كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: روايـة كمـا رحيـل سهيـل،, لـ لولوه بنت عبدالله(بـ حلة جديدة-2020م) الفصل 28 (جزء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلام حار للجميع
كلن بـ اسمه الطيب
سلام خاص لبلااااادي
لوطني
دولة الامارات العربية المتحدة
بمناسبة ذكرى الاتحاد التاسع والاربعين
كل عام وانت يا وطني بـ امن وامان بفضل من الله ورحمته
كل عام وجميع من حولي بخير وامان واستقرار وراحة ورخاء
ما عندي الا دعواتي وخالص امنياتي ان ينعم الله على بلادي وجميع بلدان المسلمين الامن والاستقرار
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .. آمين
(صلوا على سيدنا محمد)
ووووو
نخش على الفصل يا حلوين 😊
،,
الفصــــل التاســــع والعشــــرون
وقف امامها واضعاً يداه داخل جيوبه
يمسك نفسه كي لا يطحن وجهها الجميل بين اصابعه
تبتسم له بتشفي
فيرد لها ابتسامة بالكاد تُسمى ابتسامة
ميلان شفته للجانب ... ميلان غارق بالغضب
غارق بالشر
يراهما الشيخ بنظرته الثاقبة العميقة
يحلل ويفسر ما يجري بين هاذين الشخصين
واللذين "جلياً" يتصارعان في كيمياء قوية متفاهمة
فـ رغم وقفتهما المتحدية
الا ان "الكيمياء الخاصة بهما" تفوح من جنباتهما
يعرف حرابة
يعرفها اذ انها تخدم في الجيش منذ سنين
ويعرف كيف تحارب
وتكافح
وتعمل
ليس سهلاً ايقاعها
كذلك ليس سهلاً على من مثلها ان يتذوق المهانة
لذلك عندما علم من غابش ان بعض من الضباط انهوا خدمتها بتلك الطريقة الباردة الخرساء اللامبالية
استنكر وغضب واصر ان تزوره ويجتمع بها مع كل الرجال حوله
ويرد اعتبارها
قال لها بنظرة متعمقة متمعنة: حرابة بنتيه ... انتي متأكده من اللي تبينه
اجابت فوراً وعيناها على غابش: اكثر من اي شي ثاني
هتف الشيخ لـ غابش: قول اللي عندك غابش
رمقه غابش بـ نظرات ذات معنى
بتحديق ينفذ لداخل الجلد
وكأنه يسأل ..
هل ان طلبت مساعدتك
ستساعدني يا شيخ ؟
بداية الامر ... عقد الشيخ حاجبيه وهو يلتقط نظرات غابش المبهمة
الا انه استوعب الامر اخيراً
عندما قال غابش وهو يعطي مرة اخرى نظراته الحارقة لحرابة:
طويل العمر انت ما شاء الله اعلم منا بـ امور الدين
هل يقع طلاق المعتوه خفيف العقل ؟
من غير ان تفتح فمها ... شهقت بشهقة خرجت من اعمق نقطة من حنجرتها
فـ صرخت في جـوفهااااااااااا
الحقير
الحقيرررررررررررررررررر
استوعب الشيخ حيلة غابش اذ انه علم مسبقاً من ابيه عبدالرحمن الخطة التي وضعوها لتزويج حرابة من ابنه
لكن سأله امام عينا حرابة ...... وكأنه مستعجب
: ما فهمت عليك يا ولديه
غابش ببرود ظاهري: عندي ورقة تثبت اني خفيف عقل
هدرت وهي تقترب تريد اقتلاع عيناه: چذب
همس امامها وهو يميل جانب فمه للاعلى: عيب تقولين هالرمسة هني ... احترمي مقامات اللي حولج
طحنت اسنانها بعنف ... الثعلب المخاددددع
سأل الشيخ بتساؤل ظاهري: صدق يا ولديه ؟؟
اخفض جبينه بـ تجهم "زائف" وقال: اظن الوالد قالك قبل عن الحادث اللي سويته وو
: چذب سيدي
كله چذب
هتف الشيخ بإيماءة رأس: هي غابش قالي ابوك
بس ما قالي ان مخك تأثر منه
: عندي ورقة تثبت
رمق غابش بتمعن ... ليبادله غابش النظرة
تخللها رجاء خاص
تنحنح الشيخ بخفة وقد قرر ان يجاري الشاب المكار العزيز عليه جداً هو وابيه
ولينهي كذلك الموضوع قبل ان تتفاقم الفكرة في عقل حرابة
فهو في النهاية لا يريد هدم زواجها بسبب خلافات زوجية يُمكن ان تُحل !
قال وهو يرمق حرابة نظرات آسفة "كاذبة": ولديه .... جانك عندك ورقة تثبت ان فيك وشّه في مخك
الطلاق ما يحصل
وهالشي معروف
علمت حرابة ان هناك حيلة تحدث بينهما
بحق الله
كيف يصدق الشيخ ان الذي يقف امامه معتوهاً
وهو -غابش- يمتلك هذه الوقفة المسيطرة الماكرة الـ ............ مستفزززززززة
كان غابش يكتم بالفعل ضحكته الشريرة
جلس الشيخ ومغضن الجبين بـ "اعياء زائف" ثم قال لحرابة: جني نسيت اخذ دوايه
اشر نحو احد الرجال الواقفين بعيداً قرب الباب .. لحظات حتى اتوا بـ دواءه وكأس ماء زجاجي
مع كل الغضب والقهر في جوفها ... الا انها اقتربت من الشيخ وقالت باهتمام صادق: اسمحلي طويل العمر خذت من وقتك وايد .. العذر والسموحة
ربّت الشيخ على كتف حرابة تربيتة واهية لم تتجاوز طرف قماش عباءتها
وقال بـ نبرة ابوية حانية: ما زلت عند وعدي
طلباتج كلها بتتنفذ ان شاء الله
لم تنبس ببنت شفه
فقط اومأت برأسها تقديرا
وقالت بـ تعابير فارغة: من رخصتك طويل العمر
واسمحلي مرة ثانية
: لا تقطعيني حرابة .. تعرفين شكثر انتي غالية عليّه واحب اشوفج دوم
ابتسمت له بـ شحوب وجهها الخمري ... وقالت: على راسي ومن عيوني
من رخصتكم
انصرفت من امام عينا الشيخ
وامام عيناه -غابش- الولهتان
الجائعتان
ليدفعه الشيخ بخشونة
وهو يقول: الحقها
لا تخليها ترد البيت روحها
رمق غابش الشيخ بـ بلاهة قصيرة المدى
قبل ان يتنحنح بغلظة
قبّل كتف الشيخ وقال بامتنان: ما بنسى يميلك
ما رضيت تكسر خشمي جدامها
: بس انت كسرت خشمها
ابوك قالي كل شي
رمى طرف شماغه الاحمر فوق رأسه وقال بعاطفة حارة حاول اخفائها عن عينا الشيخ لكنه فشل:
يعل كسرة الخشم في من عاداها وبغضها
وحق الله .... النوايا وحده ربي اللي يعلم بها
رمقه بنظرة رجولية مسلية قبل ان يقول بثقة عالية: محد يبغض حرابة الا دني النفس واللي يربع ورا المنكر وخسة النفس
امش امش سر ورا حرمتك
اتسعت ابتسامة غابش وهو يقول: من رخصتك طويل العمر
عندما خرجوا
دخل من الباب الجانبي حارسه الشخصي
وسهيل
التفت نحوه وقال: ها ... ما قلتلي يا سهيل ؟
بعدك مصر تخلي البلاد مرة ثانية وترد هولندا ؟
،,
سحبها من يدها قبل ان تفتح باب سيارتها
زمجرت وهي تدفع يده بقوة
وهدرت من بين اسنانها: اتقي شري يا بواالشريس
اتقي شري لاني خلاااااااااااص
وصلت حددددددي منك
هي ترمقه بغضبٍ شديد
شديد جداً
وقهر جنوني
وهو يمشط عيناه الحادتان المظلمتان بـ غضب مماثل
لكن ذلك الغضب الذي يتخلله ................. خيبة !
صدره يعلو ويهبط من شدة الانفعال
وناظره الذي كان على وجهها
انخفض للاسفل
عند بطنها
قال بـ بريق نظرةٍ حزينة لكن "محمومة": حامل يا حرابة ؟
ارجع عيناه الى عيناها بدهشة اليمة وقال: من متى ؟
زمجر وتينها عذاباً
ليت غضبها منه يتصاعد اكثر واكثر
ليتها تمسك صخرة من تلك الصخور اللامعة المصقولة والمنتشرة حول حديقة القصر الفخم
وتفلق بها رأسه
لكن نظرته هذه الآن .... وهو يمسكها تحت نور القمر المكتمل
نظرته الحامية الصادقة
اوجعتها
مع هذا
سحبت يدها بعيداً عنه بقسوة وقالت باقتضاب: من متى هزرك ؟
اكيد من قبل ما اكتشف جذبك وخداعك
: ليش ما قلتيلي قبل ؟
ليش حطيتيني في هالموقف ؟
جرحت بشرته بسكين نظرتها النارية: ليش حطيتك بهالموقف ؟؟؟؟؟
دفعته بجنون وهي تهدر بانفعال عاتي:
الا قول ليش ما ذبحتتتتتك !!
ليش ما خذت بثاااااري منك اول ما عرررررفت !!
ليش ما حطيت خنير في ظهرك شرات ما حطيت انت وهلي خنير في ظهررررري !!
سحبت ثوبه من صدره الصلب
انفها ضرب انفه مع جرتها
يرمقها بذات نظرته التي لم تهتز
ولم يخفت بريقها الحزين
وهي تلهث وانفاسها المشتعلة تضرب وجهه
هي مع كل نيرانها
كانت امام هدوءه "المستكين تحت جلدته المحمومة"
تحت مزاجه المخدّر الملتهب
ما زالت يديها الصارمتان تقبضان على ثوبه
تأوه بحرارة وهو يمسك خصرها
ويقربها منه
: تعالي
صرخت به: لا ترمسني جيييييييي
لا ترمسني وانت هااااااادي لاني ابا اجتلك يا بوالشرييييييس
همس بـ اجش مبحوح امام ثورانها
انهيار اعصابها
: تعالي يا حرابة
وقفتنا هني ما تنفع
هنا استوعبت حقا ان المكان غير مناسب
فتراجعت بكل اشتعال روحها
تنفخ انفاسها عليه ... تريد تحطيم وجهه وبشدة
جرها وادخلها سيارته هو
لا سيارتها
هدرت معترضة وهي تراه يفتح باب الراكب المرافق .... ويدفعها بنعومة لتدخل: ماباااااااااااااااا
: اششششش .... اسكتي حبيبي ولا تصارخين .... البيبي بيزيغ عقب
اتسعت عيناها بقهر اشد
سمعت قهقهته الناعمة وهو يغلق الباب خلفها ... وهو سمعها وهي تشتمه بصوت عالي
،,
هدرت وهي تقبض على الباب بحدة ... وعيناها على موقف السيارات شبه الفارغ: اذا في شي ابا اسمعه منك الحين
فهو جواب واحد بس
منو طرشك عليه يا غابش ؟؟؟
منو خبرك عني وخبرك عن سالفة داعش ؟؟؟
حملق بها بعيناه النهمتان ... مشط خلالها كل تعابيرها بغموض
كرر جملته السابقة بخفوت اجش:
بعيدها عليج مرة ثانية
اذا قلتلج يا بنت ليث ..... كم نسبة ردتج لي ؟؟؟
صاحت به بحقد: وليش تعيدهااا ؟؟؟
ليش تعيدها اذا انت تعرف جوااااااابي
: وليش تبيني اجاوبج عيل
اذا ما بستفيد شي
حرابة: لاني لازم اعرف
حقي عليك وعليكم كلكم اني اعرف
لاني المخدوعة هني مب انت
لاني انا الحامل هني والله وحده يعلم كم انا مقهووورة وتعباااااانة
قالت اخر كلماتها باشتعال .. بقوة .. بفحيح انثى تأبى الانصياع
مع هذا
مع كل شيء كانت تدعيه
كان يرى ضعفها جلياً
ولـ كم اراد حينها غرسها في صدره
حرك سيارته حينها وهو يقاوم احاسيسه ورغباته
طالبته بقسوة: وين بتوديني ؟؟؟
رد عليها بهدوء تام: امج دقت عليه تصيح
وانا وعدتها عقب موعدنا مع الشيخ اوديج عندها
قبل ان تهدر معترضة
رفع يده قاطعاً اعتراضها وقال بجبين متغضن وقد بدأ يضيق ذرعاً: لو سمحتي حرابة
لو سمحتي
صوتج راح من الزعيق وانا بعدني ماسك روحي
اهدي وخليني اهدا معاج
ثم مسد ناحية قلبه بملامح متجهمة مرهقة
فتذكرت مرضه وقتها
عبست وهي ترفع حاجباً
وسكتت بوجوم
لا تعلم
هل سكوتها كان لان وجهه فجّر عاطفتها الخاصة نحوه
او هو سكوت رضا لانها ببساطة
مشتاقة لعفراء ....!
لا تعرف
وفكرت للمرة الالف منزعجة مستاءة
هل الحمل يجعل الحامل ضعيفة بهذا الشكل ؟؟؟؟؟
قالت له وهي تشيح وجهها عنه: سيارتي
اجابها ببساطة: بخلي دريول ابويه اييبها بيت ابوج
التفت اليها واردف بمشاعر حامية: الا اذا قررتي تروفين بقلبي وتردين معايه بيتي ؟
غمغمت بـ جفاء تام: عشم بليس في الجنة
،,
فتح الباب لها
ليقف جانباً ويتركها تتقدمه
اتتها رائحة منزل ابيها العذب
لكم اشتاقت ......... واشتاقت
واشتاقت !
لكن لم تظهر اي من تلك المشاعر على وجهها
خاصة وهي ترى أمها تهرول نحوها
وتحتضنها بقوة
ولم تكد تلتقط سيطرتها على ذاتها التي تبعثرت من حضن أمها عفراء
حتى اجهشت الاخيرة بالبكاء
اغمضت عيناها ... تبغض دموع امها ... تبغضها .... لا تتحمل رؤيتها
وسط بكاء أمها
وهي بتلك الهيئة الجامدة القاسية
حامت عيناها الباحثتان بتوتر حول المكان
لم تجد ابيها
بالطبع لا يريد ابيها رؤيتها
تعلم كم هو مستاء ومتوجع مما تفوهت به قبل اشهر
لكن رأت شخصاً آخر
شخص ارادت بقوة مواجهته قبلاً وقذف كل غضبها عليه
خالها
عبدالرحمن بوالشريس
أبعدت جسدها عن أمها وهي ترفع حاجباً
ثم قالت ساخرة بدة:
واو
عايلة متماسكة ... تعطي انطباع ان كل شي في حياتهم
اطبقت سبابتها بـ ابهامها اكملت: بيرفكت
امسكت عفراء كتفي ابنتها
لتقول بـ صوت باكي متحشرج متجاهلةً عدائية ابنتها: شحوالج يا قلبي ؟ شو صحتج ؟
اجابت بـ صوت متباعد جداً وعيناها الجافتان تشيحان عن خالها الواقف الآن قرب ابنه بصمت فخم: بخير من الله
ثوانٍ حتى شعرت بيد تجرها وتغرسها غرساً في صدره
احتواها بذراعيه بدفء ...... مسد شعرها الذي ظهر اغلبه خاصةً بعد أحضان أمها القوية ...... مسده بـ حنية .... بـ وقار ..... بـ صدق
وقال بـ نبرة اجشة: ما تبين تسلمين على خالج ؟؟
اغمضت عيناها بحدة
بمشاعر هوجاء كثيرة
وحينها فقط
استوعبت ان غابش قد ولاهم ظهره
وخرج من منزل عمته
قالت بقسوة شديدة وصوتها يختفي وسط صدره الحاني: أي خال !!
الخال اللي قص عليه مع ولده واخته وريل اخته عسب في النهاية اطلع اكبر مصخرة في البلاد ؟؟
قال وهو ما زال يحتفظ بـ حرابة بين ذراعيه: قلنالج يا بنتيه عندنا اسبابنا
أبعدت نفسها عنه ..... وهي تهتف بذات صوتها القاسي الجاف: منو انتو عسب تشلون همي ؟!
السموحة يعني منكم ..... منو انتو ؟!
منو غابش ؟
نظرت لـ والدتها مقهورة عاتبة لائمة ....... وهدرت بكل الغضب الذي أُختزل في جوفها لمدة طويلة:
الحينه حرابة .. حرابة اللي واجهت احقر مخلوقات الله وابشعها وارذلها في عمرها كله
تبونها تتروّع من داااااااااااعش !!!!!
شو قالولكم !!!
صرخت وهي تهتف لـ أمها: شو قالووولج يا اميييي !!
بنتج ما تعرف تشل عمرها وتحمي نفسها واللي حووووولها
بدال لا تصارحوني وتقولولي بالخطر اللي يحوم حووولي
تخططون من وراي انتو وغابشكم وكمن واحد من الجيش عسب تنهوووني !!
تنهون مسييييرتي واللي حرصت طول هالسنين اني اخليها نظييييفة شاااااامخة قووووية ترفع الراااااس !!
انطقووووووا
ناحت امها من بين دموعها المريرة: خفنا عليج
والله خفنا عليج يا نبض قلبي
اشرت لها بعين الاتهام .. بعين القهر المشتعل: ما خفتوا عللللليه
انتي بالذات ما كانت المسألة خوووف
انتي بغيتيني اعرس واعيل وانثبر في البيت حالي حال باقي حريم الخلق
تبيني انثبر في البيت لا شغل ولا مشغله
لا انجاز لا رفعة في هالدنيا ولا قدررررر
اتسعت عينا والدتها الدامعتان المحتقنتان وهي تصيح بذهولها: اناااااااااا !!! انااااا يا حرااااابة !!!
: هي انتتتتتتتي ... انتتتتتتتتتي
هتف أبا غابش باستنكار شديد: يا بنتي تعوذي من بليس شو هالكلااااااام !!!
والله امج ونحن كلنا ما كانت نيتنا الا نحميييييج
ابتعدت عنهما تتنفس بصعوبة
عرقها بدأت يتجمع بنعومة على جبينها من شدة الانفعال والعصبية
غضنت جبينها وهي تشعر بألم في رحمها
قال خالها بـ استياء .... وهو يتراجع قليلاً يريد الخروج: برايكم ... بخليكم انا .... عندي مشوار صغير .. وراد
خرج وسط نظرات عفراء المتعذبة لابنتها الواقفة مكانها باشتعال
وضعت يدها على معدة ابنتها .. وقالت: حامل يا بنتيه ... حامل وما بشرتي امايتج !!!
اغمضت حرابة عيناها بتجهم
بـ انفعال
تحب عفراء
وتعشقها
لكن ما فعلته بها كبير جداً وعظيم
لذلك فقط تشعر برغبة شديدة بـ ايلامها حتى ولو باتهامات كاذبة لئيمة
امها آلمتها .. طعنتها
قالت حرابة بجفاء .... تريد تغيير الموضوع: ابويه وين ؟
اجابت أمها عفراء بـ نبرة متهدجة مختنقة: ابوج زعلان
هدرت حرابة بـ غيظ تخلله لوم حاد من نفسها: منو المفروض يزعل !!!
هزت عفراء رأسها بـ وجع بالغ:
لا ... مب منج يا قلبي .. مب منج
زعلان من نفسه ومنا ومن اللي صار كله
والله لو تشوفينه يا بنتيه ما بتعرفينه .... صاير امرره ما يرمس وما ياكل شرات قبل
زعلان ومتضايق ..... ويبا يشوفج
طالبتها بالقول: وينه ؟
: راح السلْع
قال بيتم عند ربيعه أسبوع وبيرد ان شاء الله
(السلع مدينة تقع في المنطقة الغربية من البلاد)
قالت وهي تضع يدها على جبينها بيد مرتعشة: عمري ما شفته بهالحالة
راضيه يا بنتيه
عشان خاطري راضيه بكلمتين
قالت بعبوس متوجع .... وهي توليها ظهرها: القلب شايل
شايل واااااااايد
: والحل ؟ تبين تقاطعينا ؟
تبين تخلين امج وابوج يا حرابة ؟؟
انهمرت دموعها وهي تردف بصوت مبحوح معذّب: ما يسد اللي سواه خلَف بوالشريس فيّه !!!
ما يسد فرْقني عن اخواني وخواتي سنيييييييييين وعقني وجنّي شي ما يسسسسوى
اغمضت حرابة عيناها بخفقات مريعة
أمها لم تشكو ابدا من جور ابيها خلف امامها ولم تشكو ابدا من انها العنصر المنبوذ المرمي على قارعة العمر
لم قررت الآن تشكوها ؟
لم وهي غضبانة وحاقدة ومشتعلة من شدة الغل والألم !!!
لتقول من بين اسنانها بقسوة ظهرت رغماً عنها: وانتي سويتي شراته يا امايه
عقيتيني وجني شي ما يسوى ...... وعلى واحد ..... قاااااااال
قااااااال ان نيته يحميني
ما سألتي عمرررج شو اسبااااابه !!!
شو غااااايته !!!!
تململت بوقفتها متوترة متألمة: ما كان يهمني اعرف شي ساعتها
همي كان تعرسين وتختفين من البلاد فترة ... تبتعدين عن كل من ينويلج الاذية والشر
رمقتها بتوجس اظلم
منفعل
قالت وهي تحرك يدها: انتي شرات ربيعتج ... ريسه بنت صياح
تعرفين كل شي .. بس ما تبين تخبريني
امايه دخيل الله
ترى والله النفس ما عادت تتحمل زود
طلعي العلوم اللي عندج
جلست على الاريكة ولم تعد تتحمل الوقوف على قدميها
تريد ابنتها
تريدها قربها
لكن كيف ستخبرها بما تعرفه
كيف !!
لم تجد نفسها الا ان تقول بصدق شديد: ماروم بنتيه
ماروم
عقدت حرابة حاجبيها بريبة: ما ترومين ؟
كيف يعني ما ترومين !!
: وعدته .... وعدته
اقتربت منها حرابة وهي تطالبها بـ حزم: وعدتي منو ؟؟؟
سكتت ... اذ ان الحروف قد ضاعت من حنجرتها من شدة الربكة
قالت لها برفعة حاجب: وعدتي غابش ؟
هزت عفراء رأسها بـ ايجابية
لتكمل حرابة وهي تحاول جمع الامور ببعضها: وعدتيه ما تقولين منو اللي خلاه يسوي هالخطط ضدي ؟
هزت عفراء رأسها مرة أخرى بـ ايجابية
جلست حرابة قربها وهي تتفجر بقدرة عجيبة على السيطرة بالنفس
الداهية غابش
عرف كيف يجعل الكل في صفه
وتحت سيطرته وثقته
عندما لمحت نظرة امها المرتبكة الضائعة
ورغبتها الشديدة بالبكاء
تنهدت بضيق حقيقي
وقالت بنبرة "حنونة" لأول مرة منذ ان دخلت هذا المنزل: اهدي امايه
انفجرت امها بالبكاء
كانت تريد السيطرة على روحها لكن فشلت
: اباج قربي
اباج معاي في بيتي .. في بيت ابوج
ما تبين تردين حق غابش لا تردين كيفج
لكن انا ما يهون عليه اشوفج بعيدة عنا وفوقها حامل واتم سااااااكتة
ما يهون عليّه والله
ليت لساني انقص قبل لا أوافق على ذيج السالفة بكبرها
اقتربت اكثر من امها ..... سحبتها بطريقة حانية ..... واحتضنت جسدها الصغير
قالت لها بصدق العاطفة التي تعتمل روحها: اسم الله عليج يا ام حرابة
اهدي خلاص .... واذكري الله
ما ان بدأت عفراء بأخذ نفسٍ وراء نفس .... كي تهدئ من روعها
قالت حرابة بـ نظرة صارمة واثقة: انا ما برضى تكسرين وعودج عشاني
لكن عندي حل
انا بذكر اسامي ... الاسم اللي له علاقة بسالفتي
سالفة غابش وزواجه مني
بس ارفعيلي حاجب ..... وبعرف
قالت عفراء معترضة وهي تمسح دموعها بحدة: يعني هذا مب كسر وعد !! تستصغرين مخي يا بنت ليث !!
استفزتها امها .... فوقفت وقالت بعصبية طفيفة: هالحل اللي عندي يا امايه
اتفقنا ولا !!
تنهدت وهي تعلم انه من المستحيل ان تأتي حرابة بالاسم
لذلك سايرتها فيما تريده
واخذت حرابة تذكر اسامي بعض الشخصيات الكبيرة في الجيش
ولم تلمح اي ردة فعل من عفراء
ذكرت بعض الشخصيات التي لها علاقة مباشرة مع الشيوخ
كذلك لم تلمح اي ردة فعل من عفراء
قالت وقد شعرت ان ما تفعله بلا فائدة: امايه انتي صادقة معايه ؟؟؟
هدرت عفراء منفعلة: هي صادقة والله
: حد قريب منا ؟
انتفخت وجنةً من وجه عفراء .... بتوتر
ثم قالت: ا ا ماعرف ماعرف
هدرت حرابة بغيظ وقد بدأت تشعر انها تلعب لعبة طفولية خرقاء مع امها: اماااااااااايه
عفراء بـ عصبية ناعمة: اوهوووو ... انزين كملي كملي ....... قولي باقي الاسامي يمكن تفلحين بـ اسم
امسكت حرابة اعصابها بحرفية ..... ثم اخذت تذكر افراد عائلتها من طرف ابيها ثم أتت لـ افراد عائلتها من طرف أمها
ثم ذكرت افراد عائلة آل صياح
رجالاً ونساءً
مع ذكرها كل تلك الاسماء .... لم تجد أي ردة فعل من عفراء !
زفرت حرابة بحدة ..... وهي تحدق بأمها بتمعن
ثم وقفت وهي تشبك ذراعيها امام صدرها
: يعني كيف ؟!
ما تبين تساعديني ؟؟
اقتربت من ابنتها ... ثم امسكت احدى ذراعيها
وقالت بـ نظرة موجعة مفعمة بالامل: اذا ترييتي يا بنتيه بتعرفين كل شي
اصبري بس
كل شي بتعرفينه من ريلج
هدرت حرابة وقد فاض بها الكيل: أبا الحينه اعرف
الحييييييييينه
قالت لها عفراء وهي تسحبها بنعومة .... متجاهلةً غضبها: تعالي معايه خل نشوف ظبية
فديتها من شهور وهي تهاذيبج تبا تشوفج
تعا......
: لا .. ما بشبّر اي مكان داخل بيتج
اذا مصرّة ادسين عني اللي تعرفينه .. بروّح خلاص
هتفت عفراء بـ قهر الام المشتاقة: ما تبين تقعدين ويايه ؟
ما تبين اتمين في بيت ابوج ؟
حرابة بنبرة لاذعة: اتم وفي اسرار وعلوم داسينها عني ؟!
عفراء بـ انفعال: ابتزاز هذا ... يعني يه تقولين يا عفرا اللي عندج يا انسيني وما برد البيت !!!!
قطبت حاجبيها بعبوس .... وهي تبتعد ..... ثم تستند على طرف الحائط: محشومة .... بس أتوقع يكفيني اللي مريت فيه
على الأقل اتم بعيده عن الكل لين الكل يطلّع اللي عنده ويسمعني علومه المخبايه
بعدها ..... سارت باتجاه الباب وهي تأمل بداخلها ان سائق خالها قد جلب سيارتها للمنزل
نطقت عفراء الاسم بـ لوعة
بـ لهفة
بـ روحٍ مرتبكة بجنون: سهيل
ادارت وجهها نحو امها
لتقول ساخرة بغضب: يعني عشان ما تقوليلي منو اللي دخّل غابش حياتي
تبين تذكريلي اسم اخويه الله يرحمه
ابتسمت عينا عفراء الدامعتان ...... وهي تهز رأسها بـ لا أليمة ..... مبكية !
فـ رفعت حرابة يدها معترضة بـ ضيقٍ شديد هجم على صدرها وجعلها تختنق فعلياً:
دخيلج
دخيلج يا امايه
اكتفيت من اللعب ... اذا ما تبين تخبريني منو هو
لا تنطقين اسم المرحوم وتتمصخرين عليّه
ترى والله طاريه يدمر نفسيتي
ولّت ظهرها لامها
وخرجت
وبالفعل
كانت سيارتها امام الباب مباشرةً
اكملت خطواتها للخارج
وتركت امها تجلس بإنهاك عاطفي على الاريكة
لتنخرط في بكاء ناعم ... لا حيلة فيه !
،,
وادي ابا الجن
بعد ان انتصف الليل بساعة
يتأمل المكان حوله بصمت .... يجلس مع صديقه على صخرتين هنا منذ نصف ساعة
الاثنان صامتان
الاثنان غارقان بـ دواخلهما العاصفتان
غابش .... وكي لا ينفجر امام سهيل
حارب بقوة انفعاله ... وغضبه
ما زال غاضب من حرابة .. ما زال يريد عض عنقها الرقيق من شدة قهره مما فعلته به
حامل
حرابة حامل
وزيادةً على ذلك خبأت عنه الخبر
ولم تخبره الا امام الشيخ
وزيادةً اشد مرارة من قبلها
اعقبت خبرها "الحلو على النفس" بـ كلمة الطلاق !!!!!!!!!
اوففففففففففف
يحمد الله ان صديقه طلب رؤيته عندما كان في منزل عمته .. بطلب فوري مستعجل
وقتها .. استغل الامر
وانصرف عنهم
كان يريد الابتعاد قليلاً كي لا يزيد الموقف سوءاً بـ سيطرته الهشة
صحيح ادعى البرود والاستفزاز الساخر امام حرابة
لكن بداخله كان يغلي
نظر لـ صديقه
وسأله بعد ان رآه يحدق بما حوله بـ وجوم غامض: ليش يبتنا هنيه ؟
: اشتقت حق داري ... داري ومرباي
لمح الشحوب بوجه سهيل ... ورآه كيف يلتقط نفسه بحدة وتعب شديد
فـ عاد يسأله بقلق: مب على بعضك يا سهيل
انت بخير ؟
: من متى كنت على بعضي ؟
هنا .. احس غابش انه يجب ان يتحدث مع سهيل ويصارحه بالقول الصادق الصائب
صحيح انه نصح ارنود مسبقاً الا يتدخل بانتقام سهيل
لكن بقرارة نفسه ... الحقيقة هي ذاتها لم تتغير عن الحقيقة التي بقرارة نفس ارنود
سهيل يتعذّب !
قال له بنظرة متمعنة: ما آن الاوان تعق كل شي وراك وتكمل حياتك مع حرمتك وعيالك ؟
هتف سهيل بـ نظرات مبهمة غريبة: انا بالفعل عندي حياتي ... مع حرمتي وعيالي ... حياتي وشغلي واعمالي
غابش: بس قلبك يا سهيل
سهيل: قلبي ما عاد شرات قبل
هز غابش رأسه بعاطفة غاضبة: لا ترجعه شرات قبل ... مب لازم
رد هولندا خلاص .. اترك كل شي هني .. ورد عيش حياتك .. مع اللي تشوف انهم يستاهلون روحك الحلوة الطيبة
اللي خسرته في هالدنيا تروم ترده وتربح فيه في عيالك .. في مستقبلك .. وفي كل شي
انزل سهيل جبينه بـ احاسيس ... لا قبل لها ولا بعد
اخذ غابش نفساً عميقاً ثم قال بحزم صريح: تعرف شو مشكلتك سهيل ؟
نظر إليه صديقه بـ ضبابية نظرته وتوهانها
: مشكلتك صياح
بهت به سهيل بألم صــــــــــادم
: هي نعم
مشكلتك صياح يدك
انت رضيت المهانة على نفسك عشان صياح
رضيتها على رجولتك عشان ما يتأذى من اللي سواه ابوك احمد
ورضيت تتغرب وتخفي نفسك عن الجميع عشانه
واللي ردك هو ... صياح نفسه
لانك يوم عرفت انه يعاني بداية زهايمر استينّيت .. زر عقلك
انت في كل اللي سويته
بغيت تثبت له انك الابن البار له وانك على العهد
على عهد التربية والاستقامة وطيب المنبت
اكمل غابش بقسوة حتى وهو يرى العذاب بـ ملامح وجه صديقه: يا خويه اذا صياح زهمَر ونسى .. ترى ربك وربه ما ينسى
اذا هو نسى تربيته ونسى كل شي حصل في الماضي
نسى محبته لك ... نسى ظلمه وظلم الجبيلة كلها لك
ترى ربك ما ينسى
: كنت .......
كنت اباه يعرف اني ........ اني بري
كنت ابا اقوله ....... اني مسامحنّه
اني ...... اني والله تولهت عليه
لكن ....... لكن يوم ما عرفني يا غابش
امسك صدره بقبضة عنيفة ارتجاج صوتها وصل لمسامع غابش
اغمض عيناه وهو يحترق بـ انينه:
اااااااااخخخخخخخخخخخخخ
يمـــــــر
يمـــــر انحط هنيييييي
اشاح غابش وجهه بتجهم حاد .. ولا يريد لصديقه رؤية عيناه اللتان تلألئتا بالتأثر
تنحنح بغلظة وهو يزيح اي اثر لأي لمعان انبثق من مقلتاه
ثم قال بصوت خشن مبحوح:
لام الله من لامك
مسد سهيل وجهه بيداه وهو يغمغم بالاستغفار بصوت خافت
ثم انزلهما وظل يتأمل الوادي من حوله والجبال والاشجار
الانارات الخافتة الجديدة التي وضعتها البلدية منذ عدة سنوات ساعدت على اظهار مهابة طبيعة المكان ورهبته ليلاً
بعد لحظات .... قال سهيل لـ غابش: تسمع ؟
تحفزت حواس غابش وهو يسمع صراخ آتٍ من بعيد
صراخ يقترب شيئاً فـ شيئاً على نحو بطيء متأني
: تسمعه ؟
غابش باستغراب: هي .... اسمعه ...... منو هذا ؟
يني ولا ادمي ؟
قال سهيل بنبرة مريرة: هذا واحد من اللي كانوا مع جماعة عبدالكريم
فجأة .... رأوا شيئاً ما يمر امامهما .... سرعته كـ سرعة البرق واشد ........ حتى انهما لم يتمكنا من رؤيته بوضوح
غمغم غابش بجبين متغضن: انا الخبل والله يوم سمعت شورك وييت وياك هني
لكن شو بقول
مبوني ماخذ وحده كانت تخاوي ين
لا وواحد منهم اسمه جونقر
سهيل بـ نظرة مرهقة لكن مسلية: اوووه جونقر .. اذكره هذا
كان ربيعي بعد
مايندرى حي ولا ميت
وقف غابش مغتاظاً ... وهو يؤشر لصديقه بحدة: غربلات بليسكمممم ...... نش نش
وسار مبتعداً ..... وهو يغمغم: شو هالعايلة المستلبسة !!
اكمل سيره ...... وهو يكش بيده امامه: الله اكبر مما اخاف واحذر .. الله اكبر الله اكبر
اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
فـ ضحك سهيل ضحكة حقيقية من بين ذبول عيناه وشحوبهما: هههههههههههههههههههههههه
نهض من مكانه وهو ينفض ثوبه ...... ليأتيه صوت رسالة آتية لهاتفه المحمول
وكانت الرسالة من محمد
"ابا اشوفك باجر ...... اتمنى ما تردني يا سهيل"
،,
اليـــوم التـــالي
صباحـــاً
ألقت السلام على الضابط .... وهو ... وبكل احترام رجولي
طلب منها الجلوس على مقعد والراحة ..... حتى تأتي المعاونة إليها وتسير معها نحو سجن النساء المركزي
لم تنم ليلة البارحة
ليس من بعد ما مرت به
لقاءها القاسي البارد مع هزاع
وحقيقة انها تقف على ارض هشة مهتزة ... بروح غير روحها
بقلب غير قلبها
حقيقةَ انها لا تستطيع المضي قدماً ولا التفكير بطريقة منطقية بخصوص حياتها الشخصية
ثم رؤيتها لـ سهيل .. رؤية سريعة قصيرة ذكرتها بـ واقع انها ابداً لن تستطيع تعويض الشاب عما اقترفه ابيها واخيها بحقه
مضت ليلتها غاضبة يائسة
ومتأججة بمشاعر سلبية لا تُطاق
غضب ... وحزن ... ويأس ... ورغبة شديدة بالمواجهة
واي مواجهة ...........!
هي مواجهة طال انتظارها
فبعد ان صلت الفجر
ايقنت
ان بداية خلاصها من سجن الضمير المظلم
هي سعاد !
الآن .......... تقف امامها تواجهها ...
وجهاً لوجه
هي بصلابتها
وقوتها وكل آلامها الروحية
وسعاد بـ ارهاقها
وشحوبها
وفداحة ما اقترفته يداها وروحها الحاقدة
قالت لها وهي تشمخ بـ تعابيرها الصياحية ... وقسوة عيناها: كيف عرفتي اني حامل وقتها ؟!
كانت تبكي .... تبكي بشدة
فهدرت مديه بقسوة اشد: صخي عن الصياح وارمسي ... كيف عرفتي اني حامل وقتها ؟؟؟
مسحت دموعها بطرف حجابها البالي القديم وقالت: ما ... ما كنت متأكدة .. عسب .. عسب جي قلت حق الافريقيات يضربونج على بطنج
ان كنتي حامل بتسقطين
وان كنتي مب حامل بتتضرر منطقة الرحم عندج وبيكون عندي امل ما تحملين ابد
قطبت حاجبيها بسخرية شديدة ... مع بروز ابتسامة صغيرة مشتعلة
فقالت: بس الحمدلله ... ما زلت بصحتي وعافيتي بفضل الله .... واقدر اييب عيال
: انـ.... اناااا اسفة
اسفففففة
الحقد عمى قلبي .... الكره خلاني ماشوف جدامي
كنت احب هزاع ....وووبعدني احبببببه
اللي سويتيه فيني مب شوي
: ما سويت فيج شي
اتسعت عينا سعاد بالذهول الكاسح ... كانت تفكر للتو باللعب على نقطة ان مديه ضعيفة جداً امام لوم الذات وتأنيب الضمير
ومديه نفسها ... مديه في تلك الاثناء قد اندهشت من انها قالت تلك الكلمات القوية الواثقة
اكملت وهي تشعر ان قوةً من الله قد غمرتها ... قوةً مُنزّلة إليها من سابع سماء: ما سويت فيج شي يا ام عبدالله
كنت ماخذة ولد عمي ..... وعقب خذاج
صحيح اتفقنا الزواج يكون صوري
لكن محد له سلطان على القلوب ...... ما بالج اذا كان الحب بين ريال وحرمة بشرع الله وسنة نبيه ؟!
اشتدت وتيرة بكاء سعاد
بكاء حقيقي مليء بالقهر ... مليء بالعذاب
هدرت مديه وهي تطحن فكيها ببعضهما
بكاء سعاد زادها قسوة
زادها قوة .... ووحشية
زادها يقين ان كل ما مرت به .... لم يكن ابداً ذنبها ولا جرماً اقترفته يدها:
تعرفين سعاد
لو ان ما بينا الا هالحاجز
جان دخلت صبعي في عينج عسب اسمع صراخج
عسب اشوف دمج يسيل
مثل ما شفت دم ولدي يسيل مني
بسبة فعااااااايلج
مديه الجديمة كانت بتقولج الله يسامحج
ومحلله
وهالكلام الفاضي
لكن لا مرحبن فيج ولا مرحبن في مديه الجديمة
وقفت واكملت بجبروتٍ بالغ ... ارعب سعاد واحالها لكائن ضئيل مرتعش
فـ مدية الآن ......... لم تكن مدية التي تعرفها ابداً:
لكن الحينه اقولها لج
بيني وبينج حكم الله يوم الدين
الولد اللي حرمتيني منه
بيكون مثل الاغلال في رقبتج
بيماشيج لين قبرج
لين يوم الحشر
وهذا الكلام خذيه من وحده ذاقت الظلم بكل ألوانه ..
فصرخت سعاد هلعة مصدومة وهي ترى مديه توليها ظهرها وتبتعد: لا لا
الله يخليج مديه تعالي
ردي
دخيل الله سامحيني مديه
سامحيني
تجاهلتها مديه تماماً وهي تخرج من المكان
صفعتها بنعومة هواء الشتاء البارد ... تنفسته بعمق ....
توهجت نظرتها بـ بريق شديد
حرية
تشعر بالحريـــــــــــــــــة !
بالنشــــــــــــــــــوة ....... بالقــــــــــــــــوة
بأنها خرجت للتو
من سجنٍ كان من صنع يديها هي لا غيــــــــــــــر !
دخلت سيارتها على الفور ..... واتجهت نحو منزلها
منزل زوجها هزاع
،,
بعـــد ثـــلاث ايـــام
جلس عند قدم ابيه الممدد على سريره
يمسك ملعقة ممتلئة بالحساء ... ويرفعه امام فم ابيه يريد اطعامه
لكن ابيه اشاح وجهه بـ تعابيره المتجعدة المتجهمة ... وقال: مابا
انزل منصور يده وقال: شبلاك ابويه ؟ ختيه ريسه تقول ما كليت شي من البارحة
مب زين عليك ... صحتك ما تتحمل
قال بـ تعب .... بـ ألمٍ ماكن ..... بـ سكين مسموم طاعن: هاتولي سهيل
ارتبك منصور
وتوترت نظرته !
هل حقاً تذكر ابيه سهيل !! .... ام هي احدى نوبات الهذيان التي تأتيه كلما تذكر ما حدث قبل سنوات ؟!
اجابه منصور بـ تحفز: موجود .. موجود سهيل
بييبلك اياه
بس تغدا اول
انين خشن صدر من اعمق نقطة من حنجرته
وهو يحرك جسده بثقل شديد ..... ويمدد ظهره الضعيف
يأن بـ اسمه: هاتولي .... سهيل
ابا
سهيل
حاول منصور مع ابيه بـ اصرار: ابويه .. نش ابويه .. اباك تاكل
فجأة ... سمع صوت شخير ابيه ...
استغرب منصور حينها وتعجّب من سرعة خلود ابيه للنوم
الا ان تعجبه تحول لحزن ... وشفقة
بعدها .... حمل صينية الطعام ووضعها على الطاولة بقرب السرير
حدّق بـ ابيه بفكرٍ تائه بائس ..
عندما دخل المنزل صباحاً ... وبعد ان توسلته امه ريسه ان يحن قلبه على ابيه ويجلس بقربه ويشعره بـ بره وحنانه
ادرك كم ان الدنيا مخيفة
مخيفة حد ان الابن يفترق عن ابيه
لأجل اسبابٍ عظيمة
وعندما تمر به السنين
تتضاءل فظاعة تلك الافعال في روحه
لتتعاظم افعاله هو
فيدرك في نهاية المطاف
انه اقترف اخطاءً كـ ابيه تماماً
فلم يختلف عنه بشيء
فكما ظلم ابيه
هو كذلك ظلم ناس اعزاء من حوله !
حينها فقط ... امسك بصينية الطعام التي كانت بين يدي اخته ريسه
ودخل على ابيه المحدق بالسقف بلا صوت ولا همس
اعطى ابيه النائم نظرة أخيرة ..... ثم تركه وخرج من الغرفة
،,
منزل حامد بن صياح
خرجت من غرفة ابيها بعد ان اطمأنت على صحته وهي تحمل هاتفها المحمول
واجابت المتصلة بها: مرحبا هالة
ردت هالة مساعدة روزة في تجارة العطور: مرحبا ست الكل .. خلص جهزنا كل شي ..
بديك تجي هلأ كرمال تشوفي الديزاين وتعطي كومنتاتك عليه ؟
: يعطيكم ألف عافية .. وانا واثقة في شغلج هالة
هالة بجذل: حبيبة ألبي .. يلا تعي لان كل الميديا رح تجي
بدن يصوروا المعرض كلو قبل الافتتاح الرسمي الساعة 4 المسا
: ياية الحين ان شاء الله
،,
بعد عدة ساعات
وفي معرض العطور الضخم ... داخل احدى فنادق العاصمة الفخمة جداً
سحبت العطر التجريبي من يد العاملة وهي تهتف بخشونة: هاتي هاتي من هذا
قالت لها العاملة بسماحة نفس: مدام اشتري العطر ازا عجبك
ردت المرأة الكبيرة في العمر بابتسامة ثقيلة جشعة: لا مابا .... ابا التستر بشمشمه على راحتي .... ان عيبني برد بشتريه
التفت محمد بحرج حول يدعو الله الا يسمعها احد من الناس .... ثم اقترب من رأس امه وقال بوجه محتقن: امايه ليش تيمعين التسترات ؟؟
اشتري اللي يعيبج
اسكتت بتقريع ابنتها التي تصر ان تشتري علبة كبيرة من العود الهندي .... ثم التفتت لابنها مرة اخرى وقالت بنزق: حق شو بالله عليك ؟!!!
ما يحتاي ..... هاييل كلهم حرامية
عنبوه حتى مكاسر ما نروم نكاسر
انا ماعرف شحقه اختك الخبلة عزرت الا نيي هالمعرض
هتفت اخت محمد بـ فظاظة: انتو مب ويه معارض في اماكن راقية شرات هالمكان
اخرستها امها بـ عصبية: جب جي انتي
هز محمد رأسه بـ قلة حيلة وفضّل التوجه للكشك الآخر
حينها اقتربت احداهن من ام محمد واخته وألقت السلام برقة: السلام عليكم
استدارت ام محمد وابنتها نحو صاحبة الصوت الناعم ... وعندما تعرفت عليها اشرق وجهها وهي تسلم عليها بحرارة:
هلا بنتيييي هلااا ومسهلاااا .... وعليكم السلااااام ببنت صيااااااح
اعطتها روزة ابتسامة دبلوماسية وقالت: هلا خالتي شحالج ؟! شخبارج ؟! ...... مرحبا فاطمة
اقتربت فاطمة من روزة وسلمت عليها بحرارة تشابه حرارة سلام امها .... وقالت: هلا والله روزة
شحالج شخبارج ؟؟؟؟
وبـ مهنية التاجرة الماهرة .... اجلست روزة الام وابنتها وبدأت تظهر لهما اكثر العطور التي تُباع عندها واكثرها شهرةً
بعد دقائق طويلة .. عاد محمد الى امه واخته .. وقد اندلعت النيران بعيناه وروحه ما ان رآها تجلس امامهما
حينها .. حمد الله انه لم يخبر امه واخته بموضوع رغبته بخطبة روزة الى الآن
لأنهما ان كانتا على علم ... فـ لن يتركوها وشأنها بفضولهن وتزلفهن النسوي
وقفت امه قربه وهي تهتف بـ حماس: محمد محمد .. تذكر ام حامد ؟؟؟ روزة بنت صياح ؟؟؟ ما شاء الله ثرها هي راعية هالمحل
بقلبٍ خفّاق بجنون
بعيناه اللتان تحاولان قدر المستطاع الا "تلتهماها"
قال بتجهم "متعمد" وهو ينظر لأمه فقط: مرحبا ام حامد
اعطت محمد نظرة خاطفة هادئة ... ثم قالت بهدوء رسمي: هلا محمد .. مرحبا
كانت هادئة ظاهرياً
لكن مشعثة الروح في الحقيقة
عندما رأت ام محمد وابنتها
عاد لرأسها كل الحديث الذي قاله لها اخيها هزاع
عن سهيل وعبدالكريم وكل شيء حدث في الماضي
حينها ... تمكن من السيطرة على روزة المندفعة والتي بالعادة كانت ستغضب منهن وتحتقرهن وتغمرهن بازدرائها
لكن تساءلت حينها
الن تعتبري بدروسك الماضية يا روزة ؟
ظلمتِ مسبقاً سهيل من غير وجه حق .. وعلى ذنبٍ لم يقترفه
والآن تريدين اساءة معاملة ام محمد واخته على ذنبٍ لم يقترفوه ؟؟
ما القيم الاخلاقية التي تنوين تربية حامد عليها ان كنتِ ترغبين بتجاوزها واذية البشر من حولك ؟!
تنهدت بضيق حقيقي .... وتأنيب ضمير
خرجت للحظات من حدود الزمان والمكان فلم تنتبه لحديث ام محمد لها
امسكت يد ام محمد وهتفت معتذرة: عن اذنج خالتي .. مضطرة اروح اييب باقي اغراضي من السيارة
ووجهت حديثها لـ مساعدتها: هالة حبيبتي .. ما اوصيج عليهم .. عطيهم دسكاونت حلو
ثم ابتسمت لـ اخت محمد بـ مجاملة .... وسارت مبتعدة عنهم
متجاهلةً تماماً .... الذي يقف قرب المرأتين
يغلي
ويزبد بداخله !
المغـــــــــــرورة .... عديمـــــــة الاحســــــــــــــاس ..!
لكن قبل ان تبتعد عنهم روزة كلياً .... تعمّد رفع صوته وهو يقول لأمه بغضبٍ بارد: هاييل العطور اللي تبونهن ؟
: هي ولديه
رمى بطاقته المصرفية على الطاولة امام هالة مساعدة روزة .... وقال بفظاظة: حطيهن في الجيس
رمقته روزة برفعةِ حاجب ... لم يعجبها تصرفه الوقح ابداً
وضيقها المتنامي في روحها تكهرب من شدة غضبها واستنكارها !
حينها رمقتها هالة بحيرة .. وكأنها تسألها أتعطيهم تخفيض على المنتجات او لا !!
فـ اشرت روزة لها ان تمرر الموضوع بكياسة ... اذ ان من الواضح ان محمد لا يهتم لأي تخفيضٍ كان !
ثم اكملت روزة سيرها نحو سيارتها .... تريد جلب باقي اغراض العمل ولكي تبتعد عن "تأثير ذلك الوقح" عليها
تعترف ان تأثيره شديد عليها ... وشديد جداً ........... لا تنكر انها تكن له مالم تكنه لأي رجل كان
لا لـ سهيل ... ولا لـ ربيّع .. ولا لـ اي رجل قابلته مسبقاً
لكن الحقائق التي عرفتها عن عائلته
حساسة للغاية
ومخيفة حد النخاع
كيف بحق الله تستطيع الارتباط برجل كان ابيه السبب بما حدث لـ ابن عمها ؟!!
كيف ؟!
"
للاسف هاللي صار ..... وانا عرفت محمد في وقت قصير
عرفته وعرفت معدنه الطيّب
ووقفته الرجولية مع سهيل اكبر دليل انه مب نفس ابوه ابد
"
لا تشك بـ ما قاله هزاع عن محمد "الوقح" ... فـ الرجال وحدهم من يعرفون معادن الرجال الحقيقيين
لكنننننننن
زمجرت بخفوت تريد صفع نفسها على افكارها التي تزيدها قلقاً وحيرةً .... وصفع صدرها كذلك والذي يخفق بشدة .. ومعدتها التي تنقبض وتتوسع من فرط المشاعر الحارة
احمرت وجنتاها بـ عصبية
"الوقح الفظ" ............. ازداد وسامةً
تلك الوسامة المظلمة التي كان عليها في سيريلانكا وكأن ظلامها قد انقشع واشرق شمسها في وجهه
اصبح وسيماً جذاباً على نحو جلي متوهج
عطره
وهي خير من تعرف بالعطور
عطره الرجولي يثير انوثة اعتى النساء صلابةً
واكثرهن خشونةً !
،,
طحن اسنانه داخل فكيه المطبقين .. لمَ تجاهلته بهذا الشكل ؟
لمَ تصرفت معه ببرود مستفز وهو الذي كان يحترق منذ اشهر ينتظرها ان تنتهي من عدتها ثم ليخطبها
حينها .. ومن شدة انزعاجه .. طلب من والدته واخته ان ينتهيا من التسوق بسرعة اذ انه قد ضاق ذرعاً من المشي المتواصل وشعر بالضجر
في الخارج ... وبعد ان وضع كل الاكياس داخل مؤخرة سيارته
لفت نظره سلسال جميل يلمع في معصم امه ... فقال لها بعفوية: بالعافية امايه .. ملبوس العافية
توج اشتريتيه ؟
قالت اخته ساخرة: هذا معرض عطور مب معرض مجوهرات ..
قال محمد بتعجب: ماذكر اشتريتلج اياه
وقبل ان تتحدث امه التي لا تريد في الحقيقة الاجابة .... قالت اخته بفظاظة: امك تفشششل ..
شافت هالسلسال على ايد روزه وقعدت ساعة تمدح فيه لين البنت انحرجت وشلته من ايدها ولبّسته امايه
اتسعت عينا محمد بثوران ... وغضب عاصف .. هدر بانفعال وحرج: اماااااايه
ليش تاخذيييينه عنهاااااا !!!!!!
ردت امه بلامبالاة: هي عطتني .... وانا ما بغيت اردها .... والصراحة غاوي ...
واخذت تحركه بابتسامة واسعة جشعة
: امااااااااايه
قالت امه بصبرٍ نافد: خير خير شو سويت انا !!!
هي اللي عطتني من طيب خاطر .... ما صرقته عنهاااااا
هتفت فاطمة اخت محمد بـ جبين متغضّن: بس واضح انج احرجتيهاااا
قالت ام محمد تخرس ابنتها: لا انحرجت ولا شياته وجب انتي يالسووووسة
محمد لم يكن يبصر وقتها من شدة الغضب والحرج .. هدرت كرامته امامه حد انه يشعر ان كل شيء من حوله تضبب واتشح بالرمااااااد
ذهب لحيث باب الراكب .... على يمين بابه
امسك يد امه بصرامة
ونزع السلسال من يدها على وقع اعتراضها واستنكارها
قال بوجهٍ ممتقع منفعل وهو يدخل بقايا عباءة امه داخل السيارة: بشتريلج محل ذهب كامل بس هذا لا
السموحة مب من نصيبج
صاحت فيه غاضبة: حموووووود .....حموووووود يا جليل الحياااااااااا
هاااااااااته
وعاد فوراً للمعرض يريد اعادة السلسال لـ روزة لكن لم يجدها فـ تذكر انها قد ذهبت لسيارتها
خرج من المعرض وهو يلتفت يميناً ويساراً يبحث عنها بـ لهيب نظراته المتلاحقة
حتى وجدها تقف امام سيارتها ... تحمل اكياساً بين يديها
وترمق السماء الملبدة بالغيوم بـ هيام .................. هيام اذاب مفاصله وكبده المغرم
مع هذا ..... كان الغضب يعميه حقاً
اقترب منها بثقل خطواته الرجولية المتحفزة وناداها: ام حامد
جسدها الرشيق المغطى بـ عباءة سوداء ساترة لم تخلو من بعض الزخارف الخفيفة .... قفز بمكانه من وقع المفاجأة وهي ترد بعفوية: هلا
اقترب منها بجمود تام وقال وهو يمد يده المقبوضة نحوها: نسيتي شي لج
فتحت يدها بعفوية عندما استوعبت انه يريد اعطاءها شيءٍ ما
ما ان اصبح السلسال بيدها حتى اظلمت ملامحها واختفت الرقة منها
قالت له بعينان سهميّتان
قاسيتان: انت قد هالحركة ؟!
ابتسم لها مستخفاً بها
ساخراً من كلمتها: ليش ماكون قدها يا بنت صياح ؟!
اقتربت منه خطوة فلم تنتبه ان بعضاً من قطرات المطر بدأت تتساقط على رأسها: راعي الكرم ما تنرد هداياه
حدق بها هذه المرة بـ صدرٍ واسع
بـ شراسة وصلت لمقلتاه الغاضبتان:
والنفوس العزيزة ما تقبل الصدقة
: صدقة ؟!!!
شمخت بجبينها وهي تكمل بنبرة لاذعة: الصدقة حق الفقارى والمساكين ...
انتو مساكين ؟؟؟
قالتها وهي غاضبة ومحرجة .. لقد اهدت السلسال لـ ام محمد من طيب نفسٍ وخاطر فـ لمَ يتعمد اهانتها وجرحها بأن يرد لها هديتها !!!
لكن محمد ..... فهم مقصد كلماتها العكس تماماً .... فهمها تغطرساً وسخريةً وتذكرةً منها انه اقل شأناً منها اجتماعياً ومادياً
رأت محفظته التي بيده مع كومة من المفاتيح ... فلاحظت ان احدى بطاقاته المصرفية كانت ستسقط
فقالت له تنبهه بـ ببرود قارص: الكارد اللي تتفاخر به بيطيح ..... دسه داخل بوكك
ضربة
ضربة عنيفة لكمت معدته !!
لكن من تألم ليس جسده .... بل عزة نفسه التي لم يخرج من الدنيا الا بها
عزة نفسه ذاتها التي هرب بها من وادي ابا الجن .. حمايةً لها من افعال ابيه وجوره وشناعة ما اقترفته يداه
شهقة من خلفهم اتتهم على حين غفلة
استدار الاثنان نحو صاحبة الشهقة فـ كانت احدى بنات الجيران اللاتي ساهمن بنشر الشائعات السيئة عن روزة
هتفت الفتاة بفضول خبيث جداً: روزة واقفة مع منو انتي !!!
ردت عليها روزة بثقة شديدة
فـ التعامل مع هذا الصنف من البشر لا ينفع معه الا القوة والثقة وعدم الخنوع
: مع زبون ؟؟ فيها شي اخت عالية ؟؟؟
قالت عالية وهي تأكل محمد بنظراتها العبثة: الزباين داخل مب هني صوب الباركنات يا ام حامد
مدت روزة يدها نحو محمد وهي تقول بابتسامة غاضبة غلفتها بالهدوء والرسمية: زبون نسى يردلي الباااجي من الفلوس
عندها .... رمقها محمد ببريق خطف قلبها خطفاً
استل مبلغاُ من المال من محفظته ... واعطاه لها ....
ثم اقتربت من الفتاة وقالت بصرامة اثارت ذعر الفتاة المتطفلة: شرايج تذلفين الحينه من ويهي .. ولا تتريين اسوي بج شرات ما سويت حق ربيعتج الخايسة
فـ تذكرت عالية الضرب المبرح الذي تلقته ابنة جار حامد بن صياح من يد روزة والتي اخرجت خلاله كل ضيقها وقهرها واستياءها
ضرب جعل الاخيرة تبكي من شدة الالم
غمغمت بـ كلمات غير مفهومة ... شابتها الخوف والجُبن .... وسارت مبتعدة عنهم
ووسط عيون محمد على روزة
رآها بكل هدوء تنادي احدى النسوة والتي كانت تجر خلفها اطفال .. يتسولون قربهم
رسمت ابتسامة راقية جامدة على وجهها ..... واعطت المرأة المال الذي اعطاها اياه منذ لحظات ..
ف شكرتها المتسولة جزيل الشكر .... ودعت لها ان يرزقها اضعاف ما تتمناه ....... وانصرفت ومعها الصغار
خدشته بعيناها الثلجيتان وهي تمر قربه وتقول: ولك بالمثل يا محمد
قال بنظرة عابثة ساخرة والتي على اثرها توقفت مكانها: تصدقتي بفلوس غيرج
فلوس خذتيها بـ خديعة يا بنت حامد
رمقته بطرف عيناها وقالت: انا مديت ايدي وانت عطيتني
ما خدعتك
افحمها فوراً بالقول المسيطر الصارم ............"المستفز": لاني ما ارد ايد ممدوده لي
نحن بعد اهل كرم
كانت حقاً قد اكتفت من مواجهته "القوية على روحها" ....... ورسم وجه البرود والهدوء في تعابيرها
اضافةً انها لا تريد لأحد آخر رؤيتهما وهما يقفان هنا لوحدهما ..... حتى لو كلفها ذلك تجاهل اهانته ووقاحته معها
لذلك فقط اخفضت جبينها وهزت رأسها له ..... وقالت: ما اشك بهالشي
عن اذنك
اكملت سيرها نحو المعرض ..... الا ان جملته الاخيرة
قد تمكنت بحروفها الواثقة الرجولية "المتعجرفة على نحو لذيذ"
من وجدانها
: بعدني اتريا موافقتج يا ام حامد
التفتت نحوه مرتبكة .... ومذهولة
وقبل ان تجيبه
كان يوليها ظهره ويتجه نحو سيارته المركونة بعيداً .. حيث امه واخته
،,
لم تفارقها كلمات ارنود القلقة المطالبة للمساعدة
تصاعد قلقها بل ولم تتمكن من الجلوس دقيقة واحدة من غير ان يتوجه فكرها نحو حبيب قلبها
تريد العودة للبلاد
لكن مهمتها في مكة المكرمة لم تنتهي بعد
فماذا بحق الله تستطيع فعله مع قلقها المتصاعد ؟؟؟
هل تجازف وتفعل ما فكرت به ليلة البارحة وهي على السرير ؟
هزت رأسها رافضة بتوتر
لا لا
تخاف ان فعلتها ان يحدث مكروه للمرأة المسكينة
ظلت تتأمل الشوارع ... وتحدق بالناس من خلف نافذتها الزجاجية
ومن بين تفكيرها الممتد والمتجزّر
رفعت هاتفها فوراً
واتصلت بـ الخالة نورة ..... ام سهيل
،,
: اليوم حبيت ايلس وياج رواحنا خالتي
عندج مانع ؟
دلت اصابع نورة طريقها نحو ذراع جواهر القريبة منها
وقالت بـ شجن وحنين: لا امايه
لا حبيبتي
انا روحي استانست يوم قلتيلي تبين تشوفيني
وتيلسين ويايه
جواهر بلطافة وتسلية: هي خالوه قلت خل ندردش شوي على رواق
تساءلت المرأة بابتسامة صافية: نحن وين يالسين بنتيه ؟
جواهر: يبتج هني عند كافيه حلو في برج الساعة
قالت نورة باستدراك: هييي
لحظات ... حتى استجمعت جواهر قواها وقالت: مممممم خالوه ... تامنين بالمعجزات؟
: والله يا بنتيه المعجزات انتهت من بعد سيدنا محمد صل الله عليه وسلم
: اللهم صل وسلم وبارك عليه
ما قلتي الا الحق
لكن نحن .. اكيد حولنا كثير من العجايب في الدنيا
مممم يعني مثلا
اكيد سمعتي عن اللي اختفى سنين طويلة
ورجع عقب ما افقدوا اهله الامل في رجعته
صح ؟
نورة بموافقة: هييي يا بنتيه وايد اعرف من هالقصص
ريل يارتنا في دارنا الجديمة اختفى ثلاثين سنة
ومن كم اسبوع دقت عليه وحده من قرايبنا وخبرتني انه رجع
خفق قلب جواهر بحماس وشعرت ان الله يساعدها الآن كي تحقق ما تفكر به: سبحان الله .. شفتي خالوه؟
هاي تعتبر معجزة بنظري
أومأت نورة برأسها بيقين وقالت: هي والله
: وحرمته شو سوت يوم شافته ؟
نورة بشفقة: بغى قلبها يوقف يا جواهر
يوم سمعت السالفة قلبي عورني عليها
لكن اظن اللي خفف عنها ... انها ما شافته ميت جدامها
تمت على امل انه حي طول هالسنين
قالت جواهر بنبرة ذات معنى: خالوه .. عادي اسألج سؤال وما تضايقين ؟
: اسألي حبيبتي .. يا محلى الاسئلة من ثمج
وامسكت فم جواهر الممتلىء الصغير بطريقة امومية حلوة واردفت برقة عذبة: ثمج
هالحلو هذا
ضحكت جواهر بخجل شديد
قبل ان تتنحنح
وتقول: بس اوعديني هالابتسامة ما تخوز عن محياج
اجابتها ام سهيل فوراً: اوعدج
ادعت جواهر التردد: مممم ولا اقول خلاص خلاص
نورة: افا بنتيه .. ليش ؟؟؟
قالت جواهر تريد التأكد مما هي مقبلةٌ عليه: اخاف اضايقج
: لا لا ما اتضايق ... ارمسي
جواهر: مممممم .... ممكن تتخيلين انج احتمال
احتمال يعني
تكونين مكان هالحرمة ؟
سألتها نورة بعدم استيعاب: اي حرمة ؟؟
قالت جواهر بنظرة ثاقبة نافذة: يارتكم
ابتسمت لها نورة ابتسامة مهتزة: شو تقصدين يا بنتيه ؟ ان يحصلي معجزة شراتها ؟
: هي
شحب وجهها وهي تسأل: مع منو ؟
زمت جواهر فمها لثوانٍ قبل ان تقول بتمهل: مع ولدج
اتسعت عينا نورة بهلع: لا
لا ابد
قالت جواهر وهي تمسك يدها: على شو اتفقنا ؟ مب اتفقنا ما ننفعل ولانتضايق ؟
تنحنحت نورة بانفعال داخلي لكنها قالت بقوةٍ هشة تثير الشفقة: هي بنتيه.... و ... وانا
مب متضايقة فديتج
كملي رمستج
اكملت جواهر وهي تحدق بتعابير نورة بتمعن ودقة: ممممممم يعني خالوه عجايب الدنيا تحصل في كل مكان وكل زمان
ليش اللي حصل مع يارتكم ما يحصل معاج ؟؟؟
قهقهت نورة بتوتر شديد .. شديد جداً ..... لا تريد اظهار انفعالها وهلعها امام جواهر: بس يا بنتيه ولديه ميت
انعق في تنور جدام عيني
اغمضت جواهر عيناها بقوة وهي تشيح بوجهها
لعنت بداخلها رغماً عنها الذين اجبروا هذه المسكينة على رؤية ما لا يتحمله بشر
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول السيطرة على غضبها وحزنها الفظيع على حال ام زوجها
لتقول لها: من وصفج وكلامج
ماظن شفتيه بعينج وهو ينعق
كان مغطى .... ولا انا غلطانة ؟؟؟
اسكتتها نورة بقلبٍ منفجع مرتعب: جواهر
رفعت جواهر يديها وهي تقول بحزم: اذا تبيني اسكت بسكت خالتي
اخذت نورة نفساً حاداً مختنقاً
ثم قالت بقوةٍ تحسد عليها: كان مغطاي
ما شفت ويهه
جواهر: يعني في احتمال ما يكون هو
هتفت الام المكلومة بوجهٍ اختفى منه اللون والضياء: انتي شو تقولين جواهر ؟؟؟
شو تقولين ؟؟؟
: اهدي خالتي
خلاص
اعتبري اللي قلته ما ظهر من لساني
اهدي
لكن نورة هدرت معترضة بانفعال على امرٍ هو ابعد عنها اميالاً في الحقيقة: اناهادية
هادية
قالت جواهر وهي تقف وتقترب من مقعدها: لا مب هادية
قبّلت رأس نورة واكملت بصدق:
دخيل ربج اهدي
وخلاص انسي اللي قلته
امسكت نورة ذراع جواهر بارتعاد ثم سألتها متوسلة: يا بنتيه ليش قلتي اللي قلتيه ؟؟
تعرفين شي انا ماعرفه ؟؟
اجابتها جواهر وهي تبتلع ريقها: لا خالتي
: عيل ليش تقولين ان اللي مات مب سهيل ولديه
جواهر: انا ما قلت مب سهيل
قلت احتمال ما يكون هو لان انتي قلتيلي انج ما شفتي ويهه
شدت من قبضة يدها على ذراع الفتاة وقالت: اذا مب سهيل منو بيكون غيره ؟
هل تتراجع
او تتقدم !
فقررت التقدم
جواهر: ما اتفقنا ان العجايب تصير في هالدنيا ؟؟؟
هتفت الام المرتعبة بلوعة ومرارة: هي .. بس مب معايه انا
مب معايه ... مب مع سهيل ولديه
جواهر وقد قررت مسك حبل الحوار بقسوة: تقولين هالرمسة وبيت الله جدامج ؟؟؟
انتي خير من يعلم ان ربج قادر على كل شي
انما امره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون
تشبثت نورة بـ صدرها وقد بدأت دموعها بالانهمار: انتي برمستج هاي تحطين فيه امل ما بيزدني الا علة في يوفي
سهيل ميت يا بنتيه ........... ميت
مع ان .......
خطت يداها الى طرف حجاب جواهر
وشمته بقوة
بعذاب علقمي
واخذت منه نفساً حاداً متهدجاً
: مع اني والله
من يوم شفتكم وانا اشمه فيكم
اشمه فيج
اشمه في ادم ويعقوب
اروحكم وجني اروح ريحة صدره
تأوهت وهي تغمض عيناها بقوة: آآه يعلني ألحقه واشمه في الجنة
حبيب عمري ونصخ يوفي
ااااه يا سهيلي اااااااه
اغلقت جواهر عيناها بيدٍ واحدة .... بارتعاش
وانهمرت دموعها بلا توقف وجعاً على ما تشهده الآن
تبكي ولا تريد ان تسمع المرأة المسنة صوت نواحها
كتمته حتى شعرت بالاختناق
ثم احتضنت نورة بقوة وقالت: خالتي
تشممت نورة صدر جواهر
ثم ربتت عليها وقالت: ها امي
جواهر باختناق: خـ خالتي
قالت نورة وانفها ما زال ملاصقاً لصدر جواهر: ها امي
جواهر بصوت باكي: انا ابا راحتج
قالت نورة وقد دخلت داخل موجة هلوسة: راحتي مع ولديه
: تبين ولدج ؟
نورة بابتسامة متألمة: اتريا فرج الله
اترياه ياخذ امانته
اصرت جواهر وهي تسأل بدموعٍ لا تتوقف: تبينه ؟
نورة: ابااااه
مسحت جواهر دموعها وهي تقول بوعدٍ صادق: ان شاء الله
من عيوني
انا بوديج عنده
ابتسمت نورة بخدر ... بذبول ثم قالت : الله يجبر بخاطرج يا بنتيه
من عرفتج خلال هالفترة البسيطة وانتي اداوين جروحي
كررت جواهر وعدها وهي تشد من حضن نورة: باذن الله بوديج عنده
هذا وعدي لج
حينها .. بدأت نورة ببطىء تفهم ما تتفوه به جواهر: ها ؟
امسكت جواهر كتفي نورة بقوة وهتفت بصوت قوي حازم: ماباج تضعفين وقتها
ماباج اطيحين
: جـ جواهر
اغمضت جواهر عيناها بقوة وقالت بعزم منفعل: خالتي نورة
اذا يبتلج آدم وخليتج تتلمسين ويهه
بتقدرين تشوفين شبهه بـ سهيل ؟
هنا
استوعبت نورة ماهية كل الحوار الذي دخلته مع جواهر منذ البداية !
لتأتيها محادثتها الاخيرة مع حورية عندما التقطت اوراق جواهر والأولاد الرسمية !
" .......: هذا الريال شفته قبل مامااااااا
هذا نفسه اللي ساعدج في الجمعية هذاك اليوووم يوم كنتي بطيحين من الدرج"
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تشعر بصدرها يختنق
يختنق وينكمش ويضيق
: انا
انا .... مب ..... فاهمة
مب فاهمة عليج
يا بنتيه
كـ كيف .......
قالت لها جواهر بقسوةٍ تعمدتها: فهمتي عليه يا خالتي .. فهمتي
الحين الدور عليج عسب تنطقين الشي بنفسج
قوليها
اسمعج
: ما ..... ما ......
واخذت تحرك ساقيها ويديها بتوتر عاتي
ورعب جنوني
اصرت جواهر وهي تثبت ساقي المرأة الملتاعة المذعورة: قوليها خالوه
انا متأكده انج فهمتي عليه
بعد لحظات
وبعد خفقات شديد كادت بسببها ان تدوخ وتسقط مغمى عليها
هبت عليهما ريح شديدة من احدى الابواب التي تؤدي للسلالم الاحتياطية و التي فُتحت من قبل بعض العمال
ريح محملة بروائح المطر الغزير وتربة مكة الطاهرة
والتي ايقظتها من خدرة الذات والانفعال والهلع
التقطت نفساً حاداً من تلك الريح
غمرتها قوة ربانية رهيبة جعلت روحها تشتعل بالحياة
باليقين
بالايمان الشديد
ثم هتفت وهي تمسك يد جواهر بقوة مرتعشة: سهيل
سهيل هو ابو ادم ويعقوب ؟؟؟؟
لتهتف حينها جواهر بابتسامة دامعة
منتصرة
مفعمة بالعذوبة والعبــق
: هي نعم
سهيل هو ابو ادم ويعقوب
سهيل ولدج
هو ابو عيالي
نهايــة الفصــل التاســع والعشــرون
|