" وجهة نظري ملتزمة بجهة واحدة , ويبدو ان جورج يفكر بشكل مختلف , لقد بدأ كل شيء عندما كان أواسط عمر المراهقة , لقد اكتشفت انه مدمن للمخدرات , ولم يكتف بتعاطيها بل كان يقنع آخرين بالمشاركة. وباختصار واجهته بخيار نهائي , إما ان يدخل مصحة بطوعه كي يتعالج ويبقى نظيفاً , او اسلمه للسلطات كمدمن مخدرات , واختار المصحة "
" ولكنه لم يسامحك أبداً, وهل كنت ستسلمه؟"
" اجل , فإدارة شؤونه الخاصة شيء , والأدمان على المخدرات شيء آخر , وإغراء لتعاطيها شيء مختلف عن الأثنين , ولقد أبقيته تحت المراقبة بعد أن خرج من المصحة , وهذا ما لم يرق له "
" أتصور هذا , لقد فعلت ما هو صواب يا جوردان , كان يجب إيقافه عند حده , وربما كان ميتاً الآن لو لم تفعل ما فعلت "
" او حتى أسوأ من هذا , ولكنه لا يرى الأمر هكذا , وليس غبياً على فكرة , ولكنه كمعظم الناس , يريد كل شيء يقدم إليه على طبق من فضة , منذ سنتين كان يبدو انه ناجح, ثم تهدم كل شيء , أو قارب أي شيء أعرضه عليه يعتبر نفسه انه يستحقه , وأنا لست مستعداً الآن ان ادخل معه في إلتزام طويل الأمد , ولا يعني هذا أنني أريد أن أراه محطماً , ولكن هذا كل ما استطيع تحمله , وإذا بدا هذا أمر قاس, حسنا إنه أمر مؤسف "
وردت ريبيكا بسرعة " ولكنه مفهوم ..."
" هناك ولكن في عينيك ".منتديات ليلاس
ورفعت كتفيها معترفة " كنت أفكر ان الأمر قد يكون أسهل لو قدمت أسهل لو قدمت له مبلغاً يكفيه ليبدأ عملا شرط ان لا يعود لطلب المزيد"
" لن ينفع هذا , سيظن انه دليل ضعف , وكما قلت سابقاً إذا كان في ضيق مالي فليبيع سيارته الفخمة , إنها تساوي حوالي العشرين ألف جنيه في السوق , ثم هناك الشقة "
" واين يمكن له ان يعيش لو باع الشقة؟"
" عليه إيجاد سكن أقل كلفة , اسمعي , مهما حدث بيننا لا أريدك ان تتدخلي , هل هذا واضح؟"
" واضح تماماً!"

وتراجعت في مقعدها إلى الوراء لتتخذ وضعاً متصلباً , ثم تضيف " هناك شيء واحد نسيته يا جوردان , لقد ورثت الحق بأن أتصرف بحصتي كما أشاء , وإذا رغبت في منح أحد المال فلست بحاجة للأذن منك!"
" صحيح , ولكني أطلب منك أن لا تتورطي , هل هذا ينقذ كبرياءك؟"
وتلاشى غضبها كما تصاعد , وادركت بقلق , انها قد سببت الكدر للسهرة كلها , ومن أجل ماذا ؟ فقالت " هذه كانت سخافة مني , وبالطبع لن أتورط , إنه شقيق "
ولم يسترخي التوتر بينهما على الفور , فقد استمر جوردان ينظر اليها بنفس النظرة الباردة لعدة لحظات قبل ان يهز رأسه ويقول " لننسى الأمر , هل تريدين المزيد من القهوة ؟"منتديات ليلاس
وتمكنا من العودة إلى الترافق السهل بينهما كما كان أول السهرة, ولكنه لم يكن شيئاً حقيقياً , احست ريبيكا بهذا , مثل هذه المشاحنات قد تصبح عادية بعد أن يتزوجا , فكلاهما لم يكن معتاداً على التنازل, أيام روجر لم يكن هناك مجال للخلاف , فحياتهما معا كانت تناغماً تاماً.
وللغرابة لم تحس بحنين إلى ذلك التناغم , فقد يكون جوردان يفتقر إلى التفهم وللتصرف المهذب الذي كان لعمه , ولكنه عرفها إلى أمور لم تعرفها من قبل , والحب يأتي بطرق مختلفة , ولقد بدأت لتوها تعرف هذا الواقع وتقدره .ريحانة
وهما عائدان الى القصر عبر طرق الريف المظلمة الضيقة, اخذت تتساءل ما إذا كان جوردان يتوقع ان يمضيا الليل معا. فبعدما حدث بعد ظهر اليوم على الشاطئ فلا فائدة أبداً بأن تحتج . إنها تريد ان تكون معه , وكل عصب فيها ارتجف لدى تفكيرها بهذا , واحست بالأسف لتمنعها عن قبول الزواج الفوري الذي عرضه عليها من قبل.
سيتزوجا , ويعقدا العقد بعد انتهاء الثلاثة اسابيع , وليتقبل الآخرون هذا الزواج أم لا , فهذا خيارهم , ووالدتها ستكون مشغولة بأشياء أخرى على كل الأحوال.
وكان جورج لا يزال مستيقظاً , ويبدو غير راض عن نفسه . لقد أمضى سهرته يتفرج على التلفاز كما قال . وحاولت ريبيكا ان تدير له أذناً صماء ولكنها وجدت صعوبة كبيرة بأن لا تتعاطف معه, فهو على كل الأحوال من آل سترنيغر بالمولد , وهذا أمر ليست هي عليه.
ربما لاحظ جوردان هذا العطف, فقرر ان لا ينضم إليها لقضاء الليل معا. وتركها قرب باب غرفة نومها بقبلة تركت الكثير من الرغبة فيها . والتجهم لم تكن الكلمة المناسبة لوصف حالته , ربما تكون كلمة المحترس أقرب للوصف .منتديات ليلاس
هذا ما مر في ذهنها وهي تحس بالتعاسة , وإذا كان ينوي أن يعلمها بأن مخالفته لن تجديها نفعاً, فقد نجح فيما نوى , ولكن هذا لن يجعلها تذعن له على كل الأحوال .

نهاية الفصل

8- هابيل وقابيل

صادق بما يقول , فقد بدأ جوردان بالأستعداد لبدء عمله في مؤلفه بعد الفطار رأساً , وسيجد جورج تسلية في أمر آخر. ولكنه بدا داخل المكتبة , وبابها موصد , ونوافذها مفتوحة لدخول الهواء النقي , ساهماً وغير مستعجل للبدء في عمله , وجلس ينظر إلى الحائط المقابل مفكراً.
وجلست ريبيكا تنتظر دون ان تتكلم. والطاولة التي كانت تستخدمها , عندما كان روجر حياً, كانت موضوعة في زواية اليمين وعليها آلة طابعة كهربائية في منتصفها , وهذه الآلة بإمكانها الطباعة أسرع ودون إحداث ضجة تذكر , وهذا كل ما يمكن ان يحتاجه الكاتب. واخذت تحرك اصابعها استعداداً لتدفق افكار جوردان ولتقوم بتحوليها إلى ملاحظات . وهي ملاحظات ستكون أساس القصة التي سيكتبها .

رنين جرس الهاتف دفعهما إلى الحركة المباشرة فتحركت ريبيكا لتناول السماعة , بينما التفت جوردان إليها " قصر سترنيغر ؟"
وجاء صوت أمها " اوه , ريبيكا, اتصل بك لأذكرك بالمعرض يوم السبت , سوف تأتين لمساعدتي كما اعتقد؟"
" بالطبع , فأنا أساعدك دوماً , في أي ساعة ؟"
" كالعادة, عند التاسعة , استعداداً للأفتتاح عند العاشرة , وسأحضر واجهات العرض قبل ليلة , لذا ستكون مساعدتك محصورة في وضع بطاقات التسعير والبيع , أتظني أن جوردان قد يرغب في مساعدتنا ؟ فقد يصبح المعرض محموماً , كما تعرفين ؟"
" لست أدري , انتظري لحظة".ريحانة
وغطت السماعة بيدها وسألت جوردان " تريد أمي إذا كنت تستطيع مساعدتها في المعرض يوم السبت , ولست مضطراً لأن تشعر بالإحراج اذا لم تكن تريد"
" طبعا , قولي لها نعم , سأكون سعيداً لمساعدتها "
وترددت قبل ان تقول " وماذا بشأن جورج؟"
" وماذا بشأنه ؟ كلي أمل ان يكون قد ذهب حتى ذلك الوقت "
" ولكن إذا لم يذهب؟"
وطغى عليه نفاذ الصبر " أنا لست حارسه , إنه قادر على الأعتناء بنفسه !"
ورفعت يدها عن السماعة لتقول " يقول إنه سيكون مسروراً لمساعدتك"
" اوه كم هذا لطف منه ! لقد آن الآوان ليلتقي مع الناس"
ولم تكن ريبيكا قد فكرت بهذا الأمر , ولكن أمها على حق , إذ يجب أن يحدث هذا في وقت ما . فربما يعرف الناس ما هو نوع جوردان فقد يتسامحون حول السرعة التي سيتزوجا فيها.منتديات ليلاس

" يجب أن أقفل السماعة الآن يا أمي, فمن المفترض أننا نعمل"
" تعملان في الكتاب؟ اوه يا إلهي , كان يجب أن تخبريني ! اعتذري عني لجوردان , أتفعلين ؟"
ووضعت السماعة مكانها ومررت الرسالة لجوردان , ولكنه هز كتفيه وقال " بالكاد يوصف عملنا بالشاق , فنحن لم نبدأ بعد, ولأقول لك الحقيقة , أنا أجد صعوبة في أن أبدأ "
وضرب رأسه براحة يده " كل شيء هنا , ولكن أن أمليها عليك ... مشكلة "
" لماذا لا تكتب كل شيئاً مطولاً بنفسك , ثم أعيد طباعته فيما بعد. فقد يكون جلوسي هنا انتظر , أمر محبط لك".ريحانة
ونظر إليها للحظات دون أن يرد, وتعبير مجهول في عينيها " وماذا ستفعلي في اثناء ذلك؟"
" ما كنت أفعله خلال الستة أشهر الماضية, ليس الكثير , ولكنني استطيع تحمل بضعة أيام أخرى "
" ويرافقك جورج ؟"
واجفلت ريبيكا , وقد احست بفارق بسيط في لهجته " وهل آخذ كلامك بالطريقة التي بدا فيها ؟"
" هذا يتوقف على ما تظنين انه يبدو ".ريحانة
" يبدو كأنك لا تثق بي معه ولو للحظات , وكأنه سنتفق ضدك لحظة ان تدير ظهرك لنا! لقد قلت أمس إنك لا تشعر بالعقدة تجاهه, ولكنني اظن انك معقد , فأنت لا تثق به أبداً, أتقدر ؟"
وابيضت البشرة حول فمه من ضغطه عليها , ولم يتحرك , بل جلس هكذا ينظر إليها ثم قال "اوه , بل أقدر ان أثق به , إنه فاتن عندما يريد وأنت الهدف المثالي , ولقد حضرك تماماً لينقض عليك. لقد كنت أعني ما أقول ليلة أمس يا ريبيكا , لا اريدك ان تتورطي بالمشاكل العائلية , ولكن يداك مغلولة في الوقت الحاضر إلى ان تتم شروط الوصية "