتجاه آخر أثر رصاصة اصابته
شهقت بهلع .... وكادت تصطدم بظهر الشاحنة المتوقفة امام استراحة البنزين منذ دقائق
كانت ستصرخ لولا يده التي قبضت ذراعها بعنف وتدخلها عنوةً الشاحنة ...... ولحسن حظ الاثنان ان الصغيرة ما زالت تغط في نوم عميق مُرهق ..... ولم تستيقظ من صوت الرصاص
نظرت للخلف بثغر يرتعش من الرعب: مـ مـ منوووو
هدر وهو يشتمهم من بين اسنانه: ما غيييييرهم
ظلت ترتجف وتتأكد من سلامة الصغيرة النائمة قبل ان تقول بتوتر مريع:
مـ محححمد
دعس على البنزين وهو يقاطعها من بين شرار عيناه: لا تخافين روزه
دامني وياج ماباج تخافين من حد تسمعييييين !!
هنا ......... تصنمت الانفاس في صدرها ... اضطراب .. انقباض .. اهتزاز بأركان الثبات في روحها !
"دامني وياج ماباج تخافين من حد تسمعييييين !!"
ياللهول ... هي متزوجة ... وام لطفل ..
انتِ زوجة وام يا روزة ....... هذه الخفقات التي تدق بين جنبات روحك لا يجب ان تتراقص بجنون .. وبهذه الطريقة الشيطانية الخائنة
لا يجــــــب ...
،,
هولندا
كانت تجلس على احدى مقاعد كافيه الشركة
لـ تلمحه من وراء نظارتها الخاصة بالقراءة وهو يدخل ..... وبالطبع أعين كل الموظفين تسلطت عليه بانبهار ومهابةً
من النادر جداً ان يمر السيد ديدريك بجانب هذا الركن من الشركة الضخمة
اقترب منها وجلس امامها من غير ان يتكلم .... منذ ان عرفته وهو لا يتكلم الا نادراً ... عيناه فقط من تتحدثان وتخبران بألف قصة وقصة
وكلها قصص موجعة ................ بل مبكية حد العذاب !
همست برقة: ديدريك
سألها بصوته الصارم البارد: لمَ تجلسين هنا لوحدك ؟!
كي ابتعد عن لعبة القط والفأر معك أيها الدب القطبي .. لعبة ساكنة صامتة غامضة .. كأن القط يلاحق الفأر في متاهة قصرٍ جليدي لا بداية لها ولا نهاية ... مليئة بالمرايات .. بالرمادات .. بسواد الحكايات وفحيح الجمادات
تنحنحت بخفة ...... وقالت بابتسامة وهي تتأمل الحديقة من خلف النافذة الشفافة: أحببت تأمل الطبيعية من خلق نوافذ الكافيه الضخمة
صمت ..... وظل بدوره يتأمل ما تراه هي بهدوء
قبل ان يقول بشكل فاجأها واثار استغرابها: باهتة
قالت بسرعة متعجبة: عفواً
اسند ظهره على المقعد وهو يكرر كلمته بهمس خشن بينما عيناه ما تزالان متسلطتان على الطبيعة الخضراء: باهتة
كئيبة
لا صوت يناديكِ منها أو مرسال .. ولا طير يخبركِ من فوق الاغصان ان الدنيا ما تزال مفعمة بالجمال !
رباه ............ من هذا الذي يتكلم الآن بشكل ساحر حزين شاعري .. ديدريك !! وعن ماذا .. عن الطبيعة بدل العمل !!
رغم توترها من شفافية حديثه المفاجئ وذهولها ...... قالت: إن كانت هذه الطبيعية باهتة وكئيبة وجمالها لم ينطق لك بمراسيل الشجن والحب
فأي طبيعة هي كل هذا !!
نظر لها ... وابتسمت عيناه بسخرية تفجرت بمشاعر حارة هوجاء ... قبل ان يقول بخفوت غليظ: صدقيني
انتي لم تري الجمال بعد
تزلزلت مشاعرها واشتعلت حباً وفضولاً وترقباً ..... وهمّت ان ترد عليه لكن صوت انثوي ناعم قاطع حوارهما: ديدريك
هذا ما كان ينقصها
قدوم مغرمة ثانية للسيد ديدريك
كانت مشاعرها على حافة صخرة منذ البارحة ..... يكفيها انجلينا ...... وما تفعله بها .... والآن روبي ذات الشعر الأحمر الناري
وقفت وهي تقول مسيطرةً على شحوب وجهها وضيقها:
عن اذنك
قال متسائلاً متجاهلاً الفتاة التي تضع يدها على كتفه بجرأة: إلى أين ؟
بخفوت غاضب ... همست لنفسها:
جهنم
كرر ديدريك سؤاله بحزم اشد: إلى أين جواهر ؟
: سأعود للعمل
عن اذنكما
عندما ابتعدت عنهما ... اقتربت روبي وجلست امامه وهي تقول ببسمة مثيرة تعمدت معها ابراز شفاهها الملونة باللون التوتي الفاتن: هاي ديدريك .. اشتقت إليك .. كنت مع رافاييل ليلة البارحة واخبرني انك عدت لـ هولندا اخيراً .... فـ انتهزت الفرصة وقررت المجيء لرؤيتك
ليجاملها فقط .... قرر ان يجلس معها قليلاً واجراء حوار اجتماعي لبق خفيف قبل ان يقرر العودة لعمله
في منتصف احاديثها الطفولية المملة ... أتاه اتصال مهم ... فـ اعتذر منها وخرج
بعد ان انهى اتصاله ... قرر الا يعود للمقهى وان يتجاهل روبي عائداً لعمله..... وفيما بعد سيعتذر منها عبر الهاتف
داخل مكتبه ..... كانت تقف امام طاولته تبحث عن بعض الأوراق وهي تتذمر بغضب وغيرة
: جواهر
قفزت مذعورة بداية الامر ثم عبست بوجهه
قالت وهي ما تزال منهمكة في بحثها عن الأوراق المطلوبة: آسفة دخلت من غير استئذان لكنني مستعجلة وابحث عن ملف مهم
بروية ..... ومن غير ان تنتبه ...... مشى اتجاهها ووقف خلفها بالضبط من غير ان يتلامسا فعلياً
ليصدم قلبها بقوله القاسي: لا أمل لك معي جواهر
ارتعشت اصابعها/اوصالها ..... قبل ان تخفض عيناها بزلزلة روح وتسمعه يردف من بين اسنانه:
لست الرجل الذي ترغبين بقضاء باقي عمرك معه
قاطعته بصوت متحشرج حاد: ديدريك
فـ قاطعها بقسوة اشد من ذي قبل: بل لست الإنسان الذي من الممكن أن تتقاسمي روحك الطاهرة معه
التفتت تريد الابتعاد عنه وعن سموم كلامه
لكنه وقف امامها وهو يكرر امام خداها المحترقتان من اثر الانفعال والألم الماكن: هل تسمعينني !!
تباً ... ما يزال يجرحها .... ويحرجها .... ويثير عويل كرامتها المهانة
رفعت يدها امام وجهه بصرامة ... لتقول محاولةً الا تخفض ناظرها عن مدار ناظره الحاد:
سمعت ..... واستغرب جداً سبب حديثك
: لماذا ؟
جواهر بسخرية قاسية: عفوا سيد ديدريك ...... هل مكتوب على جبيني
"عاشقة الوسيم الصامت ديدريك" ؟؟؟
بالطبع لا
فلا يغرنك نجاحك في عالم المال وتعتقد انك في يوم ما ستستطيع النجاح في فهمي والتوغل الى أعماقي
فقبل كل شيء
انا امرأة عربية .. لها من الكرامة ما تحرقك وتحرق معجباتك الشبيهات بالنعجات
رصت على اسنانها وكأنها ترص على جمرة لتكمل: انا لست انجلينا أو روبي يا استاذ ديدريك
قال بخفوت وهو يحدق بـ الغضب/الغيرة الجنونية بعيناها الواسعتان: هل هذه اهانة مباشرةً لي يا جواهر ؟!
اشاحت بعيناها عنه .... وقالت ببرود مقتضب وهي تبتعد عنه: عن اذنك
: جواهر
وقفت وقالت من غير ان تنظر لوجهه: نعم
ديدريك: سأكررها للمرة الثانية
لست الرجل الذي ترغبين بقضاء باقي عمرك معه
انتفخت اوداجها .. قبل ان تغمض عيناها بقوة
مغــــرور ... وقــــاسي
وعديم احســــــــاس
هذا الدب القطبـــــي الفــــــظ
لن تعطيه ايّ حق او باطل هذا المغرور ... وسيرى !
تجاهلته وخرجت من مكتبه ..... بطريقة تقسم انها لن تمر مرور الكرام عليه
لكن تباً ...... هي لن تبالي به بعد الآن !
،’
بعد يومان
يومان وهي تنأى بنفسها عنه خاصةً بعد ادراكها مشاعرها الوليدة اتجاهه ..... لا ترغب برؤيته ولا الحديث معه
ما جمعهما خلال اليومان "فقط" الاحاديث القصيرة والمناقشات الجافة وهما في الشاحنة يحومان حول المناطق الجبلية يسألان عن اهل الفتاة او أي احد له علاقة مباشرة فيها
الحمدلله انهما في ذلك اليوم تمكنا من الهروب من الأشرار ... الذين الى الآن لم تلمح وجه أي احد منهم وكأنهم اشباح !!
امام احد المنازل القديمة ...... قالت له بنبرة متباعدة مقتضبة وهي تأشر نحو احد الرجال: هذا محمد .. راوه صورة البنت يمكن يعرفها ..
وقبل ان تكمل حديثها رن هاتفها ..... فـ استلته من غير ان تركز بوضوح بالرقم المتصل... ناسيةً تحذير محمد لها بخصوص المكالمات
: هلا
....: اهلين
اففففف ..... لا ينقصني الآن غير ربيّع ثقيل الدم
قالت بسرعة تريد التخلص منه: مشغولة الحين ربيّع بتصـ..
سعل محمد بحدة وهو يستنشق هواء الجو الفاسد المليئ بالغبار
منو هااا اللي يكح عداااااااالج !! :
سعل محمد مرة أخرى ... فـ جن جنون ربيّع الذي يشك حتى بنفسه ... من فرط غضبه وصدمته ... شتمها ببذاءة جعلتها تشهق وتوسع عيناها على مصراعيهما
ولم يتمالك اكثر اعصابه ....... بدأ كالعاصفة الغاضبة يشتمها ويرمي عليها اشنع الألقاب والكلمات التي لا تُقال الا لبنات الشوارع وفتيات الليل
خرجت من السيارة وهي تهدر بغضب جنوني: يالووووصخ يا عدييييييم المرررروة .... تشك فيه اناااااااا !!!
جيييه !!!! قالووولك ربيّع الخااااااايس !!!
والله ثم والله لأوصل رمستك كلهااااا عند يدي صيااااااح ... والله ما اعديها لك يالكلب .... تتحراني بخاااف منك !!!!
انا رووزه يا حبييبي ..... جانك ما تعرفها ..... بتعرفها زين ما زين يوم بترد البلاااااد
وأغلقت الهاتف في وجهه بعنف ... صدرها يعلو ويهبط بجنون
دموع القهر تتدلى بين اهدابها تعلن انهمارها
الحقير
الحقير النجس السكير
يشك بها وبشرفها
تقسم بالله انها ستنتقم منه على كل كلمة بذيئة خرجت من فاهه المقرف
بين حرارة أنفاسها الغاضبة وفورانها العاتي .... سمعت باب السيارة ينغلق وصوت محمد يأتي من خلفها مستغرباً: شبلاج ام حامد !!
كانت تفور غضباً ... وعمياء كلياً عن عقلها/حواسها
ما ان سمعت صوته حتى التفتت نحوه وصفعته بشراسة بكتيب دليل المنطقة
زمجرت بنظرة هستيرية: كلللللللله مننننننك .... كللللللل البلاوي اللي اطيح فوق راااااسي الحييييينه منك اننننت يالحقييييير
اكررررهك ............. اكررررهك
تحسس خده الأحمر بجمود ..... بنظرة تقدح شيطنةً وشراً
اقترب منها ببطء ..... ليقول امام وجهها بخفوت غليظ مرعب:
والله ..... لو انج ريال .... جان راويتج قدرج زين ما زين
توترت ..... من نظرته الجامدة المرعبة
ومن قربه الذي بدأ يثير فيها مشاعر لا تريد التوغل فيها البتة
مع هذا قالت بحقد عارم وغضب لا يُضاهى:
انت ارفع صبع عليه ..... وبراويك النيوم في عز النهاااار
ابتسم بقسوة محتقرة ليقول: شو قالج الحبيب وخلاج جيه !! شك في شرفج !!
شعرت بالصدمة ....... كيف علم !!
قال لها مشمئزاً ساخراً .. سمع كل كلمة قالها ربيّع ... صراخه وصله وكلامه المقرف اقتحم آذانه: انصدمتي !! نسيتي انج ماخذه ربيع !!
هدرت امام وجهه كاذبة: ما شك فيه .... انتبه زين حق اللي تقوله يا انننننت
بصق دماً انبثق من احد اسنانه من اثر صفعتها القوية ... وقال وهو يصدمها اكثر فأكثر: تبدلين الثريا بالثرى .. غبية
ليتج عاده اخترتي واحد كفو يستاهل
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بخفوت: من الثريا ومن الثرى !!
اتسعت عيناها مدركةً بتشوش ما يقصد بكلماته
أيقصد سهيل !
قال باقتضاب تام: تعرفين زين انا اقصد منو بالثريا يا بنت شاهين
فـ ثارت ثائرتها وهي تخطو خطوتان ناحيته هاتفةً بانفعال: كان يحب يلعب وياك ورا المدرسة الظهر ... بس هب معناته انك تنغر فيه واطيح فيه غزل وتوصفه بالثريا ..... انت ما تعرفه
: اعرفه اكثر عنج ...... الله يرحمه ويغفرله ...... كان عن ألف ريال
مب شرات الرخمة ولد عمه
قاطعته بصوت جبروتي قاسي: ثمّن رمسسستك
اشر بأنفه نحو رأسها مقاطعاً إياها بسخرية قاسية باردة: احترمي المكينة الخربانة اللي في مخج .. اظنتي ينقالها العقل
سألته مستنكرة مصدومة من الحديث الذي اخذ طريق غريب غير مفهوم: انت ليش حاقد على ربيع !!! شو سوابك !!
شخر مستنكراً بأباء وعزة نفس ..... قبل ان يقول: يخسي
كررت سؤالها بنظرة متشككة مرتابة: ليش عيل ترمس عنه جيه !!
: وشو قلت عنه !! انه ثرى ورخمه ومو كفو !! وانا صادق
في ريال عاقل يشك في حرمته بس لانه سمع كحة ريال عدالها
هدرت من بين نظراتها الحادة المظلمة: لا .... انت قارنته بسهيل ..... ممكن تفهمني ليش ؟!
هز كتفاه ببرود ليقول ببساطة: سهيل كان خاطبنج في يوم من الأيام
هتفت فاقدةً السيطرة على مشاعرها: قبل لا تظهر حقيقته ... قبل لا ربك ياخذه لدار الحق
سألها بصقيعية مستفزة: اي حقيقة !
تراجعت بأنفاس منقطعة ...... انفاس غاضبة مقهورة تنضح بالوجع والمرارة
: اي حقيقة ارمسي
رباه .... ما كان عليها التفوه بأمور اقسمت الا تلامس لسانها ما دامت حية
ما كان عليها ان تفضح ميتاً اقسمت بـ من خلقه ان تستر عليه ليستر الله عليها في الدنيا والآخرة
هرولت مبتعدةً عنه عائدة للشاحنة ........ إلا أن محمد لحقها وهو يهتف بقسوة:
سألتج جاوبيني
روزة: مـ ... ماشي
محمد: لا ... ارمسي روزه
استدارت إليه وهي تبصق كلماتها بمذاق كالعلقم: انا بس ابا اقولك ان اللي تشوفه ريال وكفو كان ارذل ما خلق ربي
واتمنى الموت كل دقيقة كل ما تذكرت اني كنت خطيبته
دخلت الشاحنة امام عيناه لتأخذ الصغيرة وتضمها بقوة لحضنها تريد نسيان اوجاعها والذكريات الفظيعة بين خصيلات شعرها القصيرة الناعمة
تاركةً محمد يرمقها من خلف النافذة بـ ذهول ..... وحيرة ...... وتخبط
نهــــاية الفصــــل التــــاسع
|