" وأنا الغيته , اين تقترحين الذهاب؟"
وخرج منها النفس حاداً, نصف مالك أم لا , إنه يتمادى بحرية التصرف , وكم أحبت أن تقول له تماماً اين يمكن أن يذهب , فقالت له وهي تضبط اعصابها " ستجد أسماء المطاعم في صفحات صفراء في دليل الهاتف , أختر منها ما تشاء "
" ولكن هذا تصرف طفولي "
" حسب انطباعك الآن عني , هذا ما أنا عليه , سأذهب لأتصل بوالدتي الآن "
وهي تسير مبتعدة , كانت تحس بعيونهما تراقبانها . اليزابيث سترنيغر لم تكن تسهل الأمور بهذه الطريقة , وما سعت لتحقيقه عبر زيارتها هذه من الصعب تخمينه , وكل ما حققته حتى الآن وهو توسيع شقة الخلاف بينهما . منتديات ليلاس
وما أن أنهت مكالمتها مع أمها على وعد بالمرور لأخذها عند السابعة حتى دخل جوردان .
" اعتقد ان هناك بضع أوراق صفراء هنا , فأين سأبدأ؟"
لهجته كانت مذعنة لدرجة أنها أحست بالخجل من نفسها , إنه على حق فهذا تصرف طفولي . وردت عليه وعيناها بعيدتان عنه " هناك مطعم المياه الدافئة على خط الساحل , إنه مكان جيد , ولقد كان منزل لعائلة تايلر, الرقم على تلك المفكرة على الطاولة "
ولم يمد يده إلى الهاتف , بل أمسك بذراعها المدودة للإشارة فوق المرفق تماماً , وأدارها نحوه , وسألها بصوت ناعم " هل نحاول أن نبدأ من جديد؟"
ولم تستطع ريبيكا أن تواجه عيناه الرماديتان , ولكن عندما أخفض رأسه ليقبلها انتفضت واخذت تدفعه عنها !.منتديات ليلاس
" لا تفعل !"منتديات ليلاس
وضمها إليه بسرعة وقال بحدة "شيء واحد يجب ان يتوضح , فلن أقبل بأن تصديني كلما حاولت التقرب منك , يجب عليك أن تتخلي عن مثاليتك الطفولية وتبدأين بالتصرف كراشدة , إن هذا هو ما يريده روجر , أتذكري "
" إنه لم يشترط بأن أكون مسرورة بهذا , وأنا لا أملك قدرتك على التعامي عن كل الظروف"

يمكنك هذا إذا تركت الفرصة لنفسك , قد تكوني مكبوتة ولكنك بعيدة جداً عن برودة العاطفة , أتظنين أنني لا أعرف ما تقاسينه تحت هذه الظروف , وسخافة لا تلمسني هذه ؟"
" لا , أنت لا تعرف , فالأمر مختلف لدى الرجل"
"بالطبع فالمرأة بإمكانها الدجل في الاثارة , ولكنني قد أجد نفسي في مشكلة محددة إذا لم أجدك جذابة جسدياً"
ومد يده ليمررها بنعومة على خدها , وأرسلت لمسة أصابعه رعدة على طول عمودها الفقري , وجمدت وهو يتابع تلمس حنايا فكها , تريد أن تتحرك , , ولكن غير قادرة تجميع قوة الإرادة لتفعل او لتقاوم .
واستخدم يداه معا لتحيطا بوجهها, ورفعه كي يطبع قبلة ناعمة اشعلت الحرارة في نبضاتها التي اخذت تضرب بشدة , وترسل شرارة وكأنها الصدمة الكهربائية إلى كل أوصالها . وبطريقة ما وجدت نفسها تستجيب له , ومقاومتها تضعف , فقال لها صوت صغير في مؤخرة رأسها لقد ضعت !.
ولكنها لم تأبه له , فكيانها كله كان يركز على هذه التجربة المثيرة . وحاولت ان تبتعد عنه, فقد أحست بأنها معرضة للخطر, ولكنه أمسك بها بسرعة وضمها إليه قائلاً بصوت منخفض " لا تكوني سخيفة , فهذا أكثر أمر طبيعي في الدنيا لكلينا أن نرغب في ملامسة بعضنا , أنت شابة حساسة , لو أنك فقط تتركين نفسك تعترف بهذا بدل محاربته ,أنت تشعرين بالرغبة كما أشعر منذ لحظة التقت عينانا فاعترفي بهذا "
" لقد كرهتك ساعتها ولا أزال , فاتركني يا جوردان "
ضحكته كانت خافتة وقال " أنت لا تعنين هذا , وإذا كنت تكرهين شيئاً فهو واقع إنني استطيع إثارة شيء فيك لم يكن روجر يثيره "
لقد قارب من الحقيقة وهذا لا يريحها , قبلات جوردان , الأحساس بيديه فوق جسدها , كل جاذبيته التي تغمر كل مبدأ تعتز به , إنها الآن على حافة أن تستسلم وتتجاوب للنداء الذي يثيره بها , ولكن ذلك قد يقود إلى شيء ليست مستعدة له بعد.
وابتعد عنها جوردان , فلملمت أطراف الروب حولها , وتحركت مبتعدة وأقسمت من الآن وصاعداً سوف تحذر من الانفراد به .ريحانة

نهاية الفصل

4- جدران للذاكرة

مطعم تايلورز هاوس بموقعه في الحديقة محاط بأشجار السنديان والصنوبر , كان رائعاً في جوه وطعامه . وكان بعض كتب السيد تايلور القديمة وأثاثه الأثري لا يزال في المكان .منتديات ليلاس
وقالت اليزابيث معلقة " لابد ان الليدي تايلور كانت تقيم حفلاتها هنا , إذا كان هناك أي واقعية فيما يرويه التاريخ عن هذا القصر فلابد ان للجدران قصة رائعة ترويها !"
وردت ليندا موافقة " مع أشياء كثيرة أخرى , إن قصر سترنيغر نفسه له تاريخ قديم , ويقال أن النفق السري الذي يصل بين قبوه والشاطئ كان يستخدم لتهريب الخمور الممنوعة "
وبدا على السيدة سترنيغر الاهتمام " لم أكن أعلم هذا , زوجي لم يبحث أبداً أمامي التاريخ العائلي"
" ربما لم يكن يرغب في أن يعرف أحد ان هناك خارجون عن القانون في شجرة العائلة "
قال جوردان هذا بصوت منخفض والتفت إلى ريبيكا "أنت لم تذكري أمامي أي ممر سري يا ريبيكا"
فأجابته " إنه مسدود نهائياً منذ سنوات كثيرة , مع أن بإمكانك رؤية اين كان الشاطئ أقفلته الأنهيارات"
وقالت اليزابيث وهي تشعر بالإثارة " أمر مذهل , علي أن أنقب أكثر , فمن يعرف ماذا يخفي قصر سترنيغر من الماضي ؟"
وهزت ليندا رأسها "ليس كثيراً , فما عدا تلك التفاحة السيئة , يبدو الجميع أفراد العائلة لا لوم عليهم طوال حياتهم , لقد قمت بنوع من الدراسة منذ دخلت ريبيكا إلى السلالة , وأظن أن هناك مادة كافية لتأليف كتاب"

وارتفع حاجبا اليزابيث " وهل تكتبين ؟"
" قصص الأطفال فقط حتى الآن "
" ولكن قصص الاطفال هي أصعب القصص كتابة , على كل الأحوال يجب أن تتابعي كتابتك إذا كنت تشعرين أن هذا هو أفضل ما تقومين به , نحن لا نتعاطى مع هذا الصنف من القصص, ولكن ربما استطعت أن أعرض عليك رأياً, شرط أن يكون كتفاك عريضان ما اضطر إلى قوله من نقذ "
وقالت ليندا بدهشة " وهل تعلمين في نفس المجال ايضاً , لقد ذكرت هذا لأن أنا حقا لم أكن أعلم , ريبيكا لماذا لم تخبريني ؟!"
" لم أفكر بالأمر , وأنت لم تذكري لي منذو متى تكتبين قصص الاطفال؟"
" منذ سنة أو أكثر , انظروا لننسى الأمر , هل نستطيع ذلك؟"
ورد عليها جوردان بنبرة سرور في صوته "إذا كنت جادة في أن تصبحي كاتبة فعليك أن تتشبثي بأية فرصة تسنح لك. وأي نقد فني لك قد يكون له أهميته "
"وقد يبرهن ايضاً أنني لست جيدة , على كل لم أكن أتوقع ان تكون والدتك جادة في عرضها "
فابتسمت اليزابيث " القلب الضعيف لا يوصل صاحبه إلى أي مكان , يمكنك أن تعطيني كتبك الليلة وسأراجعها , ومن يدري ؟ قد يكون لدينا كاتبة قصص اطفال شهيرة ونحن لا ندري "منتديات ليلاس
وقال جوردان بسرعة " هذا يكفي عن هذا الموضوع , هل يحب احدكم شرب القهوة أو أي شيء آخر؟".منتديات ليلاس
ولم يكن أحد يرغب في شيء ولكن جوردان نجح في تغيير موضوع الحديث , وشاركت ريبيكا قليلاً في الحديث الذي دار بعد هذا لعشرين دقيقة , كشف أمها عن موضوع الكتابة كان صدمة لها , إذ لم تكن قد لمحت إلى طموحها لتصبح كاتبة , وكل ما تأمله الآن أن يكون رد اليزابيث عليها لطيفاً. على كل إذا كان ناشرون آخرون رفضوا عملها , فلا يمكن أن يكون جيداً , أليس كذلك؟

وغادروا المطعم عند العاشرة , وأصر جوردان على ان يقود السيارة بنفسه , ولو استمر هكذا فسيصبح دايفد دون عمل وستباع سيارة الرولز , وأين يمكن لدايفد أن يجد وظيفة أخرى قبل سنة ؟
ودعتهم ليندا إلى منزلها لتناول المزيد من القهوة بينما تفتش عن مخطوطات قصصها , ومع أن شقتها صغيرة فقد كانت مريحة وديكورها رائع , مما استدعى اعجاب من اليزابيث .
" هذا أستطيع فعله بنفسي , ترتيب الزهور ليس من هوايتي "
واخذت ليندا الورق قائلة " أتمنى أن تكون كلمات هذه جيدة كما ترتيب أزهارك!"
وكان هناك الكثير من الأمثلة لبراعة ليندا وموهبتها في المكان , ولكن أن تشير إليها ريبيكا الآن , فقد بدا انه مبالغة .ريحانة
وتمت العودة إلى قصر سترنيغر بصمت كامل من وجهة ريبيكا, وكانت قد صعدت المقعد الخلفي دون تردد, تاركة للأم والولد المشاركة في المقعد الأمامي , وأعلنت اليزابيث رغبتها في الصعود فوراً إلى النوم وقالت لجوردان " أظن أنني سأتبعها وسأترك لك التفكير بأفضل وسيلة لتسلية أمك يوم غد"
وسألها بنعومة وهي تتحرك نحو السلم " أتهربين مني ؟"
" لا , أنا اسير بهدوء , عمت مساءاً"
وأمسك بها قبل أن تصل السلم وأدارها إليه وضمها ثم طبع على خدها قبلة جعلتها تهتز حتى اعماقها , وقال لها " احلاماً حلوة "
وتركته ريبيكا وهي تحس بساقيها رخوين , لو أنه يتركها وشأنها ! لو أنه يبتعد ولا يعود إلى أن يصبح الأمر ضرورياً ! وما نفع هذا ؟ فعندما يأتي الوقت سيبقى هو نفس الرجل , وأنت ايضاً ستكونين نفس المرأة .
وللغرابة استغرقت في النوم دون وعي , واستفاقت عند السابعة على شمس ساطعة وأصوات غناء العصافير , العصفور الأسود أخذ يمشي على درابزين الشرفة ينظر إليها بمودة . وأخذت ريبيكا قطعة بسكوت تحتفظ بمثلها دوماً للعصافير وخرجت لتطعمه من يدها كما كانت تفعل منذ أن كان فرخاً صغيراً .