وقاطعه جويل وهو يذرع ارض الغرفه بشئ من القلق :
_على شاكلتك!نعم !ان هذا الكلام لن يؤدي بنا الى شيء.لقد حولنا عن الموضوع بما فيه الكفايه ,اريد ان اعرف كيف عثرت على راشيل مرة ثانيه ؟وكيف وصل بك الامر الى ان تطلبها للزواج ؟بل اهم من هذا اريد ان اعرف لماذا تقدم هي على مثل هذا الامر ؟ان هذا كله يرتبط بموضوع الطفله ,موضوع سارة !مامشكلة سارة؟لماذا تتردد على المستشفى ؟ولماذا يسمونها المقعده ؟
سحق جيمس كغندوم بقايا السيكار ليطفئه وقال :
_الم تسأل راشيل هذه الاسئله ؟
_انني اسألك اياها ؟أو تفهم ؟
وهز ابوه كتفه استهجانا وقال :
_اذا كانت هي لم تستطع ان تشفي علتك للمعرفه ,فانني اخشى الايكون ذلك في طاقتي انا ايضا .
_ابي ,انني احذرك !
ونهض الاب على قدميه مرة ثانيه ,وقال :
_لا ! انا الذي احذرك ,ياجويل !ابتعد عن هذا الموضوع !لقد مضت عليه سنوات ,وانت تعامل هذا البيت بازدراء ,ولم تكلف نفسك عناء السؤال عني او عن صحتي ,كل ما اطلبه هو ان تبقى بعيدا عن الموضوع ,استمتع بوقتك مع الاخرين الذين تهتم بهم ,اعتقد انه يغيظك ان ترى راشيل تفضلني عليك ,ولكن سوف تعتاد على ذلك .
_ان امر راشيل لا يعنيك .
_على العكس ,انني مغرم بها ,انني احبها كثيرا ,ولقد احببتها دائما ,حتى عندما كنت تسمم عقلها ضدي .
دمدم جويل بمراره :
_ينبغي ان تعترف بانه كان لذلك مايبرره .
_ربما ...انني اعترف...لم اكن دائما ذلك الخير الكريم ,ولكن الزمن يتغير .
كان جويل يحس بالم شديد فوق جفنيه ,وقال:
_اتفق معك ان الزمن يتغير ,ولكنك انت لا تتغير !
ثم سأل:
_وماذا قلت لها عني ؟
هز جيمس كتفيه واجاب :
_قد لا تصدق جويل !بأننا نادرا ما كنا نتحدث عنك ,مرت راشيل باوقات عصيبه في السنوات الاخيره ,وانني اعتزم ان اذلل لها كل الامور .
جعل جويل يده تتخلل شعره ,وعلق :
_كان بوسعك ان تذلل لها الامور بدون ان تتزوجها .
وبدت ابتسامه ساخره على وجه ابيه وهو يقول :
_ماذا ؟واترك الميدان مفتوحا امامك ,ياجويل !اوه ,لا ,ان الاتفاق الذي عقدناه انا وراشيل لم يبق منه الا توقيع عقد الزواج .
عاد جويل الى شقته التي تطل على حديقة ريجنت بارك ,وكان الصداع يدق رأسه بعنف اذ ترك منزل ابيه قبل ان تنهار سيطرته على نفسه تماما .وبلغ الغضب منه مبلغا لم يعهده في نفسه من قبل .
وقاد سيارته الى مكان الانتظار في الممر السفلي ,واستقل المصعد الى الطابق العلوي ,وعندما دخل شقته اجفل عندما وجد مصباحا لايزال مضيئا في غرفة الجلوس ,وان امرأة شابه كانت ترقد على الاريكه الفرنسيه المصنوعه من المخمل .كان صوته وهو يغلق الباب قد ايقظها ,فرفعت رأسها بأبتسامه تعبر عن الترحيب ,وقالت وهي تمد ذراعيها الابيضين الممتلئتين :
_جويل !حبيبي! خفت الا تعود !
وهبط جويل درجتين منخفضتين تؤديان الى وسط الغرفه .وقال وهو يحل ازرار سترته :
_ماذا تفعلين هنا ,اريكا ؟
وارتفع حاجبا اريكا غراي الرقيقتان في شيء من التقوس ,وقالت توبخه بلطف :
_اهذا هو اللقاء الذي انتظه منك ,ياحبيبي ؟لابد ان العمل الذي سافرت من اجله الى يوركشير لم يكن مرضيا كما كنت تنتظر .
وجاوزها جويل متجها الى المنضده المتحركه للمشروبات التي كانت مستنده الى الحائط ,واخذ يعد لنفسه كأسا اجترعها قبل ان يقول :
_هل هيرون هو الذي فتح لك الباب ؟
واجابت بجفاف :
_نعم منذ اربع ساعات !ما الخبر ياجويل ؟الايسرك ان تراني ؟
ونهضت من فوق الاريكه ,ووقفت امامه ,وكان شعرها الكستنائي الداكن يتجعد بشكل انيق حول رأسها الصغير ,وكان كعبا حذائها يضيفان عدة بوصات الى قامتها الصغيره التي لاتزيد عن خمسة اقدام .وتذكر قامة راشيل ,كانت اكثر ارتفاعا ,ولكنه سرعان ما طرح الفكره بعيدا بشئ من الغضب والتنهيد ,وقال:
_اسف يا اريكا ,انا متعب تماما ,اعاني من صداع شديد ,ولا اريد سوى ان انام .
قالت وهي تتحسس عباءتها التي كانت قد القت بها على ظهر الاريكه عند وصولها :
_سأذهب ,وسأطلبك بالهاتف غدا ؟هل افعل ؟
نظرجويل اليها بقلق ,وبدأ يحس بالازدراء لنفسه لذلك التصرف الذي بدر منه ازاءها بدون قصد ,ولكنه لم يكن الان في حاله تسمح له بان يتصرف بطريقه لبقه ,ومع ذلك كان في ظروف اخرى ,يسعد بمؤانستها ,ولم تكن اريكا ترهقه بأية تكاليف ,اذ كانت تكفل نفسها ,وكانت على قدر كبير من الذكاء ,وكان يعرف انها تتطلع الى زواجه في النهايه ,ولم يكن يشعر بالضيق لذلك .اذ كانت مطالب عملها تتوازن مع مطالب عمله .ولم تكن تفكر في انجاب الاطفال ...ولكن شيئا ما حدث فجأة .وبدأ جويل يثور على نمط حياته القائم على الانانيه .وكان كل ما رآه في تلك الليله عينين قاتمتين عاصفتين تحملقان فيه في كراهية بادية.