كانت الاصوات تصل الى شرفات فندق فكتوار الذى اكتظ بالزوار والمزارعون الاغنياء مع عائلاتهم يتكلمون اللغة الكاريبية وهم ينتظرون مرور العربات المزينة فى الاستعراض . وفى احدى العربات جلست ملكة الكرنفال وحولها بعض الشباب والشابات بثيابهم الوطنية الفولكلورية التى تحكى تراثهم التاريخى العريق.
لم تنتبه كارا الى نظرات التعجب التى تصوبها اليها الفتيات وهن فى طريقهن الى الحفلة المقنعة فى المساء. كن يضحكن ويهمسن بكلمات لم تسمعها كارا .
وعندما وصل لوكان توقف الهمس من حولها . كان منظر الشارع تحت الشرفة يستحوذ على كل انتباه كارا ,احست يد لوكان تعصر يدها فوق حديد الشرفة قالت:
- رويدك , يدى . انك تسحقها.
قالت ذلك وهى تنظر فى عينيه
اجابها:
- سامحينى
وكانت تعابير وجهه قاسية ولكنه افلت اصابعه وقال:
- هل تفهمين اللغة الكاريبية:
- فقط اذا اصخت السمع جيدا . ولكن لماذا تسأل ؟
لاحظت غضب من لون عينيه وأكملت:
- انظر الى هذه الجموع الغفيرة يا لوكان . لم اكن اعرف ان الجزيرة مكتظة بالسكان
- فيها الكفاية واحيانا ما يفيض عن اللزوم . تعالى نذهب الى الشارع ونتفرج من هناك على الاستعراض الكبير
- كما تريد

ولحقت به . احست صمته كما لاحظت تهامس الناس عنهما وعن العلاقة التى تربطهما . ثم قال:
- لقد جعلت منك امرأة شهيرة يا كارا . هل تمانعين؟
- هل يظهر على اى اهتمام بذلك؟
وجهت اليه ابتسامة خفيفة وقالت:
- اسرع . اننى اسمع قرع الطبول وهى تقترب. لقد بدأ الكرنفال
اهتاج الجمهور حين سمع قرع الطبول . العربات المزينة تمر ببطء
وتنين الكرنفال يسبح فى الهواء وقربه مصغر لطاحونة قصب السكر ينبعث منها الدخان وخلفها عربة اخرى فيها عبيد يلبسون الثياب الملونة ويرقصون حول فتاة سمراء جميلة تجلس فوق تلة من السكر.
صفق الجمهور استحسانا وضحكوا طويلا . اقتربت عربة زهور مليئة بالفتيات الجميلات مع الوف من الزهور الاستوائية . والمهرجون السود وعلى رؤوسهم الاقنعة يحملون شباكا لجمع المال من الناس للأعمال الخيرية المختلفة . حاصروا كارا بشباكهم واخرج لوكان من جيبه حفنة من الفضة رماها فى الشباك . قال احدهم :
- لقد اشتريت هذه الفتاة
وللفور حملها لوكان على كتفه وسار بها . شعرت كارا باحساس لذيذ هز قلبها هزا وذوب عظامها.
قالت:
- ارجوك يا لوكان . انزلنى الى الارض . الجميع ينظرون الى
انزلها من على كتفه وهو يضحك وقال مخاطبا كارا:
- احسنى التصرف يا عبدتى حتى اشترى لك الأناناس.
كان بائع متجول يبيع الاناناس فى سلة مع فاكهة اخرى . اشترى لوكان واحدة كبيرة وقطعها اربعة اقسام واعطاها لها . لم تذق كار فى حياتها فاكهة الذ من تلك . كان سرورها عظيما وسط الجموع وهى تتفرج على الاستعراض وبقيت تتفرج حتى النهاية.

تابع الاستعراض مسيرته وكانت جموع الناس تتبعه فى الشوارع الضيقة . الشرفات مليئة ايضا بالمتفرجين . والحلوى والزهور تنزل فوق رؤوس المارة من الشرفات . ولقد اصاب بعضها شعر كارا وصدر لوكان ورأسه الأحمر.
امسك لوكان بكارا وسحبها الى مدخل احد المنازل . بدأت كارا تسحب الحلوى بيديها الوسختين من شعرها وقالت:
- هذا جنون . ولكننى لا ارغب فى خسارة ولا دقيقة واحدة من الكرنفال
قال لوكان بسرور عندما رآها تضحك من قلبها:
- دعينى اساعدك
وبدأ ينظف شعرها مما علق به من حلوى وشرائط ورقية
قالت:
- اشكرك
ثم تذكرت كيف رمت له ملكة الكرنفال وردة حمراء وكيف امسك بها متحديا . لقد ابتسمت له الفتاة ابتسامة عريضة من تحت تاجها الملكى. كانت حنطية اللون مشربة بالسمرة . عيناها بركتان من عسل وفمها بلون زهرة العنب . هل يعرف الفتاة من قبل ام انها اختارته من بين الجموع الغفيرة لقامته الفارعة؟
سألته ضاحكة:
- اين الوردة التى رمتها لك ملكة الكرنفال؟
قال ساخرا:
- علقتها فى جديلة فتاة صغيرة . هل تغارين؟
- لا عندما كنت صغيرة كنت اغار . اليوم لا اغار الا من دومينى زوجة اخى . شعورى بالغيرة منها كان لفترة قصيرة جدا لقد استطاعت بقلبها الكبير الذى يشبه جمال وجهها ان تكسب محبتى
قال لوكان:
- دومينى اسم نادر وجميل

قالت كارا بلطف:
- هى ايضا شخصية نادرة ومحببة . حين تحب شخصا حبا كبيرا يصعب ان تقرر اى فتاة تصلح لتكون زوجة له . قاتل شقيقى بول دفاعا عن اليونان وجرح جرحا بالغا . كانت جراحه مميتة . ومنذ خمس سنوات احبته دومينى وتحدت القدر ان يحرمها من حبيبها
ثم اكملت كارا حديثها لنفسها وهى تضحك ... بول شقيقى الغالى لقد هربت من انديلوس لأن كرامتى جرحت . تعرفت الى رجل اخر ربما لا تحبه من اول نظرة . ما شعرت به نحو نيكوس لم يكن ابدا فى مثل حرارة شعورى نحو لوكان . هل هذا هو الحب الحقيقى ؟ اننى واثقة ان فراقى عنه غدا او بعد غد سيكون صعبا جدا ولن اتحمله ...
قاطع لوكان تأملاتها قائلا:
- لنذهب نسبح قليلا . نستطيع ان نشترى ثياب السباحة من المخزن قرب المرفأ ونشترى ايضا طعاما للنزهة وهكذا نوفر على انفسنا مشقة العودة الى الفندق وسط الزحام.
قالت باليونانية لانها كانت تفكر بها منذ قليل:
- لا بأس
فسألها:
- لم افهم ما قلت يا سيدتى الصغيرة ؟
ضحكت:
- قلت نعم ولكن باليونانية
كان جميع سكان الجزيرة يلهون فى الكرنفال ولذلك كان الشاطئ لهما وحدهما . البحر كأنه فيروز ذائب وانتقيا بقعة ظليلة تحت صخرة كبيرة
فرشا بساطا صغيرا وضعا عليه الطعام وكانت كارا متلهفة للغوص فى الماء
ركضت خلف الصخرة وخلعت عنها ملابسها ثم ارتدت لباس البحر وركصت الى احضان المياه . قالت:
- انت بطئ

وفى اقل من لحظة كان لوكان يسابقها فى المياه صرخت حين احست قبضته الدافئة تمسك بها من خصرها وارفعها كأنها طفلة صغيرة
- انت قاطع طريق !
وحاولت ان تفلت من يديه وهى معلقة فى الهواء ولكنها لم تستطع الافلات . ضحك ثم رماها فى المياه الدافئة الخضراء بلون عينيه . كان يغرقها قليلا ثم يتركها تطفو كى تتنفس . ثم بدأ يسبح حولها فى دائرة وهو يبرز لها اسنانه كأنه سمكة قرش صغيرة . كان يضحك ساخرا وهو يداعبها
وقالت:
- انت حقير بل خسيس
وسبحت بعيدا عنه وعن الاعيبه وكان شعورها وهى معه غريبا عليها لقد سكن قلبها ولكن رفقته فى البحر وخارجه مخاطرة كبيرة ومغامرة لا تنتهى.
Shell
خرجت كارا قبله من الماء ونفضت شعرها من المياه العالقة به كما يفعل الجرو الصغير
تنهدت ومدت ذراعيها للشمس . انها يونانية تعبد الطبيعة بكل وحشيتها . خرج لوكان من البحر وكان منظره وهو يقطر ماء كأنه قرصان يقطر اللؤلؤ من اطرافه
- ما ألذ السباحة !
وتمدد على الارض وفتح فمه كأنه يبتلع الشمس
- كارا . انك تسبحين كالفتيان
- هكذا قيل لى سابقا
لقد سمعت هذه الجملة اكثر من مرة . ونظرت الى سلة الطعام دجاجة محمرة وقطع من البندورة . فاكهة لذيذة وبعض الحلوى والشراب
جلس لوكان قربها وما هى الا دقائق قليلة حتى شعرت بأصابعه تداعب شعرها المبلل