كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل ،, لـ لولوه بنت عبدالله (بـ حلة جديدة-2020م) الفصل الخامس
،,
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الفصل_السابع
بعد مضي عدة أيام
ظهيرة يوم الأحد بتوقيت سيريلانكا
غضنت جبينها وهي تبعد الهاتف عن اذنها متأذيةً من صراخ أمها الناري .... أمها التي ما ان وصل حفيدها حامد لأحضانها "لوحده" حتى استشاطت غضباً واتصلت بها منتصف الليل تصيح وتشتم لامبالاتها وقلة اهتمامها بواجباتها وحقوق طفلها وزوجها عليها
رغم انها تحججت بعملها الذي لم ينتهي بخصوص مشروع عطرها القادم الا ان والدتها لم تستكن وتهدأ .. رغبت روزه بإخبارها بأمر الطفلة ... تعلم ان قلب والدتها سـ يحن ويرق ان فهمت الموضوع بصورته الحقيقية ..... لكنها خافت ان اعلمتها ان يصل الخبر الى اباها وربيّع .... ويأتيان الاثنان الى سيريلانكا ويحلان موضوع الطفلة بطريقة مأساوية
وان أتوا فـ سيعلمون بشكل او بآخر بأمر محمد عن طريق الشرطة ... فـ محمد هو من استطاع انقاذ الصغيرة من ايدي رجال شرطة نوراليا ... الذين ومن مخافة انتشار فضيحتهم ... اعلنوا ان الصغيرة قد اختطفت على ايدي احدهم !
هي تريد حل الموضوع لوحدها .... فـ من جانب آخر .... إحساس داخلي فيها يأنبها ويثير فيها اللوم ... لأنها تشعر انها من اقحمت محمد بتهمة الاختطاف .... اصبح الأخير متورط مع الشرطة السيرلانكية ... لكن الغريب انه لا يبالي البتة بهذا .... وكأنه.....!
تذكرت ما قرأته على بطاقته (الملازم اول محمد عبدالكريم)
اوف يا روزة منك ومن ثقل فهمك ..... يعني انه من السلك العسكري اساساً ومعتاد حتى النخاع !
حولقت بتعب حقيقي واخذت تغرق اكثر في تفكيرها ... رباه ... من كان يظن ان مشروع عطر مرتقب سينقلب لـ مشروع خطف طفلة !
بعد حديث مطول مليء بالعتاب والتذمر والتوبيخ ........... أغلقت أمها الهاتف لتترك ابنتها ضحية هم لا يعلم به سوى الله
اندفعت خائفة وهي تخرج من غرفتها .... الصغيرة كانت تبكي بصوت عالي مخيف
ما بها ............. منذ دقائق تركتها تلعب امام التلفاز بحماس
حملتها وهي تهتف بصوت امومي عذب: حبيبي شو فييييييج ؟!!
شي يعورج مااماااا ؟!!
لكن الصغيرة ما زالت تبكي بشكل حاد غريب
من غير ان تشعر ... حملت هاتفها واتصلت بـ محمد الذي أعطاها مسبقاً رقمه الخاص لتتمكن من التواصل معه .... في البداية لم تقبل وهي تشعر بالحرج الشديد والغضب الأشد ........ الا انه اجبرها عندما استل هاتفها بحزم وخزّن رقمه في هاتفها بنفسه
: ا ا محمد
: هلا ام حامد .... فيكم شي ؟!
روزة بحرج شابه القلق والتوتر: ا ا الياهل ... الياهل تصيح بصوت عالي حتى ما تروم تأخذ نفس ..... أخاف شي يعورها
واصبح صوتها متحشرجاً من التأثر
هتف بسرعة وبنبرة صارمة مباشرة: خلج زاهبة بيي اشلج انتي وهي الحينه .. بنوديها العيادة اللي عدال الفندق
روزة: بـ بس بيسألون الدكاترة عن بطاقتها وعن أهلها
بعد صمت وجيز من محمد ............. قال: خلاص خلكم مكانكم .... الدكتور بيي يلين عندكم
: كـ كيـ ...
وقبل ان تكمل سؤالها ... اغلق الهاتف .............. ليتصل بأحدهم وهو يشعر بغضب شديد
مهمة سيريلانكا ستفشل لا محال ....... والسبب كله يعود لتعاطفه الشديد مع الطفلة ..... ومع تلك
"شبيهة بوسي" !
،,
جلس قرب أمه وألف شيطان يحلق فوق رأسه ... بجانب ان الأخيرة لا تساعده في تناسي شوقه المجنون لها: قلتلك يا ولديه ..... بيوزك شيختها وشيخة اللي يابوها .... بس انت ما تبا اطاوعني
قال بنزق: امايه ..... لو أبا اعرس ما بتريا حد يقولي .... بس انا مابا
ام ربيّع بقسوة: وليش ما تبا تعرس !!!! عرّس يا ولد عرّس واكسر خشمها المتعطنزة بنت عمك ..
والله يوم بتسمع انك ناوي على الثانية بتييك تربع مثل الخبلة وبتحب ريلك عسب ما تسويها .... الضرة مرة يا ولديه اسألني اناااا
رمق أمه التي تعاني بالفعل من "مرارة الضرة" ..... باستخفاف ....... ليقول بعناد ... وفظاظة: صكي هالطاري
أضاف مغمغماً بدناءة/وقاحة بالغة: الله يلعـ... الحريم وطاريهن ... اييبن الهم
لوّحت بيدها له بسخرية فظة .... فاقدةً الامل من ابنها الذي رغم كلامه الأخير الا ان شوقه الجنوني لـ روزه يكاد ينطق من عيناه الحادتان
بعد دقائق ..... حرّكت فمها بامتعاض وهي تهمس غاضبة حاقدة: عمتك مسويه فيها الطيبة اللي مواصله الكل
ربيّع بتساؤل بارد: امايه ريسه !!
اجابت باستهزاء اخفت خلفه الكثير من الأحقاد الخفية .... فـ الذي لا يعرفه احد ... ان ام ربيّع كانت رافضة بشدة موضوع تربية ريسه لابنها ربيّع لأنه كان بكرها .... لكن من هذا الذي يستطيع كسر كلمة صيّاح عند خروجها من فمه !
العجيب .... والمثير للسخرية ..... انها عندما انجبت مديه ..... كانت هي من طلبت من ريسه تربيتها وكأنها كانت تنتظر الفرج كي تزيح عن ظهرها هم تربية الفتاة
لكن الامر انتهى بعد مديه .... عند انجابها راشد وعائشة
: منو غيرها ..... عمتك المها كاتبة في القروب ان ريسه سايرة بيت نورة وما خبرت حد
عند كلمة "نورة" انتفض قلبه ..... انتفض بحق
الا انه تنحنح بتوتر .... ليسأل باضطراب: ليش ؟!
ام ربيّع باستهزاء قاسي: ما تبا حد يسير وياها ...... قال شو ... نورة ما تتحمل تشوف حد من عيال صيّاح ... مادري عاده هي بنت منو !!
نورة
نورة
نورة
نورة
اسم تردد بكل حنايا جسده كـ سعير جهنم
ام ربيّع بريبة: ولديه شبلاك صخيت مرة وحده !!
رد بشحوب: لا ماشي
وقف بتعثر واسرع الخطى خارجاً من المنزل ...... وكأنه يرغب بالهروب من شيء ما يشبه الشيطان
ما ان اصطدم بوجهه هواء ابوظبي الدافء ...... حتى فتح فمه ليتلقط اكبر كمية من الاكسجين قدر المستطاع
ماضٍ يتحدث
بعد مضي ثلاث أيام على موت سهيل
دخلت بعين واحدة تنزف دماً
بـ خطوات ثقيلة .... مهيبة ..... متعرجة
حتى وقفت امام صيّاح ورجال القبيلة ومن كان قد شهد مقتل سهيل بأم عينه !
حدقت بالجميع ... من اليمين الى اليسار ...... ببطئ ...... بتمعن
قبل ان تبصق كلماتها بوجوههم .... بـ كره مغلي .... بـ حرقة فؤاد وصلت عيان السماء ..... بشيطنة خاصة لا تخرج الا من روح امٍ مكلومة ذاقت مرارة الظلم بأبشع انواعه:
ما ييت اوَلولْ ... ولا ييت اصيح على ولد بطني اللي جتلتوه ... ييت اقولك يا صياااااح ..... انت مع هالظلاااام الملتفين حوووولك
بييكم يووووم ...... وربي في سماااااه بييكم يووووووم
ضربت صدرها بعنف ثم اشرت عليهم وهي تزمجر بـ كمد: النار اللي فيّه بتحرقكم قبل مووتكم .... الدم النازف من عيني بينزف بداله ألففففففف من عيوووونكم ........ الدموع اللي طاحت على خدي وانا اشوفكم تعقون حشاشة يوفي في التنور شرا الحيوااااااان ..... بطيح هماليل من قلوووووبكم
ابتسمت عيناها بجنون قاتل ......... وهي تصرخ بإسمه وترفع سبابتها الى الاعلى: صيّاااااااااااااااح ....... شكيتك لله ......... تعرف شو يعني شكيتك لله !!!!
ضربت يمينها بيسارها بقوة ....... لتكمل بصياح حارق جبار: يعني تبشر بالشقى والحزززززن باجي سنين عمرررررك ....... لين ما ياكل الهم فواااااااااادك ..... ولين ما تفقد اغلى ما تملك ............. نفسسسسك
وانتووووو......
اشرت عليهم بعينها النازفة ............ ووجهها الميت من أي لون يوحي بالحياة/الروح .... ثم اكملت مزمجرة بصوت تعظّم به الكره/المرارة:
وانت ......
اشّرت على ربيّع الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف امامها من فرط هلعه
: يا عضيييييده ...... يا ولد عممممممه ...... يا اخووووووووه ..... يا من كلت العيش والزاد ويااااااااااه
ترقب وشوف العقاب من شديد العقاااااب ........ يوم لا ينفع مال ولا بنووون
اشرت نحو ريسه التي بالكاد تستطيع مسك دموعها ....... واكملت بشراسة: واشهدي عليّه يا ريسه .... ما احللهم .... ولا احلل أي واحد كان ورا التهم اللي طاحت على راس ولديه بالظلم ....... ويعل ربي يقطع النسم من صدري ...... ان خليت لـ حد يدق باب بيتي يطلب السمااااح والعفووو ....
"
حاضرٌ يتحدث
فتح فمه بارتعاش ...... يريد التقاط المزيد من الهواء ولا يستطيع
كلمات نورة كانت الجدار التي تمنع هذا بقسوة ...... بجبروت صرف !
يعترف ............ انه ابداً لم ينسى ما قالته ذلك اليوم
حرّك رأسه بجبين متغضن ...... وادخل يده في جيبه كي يخرج مفتاح سيارته ....... يريد الابتعاد عن هذا المنزل .... وعن والدته التي ذكرته بأبشع الذكريات وابلغها سوداويةً ورعباً
،,
منزل ابا غابش
يمشي حول مكتبه ذهاباً وإياباً ووحده الله من يعلم ما يدور في خلده العميق
عندما قرر هو وزوجته المضي في مسألة خطبة غابش لحرابة لم يتوقع هذه التعقيدات
ليسن تعقيدات .... انما اشياءاً غير متوقعة بل غير معقولة البتة !
هناك امر لا يفهمه ... امر كبير هو غافلٌ عنه ويجب ان يعرفه
تساؤلات كثيرة تطير كالدبابير بين اروقة رأسه ....
جلس على مقعده الجلدي بفخامة شخصه .... شخص مثله لا احد يتخطى فطنته الفذة بسهولة
عبدالرحمن بوالشريس الذي تعلم العيش في هذه الدنيا بدايةً من البادية والجبال حتى الحضارة وناطحات السحاب ... وبالطريقة الصعبة جداً .... لا يُمرر الامور من طرف انفه الا بمزاجه
ولسوء حظهم .... هو ليس بمزاجه الآن ..!
قطع حبل افكاره مستلاً هاتفه بخفة ..... وبعد عدة رنات ..... اجاب الآخر بصوته الرخيم والذي لا يظهر ما يجيش بداخله: مرحبا الغالي
هدر ابا غابش بصرامة لا تقبل الجدال: غابش بوالشريس ... الحينه بتخبرني شو اللي يدور في مخك ... رضيت ولا انرضيت
،,
شركة أبوالشريس الوطنية لزراعة الأسماك
قرب آذان العصر
يقف قرب التلفاز الضخم ويقرأ بعيناه شريط الاخبار المتحرك اسفل الشاشة ..... حاملاً بيمينه الهاتف ويقول للمتصل: لو ما خذت الموافقة قبل ما يتصل ابويه جان ما خبرته ... هي نعم ... لانها مسؤولية يا خويه مع ان والله اخر همي ادخل هالفترة في مشاكل عائلية وصدعة راس
ورايه شغل ومشاريع لابد انها تخلص قبل راس السنة ... بإذن الله تعالى
..
: ماعليه ان شاء الله خير لا تشل هم انته ..
رفع معصمه لينظر للوقت .... ثم اضاف بسرعة: برايك عيل .. بسير ألحق على المسيد ... وورايه مشوار بعد لازم اخلصه وخلاف بمر على الوالد اكمل وياه نقاشنا ..
..
: في امان الكريم الله يحفظك
،,
رن هاتفها وهي تحاول اصلاح جهاز التسجيل المتصل بـ تلفازها الخاص في غرفتها ...... استلته بانهماك متجاهلةً الرقم الغريب: ألو
: السلام عليكم
حرابة: وعليكم السلام ورحمة الله .... منو معايه ؟!
: انا جواهر
حرابة بحاجب مرفوع: جواهر !!
جواهر بنبرة لطيفة: شكلج ما تذكرتيني ... انا اللي كنت عدالج في السينما هاك اليوم وطلبت مساعدتج عقب ما خلص الفلم
حرابة بعد مضي ثوانٍ تتذكر فيها اين سمعت باسم الاخيرة: جواهر ........... ايوه جواهر
جواهر بحماس: شحالج حرابة ؟
حرابة بصوت خالٍ تماماً من الحرارة: بخير ربي يعافيج ويسلمج ... ومن صوبج ؟
جواهر: الحمدلله بصحة وعافية
ترددت قليلاً لما ستقوله فسألتها حرابة باستعجال: بغيتي شي جواهر ؟!
جواهر: لا لا بس ..... امممممم دقيت عشان اشكرج على مساعدتج لي ..... وعربون شكري لج عزيمة متواضعة على العشا ..... أتمنى تتقبلينه
: عزيمة !! بس انـ....
قاطعتها جواهر بنعومة: بليز مابا اعذار .... يشهد ربي علي اني حبيتج من كل قلبي .... ويعز علي ارد هولندا قبل لا اعزمج على عشا بسيط اشكرج فيه على مساعدتي ... ومنو يعرف يمكن نصير صديقات عقب
استفزتها ثقتها وصراحتها البالغان ...... يبدو ان ابنة هولندا الجريئة لا تعرف مع من تريد تكوين صداقة !
تربد تكوينها مع ملكة الثلج .... وعدوة التواصل الاجتماعي
بمجاملة باردة ردت: ما بنردج يا جواهر .. اختاري الوقت المناسب والمكان المناسب
،,
بعد يومان - صباحاً
في إحدى جامعات ابوظبي الخاصة
هرعت بسرعة نحو القاعة وكلها امل الا يطردها الأستاذ الجديد من المحاضرة بسبب تأخرها ..... واخذت تتوسل الرحمن الا يضعها في موقف محرج امام زملائها ..... فهي لا تستحق
تأخرها كان رغماً عنها بسبب أبناء هزاع
بالعادة ..... تكون مهمة ايقاظهم في الصباح على امهم خاصةً بعد ان ابتدأت هي في الشهران الفائتان اكمال دراستها الجامعية .... لكن سعاد منذ عدة أيام في منزل أهلها ولا تعرف سبباً لذلك
يبدو ان مزاج الأربعين المتقلّب تفجّر فيها ورغبت بالابتعاد عن الجميع !!
حسناً ... ان كانت سعاد في مزاج متقلب ........ ما به هزاع ليدخل جو من المزاج المتقلب هو الآخر !!
أهو حال جميع أزواج "النساء اللاتي انجبن للتو" ! ... لكنه كان طبيعياً عند ولادة عبدالله ثم محمد
عندما وصل تفكيرها الى نقطة شديدةَ الحساسة احتقن وجهها خجلاً ونفضته بخفة .. واكملت سيرها الى حيث مرادها
بعد دقائق ... طرقت باب القاعة ودخلت
: السلام عليكم
رد الجميع بردود متفاوتة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
واكملت سيرها وهي تعتذر بخفوت عن تأخرها ...... لتتصنم مكانها عندما رد اخيراً الأستاذ على إلقاءها السلام بتروي شديد: وعليكم السلام والرحمة
لا
لا
ليس صوته ...... ليس صوته يا مديه
رباه ....... لا تجعله صوته ......... لا تجعله "هو" بحق وجهك الكريم
من فرط هلعها ....... خافت ان تلتفت ويصبح خوفها الذي سرا بكل جسدها ....... حقيقة !
لكن لا ....... الحقيقة كان لابد ان تظهر !
استدارت بوجهٍ غدا شاحباً ممتقعاً ....... للوراء ......... لتبصر بعيناها آخر شخص رغبت برؤيته الآن
طليقها ...... مروان !
،,
اتصلت به ليلة البارحة كي تذكره بموضوع نقل وظيفة حرابة ... الا انها لم تعلم ان الاتصال سينتهي بترحيبها له للقدوم اليوم لمنزلها للتعرف اكثر عليها وعلى زوجها وابنتها الصغرى ظبية ... ترحيب آتى بعد طلب منه شخصياً !
التقى بها وبزوجها ..... وتعارفا الرجلان اكثر على بعضهما وبشكل قريب حميمي دافء .. ثم تعرّف على ظبية التي كانت اغلب الوقت تجلس في زاوية المجلس وتلعب ألعاب خاصة بأصحاب التوحد الذين تعدوا مرحلة الطفولة ..
وعرف انها ولشدة حبها لمدرستها الخاصة .. تخرج منذ الفجر إليها ولا ترضى بالخروج من المدرسة الا بعد الساعة السادسة مساءاً
محبةً وجدتها أم حرابة لصالح ابنتها ذات العشرون سنة .... فـ بعد ان عانت الأخيرة من سنوات من العزلة والخوف والاضطراب من مقابلة الاغراب ..... أصبحت الآن مع جو المدرسة والأصدقاء اكثر حباً للمشاركة والتواصل والتعلم
بعد وجبة غداء عامرة وفيرة "بلا وجود حرابة" وهذا كان تقصداً من أبا غابش وام حرابة .. رمى الرجل على اخته وزوجها ما كان يجول بارتباك في جعبته وكله امل الا يفهم الاثنان مقصده بشكل خاطئ مهين
والآن ... هي تقف امام زوجها وتسأله للمرة الثانية ما رأيه بما قاله أبا غابش لهما: ليث ..... ما قلتلي شو رايك باللي قاله اخويه ؟!
استرجع ابا حرابة ما قاله ابا غابش على الغداء وهو يشعر بالقلق يفتك عظامه .... المسألة صعبة جداً ولا يمكن التقرير فيها بسهولة !
تنهد أبا حرابة بضيق عارم ليقول: اسمحيلي يا عفرا .... اخوج يا انه يستخف بعقولنا .... او انه هو نفسه مستخف ... كيف يباني اجذب على بنتيه واعطيها لواحد خبل وهو في الأصل عاقل وواعي .... خبريني !!!
قالت ام حرابة بهلع شديد وهي مقتنعة تماماً بكل ما قاله اخاها اليوم: بس انت سمعت السالفة كلها يا ليث وعرفت شو اسبابهم .... والله اني خايفة على بنتيه واحاتيها ..
أبا حرابة مقاطعاً باستنكار/ثقة: انا واثق ببنتيه وواثق بقيادتنا ... وبعدين يا عفرا الي ربج كاتبه بيصير ... ما خفتي عليها وهي توايه المجرمين والارهابيين تبين تخافين عليها وهي في وسط دارها وبين اهلها !!
: أه يا ليث .... الله يعلم شو اللي في قلب الام ... خوف وحسرة وضيق وتعب ..... خلني في همي دخيلك
اكملت وهي تشعر ان حديث ابا غابش ينغرس اكثر في قلبها .. وكأنها تتعلق بقطعة خشب وسط بحر عاتٍ اهوج:
ما عندي شي اقوله اكثر عن اللي قاله اخويه .... واظن عطاك الدلايل الكافية على رمسته .... وعطاك رقم الريال اللي يعرف التفاصيل عسب تتصلبه وتتأكد .... اكثر عن جي شو اقدر اقول !!!
اسند جسده على الاريكة وهو يشعر بالحيرة ..... ما هذا الذي يحدث بحق الله !!!
أوصل الحال لأن يضطر ان يكذب على ابنته ويزوَجها من رجل معتوه هو غير معتوه من الاساس !
ولأسباب مريعة كتلك التي سمعها منذ ساعتين !
قالت ام حرابة وهي تحاول اكثر اقناعه خاصةً وهي تلمح طيوف القلق تتزايد على مقلتيه: خل نجرب .. مو خسرانين شي .... شو بيكون احسن من انك تشوف بنتك معرسة عندها ريل وعيال وبيت ... بعيد عن الخطر والموت ...
وبعدين خل نكون واقعيين .... يمكن هاي هي الحركة الوحيدة اللي نروم فيها نجبر حرابة على العرس ..
اكملت بنظرة تبرق حماساً: نحن جربنا معاها كل شي بس سهينا عن شي واحد ..... نثير عاطفتها وحنيتها ... يمكن ان شافت اللي خاطبنها بنص عقل تحن وتوافق
هتف بانفعال وهو يأشر بيده نحوها: انتي مستوعبة اللي تقولينه عفرا .... ها زواااااااج ... الزواج لازم يكون على بينة في المقام الأول ....... كيف اجذب عليها وأقول ان اللي خاطبنج معتوه وهو مب معتووووه .... وبعدين تعالي
اكمل بتعجب شديد: اخوج وولد اخوج من وين يابوا هالفكرة ... اسميهم دواااااهي
كتمت ابتسامتها وهي تقول: تبا الصدق ..... حرابوه بنتك ما يبالها الا جيه ..... ولا صدقني ما بتشم ريحة الحفيد لو يلست اطاوعها على أي شي تباه
هز ابا حرابة ومازال يشعر بعد الراحة: لا لا ... انا مب راضي ... ما تهون عليه حرابة مهما كان
قالت بحزم وهي تحاول إقناعه واستمالة عاطفة الابوة نحوها: يا رياااااال اسمع مني .. والله حرابة ما تيي الا بهالطريقة ... مب في خاطرك تشوفها بنت شرات باجي البنيات تتعدل وتتزين وترمس برقة ووو....
قاطعها بسخرية: منو !!! حرابة !!! ما ظنتي الريل يخليها بنية شرات باجي البنيات
بثقة باسمة ردت: بيخليها وزوووود ..... انت بس طاوعني واسمع كلامي ..... وصدقني ما تمر سنة الا وهي تمشي جدامك بكرشتها وتتريا ولدها
ضحك فجأة وهو يتخيل منظر ابنته الحامل: ههههههههههههههههههههههههههههه ما اتخيل والله حرابة حامل
ام حرابة بضحك مشابه: ولا انا يا زوجي العزيز بس خل نتخيل ... في الخيال نعمة وسعادة ههههههههههههههههههههههههه
ثم اضافت وكلها امل ان يوافق زوجها على المخطط: ها شو قلت ؟!
تأمل زوجته ببسمة مكتومة عدة ثوانٍ قبل ان يقول بخيبة مضحكة: الحينه لو بنتج طالعة عليج فرفوشية ومزوحية ما بنكون نحن بألف خير !
رفعت انفها بغرور .... وقالت بغمزة شقية: شفت كيييييييف !!!! بس شو نقووول ..... امر الله يا ليثي
قهقه بخفوت ...... ثم قال متسائلاً بحذر/ارتياب: وان عرفت عقب ان جذبنا عليها ..... والله يا انها بتهد البيت كله على روسنا
ام حرابة: تهبي .... لو هي حرابة ... فـ انا عفرا
سأل ساخراً: وشو بتسوي عفرا !!!
هزت كتفها بحيرة .. لتقول متوترة: ماعرف والله بس يقولون الشردة نص المرجلة
اشرت بيدها وهي تسمع زوجها يضحك على خفة دمها ......... وقالت بسرعة: ماعلينا ماعلينا .... لين هاك اليوم ربك بيرزقنا بحلولٍ من عنده ..... المهم الحينه نبدا بالسالفة وما نتأخر فيها زود
سأل بحاجب مرفوع: انزين تخيلي قد هي شافته وعرفت اشيا عنه ! ساعتها شو بنسوي !
لن تخبره انها و"باتفاق مسبق بينها وبين اخيها" كانت قد سألت حرابة عن الامر وتأكدت من انها لا تعرف أي احد من أبناء خوالها عبدالرحمن وزيد ولم تلتق بأحد منهم مسبقاً ..
اجابت بسرعة: ما طافتني هالنقطة ..... قبل ما اييك كنت عندها .... ومن السوالف والاخذ والعطا .. عرفت منها انها ولا مرة في حياتها شافت غابش او واحد من اخوانه .... لا هم ولا عيال زيد اخويه
رمقها بإعجاب وقال: مب ناقصنج ذكا يا بنت خلف
ابتسمت بشحوب وهمست: الحمدلله
عندما استوعب كلمته السابقة "بنت خلف" .... واستوعب انه ذكّر زوجته الحبيبة بماضٍ اسود من الفحم واقسى من الجلمود ...... اعتذر لها متوتراً: عفاري السموحة والله ما قصدت اضايقج
هتفت بصوت مكتوم: لا لا عادي
تنهدت بحرقة ..... لتضيف هامسة بخفوت: الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة
أبا حرابة: آمين يا رب العالمين
،,
الساعة الخامسة عصراً
كانت ما تزال في مقر عملها ... تراجع بعض التقارير التي يجب تسليمها للقيادة في الحال ...... لكن اتصال مفاجئ من والدتها اخرجها من انهماكها وانشغالها
: السلام عليكم
حرابة بحزم دافء: وعليكم السلام والرحمة
: حرووووبتي وحشتيني
ابتسمت رغماً عنها .... والدتها لطالما كانت هكذا ... منتعشة رقيقة ولا تحب ابداً كتم مشاعرها واحاسيسها نحو الغير ... عكسها تماماً
قالت لها وهي تعلم سبب كلمتها الأخيرة "وحشتيني": السموحة يالغالية ما صبحت عليج اليوم .. من الحمام عزج الله يلين الموتر على طول .... كنت متأخرة على اجتماع مهم
: حرابة متأخرة !! اوب اوب شو صاير في الدنيا !!
ابتسمت عيناها بشحوب مستاء ....... اجل هي لأول مرة تتأخر عن عملها والفضل يعود لنومها الذي لم يحن عليها ويزورها الا بعد آذان الفجر فقط
حرابة: نص ساعة بس متأخرة
ام حرابة: ووووي ما عندج سالفة ... وانا اتحرا متأخرة ساعة ساعتين .......... المهم شو بغيت أقولج .. اممممممممم
حرابة: قولي الغالية ... اسمعج
ام حرابة: خالج عبدالرحمن
حرابة بحيرة: خالي عبدالرحمن !!! شبلاه !!!
وقالت ام حرابة ما في جعبتها ببراءة ظاهرية ...... بدهاء ماكن ...... وبحذر شديد
بعد دقائق من الحديث .. سألت حرابة مستغربة تماماً: معاق !!
ام حرابة: من سنة صارله حادث سيارة المسكين .... واغلب الإصابة يت في راسه .... الدكاترة قالوا حق ابوه ان ياه تلف في الدماغ تسبب بـ إعاقة عقلية بسيطة يقدر يتشافى منها مع الأيام ..... وقدر الحمدلله يتشافى بس مب 100 %
هتفت حرابة بتساؤل عفوي: كيف يعني ؟
ام حرابة: صار معتوه
رفعت كلا حاجبيها وهي تردد كلمة امها: معتوه !!
ام حرابة: ياه عته ..... ا ا ا ماعرف كيف افهمج .... يعني ما قام يحس باللي يسويه .... ما قام يميّز بين الصح والغلط ... بين الزين والشين
بين الواجب والمحظور
حرابة باستفهام: يعني مينون !!
ام حرابة: مب مينون .. بس بعد الحادث وبسبة التلف اللي في مخه صار يتصرف مثل اليهال ..... يضحك على أي شي ..... يعصب ان طلب شي ومحد عطاه ...... ومن هالامور وفهمج كفاية
قالت حرابة مستنكرة من رغبة الوالدين بتزويج المعاق المسكين الذي اثار شفقتها: وليش يبون ايوزونه !!
ام حرابة موضحة بدهاء خفي: هو ما شاء الله كان قبل الحادث راعي حلال ومال وشركة لها وزنها في السوق ... هله خايفين وحده من هالبنات الطماعات تقص عليه وتبلع اللي له واللي عليه ..... عسب جيه يبون ايوزونه وحده يعرفونها ويعرفون اخلاقها ومرباها ... تهتم فيه واداريه وتحافظ على فلوسه
بعد ان دققت اكثر بـ فحوى كلام أمها .... وسبب تطرقها المفاجئ "ذو التوقيت الغريب" لموضوع ابن خالها واعاقته وتزويجه .... شكت بسبب الاتصال .... فـ سألتها بصوت حذر متشكك: رمستج فيها إنّ .... طلعي اللي في يوفج ومباشرةً ما عليج امر
ام حرابة: احم .............. يبون يخطبونج له
ارتفع حاجبيها ببرود تام للأعلى وقالت: يخطبوني له !!
لو كان الرجل بوضعه الطبيعي لاتخذت جانب السخرية بصوتها ... لكن عندما وجدت ان الامر يتعلق بـ معاق وعاجز شعرت بأنه من الحقارة الاستهزاء بالامر ... فأكملت وهي ترفع كتفيها بصوت هادئ مسترخي: بس انا وين والتعامل مع هالامور وين !!
لم تعلن رفضها ...... نقطة تحسب الى الآن لصالح ام حرابة ..... كتمت ابتسامة تأمل وفرحة كادت تفلت من ثغرها ... قبل ان تقول بنبرة حاولت إخراجها مثيرة للعاطفة/الشفقة: اعرف .... انتي ما بتتحملين ريال كامل بعقله .... وين فيج تتحملين معتوه ما يعرف وين الله عاقنه
تنهدت بشكل تمثيلي متقن أظهرت فيه كمية لا بأس فيها من البؤس الصادق ........... واكملت: الله يروف بحاله ..... ولا وحده بترضابه .... لو تشوفينه يا حرابة ..... طول بعرض ... عليه ذاك المحيى صليت به على النبي محمد ..... يوم خالج راواني صوره قبل الحادث صحت صياح عليه ... عور قلللللللبي .... كان هيييييييبة .... هيبة تمشي على الأرض يا بنتيه.... سبحان ربج مغير الأحوال ... شوفي كيف غادي الحينه
تسائلت رغماً عنها بضيقٍ بريء على حاله: الصراحة حرام ايوزونه وهو بهالحالة !!! يعني لا هو بيعرف يرضي بنت الناس ولا بنت الناس بتعرف تتصرف وياه وترضيه بالشكل المطلوب .... حالته خاصة يباله وحده متعلمة مثقفة وواعية على شو هي مجبله عليه
هزت ام حرابة رأسها بالنفي وقالت موضحة "بصدق ظاهري": كل ما يخطبوله وحده ترفض .... واصلا ما يلقون الا الصغيرونات الخفيفات اللي مالهن حاية في الدنيا غير السوق والمكياج ومجابل التلفونات
اكملت بنبرة تزيّفت باليأس: عسب جيه بغوج ..... انتي ما شاء الله متعلمة وواعية ومب شرات بنات هالايام
غضنت جبينها بـ آسى كاذب ............ واردفت: بس انتي ما تبين تعرسين ..... وقلت حق خالج هالكلام
توسعت عيناها وهي تقول: قلتيله اني مابا ولده !!
برقت عيناها بالنشوة ............... لتكمل تمثيليتها باتقان تام: قلتله البنت ما تفكر بالعرس موليه
قالت بسرعة موضحةً لوالدتها قبل ان تفهمها بشكل خاطئ: انا صدق مابا اعرس .... بس ليش تقوليله في ويهه ... بيتحرا اني مابا ولده عسب انه في عقله شي
عضت شفتها السفلية بابتسامة ماكرة ...... وقالت: لا خالج عاقل وما بيفكر جيه
حرابة بانزعاج: ليش رديتي عليه قبل لا تسمعين ردي شخصياً
قالت ببراءة ظاهرية: وليش اسألج سؤال اعرف جوابه
حرابة: حتى لو ..... على الأقل سأليني قبل لا تردين عليه
ام حرابة: وشو اللي بيتغير .... لين الحين انتي رافضة العرس
حرابة بنفي حازم: لا
ام حرابة: شو لا !
اشاحت بوجهها وكأن أمها تقف امامها الآن ............. لترد بخشونة: لا مب رافضة .............. ومب موافقة بعد .............. أبا افكر
شهقت أمها مصدومة وهي تقول: تفكرييييييين !!!
: هيه
تلعثمت ام حرابة اثر سعادتها القصوى .............. وقالت منتشية مصدومة حد اللامعقول: يـ يـ يعني ممكن توافقين على ولد خالج المينون !!
قاطعتها ابنتها بنبرة لاذعة تذكّرها بكلامها السابق: مب مينون .... معتوه ............ فرق بين الينون والعته
ام حرابة بارتباك: ا ا صدقتي صدقتي ... بـ بسسس يعني
: بس شو !
سألتها أمها بحيرة اخفت خلفها ضجيج روحها المبتهجة: انتي رديتي اللي احسن عنه بألف مرة ... وبكامل قواهم العقلية ... من غير ما تفكرين .. شعنه ولد خالج بالذات قلتي تبين تفكرين !!
ابتسمت ساخرة واجابت ببساطة واثقة: ولد خالي صح معتوه بس ايوز ايكون احسن عنهم كلهم
ثم وقفت .... واتجهت نحو نافذة مكتبها ........ لتردف مغمغمة امام انعكاسة صورتها عليها: على الأقل بضمن لو وافقت على هالزواج .... اني على ذمة واحد ناقص عقل بس ...... مب ناقص عقل وذمة وضمير وانسانية
،,
نعود بالزمن قليلاً للوراء .. للصباح تحديداً
خرجت من القاعة بسرعة .... قبل ان تفكر بافتعال أي حركة تفضح مشاعرها المتصارعة المجنونة بداخلها
ليلحقها هو بكل وقاحة متجاهلاً نظرات الطلاب المتأرجحة بين المذهولة والمستنكرة والفضولية
: مديه
لم ترد على ندائه .... بل اسرعت بخطواتها اكثر .. ووجهها يصبح في كل ثانية تمر اصفر واشحب من ذي قبل
: مديه اوقفي واسمعيني
لم ترد عليه للمرة الثانية حتى اصطدمت من غير ان تشعر بإحداهن
همست بصوت مختنق متلعثم للفتاة: سـ سوري
اكملت طريقها لخارج الحرم الجامعي ......... معتقدةً انه فقد الامل وعاد لطلابه الا انه في الحقيقة استمر بملاحقتها
هتف بانفعال: مديه أبا ارمسج ..... دخيلج لا تشردين مني
كلمته الأخيرة هي من اوقفتها الآن
الوغد .......... الحقير ........... يتحدث عن الهروب ...... وهو من تربع على عرش الجبروت والجُبن والحقارة !
الحقير ...... الجباااااااااان
استقامت بظهرها حتى شمخت وظهرت مدية آل صياح ... اخذت نفساً عميقاً
لتهتف بصوت حاد وهي ما تزال توليه ظهرها: نعم
قال بقلب ينبض بالشوق/السعادة ... وهو يقترب منها: أبا ارمسج
ردت بنبرة جامدة جافة: وراك محاظرة سر إلحق عليها
قال بحرارة وهو يقترب اكثر واكثر: طز .... دامني شفتج ما يهمني أي شي ثاني
قاطعته بقسوة آل صياح: احترم نفسك وتذكر اني وحده معرسة الحينه
شعر بالغضب والثوران ....... والغيرة القاتلة المجنونة ........ فـ هدر وهو يلوح بيمينه بجرأة تثير الاستفزاز: وبتطلقين منه وترديلي .... هالعرس ما كان المفروض يصير ..... تاخذين ولد عمج الياهل من عقبي يا مديه !!! هاااااااه !!!!
لم تجبه .... كانت تحارب هلعها الشديد كلما احست به يقترب منها ..... وانفاسه تقترب منها !
كانت تحاول الإمساك بأكبر قدر من القسوة والقوة والثبات
هي لم تكن تسمعه بالمعنى الحرفي ... كانت تسمع صراخه وشتائمه المقززة وهو ينهال عليها بالضرب بالسوط في ذلك السرداب الضيق القديم المظلم !
كانت تسمع مروان المختل عقلياً وهو يغتصبها مراراً وتكراراً تحت رداء الزواج الشرعي ..
قال وهو يحاول لمس كتفها: خلينا نطلع من هنيه .... ا ا ااخخخخخخخخخخ
حقيبتها "التي اصطدمت بعنف على وجهه" هي من اعطته الإجابة المناسبة !
مديه بغضب بالغ ..... وهلع لا يعلم به سوى ربها: حيوااااااااان ......... زول عن ويهي قبل لا اشتكي عليك الإدااارة
تأوه بغلظة وهو يدعك وجهه بوجع ........ بينما عيناه ترمقانها بتوتر ..... بحيرة ....... بغضب
هذه ليست مدية الناعمة ... مدية الساذجة .... مدية التي كانت تبتسم له بسبب ومن غير سبب ..... هذه ليست التي كانت حتى في قمة حزنها ....... تعامله كما تعامل الأطفال وكأنها امه الحنون وليست زوجته فقط
قال بقهر ... واضطراب: مـ مـ مديه لا تفهميني غلط .... انا بس ككـ...
: أستاذ
تراجع بحدة ...... ليلتفت للطالب الشاب الذي كان يناديه
قال الطالب وعيناه تنتقلان بفضول من مديه الى مروان: الطلبة يتريونك
استغلت مديه الفرصة ........ فـ استدارت بسرعة وهرولت خارجة من الجامعة بأكملها !
قبض مروان بشدة على يده وقلبه يهذي ويزبد قهراً وعشقاً
انتي لي مدية ..... لي وحدي فقط ........... وستعودين لأحضاني
عاجلاً ام آجلاً
،,
بعد خروج مديه من الجامعة بـ نصف ساعة
كان في مهمة رسمية خارج عمله التابع مباشرةً للهيئة العامة للطيران المدني .. بلباس مهندسي الطيران المتعارف عليه
عندما انهى عمله الشاق ... قرر العودة للمنزل واخذ حمام ساخن سريع قبل العودة من جديد للمطار
لكن فجأة ... وهو وسط اندماجه امام برنامج استوقفه في التلفاز ..... دخلت ام المسك البيت بحدة
شهقت بردة فعل عفوية ما ان رأته امامها ....... الا انها أكملت طريقها بسرعة نحو غرفتها ..... وهي تلقي السلام بصوت بالكاد يُسمع
شعر هزاع بالريبة ......... فـ اوقفها بسؤاله المهتم القلق: مسك ...... شو رادنج الحينه !!! المفروض تخلصين الساعة ثلاث
اجابته وهي تأبى النظر إليه ومواجهته بوجهها الشاحب وعيناها المهتزان الهلعتان: ا ا ماشي محاضرات .. لغوها كلها
التلعثم .. والاختناق .. والتوتر بصوت "مسكه" اثاروا ريبته وقلقه اكثر ..... فـ سار نحوها حتى وقف امامها ليحدق بها باهتمام حاني ...... قبل ان يسألها من علو قامته التي تفوق قامتها بكثير: مسك ..... شي فيج ؟!
هزت رأسها بالنفي بسرعة وهمّت بتعدي مستوى جسده والاتجاه لغرفتها الا انه اجبرها على الوقوف وهو يمنعها بجسده من غير ان يلمسها فعلياً ......... ليقول بإصرار ..... وثقة عالية: تقصين علي مسك ؟؟
من فرط انفعالها المكتوم ..... هتفت بحدة وهي تشيح بوجهها عنه: لا ... ما اقص عليك .... صدق ما فيه شي
كانت غاضبة .......... ولأول مرة يرى هذا الوجه منها
فـ خاف ................... عليها لا منها !
فـ من هذا الذي سيجعل مدية غاضبة ...... وهي التي لا تظهر غضبها/احزانها ابداً
أكملت طريقها نحو غرفتها ... فـ تبعها غاضناً جبينه بشك وقلق
عندما دخلت لم تغلق الباب خلفها .... فـ قال بحزم وهو على عتبة بابها ينتظر: ممكن ادخل ؟!
هنا .... شعرت ام المسك بالحرج ..... فـ سكتت ..... وظنّه دليل موافقة ....... فـ دخل للداخل
كانت للتو قد خلعت حجابها فـ ظهر شعرها القصير الغليظ المقصوص بطريقة كاريه فرنسي اظهر طول عنقها الأبيض ونقاء بشرتها الحلوة
ابتلع ريقه وصدره ينفث حرارة عاتية
تذكر الحلم ذلك
رباه .... كم هي شهية .. شهية حد انها تُغمَس في وعاء مليئ بكريمة الشوكولا
كـ حبة فراولة طازجة !
لكن لم الحزن بعيناها ... حزن وغضب ومرارة !
وقف امامها مقاوماً بقوة توقه المريع .... محافظاً على تعقل روح الأخ فيه .. قبل ان يرفع ذقنها برقة
وكما توقع مسبقاً ...... ابتعدت عنه بردة فعل اعتادها منها طيلة السنوات السابقة
فـ لم يُعلّق ... تكفيه اللمسات الصغيرة التي تحصل بينهما ... يكفيه الوصال المهترئ والذي لا ينفك ان ينقطع بسرعة بسبب هلعها غير المفهوم
همس امام وجهها بأنفاسه الدافئة المدغدغة: منو مزعل مسكي ؟!
شعرت بحرقة بعيناها ... تريد ان تبكي .... لكن ليس امامه ... ليس امام هذه القنبلة الموقوتة من الحنان/الدفئ
تنحنحت باختناق ..... قبل ان تجيب متلعثمة بصوت مكتوم مبحوح: احم ... ولا شي ... ا ا السموحة فلتت اعصابي قبل شوي وعليت حسي عليك ... ما قصـ...
قاطعها وهو يرمقها بنظرته الرجولية القوية: خلج مني ... سألتج سؤال .... منو مزعل مسكي ؟!
إلهي .... فليبتعد قبل ان تنفجر محاجرها بسيل لن يتوقف من الدموع
: ما ... ما
رن هاتفها .... فـ رمق الاثنان شاشته لا ارادياً
الرقم مجهول ...... لكن وجه مديه الذي ازداد امتقاعاً وهلعاً اثار شكه ..... فـ قطب حاجباه بنظرة مظلمة قبل ان يمد يده نحو الهاتف ويجيب
اتاه صوت رجولي مرتبك منفعل
: مديه ............... مديه يالغالية ...... والله ما قصدت ألمسج قبل شوي
ارتعشت يده ...... وانقبضت روحه بجبروت صرف
كهرباء قاتلة سرت على كامل جسده
أيسميها كهرباء .......... او جنون على هيئة كهرباء صاعق
ناااار ..... نااااار تقتلع بجنونها الاعين قبل حرق الانفس !
اغلق الهاتف بجمود بعد سيل من اعتذارات مرتبكة خرجت من فاه المتصل ..... وصورة واحدة تأرجحت امام عقل هزاع ........ صورة طليقها ....... مروان
سألها وهي ترتعش كـ طير جريح امامه: مروان !!!
هزت رأسها بسرعة ..... ليس خوفاً اكثر مما هو فطرة طبيعية فيها ........ حتى وهي خائفة لا تعرف اللف والدوران حول الحقائق .... حتى وهي خائفة تظهر فطرتها الحلوة الساذجة معها
عاد يسألها ووجهه يصبح كـ حجر دامس الظلمة: وينه !!
: ما ما ....
قفزت مرعوبة من صراخه المفاجئ: ويييييييييييييييينه !!!!
ردت بسرعة بهلع حقيقي: كان فـ فـ في .......... في الجـ .... الجااامعة
وقبل ان تستوعب وتُبصر الهستيرية الناضحة من وجهه .......... كان يوليها ظهره ويخرج من الغرفة بسرعة
،,
بسرعة البرق ... ومع عشرة رادارات إلتقطت سرعة مركبته المهولة !
كان امام الجامعة ..... ثوانٍ فقط حتى رآه يقف امام البوابة الخارجية يحادث احد الطلاب باندماج
استل خنجره الخاص ....... الخنجر الذي يُصنع خصيصاً لأبناء آل صياح ...... شكله شبيه بشكل السيف هو ان صح التعبير أطول من الخنجر واقصر من السيف العربي
اول صنعة لهذا الخنجر الفريد كان للجد صيّاح الأول "جد الجد صيّاح"
اهداه له احد امراء السعودية قبل اكثر من مئة سنة .... وكل الخناجر المصنوعة بعده كانت شبيهة له .... مزخرفة بنقوش عثمانية إسلامية جميلة وفضة لامعة بصنعة مميزة تبهر الناظر
كسر تجمهر الطلاب امام البوابة بخطواته النمرودية المدججة بالوعيد ...... والشر الكامن بعيناه بخنجره المرعب جعل احدى الطالبات تصيح بهلع وهي تؤشر نحوه محذرةً الجميع منه
وقبل ان يلتفت مروان ليعرف سبب صراخ الطالبة المحذر ..... كان رأسه محاصراً بذراع هزاع وخنجره اللامع
صرخ مرعوباً قبل ان يزمجر هزاع من بين اسنانه بنظرة تقدح شراً/شيطنةً صرفة: تعرف في جبيلتنا يا ابن الـ...... شو نسوي باللي يتعدى حدوده ويانا ويقرب من محارمنا !!!!
شهق وهو يلف رأسه بشكل جانبي لينظر لوجه الرجل ..... فـ عرفه ....... وسرعان ما هتف هلعاً خائفاً متذكراً ما فعله اليوم مع مدية: ا ا هزاع نحن في جامعة وبين الناااااااااس ..... ما يصير اللل
قاطعه وهو يصم اذنيه/حواسه كلها بزمجرته الوحشية وغضبه الجنوني: نقصصصصصصصصه
تلعثم محاولاً تهدئته وهو يستوعب ما يقصده بالضبط: هـ هـ هزااااااااااااااع
: تباااااني اقصصصصه لك يا الـ...... جدام الناااااااس كلهم الحيييييييييينه
: هـ هـ هزاع استهدي بالله والله ما ما ااا...
حاول مجموعة من الرجال مساعدة مروان لكن رعبهم من كلمة " نقصه" جعلهم يتوترون ويضطربون ... وشكوا لوهلة بعقل هزاع الذي كان ناراً مشتعلة في تلك اللحظة
لكن رجل كبير في السن اقترب وهو يهتف محاولةً تهدئة الوضع بحكمته ورجاحة عقله: يا ولديه ... يا ولديه اذكر الله وصل على النبي
صرخ بجبروت متجاهلاً كل الناس الملتفين حوله ........... فـ برز وجه صيّاح المرعب بدل وجهه الأسمر اللطيف: مب عيال صيااااااااااح اللي ينداااااس لهم على طررررف يا ولد الللللـ...
شتم هزاع امه الأجنبية .... فـ شعر مروان بالغضب ...... ودفع هزاع مصارعاً خوفه وحرجه وكل مشاعره المهتاجة بداخله
الا ان هزاع وبحركة محترفة تعلمها صغيراً من ابيه حامد ...... قلّب الخنجر بيده بسرعة وجرح خد مروان طولياً من جبينه لأسفل خده ..... فـ سال دم الاخير بغزارة
صرخ مروان وهو يغطي وجهه متألماً
قال من بين شرار عيناه الهستيريتان: هالمرة ويهك ...... لكن والله ........ واللي خلقهن بليا عمد يا ان الثانية تحت يالكلب الاجرب
بصق على وجهه متقززاً ..... ثم التفت وسار عائداً نحو سيارته ..... والطلاب ومن رعبهم الشديد منه ..... اخذوا يتراجعون مبتعدين عنه/عن مرمى خطاه المتوحش
،,
في السيارة وفي طريقه نحو المنزل اتصل به ربيّع ابن عمه ... فـ علم بديهياً ان مديه ومن فرط خوفها مما سيجري اتصلت مستنجدةً بأخيها كي يساعدها ... وها هو يتصل به
لكنه لم يجب ........ فـ هو بالاصل لا يحب ربيّع ولا يحب الاحتكاك به كي يقحمه في الأخير في شؤونه الخاصة
رمى الهاتف بعنف ولم يقلل من سرعة سيارته العالية الا عندما دخل منزله ووقف بحدة امام باب المنزل الداخلي مصدراً صريراً عالياً
هرع نحو الداخل بخطوات عنيفة .......... حتى لقيها تستقبله امام الباب تماماً .... بخوفها ووجهها الشاحب القلق
وقبل ان تتفوه بكلمة كان يمسك وجهها بعنف هادراّ باشتعال: شو سوابج !!!
ارمسسسسي
انهمرت دموعها فرحةً لوجوده اخيراً امامها ..... الا ان بعضاً من دميعاتها الرقيقة الشفافة كانت ألماً كذلك
هتفت بتحشرج .. بألم عميق في جوفها: ما ما سوابي شي بسسس
: بس شوووو .... لا اطلعين زياريني زود مسسسسك
لمست كتفه بارتعاش وهي تحاول تهدأته بتوتر شديد: انت ... انت هد ..... وانا والله .. والله بقولك شو صااار
هدر وعيناه تقدحان شراراً ..... كذلك أنفاسه المتلاحقة الغاضبة: ما بهددددددي ......... ارمممسسي مسسسك
توسلته وهو يلاحق بناظره دمعة متلألأة تسقط من عيناها اللؤلؤيتان: عشاني هزاع ..... هد اول .... دخيلك
دموعها اضعفته ........ بل انهكته حد الرمق الأخير
دلف للداخل حتى وقفا هما الاثنان وسط الصالة ..... فـ قال وهو يعاود امساك وجهها بقوة: هديت ... ارمسي اشوف ... اسمعج
بلعت ريقها بصعوبة من بين بكاءها الناعم .... فـ اضطربت معدتها عندما اخذ هزاع "وهو في قمة ترقبه الغاضب" يمسح دموعها بحرارة تفجرت بالقلق
طالبها بالتحدث بقهر انما بصوت خفيض ارق من ذي قبل: شو سوااابج مسك !!
اخذت عدة انفاس عميقة قبل ان تقول بصوت اخرجته اكثر سيطرة وثبات: طلع هو دكتوري اليديد في الجامعة
شتمه بغضب عاتٍ .... ليتركها تكمل من غير ان يقاطعها: يوم شفته في القاعة طلعت ..... وهو لحقني .... وحاول يلمسني بس انااا
قبض على كتفها وهو يقاطعها بغلظة: انتي شووو
رمقته بنظرة خاطفة محرجة ثم عادت بـ انظارها للأرض ... وهمست: ضربته بشنطتي على ويهه
رغم شعوره بالراحة لأنها لم تقف عاجزة امام طليقها .... الا ان نيران الغيرة كانت اكبر من كل شعور وتمنى لحظتها انه لم يكتفي بمجرد جرح وجهه ذلك الحقير الدنيئ
هدر من بين اسنانه: من وين ياب رقمج !!!
: ماااعرف
مسح دموعها وهو يأمرها بانفعال ... بـ مشاعر حارة: لا تصيحين
هزت رأسها وهي تمسح باقي دموعها بظاهر كفها .. لتقول بعدها بنبرة مبحوحة خافتة: شو سويت ؟!
اجابها بنبرة قاسية غليظة: عطيته المقسوم
لم تسأله اكثر فـ اردف بعدها بجبروت: وباجر بسوي اتصالاتي عسب ينقلونه الكلب لـ بقعة ثانية
: هزاع ... لا
اتسعت عيناه بحدة: شو لااا !!!
قالت وهي تحاول افهامه موقفها الحساس: انا مابا اشرد من الواقع ... دام هو صار استاذي فـ ما...
قاطعها بنبرة مخيفة .... مخيفة حد انها توترت منه شخصياً: مابااااااه ويااااااج في مكاااااان واااااااحد
: هـ هزااع
أكملت تحت وطأة أنفاسه الحارة المتلاحقة .... مهدئةً اياه بربكة عاصفة: افهمني دخيلك يا ولد عمي .... انا أبا اعالج اللي في داخلي وبطريقتي
صدمها بأن قال بقسوة ساخرة ملؤها المرارة والغضب: شو في داخلج !!!
بقايا حب وشووق ووله !!!
شهقت بإسمه مصدومة مستهجنة: هزااااااااع
: ولا اشتقتي له وتبيـ
أغلقت فمه بيدها وهي تهز رأسها نافيةً بحنق ... ناعمة بشكل لا يوصف .... حتى بحنقها ناعمة:
عيب تقول جيه هزاع ... تظن هذا تفكير ام المسك !!!
كانت قريبة .....قريبة جداً
وهو غاضب
ومشتعل
ومستنفر ..... و
ورااااااااااااغب
همس بصوت مكتوم امام وجهها الفاتن الشاحب: عطيني شي يبرهن لي رمستج هاي مسك
سألته بنظرة تائهة حائرة: ابرهن اني ما عدت احبه ولا اشتاقله !!
اومئ برأسه وهو يشعر بالخدر من رائحتها القريبة جداً .... وجسدها الذي يكاد يلاصق جسده المتصلب
همست بحيرة رقيقة وهي تحاول بث الثقة/القوة من جديد في علاقتهما الغريبة جداً: ما يسد اني خذتك وانا اللي عديتك دوم شرات اخويه ؟!!
ابتسمت له بحنان فيّاض ...... واكملت بسذاجتها العفوية: مب ها اكبر برهان
زمجر من بين اسنانه وقد فُكَ عقال صبره
مكتسحاً حدود الحظر بجنون لا قبل له ولا بعد ........ اكتفى ....... اكتفى بحق من هذه الترهات المستفزة البغيضة: لاااااااااا
لااااااااااا
مب برهااااااااان
مب برهااااااااان مووووووليه
هذا البرهااااااااااااااان
وانقض على شفتيها ... بعنف ... بأنين اسد يعتد حد السماء برجولته ... بثمالة تعدت الزمان/المكان
قابضاً خصرها الناحل بكلتا يداه
نهايــة الفصــل الســابع
|