كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
كوكتيل 2000
رد: 49 - جدى الحبيب
لمس الصندوق الزجاجي بيده، وهو يجيب في صرامة:
- أبداً.
وما أن لمس ذلك الصندوق، حتى بدا وكأن جسده كله يتلاشى، ثم يتحول إلى ما يشبه الدخان الأزرق الكثيف، الذي عبر زجاج الصندوق، مخالفاً كل قواعد الطبيعة، ثم غاص في قلب الوعاء الأنيق في منتصف الصندوق، وتلاشى بدوره..
وللحظات، جلست أحدّق في الصندوق الزجاجي بلا مشاعر، حتى قال عدنان في هدوء شديد:
- هذا يشبه ما تطلقون عليه، في العلم الأرضي اسم الانتقال الآني.
غمغمت متسائلاً:
- وإلى أين ينقله؟!
أجاب بنفس الهدوء:
- إلى عالمنا.
وقفت أمام نافذة منزل جدي، أراقب غروب الشمس، وأنا أستعيد في ذهني كل هذا، وأسترجع كل تفاصيل ذلك العالم الافتراضي، الذي عشت فيه..
كان المنزل يشبه تماماً ما رأيته فيه..
كل شيء فيه قديم عريق، ويمتلئ بالتحف الثمينة، فيما عدا عدة فروق أساسية..
الطابق العلوي كان يحوي حجرة نوم واحدة، ولا وجود للحجرتين الأخريين على الإطلاق..
وحجرة عدنان لم تعد خالية، ولا حتى مؤثثة بذلك الأثاث العريق..
لقد كانت تحوي حجرة مكتب، تضم العديد من الوثائق الأصلية، والكتب الثمينة..
والمعمل كان موجوداً بالفعل، خلف تلك المكتبة الصغيرة..
ولكن الأهم أن الإضاءة لم تكن خافتة على الإطلاق..
وفي داخلي تولّد شعور عجيب..
شعور بأنني لم أعد بشرياً..
ولم أكن كذلك على الإطلاق..
ومن خلفي، جاء عدنان يسألني، في احترام شديد:
- هل ترغب في أي شيء.. يا سيدي؟!
كانت أول مرة يخاطبني فيها بهذا اللقب، على الرغم من أنه بدا لي معتاداً، وأنا أقول:
- كلا.. يمكنك الانصراف.
تساءلت، والشمس تختفي في الأفق، عن ذلك اللقاء، الذي لم يخبرني أحدهم شيئاً عنه..
بمن سألتقي؟!
وكيف؟!
ولماذا؟!
ومع غياب الشمس، ابتعدت عن النافذة الكبيرة، ووقفت أمام مرآة عريقة في أحد جدران المنزل، لألقي نظرة على ملامحي الجديدة..
الملامح التي هي نسخة طبق الأصل من ملامح جدي..
الحبيب.
***
تمت
|