" هل تعرف بكونك على خطأ"
" كلا"
كان صوته جافاً , كم هو قاسٍ وعنيد وقف واتجه نحو الباب, ثم قال " جئت لأعرف ماذا قررت ان تفعلي , فقد قلت أنك ذاهبة , هل حجزت في الفندق؟"
نظرت جوان إليه بألم , جاء ليتأكد من ذهابها كيف لها أن تقول له بأنها لم تخطط لشيء.
" هذا شأني أنا"
قال بنفاذ صبر "لا اعتقد أنك سافرت هذه المسافة لتقضي يوماً واحداً وتعودي"
" اعتقادك صحيح, ما زال لدي أسبوعين لحين موعد الطائرة , ولكن هذا من اهتماماتي الشخصية"
" وهذا شيء أهتم به , فأنا لا استطيع تقبل فكرة أن يتهمني أحد زائر ي بأني غير مضاف حتى ولو كان هذا الضيف غير منتظر ومشتبه به"
فتح يده يتساءل , هو في بيته ووطنه واثق من نفسه .
" لا تقلق إذا كانت هذه المشكلة فإني لن أخبر أحداً"
فتح عينيه بسرور وضحك " قد تكون السخرية مسلية احياناً"
" أنا سعيدة لأنك تتسلى " قالت جوان بعد أن نفذ صبرها " من المستحيل إكمال هذه المناقشة"
" ولو سمحت الآن , ليس لدي وقت , جئت أكلمك عن الخيارات التي بحوزتك , غداً ستبتدئ عطلتي , وهي ممتدة لمدة شهر , قد أعطي آمي وستيروني المال الكافي لذهابهما كل هذه المدة , وسأقفل البيت , للأسف فإن زيارتك هذه في غير الوقت المناسب"
" الآن فهمت "قالت جوان وهي تفكر حتى لو قررت الاعتذار لما كان أفادها بشيء, فهو مصمم على تركها المنزل .منتديات ليلاس
"في هذه الحالة سأحاول عدم تأخيرك , لن آخذ وقتاً طويلاً , سأحضر أغراضي وسأذهب في خلال ساعة"
ضحكت ضحكة مقتضبة لتخفي ذعرها , إذا كان التكسي مكلفاً مثل أول مرة فعليها الاستعداد للنوم في الشارع .
" ولكني أريد تكسي " أكملت .
" إذا كان هذا ماتريديه فسيكون من دواعي سروري أن احجز لك في الفندق "
ضحكت جوان ضحكة ثانية .ريحانة

" اعتقد انه يجب أن أفعل هذا بنفسي , فاختيارك سيسبب بإفلاسي"
" ولكنني أنا مضيفك وأنا من سيهتم بأجر الفندق"
" إني لا أقبل منك دفع قرش واحداً عني"
" لا تكوني سخيفة , فمن الواضح اني استطيع دفع تكاليف الفندق أما أنت فلا تستطيعين "
" بالطبع أنت تستطيع , في الحقيقة أنت تريد مني قبول مالك كصدقة , وبهذا تقتنع بأني جئت وراء مالك" نظرت جوان إليه بثبات وأكملت "فبعد اتهامك لي عندما كنا قرب الحوض , فأنا أرفض أن تدينني بشيء"
مشى حتى النافذة وحدق في الجو , لحقت به عينا جوان , تنظر إلى كتفيه العريضين, تحت قميصه المكلف, إلى رجليه الطويلتين وبنطاله المتناسق مع قميصه فشعرت بقلبها يخفق.منتديات ليلاس
لماذا تجاوبها له يبدو اوتوماتيكياً, وقوي جداً, إن جاذبيته لا دخل لها بحالته المادية إذا كانت جوسلين جادة على حب رجل مثل لي ستيرون فلماذا رمته خلفها ؟
التفت فجأة إليها " هل ابحرت سابقاً؟"
سؤال غير متوقع " ليس إن كنت تتكل على زورق جيد مع مجذافان في بحيرة صغيرة " كانت كلماتها تدل على السخرية , ولكنها تفاجأت بالسرور في عينيه " حسنا, ما رأيك بها ؟ لقد قررت الإبحار باليخت الخاص بي في هذه الإجازة " نظر إليها وأكمل "إذا لم تقبلي الذهاب للفندق فأنا مستعد لوجودك على ظهر اليخت " ابتسم وأضاف " أنا لا أنوي ان أقدم هذه كرحلة مجانية فأنت ستعملين مع طاقم اليخت وستبقى كرامتك محفوظة عند وقوفنا في المرفأ"
حدقت جوان به وقالت " تريد مني أن أبحر معك؟"
" هذا ليس ما أريد, بقدر ما هو حل لمشكلة افتقارك للمال , وهذا مالا أطيق" توقف عن الكلام منتظراً جواباً منها.
فكرت جوان في دوافعه لهذا العرض, ربما يريد امتحان دوافعها , ولكن لماذا يزعج نفسه , فهو يستطيع بكل بساطة طردها , وعدم الاهتمام بها , والمضي في رحلته , إذا رفضت فستبقى هنا في غرفة صغيرة رخيصة في أحد الفنادق, تنتظر موعد سفرها , لتعود إلى سماء وطنها الملبدة بالغيوم.
" ماذا تقولين ؟" قالها بنفاذ صبر.
عضت جوان على شفتها , ونظرت إليه " قد أكون بلا منفعة للعمل على ظهر المركب"
" توقعت هذا, ولكن جوري ديلاني مساعدي الثاني هو من سيهتم بهذا , فهو المسؤول عن طاقم اليخت " ضحك وأكمل " استطيع القول بأنه سيبقيك مشغولة "

بلعت جوان ريقها بهدوء, لقد كان واضحاً انه على ظهر المركب سيبتعد عنها كلياً , وهذا يناسبها جيداً , فكلما ابتعد عن الاحتكاك بها هو وطبعه المتسلط , كلما كان هذا أفضل.منتديات ليلاس
" أنا لا أعلم ماذا أفعل " قالتها وهي ما تزال متشككة .
" إنه عرض ليس إلا " مشى إلى باب الغرفة ثم نظر إليها واضاف " اقبليه او ارفضيه هذا شأنك "
كان لي يتناول فطوره عندما دخلت جوان في الصباح التالي, خلا وجهه من التعابير. وبدا مهذباً جداً. ربما كان يلومها , لأنه أجبر نفسه على أخذها معه , لعله يفضل تركها في الفندق لما تبقى لها من الرحلة , وينسى وجودها.ريحانة
هذا ما تمنته , ولكن بعد اشتباهه بها , كرامتها لم تسمح لها بقبول عرضه بدفع التكاليف للفندق.
وكان الحل الوحيد أمامها , هو قبول عرض العمل الذي قدمه . وبهذا تعتبر نفسها في إجازة عمل على ظهر يخت .
ولكن هل باستطاعتها البقاء معه لمدة عشرة أيام , مع العلم بأنها ضيف غير مرغوب فيه؟
لم ينظر لي إليها عند دخولها , واهتم فقط بطعامه, اخذت جوان تحدق به وتأمل بأن ينظر إليها .
" سنذهب بعد الإفطار " قال لي فجأة ثم أكمل " هل حضرت أغراضك؟"
" لا , حقيبتي ما زالت كما هي... "
لوح بيده بنفاذ صبر ثم أوقف كلامها " لا تستطيعين أخذ حقيبة معك , فلا يوجد مساحة للتخزين , وسيكون خطراً جداً خاصة في حال هبوب عاصفة فالأغراض تتطاير في الغرفة ولهذا يجب أخذ حقيبة مصنوعة من النايلون او القماش"
اجابت جوان بغضب " هل قلت لك أني لا أعرف شيئاً عن الملاحة, وأنا لا يوجد معي حقيبة من قماش"
نظر إليها بغضب ظاهر " أستطيع أن أتدبر هذا "
" آه ... طبعا فأنت تستطيع تدبير أي شيء"
بدا وجهه ثابتاً خالٍ من التعابير ووقف مكانه " إذا انتهيت من فطارك فسنصعد إلى الغرفة "
يا ترى ما سيحصل الآن , لهجته آمرة ولا مجال للمناقشة . أمسك يدها وقادها إلى الغرفة فتح باب الخزانة الكبير.
" لا أريد أي شيء منها "

" إنها ثياب شقيقتك التوأم فإنها تناسبك , خذي كل ما تريدين "أخذ نفساً عميقاً وأكمل " خذيها كلها عندما تذهبين فسأوضبها لك وأرسلها على عنوانك"
اختفى لون جوان واختفى معه صوتها فارتجفت, كيف له ان يعاملها هكذا , أيظنها نسخة رخيصة من أختها تأخذ بقاياها.منتديات ليلاس
" شكراً لك, ولكني أفضل أن لا تفعل" اجابت بضيق وأضافت " قد يبدو لك صعباً للتصديق ولكن عندي من الثياب ما يكفيني ويناسب ذوقي فلست بحاجة لمساعدتك "
نظرت عيناه السوداوان إلى عينيها والغضب يتطاير كالشرار منهما " إذاً أعطهم للفقراء"
" أفضل أن أن أترك لك شأن التصرف بهم , فهذه مشكلتك ولا دخل لي بها"
شد على قبضته وتقدم نحوها بخطوات ثابتة , فتراجعت إلى الخلف, وبدأ يخفق بقوة , هل تمادت لدرجة انه سيضربها ؟
أمسكها من كتفيها وهزها بقوة " اللعنة, أنت أعند امرأة متسلطة قابلتها في حياتي"
حاولت جوان الابتعاد عنه, لماذا هو بهذه الإثارة, بينما يجب عليها ان تقوم بضربه , وليس محاولة مسح خطوط الغضب عن وجهه. شدها بقوة واحست بأصابعه تضغط على يديها , بدأت مقاومتها تضعف وتتمنى ان يضمها بطريقة مختلفة , وجهه قريب جداً وفمه سيلتصق بفمها. انتفضت اعصاب جوان هل سيقبلها ؟
نظر إلى عينيها يبحث عن ضعف ولكنها لم تعد تحتمل نظراته " تستطيعين التمتع بالثياب إذا كنت تحاولين استمالتي"
" استمالتك؟"احست جوان بنفسها تنهار استعادت قوتها وأكملت " لماذا أحاول هذا فأنت الذي تحاول استمالتي , هذا البيت الجميل, مال أكثر مما أتوقع , يختك الخاص بك تبحر به عن مشاكلك الصغيرة أتريدني أن أكون قطعة من ثرائك , تحفة تحصل عليها متى أردت , هذا فعلاً شيء لا استطيع مقاومته " قالت هذا وضحكت بسخرية .ريحانة
" أنت على حق, فلا أحد يستطيع مقاومة كل هذا " ثم دفعها بقوة فاصطدمت ركبتها في حافة السرير ووقعت ايضا.
انطفأت النار التي تأججت في داخلها عندما رمقها بنظرة من ثلج مليئة بالكراهية .
" ستبحرين معنا, ومن الأفضل لنا معاً ان تبتعدي طوال مدة وجودك معنا"
وافقت جوان معه بسكوت , ولكن كيف سيكون هذا ممكناً على ظهر يخت.منتديات ليلاس

نهاية الفصل

5- ابتدأت الرحلة

"موري ديلاني " صرخ لي ونظر إلى رجل طويل أجعد الشعر وقف على المرفأ يتكلم مع شقراء طويلة " تعال وساعدني "
" لي , كيف حالك , إني آت حالاً " اجابه موري.
راح موري ينزل الحقائب من صندوق السيارة ويصعدها إلى اليخت وعندما انتهى قال لي " هذه جوان يا موري وستبحر معنا"
سلم موري عليها , ورفع حاجبيه بتعجب "سعيدون بوجودك معنا"
كانت هذه الكلمة أكثر مما يستطيع لي تحملها , فنظر إليه وكأنه ابتلع دواءً مراً.
" خذها إلى السطح اليخت ريثما أوقف السيارة في الموقف , جوان ستكون مساعدة مع طاقم اليخت , ولكن عليك تعليمها الملاحة "
نظرت جوان إلى وجه موري بشك فقد بدا مسروراً " عليك مساعدتي أكثر مما تتوقع فأنا لم أبحر قبل الآن "
" لا يوجد مشكلة هيا بنا " قالها موري واتجه بها إلى جسر صغير مصنوع من خشب يؤدي إلى اليخت .
كان اليخت أصغر مما توقعت ممراً لا يتعدى الإثنين وأربعين متراً , يحتوي على غرف صغيرة للتموين والحمولة وغرفة قيادة زيادة إلى ثلاث غرف صغيرة للنوم وغرفة للجلوس.
تفاجأت ببساطة اليخت فقد توقعت شيئاً أكثر كلاسيكية يتناسب مع ذوق لي المتعجرف , إذاً ليس له خيار فستكون قريبة منه للأيام العشرة المقبلة .منتديات ليلاس
" غرفتك هنا " أشار لها موري.
كانت الغرفة مؤلفة من خزانة وسريرين ملتصقتين بالحائط.
" ايهما سريري ؟" قالت جوان.
" اختاري الذي تريدين فكلاهما لك , لقد اتصلت سابقاً في وكالة الملاحة وطلبت عضواً آخر للطاقم , ولكن عندما علمت أنك قادمة فلم يعد الطلب مهماً"
أطل لي من الباب وقال " عندما تنتهي من هنا إصعد إلى السطح لأخبرك بتلخيص ماذا ستفعل "
فكرت جوان كيف سيعاملها كشخص من الطاقم أم كضيف غير مرغوب فيه , ولكن من الواضح أنها ستكون الفكرة الأخيرة .