كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
كوكتيل 2000
رد: 49 - جدى الحبيب
أم........
توقّف ذهني في خوف حقيقي، عندما بلغت كلمة "أم" هذه..
فماذا لو أنه كان يُجري تجاربه على البشر؟!
أمن الممكن أن تتجاوز معه الأمور، إلى هذا الحد؟!
هل يمكن أن يكون هذا تفسير العبارة، التي قالت: إن من يحضر إلى هذا المنزل لا يعود قط؟!
هذا لو أنها قيلت بحق!!
عادت الأمور ترتبك في ذهني مرة أخرى، وعاد ذلك الصداع العجيب يهاجم رأسي، ويجعلني راغباً بشدة في النوم، فأرحت رأسي على سطح ذلك المكتب الصغير، في ركن المعمل، وتطلّعت لحظات إلى الوعاء الأثري الأنيق، داخل ذلك الصندوق الزجاجي، والذي يحوي رماد جدي الحبيب، وغمغمت، وأنا أسبل جفني، في إرهاق عجيب:
- ماذا تريد منى يا جدي؟! بل ماذا تتوقع مني؟!
سمعت صوت رتاج باب المعمل يتحرّك، وصوت الباب يُفتح، إلا أنني لم أستطع حتى الالتفات إليه..
وعلى الرغم من أن عقلي كان قد فقد معظم إدراكه فعلياً، إلا أنني أكاد أقسم إنني قد سمعت شخصين يتحدثان، قبل أن أسقط في ظلام عميق..
عميق..
إلى أقصى حد..
وفي هذا الظلام، عاودني كابوس مشابه للأول..
كابوس رأيت فيه جدي، يرتدي معطف معمله الأبيض، ويحملني مع عدنان إلى تلك المنضدة الجراحية، في منتصف معمله..
وكان هناك دخان كثيف، يخرج من ذلك الوعاء، الذي يحوي رماده..
دخان كثيف للغاية..
وكان لذلك الدخان لون الدم..
وفي كابوسي، بدا جدي أكثر قسوة، مما يبدو عليه في صورته..
وعندما قيّدني بمعاونة عدنان على منضدة الجراحة، صرخت:
- لا يا جدي.. لا تفعل بي هذا..
وبكل قسوته، أجاب :
- هذا لصالحك.
قالها في كابوسي، دون أي شعور أو انفعال، حتى لقد بدا وكأنه شخص بلا حياة.. أو أنني رأيته في كابوسي هكذا؛ لأنني أعلم أنه فعلياً بلا حياة..
وعلى الرغم من عبارته، فقد واصلت صراخي، وأخذت أصرخ..
وأصرخ..
وأصرخ..
"استيقظ.. إنه كابوس..".
كان صوت عدنان هو الذي أخرجني من كابوسي، أو انتزعني منه انتزاعاً، وهو يهزّني في قوة، هاتفاً بعبارته السابقة، ففتحت عيني دفعة واحدة، وحدقت فيه برعب حقيقي، جعله يتراجع مغمغماً:
- لم أقصد أن أفزعك، ولكنك كنت تصرخ، و...
لم يحاول إتمام عبارته، باعتبار أن نصفها الثاني واضح، ولكنني انتبهت إلى أنني لست داخل معمل جدي، وإنما في حجرة نومه، فهتفت في عصبية:
- لماذا نقلتني إلى هنا؟!
تراجع في دهشة، مغمغماً في استنكار:
- نقلتك؟!
لم أعد أحتمل هذا الأسلوب، لذا فقد صحت به في حدة:
- اسمع يا عدنان.. لقد سئمت هذه الألاعيب.. لقد غلبني النوم، من شدة الإرهاق، في معمل جدي، و...
قاطعني بهتاف، يحمل كل الدهشة والاستنكار :
- معمل جدك؟! أي معمل؟!
كان هذا كفيلاً بأن تتفجر كل انفعالاتي، لأصرخ في ثورة:
- كفى.. هذا لم يعد يُحتمل.. لقد قضيت خمس ساعات كاملة، أقرأ وثائق جدي، وأطالع أسطواناته الرقمية، وما زلت أذكر كل ما جاء بها، من أبحاث ونتائج، حول إكسير الشباب، وأذكر، وبمنتهى الدقة، تفاصيل كل ركن في معمل جدي، من أجهزة الكمبيوتر، وحتى ذلك الوعاء، الذي يحوي رماده، مروراً بالمنضدة الجراحية، و...
تلك النظرة الذاهلة التي حدّق بها عدنان في وجهي، جعلتني أبتر عبارتي دفعة واحدة، وجعلت صوتي ينخفض في يأس، وأنا أقول في عصبية:
|