- انت ايتها العفريتة الصغيرة
وأمسكت بها كارا
- لا تلعبى معى هذه اللعبة . من انت؟
- لقد قفزت فزعا. نظرت الطفلة الى كارا مسرورة بنجاح لعبتها . كانت عيناها الخضراوان ترقصان وسط وجهها الطفولى بمرح وعبث . شفتاها بلون الكرز البرى وشعرها احمر مصفر . فتاة جميلة للغاية . سألتها باهتمام بعد أن هدأ روعها :
- هل أنت رو؟
- نعم وعمرى ثمانى سنوات واعتذر لأنى اخفتك . قالت دا انك لعبة جميلة ومدللة . وقالت ان انفى سينزل الى اسفل لأن ينك لن يهتم بى بعد زواجه , وقالت ايضا ان كل وقته سيكون مشغولا فى توفير السعادة لزوجته.
سألتها كارا وقد اعجبت من اقوال رو كأنها قد حفظتها عن ظهر قلب.
- من هو ينك؟
- انه لوكان
صعدت الى كرسى طاولة الزينة وبدأت تعبث بالأدوات
- اقول له ينك لأنه عمى الأصغر . اناديه عمى مع ان الجميع يعرفون انه ...
لم تكمل جملتها . وحدقت فى كارا وقالت:
- اظن انك العروس
- نعم انا كارا زوجة لوكان
جلست كارا على سريرها . تعرف ان رو متبناة . ولكن من الغرابة ان تكون لها العينان الخضراوان ولون الشعر الاحمر . اى شخص يراها لا بد ان يقول انها من آل سافدج بدون ادنى شك . قالت رو:
- انت صغيرة
قالت كارا وهى تبتسم:
- اننى فى الحادية والعشرين من عمرى

سألت رو:
- هل ستحبين العيش معنا ؟ ستبقين هما ولو لم تعجبك الحياة. هكذا تقول عمتى كلير ... انه لا مفر من آل سافدج وانت الآن من آل سافدج.
قالت فى نفسها ان رو على حق . اننى انتمى الى هنا وسأبقى هنا .

شعرت كارا بدخول لوكان غرفة النوم وكان عاقد الحاجبين ولكنه ما ان رأى رو هتى ابتسم.
- اهلا يا عفريتة
حمل الفتاة وقبلها . كان لون شعرهما واحدا مما حيّر كارا. سألت رو:
- هل جلبت لى هدية معك من باريس يا ينك؟
- نعم كالعادة جلبت لك هدية
ثم نظر الى كارا النحيلة فوق السرير الكبير وقال:
- تبدين كضفدعة فوق ورقة كبيرة.
ذهب لوكان مع رو الى غرفته المجاورة . وبعد دقائق عادت الطفلة راكضة مهللة :
- انظرى ماذا جلب لى ينك
SHELL
كانت تلبس اسورة فضية فى وسطها ساعة صغيرة على شكل قلب صغير.
- اسمى محفور بداخلها ومكتوب عليها ... مع خالص حبى . من عمك لوكان . على ان اريها لدا.
وركضت رو خارجة من الغرفة وهى تقول:
- اراهن ان دا سيسرها ان تعرف انك لست لعبة جميلة مدللة يا كارا.
خرجت رو مسرعة بينما وقف لوكان فى باب غرفته مسرورا:
- انها عفريتة صغيرة أليس كذلك؟
- نعم هى كذلك
قالت كارا وهى تفكر ... انها عفريتة ابنة عفريت . طفلة صغيرة لها لون عينيه وشعره وبالتأكيد من فئة دم واحدة.

انتهى الفصل الخامس

يا ترى رو بنت مين ؟؟ !!

الفصل السادس

6- السيدة الذهبية



بردت الشمس بعد الظهر واستطال الظل. كانت كارا تجيد ركوب الخيل وأعطاها لوكان مهرة بلون الكريم اسمها سيلكى بينما ركب هو حصانه الاسود كالليل . وذهب كلبه الكبير جت برفقتهما يركض بين حوافر فرسيهما.
كانت صفوف قصب السكر المزروعة فى اتلام لا نهاية لها كبرت واستحالت بلون الفضة الخضراء تطاول قامة الرجال الذين يحصدونها بواسطة سيف قصير مقوس بعد ان تحرق اوراق القصب . قال لوكان وهو يشير بيده:
- اخضرت الحقول . واذا بقى الحظ حليفنا سيكون لدينا محصول جيد هذه السنة . سيحضر العمال من كل انحاء الجزيرة وقت الحصاد وسيغنون الاغانى القديمة وهم يقطعون القصب تحت اشعة الشمس الحارة . انه منظر بديع يا كارا.
ابتسمت موافقة ونظرت اليه كان يرتدى قبعة تغطى عينيه الاخاذتين ويقف فخورا بمزروعاته وموسمه المنتظر . صهل حصانه وتراجع قليلا الى الوراء بعد ان طارت حشرة كبيرة من بين القصب وحطت فوق رأسه الشامخ . فهدأ لوكان من روع الحصان وربت بحنان على رأسه . كانت يده القاسية السمراء تعمل بجد ونشاط . قالت كارا:
- حقول القصب تشبه محيطا اخضر ناضجا.
وأكملا جولتهما فوصلا الى مصنع تكرير السكر الحديث الذى يتصاعد الدخان من مداخنه الى السماء . سألها:
- هل ترغبين فى رؤية المصنع من الداخل؟
وترجلا عن الفرسين . لاحظت كارا ان العمل داخل المصنع كان قليلا . ولم يبدأ الموسم بعد
قال لوكان:
- الضجة تصم الآذان حين يكون المصنع يعمل بكل طاقاته.
كان يشيؤ الى القاطعات والعصارات الكبيرة التى تقطع وتعصر القصب وتحوّله الى سائل يقطر فى مراجل كبيرة للغلى . ثم يكرر ويحول الى بلورات دقيقة.
نظرت كارا الى الممر الضيق بين المراجل والخزانات . وارتعدت وهى تتخيل العمال قرب المراجل الكبيرة يراقبون عملية غلى السكر وشكل المدخنة فى البرج تنفث السحب السوداء.

ركبا الفرسين من جديد وتابعا جولتهما . مرّا قرب هضبة صغيرة يقع فوقها مصنع السكر القديم . كان المصنع يدار بواسطة المراوح التى تعمل بقوة الرياح . نوافذه محطمة والمكان مهجور يثير التأمل . شعرت كارا برهبة وهى تعيد فى مخيلتها احداث الماضى التى جرت هنا . حبست انفاسها وكان يمكنها ان تقسم ان احدا تحرك داخل البرج القديم يراقبهما من وراء النوافذ . شعرت بأن المكان مسكون بالأشباح . سألته:
- هل يلعب الأطفال فى هذه الخربة؟
فنظر اليها مستغربا:
- اشك فى ذلك . المكان مهجور وحتى الزنوج والعمال يبتعدون عن هذا المكان المخيف .... ارغب فى هدمه ولكن برايد يعارض . يعجبه الغموض الذى يلف المكان . يشعر بقيمته الأثرية بالنسبة للمصانع الحديثة التى نبنيها حاليا كى نستطيع المنافسة فى السوق
اشارت كارا الى النافذة بعصا الركوب وقالت:
- لوكان . اننى متأكدة اننى رأيت شخصا خلف النافذة.
- ربما هو وطواط او خيالك.
ادار حصانه ونظر مرة اخرى الى المصنع القديم . مرت الرياح الخفيفة عبر القصب فتحركت الدواليب الهوائية فوق البرج واحدثت صوتا خفيفا ثم توقفت .
وضحك لوكان:
- المكان يغمره الغموض . ربما تكون لويلا سافدج ما تزال تنتظر عشيقها الذى اعتادت على لقائه هنا فى غياب زوجها عن البيت .
قالت وهى ترتجف:
- لا تمزح الان يا لوكان . الموتى التعساء يتركون غموضا خلفهم ...
- ولكننا نعيش ولسنا تعساء على ما اظن
والتقت عيناه بعينيها:
- ما رأيك فى برايد ؟
- انه متكبر ومتعجرف ويعيش فى الماضى ...