ليلة عاصفة , ليلة مع لوكان . خفق قلبها خوفا . لا يوجد هنا اى باب لتغلقه دونه . تركت الطاولة ومشت الى حيث يوجد رف الكتب . كتاب سيساعدها فى تمضية الوقت تفحصت العناوين . واخذت كتابا ثم جلست فى كرسى مريح. حاولت ان تبعد عنها فكرة انها تنفرد بلوكان لاول مرة بعد ليلة الزفاف فى الغابة. سألها متكاسلا:
- هل وجدت كتابا مثيرا؟
كان يدخن سيكاره وقد مدد رجليه مسترخيا.
لقد مرت ساعة منذ بدء العاصفة.
قالت دون ان تنظر اليه:
- قصص لأوسكار وايلد
- الحكيم الايرلندى , الخفيف الظل . الرجل الايرلندى يغلف روحه المأساوية بقشرة من المراوغة. هل تعرفين ذلك؟
- هل تريد ان تقول لى انك تعيش مأساة؟
ضحك قليلا وقال:
- انا اركب الفرس واجذف واذهب الى الحقول واقطع القصب مع العمال. استطيع ان اتسلق سلالم التنين واحمل المرأة بين ذراعى... ولكن برايد لا يستطيع ان يفعل اى شئ من هذا القبيل.هو الذى يعيش مأساة . أليس كذلك؟

تذكرت برايد وقد احاط نفسه بالأشياء الجميلة التى لا حياة فيها قالت:
- انت تفعل لبرايد كل شئ . تتخلى لأجله عن لى شئ . احيانا اشعر انك ترغب فى ان تكون بعيدا عن خليج التنين بألاف الاميال ولكنك تبقى هنا من اجله..
- لأريح ضميرى؟
- لا اريد ان اجيب عن هذا السؤال يا لوكان

- ولم لا ؟ نحن الان وحدنا. فرصة مؤاتية للمصارحة بالحقيقة . انت نادمة على زواجك منى . أليس كذلك؟ لقد ارتبطت برجل لا تستطيعين ان تحبيه.
ضحكت ساخرة:
انت تتكلم معى عن الحب. وهل استطيع ان احب رجلا يحب امرأة اخرى ؟ لا اظننى استطيع . انا يونانية فخورة بذلك .
وقف فوقها كالطود:
- فخورة . انا لا احتمل المزيد من الفخر. والدتى كانت فخورة لأنها تزوجت من آل سافدج. كانت تتركنا انا واخى نتصرف كأننا ماردان صغيران نفعل ما نشاء . نركب الفرس بوحشية حتى ننهكها . نلهو بقلوب العذارى . كارا أنا لست الوحيد من آل سافدج الذى اخطأ . هل تعتقدين ان برايد كان دائما شهيدا؟
SHELL
حدقت كارا بزوجها . ورأت بصيصا يلمع فى عينيه . كانت عاطفة حنونة مكبوتة تطل منهما وسط السكون . وسمعت المكر ينهمر بغزارة فوق السقف والموج الصاخب يتكسر على صخور الشاطئ.
هل كان صوت العاصفة المرعب هو الذى جعلها تقف من مكانها ام نظرة لوكان المستفسرة حين امسكت بعقد الكهرمان الذى اهداها اياه برايد ؟ مشى لوكان الى الباب. ولوهلة ظنت انه سيخرج الى العاصفة . وقف وظهره الى الباب وقال:
- هذا العقد كان ملك لويلا سافدج . كان فى جيدها يوم ماتت . هل اخبرك برايد بذلك؟
هزت رأسها نفيا . وكرهت لوكان لأنه اخبرها ذلك

- انت تكره ان يعطينى برايد اى شئ . انك تغار منه . كنت دائما تغار منه ...
مشى لوكان اليها وامسك بالعقد وشده . انفرط العقد وتناثرت زهراته الذهبية ارضا وجرح كتفها وكدم من المشبك الذى انكسر . كانت تتفرج فزعة وهى ترى لوكان يدوس برجليه فوق الزهرات ويحاول سحقها.
زكالحيوان المتوحش ركضت كارا الى الباب وفتحته تحاول الهرب. دخل المطر والريح الغرفة ولكن لوكان امسك بها واغلق الباب برجله.

لم تر لوكان ينظر اليها نظرة مخيفة كهذه ابدا. وارتعدت من رأسها حتى اخمص قدميها ... كانت ستقع ارضا لو لم يمسك بها ويضمها الى صدره بقوة وهو يقول:
- انت جادة فى ارضاء برايد . أليس كذلك؟ حسنا سنعطيه الشئ الوحيد الذى يريده اكثر من اى شئ اخر ... سنعطيه الولد

وبدأ يعانقها بوحشية. حملها بين ذراعيه الى الغرفة وفى عينيه بحر هائج كانت تسبح فيه. واطفأ نور القنديل

بقيت العاصفة تزمجر طيلة الليل.وفى الصباح كان الهدوء العنيق يلف المنزل ولم يعكر صفوه صوت عصفور.تحركت كارا قليلا كأنها نامت نوما عميقا تحت اشعة الشمس الحارة وقد نسيت اسمها او من تكون واحست ذراعا قوية تربطها بالفراش. كانت اصابع يدها تداعب شعر لوكان الاحمر وسحبتها على الفور كأنها احترقت حدقت بوجهه الهادئ وهى ترفع ذراعه عن جسمها.واجفلت كأنه غريب لا تعرفه.نزلت من السرير ولبست ثيابها.الفجر يطل من النوافذ والستائر منفرجة يداعبها الهواء المنعش.تذكرت ان لوكان نهض اثناء الليل وفتح النوافذ والستائر بعد ان هدأت العاصفة ثم عاد الى السرير.

تركت منزل الشاطئ ووقفت فوق السلالم تسترد انفاسها. ثم بدأت تسير باتجاه البيت الكبير وهى تكبت آلامها... لقد هدأ كل شئ حتى لوكان الذى عاملها دون رحمة او حنان. كان بركانا من الغضب... الغضب لأنها ليست كابريس. تذكرت عناقه الوحشى المخيف.واسرعت ترتقى سلالم التنين.

انه لا يحبها.سترحل اليوم بعد ان ترتب حقائبها.ستترك البيت الكبير هذا البيت المحطم لأن الولاء فيه متضارب.وجسمها النحيل هو الجسر الذى استعمله لوكان ليصل الى هدفه ..الولد.

ارتفعت الشمس فى السماء والمنزل الكبير يكتنفه الهدوء فى الصباح والنور يتسرب الى نوافذه العديدة الصامتة.

مرت بأصابعها على جيدها حيث كان عقد الكهرمان ودخلت القاعة الواسعة وهى تلقى حولها نظرة رعب كما فعلت يوم وصلت الى هنا وهى عروس.مرت بالمدفأة حيث كان الكلب الاسود الكبير.وكان عادة ينام امام عتبة غرفة سيده ولكنه كان غائبا عن البيت.

مرت بيدها على رأسه:
- اهلا يا جت
كان كالأسد الرابض ولكنه اليف مع من له علاقة وثيقة بسيده.نبح قليلا كأنه يسألها عن مكان سيده.فربتت على رأسه وابتسمت له وقالت:
- انت لا تسأله اى سؤال.حاستك تؤكد لك حبه.انك لا تشك فى حبه لك ولا تخاف منه.

مشت الى جناح الزمرد وتبعها جت الغرفة باردة صباحا. ونظرت الى الساعة قرب السرير ستحضر احدى الخادمات بعد قليل بفنجان الشوكولا الساخن مع القرفة.كانت معتادة على تناول الشوكولا صباحا مثل لوكان,وكذلك ركوب الخيل عند الفجر.وتنهدت وهى تفتح خزانة ثيابها.فتحت حقيبتها وبدأت تجمع ثيابها.سمعت لوكان يدخل الغرفة المجاورة فقفز قلبها وخرج جت لملاقاة سيده.فتح الباب وظهر لوكان يسد بقامته الباب.احسته كارا بكل حواسها وكان يحدق فى حقيبتها والثياب التى بداخلها: - ما هذا!
ومشى بسرعة الى الفراش حيث الحقيبة.
- سأتركك يا لوكان سيحملنى جوليوس على طوافته الى فورت فرناند,اذا سمحت له,ومن هناك اسافر الى المارتينيك واستقل الطائرة الى اوروبا.
- ليس فورا
كانت تحاول ان تخفى بيديها المرتجفتين.
ارغب فى الانفراد بعض الوقت ...
- هل هذا معقول؟هل تعتقدين اننى اتركك تغادريننى بهذه السهولة؟هل نسيت الليلة الماصية ... هل جعلتنا غريبين بدلا من ان تجعلنا زوجا وزوجة؟امسك بكتفيها وادارها اليه.كانت تعابير وجهه عابسة ولون عينيه رماديا باردا.

- سنظل غريبين الى الابد.حتى لو حملت لك ولدا سأربيه بعيدا عنك فى بيت يملأه الحب,بيت شقيقى بول وليس هنا فى بيت خليج التنين حيث المرارة تسكن البيت بدلا من المحبة!

خيم صمت قاتل ولا تعرف ما الذى كان يحصل لو لم تسمع صرخة قوية وشيئا يقع فى القاعة ثم يتحطم.

حدق لوكان بعينى كارا الفزعتين الواسعتين.وتركها وهو يسرع خارجا من الجناح.تبعته وقد انهارت اعصابها.ومن الشرفة المطلة على القاعة شاهدا الثريا الكبيرة وقد انهارت وانتثرت شظاياها على ارض القاعة.

كانت بقايا الكريستال البلورى تختلط مع قطع من الجفصين والخشب الذى وقع من السقف.وانقشع الغبار تدريجيا كانت رجل فتاة صغيرة فى مشايتها الحمراء وثوبها الابيض تبرز من تحت الانقاض.انها رو الصغيرة الفاتنة رو مكومة على الارض وسط الركام ...

SHELL
- رو!
اسرع قلب كارا خوفا وهى تصرخ والقاعة ترجع صدر صرختها.وركض لوكان على الدرج وقد سيطر عليه الالم المبرح والكرب وهو ينحنى فوق الجسم الصغير ويخلصه من شظايا الزجاج الحادة بينما الابواب تفتح والخدم يتراكضون وقد خرج برايد من مكتبه فوق كرسيه المتحرك ووجهه متجهم.

سألت كلير وقد ظهرت بثوب فضفاض ملطخ بالتراب وعلى خدها لطخة من الطين:
- ما الذى حدث ؟
- سقطت الثريا وكانت رو تحتها مباشرة قريبا...
- رو؟
تمتمت كلير مشدوهة ثم ركضت الى لوكان حيث كان يرفع رو بين يديه وهى بدون حراك

كان فى فورت فرناند مستشفى ولكن الطبيب فابر قرر ان تعالج رو فى البيت الكبير,لانه وجد انه ليس من الحكمة ان تؤخذ فتاة اصيبت بارتجاج فى المخ فى رحلة طويلة برا او بحرا.كان لدى الدكتور فابر آلات للتصوير على الاشعة تحملها سيارة.وجلبها فورا الى البيت الكبير وعالج بواسطتها رووظهر ان هناك كدمات خارجية ولا وجود لأى كسر فى الجمجمة.حمد الله على ذلك ونظف لها جروحها وكدماتها

قالت كارا: - سأعتنى بها فى غرفتى
وايقنت انها لا يمكن ان تغادر خليج التنين فى مثل هذه الظروف انها تجيد خدمة المرضة وقد اعتنت سابقا بعمتها صوفولا قبل وفاتها.