غدت سارة ممزقه بين رغبتها في ان ترضي امها وبين الاغراء, ليس فقط بتناول الايس كريم بل ايضا بان ترسم لها صوره اخرى .وهمست بصوت خفيض يمتزج بالشك :
_مامي ,هل تغضبين اذا ذهبت مع السيد كنغدوم ؟وتجنبت راشيل نظرة جويل ,وسألت بطريقه متقطعه:
_هل هذا هو ماتريدينه ؟واجابت سارة في شيء من التردد :
_لمدة قصيرة فقط ,لن اتاخر .هل اذهب ؟ورفعت عينيها الى جويل ,الذي اجاب ,وهو يهز كتفيه :
_يمكنك ان تتغيبي كما تشائين .اعرف عنوان سكنك .
كانت راشيل في موقف صعب للغايه ,وكلاهما يعرف ذلك .ودمدمت بطريقه تنقصها الكياسه _حسنا !سارة ,ارجو ان تسلكي بطريقه سليمه ,ولاداعي للثرثرة !
كانت سارة تعرف مايعنيه ذلك ,وفهمت انها لا ينبغي ان تتحدث عن مرضها وابتسمت ,ونظرت راشيل اليها .ومد جويل يده اليها فامسكت بها وخرجا سويا ,وكان الجو قد اصبح متوترا بدرجه واضحه بعدما خرجا .
وعلقت اريكا وهي تشد بقسوة سحابة رداء من المخمل :
_لم اكن ادري ان جويل يعرف ابنتك الى هذه الدرجه .
وخطت راشيل خارج الرداء ,وهزت رأسها ,وقالت في شئ من التسرع :
_هو لا يعرفها بهذه الدرجه .قابلها مرة واحدة من قبل .
وردت اريكا وفي صوتها نغمة الشك :
_ومع ذلك يرسمها من الذاكرة ,لم اكن اظن انها تبقى في ذاكرته الى هذا الحد ...بالطبع هي سوف تصبح اخته من ابيه عندما تتزوجين جيمس كنغدوم ,اليس كذلك ؟
تنشقت راشيل نفسا عميقا ,وقالت :
_اعتقد انني شاهدت قدرا لا باس به من الثياب اليوم ,هل يمكن ان ترسلي لي البذله الخضراء باللون اللوزي ,والفستان الارجواني والسترة .
_ان الاوامر التي تلقيتها تقضي تزويدك بكسوه كامله ,واعتقد انك لا تريديني ان اؤذي مشاعر السيد كنغدوم .
ونظرت راشيل الى اريكا ثم الى وجه الانسه كلاي المتخشب ,ثم عاودت النظر الى اريكا ,لم تكن ثمه فائده ترجى من تصعيد الموقف معهما ,بينما جويل هو المسؤول عن كل شيء حدث ,ثم انه اذا كانت علاقته باريكا بلغت بالفعل المبلغ الذي كانت اريكا توحي به ,فمن حقها تماما ان تعبر عن استيائها .
ونظرت حولها تبحث عن السروال والستره الصوفيه اللذين حضرت بهما وقالت
_افعلي ما تعتقدين انه الافضل .ولكن لو سمحت ,فانا تعبت اليوم .
وتبع ذلك صمت عميق استجمعت اريكا نفسها خلاله ,وقالت :
_سوف اطمئن على ان جميع الملابس المناسبه تم توليفها ,هل ارسلها الى منزل السيد كنغدوم ؟وهزت راشيل رأسها وقالت :
_لا ! لي شقتي ,سأعطيك عنوانها .والافضل ان ترسليها لي على هذا العنوان .
وردت اريكا بأدب وهدوء للمرة الثانيه :
_حسنا ياسيدة غليمور.
وسألت راشيل بشيء من الاحباط :
_هل تعرفين اين اجد سروالي وسترتي الصوفيه ؟ونظرت اريكا حولها ,ثم هزت كتفيها ,وقالت :
_انني اقترح ان تلبسي شيئا اكثر اناقه يناسب المدينه !
عندئذ حدقت راشيل ببرود ,ثم استدارت بعيدا وقالت :
_اشكرك ,ولكنني افضل ان ارتدي ملابسي لاطول فترة ممكنه .
وخرجت مع الانسه كلاي بعدما ودعتا اريكا ,ولم تستطع راشيل ان تمنع خاطرا قاسيا خطر لها بأن جيمس قصد عن عمد ان يبعث بها الى ذلك المكان لتعرف ان عاجلا او اجلا بالعلاقه بين اريكا وجويل .
كان يظن انها مازالت تحتفظ ببعض المشاعر تجاه جويل ,انها تحتفظ حقا ببعض المشاعر .ولكن ليست تلك التي تستحق ان يأرق بسببها .
واستقلت الانسه كلاي سيارة اجرة ,واخذت راشيل تتسكع في شارع ريجنت تتفرج على الواجهات ,وذكرها ذلك بأيام التلمذه ,تلك الايام التي لم تكن قد عرفت فيها جويل بعد .
لم تتمتع راشيل بطفولة سعيده ,اذ غدت يتيمه قبل ان تصل السن الذي تستطيع فيه ان تتذكر ابويها ,وتربت في احد بيوت الاطفال حيث يكون اشباع الحاجه الى المحبه والحنان تاليا لمرحلة الاهتمام بالواجبات العاديه للمعيشه .
كان لها اصدقاءها ,وكانت هناك فترات استمتعت فيها بالسعاده ,ولكنها لم تبدأ تحس بما تشعر به الفتيات في سنها عادة قبل ان تصل الى السن الذي استطاعت فيه ان تعتمد على نفسها ,ولما اعطيت لها منحه دراسيه ,استطاعت ان تجد غرفه في احد الاقسام الداخليه ,وانتظمت في كلية ماكسويل للتصميمات الفنيه والحرف وعرفت باستمرار بتذوقها للالوان .وامضت حوالي تسعة شهور في الكليه عندما جاء جويل كنغدوم لالقاء محاضرات على طلابها .
وجذبت راشيل اهتمامه من اللحظة الاولى ,في البدايه رفضت ان تكون لها به اية صله خارج الكليه ,وصممت على ذلك رغم ان الطالبات الاخريات كن يعتبرن ذلك جنونا منها ,ولكن ذات مساء وقف خارج الكليه ينتظرها وكان المطر ينهمر بشده ,ولم تجد بدا من ان توافق على ان يوصلها بسيارته الى بيتها ,ومنذ ذلك الحين صار ينتظرها كل مساء ,وسمحت له احيانا ان يصطحبها لتناول العشاء وادركت الان انها كانت على خطأ عندما ظنت ان بأمكانها ان تلهو مع رجل مثل جويل بدون ان تحترق اصابعها ,ولكن كل شئ يبدو غاية في البساطه انذاك .
كان جويل يبدو جذابا للغايه ووقعت في حبه قبل ان يمضي وقت طويل دون ان تدري ذلك ,وقال لها جويل ايضا انه يحبها ,ورغم انها كانت تعرف عندئذ انه ليس له نية الزواج ظنت انه عندما يقع ذلك الحادث السعيد فسوف تغدو زوجته .