" لماذا لا نذهب في دورة حول المرفأ, إذا كنت غير مرتاحة , فلن تستطيعي النوم , وبعض المشي سيفيدك"
تحرك لي في كرسيه , يا ترى هل سمع كلامهم, فكرت جوان.
سحبها موري من يدها , قائلاً " أعرف حانة قريبة من هنا نستطيع ان نشرب فيها شيئاً بارداً , مارأيك ؟"
" حسناً, هيا بنا " نظرت إلى جسم لي الثابت وأضافت " ولكن ألا ندعو لي ؟"
" طبعا لا , فثلاثة يشكلون إزعاجاً " أخذ يدها , وقادها إلى الجسر.
وعندا صارا خارجاً , صرخ موري " نحن ذاهبان في نزهة " ولم ينتظر جواباً , اخذ يدها ومشيا على رصيف المرفأ.
كان الرصيف مضاءً , ويعكس خيال اليخت على الماء , جلس الناس في مراكبهم ويخوتهم , يأكلون ويشربون ويتسامرون في مجموعات صغيرة .
فكرت جوان كيف حصل لها هذا , وكأنها بطلة قصة خيالية , ولكنها قرب البحر , والنسيم يداعب وجهها , في طقس دافئ, تتمشى ممسكة يد رجل أنيق طويل! إنها حقاً قصة خيالية , ماعدا الرجل, فهو ليس بأمير احلامها . نظرت خلفها فرأت لي على سطح اليخت ينظر إليهما والغضب ظاهر في عينيه , إنه لا يطيق حتى رؤيتها تتمتع بساعة واحدة , مع شخص لا يكن لها أي ضغينة.
نظرت إلى موري وهي تبتسم وتتساءل , لماذا لا تستطيع أن تحب شخصاً مثله , دافئ ومحب؟
شربا المثلجات وأكلا سندويشات , كانت الحانة هادئة , وأثاثها من الخشب , واستمتعت كثيراً بقصص موري الطويلة عن البحر ومغامراته , عادا بعد ساعتين تقريباً , أوصلها موري إلى غرفتها . وقبل يدها متمنياً لها ليلة سعيدة .منتديات ليلاس
" حسنا يا أميرتي , خلف هذا الضجر اللؤلؤي من هذا اليوم سنتقابل غداً"
ضحكت جوان " أنت سكران مما شربته "
" نعم , ولكن فقط بالحب " أجابها بنفس اللهجة .
ولكن رؤية جوان قلقة جعلته يقول " ألم تعرفي بأن لي مستقبل في التمثيل"
" كلا , هل ظهرت في أي فيلم ؟"
" نوعاً ما , فقد ظهرت في إعلان للسجائر في التلفاز"
" حقاً !"
" كلا تقريباً, فقد فشلت في الامتحان "

" أيها المهرج " ضحكت جوان .
" آه ...هذا عمل لم اجربه ولم أقم بامتحان له " ثم أكمل بجدية ربما مع هذا سيحالفني الحظ"
طبع قبلة خفيفة على فمها , ثم تركها إلى غرفته . ولكن القبلة لم تؤثر بها, حاولت بجهد إبعاد لي عن أفكارها , ولكنه كان يتسلل من جديد.منتديات ليلاس
وأحست به , وبيديه تلمسانها وبجسدها ملتصقاً بجسده , ولامت نفسها لتفكيرها بخطيب أختها , لابد انه متأثراً بجوسلين , ولو كان ذهابها بسبب سوء تفاهم لحاولت حله , وإصلاح الأمور بينهما .منتديات ليلاس
لم تستطع النوم بسبب الحر , فخرجت من الغرفة لتحضر لنفسها شراباً بارداً. صبت لنفسها كأساً, وصعدت إلى سطح اليخت , كان الفجر يشق طريقه عبر السماء, قريباً ستطلع شمس الصباح قالت جوان لنفسها "يا إلهي ... كم هذا جميل وأكملت كيف يمكن أن نجعل الحياة جميلة , وصغيرة ؟"
" الفجر هو فلسفة النهار " فاجأها صوت لي.
" هل تمانع بعدم مفاجأتي هكذا " قالت وهي تشعر بالخجل لرؤيتها تتكلم مع نفسها .
في الليل كان يبدو وجهه غامضاً بكل تلاميحه وزواياه , ولكن لا يوجد ابتسامة على فمه.
" في المرة السابقة أنت من فاجأني " قال لي.
تذكرت جوان ماذا حصل حين فاجأته في المكتبة , فشعرت بالاحمرار يتسلل إلى وجهها, وأجابت " نعم , يبدو أن أول ساعات الفجر هي وقت المفاجأت بالنسبة لنا"
اقترب منها " ما بك ؟ لم تستطيعي النوم ؟"
" كلا"
شعرت بقربه وكأنه تياراً كهربائياً يمشي في جسدها فأكملت " الغرفة حارة جداً"
" نعم , لهذا أنا أنام على سطح اليخت " كان صوته صامتاً ورقيقاً مما أراح جوان.
" أنا عادة أفضل النوم في كيس النوم, عليك ان تجربي هذا فقد تستمتعين به "
نظرت جوان فرأت في عينيه لمعة غريبة , هل هذه دعوة لها . انعكس ضوء القمر عليه فأظهر صدره المكشوف من الروب الحريري الأبيض , فتساءلت جوان , هل هو عارٍ تماماً تحته , ضحك لي فقد لاحظ نظراتها إلى صدره وربما عرف بما تفكر .

ما هذا الشيء الذي يجذبها بإشارة لم تكن تعرف عن وجودها ؟
" يبدو هذا وكأنه خلاف وليس دعوة " قالت جوان.
"ربما هذا هو الانجذاب " اجابها.منتديات ليلاس
" لعلى هذا ما ينغص حياتك الخلاف"
" لم أنتبه لنقصان حياتي لأي شيء مهم " أجابها لي ببرودة.
عضت جوان على شفتها " أنا أقصد أنك لو عرفت ما يعني احتياج اشياء لا تستطيع الحصول عليها , ربما فهمت أكثر طبيعة الناس الذين يكافحون من أجل احتياجاتهم العادية"
" هل استطيع القول أنك تتكلمين بصوت مجربة "
" ليس تماماً"سخريته جعلتها تشعر بالغضب , فأكملت "أنا عندي معظم ما احتاجه, ولكن ليس ما أردته , فالإرادة شيء والاحتياج شيء آخر "
" فهمت الفكرة " ابتسم ابتسامة صغيرة وأضاف " هل تقولين أني سأكون أفضل كرجل لو وجدت شيئاً أردته ولم أحصل عليه"
نظرت جوان نظرة وسألته " هل هذا جدي أم من بعض سخريتك "
" إنه جدي"
إذا أراد الحقيقة ستقولها له " نعم اعتقد أنك ستكون رجلاً أفضل مع بعض المناضلة "
سكت للحظة وكأنه يفكر " شكراً لك على صراحتك"
" لا تقل هذا " قالت بصوت أجش ثم أضافت " يبدو من الواضح أن رأيي لا يهمك "
" هذا من حقي أنا تحديده "
" هل هذا يعني أنك تعرف هذا النوع من الحاجة؟ "
" أتقولين أنك سيدة جميع الإجابات؟ " قال بجفاف .
" ليس كلها , فهناك ما لا استطيع إجابته بنفسي"شعرت بخوف وأكملت "مثلا , لماذا تركتك جوسلين ورحلت مع غيرك , بينما كل رسائلها كانت مليئة بالحب لك ؟ فهذا غير منطقي"
توقعت ان يغضب ولكنه اجابها ببساطة" لقد شبعت من محاولة تعقيل النساء"
" مما قد يعني أنك لم تحاول فعلاً , وربما إن بذلت جهداً لمعرفة جوسلين لكانت علاقتك معها ناجحة "

اخذت نفساً عميقاً وقبل أن تكمل , ابتسم لها " ما النفع من محاولة كشف المعقول " وأكمل بغضب "أختك كانت تتنقل مثل الريح, دافئة وقوية احياناً , وباردة كالثلج احياناً"
عضت على شفتها , هذا صحيح فجوسلين كانت فعلاً متقلبة كثيراً.منتديات ليلاس
" أنا بكل بساطة لا أفهم ".منتديات ليلاس
" إذاً لا تزعجي نفسك بالمحاولة , فهذا ليس من اهتماماتك " قال هذا وأسند ظهره على حافة اليخت , ثم نظر إلى عينيها .
" إلا إذا كنت ترتجين سبب أختك" مد يده ليزيح شعرها عن خدها , فابتعدت عنه .
" أنا لا أرتجي سببها " نفت بسرعة " ولكن ..."
وضع يده على شفتيها يسكتها , وقال بهدوء " هذا جيد , لأنه سبب طائع "
احست جوان برعشة في جسدها, بسبب لمسته , وحاولت نفي شعورها نحوه.
" إذا كان هناك فرصة صغيرة لرجوعكما معاً, فسأكون سعيدة بـ..."
قطع كلامها صوته الغاضب " بحق الله , المرأة هربت مع رجل آخر , هل تتوقعين أن أركض بحثاً عنهما لأنهما السبب ! هل أبدو لك كهذا النوع من الأغبياء!"
لاحظت جوان الألم في صوته , والغضب الذي تأجج خارجاً.منتديات ليلاس
" أنا ... آسفة , لا يجب عليّ التدخل "
" كلا , اللعنة , ليس عليك التدخل " قال لي ثم أمسك يدها بقوة " مهما كنت تحاولين تنفيذه فالرجاء ان لا تفعلي"
نظرت جوان إلى وجهه الغريب جداً تشعر بنفسه على وجهها, كان يعذبها شوقها لشخصه وتخفف ألمه, ولكن فقط جوسلين تستطيع فعل هذا.
" أنا أحاول الدخول إليك ومعرفتك عن قرب" أكملت وهي ترتجف " أتمنى لو أعرف الطريقة"
أفلت يدها وحضنها " يا عزيزتي أنت تعرفين الطريقة ,نظرت إلى خطوط وجهه وعينيه فقال لها " إذا نسيت فدعيني أنشط ذاكرتك"

ووضع شفتيه على شفتيها يقبلها , وكأنه يبحث عن جواب لتجاوبها معه , ولكن هي بالنسبة له ليست إلا بديلة لجوسلين فقبلته قليلاً لنفسها ثم دفعته بعيداً عنها . إبتعد بسهولة ونظر إلى وجهها , وكأنه يبحث فيه .
" ماهذا ؟"
كانت تريد توضيح الأمور له , بأنها ليست جوسلين وقد تعبت من إستعمالها كبديلة لها , ولكن علقت الكلمات في حلقها , وأظهرت له تلبكها .
" جوان إنسي هدفك مهما كان "
اهتزت شقة جو السفلى مازال يعتقد انها تحاول خداعه .
" أنا لا اهدف إلى شيء" اجابت " فقط لو تستطيع نوبة الصدق حين رؤيته فأنا لم أكن أفكر سوى بك وبجوسلين "
" إنسها فقد نسيتها أنا "
كاذب! أرادت ان تصرخ بالكلمة في وجهه , كيف يتوقع منها تصديقه بنسيانها , ومنذ دقائق معدودة رأت ألم ذكراها في عينيه .
نظرت إلى وجهه برغبة .. إنها حقاً تريده .
" هذا أنت وأنا " همس لها .منتديات ليلاس
قالت عيناها " الآن وحالاً ولكن هذا غير ممكن ."
انتهى الضغط على يده وحل محله اللطف , فوضع يده حول خصرها " إرتاحي يا جوان ودعي الأمور كما هي"
تنسى حبه لجلوسلين كلا فهو لا يعني هذا ,أن يريد تخبأة جرحه , ولكنها فعلاً تريده . إنما قلباً وعقلاً وليس جسداً فقط .ولكن شرط بأن لا تكون صورة لجلوسلين .
" دعني أذهب يا لي "
إنكسر قلبها حين تركها " تصبح على خير " إستدارت وذهبت مسرعة , قبل ان يرى دموعها . دموعها التي ستخبره حقيقة لا يجب أن يعرفها . إنها تحبه.

نهاية الفصل