كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله(بـ حلة جديدة-2020م) الفصل 30
،
مسا الحب
مسا الجمال
مسا كل شي جميل تشوفه عيونكم وتلمسه صبوعكم
اخباركم يا رفيقات الدرب ؟
علومكم ؟
وصلنا للنهاية ؟
الحمدلله وصلنا
يعني نصيح يا لولو ؟
ايوه هاتوا كلينكس وصيحوا
مب بس انا اللي اصيح بروحي ☹
،
ممممممم ماعرف شو اقول والله
النية كانت اكتب مقدمة اعبر فيها عن احساسي .. بس الاحساس كله طار
فـ خلاص
انسب مقدمة احطها هي كلمات واقتباسات واهداءات من صديقات القلب لـ سهيل وشلته الحلوة
الشلة النسائية والرجالية 😊
هيا .... استمتعوا مثل ما استمتعت شخصياً
،
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
،,
(من كلمات الجميلة قلباً وقالباً فيتامين سي)
"آرنود لـ حرابة"
عشقتها وحبها أشقاني
ولو تطلب الروح تفداها
وأهديتها لواحدٍ ثاني
يالله عسى القلب ينساها
،
"نورة لـ سهيل"
طال الحزن وأظلمت دنياي
واســـودت الدنيا.... بعيني
تعبت... وأتعبتهم ... وياي
والفقـد... بالنار... يكويني
واليـوم جيتك أجر اخطاي
وأبطعن البعـد .... بيديني
تعـال ياسـهيل مثل الماي
أنزل على القلب وارويني
أبيك بلسم لعمري الجاي
وأبيك تريـاق ...تشفيني
الحمد للي ســمع لدعاي
رجع لي النبض ياوتيني
،,
(من كلمات الغالية العزيزة شما بنت محمد)
"حرابة"
وفجأة ..
تجد نفسك في كومة مشاعر لا تفهم كيف تعيشها ..
البقاء فيها مؤلم، وانسحابك منها مؤلم أكثر ..!
،
"نارة لـ منصور"
ظننت أنني أعيش الحياة،. فـ تعثرت بأصلها عند لقياك . .
وظننت أن الفرح هو الذي أشعر به منذ زمن،. ولكني وجدت بريقه الحقيقي في عينيك . .
،,
(من كلمات العضوة المبدعة ديجو)
"آرنود لـ حرابة"
منذ أحببتكِ وأنا في شقاءٍ دائم.. كأن حبي لكِ كـداء عشق أصابني.. خمس سنين مرّت تحت وطأة الشوق لوصالكِ.. رُغمَ قُربِكـْ قد كنتِ محرّمة بعهدٍ بيني وبينكِ .. لكنَّ قلبي تمرد فغدا بين يديكِ.. حتَّى بادلتني الهوى فـ رويتُ شوقي إليكِ.. كـ طيب المسك رائحتكِ وللمسك روحي تطيبُ.. طريةٌ أنتِ بقلبٍ ساذج تحمّل أذى السنين.. وحين اكتوى بنيرانهِ كنتُ أول من أُحرَق بهِ.. فـ بأي ذنبٍ أُخِذْت وأنا صريع الهوى أمام عيناكِ.. غضبتُ حينها حقًا لكنَّ قلبي أَعَادَني إليكِ.. فـ رفقًا بقلبٍ لا يستطيع من داء عشقه أن يؤذيكِ
،,
(من كلمات العضوة الرائعة الغيد/باتمانه)
"حرابة"
تربيت في أسرة ظننتها مثالية إلى أن صدقت أنها لا تمارس الألفاظ البذيئة . ولا تحض على طعامِ مسكين !
ظننت أني أعيش في مدينة أفلاطون التي لم نرها وذهلنا منها لدرجة أنّ الشعراء وصفوها بأبياتهم زهرًا يترامي على أطراف الأدب . ونجومًا تتلالئ على شاطئ الدنيا
أنا ربيبة آل صياح ، الذين صاحبهم الجن وصار طوّع أوامرهم . أنا ربيبتهم التي تربت وسطهم وأذاقوها من إكسير القوة ، والا خوف ! أنا هي تلك التي تعلمت منهم أنا لا انهزام فهزموها وأصابوها بفايروس الخِذلان . خُذلت ممن ضنتتهم سندًا للحياة . غدروا بي في يوم ظننتهم أنهم سلاحِ بيدي .
يا آل صياح ، أين أنتم يوم صرختْ أناجيكم !
يا ال أخي ، أين حق الأهل منكم؟
سأقول لكم سيحاسبكم الله يوم الحريق ، مثلما أحرقتم قلبي على من أحببت .
آل صياح أخبرت الله بكل شيء .
حتى أنت يا أبي يا من زوجتني من ذلك الغابش
الذي جاء من حيث لا أعلم ففجر فيني مالا أريد
فجر تلك الأنثى بداخلي ، فغزا الحب روحي وأنهكني في معركة الحياة . وخرجت منها ممتلئة بالصبابة والكثير من الشوق . أخبرت الله عنكم وسارتمي بحضن ذلك اللئيم . وأعود كما كنت حرابة التي لا تهزم .
،
"آرنود"
هل شاهدتم يوما القمر مع الشمس ! لا ولن تشاهده ابدًا فأنا كهو نجم لم ينعم بحضن والديه معًا . أنا كهو لم أنشى في حب أمي وقسوة أبي . أنا خسرت أبي قساوته ، وعطفه وحتى عراكنا . فقدت أبي ثم فقدت امي التي لم تعلمني سوى كيف أن أخون دمائي وأضرب في فساد الحياة وأعبث .
كم تمنيت لو أنني عشت في مدينتي وبين قبيلتي ارتع
بين أشقائي وأبناء عمومتي ، كم تمنيت لو أنني لم أنشأ وحيدا ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ....
،
"نورة الأم المكلومة "
خلقت من ضلعِ أبي فمات وتركني مكسورة الجناح !
ومن لا جناح له لا سند له -سواء الله- ، يطبطب عليه وينزل عليه جنودِ من السكنى والصبر لكن يبقى في منفى من الحياة !
أنا نورة تلك الأم التي خلقت وحيدة لتبقى وتموت وحيدة .
لا أب ولا أخ ثم يرحل الزوج غريبًا ويموت الجنين محروقًا ...
أنا هي التي جسدت معاناة نبي الله يوسف -عليه السلام - . أُلقي في الجب ، ونُفي في مِصر وسُجن كِذبًا . وهي ألقيت في الحياة وحيدة، ونُفيت في آل صياح وسجنت ضريره .
ولكنها أخيرًا كيعقوب عاد لها ولدها وسجدت لله عبدًا شكورا .
،,
(اقتباسات من العضوة الشموس الجميلة)
"سهيل لـ نورة"
حتى إن مقتنيات أمي تشبه قلبها ..
هاتفها لا تنفد بطاريته مهما استهلكته وأنهكته ..
حقيبتها لا ينضب خيرها .. تأكل وتشرب وتتدواى منها، وقد تتسع لتحملك فيها ..
معطفها قادر على أن يدفئ شتاء لندن ..
يدها تجيد الطبخ .. وخياطة ثوبي .. وإصلاح الأشياء وقلبي"
،
"حرابة"
أنظر في المرآة يا أمي فأرى امرأةً ناضجة
و أنظر داخلي فأرى قلبًا طفلًا يعتصره الألم،
ليس بإمكاني أن أصغر و ليس بإمكانه أن يكبر.
،
"عائشة"
تعلم ان تقف وحيدا
فلا تحتاج كتفا تتكأ عليه
تعلم ان تعيش سعيدا
فلا تحتاج لصوت
يخلق لك اجنحة من فرح
ولا قلب يزرع بين ثناياك قوافل الضحكات
كن قويا
للحد الذي لايضعفك غياب
ولا يكسرك فقد
ان تكون شامخا بكبريائك
فلا تفتقر الامان بعد احد
ولا تقف على عتبة الماضي
تننحب عودة الراحلين
،
"جوجو"
"ليست امرأة عادية
إنها كومة من الكمال واللاعادية
تستطيع أن تكون مُسنة حكيمة سيدة ناضجة و شابة حَنونة في ذات الوقت،
تستطيع أن تكون طفلة تهوى اللعب في قلبكَ ولا تخشى
تطمئنُ بها و تطمئنُ معها و ترغبُ بقربها ويرعبك بعدها
كانت عبارة عن خليط من البساطة و الدهشة مُستحيلة و ليست عادية"
،,
(رسائل قصيرة مرهفة الاحساس من العضوة الراقية زهرة منسية)
(سُهيل الذي عاد بعد رحيله)
طبعا يا لؤلؤتي انتي واثقة و متأكدة اني عمري ما هنسي تاريخ الخاتمة
المفروض اني اقول خاطرة عن اكتر شخصية مؤثرة في الرواية
لو فكرت مين اكتر شخصية مؤثرة فأنا هتكلم عن ثلاث شخصيات تجاوزوا عن طمعي اكرامنا لفرحتي باخي
اول رسالة لولوة احبك فوق الحب حباً و اشكر درة الورود البيضاء و اشكر سُهيل لانهم سبب تعرفي عليكي و يحسب لك انك اول كاتبة جعلتني احب شخصية ليس لها وجود بين ابطال الرواية سايه
ثاني رسالة لشخصية حملها اغلب القراء الذنب صياح اللي عاش اخر 15 سنة من عمره و له نصيب كبير من اسمه
تحملت ما لم تتحمله الجبال و من نعم الله التي انعم بها عليك نعمة النسيان
ثالث رسالة حرابة ليت كل انثي بعزمك و قوة ارادتك و كبرياءك
،,
(من كلمات المرهفة الرقيقة جداً روعة النسيان)
"ريسة والشيخ صياح"
آيادارٌ كانت عامرة بحصانة أبي وشبيبتهِ
كيف غدا بكِ الحال عند مشيبهِ؟
هل أذعنت حصونكِ التي كان يشّيدها هتافه الباسق !
ودكَّت بيوتكِ التي أواها بشهامتهِ وسخاءه الصادق !
هل تجعدت طرقك كما تجعدت ملامح أبي؟
وشاخت مجالسكِ كما شاخ العمر بأبي ؟
هل أستباح شموخكِ المهان كما أستباح الخرف بأبي وأكداه؟
وأه يادار الصبابة لو تعلمين عن مآل صياح اليوم وحاله .. عن مآل شموخه وعصيان شبابه ..!
وما فعل به المشيب ؟
وكيف أبرِحّ خرفاً وحيد ... واهِناً طريح .
أترين الطعن لائقاً به ؟ وبصلابتة وحفاوة قلبه؟
أكان عدل أن يدكُ به الخرف خديعةً ويخرُ صريمته !!
أهذا هو ماجناه من تصرم تلك السنين ؟؟
أحزينةٌ أنتي على حاله ! كما أنا حزينه؟
أم شامتةً ناقمةً ؟ تتنعمين برؤية هوانه وأنثمامهِ !!
ألازلتِ تحتضنين عبق شبابه...ومهابة مقامه؟
ام جريحة انتِ منه ..ومتبرآةٌ من تهكمهِ وتنكيلهِ !
،,
(من كلمات الصديقة العذبة طعون)
"ريسة"
انا الأم التي لم تحضن ابنًا من رحمها ..
انا الأم بروحي ، و جوارحي ..
أنا التي احتضنت كل من أتى إليّ ..
فلم أبخل على أحدهم ..
فالكرم من شيمنا .. تربينا و كبرنا عليه ..
حتى لنكاد نتسع للكون بأكمله ..
أنا الأم المبتهلة دومًا بألا يمسهم أي ضُر ..
و انا التي احببتهم و كأنهم مني ..
لم يكن ذلك شاقًا أو عسيرًا ..
بل فعلته بكل نفسٍ راضية ..
و بقلبي الرَّحب جدًا لهم ..
أنا الأم المكلومة ، و التائقة جدًا لضحكة
صادقة تبلل جفاف قلبي حين جفّت
ضحكاتهم ، و قست ملامحهم التي شكلتها
الحياة ، فأمسوا لائمين خائبين ..
و إن سئلت يومًا من أحببت أكثر !
سأجيب بأن كل واحد منهم قد اقتطع جزء
مني له .. فأضحيت مقسمة بينهم بالتساوي ..
أنا ريسة
،,
(من كلمات الغالية لواء الحق)
"محمد لـ روزة"
*لايم قلبي إنه هواك يابنت الناس
*يكفيك تعالي وشوفة النفس ويباسة الراس
*ودي أقول له إنك ضعيفة نظر وعديمة احساس
*وعارف انه بيعاند لأنك حبه الأساس
*اخترتك وهويتك والهواء حساس
*لاتخذليني والخذلان يوطي الراس
*عهدتك قبل تبدلين الحجر بالماس
*شو جاب الثرى للثريا يابنت الناس
،,
(من كلمات الجميلة الرقيقة سوساري)
"شـــاهين"
شابٌ نشأ بين ترفٍ وصيت ..
زهى وتعلى بعز أبيه ..
و ظن بوضعه أنه قادر على ما يريد..
و عند اول مطب صفعه ؛
لم يقوى على الصمود ..
بل جعله يتجبر و يكيد ..
من كرهٍ لأقرب عضيدٍ
من نسبٍ اقرب له من الوريد ..
مرت سنين وسنين
زاد بطشه ومس فلذة كبد أبيه بعد أخيه ..
ولم يظهر إلا المحبه المغلفه بحقدٍ يقشعر له
البدن!!
كعادته
لا تعلم كيف ينام ببالٍ مستريح
بل بضمير ميتٍ ليس له مثيل
ولم يقدر شيب شعره ويستغفر ربه
مع مافعلت بجسده السنين ..
من يراه يتوجس منه
لكن هالته تطغى ويأخذك بقوله الحميد المزيف
لتقول في نفسك "لعل حدسي اخطأ "
ولم تعلم أنه أصاب كما لم يصب من قبل ..
لحظاتٌ مرّت
يظن من يعرف شناعة فعله ؛ أنه قد يتعظ
لكن كعادته
روحه لم يبقى فيها شائبه
الا وشوهها بتراكماتٍ وأفعال
تجعلك توقن عدل ربكِ
بوضع نارٍ تصلى لها الجبين ..
،,
الفصـــل الحـــادي والثـــلاثـــون
(والأخيـــــــر)
صباحات الام مختلفة
صباحات الام عطرة
صباحات الام تدخل برائحتها حناياها الروح وتسجد تعظيماً لله على جمال الاحساس وابداع ما خطه في افئدتنا واعمارنا وايامنا
يمسك يدها بكفه الدافء .. يساعدها على الوصول لمبتغاها .... تريد وضع اللقمة في فمه كـ ايام الخوالي
كـ ايام الطفولة
ابتسم لها ابتسامته المذهلة فـ ذابت اكثر واكثر
لتمسك يده الاخرى وهي تتمتم بالحمد والشكر
منذ ان عاد ولدها لحضنها وهذه حالتها
تحمد كل دقيقة الله وتشكره
شعور الامتنان في جوفها فاق كل حد
امتنان خليط من بقايا ذهول وخوف واضطراب
اخبرها في الليالي الاربعة الماضية بعد إلحاح معذّب منها بـ كل ما جرى له قبل خمسة عشر سنة
اخبرها الحكاية التي كانت من جانبه ... عن انقاذ العم جابر له ومعه ريكا واخيه ...... حتى عن ابيه وحكاية ارتداده الذي لم يفصحها لأي بشري كان
لينصدم من حقيقة ان امه تعلم بالفعل ما الجنون الذي اقترفه ابيه قبل موته !!
ذُهل حد النخاع
لكنه صمت
فما جدوى الكلام الآن ؟
لكن ما اخرجه من ذهوله حينها .... انها طلبت منه جلب اخيه ناصر لها عندما يصل للبلاد كي تلتقيه وتتعرف عليه
ذهوله -بعد الذي قالته امه- اصبح مدفوناً تحت اكوام السعادة والبهجة والامتنان اللامتناهي
بعد انتهى الجميع من وجبة الافطار .... وبعد ان اوصل سهيل جواهر وصغاره الى احدى المراكز التجارية ليشتروا بعض اللوازم والحاجيات لهم ... كان يسير مع امه في رواق المشفى ..... قبل ان يطلب منها بأدبٍ جم ان تجلس حتى يعطي لقسم الاستقبال بطاقتها الصحية
بعد ان اتمت والدته الفحص المبدئي
طلب منه الطبيب ان يستريح في الغرفة المجاورة حتى يعمل لعينا امه الاشعة المطلوبة
امسكت يده تتوسله البقاء بصمت موجع
قبّل يدها وقال بحنو بالغ: ما بسير بعيد .. عدالج بتم
خرج وجلس في الغرفة المجاورة ..... ارخى جسده على المقعد الجلدي
قبل ان يمسك هاتفه ويقرأ الرسائل الفائتة له وكذلك الاتصالات
اغلبها من آرنود اخيه يذكره ان هناك اجتماعاً عبر الانترنت بعد يومان مع احدى الشركات الهولندية
اجابه بالموافقة وذهب للرسائل الاخرى
فجأة .. اتاه صوت انثوي رقيق: السلام عليكم
رفع عيناه باتجاه الفتاة بـ عفوية
ليرى الفتاة تحدق به بـ شكلٍ مريب ويبدو انها اخطأت في مكان توجهها
ثوانٍ فقط
ثوانٍ حتى تمكن من التقاط كل جزء من اجزاء وجه الفتاة ..... واستوعب ان التي امامه
هــــي
روزة !
عندما لمح اتساع عينا ابنة عمه
وشحوب وجهها على نحو صادم
وقف ... بكامل هيبته
واعتداده
ورائحة عطره الدافئة الفواحة ....... وتنحنح بخشونة
وضع هاتفه داخل جيبه وألقى السلام برجولية فخمة: مرحبا بنت العم
"مرحبا بنت العم !"
هكذا
بكل بساطة
بكل سلاسة
بكل هدوء
،
بلا ضغينة من ناحيته
ولا مشاعر خاصة
ولا حتى ارتباكٍ طفيف
علم من هزاع خلال لقاء اخوي به منذ يومان وكان معهما منصور ان روزة عرفت بـ حقيقة عودته لذلك آثر ان يتم لقاءهم بسلاسة من غير تعقيدات
اما روزة ........... فقد تطلّب منها دقيقة فعلياً
دقيقة كاملة حتى تمكنت من فتح فمها
وإلتقاط انفاسها بشجاعة
قبل ان تبتلع ريقها الجاف
وتقول بينما يديها تلف حجابها بإحكام حول رأسها: ا .... الحمدلله على السلامة
"الحمدلله على السلامة"
ادق جملة وجدتها مناسبة الآن
لكن هل تتحمد له لانه عاد للبلاد اخيراً ؟
او لأنه عاد من الموت اخيراً ؟
اومئ برأسه بـ رزانة وقال: الله يسلمج
: كنت ...... كنت ..... انا ......
من شدة اضطرابها لم تكن تعرف ماذا تقول او لماذا تكمل حديثها معه !
عندما احست بـ انها خرقاء في وقفتها
ولته ظهرها وارادت الخروج
حسناً
تعترف انها كانت بالكاد تمسك دموعها حتى لا تنهار
حتى لا تظهر المزيد من سذاجتها وغباءها
ليس وكأن دموعها ستنزل شوقاً وحباً لـ من كان خطيبها !
لكن حقاً هي ظلمته واساءت كثيراً لذكراه
: ام حامد
وقفت وهي تسمع الاسم من فمه
ام حامد
يعرف انها تزوجت وانجبت من بعده
بل صوته وهو ينطقها اخبرها انه يعلم بهذا منذ سنيــــــــــــــــــــــن
استدارت نحوه ...... وتنحنحت تريد تصفية صوتها لكنه خرج رغماً عنها مختنقاً: هـ هلا
: كيف الحال ؟ وحامد ولدج شو علومه ؟
روزة بتوتر: ا .... الحمدلله ...... كلنا بخير وعافية
تسلم
اخفض عيناه قليلاً
يفكر بكل كلمة يريد التفوه بها قبل ان يخرجها من فمه
رؤيتها اليوم اتت لصالحه
فقد كان يريد قول امر مهم لها
امر شديد الاهمية خاصةً بعد ان علم بنية محمد بالزواج من ابنة عمه
هتف بـ صوت رجولي هادئ
: محمد ربيعي
تباً
اجل
بالطبع محمد صديقه
وصديقه جداً كما عرفت من هزاع
اكمل ببساطة: عرفت انه يباج
سكت قليلاً
ثم قال: لا تردينه ..... ما بتحصلين ريال شراته
صدقيني
ارتعش فكها السفلي بشكل جلي
واصبحت لا ترى الا الدموع وهما تغشيان عيناها
هزت رأسها كيفما كان
وخرجت مهرولة بتخبط
كانت تريد الاعتذار منه
كانت تريد اخباره كم هي آسفة
حتى لو كان هو نفسه لا يعلم انها اهانت ذكراه بالحديث وجرحت صورته الجميلة
عندما خرجت من الباب ووقفت مكانها بتوقف حاد
شعرت ان شياطين الدنيا تكبت على صدرها
كبت وكتم وغم واختناق
لم تكد تأخذ انفاسها
حتى عادت بخطوات منفعلة سريعة للداخل
لتقول له بذات انفعالها ..... وبـ هدير انفاس مرتفع: انا آسفة
رفع حاجباً قليلاً
ثم قال وهو لا يريد النظر مباشرةً لعيناها
ليس وكأنها ستأثر به بجمالها الارستقراطي التي ما تزال تحافظ عليه وبقوة
لكنه لا يريد ببساطة ان يحدق بعيونٍ غير عيون سنجابته
: على شو ؟
قالت بذات انفعالها وحدة صوتها المختنق من اثر الألم: سامحني
ظنيت بك ظن السو
وفكرت بك بأمور ما يرضاها ربي ولا رسوله
سامحني
يمكن الله خلاني اشوفك اليوم صدفة
عسب اقدر اعتذر منك ... سامحني يا ولد العم
غلطت بحقك
هنا
ابتسمت لها بـ هدوء ..... وعيناه تنخفضان للارض بسلاسة
تذكر بشريط مُشوّش روزة الصغيرة
ثم الصبية
ثم .................. لاشيء
وكم كانت ذكراه نحوها بعيدة
بعيدة جداً وغير مرئية
ثم قال: ما خذينا ولا وايهنا الا الطيب منج يا بنت العم
ثم اكمل وهو يمر من جانبها ويخرج: من رخصتج يا ام حامد بسير عند الوالده
وتركها
وهي تتأمل قامته المديدة بطرف عيناها
تغير كثيراً
هذا سهيل مختلف ... اضخم حجماً
اظلم تعابيراً
هيئته مرعبة
لكن ابتسامته
هي ذاتها
لم تتغير
الابتسامة التي تشعرك ان الدنيا ........... ما تزال بخير
تركها ليجعلها تقف مكانها وحيدة .... بساقين هلاميتين
لكن بدل عنهما
شعرت ان جناحان وهميتان على ظهرها
تطالبانها التحليق
تطالبانها السعادة والطيران
تنهدت بعمق من بين حواجبها المقطبة
وتخبط نبضات قلبها اللاثابتة
هزت رأسها يميناً ويساراً تريد ازاحة كل ما يطغى في روحها من غرابة وقلق واضطراب
ثم اتجهت نحو الرواق المؤدي لـ قسم عيادة الاسنان
حيث موعدها الذي اقترب ..... ببالٍ شارد تماماً
،,
اسدل الليل أجفانه عليها
بظلمته الموحشة
مدت يدها نحوه .. فالتصقت به
لتدفن انفها في صدره .. يبيتُ رأسها على صلابة عضلاته
وتختلط أنفاسهما أشتياقًا ، وحاجةً فظيعة للانغماس
للغرق
للانغراس
رمشة بعد رعشة، داهمهما المطر الغزير ليشهد على لحظة الشوق المهيب
ويوقع حضوره على تلاحم أجسادهما
همست مرتجفة الشفاه: أُحبك
ببساطة
بحرية
من غير خوف او تردد او تشربك شخصيتها الصعبة
نطقت يداه السمراء حول خصرها: وأنا أكثر
ليعقب نطق يداه ... لسانه وشفتاه الولهتان
عجز لسانها عن التحدث
أيعجز اللسان امام نفوذ لمسة الحبيب ؟
اجل
لسانها هي يعجز ويرتبك ويتشتت
ألصقها به بعجرفة .. بتملك .... ببصمة لم/لن تُمحى من الجسد
"
شهقت مرعوبة .. لتفتح عيناها المظلمتان اللامعتان بحدة
فوجدت نفسها واقفة امام نافذة غرفتها المنداة من اثر المطر
كانت تتخيل فقط
كانت قد اغمضت عيناها ودخلت في خيالاتٍ وردية بطلُها "ذلك"
أطلت بطرف عيناها على أطفالٍ يتراقصون اسفل البناية
يلعبون في الاجواء الديسمبرية الباردة جداً
ليس الاطفال فقط
بل الجميع خارج بيوتهم فرحون يتضاحكون
وهي لوحدها ... تخط اصابعها رسالةً ما
رسالة لمن جعلها لأول مرة في تاريخ انوثتها
تشعر بالحرقة
بالخوف من الـ "بعدين"
بالحيرة من "الى وين"
بالاستياء من "ليش الحنين"
وضعت يدها على بطنها فاحتقن وجهها خجلاً وادراكاً
تعترف ان ادراكها لما "يختزل في جوفها" كان بطيئاً
لكنها الآن .. خاصةً وهي تستوعب ان روحاً بدأت تتنامى في رحمها
اصبحت تصيبها الحيرة الخجولة والامومة ذات المذاق الجديد اللذيذ عليها
روح اما تكون ملكاً لـ ولد
او بنت
تساءلت في لحظةٍ غبية تحت وطأة عبوس عيناها واحمرار وجنتاها الخجلتان
هل فرِح غابش بخبر حملها ؟
هل يرغب ببنت او صبي ؟
هل يريد لمس بطنها وتحسس روحه فيها ؟
زمجرت وهي تشد من عبوس حواجبها
المخادع الوغد
لماذا اساساً تفكر فيه وتبحث عن اجوبة شاعرية طفولية ساذجة منه ؟
فليرمي جسده امام اقرب حافلة سرعتها مئتان
التفتت وهي تستل هاتفها بغضب
فرمت هاتفها بضيق بعد ثوانٍ ..... وهي تغمغم لنفسها بنبضاتٍ معذبة: لا .. وايد ميتين ... بسّه ستين
(بسّه بمعنى يكفيه)
دقائق حتى رن هاتفها يعلن لها تذكير موعد ذهابها للنادي الرياضي
ليعقبه التذكير رسالة من روزة
"ابا اشوفج ... لازم لازم لازم اشوفج ... بليز لا ترديني"
امالت جانب شفتها بـ ابتسامة لطيفة
لا تستطيع ان تقسو اكثر على روزة
روزة كانت من اكثر الاشخاص الذين عانوا من طبعها الصارم فيما مضى
صحيح انها اخطأت بحق ذكرى اخيها الحبيب
لكنها لم تتعمد ذلك اذ انها كانت تظن به ما قاله لها عمها شاهين
شاهين الحقير
يالله كم تبغضه بغض الموت
زفرت بانفعال صامت واجابت رسالة روزة بالموافقة واخبرتها انها ستكون متفرغة كلياً غداً
ما ان وضعت هاتفها على الطاولة كي تذهب وتلبس ملابس الرياضة .... حتى رن للمرة الثالثة
لكن هذه المرة كان رنين اتصال
ومن ابيها ليث !!!!
استلته بسرعة
بقلبٍ يخفق بالشوق الجارف
،,
بعد انهت مشوار المركز التجاري مع آدم ويعقوب طلبت من سهيل ارسال السائق ليوصلهم الى منزل عمه منصور
ارادت رؤية نارة بعد ان اتصلت بها ليلة البارحة وتحادثا لمدة ساعتان كاملتان
ما ان دخلت الشقة
حتى تقدمت نارة إليها بابتسامة دامعة واحتضنتها بقوة
: حبيبتي جواااااااااهر
بادلتها جواهر الحضن بـ عاطفة اخوية جياشة وهي تقول بـ عدم تصديق: وحشتيني والله ... بعدني مب مصدقة ان كل ها يطلع منج يالمكّارة ...... السمع غير والشوف غيررررر
احتقن وجه نارة بـ الحرج الشديد وهي تجيب جواهر بخفوت: دخيلج خلاص مابا اذكر اللي صار
دنت جواهر من ضي وقبلتها على خديها وهي تهتف لها باللغة الانجليزية: هلوو ضي كيف حالكِ ؟
ردت ضي بالعربية المكسرة: انا بخيييييييييرررررررر الهمدلله
جواهر: ههههههههههههههههه فديتج يا ربي .. الحمدلله رب العالمين
ثم اقتربت من اذن نارة وسألتها بخفوت: تعرف ؟
ردت نارة بحزن: بعدها
قالت جواهر بحزم ودود: لازم تعرف
اومأت نارة برأسها بيقينٍ تام وقالت: بخبرها قريب ان شاء الله .. قلبي مب مطاوعني ادس عنها اكثر
ربتت جواهر على كف نارة وقالت: احسن لج ولها
: وين امج ؟ سمعت انها معاج
زمت جواهر فمها وقالت بحزن: امايه سافرت الصبح فديتها
ما تحب تخلي هولندا وايد
ما ان جلست جواهر .. حتى جلست قربها وهي تسألها باهتمام: وانتوا بتردون ولا بتمون هني ؟
جواهر: مع ان ما يهون عليّه ابد اخلي امي روحها هناك
ثم اكملت وهي ترمق الصغيران بحنان: بس اتمنى اليهال ما يفارقون اهلهم وبلادهم
قاطعهما صوت آتٍ من الرواق: سلام عليكم
هرعت نارة برشاقة جسدها المغطى بفستان قصير اظهر جمال ساقيها وقدها الميّاس
باتجاه الرواق
موردة الخد تورد الزهر والفل
براقة العينان بريق البرق والشمس
فـ صاحب الصوت في كل يوم وفي كل لحظة
يعطيها اجمل الاحاسيس واكثرها عذوبةً
يحتويها
يدفئها بطيب كلماته وانفاسه
يرمقها بتلك النظرات الغزلية العابثة في كل وقتٍ وحين
وهي معه تشعر انها ملكة بحق
وقبلها ............... انثى كاملة .............. له ولأجله
ولعينــــاه
: وعليكم السلام والرحمة .. تعال منصور ما من غريب .. جواهر حرمة ولد اخوك
وقفت بـ هالتها المميزة المعروفة بها ..... وردت السلام بثقلٍ ورزانة
وكأنها لم تكن في موقف سيء مسبقاً مع هذا الرجل بالذات: وعليكم السلام ورحمة الله
دخل منصور وعيناه على الصغار: يا مرحبا يا مرحبا
شحالج ختيه جواهر ؟
شعلومج ؟ شعلوم سهيل ؟
كادت تضحك بتسلية في داخلها على نبرة الاحترام التي وجهها إليها
شتان بين هذا الرجل العاقل المهذب
وبين ذلك المجنون الذي اقتحم الشقة عليهم وهو يهدد بالقتل وسفك الدماء وكأنه احد مصارعي العصور الوسطى
جواهر وهي ترمق نارة بابتسامة: بخير الله يسلمك ويعافيك يا بوضي
ثم اكملت بـ عربية بسيطة تحاول من خلالها تعويد الصغار على اللغة العربية: آدم ... يعقوب
سلموا على عمي منصور
اقترب الولدان بخطوات طفولية سريعة ومدوا اياديهم لـ عم ابيهم
لكن منصور جلس على ركبةٍ واحدة امامهما
وقال بحزم دافئ حنون: مب بالايد
جي يسلمون الرياييل
امسك ذقن آدم وقربه نحوه
ثم ضرب انف الصغير بـ انفه
وفعل ذات الامر مع يعقوب
ضحك منصور عندما رآى يعقوب يمسك انفه ويقول لـ جواهر بـ دهشة ... بلغته الهولندية: جواهر هل رأيتِ ؟؟؟
انه يسلم بطريقة غريبة
سألها منصور بتسلية: شو قال ؟ شو خربط ؟
ضحكت جواهر وقالت: هههههههههههه يقول سلمت عليه بطريقة غريبة
حمله منصور وقال له بابتسامة مغيظة: هذا سلام عرب
ان شفت اي ريال مجبل عليك وايهه خشم
تسمع ؟
رغم ان يعقوب لم يفهم اغلب الكلمات الا انه ابتسم لـ العم ذو الجسد الكبير بـ طريقة لذيذة
قبّله منصور على رأسه ثم قبّل آدم
قبل ان يرفع يده بعفوية رجولية: يلا من رخصتكم بلحق على الشغل
نارة لا تخلينهم يروحون بيتغدون ويانا اليوم
،,
احتوى ابيها جسدها بين ذراعيه وهو يقول بـ عتب ابوي رقيق: هنت عليج يا بويه تفارجيني شهور ؟
تنهدت بـ بقايا غضب بارد يعتمل جوفها
لكن آثرت الا تعاتب اكثر والا تغضب
مع هذا قالت بصدق: يرحتوا الخاطر يا بوحرابة
قبّل رأسها بحب وقال: تعرفيني زين ما زين
ما بسوي شي عشانج الا وهو لمصلحتج
تقدمت منهما عفراء الباسمة والتي تحتضن كتف ظبية .... وقالت: فديتكم يا ربي لا خليت
تقدمت ظبية من ابيها واختها واحتضنتهما بقوة
بادلتها اختها الحضن ... ثم قالت لـ امها ببرود مصطنع: علومج امايه ؟
ردت امها بسخرية لطيفة وهي تقلد صوت ابنتها: علومج امايه ؟ اونج يعني مهتمة
ثم غمغمت وهي ترتشف من كوب الشاي: قلبج قلب بعير ما يسامح مول
ضحكت حرابة على امها ذات الروح الخفيفة اللطيفة
ثم سألت ظبية بدفء: تبين تروحين معايه باجر المول نتشرى اغراض ؟؟
هزت رأسها بحماس وقالت: هي هي
حرابة: من عيوني غناتي
عفراء بغيظ طفولي: وانا بنت البطة السووودا !!!
غمزت حرابة لـ ظبية بمكر ثم قالت لأمها: حياج ويانا بنت خلف
عفراء بعناد: مابااااااااا ... دامها ما يت منج ماباااااا
ابتسمت حرابة وهي تخفض عيناها
تعلم ان والدتها بأسلوبها هذا تريد تخفيف الغضب في داخلها وتليين قسوتها
وهل تظن عفراء انها تستطيع هي حرابة القسوة عليهم اكثر من ذلك ؟
بحق الله
ليست حديد
هي انسان
انسان بقلبٍ واحساس
نظرت لساعة يدها ببقايا ابتسامة لطيفة ...... ثم قالت: انا بترخص عنكم ورايه جم
قال ابيها باستياء: وين ابويه بعدني ما شفتج .. تأخرت على الدوام اليوم عسب اقعد وياج شوي
قالت له بـ وعدٍ دافئ: بييكم ان شاء الله عقب ما اخلص
احتضن ابيها كتفها وقال لها بحرص واهتمام: لا تشدين على روحج ابويه توج بداية الحمل
قاومت موجة خجل فظيعة بأن احتدت نظرتها
ثم اخفضتها للارض
قالت بهدوء: لا تحاتي الغالي جسمي متعود على الرياضة والحركة
،,
بعد نصــف ساعــة
اغلقت الرف الخاص بها في غرفة الخزانات بعد ان وضعت اغراضها الشخصية بداخله ..... ثم التفتت لتسير باتجاه القاعة الرياضية
تجاهلت نظرات النسوة الفضولية
فضول اذ ان هيبتها تحكي
وهْجها الفخم لوحده توقيع
وبصمة
وشهادة امتياز
ثبتت الكمامة الرياضية على وجهها مخفية نصف وجهها السفلي
وغطت رأسها بـ سترة الهودي
ثواني حتى وقفت على جهاز الرياضي وبدأت تتلاشى عن العالم الخارجي
تحتاج حرق السلبية والتخبط لا السعرات الحرارية
تحتاج نسف التفكير به لا نسف بضعة غرامات دهون غير موجودة من الاساس
اخذت تهرول بخفة وصورته بهيئته البريئة الضحوكة تغزو مخيلتها
ثم صورته بكامل ذكوريته الفجة
وتغطرس عيناه
وابتسامته العابثة المائلة
شهقت من اثر المفاجأة وهي تشعر بأصابع رقيقة تدق على زندها لترمق التي بجانبها من خلف شعرها الذي بدأ يسقط على
عيناها .. ويلتصق بجبينها مظهرةً اياها كأحد ابطال أفلام العنف وقتال الشوارع
خاصة وان نصف وجهها مغطى بالسواد
: غناتي بسم الله عليج
فيج شي ؟؟؟
لم توقف هرولتها
وانما رفعت شعرها بقسوة واعادت وضعه اسفل الجزئية العلوية من السترة الرياضية
قالت للفتاة التي استطاعت اقتحام قلبها بطيبتها وحلاوة روحها .... فتاة تعرفت عليها اول اشتراكها في النادي منذ اكثر من سنة:
ها شيرينه شبلاج ؟
اجابتها شيرينه بتوتر داخلي: وقفي شوي حرابة .. ابا ارمسج
: اصبري شوي
هتفت شيرينه وهي تميل نحوها بقلق: محتايه ارمس وياج انتي الوحيدة اللي اقدر اصارحها باللي فيّه
كان الفتاة تضع يدها على بطنها الكبير وكأنها تحمي مولودها الغالي من امرٍ مجهول
لمحت شيرينه نظرة العطف بعينا تلك التي تهرول بتجهم ..... ثم سمعتها تقول بحزم هادئ: انزين عطيني بس 10 دقايق
نزلت الحبلى من الجهاز القريب وقالت بابتسامة مرهقة: اوكي اترياج
بسوي كم تمرين لين تخلصين
أخذت تتهادى بثقل حتى وصلت لقسم التمارين الحرة وبدأت تتمرن وهي تراقب من بعيد بعض الفتيات اللاتي يتدربن على السباحة
ابتسمت بامتنان لمديرة النادي التي سبق وان حذرت من أي لباس رياضي مخل للآداب خاصة ملابس السباحة
،,
خارج النادي الرياضي المخصص للنساء
ثبّت اللثام على وجهه وقال لأحدهم بينما الثالث ما زال يراقب مدخل النادي ومخرج المجمع: حميدان
انت متأكد ان عبدالودود قدر يخدر حارس المجمع ويربطه ؟؟؟
اجابه حميدان وهو يلتفت حوله ويراقب: هي هي ... سرت بنفسي وتأكدت .. متى نبدا يلااااا
نظر المسؤول عن العملية لساعة يده ..... وقال بتفكير: دقايق بس
ثم اكمل وهو ينظر من حوله بحذر: عطلتوا نظام البوابات الإلكترونية والكمرات الخارجية ؟!
حميدان بنفاذ صبر: هي بوهمام .... والبوابات العادية قفلناها
هتف ابا همام بصرامة: تمام ... حميدان لازم العملية اتم بسرعة .. ما نبا فشل ولا عقب بننزخ وروسنا بتنقصصص
حميدان: ولا يهمك كل شي بيصير مثل ما خططنا له ... بس عبدالودود
قال ابوهمام بقسوة: شبلاه ؟
اقترب حميدان منه وهمس وهو يرمق الرجل من بعيد: احسه بيخوّن فينا
هتف ابوهمام من بين اسنانه: بعده ماسكلي سالفة عيب وحرام وماعرف شوووو !!!!!!
حميدان: بوهمام خله .... برايه جان ما يبا يدش ويانا داخل
هدر ابوهمام بغضب وكاد صوته ان يصل لمسامع باقي رفقائه: مب على كيييييفه .... يدش ويانا وغصبن عن خشششمه
ب ناقص انا حركات يهاااااال
خل يودر عنه سالفة العيب والحرام ترى ما يوكلون عيش هالايااام
قال حميدان ببرود: يقول اللي ما يرضاه على خواته ما يرضاه على خوات الناس وبناتهم
غمغم ابوهمام ببذاءة ووساخة اخلاق: ياكل خـ......
بيدش ويانا وريله فوق راسه
لا يكون يتحرا انه بيفلت منها لو الشرطة قدرت تزخناااا
لا يا حبيبي ماسك انا عليه بلاوي
بلاوي تتعدا وايد سالفة اقتحام نادي حريم
خل يتقي شري بس ولا يلعب بذيله
،,
داخل النادي الرياضي
قالت بحاجبٍ مرفوع لـ شيرينه المُجهدة بشكل واضح: لا تشدين على نفسج شيرينه
وقفت شيرينه على رجليها وهي تلهث بتعب .. ثم قالت وهي تحتضن بطنها بكفيها: اللهم لك الحمد .. تعرفين
خلاص ابا أولد .... احساس الثقل اللي فيني لا يُطااااااااق
رمقتها من خلف كمامة وجهها بحنان عظيم .. عظيم كـ عاطفة الامومة التي بالفعل بدأت تتوغل فيها
كـ عاطفتها الفطرية التي تمنحها بسخاء لمن تمكنوا من امتلاك قلبها ومودتها
قالت وهي تناديها بـ اسم ولدها المقرر: ان شاء الله جريب يا ام سهيل .. وبيكون احلى سهيل تشوفه عيونج
ابتهج قلب شيرينه اذ انها قررت تسمية ابنها على ابيها الغالي ... وقالت: ههههههه فديته سمي بابا ... يارب الله يسمع منج
قالت حرابة بتساؤل وهي تجلس على المقعد: خبريني انزين شبلاج ؟ شو مضايقنج ؟
جلست شيرينه قربها وقالت: ماعرف يا حرابة من البارحة احس شي كاتم على صدري وخوووووف فظيع فيّه
غضنت جبينها بتعجب وقالت بتلك النبرة التي يعتبرها أغلب الناس استجوابية ... لكنها غير ذلك البتة: من شو ؟
ردت شيرينه بتوتر شديد: والله ماااعرف ... مارمت اهيع يا ختيه
: يمكن هالارق والخوف طبيعي بما انج في اخر ايام حملج ... استهدي بالله وكثري من الاستغفار
تنهدت شيرينه وهمست: ان شاء الله الإحساس يكون طبيعي
وقفت حرابة وقالت: يلا بسير اكمل تماريني .. وانتي ارتاحي شوي لين تييج مدربتج
أخذت شيرينه تتأملها وهي تسير بعيداً بنظرة اخوية مرهقة
ثم همست: سبحان الله .. اللي يشوفج بهالمنظر ما يقول انج احن وألطف قلب في الوجود
أتتها المدربة الخاصة وهي تصفق بحماس متوعد: شيرينه هاااااااااي ... today we will do some new exercises
قلبت شيرينه عيناها بضجر متسلي وقالت لها بالعربية تريد إسكاتها: يا من شراله من حلاله علة .... شو اللي خلاني اطلب مدربة خاصة حقي !!
قالت المدربة بحزم مضحك وهي تتحدث بعربيةٍ مكسرة: يلااا يلاااا نووو كلااام نووو قر قر قر قر
دقيقتان فقط .... حتى انفتحت جميع الأبواب بأصوات مدوية مريعة
واقتحم الرجال النادي ليعم المكان الصراخ والعويل والصياح وفوضى لا قبل لها ولا بعد !
حتى ان رجلين من العصابة منهم عبدالودود شعروا بالتوتر وارادوا التراجع الا ان ابا همام امرهم بقسوة ان يفعلوا ما امرهم به ولا سيفعل ما يندمون عليه
ثم زمجر بجبروت كي يطغى صوته على صياح النسوة الهلعات المصدومات: علي .. شررريف ... ابا كل الحريييم في زااااااوية وحدة في القااااااعة يلااااااااا
ثم صرخ يريد اخراس صراخ النسوة وولولتهن ....... وعيناه تحومان على اجسادهن بلا أدنى شرف او خجل:
باااااااااسسسسسسسسسسسسسسسس
لكنهن نسوة .... واعراضهن منتهكة !! ........ فـ أي (بس) تلك التي ستخرسهن الآن !!!!
هتفت احداهن وهي تحاول تغطية جسدها ورأسها بإحدى أعمدة الأجهزة الرياضية لكن بلا فائدة: انتو ما تستحووووون ...... ما تخيلووووووون !!!!
شو مدخلنكمممممم هنيييييه !!!!
ما تعرفوووون ان هالجم خاااص حق الحريييييم !!!
صاحت إحداهن بغضب شديد: والله بدق على الشرطة يالزبااااالة انت وهوووووو
وانفجرت الالسن كلها بالسباب والشتائم واللعنات وحاولت احداهن الركض نحو الخزانات لتجلب عباءتها وعباءات باقي النسوة الا ان حميدان دفعها بقوة لتسقط ارضاً
صرخت امرأة كبيرة في السن وهي تضع يديها على رأسها: يا وييييللللليييييييييييييييي
هدر ابا همام بصياح عاتي وهو يحاول السيطرة على الانفلات والعويل المربك للاعصاب:
لا تخلووون ولا بنية تفلت من ايدكممممم تسمعووووون ... اباااهن كلهننن في مكان واااااحد
وشلوا كل التلفونات منهن وحتى الايبادات والتابلتس
واباكم تقطعون النت
اقترب عبدالودود هامساً قرب ابوهمام بعصبية ..... بوجه محتقن كلياً:
حريييم يا بوهمام حرييييم كيف تبانا نفتشهن !!
قلّب عيناه ويكاد يفقد سيطرته على نفسه
ليته لم يشرك عبدالودود بالعملية
قال بأعصاب منفلتة: شلوا اللي في اياديهن مؤقتاً ... مب لازم تفتشون
أساساً ما تهمني التلفونات اوردي عقب دقايق الحكومة والشعب كله بيعرف باللي صاير هنيه
وبيشهد الجميع ان بوهمام قدر يكسر خشوم كبار الرجال في الدولة بعملية بسيطة جداً
كانا يتحدثان بانفعالٍ وعصبية
ولم يلحظوا تلك التي إلتقطت بخفةِ يد جميع المناشف الكبيرة من الأرفف المعلقة على زاوية جدار من جدران القاعة الضخمة
وأخذت توزعهم بسرعة راميةً قطعة قطعة على النساء قبل ان يلاحظوا وجودها
حتى وصلت لفتاة مخفضةً الجبين وترتجف ويبدو انها اصغر منها نوعاً منها
بعدها اكملت سيرها واعطت صديقتها شيرينه التي ترتجف برعب منشفة ..... وهمست لها محذرة: غطي راسج ومسكي نفسج شوي
ماباج تتروعين
توارت عن أنظار الرجال وهي تقف خلف النسوة لتحلل بهدوء الموقف الغريب الحاصل هنا
هتفت احدى مدربات النادي برجاء باكي: لك انتو ميييين وشو بدكوووون منااااااا ؟!!!!
هيدا جم خاص للصبايااااا مو بنك او شي سوبرماركت لحتى تعملو سطو عليييييه
صرخ بها ابوهمام بعنف: ججججججب .... ان رمستي مرة ثانية بييج صطار يفر راسج فررررر
وبدأ رجال ابوهمام بجمع الهواتف والاجهزة المحمولة
منهن من اعترضت ومنهن من سلمت هاتفها من غير مقاومة
لكن الجميع رضخ في النهاية
حتى الفتيات اللاتي اتين من جانب المسبح وهن متلحفات بـ المناشف الكبيرة وخلفهن احد رجال ابا همام الخبيث
اقتربت حرابة خفية من شيرينه لتقول بحزم: عطيني تلفونج .. تلفوني خليته في اللوكر
اخرجت شيرينه هاتفها المحمول من داخل حمالة صدرها .... وأعطتها بلا تردد وهي تشعر بآلام فظيعة في بطنها
رمقتهم حرابة بعينان معتمتان ..... تريد ان تعرف نواياهم وخطتهم لترسم خطتها وفق النقاط الموضوعة امامها
في تلك الاثناء ..... اقترب حميدان من ابا همام .... وهمس بضحكة مقرفة قرب رأسه: ههههههههه اوف اوف اوف كل وحدة تقول الزوووود عندي ... شو هالفكرة الجهنمية اللي يتك يا بوهمام
قال بوهمام بنظرة شهوانية وهو يحاول سرقة اي جزء مغري في هذا المشهد المخزي والعاري من لباس الشرف والنخوة: دومه بوهمام اييب الشي الزين لكم
عاد فوق الزين بيزات ودراهمممممم
حرابة حينها .............. كانت تتأمل اعين الرجال الملثمين بدقة
وفكرت
هناك ستة رجال اقتحموا نادي خاص بالنساء والسبب مجهول !!
هل هي عملية خطف وابتزاز فقط ؟ حسنا على ما يبدو ..... هي كذلك
فلنرى ... ستة رجال مع ستة اسلحة او اكثر
اثنان منهم يراقبان الوضع في الخارج
شدّت على الهودي الذي يغطي رأسها ...... وثبتت كمامة وجهها بحرص
وتحركت لتقف قرب احدى المدربات والتي تحمل الجنسية المغربية:
كوتش حسناء
التفتت المدربة نحوها وقالت بصوت مرتبك: ايوه
: سبق وقلتيلي كنتي تشتغلين مدربة في معسكر صح ؟
ردت بسرعة: ايوه ايوه
ألقت نظرة سريعة على وضع النسوة المذعورات ..... من تولول خائفة ومن ترتجف باكية .... لتقول بعدها بصرامة: زين ابا مساعدتج ..... لان واضح انج الوحيدة هنيه اقدر اعتمد عليها
ولان المدربة تعرف مكانة التي تقف امامها ومرتبتها العالية في الدولة ....... قالت بثقة واحترام: وأنا برهن إشارتك يا سيدي أأمريني ..
نظرت للرجل الذي استنتجت انه من يتخذ وضعية الزعيم هنا ...... وفكرت
كيف تستطيع حل هذه المعضلة الحساسة بأقل خسائر ومن دون أضرار تمس النساء والفتيات !!
تأملت اعين الرجال المأخوذة بما يرون وكأنهم مغيبين .... امالت فمها مشمئزة من شهوانيتهم وقذارتهم
همست للمدربة ولقنتها ما يجب ان تفعله ....... ولتترك الباقي عليها
في هذه الأثناء
وعندما تأكد ابا همام ان كل من/ما في النادي اصبح تحت سيطرته .... امسك هاتفه واتصل برقم يحفظه عن ظهر قلب
رقم العقيد مبارك يوسف
صاحب هذا النادي تحديداً والتابع لسلسة نوادي رياضية فخمة منتشرة حول العاصمة
،,
هرع العقيد بجنون الخوف والرعب ليتصل بجماعته واصحابه ويخبرهم بالكارثة التي حصلت .... وخلال لحظات .... انتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم بين رجال القوات المسلحة
كارثة بحق !
فمن ذا الذي يتجرأ ان يخطف نادي نسائي خاص بأكمله !
بوجود عشرين امرأة وفتاة على اقل تقدير !
والادهى من هذا .... نبرة الابتزاز الفجة الواضحة بصوت المتصل !
ماذا قال !
ثلاثين مليون درهم اماراتي !
وطائرة خاصة مؤمنة بالكامل لهم !
تبــــاً
اخذ يدور حول نفسه بربكة مريعة
ليرتعد واقفاً ما ان تذكر ابنة أخيه وزوجة ابنه في ذات الوقت ........ شيرينه
ياللهول ... منذ يومان فقط علم من ابنه ان زوجته مشتركة في النادي النسائي منذ اكثر من سنة والذي يعود ملكه للعائلة !
هل هي مع النسوة الآن يا ترى ؟!!
ابا همااااااام ..
ذلك الداعشي السابق الحقيــــــــــــر
ماذا يريد منه بحق العظيم !!!!
استل هاتفه واتصل بـ زوجة ابنه بتوتر شديد ... فلم تجبه رغم ان الهاتف يرن
ليتصل بعدها بابنه .... ويكتشف الطامة الكبرى التي لم يتوقعها أبداً ولا باشد كوابيسه رعباً !!
شيرينه هناك !!!!
،,
بعد نصف ساعة بالضبط ..... أتاه اتصال من احد الالوية في القوات الجوية
ليستفسر عن القصة التي انتشرت كالبرق بين الرجال في القوات المسلحة
ثم هتف لصاحبه مبارك يوسف يحاول تخفيف قلقه الشديد:
مبارك هد هد اعصابك واذكر الله
: الله يستر .. الله يستر
هتف اللواء بحزم: اذكر الله اذكر الله ما بيصير الا كل خير .... عطني دقايق وبرمسك ...... واحد من الضباط متصلبي يمكن عنده مستجدات
هتف العقيد مبارك يوسف بخوفٍ متصاعد: زين .. لا تبطي علي يا زايد يعل والديك الجنة
حياته
عائلته
سمعته في الدولة
رباه
وضع يديه على رأسه الملغم بالافكار المخيفة
ابنة أخيه
وحفيده الذي تحمله في احشاءها
والكثير الكثير من النسوة والفتيات
فليذهب ناديه وماله وحلاله الى الجحيم
كل شيء يعوض الا الشرف والـــــروح
اللعنة عليك يا ابا همام
عرفت من اين تؤكل الكتــــــــــــف
بعد دقايق معدودة كانت طويلة ومنهكة للأعصاب
قال صاحبه اللواء زايد على الخط الآخر: مبارك ..... وصلتني معلومات يمكن تحل هالازمة لو لعبناها صح
: كككيف !!!
دخيلك قووووول
قال وبريق ينبثق من عيناه: حرابة بنت ليث في نفس الجم اللي هو
،,
منذ البارحة وهو يشعر بقلبه ينقبض وينكمش على نحو مزعج مقيت
اتصل بـ اهله حينها واطمئن عليهم كما اتصل بـ حرابة لكن وكعادتها لم تجب على اتصاله
اكتفت بالرد عليه برسالة مقتضبة قصيرة بعد ساعات
حاول ازاحة الشعور الكريه القابض على روحه لكنه فشل
وعندما اتاه اتصال سهيل الصادم ما ان وصل لبيته قبل ساعة بعد سفرة قصيرة للكويت لغرض العمل
علم ان الشعور الذي داهمه كان حقيقياً
ربـــــــــاه ............. هل سيفقد حرابته ؟
هل سيفقدها ويفقد ابنه معها ؟
ابنــه
ابنــه
كان بالكاد قد استوعب ان الله سيرزقه ولبوته الحسناء ابناً يحمل كل حبه الجارف لأمه
صحيح هو عاتب بقلبه على قلبها القاسي الجافي
لكنه لا يستطيع الا التوغل في حبها
والتمرغ بحرير الهوى الذي يسير بخيلاء بين غيومه
كان قد عاد اليوم لان سهيل اخبره انه يريد رؤية اخته ومن الضروري ان يكون هو بقربهما
يعلم غابش ان سهيل كان غارقا بانتقامه وعندما علم البارحة من محمد ان شاهين اصبح بين ايديهم
تيقن ان صديقه استفاق وادرك ما عليه وما دونه
حتى انه اخيراً التقى بأمه نورة ... أمه التي كانت بطلة قصائد لوعته واحزانه في سنينه الماضية
ولم يتبقى الا اخته الغالية على قلبه
خفق قلبه بجنون وهو يدعو الله الا يحدث لها مكروه
يريد ان يحتضنها
يريد اخبارها كم الحب معها جميل
وكيف كلمة "احبك" تتعارك بحروفها على طرف لسانه تريد الخروج من فمه والمكوث بسكينة داخل فمه وانفاسها
يريد اخبارها كم قربها ثمين
بل هي بأكملها ثمينة لديه
يريدها ان تعرف كم هو يتشبث بها بأسنانه
وتلابيب روحه
يريد اخبارها انها زخات السعادة
وصبيب الفرح
وانسكاب الحياة
انها البرد والسلام
انها الامان ورائحة الامهات
وضع يده على ذراعه ثم قلبه
الالم الفظيع يداهمه بشراسة
لكن خوفه الشديد عليها كان اشرساً
داس اكثر على دواسة بترول سيارته ليكمل طريقه بين السيارات بسرعة جنونية
ثم امال بجسده واخرج سلاح ناري من درج سيارته الامامية
رن هاتفه في تلك الاثناء ..... فـ اجابه فوراً بانفعال من بين تعابيره الشاحبة: ها سهيل
بشّر شو صار ؟
زفر سهيل بـ اعصابٍ حاول السيطرة عليها قدر المستطاع لكنه فشل
منذ ان اخبره صديقه العقيد مبارك يوسف بالمحنة التي يواجهونها وهو يدور حول نفسه يبحث عن حل
اخته هناك محجوزة ولا يعرف كيف يستطيع انقاذها
كل ما عرفوه الى الآن ان الداعشي السابق ابا همام هو من يحتجز النسوة داخل النادي الرياضي
فـ زادت حيرتهم اكثر
هل ابا همام يريد حرابة ؟؟
ام يريد الانتقام من العقيد مبارك يوسف اثر قصةٍ قديمة كانت بينهما ؟؟
ام فقط هي محض صدفة ان ابا همام الوغد قرر ان يستربح بعض المال من وراء حركةٍ دنيئة يعلم انها شديدة الحساسية عند رجال الدولة
بل عند الرجال الاحرار عامةً !!
التفت سهيل يمينه وعيناه على الضباط الذي يقفون قرب بعض والتوتر بينهم وصل الألف واط
ومعهم الأمن والقوات الخاصة
كم هو عظيمٌ ما يشهدونه ومرعب حد النخاع !
هز سهيل رأسه وهو قلق على حال صديقه مبارك ايضاً
عندما تعرف عليه في هولندا ...... اكتشف كم هو نبيل وشهم وعالي الاخلاق
فهو الشخص الذي اخبره عن امر تهديد داعش لـ حرابة قبل اشهر طويلة لذلك هو -سهيل- يحمل في روحه الكثير من الامتنان له والشكر
: ما رمت آخذ عن مبارك يوسف اي كلمة ... متروع على بنت اخوه الموت .... انت وينك الحينه ؟؟؟؟
قال غابش بسرعة وعيناه تجولان الشارع يميناً ويساراً باضطراب مريع: قريب قريب ... ياينكم
غمغم سهيل بغضب وهو يرمق اللواء زايد بطرف عينه فما سمعه منه قبل قليل لم يعجبه: اللوا زايد اقترح ان القوات تتواصل مع حرابة عسب تساعدهم من داخل النادي
هدر غابش بشراسة وقد طفح به الكيل: وكل شي على حراااااااابة !!
حراااااابة حراااااااابة حرااااااااابة
الرجل الحديدي هي !!!!!
يا ناس الحرمة حاااااااامل والله اعلم شو وضعها الحييييينه !!!
تنهد سهيل بـ ضيق أليم ملؤه القلق
كان قد قرر انه سيلتقي اخيراً بأخته الحبيبة اليوم
فماذا حدث لتحصل كل هذه الفوضى المريعة !!
استغفر الله العظيم
اللهم لا اعتـــــــــــراض
لكن قرر تهدئة صديقه بأن قال بتمالك اعصاب شديد: هد عمرك انت .. لا تنسى انها اختي بعد واحاتيها .. تعال اترياك انا
،,
منذ خمس واربعون دقيقة وهي تراقبه
رجل قصير قوي البنية لكنه متردد
مرتبك
علمت من نظراته وتناكفه المستمر مع رئيسه انه غاضب ومستنكر الذي يحدث ولكن ليس بيده حيلة
حسناً ..... بدأت تعلم كيف ستفعلها وبالشكل الصحيح
: حـ .... حراااابة
قربت وجهها من شيرينه وهي تهتف باهتمام: ها شيرينه شبلاج ؟؟
تانسين شي ؟؟
: ا ا العوار ... يز ..... يزييييييددد .... ا ا انا خااااايفة
في تلك الاثناء ... شد انتباهها -حرابة- منظر فتاة تحاول الانزواء من خلف بعض النسوة اللاتي يتعرضن للتحرش اللفظي
من قبل احد الرجال
ثم لمحتها وهي تقف في زاوية قرب احدى الاجهزة وتبكي وتقول "يارب"
"يارب"
اقتربت منها بتواري ..... ثم رفعت وجهها نحوها ........ فـ تعرفت عليها على الفور مذهولة
رحمة اخت غابش !!!!
رأتها مسبقاً في صور كان قد عرضها غابش امامها من هاتفه .... في لحظة صفاء وحب
هتفت بحدة خرجت عفوية: رحمة !!
كادت رحمة تصرخ بسبب لمسة حرابة المفاجأة لكنها تراجعت وهي تهمس بـ هلع مثير للشفقة: حـ .. حرابة ؟؟
تعرفت الفتاة على المرأة التي علمت منذ اشهر انها زوجة اخيها والتي تزوجت به على نحوٍ محصور جداً ومكتوم لأسباب قال عنها ابيها عبدالرحمن انها قوية وحساسة
تداركت حرابة الوضع الحساس الذي يزداد تعقيداً وقالت تحاول سحب الفتاة ناحيتها: تعالي تعالي خلج عدالي
هتفت الفتاة بتلعثم مرتعب وقد مرت كل مشاهد افلام الرعب والجرائم التي شاهدتها طيلة عمرها امام عيناها في ثواني معدودة
: خايفة ...... خـ خايفة والله العظيم .... اخاف يجتلووونااااااااا
رحمة كانت بحق مرتعبة ... بـ وجهٍ اصفر شاحب وعينان زائغتان
ويكاد يغمى عليها
لمحت حرابة العراك الحاصل بين ابا همام والمدعو عبدالودود من بعيد ونادت بخفوت من بين اسنانها: كوتش حسناء
اقتربت حسناء منها وقالت: أأمريني
وضعت حرابة رحمة بين يدي حسناء وهدرت بقوة شديدة: البنت هاي في امانتج تسمعين ؟؟
ردت المدربة حسناء بقوة وهي تمسك يد رحمة بحرص: حاضر
كررت حرابة بصرامة شديدة: لا تخلينها لو شفتي الموت نفسه بين عيونج
مفهوم ؟؟؟
: أمرِك سيدي
بعدها عادت حرابة لـ شيرينه التي كانت تجلس في زاوية من شدة الالم وتبكي من شدة الخوف
حرابة بقلق: ها خف الويع ولا بعده ؟؟
ردت شيرين بـ جبين متعرق: بـ بعده ... حـ حرابة
انا
انا خايفة
خايفة على ولدي
واحتضنت بطنها بردة فعل امومية
أمسكت ذقن شيرينه بقوة ..... لتقول بنظرة تبرق بالشر:
لا تخافين تسمعين ؟؟
مول لا تخافين خلج مثل ماعرفتج دوم .... قوية ما تهابين شي
اومأت برأسها بتردد من بين دموعها الرقيقة .... وقد وصلت تيارات القوة والشجاعة من قلب حرابة لقلبها الوجل
اشرت بأنفها نحو احد الرجال وقالت: تشوفين ها المصطن عدال الباب ويفر كلام وصخ على البنات ؟؟؟
هزت رأسها شيرينه بإعياء
لتغمز لها حرابة بابتسامة شيطانية وروحها تتلهف شم ارض المعارك والدم:
تبين راسه ولا ريله ؟؟
قالت شيرينه وجسدها كله يصرخ ألماً .. وغضباً من عرضها المنتهك
العار الذي شعرت به تحول لـ نيران متأججة في عيناها: ابا عيوووونه ...... يعل عينه العممممى ........ عديم الششششرف والنخوووووة
في اللحظة التي نطقت بها شيرينه آخر كلمة ....... شعرت بجسدٍ يقفز قربها وهمس خافت كـ خفوت سير الزواحف السامة بين الرمال الحارة:
ما طلبتي الا عزج
،,
بخطواتٍ رشيقة صامتة كـ صمت سير افعى صغيرة ..... لا تُسمع ولا تُرى
وصلت لاقرب امرأة تقف قرب ذاك المسمى عبدالودود والذي يغمغم بصوت شبه مسموع بهلع وخوف
واكملت خطواتها تحت انشغال الرجال في اتصالاتهم ومناوشاتهم وصياحهم وانفعالاتهم
استلت قلم حبر من جيب سترتها الداخلي ..... ضغطت على زر في منتصفه ليخرج من الاسفل نصل حاد
ثوان فقط حتى اصبحت خلف الرجل
وضعت النصل الحاد على عرقه النافر في عنقه وامرته بصوت منخفض: انتبه
ما انصحك تتحرك الحين
هتف الرجل مرعوباً مصدوماً: انا انا مالي خص هم السبب
ردت بطريقة باردة جداً وتثير التوتر: ادري
فجأة ... نادى عبدالودود ابا همام كي ينتبه لما يجري: بوهماااااام
اتسعت عينا ابا همام وباقي رجاله
عقد حاجبيه الاول وهو يرى المرأة ذات نصف الوجه المخفي
تهدد عبدالودود بأداة حادة قاتلة
هتفت حرابة بـ نبرة صقيعية جداً لكن جهورية مسموعة ...... من خلف كمامها الرياضي الاسود: شو اسمك ؟
انذهل ابا همام من الفتاة القوية الجريئة .... والتي ببساطة تسأله عن اسمه
قال لها بابتسامة معجبة وهو يقترب منها ومن عبدالودود الخائف جداً: سمعتيه شو قال
حرابة: ابا اعرف اسمك الصدقي
سألها ببريق عيونٍ ماكرة: ليش ؟؟
ردت حرابة بـ هدوء وهي ترمق كل شيء حولها بطرف عينان متمعّنتان دقيقتان: احب اتعرف على الشخص اللي اواجهه
ومن اللي لاحظته .... انت الـ boss بينهم
اقترب والابتسامة الشريرة تتسع على محياه الخبيث من تحت لثامه ...... اقترابه كان بالضبط ما ارادته حرابة
: عايض الـ ..... ما كنت بقولج بس عجبتيني والله ... ونادر ما تعجبني بنية بشخصيتها
لم يكد ينهي جملته حتى رفع سلاحه واطلق النار على رأس عبدالودود
وقف امامها مباشرةً وتحت رجله رأس معاونه الذي فارق الحياة
ثم اكمل بـ نبرة شيطانية: شو رايج الحينه ؟!
حركت حرابة رأس عبدالودود الميت بـ حذائها ... ثم قالت ببرود شديد: خسارة .. كنت اباه من نصيبي عقب ما اخلص منك
حدق بعيناها السوداوتان من وراء كمامتها ثم سألها بصوت مقزز وقد اثارته اكثر بقوتها: منو انتي يا حلوة ؟
فجأة سمعوا صيَاح رحمة المذعورة: حراااااااااااابة
رمق التي تصيح من بعيد .. ثم عاد بأنظاره نحو حرابة من جديد ..... قبل ان يقول ورائحته الكريهة تصلها: حرابة ؟ اسم غريب بس غاوي
سمعت الاسم على بنت وحدة بس
من زمان
قرب يده بخفة ....... ونزع الكمام عنها ....................... اندهش بشدة
وارتبك بشدة اكبر من ذي قبل !
: ا ...ا ........... حرابة بنت ليث ؟؟؟؟
لمح هاتفها الذي يهتز تحت ملابسها
رأت عيناه تصل لصدرها بـ نوايا واضحة
حذرته بـ اجفانٍ لا ترف ولا تتحرك .... خاصةً وهي ترى يداه ترتفع مرة اخرى تريد امساكها ونزع الهاتف نزعا من داخل ملابسها:
تحمل
اذا تبا تسلم بـ ايدك ..... ما انصحك تقرب خطوة وحدة
صاح حميدان معاونه منفعلاً غاضباً: بوهماااام شو صار مع العقيد مبارك يوووسف !!! تفاهمت وياااااااااه !! يلا بسرعة طولنا في العملية
العقيد مبارك يوسف !
اتسعت عيناها ...... تعرف هذا العقيد جيداً
بل هو ... وياللمصادفة ... عم شيرينه ووالد زوجها
عاد حميدان ليصرخ بصبرٍ معدوم: بوهماممممممممم
انتهزت الفرصة عندما لاحظت ان انتباهه مشتت ناحية رفاقه ...... فـ رفسته في بطنه بعنف
وما كاد يسقط من شدة الالم حتى ضربت جانب رأسه بحركة رشيقة بحذائها الرياضي
سقط بقوة على الارض ..... اغمي عليه بينما انفه وفمه يتصبب منهما الدم ...
نزلت بجسدها بسرعة واستلت مسدسه
رفعت سلاحها امام الرجال ..... وبطرف حذاءها نزعت لثام الرجل المتراخي اساساً
لتكتشف انه ابوهمام
الذي سبق وواجهته في الماضي !
انتشر التوتر بين رفاق ابا همام وكان حميدان سيهدد حرابة بـ احدى النسوة ...... الا ان المدربة حسناء كانت اسرع واكثر رشاقة وهي تضربه بـ احدى الاوزان الثقيلة
سقط ارضاً مغشياً عليه هو الآخر
وفجأة
كل النسوة هجمن على باقي الرجال والذي اصبح عددهم ثلاثة فقط
رغم ان حرابة قد حذرتهن سابقاً الا يفعلن اي تصرف متهور اذ ان الرجال يحملون الاسلحة بأيديهم
لكن لحسن الحظ ان "اشباه الرجال" كانوا جبناء خاصةً عندما سقط ابا همام وحميدان ومن قبلهم رأوا عبدالودود يُقتل
فعلياً ... كادوا يموتون من ضرب النسوة المبرح ولكماتهن ورفساتهن الجنونية المتواصلة
حتى ان شيرينه من شدة غضبها وآلامها المتفاقمة في بطنها ... وضعت حذائها الرياضي داخل فم احدهم حتى كسرت اسنانه الامامية والجانبية
اقتربت رحمة وهي تركض نحو زوجة اخيها ...... صائحة من بين دموعها المنهمرة: حرااااااابة انتي بخييييير ؟؟؟؟؟
احتضنت جسد الفتاة وهي تطمأنها بصدق: بخير بخير حبيبتي ... تعالي ويايه
سألت الفتاة بعيون مزغللة من الدموع: و .... وين ؟؟؟
سألتها وهي تلتفت وتبحث بعيونها: وينه اللي كان يطالعكم ويعق عليكم رمسة وصخه ؟؟
اشرت رحمة إليه مباشرةً ..... بقهر جنوني ووجهها يحتقن من شدة الغضب والحقد: هذاااااااك
امسكت يد الفتاة وقررت ان تعطيها درساً قوياً في الحياة رغم انها ارادت فعلها بنفسها لأجل خاطر شيرينه
لكن آثرت اعطاء رحمة درساً يجعلها لا تفكر بالرجفان والخوف من اي تهديد او تخويف ابداً
اذ انها تعترف هي -حرابة- انها اغتاظت من الضعف الذي كان يحتل حواس رحمة وروحها
اعطتها النصل الحاد وقالت بقسوة: شوفي شغلج وياه
تراجعت رحمة مرعوبة خائفة وهي تظن ان حرابة تطلب منها قتل الرجل: لا لااا
هدرت حرابة بصراخ غاضب: مب كان يحاول يشل الفوط عن روسكن وبغى يتلمسكن ويتغمز هو وربيعه ويتنقوون منو اللي يشلونها وياهم عقب العملية !!!!
صاحت الفتاة بقهر تفجر معه هلع واضطراب: هيييييي هيييييييي
هتفت حرابة بصرامة بالغة: عيل عندج اياه .. بطي عيونه
ارتعشت الفتاة بذعرٍ لا يضاهى: بس ..... بسسسس
اسكتتها وهي تزمجر بعنف جعل رحمة تنتفض بمكانها: بنت منووو انتييي !!
السؤال بحد ذاته افاقها من خدرة الذعر والتخبط والخوف
سؤال بدأ ينعشها
يجددها
يجعلها اقوى
اجابت بدموع غاضبة ومن بين اسنانها المصطكة ببعضها البعض: بنت عبدالرحمن بوالشريس
: اخت منووو انتييي ؟؟؟؟
زمجرت الفتاة بـ فكين مطبقين وهي تكاد تنفجر ما ان مر شريط حقارة الرجال معها ومع باقي الفتيات
حقارة وساخة وانحطـــــــــــاط
صرخت كرامتها
........ شرفها
وعرضها الذي كاد ينتهك فعلياً لولا ستر الله ورحمته !
فـ صرخت وهي تأخذ النصل من حرابة وهرعت باتجاه الرجل ...... الى ان دنت منه وضربت عينه
ارادته في المنتصف .. في البؤبؤ مباشرةً
الا ان الضربة اتت في الجفن السفلي ... وظل النصل عالقاً في الداخل
الرجل كان حينها يصرخ ويستنجد ويتوسل الرحمة من بين دماءه وآلامه المتفاقمة
بصقت على وجهه وهي تكمل صراخها وسبابها: يا كللللللللللللللللللللللللبببببببب
يا وااااااااااااااااااااااطي
يا زبااااااااااااااااااااااااااااااالة
جرتها حرابة من ذراعيها بقوة وعلى وجهها ابتسامة فخورة ... ربتت على كتفها وهتفت بصوتٍ رخيم: كفو بنت الخال كفو
كانت رحمة ترتعد ... تصرخ وتشتم بقهر تارةً ... وتبكي من شدة الصدمة تارةً أخرى
بعدها ... طلبت حرابة من النسوة جميعهم الوقوف قربها كـ مجموعة واحدة ..... ثم استلت هاتفها واتصلت باللواء زايد واخبرته ان الامور في الداخل اصبحت تحت السيطرة
انزلت الهاتف ...... وهي ترمق الرجال المتساقطين على الارض بكآبة وغيظ
قبل ان تغمغم بضجر حقيقي: بس ؟؟ هاللي طلع منكم ؟؟
شو هالعملية السخيفة ؟!
ممممممممممم
خربوا مزاااااجي
،,
الحارسان اللذان في الخارج
ولان الابواب الزجاجية الصلبة كانت مغلقة وميزتها انها كاتمة للصوت
لم يسمعوا اي شيء مما حدث في الداخل لكن عندما انقطعت اتصالات ابا همام بهم
اقترب احدهم يريد الدخول ومعرفة ما يحدث
لكن اصوات السيارات والانذارات ورجال الامن اربكته واوقفته مكانه
لم يكد يلتفت لـ يعود لرفيقه الحارس الآخر
حتى دق احدهم عنقه من الخلف
فـ سقط ارضاً بجسده الضخم المدجج بالعضلات
،,
ارتمت اخته على صدره وهي تصيح بإسمه: غااااااااااابش
رمق بتوتر بالغ كل النسوة اللاتي خرجن من النادي بعد ان تغطين بالكامل وتسترن بالسواد
ثم رمق حرابة التي تقف قرب امرأة حبلى والتي يظهر عليها أمارات التعب والارهاق
اشتدت خفقاته بالصدمة والذعر اللذان ما يزالان يحتلان جوفه
اخته كانت من بين المخطوفات وهو لم يكن يعلـــــــــم
يالله .. رحمتك يا رب
تفاقم ألم قلبه وهو لا يستطيع تخيل انه كاد يفقد زوجته واخته في ذات اليوم
ناداها وهو يحتضن جسد اخته بقوة: حرابة
اقتربت منه حرابة وهي تبتسم له بـ هدوء
هدوء رزين
بسيط
مستكين
وجهت كلامها بداية الامر لـ رحمة: تستاهلين السلامة يا رحمة
: ا الله يسلمج وانتي بعد تستاهلين السلامة
وجهت حرابة حينها كلامها لـ غابش: تستاهل سلامة اختك يا غابش
امسك رسغها بقوة .... هو يتأملها من فوق لتحتها يريد التأكد انها بخير ولم يصبها اي مكروه: انتي .....
انتي بخير ؟؟
فـ ابتسمت له ابتسامة مغيظة وقالت: انا بخير ... طبعا بخير الحمدلله
كله بفضل الله
لاحظ بقعة دم على يد اخته ... فقال وهو يتفحصها بفزع: رحمة الدم ها من شو ؟؟؟ فيج شي ؟؟ صابج شي ؟؟؟
رحمة: لا لا
قالت حرابة وهي ترى تلعثم رحمة وتوترها: مب دمها
دم الوصخ هذاك
واشرت نحو الرجل ذو العين الواحدة والذي كان في تلك الاثناء يبكي من شدة الالم: سوت معاه الواجب
عندها .... تذكرت رحمة ما اراد ذلك النجس فعله بها والفتيات
لتجد نفسها تصرخ وهي تحاول الافلات من بين ذراعي اخيها: ايووووه الحيواااااااااان .... تفوووو عليييييه
بطيت عييييينه ليتني نحرررته الحقيرررررررررر
جفل غابش مصدوماً .... قبل ان يزمجر بـ غضب عاصف: سواااااابج شي !!!!!
صرخت بجنون حتى ان صوتها وصل للضباط ورجال الامن: لا يخسسسسسسسسي خاست ريحته وريحة من ياااابه
لكن كان يتحرش فينا بالكلاااام ويعق علينا رمسة وصخه
طاااايح الحظظظ ..... مودّر الدين والمذذذهب
تفوووو علييييييه
نار اشتعلت في جوفه وغشت مقلتاه الجاحظتان
تشبه النار التي تلاحقت في صدور محارم باقي النسوة وهم يتهافتون شيئاً فـ شيئاً لـ موقع الحادثة
وغاضبين كل الغضب من انتهاك حرماتهم
وما كاد يحصل من سوء لهم لولا لطف الله
دخل بين الرجال يريد قتل الرجل ذاته الا ان الضابط امسكه من ذراعه وعلى عيناه بريق ابتسامة: بوالشريس الله يخليك نباه الريال
اعتقه لوجه الله
يسد المحروسة اختك سوت له عاهة مستديمة في عينه
كان يرتعش فعلياً من شدة الغضب لكن ما هوّن عليه انه رآى زوج احدى النساء يقترب باشتعال جنوني من الرجل نفسه واهلكه من شدة الضرب
كذلك باقي الرجال المثارين من عرضهم المنتهك وكرامتهم المُهانة
هجموا بلا توقف على باقي المختطفين الاوغاد
حتى ان الضباط عجزوا عن ايقافهم بالكلام فهددوهم بالسلاح
عاد غابش الى رحمة فـ رآها تغسل يدها من اثر الدم
لا يصدق ان رحمة
اخته الرقيقة .... اخته التي لا تعرف كيف تقطع جزرة
تجرأت وضربت عين رجل بأداة حادة ...
سحبها معه بأنفاسٍ متلاحقة وانفعال عاصف قاتل لم يخفت في روحه
ثم شد من احتضان جسدها الصغير ....... قبل ان يمسك كتف حرابة ويقول من بين شحوب وجهه: تعالو ...
تعالو معايه
سألته حرابة بحاجبٍ مرفوع: وين ؟؟؟
فـ هتف من بين اسنانه ويكاد يكسرهم من شدة محاولته البائسة السيطرة على اعصابه: تعالي يا حرابة بلا رمسه زايدددده
قالت له ببرود: بتم ويا ربيعتي ... تعبانه وايد
اشر بعيناه نحو رجلان يهرعان نحو الفتاة المسكينة بهلع شديد
وقال: هاذم اهلها يوا ... مالج حاية وياها الحينه .... تعالي
تأففت بصوت غير مسموع ....... ثم ذهبت معه واخته
في تلك الاثناء .... كان سهيل يتنفس الصعداء داخل سيارته ويحمد الله بصوت مرتفع مبحوح على سلامة اخته
وعندما تحرك غابش بسيارته امامه
تحرك خلفه مباشرةً
وقلبه يرفرف ألفاً بعد ألف حتى يراها ويحتضنها بيداه
،,
في منتصف حوش منزل عبدالرحمن بوالشريس
وقفت امام باب رحمة الخلفي ..... بعد ان خرجت من السيارة وواجهتها ..
سألتها بحنو مهتم: متأكدة ترومين تدخلين روحج ؟؟
احتضنتها رحمة بخفة .... وهزت رأسها بالايجابية
قبل ان تقول برقة: هي لا تحاتين
اقترب غابش منهما وهو يحدق بـ حرابة بشكل مفرط اربك كيان الاخيرة في الحقيقة
قبّل رأس اخته الصغيرة بـ حب اخوي .... ثم قال: لا تخبرين امايه باللي صار ... بتهَلْك من الصياح بعدين
: لا لا ما بخبرها .... ادريبها ما بتتحمل
انت اذا ييت خلاف خبرها روحك
احتضن اخته مرة اخرى .... ثم همس بنبرة صادقة ممتنة: الحمدلله ان السالفة عدت على خير
وهي متمرغة في حضن اخيها
امسكت كف حرابة بقوة وقالت بابتسامة مفعمة بالقوة: الفضل لله سبحانه ثم لـ حرابة
ما بنسى اللي سوته ما حييت
حتى انها عطتني درس كبير ..... خلتني في دقايق بس انسانة ثااااانية
ابتعدت قليلاً عن حضن اخيها ...... وقبّلت خد حرابة بامتنان شديد
لتعطيها الاخيرة ابتسامة لطيفة
ومن بعدها ..... هرولت رحمة باتجاه باب المنزل الداخلي وهي تلوح لهما بعفوية
التفتت حرابة تريد الدخول للسيارة مرة اخرى .. لتسمعه يقول وهو يحاول رص كل اختلاج تصدر منها: فيج شي ؟
يالله ...... اهتمامه الدافء بـ اخته
احتوائه العذب لها
اشعرها بالضعف
الضعف الذي يأن له قلبك بصمت
فلا تستطيع الافصاح ولا التحدث
هي ليست رجلاً حديدياً
صحيح دخلت في معمعمة تراها "سخيفة" و"بسيطة" و"صغيرة"
لكنها انفعلت واشتدت اعصابها خلالها اذ انها حملت على عاتقها لا ارادياً مسؤولية نسوة وفتيات بريئات لا يفقهن لغة الارهاب والخوف ورهبة المجرمين والمغتصبين والقتلة
لهذا عندما انتهى كل شيء
شعرت ببعض الالم في رحمها
تجرأت بسابقة هي الاولى من نوعها ....... وردت بصوت خفيض مبحوح: شويّة ..... ويع
امسك وجهها بكفوفه وهو يهتف بقلق مريع: اوديج المستشفى ؟؟
: لا لا .... بس ابا امدد جسمي وارتاح
هدر غابش بـ اصرار وقد شعر ان خوفه عليها ينهش عظامه: احلفي ما فيج شي
ردت حرابة بصدق: والله ما فيّه شي غابش
بس هالويع اييني اذا كنت شادة اعصابي قو
ساعدها على الجلوس بجانبه ... ثم سمعها تقول بـ نظرة متراخية وهو ما يزال يميل بجسده داخل السيارة
وجهه يواجه وجهها تماماً
نطقت امام انفاسه الهادرة بـ كلمتان فقط:
ابا امايه
ويل قلبه
لأول مرة يراها تحمل تلك النظرة المستنجدة
استنجاد صامت اخرس
لا تريد من خلاله ان تظهر ضعفها ورغبتها بـ اسناد جسدها على احدهم
قال لها بذوبــــان: ما ينفع اكون امج ؟؟؟
ترمقه بخدر العيون
وذبول الجفون
ورعشة الورود في الخدود
اخفضت عيناها بمشاعر شتى
لا وصف لها ولا مسمى
ليمسك ذقنها
ويقرّب وجهها منه برقة
لثم جبينها بعمق
ببطئ
بامتنان شديد لله انه حفظ محبوبته واخته له
ثم هتف بـ اجش عذب: الله لا يحرمني من هالويه
اشهد اني مت وحييت في هالكم ساعة اللي طافوا
،,
فــــي منــــزل ليــــــــث
شعرت بالغرابة من خلو منزل ابيها
كانت تترقب امها فلم تكن موجودة من الاساس اذ انها قالت لها بعد اتصال قصير انها اضطرت للذهاب عند ريسة بنت صياح اذ ان الاخيرة كانت تمر بتوعك في ساقها
ثم ترقبت ابيها ...... الذي كان ما يزال في عمله ولم يعد الى الآن
وظبية -كما اخبرتها الخادمة- فقد ذهبت للمركز التعليمي الخاص
كانت ستتجه الى غرفتها بمساعدة غابش كي تمدد جسدها قليلاً وتسترخي
الا انه طلب منها بـ وتيرة صوته التي تخدرها ان يجلسا قليلاٌ في المجلس الداخلي
بعد دقيقتان ... امسك يدها لتجلس اولاً .... ثم ليجلس قربها
وقبل ان تسأله عن شيء
كان يغزوها بـ ذراعيه التواقتان الدافئتان
وانفه الذي غاص في تجويفة عنقها بعد ان خلع عنها الحجاب ورماه ارضاً
تأوّه وهو يغمغم بكلماتٍ كثيرة
حارة
ثقيلة
ملؤها التوق
ملؤها الخوف
ملؤها العذاب
: روعتيني يا بنية
روعتيني الموت
نظر إليها وكاد انفه يضرب انفها من شدة القرب
: خفت افقدج
انتي شو ؟ ما تحسين ؟ ما عندج احساس ؟
قالت له بنبرة هامسة وهي تتأمل شفتاه القريبتان منها جداً: انا قلتلهم يدشون علينا النادي ؟
تنفس انفاسها الحارة بعنف .. ثم قالت بضبابية نظرته وعقدة حواجبه السوداء: ليش توهقين روحج وياهم ؟ القوات كانت بتتكفل بالموضوع
ليش تعقين روحج للموت !!
وضعت شفتها العلوية على السفلية برقة
ثم قالت بإحمرار غزا وجنتيها بلا سيطرةٍ من اعصابها: ما صار شي غابش
اصلا ما تهنيت
هذاك الغبي ما ......
اتسعت عيناه مذهولاً وهو يقول باستنكار: ما تهنيتي
كتمت ابتسامتها ....... لتقول بسخرية لطيفة: هي والله ما تهنيت ... السالفة خلصت بسرعة
جرها فجأة نحوه ...... واحتضنها بقوة
قبل ان يهدر من بين اسنانه: مينووووووونة انتي ...... مينووووووووونة
اعقب الحضن القوي ........ بـ قبلة قوية
قبلة ضربت كل اعصابها .. كل شرايينها
كل سيطرتها
وخدرت اوردتها النابضة بـ دماءها الحارة
ابتعد قليلاً ثم قال بلهاث العاطفة التي ما تزال تتقلب بين القلق والتخبط والربكة: بس احبج
احبج وماداااااااني يجيسج شي
(يجيسج = يلمسج)
خفق قلبها حد اللامعقول
وصدرها يكاد يخرج من جسدها
اعترافه السلس دمّر مقاومتها
حطّم حصونها الصلبة
كسر حواجزها العالية
تأمل شفتيها المتورمتان بـ غرامه المأجج ثم ادرك ما كان ينتظره
انتظارٌ طال
طالَ كثيراً
هتف بـ اجش وهو يرفع عيناه من ثغرها وخديها الحلوتين ...... لعيناها الخدرتان اللامعتان: عندي لج امانة
رمقته بحيرة نظراتها الغائمة الذابلة ..... واستفهامات تتراقص فوق رأسها
اكمل وهو يدعك خدها بـ ابهامه .... بحنان جارف ملؤه العشق: خذت هالامانة وحطيتها على رقبتي من يوم سكنتي الفواد
ثم وضع يدها على قلبه ..... وهو يلتقط شرارات التساؤلات والتخبط بعيناها
كذلك ذهولها اللذيذ الخجول من اعترافاته المستمرة
ليتراجع بهدوء .... وهو يأخذ نفساً سريعاً
ثم رفع هاتفه
وقال للشخص على الجانب الآخر: حياك اقرب
انتفضت واقفة عندما سمعت طرق باب المجلس .. وهمست بعفوية: وقايتي
وقف قربها ... قبل ان يهتف مهدئاً توترها بحنو وبلمسة لطيفة من كفوفه: لا تحاتين ... ما من غريب يا بنت ليث
فـ استنتجت بـ تخبط .... انه ابيها
لكن لمَ يتصل غابش بـ ابيها ويعطيه الضوء الاخضر ليدخل منزله ؟
مع هذا
ظل استنتاجها انه "والدها" قائماً
فمن ذا الذي سيدخل عليهما الآن من الاقارب الرجال عداه !!
لا تريد التفكير او التحليل
متعبة وعقلها مرهق تماماً
تنحنحت بعفوية وهي تعدل شعرها وهندامها تزيح عنها اثر معركة الحب السابقة
الخجل يغزوها بوحشية ..... هرمون الاستروجين يكاد يتفجر من وجهها المتورد وخدودها الخمرية الحارة
: السلام عليكم
لوهلة
بل لنصفِ ثانية فقط
ارادت ارخاء تعابيرها ورسم الابتسامة على محياها وهي ما تزال مطرقة الرأس
ابتسامة تعطيها لـ والدها الغالي
لكن مرت نصف الثانية .... والنصف التي تليها
وهي تدخل مرحلة استيعاب
استيعاب ان الصوت لم يكن صوت والدها ليث !
بل صوت آخر
صوت غريب
لا .......... لا
ليس غريباً
ليس غريباً وانما ................ مفقوداً
مفقوداً من ذاكرة سمعِها سنواااااااااااتٍ وسنواااااااااااااات
سنوات ثقيلة مدفونة تحت تراب حياة الوحدة والبؤس والخوف والمرارة
صوت ليس غريباً .... ولم يكن قريباً ابداً
وكأن صداه أتى من وادي أبا الجن ..... على اجنحة شياطين تلك الليلة الظلماء
على صراخات جنون الرجال والقتلة والغدارين
هي حرابة
حرابة بنت ليث
كانت ترتعش رعباً ... بل من شدة ارتعاشها
امسكت بقوة رسغ غابش
وهي الى الآن لم ترفع عيناها لتراه ... لتتأكد ما اذ كان هو صاحب الصوت الرخيم او لا !
وهل تُلام على ارتعاشتها المثيرة للشفقة ؟
وهل يستعجب لها الزمان بـ ما يحصل معها ؟!
عاشت عمراً ترثي فقدها وكأنها الخنساء
وكأن سهيل "صخراً" الذي مات لـ تموت الروح فيها ..... وكأن سهيل "صخراً" الذي قذف الحسرة بقلب اخته بمقتله حد ان الفاروق نفسه .... ترك المسنّة لـ مصابها الابدي
تركها لفجيعتها ومراثيها وقصائدها ولوعاتها
بحركة لم تتوقعها .. ولم يتوقعها احد
ولتهم ظهرها وهي تهدر بـ صوت شرس ... بـ حدقتين مشتعلتين مرتعدتين: مـ منو هااا غابش !!!
مـ منووو....
شهقت بحدة وهي تشعر بـ لمسة على كتفها
فـ صرخت وهي تدفع صاحب اليد بعيداً
: لاااااااااااا
لااااااااااااااااااااااااااا
: حرابة
زمجرت بغضب وهي تبتعد عنهم ..... صرخت وحرارة الفجيعة والصدمة المروعة تتصاعد من قدميها الى رحمها وحتى فؤادها ورأسها .......... وكل كيانها
هدرت بعينان جاحظتان تهتزان اهتزاز الفاجعة وعدم التصديق: ييت .. ييت ذيج الليلة أبا اشووفه .... بس شفته يحتتتترق
احترق جداااامي
جداااامي
غااابش
قول حق هذا يظهررررر
خله يظهرررررر
: حرابة يا ختيه
صرخت ما ان سمعت كلمة "ختيه" التي اشعلت النار في صدرها اكثــــــر: غـ غااااااابش
وتشبثت بيده تشبث الموت والانفاس ولحظة الاحتضار البطئ
لم تضع عينها بعينا اخيها الى الآن ... فـ امسك كتفيها بقوة يريد ارغامها على رفع عيناها إليه ورؤيته
هتف حينها بصرامة: حرابة طالعيني
في تلك الاثناء
اشر غابش لـ سهيل بعيناه انه سيتركهما ليأخذا متنفساً سوياً
متنفساً يليق بالحرمان الذي دام سنواتٍ ثقيلة مقيتة مريعة
اومئ له سهيل موافقاً ..... وبعد لحظات ...... كرر على مسامع اخته بأمرٍ حاد: حرابة .... قلتلج طالعيني
اجل .... سهيل فقط من يأمرها بتلك النبرة
سهيل فقط من وضعت له الاحقية ان يحاكيها بالأسلوب الذي يريد
لا بالأسلوب الذي تريده هي !
ببطئ
برعب
رفعت عيناها الجاحظتان الدامعتان نحوه
عينان تحبسان الدمع قدر المستطاع
قدر مستطاع القوة التي تدعيها !
حدقت به بملامح جامدة شاحبة اختفى منها لون الحياة
دقائق تتأمله ولا تعرف في أي طقس من طقوس الحياة كانت تعبـــــــــــر
هل طقس أم وهي تزغرط لعودة احد أبنائها من المهجر ؟
هل هو طقس عجوز تبكي مع ضحكاتٍ تلو ضحكات لمرآى اختها التي فارقتها قبل أربعون سنة ؟
او هو طقس فتاة تحتضن ابيها بقوة بعد عودته من السفر ... وتشكي له سوء صباحاتها ببعده عن المنزل ؟
ارتمت على اقرب مقعد قربها وهي تأخذ هواءاً حاداً ثقيلاً مختنقاً ... بذهول نبضاتها الباكية ... بـ نواح اليتيم والارملة والثكلى: يا رب
يا رب لا تفجعني
لا تفجعني
أكملت وهي تمسك وركيها بيدان مرتعدتان: دعيتك يا رب في ليلة قدر
دعيتك وناجيتك لا توقفني جدامه يوم الحشر .... دعيتك وناجيتك لا تحملني ذنبه
ضربت صدرها بعنف ........... واكملت بتحشرج ودموعها تتساقط من حدقتيها المصلوبتين ..... دموعاً تنهمر بلا توقف: ذنبه اني اخته
اخته اللي ما قدرت تحميه
ولا تشله من الناااااااااااار
هزت رأسها بشكل هستيري .... وروحها تتساقط كـ تساقط أوراق خريف أيلول
جلس على ركبةٍ واحدة امامها وهو يجاهد بقوة كي لا يفقد سيطرته على انفعاله ومشاعره الهشة
حاول احتضان رأسها لكنها دفعته بقوة
مرة
ومرتان وثـــــلاث
الى ان تراخت قواها ..... فـ بلع غصته الحارقة ثم احاطها بيديه واغرقها في صدره
غرس انفه في جذور شعرها يشتم بـ شوقٍ جارف رائحة الوطن القابع بين مفارقه
قال بـ اجش مختنق: عمرج ما كنتي ذنب .... انتي اجر الصالح وثواب التقي ..... انتي نعمة من الله يا وطن ... انتي النعمة والخير والعوض الجميل
واخذ يردد تلك الابيات لكن بطريقته الخاصة ...... بنظرةٍ رجولية متراخية من فرط الوجع/العذاب:
انتي عويد البان والحِسن الفريد والدان
انتي الشمس والظل والاغصَان
انتي ختيه الغالية ...... حرابتي ونور عيني
: سـ ...... سهيل
التمعت عيناه وهو يشعر بأناملها ترتفع تريد لمس لحيته بـ ذهول مؤلم وكأنها مغيبة تماماً
فقال وهو يهز رأسه: هي .... سهيل اخوج يا حرابة
قالت بصوت متقطع رغماً عنها: كـ .... كـ ...... كيف ؟؟
استل قنينة ماء كانت قربه عندما احس انها بدت غير طبيعية ........ فتحها بخفة وقربه من فمها: سمي بالرحمن واشربي
دفعت يده بلا إحساس ..... وهي تكمل بذات صوتها المتقطع: كـ
كـ.....
كييـ........
كادت تبلع لسانها وهي تحاول نطق الكلمة: كـ كيف .....؟؟
صوتها كان متقطعاً ..... والكلمات بدأت تخرج من فمها بطريقة غير طبيعية
بالمختصر .... حرابة دخلت في حالة غريبة اقلقت سهيل
لكنه وبذكاءٍ يُحسد عليه في موقفٍ حرجٍ كهذا ..... تذكر حديث غابش قبل فترة
تذكر ان حرابة قد فقدت نطقها سنة كاملة بعد موته المزعوم
فـ ضربه سهم الادراك من حيث لا يعلم
امسك كتفيها بقوة واوقفها عنوةً ......... وهتف بصرامة: طالعيني حرابة
اقولج طالعيني
رمقته وفكّاها ترتجفان
لكن نظرتها جامدة
صلبــة علــى نحــو مقلق
هدر بعنف وهو يهزها: انا سهيل اخوج
جدامج حي ما فيّه الا العافية
ان فكرتي لحظة تضعفين بصفعج ..... تسمعيييين !!!!
بصفعج يا حراااابة
لا ارادياً ..... اخذ صوت يصدر من باطن حنجرتها
صوت يشبه الصرير المكتوم
ليصرخ اكثر وهو يحاول إخراجها من حالة الصدمة المخيفة
: حراااااااااااابة .......... صحصحي
لا تضعفين
اباج تحاربيييييين
اباج تعصبييييييييين
اباج تكسرين الدنيا كلهاااا بـ زعييييقج
حدقت به وكأنها تقاوم من حيث لا تعلم روحاً ثانية داخلها لكنها ما تزال قابعة في تلك الحالة الغريبة غير الطبيعية
صوتٌ غليظ خرج من اسفل نقطة من حنجرته ...... وهو يشتعل من الغضب
أراد منها الاستيقاظ
أراد منها الانبثاق
أراد منها القتال وقتل الضعف والخوف والرعب
فـ تلفظ بأول امرٍ يعلم انه سيصطدم بأعصاب حرابة ويجعل "النظام الاحساسي فيها" يفعّل خاصية "اعادة التشغيل"
: انا اللي قلت حق غااابش عن دااااعش ...... كنت معاااه وخططنااا حق كل شي .....
انا اللي حثيييته واقنعته ياااخذج
انااااااا اللي ............
حينها ..... لاحظ انها عقدت حاجبيها بأول ردة فعلٍ طبيعية منها
ثم اخذت بعدها نفساً عنيفاً عميقاً اصدرت معه صوت حاد من انفها
وووووو ......... دفعته عنها بحدة لم يتوقعها بدايةَ الامر
شهيق
بعده زفير
ثم شهيق
بعده زفيييير عميييييييييق
صدرها يعلو ويهبط بطريقة واضحة وتثير القلق
دقيقة مرت
ولم تثنيها
اذ انها اخذت نفساً قوياً لآخر مرة ..... ثم ابتلعت ريقها
واستقامت بظهرها
كل الصور المبهمة الغامضة بدأت تتركب امامها .. امام عيناها الضبابيتان
كل الاسئلة التي طالبت بأجوبتها منذ اشهر
اصبحت تقريباً تقف مصطفة امام حدقتيها تطالبها القراءة والاستيعاب والفهم
رفعت عينان جامدتان نحو اخيها ..... ثم قالت بصوت متقطع: ا ا ا ..... انت ؟
تنفس الصعداء عندما رآها تعود لحالتها الطبيعية وشكر الرحمن في قرارة نفسه
ثم اجابها بسرعة: هي انا ... مع ان غابش ما بغاج تعرفين عسب ما تشلين في خاطرج عليّه اذا شفتيني
سألت بصوتها المبحوح وبعيناها المحتقنتان الشاحبتان: عسب ... عسب ....... عسب ما اشل في خاطري عليك ؟ ليش .... ليش هو شو يعرف عن حرابة اللي شافت الموت عقب اخوها ؟
قال بـ عاطفة الصداقة الحقيقية: اللي برع واقف عند الباب .. اخو وصديج
يمكن غلطنا يوم دخلناج هالزواج بخديعة
لكن كلنا كنا نبا حمايتج
سألت بـ نبرة مختنقة وهي تخفض عيناها للأرض: حمايتي ؟
وايد سمعت هالكلمة اخر هالشهور
تنهد بـ عمق
قبل ان يمسك يدها ويساعدها على الجلوس
ليقر بعدها بقلق: ويهج اصفر
قالت وهي تمسد جبينها الحار بيدٍ مرتجفة: شو تتوقع ؟
شفت اخوي توني وانا اللي تحريته تحت التراب
هتف بصوت حامي موجع: كنت حي يا حرابة
اللي شفتيهم يعقونه مب انا
كان واحد ميت .... هندوسي .... اخو بشكار عمي جابر اذا تذكرينه
غضنت جبينها اكثر بخفقات مهولة
لتستنتج فوراً مالم يستنتجه الجميع عند معرفتهم بـ امر سهيل
: عمي يابر قدر يخلْصِك ذيج الليلة ؟
ابتسم لها بـ شحوب واومئ برأسه
اشاحت بوجهها وهي تقول بصوت مكتوم يائس: يالله منكم يا قوم صياح
كل ما ابغض منكم واحد
يظهر اللي يسواه ويسوى طوايفه
ثم تساءلت بـ عذاب وهو ترمقه بعدم تصديق
بعدم ادراك
بعد يقين
وكأنها في حلم
لكنه اجمل حلم رأته في حياتها
: وين كنت كل هالسنين ؟
شو سويت ؟
شو كانت حياتك ؟
شو.....
امسك يدها بحنان جارف ........ وقال: بقولج كل شي
بس اول لازم تسامحينا على اللي سويناه
سامحيني انا بالذات
لاني كنت اعرف اكثر من الكل شكثر اللي سويناه بحقج كبير وشديد على نفسج
وممكن يكسر قلبج ويحسسج انج ولاشي بالنسبة لـ هلج
لكن والله لولا غلااااتج يا حرابة .... والله لولا قدرج في قلبي
ما رضيتها لج
لثم جبينها بقوة ..... واكمل بحرارة الندم والاخوة المتينة: سامحيني ... سامحينا يميع
قالت له وهي تحملق بوجهه ولا تكاد تشبع
هذا سهيل يالله
سهيل اخيها ومهجة عينها: انت اللي قلتلهم عن داعش ؟
اومئ برأسه وهو يجيب: هي
حرابة: كيف ؟
اجابها سهيل وهو يربت على كفها بلطف: العقيد مبارك يوسف ربيعي
وهو قالي على السالفة صدفة ... حتى ما كان يعرف وقتها اني اخوج
امالت بوجهها وهي تكمل عنه بـ ارهاق عيناها/جسدها: ويوم سرت عند غابش وخبرته .... اقترح الاخ ييصير خبل على حسابي ... صح ؟
سهيل بنفي: لا مب هو
عقدت حاجبيها وهي تسأله: منو عيل !!
رد سهيل ببساطة: اخويه
كررت كلمته بعدم استيعاب: اخوك ؟!
ما فهمت .... اي اخو ؟
اجابها سهيل بـ إقرار وعلى محياه شبه ابتسامة: ناصر اخويه
اقصد آرنود
وقفت بحدة لم يتوقعها هو نفسه ..... ثم هتفت بذهول عاتي مسترجعةً بذاكرتها صاحب الاسم المميز
صاحب الاسم الذي للتو فقط ..... تذكرت مدى شبهه الكبير بـ سهيل
: آرنود !!!!
استغرب سهيل ردة فعلها بداية الامر .... لكنه اجاب بصوتٍ عادي: هي آرنود
يصير اخويه من الابو .... عقب اذا هدِينا وروّقنا بقولج السالفة كلها ان شاء الله
لكنها لم تصبر .... امسكت هاتفها فوراً واخذت تبحث عن امرٍ ما بانفعال مكبوت حتى وجدته
رفعت شاشة الهاتف امام عينا اخيها وقالت: هذا تقصد ؟
اجابها بعقدة حاجبين: هي
سألته السؤال الذي لم يخطر بباله ابداً: انت ديدريك جورنا ؟؟
لمَ يندهش ؟ فـ هذه حرابة التي حتى في اصعب حالاتها ... تشغّل عقلها ولا توقف محركاته الحسية ابداً
الكبوة الوحيدة التي سقطت فيها
انها لم تعرف ان زوجها مثّل عليها دور معتوه ..
ولا يعتبرها كبوة او اهمال منها
اذ انها فقط ........... سارت وراء قلبها في تلك الايام
وما اجمل قلبها
وما انقاه ...............
اجابها بهدوء حينها ... هدوء عيناه الحانيتان: هي فديتج .. انا هو
همست بعبوس وبصوتٍ خفيض وصل إليه: سبحان اللي خلاني وقتها ما اكمل دواره وراه
(دواره= بحث)
اتاهما حينها صوت غابش الباسم من ناحية باب المجلس: احم
عادي ندخل ولااااا ؟
فجأة ..... هرعت نحو زوجها وعلى وجهها الشياطين والكفرة من الجن
وهو بردة فعل عفوية مضحكة
جفل وهو يهتف بذهولٍ عارم: بسم الله الرحمن الرحيم
توج تصيحين وتنوحين
ضربت ذراعه بقبضتها وهي تهتف بغضبٍ شابه شحوب وجهها واصفراره: يعني كنت تعرف ان اللي شفته في كيب تاون يقرب حق اخووويه .... وصخيت ما قلتلي هااااااا
عض شفته السفلية بأعصابٍ تالفة وهدر لـ سهيل بمقلتان متأججتان: هاي ام شبر ونص متى بتتعلم السنع والادب ؟!!!
،,
لم يكن يرغب بترك اخته الحبيبة
لكن عندما عادت امها عفراء .... ومن بعدها ابيها ليث ... اصبح الجو اكثر حساسية واشد احراجاً مع بكاء عفراء الذي لم يتوقف
تارةً تحتضنه هو -سهيل- وتارةً اخرى تحتضن ابنتها حرابة
وحمد الله ان اخيه ناصر قد وصل للبلاد قبل نصف ساعة .... ليأخذ موضوع استقباله في المطار حجة كي يستطيع تركهم والانصراف
يعترف انه ما يزال يشعر بالحرج المستمر وعدم الراحة في المكوث مع اهله واقاربه
لا يُلام اذ انه ظل سنين يعيش وحده ... ليس معه الا اخيه
في صباح اليوم التالي .... وبعد ان تأكد سهيل ان ناصر قد اخذ قسطاً كافياً من الراحة .... اخذه وتوجهوا معاً لشركة غابش
وها هما الآن يقفان بجانب بعض ويتأملان شوارع العاصمة من نافذة مكتب غابش الخاص
رن هاتف سهيل .... فـ استله بخفة وهو يقول بـ ابتسامة مغيظة: ما تستحي مخلّي ضيوفك رواحهم ؟!
قال غابش بقهقهة خافتة: استريحوا استريحوا .... واعتبروا المكان مكانكم
شوي وبييكم
غمز سهيل لـ اخيه الواقف بصمت ويبتسم على الشقاوة الدائرة بين سهيل وصديقه: ديزاين مكتبك حلو غبوش .. بسوي شراته في مكتبي ان شاء الله
يعلم ان غابش لا يحب ان يقلده احد في شيء حتى لو كان ابيه نفسه ... لذلك انفجر ضاحكاً عندما اتاه صوت غابش المغتاظ الحانق:
اوهووووو يالنشبة
ياخي خلك مبدع وسولك ديزاين يعبر عنك وعن شخصيتك
اكمل سهيل باستفزاز: لا لا انا مع العشير في شدة الايام ورخاها
غمغم غابش بمزاجٍ اسود اذ ان حرابة رفضت العودة معه لمنزلهما البارحة بحجة انها مشتاقة لعائلتها
: واللقعة ... حلبة مصارعة هي !!
باي باي
اغلق سهيل الخط عن صديقه وهو يضحك ببحة صافية
تأمل آرنود ضحكة اخيه التي تجلب السعادة لا ارادياً لمن يسمعها .... فقال بـ دفئٍ صادق: يعلها دومها الضحكة
سنين وانا احاول اظهّر هالضحكة لكن ما قدرت
سعل سهيل بصوتٍ خفيض
قبل ان يقول باعتراف يخرج منه لأول مرة
اعتراف احس انه أتى في وقته خاصةً عندما سمع للتو نبرة الخيبة واللوم والألم في صوت اخيه
: تعرف ناصر
انت وامك الله يرحمها جمايلكم عليه ما تنعد
لا تفكر مول ان قلبي بعده شايل عليكم ومحملنكم الذنب
قال اخيه بحرقة ماكنة وكلمات غابش كانت كالحديد الملتهب حول رقبته رغم ان الاخير لم يقل الا الحق حينها ومن غير نوايا سيئة
: يعني ما تذكر الماضي اذا شفتني ؟؟
رد سهيل بـ عيونٍ لامست زوايا الغرفة بتفكيرٍ عميق: اكون صادق وياك
قبل ما يخلصون شاهين من ايدي
كنت يمكن اجاوبك واقولك هي
هزت كتفيه ..... ثم اكمل:
كنت اشوفك واتذكر اللي صار غصبن عني ... الانسان ماله سيطرة مرات على عقله
لكن الحينه
بعدها ... تنهد بخفة ثم قال وهو ينظر للشارع المزدحم بالسيارات بعيون متراخية مستكينة:
الحمدلله رب العالمين
كل شي اختفى من بعد ما شفت الغالية نورة
عندما رآى اخيه يخفض جبينه الارض .... ربّت على كتفه واكمل بصدق القلب والروح: دوم تذّكر امك وادعيلها بالرحمة
امك كانت حالها حالنا
انسانه تخطي وتصيب
وما من انسان معصوم عن الغلط
الله يرحمها ويغفرلها ولقانا ان شاء الله جميع في جنة المولى عز وجل
هتف آرنود بـ صوتٍ اجش ... ومن اعمق نقطةٍ من قلبه المشتاق: آميييييين ... اللهم آمييييييين
،,
منزل ريسة بنت صياح
مساءً
احتضنت ابن اخيها ناصر بقوة وهي تقبل وجهه بـ عاطفة امومية قوية
وهي تقبّله
اخبرته كم تألمت اذ انها لم تعرفه الا قبل اشهر فقط
اخبرته كم توجعت من انها جهلت وكل عائلتها وجوده ووجود امه
اخبرته كم ترغب بحق تعويضه عن الحرمان والوحدة وعلقم السنين الخالية من الحضن
لثم آرنود رأسها بـ تقدير تام
ليسمعها تقول بسؤالٍ متحشرج من بين مقلتاها اللامعتان: شفت يدك صياح ؟
اومئ برأسه وقال: هي شفته ... سرت ويا هزاع صوبه ... سلمت عليه ويلست وياه شوي
: و... وشو قال ؟
هز كتفيه واجابها ببسمة حزينة: ما كان في حاسيته ... يتحراني ربيع هزاع ... حتى انه ما تذكر هزاع الا عقب نص ساعة .. ومب هاك الزود بعد
تنهدت ريسة بـ مرارة أليمة .... وآثرت الصمت ... اذ انها لا تريد التوغل في الحزن اكثر
يكفيها ألم ساقها الذي كان سببه سقوطها قرب الحمام البارحة
ظل جالساً قرب عمته .... يسمع صخب الاطفال في المنزل .... وعلى وجهه بقايا ابتسامة حرجة متخبطة
دخل هزاع الغرفة وهو يحمل عبدالله ابنه على رقبته بشقاوة ولعب
هاتفاً لـ ابن عمه بابتسامة متسلية: ناصر تعال تعال
انا وعبود نبا نلعب وياك بلاي ستيشن
،,
بعد نصف ساعة .. اتصلت العمة ريسة بـ غابش وطلبت منه جلب حرابة لها ولو كانت في الشق الآخر من الكرة الارضية
مطلبها ذلك كان لسببان في نفسها
اولهما انها مشتاقة لـ حرابة شوقاً لا حصر له
ثانيهما انها تريد رؤيتها مع زوجها ... زوجها فقط ... بأمنيةٍ منها ان تصنع إطاراً جميلاً يحتويهما .. إطار تثبته في عقلها يكون كـ ذكرى تخص "آخر عنقودها"
لهذا وبعد عراك لساني في منزل العم ليث
ارتضت حرابة الذهاب مع غابش المتشمِّت كلياً والواقف على خط رفيع من السعادة والدهشة والـ "حرقصة"
قالت له ببرود ما ان اوقف سيارته امام باب منزل ريسة: بتردني خلاف بيت ابويه .. مفهوم ؟
اسكتها وهو بالكاد يكبح ابتسامته: ان شاء الله ان شاء الله
انزلي انتي بس
،,
ما ان دخلت ..... ذُهلت من الضوضاء والصخب في المنزل
لم تتوقع انها ستجد الجميع عند امها ريسه
حتى سهيل وزوجته واولاده
كذلك امه نورة
احتواها سهيل بذراعيه وهو يسلم عليها .... ليسمعها تقول له بتشتت الذهن المندهش تماماً وعيناها على جواهر: جـ جواهر ؟
تساءل سهيل باستغراب شديد: تعرفون بعض ؟
ابتسمت جواهر بمكرٍ محبب وهي تقترب منهما: شوي بس .. مب وايد
سهيل: كيف ؟
: ممممممممممم هذا سر بيني وبين اختك
وغمزت بلطف لـ حرابة التي ما تزال ترمقها بعدم تصديق
اقترب من زوجته وهو يقول بـ تلاعب باسم: يا كثر لعبج ومكرج يا بنية
قهقهت جواهر بخجل لتسمع زوجها يسأل اخته بعجلة وهو يريد الخروج: غابش بعده برع ؟
هزت حرابة رأسها وهي تنظر نحو جواهر تارةً
والاولاد الوسيمين تارةً اخرى
عندما خرج ... شعرت بـ جواهر تقترب منها اكثر ..... فـ استقامت بوقفتها بتحفز لا ارادي ...
لتقول بـ صوتها الرخيم الهادئ .... كعادتها لا تحب اظهار اي تشتت او تخبط او توتر في صوتها او تعابير وجهها: الحينه عرفت ليش بغيتي تتعرفين عليّه من شهور
لكنها جفلت بحرج ما ان تلقت قبلَة السلام من جواهر الباسمة
والتي قالت فيما بعد لها: وحشتيني والله
ارتبكت حرابة
ارتباك غير معتادة عليه
وقبل ان تقول شيءٍ لها
رفعت كفها جواهر وقالت: وبالمناسبة .. انا من نفسي دقيت الصدر وقررت ايي اتعرف عليج .. اخوج ما كان يعرف
: منو اللي عطاج عيل اسمي وباقي المعلومات عني ؟
اجابت ببساطة: آرنود عطاني
غضنت جبينها بحدة
للمرة الثانية خلال فترة وجيزة تسمع اسم هذا الرجل
اقتربت منهما مديه وهي تشد جلال الصلاة الازرق الكبير على رأسها وباقي جسدها: جواهر تعالي ويايه المطبخ .. اباج تعاونيني
هرعت جواهر الى مديه وهي تهتف بترحيبٍ حار: من عيووووني يلا
اتسعت عينا حرابة باندهاش .................. وتعرفت كذلك على مديه ؟!
حينها ..... رمقت الولدان اللذان يلعبان بألعاب الذكاء مع محمد ابن هزاع
وذابـت
.......... ذابــت
........................ ذابــت
ذابـــت حد انها اخفضت جسدها وجلست معهم على الارض المغطاة بالسجاء الاحمر
واخذت ترمق الولدان ببريق ناظرٍ منبهر
متلهــــف
موجـــــــــع حد النخــــــــــــاع
هتفت بصوتٍ ناعم متأثر وهي تضع يدها على رأس يعقوب المنشغل تماماً
: مرحبا
رفع يعقوب عيناه نحوها ...... وقال بابتسامة اظهرت فراغ السن الامامي المكسور
وهو يحاول تقليد اسلوب جواهر في الحديث: مرحبتيييييييييين
اتسعت ابتسامتها ...
وظلت جالسة مع الصغار بكل هدوئها
بكل بهجة خاطرها
بكل انبهارها المتفاقم في روحها
حتى اخرجها من الاحساس اللذيذ المنتعش صوت رجولي خشن: السلام عليكم
عندما رفعت عيناها نحوه ورأته ... تعرفت عليه على الفور
تفجرت الثلوج بمقلتاها وهي تقف بقامتها المعتدة
ونظرتها السوداء جداً
قالت له برفعةِ حاجب على نحو ساخر ... وهي تضع طرف حجابها الاسود داخل تجويفة عنقها لتثبته اكثر: ما شاء الله الاجنبي يرمس اماراتي احسن عن المواطن نفسه
نيران اشتعلت في روحه
ومعارك
وقصائد
وجنـــــــــــــون
وهل كان يحلم يوماً ان تقف حرابة امامه
بهذا الشكل
وتحادثه وجهاً لوجه
وهي على معرفة كاملة به وبهويته .....!!!!
بالطبـــــــــع لا
لم يجبها ...... بل لم تعطه اي مجال اذ انها وقفت امامه كالند
وسألته بقسوة: ليش ما كنت ويايه واضح ؟ ليش دسيت سالفة انك اخو سهيل ؟؟
من شدة توتره ..... وضع يديه داخل جيوب ثوبه العربي
وقد حرص مسبقاً ان يغطي بياض شعره بالعصامة
بعد ان حدق بها مطولاً ... اخفض عيناه ببطئ وسأل بخفوت: ما تذكرتيني يا حرابة ؟
قالت له مستنكرة بفظاظة: اتذكرك ؟ ليش انا شفتك قبل عشان اتذكرك ؟
الا جان تقصد المرة هاييج في كيف تاون
ما اغباه !
ما اغباه !
بالطبع لن تتذكر
هي لم تره في تلك الليلة الشنيعة ..... ولم تبصر وجهه حتى تتذكره الان
وسط انتظارها اجابته بـ صبرٍ نافذ
اتى سهيل ومعه غابش حتى يدخلا سوياً غرفة ريسة ليلقي الاخير السلام عليها ويتحمد لها بالسلامة
ما ان دخلا معاً صالة المنزل
ورأى غابش حرابة وهي تقف مع آرنود قرب الاولاد
تلك الوقفة التي تنطق بالنديّة ... بالهجوم
بالتحفز
وبالاستجواب
غضن جبينه بغيظٍ شديد
لم يعجبه هذا المشهد
لم يعجبه البتة
فـ وجد نفسه يهتف بصوتٍ قاسي غليظ وهو يهرع باتجاه الباب ليخرج: اباج حرابة شوي
اعطت حرابة نظرة باردة لـ آرنود ... ثم نظرة هادئة لـ سهيل
وتبعت غابش للخارج
،,
بعد وجبة العشاء
يجلس في المجلس الكبير ..... قربه اخيه سهيل واطفاله
وهزاع واطفاله
كذلك منصور وابنته اللذان أتيا مع نارة قبل موعد العشاء بنصف ساعة
تحوم عيناه حولهم فرداً فرداً
حتى ثبت ناظره على غابش الذي يبتسم بـ زهو واعتدادٍ متأصل فيه
انين قلبه وصل لأذنيه
بالطبع سيمتلك هذه الابتسامة
فـ لديه الحرابة
وبغرابة روح وغربة قلب
كان عقله دوماً يتذكر بيت القصيد الذي يقول :
ليس كل ما يتمناه المرئ يدركه
بيت كـ باقي الأبيات !
لكنه
شديد الوقع
مفعم بالصدق
مثبت حياتياً ... وبشهادة الكبار
فـ لمَ يكره الاعتراف بصدقه الآن !
تململ بجلسته المتحفزة وعقله يهرع به ذهاباً واياباً
واكمل يسير مع افكاره الحارقة
آخخ يا قلب
ظُلمت حياً
وسـ تظلم ميتاً
سـ تُظلم بموتك كـ موت عيسى
الفرق ان عيسى رُفع ..
فمن ذا الذي سيرفعك انت !
اخفض محاجره
ليشعر بلمسة اخيه فوق كفه اليمنى
رباه
أوصلت ارتعاشة قلبه لـ كفه .. لتتلقفها روح اخيه الحنونة !
اخيه الذي لا يعرف بأمر عشقه حتى هذه اللحظة
دخلت حرابة المجلس بعد ان طرقت الباب ..... وهي تهتف لـ سهيل بدفئ شديد: امايه نورة تباك سهيل
اعطت حرابة آرنود نظرة خاطفة لا معنى لها
ثم خرجت بتجاهلٍ متعمد لـ غابش وهي ما تزال تشعر بـ احتقانٍ مؤلم في خدودها ... وبالوخز الموجع في عنقها وكتفيها ............... من قبلاته الضارية
كتم غابش ابتسامته البيضاء ووعد بالمزيد لها
فتلك الحرابة وجزاءً على تجرأها المساس بغيرته المروعة
عاقبها بطريقةٍ لن تنساها في لحظة غضبٍ طفولي وتملكٍ اهوج
وان كررتها
فسيكون من دواعي سروره تكرار العقاب
مرة ومرتان وثلاث
الى ان يشاء الله ان يتوقف
اخفض آرنود عيناه بصمت
ثم ابتسم بكبرياءٍ مطعون
ليقف مودعاً الجميع باقتضاب
وعقله يكتب على جدار الحُسن بعينيها
آخر عبارة قبل ان يرتحل حاملاً خيباتٍ وخيبات !
(( رب زمانٍ خُلقتُ فيه
جعلني وقلبي من اللقطاء ............! ))
،,
لم يوافق حامد بن صياح على محمد لشخصه رغم انه عرف جيداً طيب معدنه ولم يأخذه البتة بـ افعال ابيه
ولم يوافق كذلك بسبب الجاهة الكبيرة التي اتت معه .... عبدالرحمن بوالشريس واخيه زيد وابنه غابش
بل وافق لان سهيل كان اول من حضر من الرجال بعد قدوم عائلة بوالشريس
واول من ربّت على كتف صديقه يخبره بعيناه انه بجانبه مهما حصل
ان يرى سهيل يدخل منزله .... كان هذا بحد ذاته شفاء لجراحه
ان يرى سهيل يعامله معاملة "فـ لنقل" مقبولة نوعاً ما
كان هذا بحد ذاته ضخ حياة لروحه المعتلة
ان يرى سهيل وهو يحاول بكل جهده ان يضع عيناه على عينيه هو
ويبتسم وكأنه لم يحصل بينهما اي فواجع في الماضي
كان هذا بحد ذاته سعادة لقلبه
لهذا فقط اعطاهم موافقته الشخصية وترحيبه التام لهذه الزيجة لكن تبقى موافقة ابنته فقط
لا يهمه ان رفضت روزة محمد
كان يهمه الا يخرج سهيل من منزل مستاءً او متضايقاً
كان يهمه ان يحاول بموافقته العلنية ان يبني من جديد جسور التواصل معه ونيل العفو منه والغفران
وكانت مفاجأته العذبة
ان روزة اعطت موافقتها لوالدتها بكل هدوء
ومن غير تردد !
فـ حددوا عقد القران بعد اسبوع ..... بطلبٍ مُلِح من محمد نفسه
اقترب غابش من رأس سهيل وقل له بـ ود: ها خبرني ... قررت تستقر في البلاد ولا تبا هولندا ؟
اجابه سهيل وهو يبتسم لـ عمه منصور الذي يلوح له من بعيد: حالياً بقعد مع الوالده لين اقدر اقرر .. هذا قرار مب سهل يباله دراسة وتفكير وانت ما شاء الله اكثر العارفين بهالشي
اومئ غابش برأسه وقال: صادق يباله تفكير لا تنسى اشغالك هناك وشركتك
ربّت على فخد صديقه ....... واكمل بعجلة: بخليك شوي بسير عند منصور ارمسه عن البزنس اللي مبينا .. دام معرسنا والشواب لاهيين شوي في السوالف
،,
بعد اسبوع .... وبعد عقد القران
داخل مجلس منزل حامد بن صياح الكبير الفخم
احتضن محمد سهيل بأخوة رجولية ...... وهتف بسعادة قرب أذنه: فرحت بشوفتك اليوم يا خويه
وفرحتي زادت يوم رضيت تكون واحد من الشهود
سهيل بابتسامة مميزة جميلة: مبروك ما دبرت يا محمد ..... والله يجمل ايامك دايم الدوم ويا بنت العم ويسعدكم ويحفظكم
عندما عاد وجلس قرب ابن عمه خليفة .... سأله بعفوية: هزاع وين ؟
خليفة: هزاع سافر السيشل مع حرمه المصون
همس سهيل بـ حزم دافئ: ما شاء الله ... يتهنّون يتهنّون
اتاه غابش بـ وجهٍ مكفهر مظلم ....... فـ جلس قربه على الجانب الايسر وهو يغمغم بحنق: ابا حرمتي .. انذليت ذل والله
اجابه سهيل وهو بالكاد يحاول السيطرة على ضحكته المجلجلة: حرمتك موجودة يا خويه ... سر شلها
غمغم بـ ذات حنقه ... وشوقه ... وانفعاله: ما تبا تفارقك ست الحسن
تذكر اخته التي تمكث معه ومع اطفاله منذ ايام في منزل امه نورة
في الحقيقة
امه نورة من اجبرتها على المكوث معها اذ ان الاخيرة تحب حرابة وتحب قربها حد اللامعقول
قال بصدق حاني ودود: وانا ماباها تفارقني تبا الصدق
طحن اسنانه بعنف .... وقال بصوت خفيض مشتعل: شرايك ترد هولندا يا سهيل
: هههههههههههههههههههههههههه افا يالعشير .... تبيعني بهالسهولة ؟!
غابش بغضب: ياخي خلاص
ابا حرمتي
اتسعت عينا سهيل على نحو متسلي ..... وقال: هاذي يالسة عند الحريم ... في الخيمة .. اتصلبها واول ما تطلع شلها وياك
هتف بـ جبين متغضن وهو يشيح بوجهه: عنيييييييدة
استفزه سهيل بأن قال بـ مكر: اووووف غابش .... الحينه بتخلي حرابة تغلبك ؟؟
: لا تبدا سهيل ....... صدق واصل حدي
ضحك سهيل بـ ضحكة خفيضة ثم رأى غابش يستل هاتفه ويخرج من المجلس هاتفاً بحدة: دعواتك
سهيل: موفج خير هههههههههههههههههههههههههه
،,
في خيمة النساء .... حيث الاهازيج والاغاني والرقص والصخب المحبب لـ قلب كل انثى وامرأة وطفل
تقدمت من المقعد المخصص للعروس روزة
في الحقيقة ... كانت تتقدم خطوة وترجع خطوة
تكاد تختنق بغيرتها
لكن لن تكون جواهر ان اظهرت ما يعتمل روحها للعيان
فهي تثق بـ جمالها الـ "مميز"
كما تثق بـ حب زوجها الـ "مميز" لها
حسناً جواهر .... موجة من الغباء اجتاحتك بسبب الغيرة المقيتة لكن لا تدعيها تسيطر عليكِ ..
هيا
خذي شهيق ثم زفير
ثم اظهري اسنانكِ البيضاء
واقتلي العذال بالشامة والحناء
اقتربت جواهر من روزة ..... وهي تمد يدها: مبروك روزة
الله يتمم لج على خير
ابتسمت لها روزة بـ رسمية .... وقالت بنبرتها الرقيقة جداً: الله يبارك فيج
ثم قبّلت ابناء سهيل بـ دفئ .... واكملت بحنان: عقبال الحلوين
الله يخليهم لج
اجابتها جواهر بـ زهو .... وقلبٌ يخفق من الاعتزاز والفخر: تسلمين الله يخليلج احبابج
زفر قلبها براحةٍ شديدة واندهاش رقيق
ظنّت ان روزة فتاة متعجرفة وماكرة ووغدة
لكن -وياللعجب- رأت العكس تماماً منها
ما ان جلست قرب حرابة حتى سمعت الاخيرة تنادي آدم بـ ابتسامة باهية
ذبلت نظرتها بهجةً وجذلاً
لم تتوقع ان ترى هذا الوجه المشرق من حرابة
لأن الاخيرة في اول لقاء بينهما .... كانت تعابيرها مغلقة
وغامضة
ومظلمة جداً
لكن الآن
وكأن شمس الحياة اشرقت على محياها فـ نبت الزهر والريحان والورد الفواح على اهدابها وخديها ورأس انفها
جميلة هذه الحرابة وجمالها بري وحنون ....... وملفتٌ للنظر
تأملتها جواهر بـ اعجاب لطيفة .... كانت حرابة تضع حمر شفاه عنابي اللون .... فقط ........ مع كحل داخل عيناها اظهرت كثافة رموشها الربانية
وشعرها منفلت بحرية وغجرية حول كتفيها المستقيمتين
لكن هي جواهر تقسم ان هذه الحرابة اليوم هي الاجمل بين النسوة والفتيات
سمعتها تغمغم بنبرة أليمة وهي تحتضن الولد على نحو اقوى: بعدني مب مصدقة اخويه حي وعنده عيال
رفعت حرابة عيناها الكحيلتان نحو جواهر وسألتها بخشونة حاولت اخفاء نبرة العتاب فيها
اذ انها غير معتادة من الاساس على العتاب والـ "تشرّه"
: ليش ما قلتيلي الصدق اول ما شفتيني في السينما ؟!
تنهدت جواهر برقة ثم قالت بـ ابتسامة حزينة: ما كان يحق لي حزتها اتدخل في حياة واحد ما كنت اعني له شي
عقدت حرابة حاجبيها بعدم فهم وسألت: ما فهمت
جواهر بنبرة صادقة: ما كنت حرمة سهيل حزتها .... ولا كان لي اي صفة رسمية في حياته
الا الصفة العملية طبعاً كوني مديرة شركة من شركاته
اجابت بـ ايجاز وهي تمسد شعر آدم بنعومة: اها
،,
ذات الخيمة ... في زاوية أخرى
رمقت حرابة من بعيد واخذت تدعو لها بالسعادة وراحة البال الابدية
كانت قد اعادت لها ابنة عمها مفتاح الشقة وقالت لها انها ستعود لمنزل ابيها
لكنها تشعر انها عائدة ان شاء الله لمنزل زوجها
واليوم
تتمنى ذلك من كل قلبها
وصل لمسامعها حديث امرأتان تتحدثان قربها غير مهتمات بمن يسمعهن وبمن لا يسمعهن
فـ تعرفت عليهن فوراً
صنعا والمها بنات الشيخ صياح ... واخوات العمة ريسة من الاب
المها: شفتي حرمة سهيل ؟
ردت صنعا بأسلوبٍ غير لطيف: انا بعدني مب مصدقة انه حي .... هالدور يقولون انه معرس ولا عنده عيال بعد ؟؟!
المها: الدنيا وعجايبها يختي
الا قوليلي هاييج منو ام شعر طويل ؟
صنعا بـ ضجر: كم مرة بقولج هاي حرمة منصور اخوج
المها بانبهار: محلات شعرهاااااا .... لو حنيت شعري عشرين سنة جدام ما بيغدي بهالطول
صنعا بـ ضحك: قولي ما شاء الله عن تصبح البنية الصبح قرعااا
المها: شو قالولج ؟ عيني مب حارة الحمدلله
ابتسمت ساخرة وهي تسمعهم .. وتسمع ثرثرتهن التي لا فائدة منها ابداً
سمعت حينها صنعا وهي تقول بـ نزق: طاعي حرابة غادية حلوة وتلبس شرات البنات
المها بسخرية: عشتو يعني اونها عرست وصارت حرمة
كانت تستطيع تمرير هذه الليلة من غير معارك لسانية لكن عندما تحدثن عن حرابة بسخرية جارحة
"الحميّة" في روحها اشتعلت
قرّبت جسدها منهن قليلاً وهي تغضن جبينها
لتقول: خالاتي ما شاء الله عليكن شربن ماي ريجكن نشف وانتن تسولفن
اتسعت عينا صنعا وهي تقول بـ استنكار: وي وي وي يمـــوووول .... شعندج عاقة اذنج عندنااا !!
: والله حسكن اللي يلعلع ... انا ما عقيت اذن ولا عقيت خشم
غمغمت المها بـ حدة: ام لسان شرات بنت عمج
مصّت جميلة فمها بنزق وغرور .......... ثم قالت: والله مب اطول عن لسانج انتي وهي
المها بـ عينان متسعتان: اشوووووو ؟؟
همست قبل ان تضع حبة ورق عنب في فمها: وصمخ
ثم ولتهم ظهرها ..... واتجهت نحو الفتيات تريد الرقص معهن
،,
: وينج ؟
استغربت نبرة الغضب من صوته ما ان اجابت على اتصاله
فـ اجابت بهدوء لا يعكس ابداً عواصف روحها الولهانة: هني عند البنات .. في الخيمة
: تعالي خاري .. في موتري يالس
استفزتها نبرة الأمر بصوته الخشن ...... فقالت بعناد: مابا
: حرابة لا تعاندين
وصل لأذنيه صوت رحمة اخته ... وهي تطلب من زوجته الرقص: حرابة يلااااا تعالي خل نرقصصصصص
احترق وجهه من اثر الصدمة
حرابة ترقص !!!
لا يستطيع تخيل ان حرابة تتمايل بجسدها وخصرها كـ باقي الفتيات ... ابداً
سألها بصوتٍ خافت محترق: تعرفين ترقصين ؟
لتفاجئه .... ما ان ردت عليه بـ بسمة مائلة ماكرة: اوف .... الرزيف لعبتي
(الرزيف/الرزفة = رقصة شعبية تكون بتحريك عصا والتمايل به مع الايقاع)
تنفس الصعداء براحة
فـ فكرة التمايل بذلك الخصر لأناسٍ غيره
اشعلت كبده واحرقت امعاؤه ...................... ذلك الخصر له هو فقط
وسحقاً لـ الشارب والرجولة .............. ان لم يجبرها الليلة
الليلة هذه بالذات
على ان تتمايل له ....... ولو لثوانٍ معدودة
رغم كل قصص الغرام والاثارة المتفجرة في قلبه ..... قال لها بحاجبان معقودان وهو لا يكاد ان يصبر اكثر: ماشي رزيف
تعالي اترياج في موتري
حرابة بعنادٍ اشد من ذي قبل: لا ..... برزف مع البنات شوي وبييك
زمجر بصوتٍ مكتوم وهو يكاد يطحن الهاتف بيده
ثم قال بـ أجش حار: تعالي عندي وارزفي لي
ارزفي لي ........... وارزف لج
تلبك معوي
صوته هذا يسبب لها تلبك معوي حاد
مع هذا قالت: لااا
فقال بفظاظة وعيناه في خدرٍ كامل خاصةً وهو يتخيلها تتهدد بكل غنج بجسدها الانثوي وجمالها العربي الجذاب:
ترى والله
وهاي حلفة يمين
بوقف عند باب الخيمة
وازاعق بـ اسمج
وخلي عاده الناس تضحك عليج
،,
شدها من ذراعها بطريقةٍ فجة اغضبتها .. نزعت اللثام عن وجهها وهي تهدر بـ غيظٍ شديد: ليش جي تيرني ؟؟؟
صخلَه اناااا صخلَه !!!
صدره يعلو ويهبط بـ مشاعر مدمرة وشوقٌ يكاد يفجّر صدره ويقطعه لأشلاء
عيناه الناريّتان حينها انخفضتا من عيناها الكحيلتان الى شفتيها الزاهيتان بـ لون دم الغزال
فـ ظل ينظر هناك
في الدم
في قطعة الجمر
في غوى البيض والسُمر
بـ تمعن شديد كـ تمعن التلميذ في مسألة رياضية معقدة
اقترب منها على مهل
مرر برقة ابهامه على شفتها السفلية
وهو يهتف بـ صوته الرجولي الجميل: شو يقول الفيصل ؟
اشتدت خفقات قلبها
اشتدت واعتلت واحتدت
ماذا يقول الفيصل ؟
الفيصل لو سمع صوتك الفاخر الموزون لـ طلب منك انشاد احدى قصائده يا هذا
سألته وهي تعبس برقة وقد أكل الخجل مأكله من وجهها واحتل كل كيانها: شو يقول ؟
ردد وعيناه على ثغرها الاحمر:
وقف ترى لي مع شفايفك ميعاد
بيني وبين الموت معسول ماها
طق اللثام ولا تبين لحساد
لا لا تخلي كل عين تراها
ابتسم بـ فخامة ............. وهو يلاحظ انخفاض اهدابها المرتبكة .... وحمرة وجنتيها اللذيذتين
واكمل:
في شفتك جمر حمر فيه وقاد
أغليت أنا لون الجمر من غلاها
هل ان وجهت تكييف السيارة على وجهها المحتقن الآن .... سيعلم انها تحترق من شدة الخجل ؟؟؟
رغم انها كانت تشعر بالبرد الشديد قبل لقائه بلحظات
: ممممممممممم اكمل ولا خلاص ؟؟
دعكت اصابعها ببعضها البعض
لا تكاد تعرف نفسها
هي حرابة ........ تمر بكل هذه الاهاويل
لمجرد الاختلاء به ...... بهذا المجنون المعتوه ............. الجميل جداً
على وطأة صمتها المتخبط حد النخاع
قال لها بنبرة مبتسمة لكنها يائسة .. يائسة جداً وتصرخ تريد النجاة والوصال:
اغار
كم مرة بقولج اني اغار
تنحنحت تريد تصفية صوتها ....
لكنه خرج رغماً عنها مختنقاً مبحوحاً: قلتها مرة وحدة ..... بس كنت خبل
: خذي اصدق الكلام من الخبلااااااان
ابتسمت له .. تلك الابتسامة التي تشوبها مرح .... ولطافةَ روح .............. فـ رفرف قلبه وانتعش
بادلها الابتسامة قبل ان يسأل بعبث: هالابتسامة الحلوة حقي ؟
زمت فمها تريد اغاظته ... فـ قالت: في حد غيرنا هني ؟
نطق اسمها وهو يتلمس عنقها بأصابعه الخفيفة الدافئة: حرابة
نظرت نحوه تطعن خافقه بـ كحل عيناها الساحرتان .................. فـ اردف بـ اجش وهو يقرب وجهه منها اكثر من ذي قبل
: روفي بحالي
اخفضت عيناها ... لتقول مالم يتوقعه ابداً
لتقول بـ عتابٍ واضح
عتاب اسعده
واحبه جداً: ليش ما فكرت انت تروف بحالي ؟
قال غابش وهو يمسك يديها بيديه: انا قلبي ضعيّف
انتي قلبج قوي ما شاء الله
حينها .......... تنهدت تنهيدة صافية
تنهيدة حقيقية
خالية من الزيف والادعاء
ثم وبحركةٍ اخرى لم يتوقعها منها ........... اسندت جبينها على صدره برقة
وقالت بعبوسٍ ..... وقهرٍ طفيف: ما كان يحق لك تخدعني
ليش ما ييتني وقلتلي كل شي وانا اللي اقرر
شعور الخديعة ترى مر
مر وااايد
: آسف
اعطته نظرة ضبابية موجعة .... ولم تكد تبعد جبينها
حتى اوقفها وهو يضع يده على عنقها ويثبت رأسها مكانه
هي كلها .. برمتها ... مكانها هنا في صدره
بين انفاسه
تحت رحمة عشقه وغرامه وتسيّد قلبه
قلبه الضعيف جداً بها
القوي جداً معها
كرر أسفه بصدقٍ شديد: يت متأخرة
بس آسف
آسف على كل شي ياج مني وأذّاج
ثم امسك يدها وقبّل ظاهرها بـ انفاسٍ هادرة
تفاجأت بحركته ...... فـ ازاحت يدها عنه بسرعة .. من شدة الحرج والارتباك
: شـ شو تسوي ؟؟؟
امسك وجهها بكلتا يداه وقال: خليني اكمل اعتذاري
وقبل ان تنطق بكلمة اضافية
كانت قبلاته تنتشر بين جبينها
وعيناها
وانفها
حتى انتهى مشوارها فوق الجمرتين الوقادتين
همس بـ اجش وهو يدعك انفه بأنفها: محلاج
ومحـــلا حيَــــــــــاج
ومحـــلا ويهج اللي غادي رويان مع الحمل
ما شاء الله الصلاة على سيدنا محمد
يـا بختــــــــــــــي
نطق آخر كلمة بـ طريقة ممطوطة دائخة
وسط خجلها الفظيع من غزله العذب المتواصل
والذي اسكتها سكوتاً تاماً
احتضن كتفيها بذراعٍ واحدة
وحرّك سيارته اخيراً
متجهاً مع محبوبته الى منزله الخاص
وهي .... كالغزال الصغير المغنّج ....... تركت رأسها على صدره الصلب العريض
راضية
راغبة
سعيدة
ولله الحمد
،,
بعد ان ان انتهت موجة السلامات الجهورية والتهاني والتبريكات الرجولية الرنانة في مجلس الرجال
وطُويت كلياً سفرة العشاء الفخمة بـ ذبائحها واطباقها المتنوعة الكثيرة
طلب محمد من عمه حامد ان يرى زوجته ..... فـ قبِل الاخير بكل رحابة صدر
وبعد ادخله خليفة لـ المجلس الداخلي الخاص بالعائلة
تركه وهو يطلب منه الاستراحة حتى تأتي إليه روزة من الخيمة النسائية
كانت والدته قد طلبت منه ان يدخل الخيمة ويُلبس روزة عقد الذهب وخاتم الزواج لكنه رفض بحرج
فـ تفهمت حرجه الرجولي هي ........ وروزة كذلك
بعد دقائق ......... فتحت الباب بهدوء ودخلت المجلس
كانت ترتدي فستان راقي بسيط يلم قدها الرشيق بطريقة جميلة مبهرة
فستان بـ لون الزيتون والذهب
اظهر جمال لون بشرتها
وخصلات شعرها الفاتحة
وعيونها الفريدة جداً
كانت مطرقة الرأس
خجلة النظرات
متوترة الخطوات
لكن ما ان قررت اخيراً رفع عيناها نحوه
حتى جفلت بحرج اشد من ذي قبل
وهمست بصوت مختنق مذعور: شـ شو تسووووي ؟؟؟
اقترب بخطواتٍ سريعة مصدومة .. وهو يقف وراء الباب المواري
يغضن جبينه بحرج شديد وهو ما يزال يعدل ربطة إزاره
هتف بعجلة متوترة وهو يمسك طرف ثوبه بين ذقنه وصدره يستطيع تعديل الإزار بأريحية:
صكي الباب
اغلقت روزة باب المجلس بربكة عارمة وعيناها على الارض من فرط الخجل والدهشة
كان يغمغم وهو يربط بحدة الإزار: طول ما انا يالسة عند الرياييل وانا كل شوي احاول اعدل وزاري عن يطيح .. غربلات العدو
قالت له بـ حاجبان معقودان ... ووجهها ما يزال يلامس الارض من الحرج: جان سرت الحمام
شد اكثر من الازار حول خصره وهو يقول بـ حنق: ما مداني .... المطوع من يلس لين نش وهو يرمس ..... ما صك ثمه مول ...... عقبها الشباب ربعي تموا يغلسون عليّه يوم عرفوا ان وزاري مرتخي .. وما طاعوا يفچون عني ولا خلوني ادش الحمام
خص نص الهرم غابش
كان يتكلم بوجه محتقن ومحرج .. هذا ما التقطته عندما رفعت عيناها بلحظة شجاعة قوية وتمكنت من رؤيته
توقفت عيناها البريئتان على تعابيره ... ملامحه ... عيناه
عيناه اللتان في تلك اللحظة بالذات ...... كانتا جداً عفويتان
جداً حيويتان
جداً انسانيتان
لا غرور فيهما
لا غموض
لا تردد
لا ظلمة تغلفهما ولا ضباب ولا رماد
عندما انزل ثوبه اخيراً ... تنفس الصعداء وقال: السموحة
استقبال ما يليق من ريال لعروسه
قالت وعيونها تتحركان يميناً ويساراً بربكة رقيقة: لا عادي
عدل وضعية عقاله وثبته على رأسه ثم رمى طرف شماغه وراء عنقه
سألها بعفوية: زين جي ؟
اومأت برأسها وهي تكتفي بالصمت
اخذ نفساً ... قبل ان يصلب ظهره ويرمقها بوضوح هذه المرة
وبتمعن
بنظرة ذكورية براقة
نظرة تحب الجمال
وتقدره
وتعشق البهاء
وتجتذب لما هو نادر وقيّم
هل يقول اني سعيد الآن ؟
لا
ليست السعادة هي الكلمة المناسبة
بل الراحة
الامان
السكينة التي تجلب معها دغدغة منعشة في ممرات القلب والصدر والمعدة
السكينة التي تجلب معها احساس الخدر والتنمل الدافئ الذي يغزو اطراف وجه الانسان بعدها
روزه
ذات خصلات البندق وعيون القطة والخدود الزاهية المتفتحة
يالله
لم تتغير
لم يتغير شعرها
ما زال شعرها يحيط وجهها بهفهفة ناعمة كما كانت صغيرة
مد يديه نحوها
فسحبها بقوة حانية إليه
احتوى كفوفها بتملك فج
ليلطم انفه رائحتها الفواحة
رائحة الطبيعة
ياسمين
وورد
وزعفران
يتخالطون جميعهم في خليط رائع مع دهن العود والبخور العربي
مممممم ما هي تلك الكلمة التي اصبحت لا تفارق فم اخته الشقية ؟
"يخرفن" ؟
اجل
هو متخرفن الآن
متخرفن بقوة
لكن لا يفضّل ابداً ان ترى روزة الآن قروناً في قمة رأسه
كفوفها باردة جداً
يريد تدفئتها بحرارة مشاعره ونقاوة قلبه الولهان إليها وعليها
لم يصدق عندما اخبروه بموافقتها
ظل يدور حول نفسه ويفكر بوسوسة ساذجة
هل وافقت حقاً به بعد ما عرف الجميع عن افعال ابيه وشاهين مع سهيل ؟
هل وافقت عليه حقاً بعد الذي حدث بها بسببه ؟
ضرب ربيع لها واهانته .. وانتشار الاشاعات حولها وتلطيخ سمعتها وعفتها
خفق قلبه وقد ضربت الافكار رأسه ضرباً لا يرحم
ليس وكأنه لا يريد حمايتها من كل شيء حتى من نسمة الهواء
لكنه كان يحلق فوق غيوم خيالاتٍ اخرى .... خيالات اخبرته ان التي امامه تكن له مشاعر خاصة .. خاصة جداً
فوجد نفسه يسألها على نحو ادهشها هي نفسها واثار استغرابها
: وافقتي عليّه عشان سمعتج بين الناس ؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم
فـ اكمل تحت وطأة استغرابها التام: وافقتي عليّه عشان سمعتج يا روزة ؟
لاني ادري آخر كم شهر تأذيتي من رمسة الييران حولج ..... كان عندي علم
سحبت يديها من يديه برقة لتصلب ظهرها بكرامة متأذية: هذا كلام ينقال في اول لقا بين ريال وحرمته
طالبها محمد بتعابيره المرتبكة المتخبطة: ردي علي ..... الجواب يهمني
روزة بنبرة جافة: مهم من اي ناحية ؟
اذا رديت عليك بعتبرها اهانة في حقي
محمد: اذا عشان سبب ثاني غير عن انننـ....
متوترٌ هو حقاً .... ويشعر بالغضب
: عن شو ؟
حك جبينه بردة فعلٍ مضطربة وقال: يوم قالولي انج موافقة .... كنت اتحرا وافقتي لاني انا محمد
روزة بنبرة باردة اخفت خلفها حنقها وغيظها: وليش كنت تتحرا ؟ ولا تظن ؟
انا صدق وافقت عليك عشان انت محمد
سألها بنظرة خشنة: مب عشان سمعتج ؟
اجابت روزة وقد بدت تنفعل حقاً: اي سمعة ؟ محد قام يهمني ... جهنم ترعاهم كلهم
انا من عقب ما ضربت هاييج الخايسة اللي طلعت عني رمسة صكيت حلوج الكل ... صح في ناس تبا ترمس بس طز ..
يزولون .... ما يهموني
اطرق انفه لا ارادياً وهو يجهّم وجهه: السموحة .... انا السبب
قلّبت عيناها ببرودٍ وقالت: مالك خص انت ..
هم بغوها جنازة يلطمون فيها
اقترب منها اكثر
اكثر من القرب الذي كان
مسد خدها برقة شعرت معها انها تطير بعد ان كانت تسير بسبب "حديثه المسبق" على صفيحٍ من نار
مرر كفه على شعرها الفاتح .... ثم عنقها
الى ان توقفت سبابته على ذقنها
هتف بـ صوتٍ ثقيل مبحوح: عادي اطلب منج طلب ؟
قالت ونظرتها تتوسد الارض: اطلب
محمد: اذا في يوم حصلت مبينا مشكلة ..
مول لا تطرين ابويه جدامي
لم تفهم كلامه بدايةَ الامر
لكن عندما فهمت بعد لحظات ...... استشاطت غضباً مرة اخرى
: تتحراني بعايرك في ابوك يا محمد ؟؟؟
انت ناسي ان اللي سواه عمي شاهين مب اقل عن اللي سواه ابوك ؟؟؟
كان يعلم ان روزه لا تعرف الا الظاهر
لا تعرف الا ان الاثنان خططا ضد سهيل فقط
لكن مع هذا كان يشعر في تلك الاثناء بعُقده النفسية تطفح من قلبه وروحه وتخنقه حد الصميم
اخفض عيناه الحادتان بعار .... بل بقهر وذلٍ جارح أيضاً
تنهدت بضيق وصل لإحساسه وأذنيه
روزة: يمكن عطيتك وجهة نظر مب حلوة عني
سألها وهو يمشط تعابيرها التي توحي بمدى حرجها وخيبتها: ليش جي تقولين ؟
روزة بتجهم ناعم: قلت كلام مب زين عن ولد عمي جدامك .. وانت اكيد شفت اني وحدة تافهة وصغيرة مخ وامشي ورا كلام الناس
حاول تنحية غيرته السخيفة التي لا دخل لها الآن بالحديث الجاري بينهما
وقال بجدية: انا ما بقول انج ما غلطتي يوم سمعتي رمسة عمج عن سهيل
لكن خل نكون منطقيين ... كنتي ياهل
وهو عمج
شو عرفج انه جذاب ويتبلى ؟؟
يعني بالعقل
لم تكن تحتاج روزه ايّ احدٍ يدافع عنها الان
بل كانت تحتاج ان ترى انها بعيناه هو
ليست بذاك السوء
ليست بتلك الاخلاق الدنيئة
سألته سؤالاً مباغتاً: ليش خطبتني ؟
سكت وهو يحملق فيها ... اتته بسؤالها على حين غرة
لكنه قال وقد خانه التعبير: ماعرف شو المفروض ارد
بس اممم
يسدج اذا قلت انتي البنت الوحيدة اللي قدرت تلفت نظري
وووو......
ا ا ..... ممممممم
يخفق قلبها بشكل هستيري
تريده ان يكمل
تريده ان يتلفظ بكل العواطف اللي تعتمل خاطره
وهي ترى توتره ، تخبطه ، تلعثمه الرجولي اللطيف
احست ان حناياها اعتصرت بعضها البعض وتأوهٍ كبير خرج من قلبها
سألته وهي تقترب كالمغناطيس نحوه: وشو ؟؟
محمد: ا ا ..... دشيتي خاطري
سألت روزة بتلهف حاولت الا تظهره قدر المستطاع: كيف يعني دشيت خاطرك ؟
تنرفز رغماً عنه فأراد تغيير محور النقاش برمته
هتف بصوتٍ خرج كما يعتقد "ابله": ا ا لبسج حلو
مر شعاع الخجل على وجهها ..... وانخفضت اهدابها ارضاً
: شكراً
: بس وايد مفصّخ
رمقته بتعجبٍ حمل معه بقايا الخجل والارتباك
كانت تنتظره لـ يكمل تغزله فـ صدم احساسها بـ اسلوبه الفج الاخير
قالت له وعيناها تحومان بحيرة على فستانها: صدق ؟
: هي صدق .... ماحب جي انا
زمت فمها وانزلت عيناها ارضاً
لكنها قالت فيما بعد بنبرة متفحصة مستكشفة: ممممممم شو بعد ما تحب ؟
فهمها بشكلٍ خاطىء ..... فقال بجبينٍ متغضن: شو تقصدين ؟
ابتسمت له
علمت انه فهم مقصدها بشكلٍ مختلف
فـ ارادت استفزازه قليلاً .. قالت له بعيونٍ متراخية ماكرة: قولّي كل اللي ما تحبه عشان اسوي عكسه عقب العرس
قال محمد بارتفاع حاجبين: شغل عناد ؟
زمت فمها بغنج وردت: انت تحب الاكشن في حياتك
مع جملتها الاخيرة .... ابتسم نصف ابتسامة
تذكّر حكايتهم في سيريلانكا
قالت له بنبرة حاولت اظهارها مرنة مرتاحة: انزين مممممم .. دوري اطلب منك شي
نظر إليها باستفهام .... ورغبته الشديدة في تقبيلها تتصاعد
وتشتد
وتحترق
: ولدي
حامد ولدي
اباك تكون حنون وياه ولا تحسسه مول انه مب ولدك
كان يريد مقاطعتها مندهشاً بانفعال
لكن اثر الصمت وهو يرى الكثير من الكلام المحبوس داخل مقلتيها
: مابا اذكر طاري ابوه لا بالشين ولا بالزين
لكن لازم تعرف ان حامد فاقده وايد
اتمنى اشوف المعاملة الطيبة منك وانت تتعامل معاه
وان شاء الله اذا ظهر ابوه
يكون تغير وتبدل حاله للافضل وتاب
ويعوض الصبي عن اللي راح
وهو يسمع حديث الام عن ابنها
تذكر نفسه
تذكر طفولته
هو ايضاً لم يعش حياة طبيعية مع ابيه
لطالما ظل واقفاً في علاقته مع ابيه بين خوفٍ وتردد
حبٍ وبغض
حنقٍ داخلي ورغبةٍ مستمرة بالنسيان والمضي قدماً في الحياة
فلم يجد الا القول الصادق والتلفظ بالنية الحقيقية: اوعدج اكون ربيعه اكثر من اني اكون ابوه ..
هالشي يريحج ؟
ولمس يدها بـ حنانٍ فياض واحتواءٍ جميل
قالت له بعينان متأثرتان: يريّحني ونص
انك تكون صديقه وهو بهالعمر
بيقربه منك ويخليه يرتاح في التعامل وياك
امسك باطن كف روزة
رسم حلقة بسبابته حول خطوطه الصغيرة الرقيقة
ثم اخفض رأسه ولثمه بعذوبة
: ريحتج مممممم
ريحتج ... ريحة غرفة امي ليلة العــيد
خفقات قلبها وصلت لاذنيها ودماغها
ما اجمل حكاويه يالله
وما اطهر كلماته البيضاء كبياض السحاب
مدت كفها للاعلى
مررته على وجهه
وهي تحدق به بانبهار ..... بتوهج
تنتابها مشاعر جنونية
لم تشعر بها قط في حياتها
احاسيس مرهفة
رقيقة
تشعر انها ستكون له يوماً اماً
واباً
لا لا
لا تشعر
بل تريد
وتطمح
وتتمنى
تريد ان تكون امه
وابيه
واخته
تريد ان تكون صديقته
ثم زوجته
وما اجملها من علاقةٍ حينها
عندما تكون للحبيب عائلة
قبل ان تكون فرداً واحداً بمسمى واحد
وهل هو حبيب يا روزة ؟؟
احتقن وجهها ادراكاً وعاطفةً حارة متوقدة
أجل حبيب
حبيب وقريب وأجمل نصيب
قربت أنفها من أنفه
وهمست بخدر: وتسمحلي اصير ريحة غرفتك انت ......... ليلة العيد
حينها تجاوز المسافة
بين طريقه وطريقها
بين صدره وصدرها
فـ لثم بقوة جانب شفتيها
وهو يردد بكل الحب والدفىء والتوق: مُنى القلب والعين والله
......... ريحتها
ثم لثم غمازة ذقنها بنعومة سببت لها الثمالة
واكمل بـ ابتسامة مغوية مائلة: وهــواهــا ...... وعطـــورها كلهــن
،,
صباح جديـــــد ... صباح تضحك معه مخلوقات الحميد المجيد
يطعم الماعز بيده داخل المزرعة الصغيرة في حوش منزله .... وعلى خطوط تجاعيد وجهه هدوء رباني وصمت اثيري
مرر عيونه على الافق .... وهو يتأمل خلقة الله ويسبح مع تسبيح كل حي
وكل جماد
وقفت على مقربةٍ منه حينها .. وهي تسمع ريسة التي بالكاد تقف على رجلها المتوعكة تهتف بـ رجاءٍ حار: لا تقسين عليه يا نورة
: كل شي طاح من هالقلب يا ريسه
لا تستهمين
خلينا رواحنا شوي ما عليج اماره
وبالفعل
ساعدتها ريسة جتى جلست قرب ابيها صياح
وتوجهت لداخل منزل ابيها لتصنع مع الخادمة وجبة الافطار
: شحالك عمي صياح ؟
غضن جبينه بداية الامر ... ثم قال بصوتٍ بعيد
بعيد وقديم ونقي: نورة
: هي نعم نورة
ابتسم لها .. ابتسامة يعود عمرها لـ سنواتٍ طويــــــــــــــلة
ربّت على فخذه ...... وقال بـ دفئٍ يبكي القلب:
تعالي ابويه ..... تعالي يلسي على ريلي
فجَع قلبها
صدم روحها
كانت تعلم انه يعاني من النسيان .. لكن ريسه اخبرتها ان حالته متفاوتة .. ليست دائمة
يالله .............. صياح يحادث نورة الطفلة
وليس نورة العجوز
"تعالي ابويه ..... تعالي يلسي على ريلي"
اشتعل الحنين في جوفها ....... كلماته البسيطة سافرت بها لأيامٍ عتيقة
لأيامٍ سحيقة اختفت تحت أتربة متراصة ثقيلة رمادية
وكأن بكلماته كان ينفض كل الضغينة والجفاء والاحقاد المتكدسة في قلبها
عيناه وهو يراها ...... ارجع للحنين اسمه
وللماضي بساطته التي لا تشوبها عقد الحياة ومآسي العمر وضغائنَ تعفنت في الاكباد
وبحركةٍ خرجت عفوية من "نورة الطفلة" ...... قرّبت يدها المتجعدة وتسللت بحرص حتى اصبحت على كتف الشيخ الضئيلة
ناداها بـ عيونٍ باسمة حنونة:
نورة
اجابته "نورة الطفلة" بـ روحٍ عبقة صافية:
لبيه عمي صياح
اشر لها حتى تقترب ..... ادراكه البطيء لم يخبره ان التي امامه لا تبصر: تعالي ابويه تعالي
لكنها فهمت ..... وكأنها حقاً تراه بعيناها
بكل هدوء
بكل الهدوء الذي نزل عليها
والسكينة
ولين القلب الطفولي
اقتربت اكثر وهي تتلمس حولها
حتى لمست طرف كرسيٍ كان بقربه
قربت الكرسي منها
وجلست بحذر
سألها بـ صوته الابوي العطِر:
سرتي اليوم صوب المطوّعة ؟؟
(المطوعة المرأة التي كانت تستلم مهمة تحفيظ الفتيات القراءة والكتابة وحفظ القرآن قديماً)
هنـــا
تجمّعت الدموع بمقلتاها
اومأت برأسها بـ ألمٍ امتزج مع ابتسامةٍ شاحبة رقيقة
وردت ببساطة ...... ولطافة: هي عمي
سرت صوب المطوّعة
-النهــــــــــــــــــــــاية-
،
الحمدلله
الحمدلله
الحمدلله
الحمدلله ما ختم جهد ولا تم سعي إلا بفضله سبحانه
الحمدلله على البلوغ ، ثم الحمدلله على التمام
،
حبايبي متابعيني
ابتديت سهيل في موقف كله ليل وظلام وخوف ورعب ومآسي
وانهيت سهيل في موقف فيه الصباح والضوء والسعادة والسكينة والرضى بما قسمه الله
ما اقدر اقول اني مشيت في خط تقليدي وانا اكتب النهاية
لكن هي كـ رواية
اغلب قصصها كانت مليئة بالاحقاد والاحزان والاوجاع
كان لابد اني اختمها بطريقة ترضيني انا كـ انسانة قبل ما ترضيني كـ كاتبة مع الحفاظ على المنطقية والبساطة والقناعة الشخصية
،
اشكر كل من وقف معاي من بداية سهيل الى نهايته
اشكر صديقاتي حبيبات قلبي
ما بذكر اسم معين لاني مابا اهضم حق اي حد يطير اسمه عن بالي سهواً
الكل شفت منه الخير
الكل شفت منه الطيبة والعطاء والتفاني والتشجيع المستمر
محد قصّر معاي انشهد ... وربي يشهد من فوق سابع سما
وقفتوا معاي من اربع سنوات وتحملتوا طول انقطاعي
انقطاع كان لابد منه عسب ارجع شرات قبل لكن بروح جديدة ومزاج عالي وإلهام قوي الحمدلله
اشكر الجميع جزيل الشكر
وشكري موصول كذلك لـ فيتامين سي
شكراً على النقل يا جميلة
يعطيج العافية .... ربي يسعدج دنيا وآخرة
اتمنى اني كنت خفيفة عليكم
اتمنى لقاءنا هذا ما يكون الاخير ان شاء الله
دعواتي لكم ما بتنقطع بإذن المولى
كذلك انتو لا تحرموني من دعواتكم وسؤالكم عني
صرتوا جزء لا يتجزء من حياتي
في النهاية اقول
إن أحسنت فمن الله، وإن أسأت فمن نفسي والشيطان
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك
|