لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-01-20, 06:27 AM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,528
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

عظم الله اجركم طيف في الوالدة الله يرحمها ويغفرلها ويلهمكم الصبر والسلوان ..

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 29-02-20, 08:50 PM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,528
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

طمنينا عنك طيف ان شاءالله انك بخير

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 14-03-20, 10:03 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 



الجزء 11



بعد الظهر ، لا تبدو أية علامات رِضا على وجهه ، ملامحه غير مُريحة ، يجلِس في مكانه ، ظهره مستند إلى خلفية كُرسيه الدوّار ، الذي يدوّره إلى اليمين و اليَسار مراراً و تكراراً ، نظرات تحمل معانٍ غير مفهومة يُرسِلها إلى ذلك الرجل الجالِس أمامه ، ينتظر أي كلمة منه ليعرِف سبب وجوده هنا .. لاحظ يحيى نظرات عزيز المتكررة له ، تِلك التي تحذّره من أن يكون متعجرفاً ثانية ، و تحذره من إساءة استخدام منصبه للمرة الثانية ، تجاهلها ، تنحنح و هو يقول : أيـوه يابو طارِق .. طلبت مني ما آجي بيتكم ، صح ؟
هزّ رأسـه بالإيجاب ، بثقة مزعومة حاول أن يُظهر من خلالها عدم خوفه ، يُمعِن يحيى النظر في عينيه ليُربِكه ، كأن يُخبره لا تحاول أن تخفي عني أمراً ، فأنا أعرِف تماماً كل ما تحاول تغطيته خلف تِلك الثقة المتكلّفة ، نِصف ابتسامة بَرزت على شفتيه ، إذ نجحت نظراته الحادّة في تشتيت انتباهه ، و تضليل ثقته بذاته ، دون أن يُغيّر مسار عينيه ، بحدّة : عَزيز اتركنا بروحنا ..
يرفع رأسـه من الورقة التي كان يقرأها ، ينظر إليه باستفهام لمدّة ثوانٍ ، لم يلتفت خلالها يحيى إليه ، يُطلِق زفيراً ، يأخذ جوّاله و يخرج من الغرفة ، تتبعه عينا أبو طارِق ، متسائلاً في داخله عن سبب إخلائه للغرفة ، بنبرة جَهورية ينتفِض منها أبو طارِق ، يقول يحيى : كأنّك نسيت يابو طارِق ..
أبو طارِق : وش نسيت ؟
يحيى ، يقترب من الطاولة ليستند بكوعيه إليها ، يشبك أصابعه و يقول بصوت خافت : متوقع إني نسيت وش سوّت بنتك معاي ؟
ترتبك الكلمات لتعجز عن الخروج من بين شفتيه ، يُردِف يحيى : ما توقعت تسكت على هالشي ، بس انصدمت ، شلون سمحتلها ؟
أبو طارِق : متوقّع مني إني لـو أبغى أحاسبها ، بحاسبها قدّامك ؟ بعدين يا سيّد يحيى انت اللي بديت تقول كلام ماهو موزون بحقها ..
يَرفع حاجباً و هو يبتسِم بغير إعجاب بكلامه : يعني الحين إنتَ ضدي !
ينهض أبو طارق عن الكرسي و يقول بنبرة حادة : سيد يحيى ما أتوقع إنك جايبني هنا عشان تتكلم فـ موضوع بنتي ! لو ما عندَك شي ثاني اتركني أمشي ..
يحيى : أنا فعلاً ماني مصدّق إنّك صرت ضدي !
أبو طارِق : والله أنا اللي مو مصدّق حجم ثقتك بنفسك يوم تتوقّع إني راح أوقف معاك ضد أولادي !
يعبس وجهه ، يقول بجديّة : أبغى أعرف وش اللي بينك و بين بـو فهـد .. وش سبب حقدك عليهم ؟
يجلِس أبو طارِق مجدداً ، يبتلع ريقه : قلتلك المرة اللي فاتت ، ماني مرتاح لهالجماعة .
يحيى : انت عارف إن ماهو هذا الجواب اللي أبيه ..
ينظر إليه باستفهام ، يتساءل بنبرة حادة : وش تعرف عن مشعل شهران ؟
أبو طارق : وش اللي بعرفه يعني ؟ نفس اللي تعرفوه !
يحيى : مالك علاقة باللي نعرفه ، أبي أسمـع اللي تعرفـه إنت ..
تتشتت نظراته في الغرفة ، و هو يجيب بارتباك : ماني فاهم بالضبط وش اللي تسألني عنه ، ايش اللي تبي تعرفه ؟
هزّ رأسـه و هو يتنفّس ليحظى ببعض الصبر ، يُطلق زفيراً و يقول و هو يترك مكتبه ليقترب منه : طيب ، راح أشرحلك سؤالي أكثر ..وش تعرف عن حياته الشخصية ؟ شغـله ؟
أبو طارِق : كان يشتغل سايق عند رجل أعمال .. و كان رجال بسيط مثلنا مثله ..
يتكتف يحيى : بو طارِق ، إنت قاعِد تراوِغ .. دام كلامك صحيح وش اللي خلاك تكرهه ؟ ايش تعرف عنه خلاك تغير موقفك تجاهه ؟
أبو طارق : يا سيد يحيى أنا هذا اللي أعرفه ، و اللي خلاني أبعد عن هالجماعة هو يوم مقتل مشعل قلت مستحيل ينقتل إلا لو كـان في شي وراه ، و ولده أثبت هالشي يوم تغير حاله و ترك الحارة .. هذا كل اللي عندي ..
نظرات يحيى توحي له بأنه لم يصدّقه ، جاء صوت لم يسمعه منذ زمن ليُنقِذ الموقف ، يقول بنبرة جهورية : السّلام عليكم ..
يلتفت كليهما إلى الباب ، لينهض أبو طارق من مكانه و يثبت نظراته نحو فهد و يتأمل تغيره ، يرد يحيى و هو يتنقل بالنظرات بينهم : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
يقترب بخطوات ثابتة ، يصِل ليقف مواجهاً لأبو طارق ، يقول بخفوت : شلونَك عمي ؟
ثوانٍ من السكون عمّت الغرفة ، ينتظر كلاً من يحيى و فهد رد أبو طارِق ، إلا أنه في النهاية تجاهل سؤاله ، التفت إلى يحيى : سيد يحيى تبون مني شي ثاني ؟
عاد للجلوس خلف مكتبه ، أجاب : مع السلامة ، خليك تحت الطلب ..
رمق فهد بنظرة غير مفهومة ، ألقى السلام و خرج مسرعاً ، بينما تقدم يحيى ليجلس مكانه و يتساءل : وش كان يسوي عمي بو طارق عندك ؟ وش تبون منه ؟
يحيى : هذا شي ما يخصّك ..
فهد باندفاع : شلون يعني ما يخصني أكيد الموضوع له علاقة بقضية أبوي !
يحيى بحدّة : أنا اللي أقرر وش اللي لازم تعرفه ، الحين أبغى أعرف ليش أخفيت الفلاش ميموري ؟
عقد حاجبيه باستغراب : أي فلاش ؟
يحيى : لا تسوي نفسك مو عارف ، الفلاش اللي لقيناها أمس بالتفتيش ..
فهد : شلون قاعد تقول إني أخفيتها و إنتوا خذيتوها معاكم !
هزّ رأسه بتأييد : صحيح ، و أنا أعطيتها لزميلي عشان يفتحها ، بس مدري منو أرسل رجاله عشان يضربوا إبراهيم و يسرقوا منه الفلاش..
فهد : و أنا وش علاقتي بهالموضوع ؟ شفتني تعرضت لكم لما قلتوا بتفتشوا البيت ؟؟
يحيى : ما تعرضت لنا ، بس إنت قول ، الفلاش ما انسرقت إلا لأن فيها معلومات مهمة عن أبوك ، يعني اللي سرق له علاقة بالجريمة ، شلون القاتل عرف إننا أخذنا الفلاشة من عندك ؟ ما كان في بالبيت إلا أنا و زملائي ، و إنت و هذي المرافقة ، من وين القاتِل عرف ؟
شَرد ذهنه و هو يفكّر بياسمين ، تذكر حين أغلقت الخط بارتباك في الليلة الماضية و هي تحدث سُلطان ، قاطع تفكيره يحيى : فهـد ، لا تغلبني ولا أغلبك ، وين الفلاش أخذتها ؟؟
فهد بانفعال : قلتلك إني ماعرف شي عن هالموضوع !
يضرب الطاولة بكفه ، ينهض و هو يصرخ بأعلى صوت : أبي أعرف وين راحت ، ما بتركك إلا لما تقول ، و اسأل عني يا فهـد !
ينظر إليه ببرود ، يقول : إذا انتهت أسئلتك اسمح لي ، عندي شغل ..
يجلس بعد أن يلتقط أنفاساً متتالية ، يقول : ما راح أمضي موضوع الفلاش على خير ..
فهد : ما طلبت منك تمضيه على خير ..
يحيى بغضب يحاول أن يكتمه : طيب يا فهد ، الحين أبغى أعرف كل شي عن شغلك ، و مع منو تشتغل ، و ليش سافرت لروما ..
فهد ببرود أعصاب : و هذي الأسئلة وش علاقتها بمقتل أبوي ؟
يحيى : جاوب على قد السؤال ..
أخذ نفساً عميقاً ، ثم قال : طيب ، أشتغل في قسم المحاسبة بشركة هنا في الرياض ، و اللي دبرلي الوظيفة عمر حرب اللي كان أبوي سايق عنده ..
يحيى : و سفرك لروما ؟
فهد : سافرت عشان أغير جو ، ممنوع ؟؟
ارتخى يحيى في جلسته : لا مو ممنوع ، بس من وين جبت فلوس تسافر و تغير بيتك ، و تشتري سيارة ؟
فهد : من أبـوي ، أبوي كان مخبي فلوسه عنا عند السيد عمر ، و يوم مات عمر ردلي الأمانة ..
أخذ شهيقاً طويلاً ، و بنفاد صبر : تبيني أصدق كلامك ؟
فهد ، يرفع حاجبه الأيسر و يقول بسخرية : و ليش ما تصدق مثلاً ؟
يحيى : لأن كلامك ماهو منطقي ..
نهض عن الكرسي ليهم بالخروج : والله منطقي مو منطقي ، هذا اللي عندي ، عندَك دليل إن كلامي كذب ؟
يحيى بهدوء ، يميل رأسه و يتفحصه بنظراته : المشكلة إني ما عندي دليل ..
فهد : أجل اسمح لي أمشي ، أتوقع خلصت أسئلة ..
ظهرت ابتسامة جانبية على طرف شفتيه ، لم يفهم فهد مغزاها ، هزّ رأسه يحيى و هو يقول : الله معك ، و مثل جارك بو طارِق ، خليك تحت الطلب ..

خرج دون أن يلقي السلام ، يمتلك ثقة مرعبة في ذاتِه ، لست مقتنعاً بكلامه لكن ثقته تخرسني ، كل المجرمين الذين قابلتهم في مسيرتي القصيرة ، كنت أستطيع أن أقتنص الكذب من أعينهم ، أو من اهتزاز نبرات أصواتِهم ، أعرف يقيناً أنّك تكذِب ، لكنّك محترف جداً ، يبدو أنني سأستهلك طاقة مضاعفة معك ..


،,


لا أعلم إن كنت محقة فيما أفعل ، تِلك القوّة الخفية التي سارت بي إلى هنا ، أراها الآن توهنني ، توهن قلبي الذي لم يعد يجرؤ على رؤية وجهه الذي مُسِح بملامح الغضب و القَسوة ، قلبي الجبان عن الابتعاد ، أتراني للتو أصحو ؟ ما الذي قادني إلى أمام بيتِه ؟ كيف نهضت من سريري ، سرحت شعري و ارتديت ثيابي ، وضعت نقابي ، كيف سارت السيارة تلك المسافة دون أن أشعر ؟ أنا هنا ، قدماي تخذلانني ، تمشيان إلى ما لا رغبة لدي فيه ..
ارتفعت عيناها إلى نافذة غرفته المغطّاة بستارة ذات لون بني ، تنهّدت في أعماقِها و هي تسير بتردد نحو الباب ، تراجعت أصابعها عدة مرات عن قرع الجرس ، لتقرعه أخيراً بيد مرتجفة ، تفرك يديها بتوتر ، تتشابك أصابعها دون سيطرة منها ، الخوف يستدعي جسدها ، لتلتفت بسرعة للرحيل ، إلا أن صوتًا استوقفها : جيهان ..
أخذت نفساً عميقاً ، رسمت ابتسامة مزيفة و هي تلتفت لتسلم على سحر : شلونك سحر ؟
تنظر إليها باستفهام : كويسة ، وش فيكِ ليش كنتِ رايحة ؟
اصطدمت شفتيها ببعضهما بارتباك : ما في شي ، بس كنت بزور إبراهيم بعدين قلت يمكن نايم مابي أزعجه ..
سحر : لا لا قاعِد بغرفته و أمي عنده اهية و عَروب ، فوتي اتفضلي ..
جيهان : طيب أمر بعدين لازم يرتاح ..
تتقدم سحر لتسحبها من يدها : وش فيك جيهان تعالي !
تدخل برفقتها بخطوات مترددة ، ابتسامة خجولة تظهر على شفتيها ، تستشعر سحر ارتباكها ، ترافقها ببطء حتى تصل إلى غرفة إبراهيم ، تطرق الباب ، تمد رأسها لتقول : برهـوم ، في ضيف جاي يزورك ..
تتجه أنظارهم جميعاً نحو الباب ، لم يفاجئ قدومها أم إبراهيم و عروب ، أما إبراهيم ، فلم يتوقع أن تنظر حتى إليه بعد مكالمته القاسية الأخيرة ، ارتخت نظراته للأسفل و هي تدخل ، تنهض عروب و والدتها لتسلمان عليها ، تبادلهما التحية بخجل ، تقِف على بعد من سريره ، تسأله من تحت نقابِها : شلونك ؟
إبراهيم دون أن ينظر إليها : الحمدلله ، الله يسلمك ..
تُشير أمه إلى ابنتيها لتُخليان الغرفة ، يخرجن و يغلقن الباب ، تتقدّم جيهان قليلاً لتجلس على الكرسي المجاور لسريره ، يقول بخفوت : ما توقعت تيجي !
جيهان : ضايقتك ؟
يطلق تنهداً طويلاً ، يبعد اللحاف عن قدميه ، يقترب من كرسيها بحركة تفاجئها ، تتسع عينيها و هو يفكّ نقابها عن وجهها ليقول : ماله داعي هالحركات ..
جيهان : أي حركات ؟؟
إبراهيم بضيق : أول شي تقولي مابي أتصل فيك لأنك غريب ، و الحين جاية تزوريني حتى النقاب ما رفعتيه تراكِ للحين زوجتي ! ليش تزوريني لو شايفتني غريب فعلاً ؟
تنهض عن الكرسي : تدري واضح إني كنت غلطانة يوم فكرت أزورك !
يضغط بيده على يدِها لتجلس من جديد : اقعدي قاعِد أكلمك !!
جيهان : وش تبي ؟؟ أنا جيت أزورك عشان عمتي ما تقول إني ما اهتميت ، مو أكثر .. لا تفهم الموضوع غلط !
إبراهيم : يعني مصرّة عالطلاق ؟
ابتلعت ريقها ، التزمت الصّمت ، يبتسِم إبراهيم : عارف إنك تبيني ..
جيهان : لا تكون مرة واثق ، خاصة بعد المكالمة الأخيرة .. مو قلت إنك ما تحبني ؟ وش تبي مني ؟
تحولت ابتسامته لعبوس ، قال بعدها : مابي أظلمك ، كل الموضوع إني مابي أظلمك ..
ترفع حاجبيها ، لتقول بنبرة مجروحة : ظلمتني من يوم ما عقدت علي و إنت ما تبيني ، و لو تسوي أي شي الحين ما بيكون منه فائدة ، أنا عشان حضرتك تتسلى ، راح أصير مطلقة ..
إبراهيم : بس أنا ما كان هدفي إني أتسلى يا جيهان ، يعلم الله ما كنت رايد إلا الخير ..
جيهان بحدة : أجل ليش خطبتني ؟ ليش سويت هالشي فيني ؟ ماني مقتنعة بأسبابك ، عندَك اللي يخليك تكرهني ، و الرجال ما يكره حرمة إلا لو في حرمة ثانية بحياته ...
يرفع نظراته لها بدهشة ، كأن ذهوله توثيقاً لشكوكها ، تبتسم بسخرية و تقول : الظاهر إني حزرت ..
تنخفض أنظاره مجدداً يقول بصوت مكتوم : فـ حياتي ما فيه غيرك يا جيهان ..
جيهان : و قلبك ؟
يمتنع عن النظر إليها ، يعرِف أن عيناه لم تكن يوماً وفيتان إلى أسراره ، تفشيها بسرعة و دون تردد ، تنهض جيهان : واضِح إن علاقتنا ما في منها أمل ، الحمدلله ع سلامتك يا إبراهيم ، ما تشوف شر ..
لم يستطِع لسانه أن يجِد حروفًا يجمعها ليرد عليها ، يعلم أنه مهما قال و لو جمع أشعار العالَم أجمعين ، لن تكون كافية ليعتذِر لها ، رَفعت نقابها لتغطي وجهها ، بعد تيقّنها من معالِم وجهه و ضيقِها أنه لن يرد ، استدارت نحو الباب ، ألقت نظرة أخيرة إليه ، لم يُبادِلها النظرات ، كان احمرار وجهه رغم برودة الجو خير دليل على اضطرابه ، أغلقت الباب خلفها ، ضَياع تام يحيط بها ، رغم معرفتها القوية بمكانها و زمانها ، إلا أنّها تَسير في متاهة لا تعتقد أنها ستجد سبيلاً للخروج منها أبدًا .

،,


ابتعد عن شاشة الحاسوب بإرهاق و هو يفرك عينيه بتوتر و تعب ، تأفف بملل و عيناه تشعان غضباً و حقداً ، صرخ يُنادي : مـاجد ..
اقترب ماجد بسرعة : نعم أستاذ سلطان ..
ينهض من مكانه ، يقترب بحركة مريبة نحوه و هو يقول : أبي واحد يخترق هالفلاش ! ماني قادر أعرف وش كلمة سرّها !
ماجد : تآمر طال عمرك ، اليوم ألاقيلك واحد يخترقها ..
سُلطان : مو بس يخترقها ، أبغاه يكون أمين ، يعني بعد ما يخلص شغله معانا ، ينساانا تماماً .. مفهوم ؟ مابي ولا غلطة !
ماجد يهز برأسه : أن شاء الله تآمـر أستاذ سلطان ..
أشـار بإصبعه له لينصرف ، ترك ماجد المكان ، عاد سلطان ليجلس مكانه ، لم يكن التوتر ذلك كله لأجل مجرد قطعة توضع في جهاز ، بل كان هناك ما هو أكبر من ذلك ، اقترب بجسده ليتناول جوّاله عن طاولة المكتب ، ثم عاد ليستند إلى ظهر الكرسي ، يفتح الجوال ، جهات الاتصال ، يتمعن جيداً في الأسماء قبل أن يضغط زر الاتصال ، من يجب أن أحدث الآن ؟ فهـد ؟ أم ياسمين ؟ أم ابني يحيى ؟؟ ما نهاية التحقيق الذي أجراه ابني مع فهد ، و هل تصرّف فهد كما يجِب ؟ أخذ نفساً عميقاً و هو يضغط على اسم ياسمين ، ليتصل بها ، عدّة رنات سمِع أنغامها ، أثناء خروج ياسمين من غرفة أم فهد ، لترد أخيراً بصوت هامس : هلا سلطان ..
سُلطان : وش صار معك ؟
ياسمين : في شنو ؟؟
سُلطان : فهـد ، وش صار معاه ؟ رجع من المركز ؟؟
رفعت كتفيها بجهل ، ثم قالت : مادري ، قال إنه بيروح المركز و بعدين شغله في الشركة ، يعني مادري إذا لسا في المركز أو لا !
هزّ رأسـه ، أنفاسه المتسارعة كانت قوية الصدى لدى ياسمين ، التي تساءلت : سلطان ، صاير معاك شي ؟
سُلطان : خايف من فهـد ..
ضحِكت بعدم تصديق : إنتَ ! شُلطـان الغـانِم ! خايف من فهـد !! ليش وش بيسويلك فهد ؟
ارتطم فكيه ببعضهما ، يجيب من بين أسنانه : يا غبية ، فهد الحين عندي ولدي ، ولدي المحقق ، خايف ينتقم منا و يقول له على كل شي !!
ياسمين ، تفكّر لثوانٍ ثم تجيب : لا لا مستحيل ، لو بيقول شي راح يتورط معاكم ! أكيد ماهو غبي لدرجة يترك أمه في المستشفى بدون علاج عشان ينتقم و بس !!
تنفّس براحة ضئيلة تسللت إلى أعماقه ، ليقول بعدها : هذا رأيك ؟
ياسمين : أيـوه هذا رأيي ، أقـول ارتـاح ولا تفكّـر بالوساوس هذي .. فهد صار معاكم و ما منه خوف .. الحين بروح لازم أقعد عند أم فهـد ، لا تحس علي !
سُلطان : أيوه انتبهي ما نبي مشاكل ، و إذا صار شي جديد فوراً تبلغيني .
أغلق الخط ، تنقّل بين الأسماء مجدداً ليتصل بعمر ، عمر : هلا يا سُلطان وش الأخبار ؟
سُلطان : الفلاش ميموري اللي أخذناها من المحقق طلع عليها كلمة سر و للحين ماني عارف أفتحها .. أبغى أعرف بس وش مخبي مشعل فيها !!
عمر : لا تحاول كثير تحط كلمات سر من دماغك بعدين تقفلها عالآخر ، جيب مختص يفتحها و انتبه نبيه يفتحها من دون ما نخسر المحتوى اللي داخلها !
سلطان : طيب طيب ، بس وش تتوقع مشعل مخبي فيها ؟
عمر : والله يا سلطان ما ادري ، احتمال كبير يكون كاتب كل شي عنا أو صور أو مادري ، مشعل ماهو سهل يا سلطان ..
ابتلع ريقه : و أنا بعد قلقان ، الزفت فهد عند ولدي يحيى و خايف يقول شي !!
عمر : ما رح يقول شي ، وش بيقول يعني ؟ ماله داعي تظل خايف منه ، ما رح يقدر يتكلّم عن شي لأنه صار متورط معانا ، ناسي وش ماسك عليه ؟
سُلطان : أهم شي عندي إني مابي ولدي يدرى بشي ، مابي صورتي تهتز قدّامه !
عمر : لا تخاف ، فهد ما رح يتجرأ يقول أي شي ، المهم وش صار الحين بموضوع المناقصة ؟
أخذ نفساً عميقاً ثم أجاب : فهد الحين في الشركة ، و قاعدين نستنى عقد الاجتماع بخصوص هالموضوع ..
عمر : متأكد إن فهد رح يحضر الاجتماع و يجيب لنا الرقم ؟
سلطان : طبعاً ، أنا عينته فـ موقع مهم في المحاسبة ، و ضروري يحضر اجتماعاتهم ..
هزّ رأسه : لعله خير ،
سُلطان : متى جاي المملكة إنت ؟
عمر : قاعد أجهز أموري يعني يبيلها يومين ثلاثة ، و انت لا تنسى ترسل خدم ينظفون البيت ، بنتي جاية معاي ..
لَمعت عيناه ، ابتسم ثغره : ديانا جاية معاك ؟
عمر بنبرة حادة : حَسْنـاء ، كم مرة قلنا ؟؟ لا تغلط !!
سُلطان : أيوه أيوه غاب عن بالي اسمها الثاني هذا ، خلاص ولا يهمك بيتكم راح يكون نظيف و جاهز و ينتظر وصولكم ..
عمر : ما تقصر يابو يحيى ، رح أبعثلك يوم و ساعة الوصول عشان ألاقيك في المطار .. تيجي أو ترسل لي فهد ، مفهوم ؟
سلطـان : طيب ، اتفقنا .. مع السلامة ..
وضع الجوّال فوق الطاولة ، عيناه تشعان بمعانٍ كثيرة لا حصر لها ، و هو يقول بتمعن و بطء : يا هلا والله بحسناء ، بتنور المملكة !


،,


تجلِس أمام نافذتها ، تمعن النظر في شجرة صغيرة لا تعرف اسمها ، أسفل المنزل في الحديقة ، وحيدة بين عائلة من الأشجار المتشابهة ، كم تشبهني تِلك الشجرة ، هي الشاذة الوحيدة بينهم ، لا يمكنها الاقتراب منهم ، و في الوقت ذاته ، لا يمكنها الابتعاد ، إنها تذبل بهدوء دون أن تصدر صوتاً يزعجهم ، دون أن تتألم ، لا مكان لها بينهم ، إنها تحتل أرضاً ليست أرضها ، كما أفعل أنا ، لم يكن وجود أمي كافياً لأستحق البقاء بينهم ، لأستحق الحب الذي حُرمت منه منذ بداية حياتي ! تتحرك يدَها ببطء فوق جَسدها الممتلئ ، أعلم أنني لو كنت أعتني بجسدي و رشاقتي ، لن يغير ذلك في الأمر شيئاً ، سأكون دائماً منبوذة ، لكنني أكرهك جدًا ، أكرهك يا جِسمي ، لم ينجح أحد غيرك في أن يسلب ثقتي بذاتي ، و أن يُشعرني دوماً أنني بحاجة إليهم ، لولاك لربما تزوجت منذ زمن ، لربما انتهيت من كل ذلك لولاك ..
تبتسم بسخرية ، أو يعلم أحد بوجودك يا سَارة ؟ يا لسخرية ذاتِك من نفسك ، أتخدعين ذاتك بذلك الكلام ؟ من هي سارة ؟ من يعرِف بوجودك غيرهم الذين لا يطيقونك ؟ هل يعرِف أحد في الدنيا بوجودك ؟ قـد دُفِنتِ منذ زمن مع والدك تحت الثرى ، منذ تلك اللحظة و أنتِ تستنجدين ، تطلبين منهم أن يزيلوا عنكِ التراب لتتنفسي ، لكن أحداً لم يسمعك ..
طُرِق الباب بخفة ، تدخل والدتها بابتسامة ، لتقول : أخوكِ يقول إن السفر هاليومين ..
تبتسم بغير رغبة في الابتسام ، تهزّ رأسها بالموافقة لتعيد نظراتها إلى شجرتها المنزوية تماماً كمثلها ، تزول الابتسامة عن وجه والدتها و هي تقترب نحوها ، تجلس أمامها : سارة ؟ وش فيكِ ماما ؟ منتِ مبسوطة عالسفر ؟
دون أن تنظر إليها ، قالت بهدوء : رح أظل طول فترة سفري أفكّر ، وين بروح بعد ما تخلص هالسفرة ؟
عقدت حاجبيها : وين بتروحي يعني ؟ بترجعي هنا ؟
التفتت إليها : أرجع هنا وين ؟ يَعقوب ما قال لك ؟
يُسرى : عن شنو ؟؟
سَـارة : يعقوب قال لي لو تبي تسافري فعلاً ، راح يكون الثمن إنك تعطي غرفتِك لبنتي ، يعني لـ رهف ..
يُسرى : حبيبتي لو تبادلتوا الغرف وش عليه ؟
تنظر إليها بدهشة : إنتِ عارفة إني ما أطلع من غرفتي لأن حضرة السيد زوجك ما يحب يشوفني ، غرفتي فيها كل شي و حمامي فيها و تلفزيوني فيها ، لو أخذتها بنتك أنا وين بروح ؟ بصير كل مابي أطلع من الغرفة أشوف خشته عشان يذكرني على طول بفضله علي و إني لولاه ما عشت لليوم ، يا ليته ما كان و يا ريتني متت ولا عشت بهالذل !
يسرى : طيب يمه لا تفكري بهالموضوع الحين ، إنتِ مسافرة و أبيكِ تغيري جو ولا عاد تفكري فـ هالأمور ، من هنا إلين ترجعي من السفر يخلق الله ما لا تعلمون ! فكري شلون بتقضي وقتك وش بتسوي في روما ، فاهمة علي ؟
سارة بنبرة احتجاجية : يعني أفهم من كلامك إنك موافقة إن رهف تأخذ غرفتي ؟
ابتسمت بخفة : لا حبيبتي أوعدك ما أحد يقرّب على غرفتك فـ غيابِك ، لا تخافي ..
ردّت الابتسامة لوالدتها بقلق ، أدعو الله أن ينجيني ، لا أرغب بالعودة إلى مكان لا أنتمي إليه ، لكنني تائهة حقاً عن موقعي في هذه الدنيا ، إن لم أكن هنا ، فأين سأكون يا ترى ؟


،,


يجلِس في مكانه ، خلف شاشة حاسوبه ، توهِمنا نظراته بأنه منشغل بأمر ما على الشاشة ، لكنه في حقيقة الأمر يراقب الوضع ، المارّة في الشركة ذهاباً و مجيئاً ، بيده اليُمنى يحرّك فأرة الجهاز ، و يده اليُسرى متكئة إلى الطاولة ، سبابته تغطي شفتيه اللتان ترتطمان ببعضهما بغيظ ، تحرّكت حدقتا عينيه لتتجها إلى الشاشة مُباشرة حين تنبّه لقدوم زميله ، لامست أصابعه لوحة المفاتيح ليبدأ بإدخال البيانات ، اقترب زميله أحمد ، دخل الغرفة و قال بتعب : السلام عليكم ..
رفَع عيناه ، أعادهما للشاشة و قال مصطنعاً اللامبالاة : و عليكم السلام ..
جَلس أحمد خلف مكتبه بإرهاق ، يفتح الملفات ، يعمل على الجهاز ، الصمت ساد في المكتب كعادته ، كسره فهد ، بذات اللهجة غير المبالية : شلون كان الاجتماع ؟
أحمد ببرود : عادي ، مثله مثل كل هالاجتماعات ..
فهـد : عن شنو تناقشتوا ؟
رفع نظراته إليه و هو يبتسم : حابب تحضر اجتماعات ؟
ردّ له الابتسامة و التزم الصمت ، أردف أحمد : المرة الجاي تحضر اجتماعنا ، هذا الاجتماع كان عشان المناقصة اللي داخلة فيها الشركة ، يعني مو الكل لازم يحضروه ..
فهد ، بارتباك يحاول سَتره : يعني الشركة الحين صارت جاهزة للمناقصة ؟
أحمد : تقريباً ، حددنا المبلغ اللي داخلين فيه ، و إن شاء الله هالمرة مضمونة المناقصة راح ترسي علينا ..
بابتسامة : ان شاء الله ..
نهض فهد من مكانه ، استأذن للخروج ، رفع جوّاله ، فتحه ليتصل بسلطان ، مشى عدّة خطوات حتى اصطدم بجسد استوقفه ليقول : عفواً ..
رفع نظراته ، إلى الرجل الذي تفحصه جيداً ، عقد حاجبيه و هو يحاول أن يستحضر صورته في دماغه ، يعرِفه مسبقاً ، لكنه لم يعلم من هو ، سَار عدة خطوات أخرى مبتعداً من أمام الرجلين ، يهمِس أشرف ليعقوب : سيد يعقوب ..
يَعقوب : نعم ؟
أشرف : هذا الرجال ، أعرفه ، وش جاي يسوي هنا ؟؟
عقد حاجبيه : منو هذا ؟
أشرف ابتلع ريقه ، و هو يدقق النظر فيه : هذا اللي كان مع بنت عمر حرب يوم ..
قاطَعه معلمه بحدة : يوم سودت وجهي إنت و اللي معاك ..
انخفضت نظراته أرضاً بخجل ، ليردف يعقوب بهمس : هذا وش يسوي هنا !!
يقِف فهد على بعد عدّة خطوات ، يتبادلون التحديق في وجوه بعضِهما ، إلا أن فهد قد عجِز عن التذكر ، يهز يعقوب رأسه بحركة أشعرت فهد بتهديد ما ، التفت يعقوب إلى رَجُله : الحين ماني فاضي ، ذكرني المرة الجاي يوم آجي أزور نعيم نقول له عن هذا اللي كان مع بنت عمر ..

ابتعدوا عن أنظاره ، إلى خارِج الشركة ، تنفّس بعمق ، رفع جواله مجدداً ليتصل بسلطان ، جاءه رده المتلهف : وينَك يا ولدي من الصبح قاعد أستنى مكالمتك !
فهـد و هو يرفع حاجباً : الحين صِرت ولدك ؟
سُلطان بتلهف ، تجاهل كلمته : الحين قول طمني وش كان يبي منك يحيى ؟ عن شنو تكلمتوا ؟
فهد : ما معاي مجال أتكلم الحين ، بعد الدوام أمرلك و أقول لك ..
سلطان : أجل ليش داقق علي ؟
تلفت حوله بريبة ، ثم قال : الشركة حددت المبلغ عشان المناقصة ، بس ...
سُلطان : بس شنو ؟؟؟
فهـد : ما سمحولي أحضر الاجتماع ، و الرجال اللي معاي في المكتب قال إني مو ضروري أحضر هالاجتماع !
سُلطان بغضب : نعــم ؟؟؟ وش استفدنا منك الحين ؟
فهد : وش أسويلك ؟ أنا توقعت إني أحضر الاجتماع و أقدر أعرف الرقم بسهولة ، بس ما كنا حاسبين إنه طبيعي ما يوثقوا بموظف جديد و يطلعونه على كل أسرار شغلهم !
سلطان بنفس اللهجة الغاضبة : هذي ماهي أسرار يا فهيم أنا ليش حطيتك في قسم المحاسبة ؟ لأن هالأمور اختصاص قسم المحااسبة ، شلـون ما حضررت شلـوون ؟؟؟
فهـد : قصّر صوتَك ! زميلي دعوه للاجتماع ، وش أسويلك يعني ؟
سلطان بنفاد صبر : شوف فهد دبر نفسك سوي اللي تبيه أبي الرقم يكون عندي خلال يومين ، و إلا ما بتشوف مني فلس أحمر ، فـاهم ؟
فتح شفتيه ليرد ، توقف عن الكلام ليلتفت إلى الصوت الذي نده باسمه بحدة : فهـد !!!


،,

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 14-03-20, 10:05 AM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 


،,



روما ، دخلت من باب المطعم ، تحرّك رأسها يُمنة و يُسرة ، ابتسمت و هي ترى تِلك اليَد تُلوّح لها ، اقتربت بلهفة حتى وَصلت الطاولة ، نهضت صديقتها لتحتضنها بحب و شَوق ، انفصلتا بعد عِناق يَحكي آلاماً مَرّت على قلبيهما ، جلست كل منهما على كرسيها ، تقول ريم : شلونِك وين هالغيبة !!
سَناء : والله مشاغل الدنيا يا ريم ، دوامي و شغلي و بنتي اللي مشيبتني ..
ظهرت ابتسامتها و هي تذكر ابنة صديقتها في طفولتها : والله معاكِ حق ، الأطفال يغيرون حياة البني آدم ..
تَضع حقيبتها جانباً و تقول بتعب : والله مو للأحسن يا ريم ، بنتي ليان مشيبتني ماني قادرة عليها ، و الحين داخلة في سن 12 يعني بتبدا مراهقة ، و الله يعيني عليها ..
ريم : مرحلة و تعدي ، المهم تتحملي ، و بعدين بكرا هذي البنت بتكون معاكِ فـ كبرك ما بتقعدي بروحك ..
تبتسم بسخرية : أكبر كذبة كذبوها علينا و احنا بزارين إن الأولاد بيظلوا لأهلهم بكبرتهم ، بنتي من الحين ما تقعد معاي و طول الوقت مع صديقاتها و جيرانها و ما هي فاضية تقعد معاي !
ريم : هذا يعتمد على أسلوب التربية ، ولا تنسي إنتِ عايشة فـ مجتمع غربي طبيعي البنت تأخذ من أطباعهم شوي !
سَناء : والله أكبر هم يا ريم تربي بنتك في الغربة بمجتمع غربي تفكيره مختلف عن ديننا و عاداتنا ، والله راح تظل ايدي على قلبي إلين أزوجها و أخلص من هالهم .
عَقدت حاجبيها و تساءلت بتعجب : هم شنـو ؟
سناء : هم البنت ، أبوها عربي و أمها عربية ، و حتى لو عاشت بأوروبا ما رح واحد يقبل فيها لو كانت لا سمح الله مسوية شي قبل الزواج ، و المشكلة إني ما أقدر أسيطر عليها ضمن مجتمع هذي الأمور من أبسط ما يكون عنده !
ريم بلهجة حادة : والله اللي يربي أولاده بناءً عالمجتمع اللي عايش فيه طبيعي يخاف من هذي الساعة ! أما لو ربيتِ بنتِك حَسب دينها و علمتيها قواعِد الدين و الحلال و الحرام ما راح تخافي عليها لو قعدتيها بين عشرين رجال !
سناء بتعجب : وش فيكِ ريم ليش معصبة لهالدرجة ؟؟!!
أغلقت عينيها و هي تشعر بمبالغتها في ردّ فعلها ، تنفست بعمق و صديقتها تنظر إليها باستفهام ، فتحت عينيها مجدداً : آسفة سناء ماهو قصدي ، بس أتنرفز يوم الأهل ما يستخدموا طرق صحيحة لتربية أولادهم ، و فـ الآخر يلومونهم و ما يلومون أنفسهم !
سَناء : بس إنتِ فيكِ شي ، قولي وش مخليك معصبة كِذا ؟
استندت إلى ظهر كُرسيها بتعب واضح ، تفرك عينيها بإصبعيها و هي تتنهد ، ما أكّد لسناء أن هناك ما تخفيه ريم ، تساءلت مجدداً : ريم ! بديتِ تقلقيني ، وش صاير ؟ مختلفة إنتِ و زوجك ؟
ريم : مو بس مختلفين ، غالِباً راح توصل للطلاق .. ما عاد يبيني ..
رَفعت حاجبيها ، تساءلت باستهجان : ليـــه !! وش صار بينكم ؟؟ آخر مرة كلمتك كان كل شي تمام !
ريم : أنـا حـامل ..
ظهرت ابتسامة واسعة على وجهها بان فيها صف أسنانها الأمامي : صِدق ؟ ألف مُبارك يا قلبي ، بالسّلامة إن شاء الله ، أجل وين المشكلة هذي خبرية تفرح !!
ريِم ببرود : المشكلة إن عمر ما يبي هالطفل ، و طلب مني أجهضه ، و يوم رفضت حطّلي دواء عشان يموّت وِلدي ، و الحمدلله ما صار شي ، و الحين أنا تاركة البيت ، و أفكر بالطلاق !
تختفي ابتسامتها بالتدريج مع كلام صديقتها ، لتقول : اوف اوف اوف ، كل ذا صار معاكِ بهالفترة اللي غبتها عنّك ؟!
تنهّدت و هي تهز رأسها بـ نعم ، صمتت سَناء ، و عينيها تتجول تُلاحق المارّة في الشارع من خِلال زجاج نافذة المطعم ، قاطعت ريم تفكيرها ، و هي تقترب إليها من جديد لتسألها : وش رأيك يا سناء ؟ ساعديني ؟ انصحيني ! أنا أبي هالولد ، ما صدّقت صار الحمل و أنا فـ هالسن ، و مابي أخسره ..
التفتت سناء إليها ، ترفع حاجبها الأيسر و تجيب : بس كِذا ممكن تخسري زوجك اللي رافِض هالطفل ! و رح تظلمي وِلدك يوم تجيبيه على دنيا أبوه ما يبيه فيها !
ريم باستغراب ، ابتعدت عنها : يعني انتِ مع إني أسوي إجهاض ؟
سناء : عارفة إنها صعبة ، بس ما رح تقدري تربي ولدِك بروحك ، هالشي ماهو سهل ..
ريم بعدم اقتناع : ماني مصدقة إنك قاعدة تنصحيني أقتل ولدي ! إنتِ يا سناء ؟
تنهّدت بقوّة ، أطلقت نفساً طويلاً ، قالت بعده : أنا قاعدة أكلمك عن تجربة ، تربية الولد ماهي سهلة ..
ريم : ما سمعتِ عن أمهات أرامل ربوا أولادهم أحسن تربية ؟ وش اللي قاعدة تقوليه ؟
سَناء : هذولا الأمهات انجبروا على هالشي ، انجبروا يربوا أولادهم بروحهم ، بس إنتِ منتِ مجبورة ، منتِ مجبورة تجيبي طفل و تربيه في بلد كل عاداته تختلف عن عاداتنا ، و تعيشي معاه فـ هالصراع ، هذا غير صراعك مع وِلدك نفسه عشان تقنعيه شلون أبوه تخلى عنه و ما كان يبيه ! عارفة وش يعني تجيبي ولد لهالدنيا ، أبوه ما يبيه ؟ عارفة عواقب هالشي ؟
صمتت ، و هي تفكر في كلامها ، أردفت سناء : كنت حامل بـ ليان ، لما تطلقت من عاصِم ، و نفس الشي كان رافِضها ، طبعاً اهوة حرمته الأولى خلفت له 5 عيال ، وش يبي من السادسة ؟ طلّقني يوم عرف إني حامل ، بنتي صارت 12 سنة للحين ما يعرف صورة وجهها ، لو تلاقى معاها في الشارع ما راح يعرفها ، حتى اخوانها ما يعرفونها ، ولا يعرفون حتى بوجودها ، و أنا عايشة بصراع بين أسئلتها اللي ما تخلص ، وين أبوي ؟ ليش ما يسأل عني ؟ دام إنه حي و يبعثلي مصروفي أجل ليش ما أشوفه ؟ ليش منتِ مع أبوي ؟ كل هذي الأسئلة اللي مالها جواب ، إنتِ مستعدة تواجهيها يا ريم ؟
نظرت إليها ، تأملتها لثوانٍ ، قالت بعدها : بسألك سؤال ، تتخيلي شلون كانت بتكون حياتِك ، لو ما خلفتِ ليان ؟
سناء بابتسامة : كنت رح أحس بالوحدة ، كانت حياتي بتكون مملة جداً ، بس عالأقل بتكون هادية ، قلبي كان بيظل هادي ، كان بيظل ينبض هِنا ، في صدري ، الحين قلبي مو معاي يا ريم ، قاعدة أواجه كل يوم أصعب من اليوم اللي قبله ، و عاصِم ؟ عاصم مرتاح ولا على باله ، منو اللي تعذب و بَلع الهم بروحه ؟ طبعاً أنا ..
ريم : بس إنتِ أم ، و الأمومة ماهي مجانية ، هذي ضريبتها !
سَناء بانفعال : أجل الأمومة لها ضريبة ، أدفعها كل يوم من عمري ، و الأبوة مالها ضريبة ؟ ليش اهو بعد ما يدفع هالضريبة ؟
ريم : راح يتحاسب ..
ابتسمت بسخرية و هي تُشيح بنظرها عنها ، أوَ يشفي صدرها ذلك الحِساب بعد أن دفعت حياتها ثمنًا لأنانيته و نرجسيته ؟ أيعيد ذلك حق ابنتها التي تقتلها كل يومٍ أفكارها و هي تتخيل تجهم وجه والدها عندما سمع بخبر قدومها إلى الدنيا ؟
،,


ألقَت على الطاولة أمامه ، كيسًا أسودًا مغلفًا بإحكام ، لاصِق شفّاف يلفّه ، ألقى نظرة خاطفة إلى الكيس ، ليرفع نظره إليها بعد أن اعتدلت من انحناء جسدِها ، علامات استفهام تجوّلت في مقلتيه ، تقول حسناء : اليوم نفّذت عملية ، أو ... صفقة ، مدري ، سميها اللي تبي ، و هذا المبلغ اللي كنا متفقين عليه صار عندَك .. تقدر تحسب نسبتي من المبلغ و تعطيني إياه بعدين ..
هزّ رأسه ، بابتسامة خافتة لم تميز ظهورها حَسناء ، دَفع كُرسيه الدوّار إلى الوراء و نهض ، اتضّحت ابتسامته أكثر و هو يقترب نحوها ، صَار أمامها ولا زالت مُتجمّدة في مكانِها تبحث عن تفسير لنظراته و ابتسامته ، حتى ضمّ بكفيه وجهها الصّغير ، انحنى رأسه قليلًا ، و امتدّت شفتيه ليطبَع قُبلة على جبينها ، ابتعَد قليلًا لينظر إلى وجهها ، ابتسامة الفَخر لا زالت ظاهرة على شفتيه ، يقول بعدها : هذي هي بنتي حَسناء ، عمرِك ما خيّبتِ أملي فيكِ يا بنت أبوكِ .
بادَلته ابتسامته ، بأُخرى خجولة ، تمتد يدها الناعمة لتلتف فوق كفّه ، تُبعِده برقّة عن وجهها ، تعودُ خطوة إلى الوراء ، لا زالت متمسّكة بيدِ والدِها ، و هي تقول بهمس : بس أنا ما اخترت أكون كِذا .. و هذا هوة الفرق ..
تركَت يده ، تحرّكت ببطء نحو الباب و هي تُعدّل شعرها بيدِها بارتباك واضِح ، استوقفها سؤاله دون أن يلتفت إليها : أي فَرق ؟
وقَفت في مكانها ، دون تحرّك أو إجابة ، انحنى رأسها نحو الأرض لتحدّق في قطعة السجّاد الصغيرة التي تكسوها ، التفت إليها و كرر مجددًا : تكلمي ، أي فرق ؟
أخذت نفسًا عميقًا ، استدارت بكامل جسدها إليه ، نظرات العَتب التي صبغت عينيها ، باتت عادية لديه ، تنهّد و كأنه يعرف الإجابة قبل أن تقولها ، قالت : هذا الفرق بيني و بين الولد اللي بييجي .. أنا ماني قاعدة أسوي اللي أسويه ، و ماني قاعدة أشتغل هالشغل ، بس عشان أرضيك ، ولا عشان خايفة أخيب أملك فيني ، أنا حَسناء لأنك إنت تبيني أكون كِذا ، و أجبرتني أسوي هالشي ، و لو الأمر بإرادتي ، أخيب أملك كل يوم ، ولا أسوي اللي قاعدة أسويه ، بس إنت حطيتني بين خيارين ، كأنك قلت لي اختاري بين الحياة و الموت ، بس اللي فـ بطن ريم ، تقدَر تخليه يحبك ، تقدَر تخليه يسوي أي شي علشان يرضيك و يخليك تفتخر فيه ، من دون ما تجبره على شي ما يبغاه ،
اقتَرب خطوتين حتى وقف أمامها ، و قال بتجهم : هذي ثاني مرة تقولي إني أقدر أخلي الولد يحبني ، يعني إنتِ ما تحبي أبوكِ يا ديانا ؟
ارتسمت ملامحها بابتسامة ساخِرة لاذعة ، قالت : السؤال المفروض أنا أوجهه لك ، إنتَ تحب بنتك ، يا عُمر ؟
بلهجة دفاعية : طبعًا أحبك ، في أب ما يحب بنته ؟!
حَسناء : المشكلة يا يُبه ، إنّك حطيتني فـ مكان ، ولا تزعل مني ، خلاني ما أوثق فيك ولا بمشاعرك ، يمكن الحين لو أقولك بترك الشغل ، تقطني برا البيت و تتخلى عني ، و لو ماني قاعدة أمشيلك مصالحك ، ما كنت بتحبني .. مابي أجزم بهالشي وأظلمك ، بس طبيعة علاقتنا خلتني أفقد الثقة فيك ، و فـ كلامك ، و دائماً فيه سؤال بيخليني أشك بمحبتك لي ، لو كنت تحب بنتك فعلًا ، شلون تسمح إنها تعرض نفسها للخطر في شغل مثل هذا ، عشان مصالحك ؟ عندَك جواب ؟
أَخذ نفسًا عميقًا في محاولة منه لكسب بعض الوقت علّه يجِد إجابة ، ابتسامة صغيرة بانت على شفتيها ، و هي تقول بلهجة ساخرة : لا تحاول يبه ، عارفة إنك ما عندَك جواب ، أنا ما قِلت إني أكرهك ، بس ما اقدر أحبك مثل ما أي بنت تحب أبوها ، ما بنسى وش سويت فـ شبابي ، و على شنو ضيعته .. فخلاص لا تتعب روحَك معاي ، ربنا أعطاك فرصة ثانية بعد كل هالسنين ، عشان يكون عندَك ولد ، عشان تكون أب حقيقي ، لا تضيّع هالفرصة بعد ..
هزّ رأسَه ، بحيرة ، تساءَل : جاهزة للسفر ؟
حسناء : متى السفر ؟
عُمر : الخميس إن شاء الله ..
هزّت رأسها بالموافقة ، دون أن تنطِق ، و خرجت ..


،,

ارتجفت يده و هي تنزل عن أذنه متشبثة بالهاتف ، اتسعت عيناه و قد عَرف من ناداه من صوتِه ، إن سمِع مجرى الحديث فقد فُضِح أمرهم ، ابتلع ريقَه و التفت بقلق يحاول أن يُخفيه ، نظر إليه نَعيم بريبة : وش قاعِد تسوي برا مكتبك ؟
تنحنح بارتباك : احم ، ما في شي بس جا لي اتصال ضروري تركت المكتب عشان أرد ..
رَفع حاجبه الأيسر بغير إعجاب : جالك اتصال ؟ إنتَ جاي تشتغل أو تسولف عالجوّال ؟
ابتلع ريقَه مجددًا : لا بشتغل طبعًا بس ..
قاطعه بنبرة حادّة : من دون بس ! ارجع لمكتبك الحين ، و هذا آخر تنبيه ، آخر مرة أشوفك برا مكتبك فـ أوقات الدوام ، مفهوم ؟
هزّ رأسه بتخبّط ، ثم غَدا بسرعة نحو مكتبه ، رفَع السماعة ليضع الميكروفون عندَ شفتيه : ما أظن سمع وش قلنا ، اقفل الحين أمر عليك بعد الدوام ..
يَضغط بطرف ابهامه على الزر الأحمر على شاشة جوّاله ، و هو يتلفّت حوله ، يدخُل إلى المكتب ، ترتفع نظرات زميله إليه ، بابتسامة جانبية كأنه يعرف ما حدث : وش صاير ؟
يرد بارتباك و هو يجلِس خلف طاولته : لا ، ما في شي ..
أحمد ، و هو يعمل على جهازه دون أن ينظر إليه : شافَك نعيم برا مكتبك و سمّعك كلمتين ؟
تحرّكت عيناه نَحوه ، رافعًا حاجبيه بتعجب : شلون عرفت ؟
أحمد بضحكة خفيفة : كلنا صار معانا كِذا أول ما توظفنا .. بس لا تفكر إنه بيتكلم جد ، اهوة بس يحب يستلم الموظفين الجدد و يسوي عليهم نظام ، شهرين زمان يصير ما يسأل عنك .
صَمت فهد بتفكير ، نصف ابتسامة مُسايرة تعلو شفتيه ، التفت إلى صوت زميله حين قال : الحين برسلك عالايميل ملفين ، لحسابات الشركة الشهر الأخير ، أبيك تدققهم و تعملي كونفورميشن ..
هزّ رأسه بالموافقة : اوك يلا ..

،,


عَصرًا ، دَخل بهدوء إلى البيت ، أغلق الباب خلفه و هو يُحدّق بعينيه نحو الأمام ، تجلّى اليأس في وجهه من كل شيء ، اقترب و هو يُعيد المفتاح إلى جيبه و يدفِن كلتا يديه في جيوبه ، تنهّد و هو يعرِف ما ينتظره الآن ، وَقف أمامهم ، و قد اجتمعوا على طعام الغداء ، ارتفعت أنظار شهد إليه و هي تقول بابتسامة : هلا حبيبي حماتَك تحبّك ، غسّل و تعال تغدّا ..
ببطء سَار خطوات قليلة حتى اقترب منهم ، وسط نظراتهم المتفحّصة ، ارتمى جَسده فوق كنبة منفردة مهترئة ، في زاوية الغرفة ، تبادل الجميع النظرات فيما بينهم ، بعد صمت غير طويل ، تساءلت شهد : وش فيك طارِق ؟ ما تبي تتغدى ؟
طارِق ببرود : ماني جوعان ..
شهد : كَليت شي ؟
هزّ رأسه بالنفي ، تساءل والده و هو يمضغ طعامه و دون أن ينظر إليه : وين كنت ؟
ارتفعت عينا طارِق نحو والده لثانية ، ثم عاودتا الانخفاض ، التزم الصمت ، يقول والده بسخرية : ما لقيت شغل طبعاً ..
كان النفي في تنهيدتِه واضِحًا ، عيناه لا تتركان الحملقة في بَلاط المنزِل القديم ، و أصابعه تُلاعِب مفاتيحه بتوتر ، نَفض والدَه كفّيه من الطّعام ، نَهض عن الأرض بصعوبة ثم توجّه نحوه و هو يُسلّط سبابته اليُمنى عليه كأنما يوجّه له اتهامًا ما ، و قال بحدّة : كله من دماغك اليابِس هذا ، جالَك عرض ما كنت تحلم فيه بحياتَك ، نعمة وصلت لعند رجولك رفضتها و رفستها مثل الغبي !
نَظر إلى والده بعتب : رجعنا لنفس الموضوع ؟
أبو طارِق : و ليش ما نرجع يُبه ؟ قول لي وش سويت شي يخليني أقفل الموضوع ؟ رايح جاي تدوّر شغل و منت ملاقي ، قول لي متى بتتزوج و بتفتح بيت على هالحال ؟
طارِق : منو قال إني مستعجل أتزوج هالحين و أفتح بيت ؟ يبه أنا لو بموت من الجوع ما راح أكسب فلوسي من ورا أذى أخوي و صديقي !
أبو طارِق : كل شوي يقول لي صديقي و أخوي ، وينه صديقَك و أخوك هذا ؟؟ وينه عنّك و عن حالتك ؟ اهوة اشتغل و دبر أموره ، أشوفه ما تذكرك ؟
استعت عينا طارِق : وش يعني يتذكرني ؟ تبيه يتصدق علي ؟؟
أبو طارِق : طبعاً لا ، بس ليش ما يدبرلك وظيفة مثل ما دبّر لنفسه ؟
أشاح بنظره عنه و هو يعرف حقيقة ما يحدث مع فهد : صداقات أبوه دبروه مو اهوة دبر نفسه ..
ارتفع حاجبا والده باستنكار : يعني قصدك تقول إن أبو فهد أحسن مني ؟ و عنده علاقات دبّرت ولده بـ شغل و إني مقصّر معاك ؟
تنهّدت شهد بيأس و أطبقت عينيها و هي تسمع كلام والدها الخالي من المنطق ، نهض طارق من مكانه و وقف أمام والده : يبه منو قال كذا ؟ ليش تفسّر كلامي على شي ثاني ؟ أنا قصدي أقول إن اللي ماله واسطة ، و حاله مثل حالي صعب يلاقي وظيفة ، وش الغلط اللي قلته ؟
هزّ رأسه و لم يعجبه كلامه : على كل حال ، بكرا تمر فيك الأيام تلاقي نفسك ما سويت شي لحياتك ، ساعتها تندم على اللي ضيعته من عمرك ..
نظرة حادة أخيرة رمقه بها قبل أن يُدير ظهره ، و يتحرك خارجًا من المنزل ، التفت حينها طارِق إلى والدته و أخواته اللاتي ينظرن إليه بقلّة حيلة ، تنهّد و دخل إلى غرفته دون كلمات .


،,


وصل إلى المستشفى ، عَقله مشوش بكثير من الأمور ، صَعد في المصعد إلى الطابق الخامس ، تحرّك خارجه حين وصل بتوتر ، و حركات سريعة ، و هو ينظر بعين الشك إلى ياسمين التي تجلس خارج الغرفة ، تراقبه عن بعد مع ابتسامة صغيرة ، انتصبت قامتها حين وقف أمامها ، التقط أنفاسه و هو يشتت نظراته بعيدًا : شلونها أمي ؟
ياسمين : تعبانة شوي ، تركتها نايمة ..
هزّ رأسه بتوتر و عيناه معلقتان في الأرض ، قالت ياسمين : وش فيك فهد ؟ مانك على بعضك !
بحركة مفاجئة منه ، أحكم قبضته على ذراعها حتى تألمت ، و قال من بين أسنانه بغضب : وين راحت الفلاشة ؟
ياسمين و هي تنظر حولها بريبة : فهد وش تسوي قاعد ابعد عني !!
يحاول أن يتمالك نفسه ، تَرك يدها ، ابتعد إلى الوراء خطوات عدّة ، مَسح وجهه بكفّه بينما تفرك ياسمين مكان ذراعها بألم ، قال مجدداً بذات الغضب : وين راحت الفلاشة ؟
ياسمين : مادري عن شنو تتكلم !
فهد : المحقق لما أخذ الفلاش ميموري ما كان فيه غيري و غيرك ، ما حد عرف عنها غيرنا ، و إنتِ كنتِ ضد إني أعطيها للمحقق ، قولي وين اختفت ؟؟
تكتفت و قالت ببرود : اتصرفت مثل مو لازم أتصرف ! قلت لسلطان و اهوة حل الموضوع .. هذي الفلاشة ممكن يكون فيها معلومات عن شغل أبوك السابق ، و بالتالي إنتَ رح تنضر لو الشرطة عرفت !
فهد يبتسم بسخرية : هالحين إنتِ خايفة على ضرري ؟ ليش ما تقولي فيها معلومات عن القاتل ما تبوني أوصلها ؟؟!!!
ياسمين : والله أنا ما أعرف الفلاشة وش فيها ، بس مهما كان ما هو من صالحنا إنها توصل للشرطة !
رفع حاجبه الأيسر و قال متعجبًا : صالحنا ؟ من متى في مصالح تجمعنا ؟
ياسمين بابتسامة مستفزة : افـا عليك يابو مشعل ! ناسي إني بجيب لك أخو ؟
نظر إليها بحقد ، بنبرة تهديد قال : يا ويلك أمي تدرى بهالسالفة ، لا بدا بطنك يكبر تروحي تقعدي في بيتك لين تولدي ، و بعد الولادة في فحص بنسويه قبل لا أتأكد إنه أخوي فعلاً !
ابتعدت خطوة إلى الوراء ، رفعت يدها لتصفعه ، لكنه أمسَك ذراعها و ضغط عليه بقوّة : اكسري ايدِك قبل لا تفكري تمديها !
ساد الصّمت لثوانٍ و هما واقفان على ذات الوضعية يتبادلان النظرات الحانقة ، قبل أن تصِل رسالة إلى جوّال فهد تقلِب مزاجه تمامًا .
ترك يدها ولا زال العبوس على وجهه ، حتى قرأ تلك الرسالة فامتدت شفتيه بابتسامة واسعة ، و بريق لامع ظهر في عينيه ، جعل ياسمين تتساءل ، من المرسِل يا ترى ؟!
ابتعد عنها و أخذ زاوية ليقرأ كلامها مجددًا : " سلامتها عمتي جواهر ، دريت من طارق إنها في المستشفى ، لكن ما قدرت أبعث و أتطمن عليها قبل ، إذا صارلي مجال أكيد بمرلها المستشفى . سلّم عليها .. "
كَتب : أحلى كلمة تطلع من شفايفك كلمة عمتي ، ربي يخليكِ لـ عمتك ، و ولد عمتك ..
أخذ نفسًا عميقًا و هو يغلق الجوّال و يضعه في جيبه ، التفت بابتسامة ليجد ياسمين تحدّق فيه باستغراب ، تجاهلها و دخل إلى غرفة والدته ، اقترب بابتسامة : شلونها ست الكل اليوم ؟
بلهجة معاتبة : مشتاقة ..
انحنى ليُقبل ظَهر كفها ، ثم اعتدل في جلوسه : سامحيني يالغالية ، إنتِ عارفة المشاغل ، ما صدقت لاقيت وظيفة ..
هزّت رأسها : معاك حق ، أنا ما تعودت إنك تغيب عني ، طول الوقت كنت معاي ، بس يوم لاقيت وظيفة حسيتك بعدت ، مع إن هذا الشي طبيعي ، طبيعي إنك تلتفت لحياتَك و مستقبلك ، بس ماني قادرة ما أكون أم أنانية !
فهد باستهجان : لا يمه وش هالكلام ! وش أنانية ؟ إنتِ أحلى أم في الدنيا ، بعدين حياتي و مستقبلي اهمة انتِ يمه ، كل شي قاعِد أسويه علشانك علشان ترتاحي بعد كل هالتعب اللي شفتيه بحياة أبوي !
تنهّدت بألم : أبوك الله يرحمه ما قصّر ..
فهد : إلا قصّر !
نظرت إليه بتعجب ، تدارَك ذاته بابتسامة : المهم شلون حاسة اليوم ؟
جواهر : الحمدلله على كل حال .
نهض عن الكرسي : طيب يمه أنا عندي شغل بروح الحين و برجع بالليل .. و هذي ياسمين عندك لو احتجتوا شي دقوا علي ..
اقترب منها ليقبل جبينها ، مع تمتمتها : الله يرضى عليك يا يمه ..

،,

طُرِق باب غرفتها ، ابتعدت نظراتها عن شاشة الحاسوب و ابتسامة حالمة تظهر على وجهها : تفضل ..
فتحت الباب و مدّت رأسها بابتسامة : ها شلون استعدادك للسفر؟
سَارة : تمام التمام ..
اقتربت جمانة من أختها ، جلست على طرف السرير و هي تحمل كوب شاي بيدها اليمنى ، قالت : تدري إنتِ لازم تسوي مخطط عشان تزوري الأماكن الحلوة بروما ، و كمان مو غلط تخلي غسان بالعطلة ياخذك برا روما ، ممكن تروحوا فلورنسا ، ميلانو ، نابولي .. كلها أماكن حلوة لازم ما تضيعي ولا يوم ..
سَارة : ما بخطط شي أصلًا أنا أول مرة أسافر و ما عندي مخططات غييير هذا
أدارت شاشة الحاسوب نحو جمانة لترى ، رفعت جمانة حاجبيها بإعجاب : اووه ، يخقق ! منو هذا ؟
سَارة بحماس : كنت قاعدة أفكر إني لازم أسوي تغيير بهالسفرة ، قلت لو أقدر أشوف طبيب تغذية و حميات بروما ، و أصير أراجعه ، يمكن يساعدني إني أنحف ، راح أقعد مع غسان فترة مو قصيرة ، و ممكن أستفيد ..
جمانة بتأييد : برافو عليكِ هذا التفكير السليم ، بس منو هذا طبيب يعني ؟
سَارة : أيوه طبيب ، اهوة سعودي بس مقيم بروما من زمان و عنده عيادة و كل الريفيوز على صفحته تقول إنه طبيب ممتاز حتى الأجانب كاتبين إنه مرة كويس ..
غمزتها جمانة : و حليوة بعد !
سَارة : يلا عاد ، مو كافي بننحرم من الأكل اللي نحبه ، نشوف وجه حليوة يصبرنا ..
جمانة : ههههههههههه لا معاكِ حق بصراحة !
سارة و هي تشير بسبابتها إلى الشاشة : حجزت موعد عنده ، بعد أسبوع من وصولي ..
عقدت حاجبيها : من أول أسبوع تبي تبدي نظام و حميات ؟ شلون حجزتي ؟
سارة : عنده موقع عالانترنت و المريض يقدر يحجز أون لاين .. مرة متحمسة إني أبدا حياة جديدة ..
دخلت رهف بدون استئذان على وقع الكلمة الأخيرة لتقول باستهزاء : خير إن شاء الله منو اللي بيبدا حياة جديدة ؟
رفعت سارة نظراتها المتجهمة لها و قال بحدة : إنتِ شلون دخلتِ غرفتي بدون ما تطقي الباب ؟
رهف و هي تستند إلى الباب بكتفها : والله حبيبتي الباب كان مفتوح ، و بعدين هذي الغرفة بعد يومين بتصير غرفتي ..
أطبقت سارة شاشة الحاسوب بعنف ، نهضت أمامها : والله حبيبتي ما حزرتِ هذي الغرفة غرفتي و بتظل غرفتي !
وقفت جمانة بينهما : وش فيكم ماهي مستاهلة عشان غرفة تسووا كِذا !
رهف باستفزاز : والله قولي لهالدخيلة تتركنا بروحنا المفروض تشكر ربها ليل و نهار إننا مقعدينها معانا و أنا اللي أقرر وين تقعد مو اهية هذا بيت أبوي مو أبوها !
جمانة : رهف ، عيب هالكلام ، أبوها يكون عمّك الله يرحمه ، و أمك اهية أمها ، انتوا خوات ما يصير كِذا ..
سَارة : تدري وش الشي اللي بنفسي أسويه قبل لا أسافر ؟
تكتفت رهف بلا مبالاة و هي تنظر إلى الأعلى بغرور ، غافَلتها سارة حين مدّت يدها لتشد شعرها بقوّة تسحبها نحوها ، فاجأت الحركة جمانة التي تنحت جانبًا ، ألقت سارة رهف على السرير بعنف ، لتصعد فوقها و تسيطر على يديها و تبدأ في لكمها على وجهها ، بينما تصرخ رهف مستنجدة بوالدتها و والدها ، جاءت يسرى تركض على الصوت ، تقدّمت بغضب من سارة و أمسكت ذراعها : وش قاعدة تسوي يا مجنونة ذبحتيها للبنت !
نَهضت عنها منهكة و قالت و هي تلهث : بنتك هذي قليلة أدب و يبيلها تربية !
يسرى : بس يا بنت وش هالكلام عيب !
جُمانة ، متكتفة : ماما ، رهف اهية اللي بدت بصراحة !
رهف تبكي : و فوق إنك تركتيها تضربني و ما دافعتِ عني ، بعد واقفة معاها ؟
تقدّمت خطوة : ماما فعلًا رهف قليلة أدب ، قللت احترام مع أختها الكبيرة و سمعتها كلام مو كويس ، ولازم تتعلم الأدب و شلون تتعامل مع اللي أكبر منها ..
ابتعدت رهف حتى وصلت الباب : ع كل حال بعد شوي ييجي أبوي و نشوف وش بيصير !
خرجت غاضبة ، التفتت يسرى إلى سارة ، ربتت على كتفها : لا تاخذي على كلامها ، رهف صغيرة و ما هي عارفة وش قاعدة تقول ..
هزّت سارة رأسها بعدم رضا ، و في عينيها وَعيد لم يظهر سابقًا ، وعيد صعب الفهم و الشرح !


،,


ارتخى جسَده على كرسيه الدوّار ، و هو يُطبطب على بطنه بعد وجبة دسمة تناولها ، دَخل فهد و قد بانت على وجهه علامات الانزعاج من رائحة الطعام التي تعج في هذا المكان الضيّق ، قال بنبرة عالية : انت على طول فـ هالمكتب ؟
رفع رأسه ، اعتدلت جلسته حين رآه ، تقدّم فهد و جلس أمامه بسرعة : ماني عارِف شلون تقول إنك قلقان ، و تقدر تاكل كل هالأكل !
سلطان : وش علاقة الجوع بالقلق ! يعني إذا قلقان أموت من الجوع بعد ؟
ظهرت نصف ابتسامة على شفتيه ، قال سُلطان : أخبارك اليوم ماهي عاجبتني ، بس خلينا نبدأ بيحيى ، وش كان يبي منّك ؟
نظر إليه بحدة : الفلاشة اختفت ..
سُلطان يصطنع الجهل : أي فلاشة ؟
ابتسم فهد : سُلطـان ، أنـا عـارف إنّك انت اللي خفيتها ، لا تسوي علي هالحركات و قول وين الفلاشة و ليش خفيتها عني ؟
سُلطان بلا مبالاة : أنا ما خفيتها عنّك ، خفيتها عن الشرطة ..
فهد : كويس ، أجل أعطيني الفلاشة الحين ..
سُلطان : ما راح تاخذها ، مالك شغل فيها ... رح تظل عندي بأمان ، عندَك ممكن أي واحد ياخذها ! و ماله داعي تعرف كلشي عن أبوك !
رفع حاجبيه معترضًا : والله ؟ أجل منو لازم يعرف كل شي عن أبوي ؟؟ الولد اللي جاي عالطريق ؟
عقد سُلطان حاجبيه : أي ولد ؟
فهد : ياسمين قالت كل شي ، و قالت إنها حامل ، ما في شي يستاهل تخبونه ، ما أتوقع إن أبوي مخبي عنا أكثر من كذا !
أطبق سُلطان عينيه و هو يشتاط غضبًا من ياسمين التي أحرقت جميع بطاقاتها دفعة واحدة ، أخذ نفسًا عميقًا : و لو كان ، الحين ماهو الوقت المناسب عشان تأخذ الفلاشة ! خلينا فـ موضوع مهمتك هذي ، شلون بتحل المشكلة ؟
صمت لثوان و هو يحدّق فيه بكره ، ثم قال : مادري ، الوحيد اللي يقدر يقول عن الرقم اهوة زميلي أحمد ، و الحل الوحيد إني أستدرجه ، بس ماني ضامن هالحل !
سُلطان : وش استفدنا منك فـ هالحالة ؟
نهض فهد : والله أنا اللي علي سويته ، المفروض إنتَ و شريكك عمر خبرة فـ هالمجال ، و أكيد ما رح يفوتكم إن الشركة ما راح تأمن لموظف جديد و يطلعوه على صفقاتهم و مناقصاتهم بهالهسولة قبل لا يجربوه شهر عالأقل !
سُلطان : أفهم من كلامك إنّك خلاص بتستسلم ؟
فهد : لا ، بس مثل ما قلتلك ، ماني ضامن إني أقدر أستدرج أحمد بالكلام ، و لو ما تمت المناقصة أنا مالي ذنب ، و حقي باخذه كاامل ! ولا تخليني أستخدم أساليب ثانية !
خرج و سُلطان يرمقه بالنظرات الحادة ، رفع جوّاله بغضب ليتصل بـ ياسمين ..


،,

نهضت عن سريرها و صرخت في وجهه : لا طبعًا ! ماني موافقة يا عِصام !
وقف أمامها و قال بهدوء متكتفًا : وش اللي منتِ موافقة عليه يا مريم ؟
مريم بذات النبرة : أنا ما راح أنتظر اليوم اللي تدخل علي فيه بضرة ! وش يعني أمك تبي تذلني ؟
عِصام بنفاد صبر : ياا مريم وش تذلك و ما تذلك !! اهية قالت إنها ما راح تزور الجماعة ولا رح تخطبلي إلا لو حاولنا و ما نجحت محاولاتنا ، و هذا احتمال ضئيل لأن كل مشاكل الإنجاب اليوم صار لها حلول !
مريم : وش الحلول اللي قاعد تتكلم عنها ؟ أي حلول تبينا نجرب ؟
عصام : ممكن تهدي و تقعدي عشان نعرف نتكلم ؟
مريم تصرخ بغضب : مابي أقعد ولا أبي أتكلم خلاص روح تزوج و سوي اللي تبيه !
صرخ عِصام : مـريـم !!
هدأت و هي تنظر إلى عينيه المشتعلتين ، اقترب و قال بتهديد : إياكِ ترفعي صوتِك علي مرة ثانية !
سَقطت دمعة حارّة من عينها اليمنى و هي تخفض نظراتها أرضًا ، تنهّد عِصام بملل ، جلس على طرف السرير مجددًا و قال بامتعاض : اللي قاعدة تسويه ماهو من حقك ! مو من حقك تحرمينا نتعالج و نجرب قبل لا تتخذي قرار يخرب بيتنا ! لا شرع ولا دين يسمحلك تسوي اللي قاعدة تسويه !
التفتت إليه ببطء ، و همست : نتعالج ؟
عِصام : طبعًا نتعالج ، أنا و إنتِ واحَد ! مرضك مرضي ! و لو تبي تتعالجي ما راح أتركك تروحي جلسات العلاج بروحِك ، و راح نجرب كل الطرق ! ليش مستهينة بنفسِك مرة عندي ؟ ليش متوقعة إني ممكن أتخلى عنّك بالساهل ؟ مشكلتنا ماهي مرضك يا مريم ، مشكلتنا قلة ثقتك فيني !
جلست إلى جانبه و قالت بهدوء : يمكن إنتَ السبب !
عِصام بتعجب : ليش ؟ وش سويت عشان ما توثقي بمشاعري تجاهِك ؟
مريم : لأنّك ما سويت شي ! طول فترة زواجنا و أنا ما أحس بحبك ولا بمشاعرك ، ما حسيت فيهم إلا يوم عرفت عن مرضي !
عصام : لو كلامك صحيح ، المفروض ما تشكي بمشاعري ، لأني لو فعلًا ما أحبك كان انتظرت فرصة صغيرة عشان أتركك و أشوف غيرِك ، الحب ما يحتاج كلام يا مريم ، يحتاج أفعال ، و أنا ما أتوقع إني قصّرت معاكِ بيوم ! خاصة وقت الشدة !
مريم : أنا حاسة إن حياتي انتهت !
أخذ نفسًأ عميقًا : فيه ناس الله يبتليهم بالسرطان و الأمراض القاتلة ، و ما يعيشون حالة اليأس اللي عايشتها إنتِ ! يستقبلون أقدارهم برحابة صدر و ابتسامة ، و بهالطريقة بينتصروا على أمراضهم ، اليأس أقوى عدو للشفاء يا مريم ، أنا تعبت معاكِ مو لأنك منتِ قادرة تحملي في الوقت الحاضر ، تعبت لأنك ما تبي تواجهي ! إنتِ جبـانة ، و الحين أنا اللي لازم ما أوثق بمشاعرك تجاهي !
نظرت إليه باستفهام ، نهض بصمت حتى وصل الباب ، فتحه و قال قبل الخروج : لو تحبيني فعلًا تحاربي عشان تحافظي علي ، مو تسوي كل شي تقدري عليه عشان تطفشيني !!



،,






انتهى

أعتذر لجميع أصدقاء الرواية أولًا على الغياب ، و ثانيًا على قصر البارت ، لكن الله يعلم ما مررت به من ظروف و كم عانيت في كل مرة أحاول أن أكتب فيها سطر كنت أشعر أن شيئًا ما يكبّل يداي و يقيد تفكيري و يسرق إلهامي ، من الصعب جدًا التأقلم مع الحياة مجددًا بعد أن تفقد أحد والديك ، و لكنني لا زلت أحاول بالإيمان بالله لأستمر ، و محتاجة دعمكم بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، و محتاجة صبركم ، و أوعدكم إني ما راح أخيبكم ، بإذن الله ..

أراكم بإذن المولى قريبًا ..

طِيفْ !

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 14-03-20, 11:06 PM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

يا حبيبتي يا طيف حاسة بك والله وكلامك وقع في قلبي والله .. أنا كمان مريت بهذه المرحلة لمن توفى والدي رحمه الله فعلاً تشعري إن الحياة ما عادت نفس أول وتحسي بأنك كبرت أعوااااام وما عدت تشوفي الدنيا بنفس نظرتك الأولى حتى قلبك والله تحسي إنك ما عاد تشعري به وانه صار فعلاً مجرد مضخة فقط .. لكن فعلاً والله لولا الله ورحمته وفضله ومنه علينا الحمدلله ما كان خفت هذه الأعراض وقدرنا نمضي لكن أكثر ما بقي فقط هو الحنين والشوق الغلّاب .. ربي يرحمهم ويوسع مداخلهم ويرزقهم فردوسه الأعلى بدون حساب ولا سابق عذاب .. كل ما جاتك الذكريات ادعي لها وأكثروا من الصدقة وخصوصاً سقيا الماء ونحاول نشغل نفسنا بكل ما يرضي الله وفكري فيها انها يمكن بإذن الله في تلك اللحظة كانت أقرب ما تكون إلى الله ولذلك اختارها ،وهم ما سابونا هم فقط سبقونا إلى دار الحق وكلنا بإذن الله ماضون بهذا الدرب وبهم لاحقون ،الله يرضى علينا دائماً وأبداً ويربط على قلوبنا ويعطم أجورنا ويجعلنا معاً في جنانه كما كنا في دنيانا 🤚🏻✋🏻 وتذكري دائماً هذه الآيات " ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " ربي يجعلنا جميعاً منهم يا رب ، يا رب يطمنكم عليها ويطمنها عليكم ويرزقكم مرآها في المنام بخير وعلى خير يا رب ✋🏻🤚🏻✋🏻🤚🏻❤❤ كل الود لك ولقلبك✋🏻🤚🏻✋🏻🤚🏻❤❤

 
 

 

عرض البوم صور missliilam  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:13 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية