لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-12-19, 10:59 AM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,528
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

السلام عليكم
الحمدلله على السلامه طيوفه
واخر الغيبات ان شاءالله
نجي لابطالنا ..
احس كلهم عايشين في دوامه .. يحيى ..وفهد ..وحسناء ..وطارق .. مريم ..
يمكن لان الى الان ماأستقرت امورهم ولامسكوا اول الخيط
اتوقع ام فهد تموت ومايبلغونه ويمكن موتها تكون القشه التي قسمت ظهر البعير ... بعدها فهد ماراح يخاف منهم الا اذا عرفوا بحبه لشهد ..هنا بتكون شهد البطاقه الرابحه لسلطان والكرت الاخير في ترويض فهد ..
الشاب الي يبي منشطات من حسناء اتوقع انه يكذب عليها ويمكن يدبر كمين علشان توقع هي وابوها ..
واحتمال ابوها يراقبه ويكشفه
ويمكن تكون هي الي تتلقى صفعه من ابوها ..
ريم اتمنى احد الامرين اما انها تهرب لمكان مايعرفه عمر او تسقطه لان ماعليه حسوفه و ابوه عمر 👿 استغفرالله

طيف ..عاذرينك حبيبتي ..والف لاباس عليك ..

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 07-12-19, 10:32 AM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،

أتمنى أن يكون الجميع بصحة و عافية ، هذا الجزء رح أعتبره تتمة للجزء الثامن ، إن شاء الله يعجبكم

قراءة ممتعة


بسم الله نبدأ

وَ إن زارَنا الشّوق يومًا و نادى
و غنى لنا ما مَضى و استعادا
و عاد إلى القَلبِ عهد حنون
فزاد احتراقاً و زدنا بعادا
لقد عاش قلبي مثل النسيم
إذا ذاق عطراً جميلاً تهادى
و كم كان يصرخ مثل الحريق
إذا ما رأى النار سكرى تتمادى
فهل أخطأ القلب حين التقينا
و في نشوة العِشق صرنا رمادا ؟ "

*فَاروق جويدة

وَ في نَشوةِ العِشقِ صرنا رمادا ، بقلم : طِيفْ!

الجزء 8
*تتمة


الأجواء المشحونة ، الصّمت يعم المكان ، يعمل كل منهم دون أن يتحدث إلى الآخر ، كأنما كلمة واحدة من أحدهم ستشعل فَتيل الحرب ، تنهّد و هو يتقدّم نحو غرفته ، وسط نظرات الضباط المتعجبة لوجهه في دخوله و خروجه ، تجاهلهم ، وصل إلى مكتبه ، وقف عند الباب يتأمل التوتر الذي اختلقه اليوم ، أخذ نفساً عميقاً ، و قال بصوت أقرب للخجل : السّلام عليكم ..
توجهت أنظار كل منهم إليه ، بعد ثانية ، رد إبراهيم و عزيز بصوتٍ واحد : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
لاحظ نظرات عِصام الحانقة ، و عَدم ردّه السلام ، تجاهل نظراته و توجّه نحو مكتبه ، يقف عِصام أمام مكتبه و هو يحمل ملفاً أحمر اللون بين يديه ، دون أن ينظر إلى يحيى ، يسأل بجمود : وين كِنت ؟
يرفع نظره إليه ، يستمر بصمته ، لم يستوعب بعد أنه يوجه سؤالاً له ، يُكرر عِصام بنفس اللهجة : قاعِد أكلمك وين كِنت ؟
يحيى : كان عندي مشوار لبيت فهد ، و ..
قاطعه و هو يتقدم نحوه و يُلقي الملف الأحمر أمامه بقوّة : دقق هالملف و انقله عالكمبيوتر ، أبغاك اليوم تخلصه ..
ينظر إلى الملف بطرف عينه ، تنتقل نظراته إلى عصام : بس هذا ما يخلص اليوم ، و أنا ماسِك قضية و أشتغل عليها ..
عِصام و هو يُعطيه ظهره : مو مشكلتي هذا أمر من مسؤولك بتنفذه ، إبراهيم الحقني مع ملف السجين 4071
خرج من الغرفة ، تِلك المرة الأولى التي يرون بها عصام على تِلك الحالة من الغضب و السّخط ، توجّه إبراهيم نحو المكتبة ليفتش عن الملف ، يُطبِق يحيى عينيه بتعب و هو يسند رأسه إلى ظهر كرسيه و كأنه يعاتب نفسه ، ينظر إلى عزيز ، يسأله : قال شي لما كنت برا ؟
عَزيز يهز رأسه بالنفي ، يترك مكتبه و يتجه نحو يحيى ، يجلِس أمامه : شفت فهد ؟
يحيى : ما كان موجود في البيت ..
عقد حاجبيه : طيب ؟؟
ينظر إليه ، بتوتر يقول : وش طيب ؟؟ قلتلك مو في البيت وش اللي طيب ؟
عزيز : وين رحت بعدها ! كل هالوقت بس رحت بيت فهد و ما لقيته ؟
رفع حاجبيه و هو يشبك أصابع كفيه فوق الطاولة : وش رأيك تاخذني لغرفة التحقيق تحقق معاي ؟
عزيز : لا تنسى إني مُساعدك في القضية ، يعني حقي أعرف كل شي يخصها ..
يحيى : إنتَ قلت مساعدي ، و حقّك تعرف اللي أبيك تعرفه ، غير كِذا مالك علاقة ..
يرمقه بنظرة ، يقول بحدّة : واضِح إني كنت غلطان لما ساعدتك تستلم القضية هذي ،
يحيى بتأفف : بديـنـا جَمـايل ...
التفت إليهم إبراهيم و هو يحمل بين يديه إحدى الملفات : خلاص إنتَ و هو مثل الضراير قاعدين ، هالقضية ما جالنا منها إلا عوار الدماغ ، قفلوا هالموضوع و ريحونا !
رمقهم بنظرة حادة ، تركهم و خرج ، التفت يحيى إلى عزيز : دام إنّك قاعِد تقول إن هالقضية قضيتنا و مو لازم أحد يخبي شي عن الثاني ، ليش حذفت تسجيلات طارِق الأخيرة و حاولت تخليني ما أسمعها ؟
عزيز بتهرب : هذا موضوع ثاني ما كنت أبغى يصير مشكلة ثانية من ورا كلام طارِق ..
يحيى : لا تتهرب ، هذا مو هو السبب ..
نَهض عن الكرسي : حذفتهم لأني حسيت الكلام جارِح ، و لأني أعرِف إنك مو مثل ما قالوا ، ما حبيت تسمع كلام يأذيك ..
اتسعت عينا يحيى ، يترجم في نظراته تعجباً هائلاً من اهتمام عزيز بمشاعِره ، يُردف بارتباك : لا تطالعني كِذا ، إنت مسؤولي ، و زميلي و ما أرضى أحد يتكلم عنك بسوء .. و لو كانت نيتي سوء أو عدم احترام ، كان سمعت كلام عصام لما طلب مني أخلي سبيل طارِق ، مع إني كنت معارضك في تعاملك معاه بس ما رضيت أتصرف تصرف ممكن يقلل احترامك في غيابَك ، و كان ممكن أتحمل عقوبة هالشي من عِصام ، بس كل مرة تفاجئني بغرورك و تكبرك ، و تخليني أتأكد إنك ما تستحق هالشي ، و ما أستغرب أبداً إن ما عندَك أصدقاء و لو بتظل بهالنفسية مستحيل يكون لك أصدقاء ..
تنفس بعمق بعد أن فرّغ ما بداخله ، دون أن يترك مجالاً له للحديث ، التفت خارجاً من المكان ، ظل يحيى متجمداً في مكانه ، كلمات عزيز تتردد في مسامعه ، تنهّد و هو يُطبق عينيه بحيرة ، أشعل حاسوبه و بدأ بتنفيذ ما وكّله به عِصام ، بعقل مشوش جداً ..


،,

يجلِس أرضاً في زاوية غرفته ، في منزلهم القديم ، مستنداً إلى الجدار بإنهاك ، لم يعد الألم يحرق وجهه ، إنه يحرق قلبه دون رحمة ، صحن السجائر إلى جانبه ممتلئ بالرماد و السجائر المحترقة كروحه المتعبة ، سيجارة أخرى تذوب بين شفتيه ، صورة قديمة تكاد ألوانها تختفي ، أكثر ما هو واضح فيها ، تِلك الضحكة التي ارتسمت على وجوههم ، يجلِس أبيه على تلك الأريكة الوحيدة التي شابت معهم ، في المنتصف هو ، و إلى يساره والدته ذات يوم ، حين كان وجهها ضحوكاً ، يبتسم لتلك الذكرى ، حتى ذكرياتنا مزيفة يا أبي ، تِلك الضحكة الأجمل ، الشيء الوحيد الذي أورثتني إياه ، كنت أعتقد أنها ضحكتك الصادقة تظهر على وجهي ، إنني أكتشف أنها خدعة يا أبي ، تشبه خدعة ضوء الشمس في منتصف كانون القارِس ، إن حياتي الوردية ، مستقبلي ، كلها كانت كذبة كبيرة ، أعيش الصدق اليوم يا أبي ، أعيشه وحيداً ، إنه موجع جداً ، وحيد جداً ، و بحاجتك جداً ، و إنني ناقم عليكَ يا أبي ، جداً جداً ..

تعقِد حاجبيها و هي ترى باب ذلك البيت مفتوحاً بعد أن اعتقدت أنه قد أغلق على قلبيهما منذ زمن ، و إلى الأبـد ، تتلفّت حولها بريبة تنظر إلى المارّة ، تدخل ببطء إلى الداخل ، تمدّ رأسها بنظرات متفحصة ، تجده بحال لأول مرة تراه بها ، دخنة تملأ المكان ، لم ينتبه حتى لوجودها ، حتى وقفت بكامل جسدها أمامه تقول بتعجب : فهـد !
يرفع نظراته الدامعة نحو الباب ، ينظر إليها كأنه يستنجدها ، تتساءل و هي تتلفت حولها بارتباك : ليش قاعِد هنا ! وش صاير معاك ليش وجهك كِذا ؟
ارتخت نظراته ، يتابع تحديقه في الصورة و يقول بصوته المبحوح : تعبان يا شهد ..
ثَقيلة على قلبي أن أراه متعباً ، ثقيلة أن أسمع صوت قلبي مستنجداً ، اقتربت بحركات مرتبكة خجولة ، انحنت لتجلس بنصف جسدها أمامه ، تنظر إلى الصورة التي يحمِلها بين يديه ، تتساءل : اشتقتله ؟
تنضم شفتيه كأنه متقزز من فِكرة الشوق له ، يهز رأسه بالنفي متردداً ، تنظر باستفهام ، يُردف بنفس النبرة : تعبان يا شهد ..
تمتد يدها بتردد و خجل ، ترتجف أهداب عينيها ، إلى وجه ذلك الضعيف الذي لم يُبدي أي مقاومة لملامسة أطراف أناملها لحيته الخفيفة ، ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه و هو يشعر بارتجاف أصابعها ، رفع نظراته إليها ، تنتفض بخوف و تبعد يدها ، ينتصب جسدها واقفاً أمامه ، تفرك يديها و تشتت أنظارها في المكان ، تقول : قوم عن الأرض لا ييجيك برد .. أنا لازم أرد البيت ..
و ما ضر برد الجسد إن كنت في داخلي أرتجِف ، أرتعش برداً .. عاد لصورته و سيجارته مجدداً ، نظرت إليه بقلّة حيلة ، أطلقت تنهيدتها الأخيرة في المكان ، ود لو يحتفظ بتلك التنهيدة في صدره المشبع بالألم ، خرجت دون كلمات ، مشت في الحارة كالتائهة بلا عنوان ، تحبس دمعات عينيها بصعوبة و هي تفرك أطراف أصابعها بقوة ، كأنها تحاول أن تزيل أثر ملامستهم لذقنه ، بحركات سريعة ، لا مبالية بنظرات الناس ، وَقفت أمام باب بيتهم ، أخذت شهيقاً طويلاً ، أتبعته بزفير ، مَسحت وجهها بكفيها ، أخرجت مفتاحها ، دخلت إلى البيت متناسية ما حدث في الخارج ، تنظر إلى أمها و أختها الجالستين ، الخوف بعينيهما و كأن أمراً قد حصل ، يأتي والدها يرمقها بنظرات غاضبة ، تنظر إليه باستفهام و نصف ابتسامة مرتجفة تظهر على شفتيها ، يقف أمامها دون أن يتفوه بكلمة ، صفعها على وجهها الناعم ، صفعة قوية أسقطت جسدها الهزيل أرضاً ، دون أن تدرك السبب خلف غضبه الجامح تجاهها ، انحنى لينزع عن رأسها حجابها ، يأخذ شعرها بيديه ، يشده بقوة و هو يصرخ بكلمات تخرج من شفتيه الغاضبتين بارتباك ، لم تكن واضحة لدى أي منهم ، تُسرع عبير نحوه باكية ، تحاول أن تبعده عنها بترجي : يبه اتركهاا واللي يخلييك !
تناثرت دمعات شهد على وجهها بصمت ، أول ما خطر في ذهنها أنه عرف عن دخولها لبيت فهد ، عاد ليمسك شعرها مجدداً و يصرخ : أنا ينحكى عن بناتي في حارتي و أسمع الكلام بأذني يا قليلة الحيا !!
بدخول طارِق ، يقترب مسرعاً ليُبعد والده عنها ، تجلس أرضاً دون حراك أو مقاومة ، يُحكم سيطرته عليه و يُبعِده عنها و هو يتساءل : يبه وش صار ليش ضربتها !!!
يُشير إليها بسبابته ، بعينين تشتعلان غضباً ، تُطبق عينيها بخجل منتظرة أن يروي له كيفَ خذلتهم بخلوتها مع فهد ، انفتحت عيناها مجدداً بصدمة و هي تسمع : أختك اللي ما تستحي تقعد تسولف مع هذا يحيى باب البيت و الرايح و الجاي يشوفهم أناا أسمع الناس بأذني تقول إنكم تتهاوشوا مثل المتزوجين !!
ترتخي قبضة طارِق عن ذراع والده ، ينظر إلى شهد و يقول : متى صار هالكلام ؟
تستمر في صمتها و بكائها ، يصرخ طارِق : تكلــــــمـــي !
ترتجف نبرتها الباكية لترد بخوف : اليوم ، اليوم كان هنا و أنا كلمته عشان أقول له لا عاد يخطي هالبيت لأني خايفة عليك خايفة يصيرلك مشكلة أو تسويله شي و تأذي نفسك !!
طارِق بهدوء : يعني يتحدّاني !
توجّه بسرعة نحو باب البيت ، أوقفه صوت والده الحاد : طـارِق !
توقف دون أن يلتفت ، اقترب والده و قال : إذا ناوي تكسَب غضب أبوك تروح ليحيى هالحين .. بس بعدها ما أبي أشوف خشتك عندي في البيت ..
التفت و هو يقول باحتجاج : يبه إنت سمحت لهالرجال يدخل بيتنا و حياتنا و هذا هو الحين بيخرب سمعتنا و إنت للحين قاعد ...
قاطعه : طــارق ، اللي عندي قِلته ، و وقفته مع شهد أنا أحاسبه عليها ..
التفت إلى شهد ، قال باشمئزاز : انصرفي قومي من قدّامي ..
نهضت عن الأرض نحو غرفتها بسرعة ، تتبعها عبير ، أما والدتها تجلس على أريكتها بتعب تفكر فيما آل إليه حالهم ، يتجه طارق نحو الباب مجدداً ، يقول والده : على وين ؟
دون أن يلتفت يكمل سيره : لا تخاف ماني حابب أكسب غضبك يُبه !
يخرج ، يُطبق الباب خلفه بقوّة معبراً عن امتعاضه ، شيء ما في كفيه يرغب في لكم يحيى على وجهه ، يُريد أن ينتقم و لو بضربة واحدة ترد له كرامته ، نفث أنفاساً عميقة و هو يسير مخفياً كفيه في جيوبه كأنه يحبسها عن رغبتها في ضرب يحيى ، يستمر في سيره على غير هُدى ، ارتفعت أنظاره بدهشة إلى فهد الخارج من منزله ، يستمران في النظر إلى بعضهما لثوانٍ دون كلمات ، لا يعلم طارِق بأي لغة من العَتب يكلّمه ، ولا يعلم فهد بأي لغة من الندم و الأسف يعتَذر .. حتى قال طارِق : وش فيك فهد ليش وجهك كذا ؟ مع مين متضارب ؟
يمحص فهد في وجه طارق و هو يقول : لا ما فيني شي ، إنت وش فيك ؟ ليش وجهك كِذا ؟
يمد طارِق أصابعه لتلامس مكان كدماته ، يصمتان لوهلة ، ثم ينفجران ضحكاً في وقت واحد ،،

،,

تدخل من الباب و على وجهها ابتسامة ، يبدو أنها غارقة في التفكير في أمر ما ، تتفاجئ بوالدها الذي يقترب متلهفاً منها و يقول : ديانا !! وش صار معاك تأخرتِ !
ترفع حاجبيها لتتساءل ببرود : وش السالفة الظاهر حنّيت لهالاسم ؟
عُمر بهدوء : من زمان أحن لديانا ، و أنتظر فرصة زي هذي عشان أناديكِ ديانا ، بس وجود ريم كان مانعني أسوي هالشي ..
خيبة جديدة ، تظهر على ملامحها التي انطبعت أساساً بالخيبة ، لتقول : عذر أقبح من ذنب ..
تبتعد عنه بهدوء و هي تخلع حذاءها و تتركه خلفها بإرهاق ، يوقفها سؤاله الصادم : تكرهيني يا ديانا ؟
أتراني لامست قَلبك الذي ظننت أنه قد مات ؟ أتراني بقسوتي أُحييك مجدداً يا أبي ؟ التفتت إليه ، تنظر إليه باستفهام و تعجب ، يقترب منها و يكرر سؤاله : تكرهيني ؟
ابتلعت ريقها ، قالت بصوت خافت : متى قلت إني أكرهك ؟
عمر بحدة : كلامك الصبح ؟ قلتي إني لازم أحتفظ بهالولد ، عشان يكون عندي شخص واحد يحبني ، يعني إنتِ ما تحبيني ..
أمالت رأسها ، و بذات لهجته الحادة : إني أكرهك شي ، و إني ما أحبك شي ثاني .. أكيد ما أحبك لأني عمري ما حسيتك أبو .. أنا بالنسبة لك مجرد أرقام و آلة تصنع فلوس ، شلون تبيني أحبك ؟
عمر : إنت عارفة أمك وش سوت ..
ظهرت ابتسامة ساخرة على شفتيها ، تقول بملل : تعبت أقول لك إني مالي ذنب ، لا تقعد تحطلي مبررات واهية ، أنا ما طلبت منك تبرير ، خلاص ، أساساً اللي سويته و اللي قاعد تسويه فيني ماله مبرر أبداً ، إنت حاطط أمي شماعة تعلق عليها كل أخطاءك تجاهي ، مانك أحسن منها بشي ، كل واحد ظلمني بطريقته ، و اثنينكم تفننتوا بهالشي ، اثنينكم أنانيين و ما يهمكم إلا روحكم ، و أنا راضية بهالشي ، قول أنا أناني و استغليتك يا بنيتي لمصلحتي ، أنا راضية فيك يبه بكل عيوبك ، بس لا تحط مبررات لشي ما يتبرر ، عالأقل حِس بالذنب تجاهي !
كلماتها الحارقة ألجمت لسانه ، سارت أماماً مجدداً ، التفتت لتراه في نفس وقفته و مكانه ، عادت بضع خطوات : صحيح ، بالنسبة لمقابلة اليوم ، أبي ثنين من رجالك معاي في شي مهم ، لا تسألني وش هو ، تقدر توثق إني ما راح أورطك ..


،,


تسقط في الحِيرة ، إن زواجها و عشقها الأول يقفان الآن على حافة هاوية ، لا تُدرك تماماً ما هو الصحيح لتفعله ، لم يعد يحزنها عجزها عن الإنجاب ، قدر ما يحزنها عجزها عن الاحتفاظ بدقة قلبها الأخيرة ، تجلس برفقة أختها في غرفة المجلِس ، تتنهّد جيهان و تقول : إنتِ مو لازم تخبي هالشي عن عمتك ، بالنهاية راح تعرف ..
مَريم : و إذا زوّجت عِصام ؟ وش بسوي بروحي ؟
جيهان و هي تسند رأسها إلى يدها المنتصبة بهدوء فوق ظهر الأريكة : عِصام ماهو طفل ، لو يبي يتزوج بيتزوج ، ولو ما يبي ما في أحد بيجبره !
يتحرك بؤبؤ عينيها مشتتاً نظراتها في المجلِس ، الحيرة تتجلى في وجهها المُتعَب ، صوت يتردد في أذنها ، يشوّش تفكيرها ، تهزّ رأسها بقوة كأنها تُخرِس ذلك الصوت ، تنظر إلى جيهان التي قد اتضح على وجهها أنها لم تخسر نصيبها من الهموم هي الأخرى ، تتساءل : وش صار بينِك و بين إبراهيم ؟
تنظر جيهان إليها بيأس ، كأنها تبلغها بعدم رغبتها في الكلام ، تتجاهل الرد على سؤالها ، تكرر مريم بإصرار : جيهان ! قولي وش صاير بينكم ، سالفة التأجيل هذي ماني مرتاحة لها ،
ترد بنبرة يتضح فيها عدم الصدق ، لإنسانة لم يسبق لها أن تعلّمت كيف تكذِب : مو أول ثنين يأجلون زواجهم ليش مكبرين السالفة ؟
مريم : لأني أعرفك ، مو قاعدة تقولي الصدق ، جيهان أنا مو غريبة ، قولي وش صاير ؟!
تتأفف بملل ، تنظر إلى أختها بيأس و تقول : إبراهيم ما يبي يتزوجني ..
تبرز عيناها و هي تقول بدهشة : نـعــم ؟؟!!
جيهان : ما قال كِذا طبعاً ، بس سبب تأجيله الزواج إنه ما حس إنه يحبني ، و ما يبي يظلمني معاه .
مريم : و ليش أجلتوا ؟ ليش للحين معاكِ لو ما يبيكِ ؟
ابتلعت ريقها و هي تشعر بانتقاص قيمتها : أجلناه عشان الناس ما يقولوا هذولا ليش تطلقوا قبل العرس بيومين ، آخر هالشهر كل شي بيكون منتهي بيننا ..
مريم : يبي يطلقك بعد كل هالفترة ! ماني فاهمة شي !
جيهان : اهوة ما قال يبي يطلقني ، قال يبي يعطي نفسه فرصة ثانية إذا ممكن يكمل هالزواج ، و أنا رفضت قلتله إني مابيه و خلاص ، الرجال ما يبي يظلمني ..
مريم بنبرة احتجاجية : ليش قاعدة تحطيله مبررات !! وش السبب اللي يخليه ما يحبك لو كنتِ فعلاً أول حرمة في حياته !
تعقد جيهان حاجبيها : وش تقصدي ؟
مريم : واضحة ، لو ما كان في حرمة ثانية في قلبه ، ما كان حس إنه مو قادر يكمل معاكِ ..
تفكر جيهان لوهلة ، تهز رأسها بالنفي : لا لا ، مستحيل لو كان كذا كان ما قال يبي يعطي نفسه فرصة ..
مريم بحرقة : يبي يعطي نفسه فرصة ينسى ، إنتِ خبلة يَ بنت ! الرجال ما يبعد عن زوجته أو خطيبته إلا إذا كان في غيرها ..
جيهان بلامبالاة : و لو كان كلامك صحيح ، ما هي فارقة ، ما راح نتزوج لو إيش ما كانت الأسباب ، انتهى !
مريم : بس مو من حقه يساوي فيكِ كذا ! جيهان ، إنتِ ما حسيتي عليه لما بدا يتغير عليكِ ؟
جيهان : شلون يعني يتغير ؟
مريم : يعني ، يعصب عليكِ من دون سبب ، يقل كلامه معاكِ ، هذي كلها تدل إن الرجال في وحدة ثانية بحياته !
تبتسم جيهان بسخرية ، تأخذ نفساً عميقاً : اهوة ما تغير ، هذي صفاته فعلاً من أول ما ملكنا ، يعصب بدون سبب و ما يكلمني إلا قليل و حاطط الشغل حجة ..
مريم ترفع حاجبيها : النـذل ! يعني خطبك و اهوة يحب وحدة ثانية !! وش هالظلم ، مو من حقه أبداً يسوي كذا !
جيهان و هي تضع نقابها : لا تنسي إن هذي مجرد تخمينات ، يعني ممكن تكون طبيعته كذا مو بالضرورة يكون تخمينك صحيح ..
تضرب بكفيها فخذيها ، تقول بقهر : لسه تدافعي عنه ! بتموتيني انتِ !
جيهان : ما أدافع ولا غيره ، الموضوع ماهو مستاهل ..
مريم : مو مستاهل ! بتصيري مطلّقـة ، و قاعدة تقولي مو مستاهل ؟؟
جيهان : وش فيها يعني ؟ ترى المطلقة حالة اجتماعية ، مثلها مثل متزوجة ، عزباء ، أرملة ، ماني فاهمة وين الغلط ؟!
مريم : الغلط إن بمجتمعاتنا العربية المطلقة للأسف ماهي حالة اجتماعية ، إلا وصمة عار ! كل تحركاتك بتصير محسوبة عليكِ ، حتى فرصة إنك تتزوجي بتصير ضعيفة لأن رجالنا ما يحبوا ياخذوا وحدة كشفها رجال ثاني و قعد معاها ..
جيهان و هي تنهض : قاعدة تبالغي ، هالشي ممكن كان زمان لكن الحين الناس صارت تفكر بطريقة ثانية ، ما أقولك لا المطلقة وضعها صعب شوي بس ما هو مستحيل ، و بعدين الرجال اللي يفكر بهالطريقة أنا مابيه أساساً !
مريم تقف أمامها : قاعدة تقولي هالكلام لأنك ما عشتِ الحالة ، الحرمة عندنا تتحمل المر أهون ما تتحمل كلمة مطلقة و نظرات الناس ، جيهان حاولي تمنعي هالطلاق من إبراهيم ..
جيهان : تبيني أعيش معه بدون كرامة ؟! خلاص يا مريم و اللي يخليك أنا بروح كافي كلام بهالموضوع .. و لمعلومك سليمان ما يدرى بالموضوع و ما أبيه يدرى ، مابي هالشي يأثر عليه و على عَروب . السّلام عليكم ..
تخرج بسرعة كمن يهرب من نقاش عقيم يُلاحقه ليقتله ، كأنها تهرب من ذاتِها ، تنظر مريم إليها و هي خارجة بيأس ، تتكتف بقلة حيلة و ترد : مع السّلامة !

،,

تجلس في زاوية غرفتها ، تضم ركبتيها إلى صدرِها ، يُغرِق بياض عينيها حمارُ دموعها ، تجف بعد يأسها من السقوط ، ليحتشد الدمع مجدداً فيهما ، لا شيء يمر في ذاكرتها سوى نظرات فهد و ما كانت ستفعل ، أيعقل أن تُلامس أناملي وجهه ، أيعقل أن أرتكب ذلك الإثم ؟ إني أحبك يا فهد ، و إنّك أول من تسلل إلى داخلي دون إذني ، كيف يمكن للعِشق أن يُضعِفنا ، يبعدنا عن مبادئنا ، يقودنا نحو الخطأ دون مقاومة منا ، أذلك العشق حقاً ؟ أيجِب أن تضعف إرادتي تماماً كي أعشقك ؟ لِم لا يكون حبّي لكَ قوة ، لم يجب أن تنهار قِواي حين ألاقي عيناك ، و يبتسم لي ثغرك ليغرِس في قلبي سِهام غمازتك المختبئة بخجل في خدّك ، تقترب منها عَبير ، الضيق واضح على معالم وجهها ، تجلِس أرضاً إلى جانبها و تقول بقهر : شهد ، مو لازم تكوني خجلانة من نفسِك كذا ! إنتِ ما سويتِ شي غلط إنتِ كان هدفك تحمي طارِق ، الناس تهتّم بالظاهر ما يعرفون ليش وقفتي مع المحقق ، وش تبي فيهم !
تنظر إليها بنظرات غير مفهومة ، تردف عبير : خلاص عاد لا تظلي قاعدة كِذا ، عارفة إن أبوي زعّلك بس هذا أبوكِ و لو مد إيده عليكِ وش فيها مو هو أبونا ؟!
أخذت نفساً عميقاً : أنا أستاهل اللي سوّاه أبوي ..
عبير و هي تعقد حاجبيها : شلون يعني ما فهمت !
شهد دون أن تنظر إليها : مو عشان موضوع يحيى ، عشان موضوع فهد ..
عبير بابتسامة : تقصدي إنك زرتيه أمس و كلمتيه بالجوال ؟ إنتِ ما غلطتِ كلمتيه بكل احترام ، ما له داعي تحسي بتأنيب الضمير ..
شهد بنبرة باكية : الموضوع ما وقف هِنا يا عبير !
عبير بخوف : شهد ! وش هالكلام ؟ شلون يعني ما وقف هنا ؟
تصمت فيزداد خوف عبير : شهد تكلمي ! وش اللي بينك و بين فهد أكثر من اللي أعرفه ؟
شهد : اليوم كنت رايحة أشوف ريحانة بنت بوخالد ، و أنا بالطريق راجعة شفت باب بيت فهد مفتوح و استغربت يعني قلت مين اللي دخل البيت و ليش تارك الباب مفتوح فدخلت ..
عبير : ايه ؟؟؟
شهد تبتلع ريقها و تردف : دخلت و لقيت فهد قاعد في الأرض و حالته غريبة كأنه متهاوش مع أحد ، و كان قاعد يدخن و يتفرج على صورته مع أبوه ..جيت قعدت قدامه و سألته ما قال شي بس قال إنه تعبان ، و كسر خاطري مرة ما تحملت أشوفه كذا ..
عبير : كملي ؟
شهد : مدّيت يدي على وجهه ، و لَمسته ..
عَبير تأخذ نفساً عميقاً : و بعدين وش صار ؟
شهد : بس ، قمت و خجلت من تصرفي و طلعت ، و رديت البيت ..
تتنفس عبير براحة : هالحين هذا اللي مخليكِ تقعدي تبكي ، خرعتيني قلت أكيد صار شي كبير !
شهد بخجل : بس اللي صار ماهو قليل يا عبير ، كان ممكن يصير شي أكبر ! ما كان المفروض أسمح إني أختلي معاه بروحنا !!
عبير : صحيح إنك تصرفتِ غلط لما دخلتِ البيت ، و قعدتي لما شفتيه بروحه بس لو ما كنتِ خايفة من ربنا ما كان تركتِ البيت ، و شعورك الحين بالذنب دليل كافي إنك تخافي ربنا ولا يمكن تخوني الأمانة اللي ربنا وصّاكِ عليها ..
شهد : هذا رأيك فيني ؟ يعني نظرتك ما تغيرت لي ؟
عَبير بحب تضغط فوق يدها : طبعاً ما تغيرت و مستحيل تتغير ، بتظلي أختي الكبيرة اللي أحبها و أفتخر فيها ..
شهد تحتضنها : ربي ما يحرمني منك .


،,

ليال متعبة تتوالى ، يدخل يحيى إلى المكتب مبتسماً و هو يحمِل صينية بين يديه ، دون أن يلتفت إليه أحد ، يقترب من طاولة عِصام ليضع فنجان القهوة عليها ، يرفع عِصام نظره إليه كأنه يتساءل عن سر تصرفه ، يرد يحيى بابتسامة ، يقترب من مكتب عزيز ليضع الفنجان الثاني ، يتنحنح إبراهيم بابتسامة و يقول : و أنا ابن البطة السودا ؟ مالي قهوة ؟
يحيى : إنتَ ما سمّعتني كلام يليّن الحجر ، " ينظر إلى عِصام " ، و ما ضربتني على وجهي قدّام الكل ،
إبراهيم : يعني حضرتك ما تيجي إلا بالعين الحمرا ؟
يحيى بضحكة : ههههههههه تقريباً ، الحين رضيتوا عني ؟ مو أنا مثل أخوكم الصغير ؟
عزيز باحتجاج : والله ، أخونا الصغير بعد ؟؟
يرميه بعلبة المحارم : لا تدقق إنتَ !
عزيز يضحك مع إبراهيم بنفس الوقت : ههههههههههههههههه ماشي خلاص سامحتَك يارب تنعدل !
يحيى يرفع حاجباً : صدق إنك ما تنعطى وجه !
يلتفت إلى عِصام الذي لم يبرح مكانه ، يقترب منه و يقول : عِصام ، أنا آسف .. عارف إني قللت احترام معاك ، ما كان قصدي ..
يرفع نظره إليه و يقول بلهجة معاتبة و هو ينهض من مكانه : حصل خير .. أنا رايح البيت ، سَلام ..
بخيبة يقول يحيى : مع السلامة ..
يخرج عصام من المكتب ، يتنهد يحيى و هو يرخي نظراته أرضاً ، يقترب منه إبراهيم و يربت على كتفه بحب : لا تزعل ، بكرا يرضى ..

،,

و لكنني أخاف ، هل إن أردت يوماً أن تحبني ، سأحتاج إلى واسطة لتبوح لي بحبك ؟ ضربات قلبي لم تعد منتظمة منذ ذلك اليوم ، حين خذلتني ، لم يحزنني أنّك اختلقت عقبة في طريقنا ، بل ما أحزنني أنك خذلت قلباً ما وثق يوماً إلا بك ، إنني و إن كنت من قبل أتساءل كم من الورود سأنتظر في حياتي معك ، إلا أنني اليوم بدأت أعد كم من الخيبات سيحتمل قلبي بعد ؟ ينظر إليها بعينين تتساءلان عن سبب غياب ملامح الفرح عنها ، زمت شفتيها ، أخذت غرتها المزعجة إلى الجانب الأيسر من وجهها ، نهضت و ملامح وجهها تنبئ بالنهاية لتقول : ماني متأكدة إذا كنت أبيك أو لا ..
و لست متأكدة أيضاً من كلامي في هذه اللحظة ، أجازِف بقلبي يا سُليمان ، نهض الآخر مندهشاً : عَـروب ! شلون يعني ؟؟
تنظر إليه : لما قرر أخوي يأجل الزواج بآخر لحظة ، جاني و كان خايف إنك تتأثر بقراره ، قلتله إن سليمان عاقل و مستحيل يسوي هالشي ، بس إنت صدمتني بقرارك ، و الحين بعد ما عرفت جيهان بالتأجيل أكيد اهية كلمتك و طلبت منك ما تأجل ، أنا مابي واسطات في علاقتنا يا سليمان ، ماني مستنية أي أحد يقنعك فيني !
سليمان : منو قال إني ماني مقتنع فيكِ ؟ متى قلت أنا هالكلام ؟ أنا أبيك و ماني مستني من جيهان أو غيرها يتوسطون عشان أتزوجك ، أنا أخذت هالقرار بلحظة تسرع ، ممكن تكون جيهان نبهتني لتسرعي ، بس المسألة مو مسألة اقناع مثل ما أنت مفكرة !!
عروب : و منو عارف لحظة هالتسرع كم مرة ممكن تتكرر بحياتنا ؟ أنا ماني مضطرة أعيش معاك بخوف إنك ممكن خلال لحظة تسرع تظلمني ! بكرا لا صار أي مشكلة بين إبراهيم و جيهان رح أظل خايفة إنك تعاقبني بسبتهم ..
يُمسك بيدها : ممكن تجلسي شوي ؟
تنظر إليه بعتب و توتر ، تجلس فيقول : عروب ، إنتِ عارفة سليمان ، و عارفة إني ماني ظالِم ..
عروب : كنت أتوقع نفسي إني عارفة سليمان ، بس طلعت غلطانة !
سليمان : وش آخرة هالكلام ؟ أنا مابي زواجنا يتأجل ،
عروب بعد تفكير لم يدم طويلاً : زواجنا لسا عليه وقت ، اتركني أفكّر .. اللي صار آخر مرة غير شغلات كثيرة ..
نهضت متجهة إلى باب المجلس : عن إذنك تعبانة شوي ..
لاحقتها عيناه حتى خرجت ، تأفف في داخله ندماً ، هل بدأت بدفع الثمن ؟


،,

غرفة مظلمة ، نور خافت يقبع في زاويتها ، تجلِس حسناء على كرسي خشبي في وسط الغرفة ، تتصفح جوّالها بهدوء ، حتى دخل رجالها ، أو رجال والدها كما تسميهم ، ممسكان برجل مقيّد اليدين ، فمه مغلق بلاصق سميك ، يفتك الخوف في جسده ، الذي ارتخى براحة حين رآها تتقدم منهم مبتسِمة ، تقول لرجالها : ربطوه على الكرسي ..
تتسع عيناه مما سمع ، ما يؤكّد لحسناء ظنونها فتتسع ابتسامتها أكثر ، يُحكمون وثاقه على الكرسي ، ثم يقف كل منهم على حِدة منتظرين أوامرها ، تقترب و تنزع اللاصق عن فمه بقوّة ، تجلِس أمامه و هي تلف قدماً فوق الأخرى و تقول : اللي بعثك عندي ظلمك ، ما قالك من هي حسناء ..
يعقِد حاجبيه ، يتساءل بالإيطالية : أنا لا أفهم كلامك !
تضحك بصخب : هههههههههههههه ، طيب ، خلاص انتهى المزح و بدينا بالجد .. لغتك الإيطالية كويسة ، يعني تقدر تضحك فيها على واحد عربي ، بس مو علي ، أقدر أميز الإيطالي من العربي ..
يبتلع ريقَه ، جبينه يلمع في وسط الظلام من قطرات عرق تتصبب بخوف على وجهه ، يستمر في صمته ، تهزّ حسناء رأسها : قول لا تخاف ، منو إنت و منو اللي بعثك علي ؟ و ايش اللي كنت تبيه مني ؟
يعم الصمت المكان ، يصر أكثر على عدم الكلام ، تقول حسناء : مممممم ، مع إني ما كنت حابة إنك تجرب هالشي معانا من أول زيارة ، بس واضح إنك ما تتكلم إلا بالعصا ..
تصرخ و هي ترى في عينه الرغبة في الهرولة هرباً : يا بـدر ..
يدخل الرجل الطويل ، ذو العضلات البارزة ، يبدو أنه صمم ذاته خصيصاً بتلك الهيئة و البنية الرياضية الضخمة بعد تمرينات رياضية طويلة الأمد ، لذلك الغرض تحديداً ، انتفض مرتعباً حين رآه ، اقتربت حسناء من بدر ، قالت : هذا واضح إنه ما يبي يتكلّم بالذوق ، شوف شغلك ..
ألقت أمرها ، و نظرة أخيرة ساخرة له ، بثقة خرجت من الغرفة ، يزداد خوفه و هو يرى ذلك الرجل يتقدم منه ، يتحرك بعجز تام و هو ينظر حوله بريبة ، رجلين أمامه ينظران إليه ببرود ساخر ، غير مباليان بمقاومته الخاذِلة ، يصرخ و هو ينظر إليهم بغل : اتركوني ، شغلي مو معاكــم !!!

خارِج الغرفة ، تظهر ابتسامة جانبية على شفتيها و هي تسمعه يتلفظ العربية بكل طلاقة ، تتجه نحو سيّارتها ، و قد أتمت مهمتها ..
" مثل ما توقعت ، طلع كمين ، من واحد من أعداءك ، اللي علي سويته و الباقي عندك .. "

،,



تُخرِس صوت شهقتها و هي تضغط بكفها على فمها ، تحتشد الدموع في عينيها الخائفتين ، في الداخل ، ينهض من مكانه بعينين متسعتين ، يتساءل بدهشة : إنتِ قاعدة تمزحي ، صح ؟؟


،,




يصِل إلى الباب ، ما بين عجز يقتله ، و صدمات أنهكت قلبه ، يلتفت إليه ليراه واقفاً مستنداً إلى الحائط بإرهاق ، أشابته الخيبة تلو الخيبة ، كعجوز في السبعين من عمره ، ينتظر الساعة التي سيستسلم فيها ليرحل دون عودة ، قال بشيء من عتاب الذات للذات : يمكن لو كانت حياتَك أحسن من حياتي ، ما كنت احتجت مساعدة واحد عاجز مثلي ..


،,



انتهى


عارفة والله إنه قَصير ، و عارفة إني قصّرت معاكم الفترة اللي فاتت .. و بعد الإعتذار صدقاً هالأسبوع كان فُل بالنسبالي ما كان عندي متسع من الوقت لكتابة البارت ، حاولت يطلع بشكل جميل قدر المستطاع ، و اليوم ما تحركت من قدّام الشاشة لأكتب 20 صفحة في الوورد ، لهذا السبب اعتبرته تتمة للجزء الثامن ..

موعدنا بإذن الله الجمعة القادمة ، مع بارت طويل يرضيكم و يعوّض تقصيري ، الذي أسأل الله أن يعينني لكي لا يتكرر .. كان أهم شي عندي هو عدم التأخر عن يوم الجمعة في نشره ، أتمنى ينال إعجابكم و رضاكم .. و لي عودة في الغد للرد على جميع تعليقاتكم الجَميلة ..

نلتقي الجمعة بإذن المولى .. طِيفْ!





 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 08-12-19, 11:20 AM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,528
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

اهلين طيف
الجزء اليوم كأنه الهدوء الذي يسبق العاصفه ..
اتوقع ان ابو طارق بيروح ليحيى وبيقوله يستر على شهد وياخذها ..
حسناء تكسر الخاطر تعيش كأنها ولد مو بنت وش هالحياة
فهد احسه ورط نفسه وبس

طيف ..تسلمين عزيزتي بانتظاارك 💚💚

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 15-12-19, 02:01 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

عَساكم بخير ،

بِسم الله نبدأ


الحب روحٌ أنتَ معنَاه ،
و الحُسن لفظٌ أنتَ مبنَاه .
ارحم فؤادًا في هَواكَ غدا ،
مُضنًى و حُمّاه حُميّاه .
تمّت برؤيتَك المُنى فحَكت ،
حُلُمًا تمتّعنا برُؤياه .
يا طِيب عيني حين آنَسَها ،
يا سَعدَ قَلبي حين نَاجَاه .

*جـُبـران


و في نَشوةِ العِشقِ صِرنا رمادا ، طِيفْ!

الجزء 9


أُدرِك تماماً يا صديقي ، أن الدنيا دوماً ما تجمع المتشابهين ، و لو لم أكن مثلك في ضعفِك و عجزِك هذا ، لما كنّا نجلِس الآن على نفس البقعة من الأرض ، إلا أنني لست متأكداً مما كنت سأفعل لو كنت مكانَك ، آخر ما أذكره هو أننا كنا متشابهين جداً في الخَيبة ، و قَسوة الدّنيا علينا ، لكنك بعد أن تغيّرت ، أتُراني أكسر مبادئي كما فعلت ؟ و لكنني لا أملك لك حلاً آخر ، فكَيف سأنجدك من السقوط في الهاوية ؟ كيف ألتقط كفّك التي تمتد لي لأنجيّك ، و كفّاي أنا مقيدان بحبل وثيق الرباط ؟
و أنا أعلَم يا طارِق ، أنّك ما كنت لتحتمل صفعة كتلك ، كيف تعرِف أنني غارِق بالخطايا إلى ذلك الحد ، إنّك منهك الآن ، أعلم ذلك ، فقد عشت شعوراً مشابهاً للتو ، لأخبرك يا طارِق ، لا تقلق ، ربما هي التجربة الأولى ، لكنّك ستواجه الكثير بعد ، فها أنا أمامك ، تلقيّت عدّة صفعات دون أن يرمش جفني ، لم تؤلمني الصفعات بل آلمني من صفعني ، إنّه أبي .. أيعقل أن يخيب ظني أبي ، أيعقل أن يرميني برصاص أفعاله ، و هو نائم في قبره دون حركة ؟ إنّه رصاص شديد القَسوة يا صاحبي ، يؤلمني كل يوم ، يمزّقني إلى أشلاء ، يتركني أنزف لساعات و ساعات ، لكنه لم يأذن لي بالموت بعد ، لم يتركني لألتقط حتى نفسًا أخيرًا ، لأعتذر لأمي ، عن كل ما فعلته ، و سأفعله ، و عن كل ما فعله أبي !

يصِل إلى الباب ، ما بين عجز يقتله ، و صدمات أنهكت قلبه ، يلتفت ليراه واقفاً مستنداً إلى الحائط بإرهاق ، أشابته الخيبة تلو الخيبة ، كعجوز في السّبعين من عمره ، ينتظر الساعة التي سيستسلم فيها ليرحل دون عودة ، قال بشيء من عتاب الذات للذات : يمكن لو كانت حياتَك أحسن من حياتي ، ما كنت احتجت مساعدة واحد عاجز مثلي ..
نصف ابتسامة متعبة تظهر بصعوبة على وجهه ، ساخرة منه و من صديقه اليائس ، يقترب طارِق منه ، يربت على كتفه : يمكن ما أقدر أخلصك من اللي تورطت فيه ، و يمكن ما أقدر أسويلك أي شي ، بس أقدر أنصحك ، لا تترك أمك يا فهد مهما كانت الأسباب ، لا تتركها بروحها و تكسرها ، و اعتبرني ما سمعت شي من كلامك ، اللي بيننا سر ما أحد يدرى فيه على موتي ، ما أقدر أساعدَك بشي ، غير إني مثل ما أنا ، موجود ، حتى لو عاجِز ، موجود معاك ..
يَضع فهد كفّه فوق كف طارِق ، يبتسم بإرهاق ، يرافقه ببطء حتى يصِل إلى الباب ، يخرج و يتركه وحيداً ، كم أصبحت أخاف أن أجلِس وحيدا ، إنها تلاحقني بذكرياتي و أوجاعي ، يقف أمام مرآته ، يسألها أهذا حقاً أنا ؟ إنني لا أعرفني ! يبتسم فتظهر لمعة ابتسامته في عينيه ، طيف ذِكرى شهْد ، قربها منه ، يمر في خاطِره الآن ، ليت كل الذّكرى كأنتِ يا شهْد ،

،,


الثانية و النّصف بعد منتصف الليل ، يدخل يَحيى ببطء و إرهاق إلى البيت ، و هو يفكّ أول أزرار قميصه ، يقترِب من الصّالة و هو يعلم أن والدته لا زالت مستيقظة كعادتها ، يطرق الباب و يدخل و هو يقول بخفوت : يمه !
تنهض من مكانها متلهفة ، تقترب منه : هلا حبيبي الحمدلله عالسّلامة يا بعد قلبي !
يبتسم بحب و هو يقبّل يدها : يمه مو كلمتك عالجوال و قلتلك بتأخر ؟ ليه سهرانة ؟
أم يحيى : ما جاني النوم يا يمه و إنت مو في البيت .. " تتسع عيناها و هي ترى تلك الكدمة على وجهه ، تمتد يدها و هي تقول بخوف : " يحيى ! وش ذا وش صايرلَك ؟؟ أنا عارفة قلبي قال لي إنه بيصير معاك شي !
يضحك : هههههههههه يمه هدّي روحِك ! ما في شي ، تهاوشت مع عِصام ..
أم يحيى بغضب : و منو هذا عِصام و ليش مسوي فيك كذا ؟
يحيى : مسؤولي في الشغل ، أنا عصّبته ، بعدين عادي ما فيها شي هذاني قدّامك بخير !
تضغط عليها بإصبعيها ، السبابة و الوسطى ، يتجعد جبينه متألماً ، تتساءل : تآلمـك ؟
يضع يده فوق أصابعها ليبعدهما بهدوء : ايه يمه شوي ..
أم يحيى : هذي يبيلها ثَلج ، بجيب ثلج و بحطلك فوقها ..
يحيى : لا لا يمه ما أبي إلا أنـااام و أرتاح ، ما عليكِ منها يومين و تروح ..
أم يحيى : طيب يمه يا حبيبي ما تبي تتعشى ؟
يحيى : لا يمه أبي أنام و بس و إنتِ بعد نامي .. تصبحي على خير ..
أم يحيى بهدوء : و إنت من أهل الخير ..

يتجه لغرفته بتعب ، يدخل و يقف أمام المرآة ، يتحسس مكان الكدمة بألم ، يمر طيف شهد و هي تسخر من وجهه ، يبتسم و هو يستذكر ما قالت ، يعلم أخيراً أنها قصدت أن الله قد اقتص لأخيها طارِق منه بعد أن ضربه ، طيف شهد ، يمر اليوم في بال أكثر رجلين بائسين في هذه الأرض ، يرسم ابتسامة يتيمة على وجهيهما ، كليهما كان الأب هو سبب بؤسهما ، لكن الفَرق أن يحيى لا زال يعيش الخدعة ، يظن نفسه مجرد محقق في تِلك القضيّة ، و لم يعلم بعد ، أنه أحد أهم أطرافها !

،,

نَفث أنفاسه بخوف ، يبتلع ريقه المختلط بالدم ، ينظر حوله و هو يحاول توقّع مصيره ، يقول عمر الجالِس أمامه : كمّل ، و ليش يعقوب ساوى كِذا ؟
راشِد : كان يبيني أبلّغ الشرطة ، و أقول لهم عن الكمين ، و المكان اللي بيصير فيه التسليم ، و بكذا يقضي عليك و عليها ، و اهوة يحتل الساحة بروحه ..
تظهر ابتسامة جانبية ساخرة على وجهه : ما يعرف إن هالشغلة ماهي شغلته ؟ و مهما حاول ينجح مثلنا ما يقدَر ؟ أتوقّع لازم تنبهه ، كونَك تشتغل عنده أكيد تهمك مصلحته ..
راشِد بتعب : أنا مالي علاقة بكل شي صار ، أنا مجرّد رجال يشتغل بأجرته عند يعقوب ، اهوة يأمرني و أنا أنفذ ! مالي علاقة تعاقبوني !
عمر : إنتَ عارف اللي يحاول يقرّب من بنتي أو يفكر حتى تفكير إنه يأذيها ، أنا وش بسوي فيه ؟
يصمت ، بجسد مكبل من جميع أطرافه ، غير قادر على الارتعاش ، قلب غير قادر على الارتجاف خوفاً ، يُردِف عمر : الحين أكيد معلمك منتظر منّك مكالمة ، علشان تبلغه إن المهمة تمّت بنجاح ..وين جوّالك ؟
راشد بهدوء : أخذوه مني الشباب ..
يقترب أحدهم من عمر ، يمد له الجوّال : تفضّل معلم هذا جواله ..
عمر و هو يفتح الجوّال ، يترقبه راشد بنظراته ، يضغط على رقم يعقوب للاتصال ، يمد له الجوال ليتحدّث ، يأخذه أحد رجاله و يضعه على أذن راشد ، بعد ثوانٍ ، يأتي صوت يعقوب الهامس ، يتحدث بلهجة ممتعضة : وينَك إنت كل هالوقت وين اختفيت ؟
يتنفّس بسرعة و خوف ، لا يعرف ماذا يقول ، يعقد يعقوب حاجبيه و يتساءل : راشِد ! وش فيك تكلّم ؟ أنهيت اللي طلبته منك ؟
يُشير عمر للرجل ، ليبعد السماعة عن أذن راشِد و يعطيه الجوال ، يأخذه ، يتنحنح و يقول : شلونَك يا يعقوب ؟
يتجمّد لسانه ، تجحظ عيناه ، يُردف عمر : مو حرام عليك اللي سويته بهالمسكين ؟
يعقوب : منو انت ؟
عمر بضحكة : عالأقل نبهه ، قول له إن العالم اللي جاي يحاول يوقعهم ، مو سهلين ، يعني الحين هاين عليك اللي صاير فيه ؟
يعقوب : وش اللي تبيه ؟
عمر بلهجة جدية : شوف يا يعقوب ، صارلك أكثر من مرة تحاول توقف بطريقي و تتحداني ، و كل مرة تفشل و إنت عارف إنك منت قدي ، و الطريق اللي قاعد تحاول تمشي فيه مثلي ، ماهو طريقك ، يا ليت تقتنع بهالشي لأنك قاعد تضيع وقتك و وقتي ..
يُغلق من جهته الخط دون أن يرد ، يلقي جواله جانباً ، بغيظ و هو يضغط على أسنانه : و بعدين معاك يا عُمر ، بعدييين !!

في الجهة الأخرى ، يبعد عمر السماعة عن أذنه ، تظهر ابتسامة شامتة على وجهه ، يقول لراشد : شفت ؟ عرف إنّك معانا ، و تخلى عنّك ، حتى ما طلب مني أتركك !
راشِد : الحين وش تبون مني ؟ كل شي تبونه عرفتوه ! اتركوني الحين .
عمر : والله يا راشد مثل ما يقولوا ، دخول الحمام ماهو مثل خروجه ، تكلّم بنتي و تحاول توقّعها و تسلمها للشرطة ، و تخرب علي شغلي و حياتي ، و تبيني بهالسهولة أتركك ؟ إذا معلّمك يعقوب ما سأل عنك ، و ما يبيك ، إحنا نبيك !
تتسابق أنفاسه الخائفة ، يتساءل : وش تبون مني ؟
يترك كرسيه ، ينتصِب واقفاً و هو يتنقل بنظراته بين رجاله الواقفين منتظرين أوامره ، يقول : الحين مبدئياً راح أتركك ترتاح مع الشباب ، و تاكل و تشرب و تنام ، بعدين نتكلم و نتفق ، " يقترب منه ، ينحني بجسده و يقول بلهجة مستفزة : " أحلام سعيدة يا حلو !
يخرج من عنده ، راحة غريبة تسري في جسده ، في كل مرة تثبت له حسناء ، أنّها بالفعل ابنته ، القوّية التي لا تُقهَر ، لولا أنها تقِف في وجهي دائماً ، تعاندني ، تتمرّد كثيراً ، إلا أنني سعيد ، فخور جداً بالقوة و الذكاء اللذان منحتها إياهما ، نجاحي الأعظم في الدنيا ، هو حسناء ، يقود سيارته و هو شارد يفكّر فيها ، يزداد إعجابه بها يوماً بعد يوم ، قوية ، معتدة بنفسها ، لا يمكن لأي كان أن يكسِرها ، ابتسامته لا تفارق وجهه و هو يحدّث ذاته عنها ، يصطف أمام المنزل ، تتسع ابتسامته أكثر و هو يرى نور الصالة المضيء ، ينزل متلهفاً ، يتقدم بخطوات متوازنة داخل المنزل إلى صالة الجلوس ، حيث تجلِس حسناء ، تتابع التلفاز ، بحركة فاجأتها ، تجعلها تنتفض في مكانها ، يضغط والدها بكلتا يديه على كتفيها ، يقبّل رأسها من الخلف ، تلتفت إليه ، و تنظر باستغراب ، يقول بفخر : هذي هي بنتي ، كل مرة ترفعي راسي أكثَر ..
تبتسم ابتسامة لم يعرف إن كانت تسخر بها منه ، تنهض من مكانها و تقول : و إنتَ كل مرة تخيّبني ..
تختفي ابتسامته عن وجهه : رجعنا لنفس الموضوع ؟
تكتّف حسناء يديها : كلّمتني ريم ، تدري كنت متوقعة بعد الكلام اللي صار بيننا إنك تتأثر و تغير رأيك ! بس للأسف قاعِد تصدمني !
عمر : هذا الموضوع له حسابات ثانية ، مو كل شي لازم تكوني عارفة فيه !
حسناء : وش اللي مو لازم أكون عارفة فيه ؟ اللي أعرفه إن هذا طفلك و هذي أمه و زوجتك ، شلون تقدر تسوي فيهم كذا ؟ طيب إذا ما تبي تربي هالطفل اترك الحرمة تربيه بروحها !
عمر بتذمر : إنتِ ما تعرفي تشوفيني رايق ؟ لازم تعكريني ؟
خطوات ناعمة ، ليست غريبة على مسامع أذنيه ، تقترب ، كأنه يمنع نفسه عن الالتفات ، حتى يسمع صوتها من خلفه تقول : أخيراً شرّفت ؟
يجيب بحدة : إنتِ وش جابك هِنا ؟ مو قلت ما تبي تردي البيت ؟
ريم ، و هي تقف أمامه : هالبيت بيتي ، مو مرحب فيني في بيتي ؟
عمر : برحب فيكِ ببيتِك بس بدون هالبلوة اللي حاملتها ..
تتكتف و تقول : أنا مابيك ترحب فيني ، أبيك تتركني أعيش بروحي و أربي ولدي بروحي ، مابي منك شي ..
يرفع حاجباً : أجل ليش جاية ؟
ريم : لأنك مجبور تتحمل مصاريفي و مصاريف هالولد ، أبيك تفعّل حسابي فِـ البنك و مصروفي يوصلني كل شهر ،
عمر بسخرية : و إذا قلت لك طلبك مرفوض ؟
حسناء تتدخل لتقول بحدّة : هذا مو طلب عشان ترفضه أو توافق عليه بكيفك ! هذا واجبك !
عمر : قاعدة توقفي معاها ضد أبوكِ ؟
ريم بابتسامة ، تقاطع حسناء قبل أن تجيب والدها : معلش حسنا ، خليكِ برا الموضوع ، شوف يا عمر معاك يومين ، إذا حسابي ما تفعّل ، و ما أرسلت لي مصروفي ، راح تخليني أضطر أتوجه للمحاكم ، و هالشي ما راح يكون في صالحَك ..
عمر ، ينظر إلى حسناء : شايفة اللي قاعدة تدافعي عنها ؟ قاعدة تهددني !
ريم بحدة : قلتلك خلي حسنا برا الموضوع ، اللي عندي قلته ، أنصحك تشوف محامي من الحين إذا كنت تبي تعانِد ..
تُعطيه ظهرها متجهة للباب ، تعلم جيداً مدى قَسوة النظرات التي يرمقها بها ، إلا أنه لا يعرِف أن نظراته تِلك لم تعُد تخيفها ، ذلك الجنين رغم صِغره المتناهي ، إلا أنه بدأ يمدّها بقوة كافية لتجابه عمر و كل من يقف إلى جانبه ،،

،,

صباح الأحد ، دون أن تشعر بها مريم ، تتقدّم بخطوات هادئة جداً نحو المطبخ ، بعد أن تأكدت من خروج ابنها ، تقف مريم مُعطية ظهرها للباب ، تقول أم عِصام بنبرة حادّة تفزع مريم : وين عصام يا مريم ؟
مَريم بجزع : بسم الله !
أم عِصام و هي ترفع حاجبها الأيسر : شايفة جني ؟؟
مَريم : لا عمتي مو القَصد ، بس ما حسيت لما دخلتِ ..
تجلِس على الكرسي ، و هي تضع كفّيها فوق بعضهما : طبعاً ما راح تحسي ، من متى كان عندك إحساس ؟
تعقِد حاجبيها ، للمرة الأول تحدّثها بتلك اللهجة ، تبتلع ريقها : وش تقصدي عمتي ؟
أم عِصام : لو كان عندك إحساس كان ما زنيتي براس ولدي عشان يخبي عني سالفة مرضك ، و ما كان رضيتي تحرمي ولدي الضنا عشان أنانيتك !
ترتبك شفتيها ، بلهجة مرتجفة : أنا ماني عارفة عن إيش تتكلمي ؟
أم عِصام بغضب : لا تسوي نفسِك مو عارفة شي ! أنا سمعت كلامك إنتِ و جيهان أمس ، و عرفت إنك ما تجيبي عيال و إنك مخبية عني إنتِ و عصام ..
ينحني رأسها بخجل ، تُردف أم عصام و هي تقف : مو مزعلني إنّك ما تجيبي عيال كثر مو مزعلني إنكم خبيتوا عني ، ليش خبيتوا عني جاوبيني ؟؟
مَريم ، تفرك يديها بتوتر : عمتي ، عصام قال لي مو وقته و قال لي أتعالج و إذا ما كان فيه أمل ذيك الساعة نقول لك ..
أم عِصام : لا تحطيها بظهر عصام هالحين ! أنا عارفة إنك إنتِ اللي زنيتي ع دماغه !
مريم : أنا خايفة ، خايفة يتزوج علي ..
أم عِصام : ثلاث سنوات متزوجين و ما شفنا منك شي ، و يطلع العيب منك و تبيني ما أزوج ولدي و أشوف عياله ؟
احتشدت الدموع في عينيها : العيب مو مني هذا شي بايد ربنا مو بايدي !
أم عصام : ما قلنا شي و النعم بالله ، بس تصرفك هذا أثبتلي سوء نواياكِ ..
تنظر إليها بعينين متسعتين : سوء نواياي ؟؟ عمتي ليش قاعدة تكلميني كذا ؟
أم عصام : شلون تبيني أكلمك ؟ بعد ما عرفت وش ناوية عليه مع ولدي ؟ شفتيه رجال طيّب تبي تستغليه و تحرميه الضنا ؟؟
مَريم بلهجة باكية : أنا أحب عصام و مستحيل أفكر أأذيه أو أستغله !
أم عِصام بسخرية : والله هذا الكلام ما يمشي علي ، شوفي يا مريم أنا ما راح أرضى إن عصام يطلقك لأني ما أرضى هالشي لبنتي ، بس لمعلومك ، أنا من اليوم راح أشوفله عروس ، و برضاكِ أو بدونه عصام بيتزوج ، عاد الحين الطابة في ملعبك ، حبيتي تظلي يا هلا و مرحبا ، ما حبيتي إنتِ حرة ..
احترقت وجنتيها بملوحة دمعها : هذا القرار راجِع لعصام ، عصام يبيني ما يبغى يتزوج علي ، لو يبي يتزوج علي كان بلغك بمرضي ..
تَرفع يدها ، تصفعها على وجهها صفعة تفاجئها : صِدق إنك قليلة أدب قاعدة تجاوبيني ؟؟ و تبي تحرضي ولدي ما يسمع كلمتي ؟
تمتد يدها لتتحسس مكان الصفعة ، تنظر إليها بألم و الدموع توالي احتشادها في عينيها الواسعتين ، تخرج دون كلمات ، بينما تنفث أم عصام أنفاسها و هي تتمتم : استغفر الله العظيم يا ربي ..

،,

عالم جديد يدخل إليه ، يمشي بثبات ، نظراته تأخذ جولة في الشركة التي سيصبح موظفاً فيها ، دقائق من الحلم يقتلها الواقِع تمر في عقله المشوش ، لو كنت أزور هذه الشركة ، دون وساطات ، دون أن أتورط ، أعلم جداً حقيقة تواجدي هنا ، إدراك الحقيقة مؤلم جداً ، أستغفل ذاتي جداً ، لِم لَم تتاح لي فرصة كهذه من قبل ؟ لم أكن أعرف حتى بوجود هذه الشركة فوق كوكب الأرض ، فقط لأنني أنتمي إلى طبقة أخرى ، و واقع آخر ، حُكِم علي أن أدفَن حيّاً في أرضي التي لم تُرحب بوجودي ، كان علي أن أكون شخصاً آخر ، و ابن شخص آخر ، لأستطيع أن أحلم ، و أن أصِل ، فإن الحلم ، حتى الحلم مشروط بشروط أوّلها جيبك ، و ما تملك بداخله ! بتجاهل لنظرات الموظفين ، الذين عرفوا أنه الموظف الجديد ، متعجبين من آثار الكدمات على وجهه ، يتقدّم نحو مكتب الإدارة ، يطلب من السكرتاريا الدخول ، بعد أن يعرف بنفسه ، يطرق الباب و يدخل ، إلى رجل يرتدي دشداشه الأبيض ، يجلِس خلف مكتبه بوقار ، ترجمت الحياة على وجهه كل ملامح النعم التي لم تكن موجودة في وجه فهد ، استطاع أن يرسم ابتسامة زائفة على وجهه ، يتقدم و يقول : السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. حضرتك السيد نَعيم العَتيق ؟
نَعيم بجمود : نعم ، و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، تفضل اجلس ..
يجلِس فهد ، يبدو عليه التوتر و هو يشتت نظراته يميناً و يسارًا ، يتساءل نَعيم بصوت جهوري : عرّفني بنفسك ؟
فهد : أنا فهد ، فهد مشعل شهران ..
نَعيم : عارِف ، غيره ؟
فهد بنصف ابتسامة : كل معلوماتي عندَك في السي في ..
يرمقه بنظرة ، يقرأ السي في بعينيه بصمت ، يرفع نظراته إليه بعد ثوانٍ ، يقول : عارِف يا فهد ، لو ما كان سُلطان وراك كان مستحيل أوظفك ..
يرفع حاجبه الأيسر : و ليش ؟
نَعيم : إذا مقابلة عمل مو عارف تسوي ، قاعد أسأل تقول لي معلوماتي عندك ؟ يعني ماني عارف أنا ؟ إنت أول مرة تسوي مقابلة ؟
يأخذ نفساً عميقاً ، يُردِف نعيم : اللي يسألك بالمقابلة عن اسمك و شغلك و تخصصك مو لأنه مو عارِف ، بس يبي يشوفَك شلون تتكلم ، ثقتك بنفسك و كل هالشي ما يبين بالسي في ..
فَهد : ما كنت عارِف نفسي جاي أقابل ، على بالي توظّفت و خلاص ..
نَعيم : أنا مدير هالشركة بس ماني صاحبها ، و في مجلس إدارة في الشركة ، لو وظفتك بدون مقابلة عالأقل شكلياً قدامهم ، بيصير مشاكِل ..
فهد ببرود : آها ،
يترك نعيم مكتبه ، يتقدّم نحوه و هو يمد يده للمصافحة : أهلاً و سهلاً فيك بيننا ، تقدر تستلم شغلك بقسم المحاسبة ..
يُصافحه فهد ، يتساءل نعيم و هو يعقِد حاجبيه : في كمان شي مو مكتوب بالسي في ..
فهد : وش هو ؟
نَعيم : هالعلامات اللي في وجهك مو مكتوب عنها شي ..
يَضحك فهد ، تظهر غمازته و يقول : ما في شي ، عَلقت أمس مع شباب ، أكلنا اللي فيه النصيب ..
نَعيم يهز برأسه : مشكلجي بعد ، وش هذا اللي جايبه لنا سلطان !
تختفي ابتسامة فهد ، يرن جوّال نعيم و المتصل سُلطان ، يقول نعيم : طيب ، الحين يدلوك على قسمك و مكتبك ، روح باشِر شغلك ..
يخرج فهد و هو يحدّث ذاته متسائلاً عما تخفيه له الأيام ، أصبحت حياته أشبه بفيلم مغامرات غامض جداً ، لا يعلم ما سيحدث له في الغد ، كأنه يقِف قدماً في الحياة و قدماً في الممات ،
بعد خروجه ، رد نَعيم على مكالمة سُلطان : يا هلا و غلا بأبو يحيى ..
سُلطان : شلونك يالحبيب ؟
نَعيم : الحمدلله بألف خير ، ياخي وش هذا اللي جايبه لنا ، والله لولا معزتك فلا بوظفه عندي ..
سُلطان : ليش ساوى شي يسوّد الوجه ؟
نَعيم بضحكة : لا ما لحق توه رايح لمكتبه ، بس واضح إنه ما عنده خبرة ..
سُلطان بعتب : من وين بيجيب خبرة إذا هالشركات ما ترضى توظف إلا اللي بخبرة ، لازم يشتغل عشان يصير عنده خبرة ..
نعيم : ما قصدت كذا ، بس حتى بمقابلات العمل ما عنده خبرة !
سُلطان : الولد هذا مسكين و ما أخذ فرصته بعد ما تخرج ما لاقى وظيفة ، اهوة ولد سايق نعرفه و المسكين توفى و ماله وصية غير ولده ، عشان كذا نبي نساعده بمعيتك ، تكسب فيه أجر و تتحسن أحواله و أحوال أمه المريضة ..
نعيم : على كل حال راح نوظفه 3 أشهر كتجربة ، و بعد كذا بنشوف و بنثبته إن شاء الله ..
سُلطان : ما يبيلك توصية يا نعيم ،
نَعيم بابتسامة : ولو ، بعيوني إن شاء الله ..
سُلطان : ربي يسعدَك ، يلا مع السلامة ..
أغلق الخط ، من جهته ، ابتسامته المعتادة تظهر على وجهه ، يفتح جواله مجدداً ليتصل بشريكه ،

ثوانٍ ، جاءه الرد من عمر ليخبره بآخر المستجدّات ، عمر بامتعاض : شلون تسوي كذا من غير لا تسألني ؟
سلطان : الولد بدأ يتمرد علينا ، و صار يحطلنا شروط ، و كان لازمه نربيه !
عمر : احنا نبي نكسبه معانا ، مو نضيعه بهالتصرفات ، ما كان لازم تتصرف من دون ما تكلمني ، و سالفة ياسمين اتفقنا إنه مو وقتها الحين ،
سُلطان : أنا ماني بزر عمر ! عارف وش قاعِد أسوي ، اللي سويته خلاه مثل الخاتم فـ اصبعنا ، تبيه كل شوي يقول هاتوا فلوس و هاتوا فلوس ؟ و يهددني بولدي بعد ؟ إنت إيدك مو فـ النار ،
عمر ، يأخذ نفساً عميقاً ثم يقول : إن شاء الله ما تندم على تسرعك ، يعني فهد داوم في الشركة ؟
سُلطان : ايه نعم ، قبل شوي كلمت نَعيم و وصيته عليه ،
عمر بلهجة تحذيرية : بس أهم شي ، ما نبيهم يحسوا أو يشكوا بفهد ، عشانَك ، إذا عرفوا راح يقولوا هذا وش بينه و بين عمر ..
سُلطان بابتسامة جانبية : من وين بيعرفوا ؟ مناقصة و خسروها من وين راح ييجي عَ بالهم إن في جاسوس بالشركة ؟
يهز رأسه بتأييد : عسى خير ، طيّب ، خليك ع تواصل معاي ولاا تصرف بشي قبل لا تتصل فيني .. مع السلامة ..

يُغلِق الخط ، يلتفِت ليكمل أعماله ، شيء ما يدور في رأسِه ،


،,


تتنهّد بحيرة و هي ترى اسمها يُنير شاشة جوّالها ، تعرف تماماً ما سيكون خلف هذا الاتصال ، تردد لم يدم طويلاً حتى ردت بصوت مهموم : هلا جيهان ..
جيهان : شلونها عروستنا الحلوة ؟
تلجم لسانها كلمتها ، تمتنع عن الإجابة ، فتردف جيهان : سليمان قال لي إنك مزعلتيه .. صحيح هالكلام ؟
عَروب بانفعال : فوق اللي ساواه معاي ، زعلان بعد ؟ منو اللي لازم يزعل من الثاني ؟
جيهان : عروب ، أنا عارفة إن سليمان تصرف غلط لما قال إنه يبي يأجل العرس ، بس إنتِ شايفة إنه تراجع عن هالخطأ ، معقولة تقولي إنك مو عارفة إذا تبيه عشان مشكلة صغيرة زي كذا ؟
عَروب : لو ما كلمتيه ما كان بيتراجع ، بعدين الموضوع ماهو مجرد زعل لأنه أجل الزواج ، إنتِ قادرة تكوني طبيعية مع إبراهيم بعد ما أجل زواجكم بآخر لحظة ؟
بلهجة تعتريها الهموم : اللي بيني و بين إبراهيم شي ثاني تماماً ، إنتِ و سليمان تحبون بعض و ما في شي يوقف بطريقكم ..
عَروب : لا تزعلي مني يا جيهان ، بس سليمان اتضحلي إنه لا يؤتمن جانبه ، شلون بأمن أتزوج من شخص قدر يخلي شي مالنا علاقة فيه يأثر على علاقتنا ؟ شلون بأمن إن هالشي اللي صار ما راح يتكرر ؟
جيهان : سليمان شخص واعي ، و هالتصرف بدر منه بلحظة تهور ما فكّر فيها ، و مستحيل يتصرف بتهور بعد ما تصيري عنده في بيته ، إنتِ عارفة إن الشباب أحياناً يتصرفون بتهور خاصة لا كان الموضوع يخص خواتهم ، لا تلوميه ..
عروب : ماني قاعدة ألومه ، بس عالأقل أعطوني حقي إني آخذ موقف من تصرفه ، عالأقل عشان يتعلّم ما يكرره مرة ثانية ، لو سامحته بسهولة على هالشي ، بيكرره بسهولة مرة و اثنين و عشرة بعد !
تنقل جيهان سماعة الهاتف إلى أذنها اليسرى : بس عرسكم مو باقي عليه شي ، ما فيه وقت للتفكير و مابي اللي صار معاي يصير معاكِ من غير شر !
تلقي تنهيدة طويلة ، ثم تقول : لا تخافي ، خلال هاليومين بردله خبر ،
جيهان بصوت مُنكسر : نتكلم بعدين ، سلام ..

تُغلِق الخط ، تلتفت إلى جدتها الجالسة إلى جانبها ، تنظر إليها بحيرة ، تتنفس بعمق و هي تشتت نظراتها بعيداً عن أعين جدتها ، التي تقول : مو كافيكِ همومك ، قاعدة تحملي هموم الناس معاكِ ؟
جيهان و هي ترخي نظراتها للأسفل ، تقول بخفوت : هذولا الناس مو غرب ، أخوي يا جدّة ، خايفة عليه تخترب حياتي بسببي ..
تمتد يدَها بطيات الزمن ، تختبئ فيها حنيتها لتبعد خصلة غرتها عن وجهها : ما بتقولي لي وش اللي خلا إبراهيم يسوي فيكِ كذا ؟
تُمسِك بيدها ، تقبّلها بحب كأنها تتهرب من سؤالها ، إلا أن جدتها تصر ، فتكرر : وش اللي خلاه يسوي كذا ؟
جيهان بابتسامة باهتة : مدري ، صدقيني مدري ، كل اللي أعرفه إنه ما حبني ، وش أسوي هالشي ماهو بيدي ولا بيده ، ما حبني ..
تعقد حاجبيها : و يحبه برص ! شلون ما حبك إنتِ منو يشوفك و ما يحبك ؟
تضحك بخفة : ههههههههه ، تسلميلي أنا من دونك وش بسوّي ؟
الجدة ، بجدية و هي تحتضن رأسها : أناا ما أجاملك ، أقول الصدق ، ترى لو ما خاطِر زوج أختك عِصام كان في ألف واحد غير إبراهيم يتمنى ظفرك ،
تستمر في الضّحِك ، إلا أن اسماً لم يزر شاشتها منذ مدة ، يُنير شاشتها اليوم ليقطع عليها صفوها الذي تتعب كثيراً لتحصّله ، تقرأ عينيها الاسم عدة مرات ببرود ، تقول جدتها : صحيح إني ما أعرف أقرأ الكلام ، بس أقرأ لغة العيون ، هذا الحبيب صح ؟
تَرفع رأسها : حبيب شنو يا جدّة الله يسامحك بس ، عن إذنك ..
تُجيب في اللحظة الأخيرة ، بصوت خافت : هلا ..
إبراهيم : كنتِ نايمة ؟
جيهان : منو ينام لهالحزة ؟ كنت قاعدة مع جدتي ..
إبراهيم بلهجة كأنه يخجل من محادثتها و هو يعرف تماماً أن الخدش الذي تركه في قلبها لم يتعافى بعد : لا بس طولتِ لين رديتِ قلت يمكن نايمة .. شلونِك ؟
جيهان ببرود : بخير الحمدلله ..
إبراهيم ، يتلفت حوله و هو يرفع حاجبه الأيسر : ما بتسأليني شلونَك ؟
لم يسمع رداً على سؤاله سوى صوت أنفاسها الهادئة ، يُردف بسؤال آخر : ليش ما تتصلي فيني ؟
جيهان : و ليش أتصل ؟؟ بعدين حضرتك اللي مقطع عمرك اتصالات و زيارات ؟
إبراهيم بحدة : و ليش تتكلمي كذا ؟
جيهان بنفس نبرته : و شلون تبيني أتكلم بعد ؟؟ رجال غريب شلون تبيني أكلمك ؟
إبراهيم متعجباً : رجال غريب ؟
جيهان : راح تصير غريب قريباً ، ماله داعي نظل على تواصل دام إن هالزواج مصيره ينتهي ..
إبراهيم : إنتِ اللي قررتِ مصيره مو أنا ..
جيهان : لا تحاول تلف الموضوع و تحط العلل فيني ، بس عشان تبرر لنفسك و تبري ضميرك .. أنا ما قررت نهاية هالزواج إلا بعد تصرفك معاي يوم أجلت زواجنا ..
إبراهيم : وش أسوي ؟ قعدت معاكِ 4 شهور على أمل إني أحبك و أتقبلك ماا قدرت ، وش أسوي ؟
تُخرسها سهام كلماته ، تضغط على أسنانها لتمنع نفسها من إصدار شهقة باكية ، تحبس دموعها في محاجر عينيها بقسوة ، يُدرِك كلامه فيقول بخجل : جيهان أنا ما قصدت ..
بصوت متحشرج تحاول أن توزنه : لو سمحت لا عاد تدق علي ، ولا عاد أشوف وجهك إلين يوم الطلاق ..
إبراهيم : اسمعيني يا جيهان ..
تُغلِق الخط دون مقدمات ، تسمح لنفسها بالبكاء بعد أن تغلق باب غرفتها بمفتاحه ، يتعالى نحيبها و هي ترى كرامتها تهدر أمامه ، بجبروته و قوّته ، قَسوته التي تجعله يسحقها بكلماته دون تفكير و لو لثوان ، لم تمنع نفسك أبداً من إيذائي ،


يُتبـَع ...

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
قديم 15-12-19, 02:02 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2019
العضوية: 333413
المشاركات: 28
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيفْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيفْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيفْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!

 

،,


ظهراً ، يتقدم بخطوات مترددة نحو البيت ، على عكس شخصيته التي تمشي بثقة ، اليوم هو في قمّة تردده ، لا يَعلم ما يشعر به حِيال سكّان ذلك المنزِل ، يشعر أنه قد ظلمهم في إيلاجهم بأمور ليس لهم بها ناقة ولا جمل ، إلا أنه يشعر أن طرف الخيط الوحيد المتعلق بقضيته ، سيجده بينهم ، يسري شعور غريب في جسده ، و هو يلاحظ نظرات الناس المتفحصة له كأنه مطلوب ، لا يعلم إن كانت تلك هي نظراتهم له منذ البداية ، أم أن أمراً استجد دون أن يعلم .. يطرق الباب ، و لم يعد يزرهم في بيتِهم سوى ذلك المحقق الكريه ، ذلك ما كان يخطر في بال شهد و هي تسمع صوت نقر الباب ، تلتزم مكانها و هي تبتعد عن نظرات والدها ، الذي يشعر هو الآخر أن الضّيف هو يحيى ، يرمقها بنظرة و يقول : خذي أمّك و ادخلوا داخل ، ما تتحركي من الغرفة مفهوم ؟
تحاول أن تتجاهل في ذاتها لهجة والدها ، تعامله الذي اختلف كلياً معهم ، تتشبث بيدها يد والدتها الضعيفة ، لتنهض بصعوبة عن الأرض ، تتحرك ببطء مع شهد نحو الغرفة ، يتحرك بعد ذلك والدها نحو الباب ليفتحه ، لم يفاجئه قدومه مجدداً ، لكن علامات الترحيب به لم تكن ظاهرة على وجهه هذه المرة ، الأمر الذي أدى إلى اختفاء ابتسامة يحيى و هو يشعر أنه بدا ضيفاً ثقيلاً على قلوبهم ، يقول بصوت جهوري : شلونَك عمي ؟
أبو طارِق بجمود : الحمدلله بخير ، تفضل ..
يشعر يحيى أنه قد أفسح له المجال للدخول على مضض ، يدخل بتردد ، الأجواء متوترة على غير عادتها ، دوماً ما كان يُرحب بوجوده صاحب البيت ، فما الذي يحدث الآن ؟ يدخل يحيى ، يجلِس على الكرسي و يقول و هو يخفي ارتباكه : كويس إنّك موجود ، جاي عشان أكلمك ..
يقترب أبو طارِق بصمت ، منتظراً يحيى ليكمل كلامه ، يُخرِج يحيى سيجارة من باكيته ، و كأن التدخين لا يحلو له إلا في بيتِهم ، يقول و هو يشعل السيجارة دون أن ينظر إلى أبو طارِق : قهوة وسط كالعادة ..
أبو طارِق بصوت مرتفع : اعذرنا يا سيادة المحقق ، ما فيه قهوة اليوم ..
يرفع يحيى نظراته المتسائلة إليه ، يرمقه بنظرات و كل ما يأتي في باله هو ذلك اليوم الذي وضعت فيه شهد الملح في فنجانه متعمدة ، هل عرف ؟ و ما الذي يجعله يحدثني بتلك اللهجة ، يبتسم يحيى ، يقول بمراوغة : إذا ما فيه قهوة عندكم بلا ، عادي ما في مشكلة ..
يجلِس أبو طارق أمامه و يقول : إلا فيه قهوة ، بس ما نبي نضيفك ..
يَرفع حاجبه و هو يسحب ابتسامته لتتحول إلى عبوس جاد : و السبب ؟؟
أبو طارق : سيد يحيى لو تبي مني شي بخصوص التحقيق ، يا ليت تكلمني و أنا أجيلك المكان اللي تبيه ، بس لو سمحت مابي أشوفك في بيتي مرة ثانية ..
في الداخل ، تستمع شهد إلى الكلام ، ترتسم ابتسامة على وجهها ، رب ضارة نافعة ، سأنتهي منك أخيراً يا حضرة المحقق ،

خارجاً ، بذات وضعيته يكرر سؤاله : السبب ؟
أبو طارق : أنا عندي بنات في البيت ، و دخولك علينا كل يوم ماهو أصول ..
يحيى بنبرة حادة : و منو اللي أساء لبناتك يابو طارِق ؟ شايفني قليل تربية ؟
أبو طارق : العفو ، بس لو عندك أخت ما ترضى إنها توقف و تكلم رجال غريب باب بيتها و الناس يطلعون عليها كلام طالع نازل ..
يحيى : متى وقفت مع بنتك ؟ بنتك اهية اللي تفتح الباب كل ما جيت ، و توقف و تأخذ و تعطي معاي ، ولا مرة حاولت أكلمها كانت تفتح أسألها سؤال ما تجاوبني ع قده ، اهية اللي كانت تكلمني مو أنا !
يصطدم أبو طارِق بحقيقة ما قال ، لم تكن مرة واحدة كما قالت شهد ، إلا أن صوتاً رقيقاً من الخلف يأتي ليدافع بحدته عنها : إنت إنسان وقح و ما فيك دم ..
يلتفت كليهما إليها ، والدها و هو يجحظ عينيه ، يقول من بين أسنانه : أنا ما قلت لك لا تطلعي ؟
شهد بغضب : شلون ما تبيني أطلع و أنا سامعة بأذني هالكائن يتبلى علي ؟ أنا لما وقفت معاك أول مرة فـ شنو كلمتك ؟ سألتني عن طارِق قلتلك ماهو موجود و ما يبي يشتغل معاك ، و قفلت الباب ، و ثاني مرة سألتني عن أبوي ، و آخر مرة قلتلك تمشي من هنا لأن طارق ما بيعديها على خير ، قول لي ، في شي ثاني كنت أكلمك فيه يا حضرة المحقق المحترم ؟ في شغلكم تتعلموا شلون تفترون على بنات الناس و تسودوا سمعتهم ؟؟؟
يحيى و هو يرخي نظراته : أنا ما أقصِد أسود سمعتك ، شايفتني ماسك الناس و قاعِد أتكلم عليكِ ؟ أنا قاعِد أدافع عن نفسي قدّام أبوكِ ،
شهد : ماهو محتاج تدافع ، ما يهمنا حسن أخلاقَك ، يهمنا لا عاد نشوف خشتك في بيتنا و تريّحنا منّك !
تظهر ابتسامة على وجهه ، يوجّه كلامه لوالدها : هذا مثال حي قدامك ، يأكدلك صدق كلامي .. على كل حال ، ما كنت حابب أغلبك بالروحة و الجية عالمركز بس دام إن هذا طلبك يا ريت تراجعنا بكرا ، و خليك دائماً تحت الطلب ..
شهد : مالك شغل بأبوي و أخوي ، و احنا مالنا علاقة بقضيتك ، اتركنا بحالنا عاد !
أبو طارِق بلهجة متوعدة : شهـْد ، ادخلي للغرفة ولا تتدخلي !
تتقدّم بخطوات ثابتة و هي تعرف تماماً ما سيكون ثمن تجرؤها عند والدها ، دون تفكير بالعواقب و تقول : شلون ما تبيني أتدخل و أنا شايفة شلون قاعِد ع قلوبنا و كأن الجريمة صايرة في بيتنا ؟؟ روح حقق مع فهد و عيلة مشعل احنا وش علاقتنا ؟؟
يحيى : واضح إن بنتَك يستهويها الكلام معاي ،
تنظر إلى أبيها الذي تشتعل عيناه غضباً منها ، تنتظر أن يتصرّف بحقه بعد الكلمات اللاذعة الي ألقاها لها ، لكنه لم يفعل ، بالطبع لن يفعل ، فإنني حتى و إن كان كلامي دفاعاً عن عائلتي ، ثورة لحقي و حقهم في حياة هادئة ، سيعتبره أي رجل في العالم تودداً له ، كما لو كنت لا أبحث في الدنيا إلا عن رجل متعجرف يلقيني بأسفه الكلمات ليُشبِع غرور ذاتِه ، ليُرضي شعوره بمركزيته في هذا الكون ، تقدّمت بحقد نحوه ، يقرأ في عينيها الثائرتين كُرهًا لم يستطع أن يحمله ، ظلّ يراقبها ببرود ، منتظراً صرخة والدها التي قد توقفها في مكانها ، لكنه لم يفعل ، لربما اعترف بضعفه عن مجابهة وحشية ذلك الرجل ، لربما شعر بحاجته إلى أنوثة ابنته لتحمي ذاتها و تحميه ، دون تردد ، و بحركة فاجأته لم يجعل لها في دماغه حسباناً ، رفعت يدها و صفعته على وجهها ، علّها تعلّمه كيف تثور على الأنثى أنوثتها ، كيف تشحذها لتُصبِح أشجع من فُرسان الزمن الغابِر ، فرسان الأساطير القديمة ، اتسعت عيناه كرد فعل فقير على تصرفها ، كان يود لو بمقدوره رد تلك الصفعة بصفعات ، إلا أن قانونه يقول ، لا رجولة لمن يضرب امرأة ، أفَمن الرجولة أن تضربها بكلماتك و تصفعها بلسانِك ؟ لَم تعتدي عليكَ بصفعتها ، إنها ترد عليكَ كما يليق ، إنها تدافع عن ذاتها بيدها الناعمة التي دخلت شجاراً مع لسانِك السليط ، و على الرغم من قوة اللسان مقارنة بيدها النحيلة ، إلا أنها عَرفت كيف و متى تستخدمها لتخرسك تماماً ، ينظر إلى والدَها ، لِم ينتظر منه الوقوف إلى صفه ضد ابنته ؟ ألمجرد أنها أنثى يجب أن يقف ضدها ؟ نظرات حادّة ، كانت آخر ما يملك قبل خروجه بمشاعر ، و أفكار تتَلاكم في عقله لتُنتِج صداعاً عنيفاً في رأسه ، ركب سيّارته ، لم أكن أعلم يومًا أنني سأكون ضحية للحيرة ، ما بين الاعتذار ، و الانتقام !


،,


المستشفى ، تستاء حالتها بعد انقطاع ولدها عنها ، فتاة يافعة تجلِس أمامها تواصل الليل بالنهار ، لم تعرف بعد أنها شريكة ، بل منافسة قوية جداً لها ، و أي منافسة ستستمر بعد موتِ زوجها ؟ لم تعد هناك منافسة من الآن ، إنها الرابحة حتماً أمام عجوز مريضة طريحة الفراش لسنوات ، تظهر ابتسامة صغيرة تؤلم شفتيها المتشققتين ، و هي تسمع تقرير الطبيب بعد أن يئِس من قدوم ابنها ، فَشَل كَلوي ، كانت كليتاي هن الشيء الوحيد الذي صمد ، و نجح حتى هذه اللحظة ، و الآن قدّمن استسلامهن أخيراً للفشل ، إنه الفشل الأخير ، المتبقي ، لأختتم به فَشل حياتي ، و زواجي ، و فشل أمومتي .. إلا أن كل أنواع الفشل تِلك لم تقتلني ، كانت تغرز السكاكين في أجزاء جسدي دون رحمة ، تتركني أعيش و أنا أنزف قطرات دمي يومياً ، ظلت روحي صامِدة ، لا بد أن أكون ممتنة للفَشَل الذي سينهي ذلك الألَم ، سيُجهِز علي ، سينقلني إلى جانِب زوجي الذي بات في الظلمة وحيداً لفترة طويلة ، صوته المختنق يناجيني ، حان وقت الاستجابة يا خَليلي ..
الطبيب ، يردِف و هو يتنقل بنظراته بين مريضته ، و ياسمين : الحل الوحيد هالحين هو غَسيل الكِلى ، لكن لازم نسويلك عملية نقل كلية بأسرع وقت ..
ياسمين : و شلون بنسوي عملية نقل كلية ؟
الطبيب : بالنسبة للمستشفى ننتظر متبرعين ، في ناس بعد ما تتوفى توصي بالتبرع بأعضاءها ، بس ما أخفيكِ هالحل موّاله طويل و ممكن تنتظر سنوات ، لأن في كثير ناس تنتظر كلية من قبلها .. إلا إذا كان فيه متبرع من العائلة أو أي شخص تعرفوه يتبرع لها بالاسم ، كذا ممكن يكون الموضوع أسهل ..
ياسمين : آها ، و أي أحد يقدر يتبرع بالكلية ؟؟
الطبيب : لا طبعاً ، في فحوصات و تحاليل ، لازم نتأكد من توافق الأنسجة قبل لا تتم عملية النقل ..
يلتفت إلى أم فهد موجهاً كلامه لها : لازم نحجزلك موعد في وحدة غَسيل الكلى ..
أم فهد ببرود : أبي أرد البيت ..
يتبادل الطبيب و ياسمين النظرات المندهشة ، يقول بعدها : بس حالتك للحين ما استقرت ، ما أقدر أخرجك اليوم !
أم فهد : مابيها تستقر يا دكتور ، أنا عارفة إن غسيل الكلى مثل الضحك على اللحى ، الفَشل الكلوي بداية الموت ..
الطبيب : لا تكوني يائسة يا أمي ، الله قادر على كل شيء ،، بعدين كثير من مرضى الفشل الكلوي تعافوا و تعالجوا و رجعوا لحياتهم الطبيعية ..
أم فهد بسخرية : حياتي الطبيعية انتهت من زمان يا دكتور ، أرجوك تخرجني أنا مابي أقضي أيامي الأخيرة في المستشفى ..
تقترب ياسمين من الطبيب الذي يقف حائراً أمام مريضته ، تهمس بصوت خفيف : دكتور تقدر تكتبلها على خروج و لا رجع ولدها أكيد اهوة بيقنعها بالعلاج ، حالتها سيئة لأنه بعيد عنها ..
الطبيب : حسبي الله و نعم الوكيل فالأولاد اللي يسوون كذا بأمهاتهم ، ما عنده قلب ؟؟؟ على كل حال راح أكتبلها خروج بس لازم توقعلي إنه ع مسؤوليتها ، لأنه لو حصل شي أنا بتحمل المسؤولية ..
تهز ياسمين رأسها موافِقة ، يخرج الطبيب ، تجلس ياسمين بجوار أم فهد : الحين بتوقعي إنك خارجة ع مسؤوليتك ، و برجعك للبيت إن شاء الله ..
أم فهد : أبي أرجع لبيتنا القديم ، مابي أرجع لهالبيت الكبير ، هذا مو بيتي ..
ياسمين : أي بيت ؟ أنا ما أعرف بيتكم القديم !
أم فهد بتعب : أنا أعرفه كويس ، خذيني بالسيارة و أنا أدلك ..
ياسمين ، بتردد : لا يا خالتي إنتِ ما تبي تضريني لو فهد درى بيسويلنا مشكلة !
أم فهد : هه ، فهد ؟ فهد لو سائل عني ما تركني يومين في المستشفى ولا سأل عني ..
ياسمين : خالتي ما تعرفي وش هي ظروفه أكيد في شي جبره يتأخر عليكِ ..
أم فهد و هي تنهض بصعوبة لتعتدل في جلستها : الظروف أكبر كذبة اخترعها الإنسان يا بنيتي ..
تلتزم ياسمين الصمت ، تُراقب عيناها الكهلتين ، و ما مر على ذلك الوجه المجعّد ، كل تجعيدة تروي حكاية من التعب و القَهر ، كلماتها لَيست تنبع من قلب عجوز أمية ، و كأن قلبها لا زال شاباً ، يتحدّث عنها ، عن رغبتها التي تحتضر في داخلها بالحياة ، تتحدث : الحين باخذك لبيتكم ، و بكلم فهد عشان يرد البيت و يشوفِك ..
أم فهد ، بغضب مُتعَب غير قادر على الظهور : ماني بحاجة وساطات عشان يتحنن علي و يشوفني ، ما كنت عارفة رغم كل هالسنين اللي عشتها ، إن الفلوس ممكن تغير الإنسان هالكثر ، كان ما يقدَر يغمض عيونه إذا كنت بعيدة عنه ، بعد ما صار معاه فلوس سافر و تركني أسبووع ، و هذا الحين يتركني في المستشفى حتى ما كلّف نفسه يسأل عن تحاليلي ، و الحين تبي تتواسطي لي عنده عشان يشوفني ؟ أبي أروح للبيت اللي كان فيه كل شي بَسيط ، و حلو ، و حقيقي .. أبي أروح لبيت مشعل .
ينتفِض قلبها و هي تسمع ذِكر مشعل على لسانها ، شيء ما يتغير في داخلها فورًا حين تسمع اسمه ، يجرّدها من كل ما تحاول أن تلصقه بذاتها من إنسانية و مشاعِر ، تقول بارتباك : طيب ، بعد شوي آخذك للمكان اللي تَبيه ..
فأنا أيضًا لدي الفضول لأعرف أين قضيت سنوات عمرك ، يا مشعل ..

،,


يدخل إلى المكتب متعجلاً ، ينظر إلى عزيز و يقول : عزيز تجهز اليوم ، بنروح لحارة فهد القديمة ..
عزيز : وش لك شغل بحارته القديمة ؟
يحيى و هو يجلِس خلف مكتبه : باخذ إذن تفتيش عشان نفتش بيته ..
عِصام يتدخل ليقول : اووف ، شلون ما خطر عَ بالنا نفتش بيت مشعل !
يحيى ينظر بابتسامة غرور نحو عصام : إنتوا ما أعطيتوا اهتمامكم لهالقضية ، طبعاً لأنها من النوع الصعب مو أي شخص يقدَر يتذكر التفاصيل ..
عِصام بامتعاض مبتذل : طيب بس لا أرميك بالفنجال !
يحيى : هههههههههههه طيب لا خلاص ، ما صدقنا شفنا إعجاب سموّك بشغلنا ..
عِصام : أنا رايح لمدير الامن أجيبلك الموافقة ، لعل و عسى يبين هالخير فيك ..
يحيى بضحكة و هو يرفع صوته ممازحاً : ماني بحاجتك ، واسطتي معاي " ينظر إلى عزيز الذي يضحك هو الآخر "
يقول إبراهيم دون أن ينظر إليه : من وين فكّرت بهالسالفة ؟
يحيى : أي سالفة يا أبو وجه ما يضحك للرغيف السخن ؟
يرفع نظراته إليه ، بابتسامة جانبية : وش اللي يضحّك في الرغيف السخن مثلاً ؟ سالفة التفتيش ، لا تقول لي بذكاءك الخارِق ، ترى حارتنا ضيقة !
يحيى يرفع حاجباً : شـُف النذل !
إبراهيم : هههههههههههههههههه لا قول بجد من وين عرفت ؟
يحيى : عصافير المحقق يحيى الغانِم بلغته إن فهد كان في بيته أمس ، فكرت و قلت وش رجعه لبيته لو ما فيه شي ؟
عزيز : يعني رجع سكَن فيه ؟
يحيى : لا ، قعد شوي و طلع ، هذا ما أبلغتني به العصافير ..
عزيز : و شلون بتفوت البيت و اهوة مسكّر ؟ رحت لبيت فهد و قلتله ؟
يحيى : العصافير أبلغتني إنه بدأ شغل جديد ، و بعدين يا ذكي تبيني أبلغه إنه جايين نفتش عشان لو فيه شي يخفيه ؟
إبراهيم : و ليش بيخفي شي ممكن يساعد بالوصول لقاتِل أبوه ؟
يرفع يحيى حاجبيه : ممكن لأنه يعرف القاتِل ؟!
عزيز باندهاش : مجنون إنتَ ! لا عاد مو لهالدرجة !
يحيى يقول بجدية مختلطة بالمزاح : شوف يا ولدي يا عزيز بالتحقيق الجنائي و في جرائم القتل لازم تحط نسب متساوية لجميع الاحتمالات ، و لازم تشك بكل حدا قريب من المغدور ، حتى لو كان ولده ، و أتوقع ماهي غريبة علينا نسمع إن واحد قتل أبوه ، صح ؟
يصمت عزيز ، بحيرة بين الاقتناع بكلام فهد و عدمه ، يقول إبراهيم بفضول : تدري ، صار عندي فضول أشارِك بهالقضية ..
يحيى بسخرية : والله ! قبل كانت مو عاجبتك و تقنعني أتركها ، وش صار اليوم ؟
عزيز يرمق يحيى بنظرة : يحيى ! وش اتفقنا ؟
يحيى ممازحاً : طيب طيب ، ببطل غرور ، شوف ما عندي مانع تنضم لفريقنا ، بس لازم تتقبل إني أنا المسؤول عن هالقضية يعني مو بكرا تسويلي فيها الأكبر و أكثر خبرة ..
ينهض إبراهيم من مكانه و هو يحمل ورقاً بين يديه ، بابتسامة يقول : طيب اتفقنا ..
عزيز يلتفت إلى يحيى بعد خروج إبراهيم : طيب و فرضاً ما قدرنا نوصل لفهد وش بنسوي ؟
يحيى : بندور عليه ، لا تنسى إن فهد أصلاً مطلوب للتحقيق ..
عزيز و هو يفكّر : نشـوف ..

يسند يحيى رأسه إلى ظهر الكرسي ، يشرد في مكان آخر و هو يتحسس وجهه ، تعود أمامه شهد ، تقف بغضبها و سخطِها ، ترفع يدها و تصفعه مرة ثانية و ثالثة و رابعة ، ترمش عيناه و هو يتنفس بقوّة ، مشاعره المتناقضة في داخله تتجلى بوضوح في معالم وجهه الحائرة ، غير آبه بمراقبة عزيز له .

،,


ترتجف أطرافه و هو يرى غرفة والدته فارغة ، يبتعد بخوف عن الغرفة ليعود مُسرعاً نحو الاستقبال ، يصطدم في طريقه بالطبيب ، يقول بتعجل و خوف : دكتور ، غرفة والدتي فاضية وينها ليش مو موجودة ؟
ينظر إليه الطبيب بغضب : انت ولد المريضة أم فهد ؟
يهز رأسه ، بجبينه المتعرق ، يقول الطبيب : الحقني لغرفتي ..
تتسع عيناه و هو ينفث أنفاسه بسرعة ، لم يعد يشعر بأطرافه و هو يسير خلف الطبيب ، خيبة تسري أمامه ، تخبره أنه ينهزم أمام حياتِه المتوحشة مجدداً ، يدخل الطبيب إلى غرفته ، يجلِس خلف مكتبه ، يدخل فهد خلفه ، يجلِس على الكرسي و هو يشعر أن أقدامه لم تعد قادرتان على حمله ، ترتجف شفتيه ، ترتطمان ببعضهما ، أذنيه تتشوشان كأنما تحاولان الامتناع عن سماع خبر مؤذ ، يقول الطبيب و هو يشبك أصابع كفيه فوق طاولته ، دون أن يبدي أي احترام لفهد : المريضة مو في المستشفى ، خرجناها اليوم ..
يُطبِق عينيه و هو يتنفس براحة ، يفتحهما مجدداً و نصف ابتسامة تظهر على شفتيه : يعني تحسنت ؟
الطبيب بملامح جامدة : وش تحسنت ؟ المريضة رفضت العلاج و اهية اللي طلبت نخرجها !
اختفت ابتسامته ، تساءل : علاج شنو ؟؟ وش مرضها ؟
الطبيب : والدتك يا سيد فهد معاها فَشل كلوي ، بلغتها اليوم نحجزلها موعد بوحدة غسيل الكلى ، و رفضت ، و طلبت نخرجها ، و خرجناها بناء ع طلبها ..
ينهض فهد ليقول بغضب : شلون تخرجوها بدون ما تعالجوها ؟؟ مين صاحِب القرار بالمستشفى الطبيب أو المريض ؟؟
يقف الطبيب و يرد بنفس لهجته : قصّر صوتك يا أستاذ ، أنا ما أقدر أعالج المريضة أو أخليها في المستشفى إجباري ! خاصة إن ما في أحد من أقاربها كان موجود غير هذي البنية اللي قالت إنها مرافقتها ، في المستشفى حاولنا نوفرلها كل وسائل الراحة ، و سوينا واجبنا من ساعة دخولها لـ ساعة خروجها ، لو كنت هنا و مهتم بوالدتك كان قلنا بس إنت تاركها بروحها يومين ما سألت عن نتائجها و جاي تحاسبنا ؟؟
عجز لسانه عن الرد ، لا يعرِف ذلك الرجل كم رغبت في قص قدماي في كل مرة رغبتا فيها بالسير نحو والدتي ، لم أرغب في أن تراني بحالتي الرثة ، حاولت أن أبتلع آلامي ، و صدمتي بوالدي وحدي ، لم أكن أضمن صمتي أمامها و أمام تِلك الدخيلة ، لكن شوقي اليوم جرّني إليها من نصف قَلبي ، فلم أجدها ، أعرف أنني لم أكسب في تِلك الدنيا إلا المال و غضبها ، إلا أنني لست بتلك القوة يا أمي لأحتمل حزنك ، ليتك تعلمين أن كل ما أفعله ، هو لأسعدك ، و إن كنت جاهلاً في كيفية إسعاد البشر ، إلا أنني لا زلت أحاول ، و أسقط يا أمي ، إنني أسقط بشكل سيء جداً ،
خرج من عند الطبيب دون أن يتلفظ بكلمة واحدة يدافع بها عن نفسه ، قد وقّع والده على اتفاقية فقدان ابنه حق الدفاع عن ذاته قبل وفاته ، فقد حقه في العيش حراً ، حقيقياً .. رفع جوّاله ليتصل بياسمين ، بصوت حانق يقول : وين أخذتِ أمي ؟ ليش ما كلمتيني و قلتي باللي صار ؟
تبتعد ياسمين ، تقول بهمس : سُلطان ما سمح لي أبلغك ، على كل حال أنا و أمك الحين في بيتكم القديم ..
يعقد حاجبيه : ليش في بيتنا القديم ؟؟
ياسمين : هذا طلب أمك ، تعال شوفها حرام عليك يومين تاركها بروحها !
فهد بحقد : حرام علي ؟؟ إنتوا تعرفوا تميزوا بين الحلال و الحرام ؟؟

يُغلِق الخط ، يخرج من المستشفى هائماً على وجهه ، يركب سيارته و هو يشعر أن الدنيا تغلق أبوابها في وجهه ، يمشي باتجاه بيته القديم ، إلا أن الطرق جميعها توحي له أنه يسير في متاهة لا نهاية لها ..

،,


يحل المساء المرهق ، أنهكت ذاتها بكاءً و قهرًا ، يكوّر قبضته بعجز عن أن يفعل لها شيئاً يُرضيها ، تمتد يده الضعيفة لتتحسس شعرها ، الجزء الوحيد الظاهر منها بعد ما أخفت وجهها الباكي بين ركبتيها المضمومتين إلى بعضهما ، يقول : حبيبتي ، لا تزعلي منها أمي مثل أمك و تمون عليكِ !
مريم ترفع رأسها ، و هي تقول بين شهقاتها : أنا ماني زعلانة إنها ضربتني ، زعلانة لأنها قالت عني معيوبة ، أنا وش ذنبي هذا الموضوع بأمر ربنا أنا وش ذنبي تقول عني معيوبة ؟؟
عِصام : أكيد ماهي قاصدة بس يمكن من زعلها إنا خبينا عنها الموضوع قالت هالكلام من دون ما تقصده ،
مريم ولا زالت مستمرة في بكائها : إذا فيني مرض معين هذا من ربنا مو مني أنا مابي ينقص احترامي بهالبيت لأجل شي أنا مالي يد فيه !
يمد إبهامه ليمسح دمعة من بين حشد من الدموع المتزاحمة فوق وجنتيها الحمراوين ، يتنهد و يقول : طيب ، أنا نازل أكلمها ، و ما بتكوني إلا راضية ، بس أبيكِ تمسحي دموعِك و تغسلي وجهك و تستهدي بالله ..
تحاول كتم شهقاتها ، ينهض أمامها متجهاً للباب ، يلقي نظرة أخيرة إليها ، يتنهد مجدداً و يخرج ، تمسح وجهها بكفيها و هي تشعر بصداع عنيف يغزو رأسها بعد يوم طويل من البكاء ، تخرج على أطراف أصابعها لتتبعه نحو غرفة والدته ، تقِف خلف الباب و تُلصِق أذنها به لتحاول أن تسمع كلامهم ، علها تعرف ما سينتظرها في حياتها القادمة ، يجلِس أمام والدته التي ترمقه بنظرات معاتبة ، يقول بعد صمت دام لثوان : يمه أنا اضطريت أخبي عنك .. قلت مؤقتاً يمكن مريم تتعالج أحسن ما نخلق جو توتر في البيت عالفاضي ..
أم عِصام : لا تحمل الذنب عنها ، أنا عارفة وش مربية ولدي ما يخبي عني شي ، أنا عارفة إنها مريم اهية اللي زنت فـ دماغك عشان تخبي عني ..
عِصام : حرام عليكِ تظلميها يمه ، اهية أكثر من مرة قالتلي نبلغك و أنا رفضت .. بعدين يمه حرام تعيريها بمرضها ، المرض ما فيه شماتة !
أم عصام باستهجان : أنا أشمت بزوجة ولدي ؟ أشمت إنها مو قادرة تجيب لي حفيد ؟؟ حسافة عليك يا ولدي ما هقيتها منك !
ينحني برأسه ليقبل يدها : يمه مريم من ساعة ما كلمتيها و اهية تبكي فـ غرفتها ، كسرتِ خاطرها ..
أم عِصام : خليها تتعلم ما تخبي عني شي ، و بترضى بعدين لا يهمك ، المهم في شي ثاني بكلمك فيه ،
ينظر إليها بيأس ، يصمت لتُكمل كلامها : اليوم كلمت أم جمال ..
عصام ببرود : منو أم جمال ؟
أم عصام : هذي أمها لـ نورا ، البنية اللي قلتلك عنها قبل فترة ..
تتسع عيناه : شنو يعني ؟؟؟
أم عصام : وش شنو يعني ؟؟؟ أخذت موعد منها عشان بكرا أزورهم إن شاء الله و نتكلم في موضوعك ، و ترى لمحت قدامها عن سالفة الخطبة ..

في الخارِج ، تُخرس صوت شهقتها و هي تضغط بكفها على فمها ، تحتشد الدموع مجدداً في عينيها الخائفتين ، في الداخل ، ينهض من مكانه بعينين متسعتين :ِ إنتِ قاعدة تمزحي ، صح ؟؟


،,



يضرب الطاولة بكفّه ، ينهض و هو يصرخ بأعلى صوت : أبي أعرف ويـن راحـت ! ما بتركك إلا لما تقـول ! و اسأل عني يا فهـد ..


،,


يتقدمان بخطوات هادئة مدروسة جداً ، يبدو على ضحيتهم التعب و الإرهاق ، يتثاءب بكثرة و هو يتقدّم ببطء نحو منزله ، يتقدمان كليهما ببطء حتى يصبحا خلفه تماماً ، يرفع أحدهما عصاه الخشبية السميكة ، ليضربه بقوة على مؤخرة رأسه ، الضربة التي تُسقِطه أرضاً ، فوراً و خلال ثانية فقط ، يبدو أنه انتقل إلى مكان آخر ، فقد القدرة على البقاء ضمن واقعه ، تشوشت الرؤية في عينيه تدريجياً و هو يشعر بشابين متلثمين يفتشانه ، حتى فقد الوعي تماماً ..



انتهى


البارت القادِم إن شاء الله سيكون يوم الأحد القادِم ،

ملاحظة ، صار فيه تغيير بمواعيد البارتات ، في نهاية كل بارت ببلغكم بموعد البارت القادم ، لأن الجمعة غالباً يوم للعائلة و صعب ألاقي وقت دائماً للنشر ، لذلك تم التغيير ، أتمنى يكون البارت أعجبكم لا تحرموني من تعليقاتكم اللطيفة .

طِيفْ!

 
 

 

عرض البوم صور طِيفْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:38 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية