لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-10-19, 03:28 PM   المشاركة رقم: 61
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 610
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

السلام عليكم ورحمة الله
سلمت يمناكِ وطن نورة ،، 🍃🌷
جزء جميل كالعادة .


( أَخَبر القتيل الأخير رقم 8 !)
ناقص رقم 7 وينه ؟؟😁

طريقة قتل الضحايا واحدة، الخنق.
لكن لِمَ يتعمّد القاتل أن يوسم ضحاياه بأرقام ؟ لاشك أنّ لديه رسالة يريد إيصالها
للشرطة، كما أن جميع القتلى من الضباط.
هل كانوا جميعاً مشتركين في عملية ما ، ثمّ فقد المجرم بعدها أحد أقربائه، أو أحد ممتلكاته ، لذلك أراد أن ينتقم من الجميع ؟ 🤔


أبو عارف &

إلى الآن لم أفهم من يكون ولِمَ عزام يعمل لديه باسم مزيّف؟
ومن يكون جوّار؟
إذا كان شخص خارج عن القانون كيف يعرف بأن عزام رجل قانون ويسمح له بالعمل معهم ؟ هل هو صديق أم عدوّ كذلك ؟

فهد &

ازداد الغموض يا وطن ،،،☹
ما السبب الذي يجعل فهد يُرْفض حين يخطب؟
فهد يبكي 😳 !
الأمر إذاً جدّ كبير !! 😭😭
أمرٌ أصابه بقدر الله ، لا لشيء كنّا نظنه من عمل يده !
حيّرنا فهد ،، نورينا يا وطن الله ينوّر عليچ🤲🏼🍃

( واصْبرْ لِحكْم ربكَ فَإنكَ بِأعيُننَا )
ما أجمل الرضا بقضاء الله، فإنه يبعث الطمأنينة في القلب ..🍃
غادة بطلتنا القادمة ،، بانتظارك😉

عبدالله &

باسم الله تونا نقول يا هادي يا دليل، وعبدالله ان شاءالله بينقذ البتول ،،
وش فيه عبدالله ؟ لا يكون صابه شي؟😳
أم أنّه سافر للسودان على وجهه السرعة، يريد أن يتقصي بنفسه أمر العذوب؟ 🤔

عزام وذكرى ليلة زواجه &

( وش بعد غير إني رخمَة و مو برجّال وقلبي قلب مرَه؟ )
هل أطلقت صيته كلماتها تلك نحو عزام حين طال حزنه على الجوهرة ؟؟
هل كان حزنه بسبب موتها؟
أم أنها تزوجت غيره ورفضته ؟

كثيييييرة هي تساؤلاتي ،،الله يعينك 😁

بانتظارك في جزء الأحد بإذن الله.
وأتمنى أن تحظى العذوب بمشهد يبين
لنا وضعها في السودان
🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 13-10-19, 12:00 PM   المشاركة رقم: 62
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,520
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

وطن ..اليوم الاحد لاتعلمين احد هههههههه
الحمااااااااس 1000
بانتظار بارت الجوهرة ...🕵

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 13-10-19, 11:16 PM   المشاركة رقم: 63
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 183220
المشاركات: 458
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 933

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الذكـرى ينااجيني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

1
2
3


بانتظار البارت إن شاءالله ماتخرب ساعتك نوره هالمره😹😅💜

 
 

 

عرض البوم صور همس الذكـرى ينااجيني  
قديم 14-10-19, 12:49 AM   المشاركة رقم: 64
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 


أتمنى لكم يوم سعيد و قراءة ممتعة مقدما ❤
وعذراً كالعادة على التأخير << يا وجه استح ><


# الفصل السادس،،
" كلُّ البؤسِ هُنا،، فيْ قلبِي "

.
.
.

مساء اليوم التالي ولم يبقى الكثير على الساعة التاسعة مساءً..
دخل عزام صالة منزله عيناه على هاتفه بين يديه، يضع شماغه على كتفه بشكلٍ مهمل يجر خطوته بثقل.. القى السلام ليصله خافتاً بردود متفرقه.. رفع رأسه عاقداً حاجبيه باستنكار، ليحل القلق عوضاً عنه عندما شعر بالغيمة السوداء التي تغطي رؤوس الموجودين..
ابتلعت صيتة ريقها تقول بضيق : هلا أبوي عزام.. وينك تأخرت!

انقبض قلبه وهو يرى وجه عبدالإله، ثم وجه شعاع التي كانت تظهر تشاغلها بآيباد مريم الجالسة بجانبها.. ثم أخيراً والدته، ليقول بأنفاس مقطوعة : خير إن شاءالله وش فيكم؟ وش صاير؟؟
زم عبدالإله شفتيه قبل أن يقول بنبرة كئيبة : عبدالله...
عزام بتوتر : عبدالله بن علي؟ وش فيه؟
عبدالإله : تقلبت به السيارة وهو راجع البيت.
شعر بقبضة من حديد تعصر رئتيه تدفع أنفاسه بقوة : يا ساتر وعسى ماجاه شي؟
لتقول صيتة بأسى : الله يلطف فيه ويرفع عنه، الولد بالعناية ولا يحس بأحد أبد..
.


فتحت عينيها على صوتٍ غريب بعد أن كانت تغرق في نومها،، لتكتشف بعد أن أرهفَت سمعها أن الصوت ما هو إلا أنين مصدره عزام النائم أمامها..
اعتدلت جالسة تفتح النور القريب منها.. تلتفت ناحيته بقلق لترى عَقد حاجبيه وتعرق جبينه.
كان أنينه مرتفعاً وكأنه واعي يتعرض للألم، أعادت خصلاً من شعرها خلف أذنها تقترب منه تحاول إيقاظه دون أن تفزعه.. وضعت يدها على عضده تهمس اسمه بقلق : عزام..
كان يضغط على أسنانه بقوة، عظام فكّه مشدودة وهناك عِرقٌ بارز في جانب وجهه وكأن الدم سينفجر منه..

رفعت كفها على خده بخوف : عزام قوم .
هزته بقوة حتى فتح عينيه بسرعة، حمراء وكأن الدم صُب فيها.. ينظر لها صدره يرتفع وينخفض بوضوح .
شعاع بخوف : وش فيك؟
عزام بتوهان : وش؟
لتقول بسرعة وهلع : أقعد عزام أقعد فمك ينزف.
جلس يضع كفه تحت شفتيه لازالت أنفاسه سريعه وكأنها تصارع على البقاء،، أسرع حتى من شعاع التي قفزت من مكانها لدرجة أنها كادت أن تتعثر وتقع،، تركض باتجاه التسريحة تأخذ مجموعة من المناديل قبل أن تعود له، تجلس أمامه وتضع مابيدها تحت فمه تستبدل كفه..
كانت نظرته فارغه وكأن جسده خاوي،، لا حياة فيه.. يرى رعشة شفتيها.. تكدس الدموع في عينيها بقلقٍ واضح.. تتمتم بشيءٍ لم يسمعه وكأنها تلقي تعويذتها..

كان يشعر برئتيه كالبركان ينفث حممه في جوفه.. لا شيء يقف في صفه أبدًا ولا يضع يده في شيءٍ إلا أفسده.. وعلى قائمة كل تلك الأشياء،، شعاع..
أبعد يدها التي لازالت على وجهه بضيق : خلاص كتمتيني.
شعاع بقلق : وش جاك بسم الله عليك؟
عزام : شكلي كنت عاض على لساني ، ما صار شي.
شعاع بعدم تصديق : كنت توّن عزام! فيه شي يوجعك تحس بشي؟
ليقول بضيق : شعاع ما فيني شي لا تكبرين الموضوع.. خلاص ارجعي نامي.
لم تتحرك من مكانها لازالت تنظر له بشك وخوف ، ليقول بحده : قلت خلاص ماتفهمين أنتي!.
جفلت من نبرته و كأنها لم تتوقع شيئاً كهذا منه.. تبدلت نظرتها القلقة بنظرة أثارت شيئاً في نفسه،، وتجاهله بعقدَة حاجبين مستاءة.. وقفت تهمس قبل أن تبتعد من أمامه بهدوء : لا أفهم، تصبح على خير .

رمى بجسده على السرير ما إن سمع صوت إغلاق باب دورة المياة، ينظر للسقف يعيد شعره للخلف بكلتا يديه.. يشعر بألم فتاك في رأسه و أسنانه.. لا يذكر ما رأى أثناء نومه ولا يذكر بأنه كان يئن أو حتى يضغط على أسنانه.. لكن الألم الذي يشعر به الآن يخبره عكس ذلك كله..

ضغط على عينيه بذراعه عندما سمع صوت الباب يُفتح.. ثم بخطى شعاع الهادئة على الأرض الرخامية.. ثم بثقلها على السرير بجانبه.. كان يستطيع أن يشعر بكل هذا يداهم عقله المشوش في هذه اللحظة.. كل شيءٍ تداخل ببعضه.. عبدالله،، صوت ضحكة جوار المستفزة.. ابتسامة أبو عارف المقززة.. العمل المُقيت معهم .. حديثه باكراً مع أبو هيثم عندما طلبه في لقاءٍ خاص..

يبتسم بوقار : أبيك معي عزام.. أنا قد اشتغلت معك وأعرف كيف تفكر وأثق بقدراتك..
عزام باقتضاب : أنت تدري بالمشكلة اللي صارت.. أنا حالياً أ...
قاطعة بابتسامة ذات مغزى : أعرف كل شي و سألت وجاني العلم..
.

شعر بكفها التي حطّت على صدره، ولم يدرك بأنه ممثلٌ فاشل حتى وصله همسها يخبره بأن حيلة تصنع النوم هذه لم تنطلي عليها : عزام.
لازال على وضعه : نعم!
عم الصمت الذي تخللته ضربات أطراف أصابعها بخفةٍ على صدره،، إلى أن أبعد ذراعه.. يلتفت لها عابساً بضيق ولم يجد منها إلا ابتسامة ظهرت حزينةً ما إن التقت عينيه بها.. تهمس بحنو : وش فيك؟ والله قلبي ما يقوى أشوفك كذا وأسكت وكأن الموضوع مايهمني..
رمش ببطء لتتابع بذات الهمس وكأنها تخشى من أن يُسمع صوتها فيعرف الجميع بأنها أضعف من أن تغضب منه : والله إني طول الساعة اللي فاتت أحاول أقنع نفسي إن مالي دخل بس عجزت.. وش فيك عزام علمني والله ما أقول لأحد بس تكفى علمني لا تخوفني عليك..

تبدلت نبرتها بآخر جملة لرجاءٍ فجّر مسمعه رغم أنها نطقت به بكل رقّه.. زم شفتيه قبل أن يقول بتردد : والله ما أدري وش أقولك..
ابتسمت بأسى : قول اللي ودّك،، أسمعك....
سكت طويلاً إلى أن قال جملةً قد سمعها قبل سنوات ونُقشت على روحه للأبد، خرج صوته ضعيفاً ولأول مره تسمع هذا الضعف والتوهان فيه : أحس إني قاعد أغلط غلطات عمري ياشعاع.. كأن أنا مو أنا..
.
.

ابتلع فهد ريقه يبتسم بارتباك ما إن اقترب من الغرفة التي يرقد فيها عبدالله بعد أسبوع كامل قضاه في العناية المركزة بين الحياة والموت ، يرى الواقفة بجانب والدتها وابتعدت ما إن سمعته يلقي السلام..
اقترب من عمة والدته (صيتة)، يقبل رأسها يسألها عن حالها وحال عبدالله لتجيبه برعشة في صوتها فالاسبوع مرّ عليها كدهرٍ من العذاب لم تتوقع بأن ينتهي ..

رفع بصره يسترق النظر للواقفة تستند على الجدار بمسافة بسيطة تفصلها عنهم، لم يقدر أن يمنع السؤال من أن يخرج وهو يشعر بقلبه يتسارع : وش علومك لولوة؟
تمتمت بشيءٍ لم يسمعه لكنه تمنى أن تكون "الحمدلله بخير" أو أي شيء قريب منها يصب بنفس معناها،، فهي في قلبه تزيد عن البقية بدرجة أو اثنتين، ويتمنى لها الأفضلية بكل شيء..

وقف بجانب صيتة بعد أن أخبرته بأن الطبيب بالداخل.. ينتظر خروجه يحاول أن يطرد طيف لولوة من باله ويتمنى بألا يكون عمه علي قد أخبرها بخطبته لها وأن يكون قرار رفضه جاء منه دون الرجوع لها.. ففكرة أن ترفضه لولوة تجعله يشعر وكأنه سيذوب في ثيابه من الخجل لمجرد التفكير بها كزوجة..

.
.

لم تخفى ابتسامة عزام الواسعة عن عيني والدته وهي تراها بعد أسبوع كامل قضاه في عبوس.. وصلهم بالأمس خبر إفاقة عبدالله والذي أزاح الغيمة السوداء التي ظنوا بأنها لن تزول..
كانت تستيقظ يومياً ويدها على قلبها وينتهي اليوم ويدها لازالت على قلبها تخشى من أن تسمع خبراً يسوؤها عنه فهي تعلم مرارة الفقد التي لا تزول حتى بعد مليون سنة وتخشى على عمتها من تذوقها..
الجو في المنزل استبدل تماماً وكأن الرؤيا فيه أصبحت صافية عالية الجودة حتى على أصواتهم..
صيتة بسعادة : يالله لك الحمد توني مقفلة من عمتي تقول الدكتور طمنهم أوضاعه مستقرة..
لترى عزام يخرج من المنزل بسرعة وضحكة سعيدة فرّت من بين شفتيه وكأن هماً يوازي الجبال وقع من على كتفيه..


:
*

لم أتوقع ولا في أسوأ أحلامي أن أعيش يوماً كهذا،، يوماً تغيرت فيه حياة عائلة بأكملها..

مضى أسبوع منذ أن عرفت بأن لقاءات الجوهرة وعزام لازالت مستمرة.. حتى بعد أن بلغت الجوهرة الثامنة عشر وعزام يكبرها بثلاث سنوات.

أسبوع مرّ علي لم أكن قادرة فيه على النظر لوجه عزام وكل فكرة سيئة وبشعة ومقرفة طرأت في بالي خصوصاً وأنا أرى تبدّل حال الجوهرة للأسوأ، ، وأرى ذبولها يوماً بعد يوم. لم أجرؤ أن أسأل وكأني أخشى من الإجابة.. كنت أهيئُ نفسي لسماع إعترافٍ من عزام، أو بكاءٍ من الجوهرة تخبرني بفعلته والأدهى والأمر لتلقي اتصالٍ في أي لحظة يخبرني بأن عزام خان الأمانة -حتى مع ثقتي به وأنه لا يخون- لكنه كان يختلي بها وهو رجل في الواحدة والعشرين، وهي امرأة كاملة قد دخلت الثامنة عشر قبل أشهر..
مع ذلك لم أستطع أن أقسو عليها أبداً فهي ما إن تراني حتى وتأخذني في عناقٍ طويل وكأنها عادت من سفرِ سنوات.. تدلل اسمي ولا تناديني إلا "صوصو" أو "صيوت" حتى بعد توبيخ والدتها..
تحاول أن تخلق جواً إيجابياً وبهجة في أي مكان تجلس فيه..
كانت قريبة من الجميع وعلاقتها رائعة بالجميع كالشعلة لا تنطفئ أبداً..

كنت مستسلمةً تماماً لا أستبعد أي ظنٍ سيء يطرأ على بالي وأنا آراها تجلس صامتةً بجانب شعاع و لولوة.. لاحظت أن العلاقة بينهن ليست قوية فشعاع و لولوة حِزب، و الجوهرة لوحدها حِزب.
لم أرفع عينيّ عنها وأنا أتأمل سكون ملامحها تسرح بنقطةٍ في الأرض وكأنها تعيش صراعاً داخلياً بينها وبين نفسها..

كانت أجمل الموجودين تتميز بملامح لا تشبه أحداً أبداً، طويلة القامة وصوتها عميقٌ حدّ الغرق. لم ألُم عزام على تعلقه بها أبدًا ومتأكدة بأنه عشق روحها قبل شكلها..
ابتلعت ريقي بقلق عندما شحّب وجهها فجأة "ياويلي وش سويت في البنت يا عزام".

رغم أني أثق بعزام أكثر من نفسي، لكني لا أثق بشيطانه ولا شيطانها أن حضرا في لحظة خلوة.. تسارعت نبضات قلبي بقلق وأنا أرى ملامح وجهها تتقلب بشكلٍ غريب.. اتساع عينيها ثم انعقاد حاجبيها بشدة.. ارتعاش شفتيها التي ابيّضت بشكلٍ واضح إلى أن اختفت خلف أسنانها تضغط عليها بكامل قوتها..
نظرت للموجودين حولي ولم ينتبه أحد لها.. عدت أنظر لها وأنا أشعر بأصوات أحاديث الموجودات وضحكاتهن كالصفير في أذني. بردت أطرافي وأنا آراها تعيد رأسها للخلف، تسنده على الأريكة خلفها، تضغط بكامل قوتها على الوسادة في حضنها حتى ابيضت مفاصلها..
بقت على حالها لثواني ، فتحت فمي لأنادي لكن ابتلعت حروفي ما إن رفعت رأسها لتقع عيناها شديدة الاحمرار والاتساع، الغرقى بالدموع بعينيّ لتغرقني معها ، تبتسم لي ابتسامة طفيفة قبل أن تصرخ صرخةً أفزعت روحي : أمي الحقي علي.


لا أعلم كيف وصلتُ لساحة المنزل لأرى عزام يأتي راكضاً من المجلس الخارجي بوجهٍ مرتعب،، وقعت عند أقدامه عندما لم تحملني قدماي أكثر ليرفعني برعشة واضحة : يمه وش فيكم وش هالصراخ؟
حاولت أن أتكلم ولم استطع وكأن لساني التصق بأعلى حلقي.. لم أستطع أن اتنفس وأنا أسحبه معي لأجد عمتي صيتة في وجهي تصرخ بفزع : عزام يابوي تكفى الحق علينا الجوهرة مدري وش فيها.
تركني وأختفى من أمامي بلمح البصر..
كان هو الرجل الوحيد الموجود في منزل خالد بعد أن رحل الجميع بعد انتهاء الغداء.. لحقت به وصوت البكاء والعويل كاد أن يفجر مسمعي..
يجلس أرضاً يحمل رأسها بين يديه يضرب خدها بخفه يقول بهلع وصوت مرتعش : الجوهرة اصحي.. الجوهرة تكفين فتحي عيونك ... قلبي تسمعيني؟ الجوهرة أنا عزام .
صرخ بالموجودات حولها : وش جاها طاحت ولا وش؟
كان الصوت كالطنين في أذني.. لا صوت واضح سوى صوت عزام الذي يصرخ باكياً دون حرَج يضرب خدها بكامل قوته : حبيبي جوجو أدري إنك تسمعيني،، افتحي عيونك تكفين.

حملها بين ذراعيه كجسد لا روح فيه بعد أن لفها بعباءتها.. لحقته وركبت معه ولا أعلم من لحق بنا.. كانت السيارة من سرعتها وكأنها تطير.. ليختصر طريق النصف ساعة بعشر دقائق فقط..
يوقف السيارة يفتح بابه حتى قبل أن تتوقف وقوفاً كاملاً..
يركض بها في كل اتجاه كالتائه رغم أن باب الطوارئ كان أمام عينيه ..

لم أتوقع ولا في أسوأ أحلامي أن أعيش يوماً كهذا،، يوماً تغيرت فيه حياة عائلة بأكملها.. اليوم الذي رحلت فيه الجوهرة.. للأبد!

*
:
:


ابتسم عزام يتأمل عبدالله بلهفه : وش جاك بسم الله عليك؟
عبدالله بابتسامة بالكاد تُرى : أبد حكّة بسيطة.
ضحك بسوداوية : وحكّة بسيطة تدخلك المستشفى؟ كسر بالرقبة وأصابع اليد وغيبوبة أسبوع؟
عبدالله بضيق: الحمدلله على كل حال جات سليمة المره ذي بس السيارة راحت.
عزام بحب يضع يداً على كفه الملفوف بالشاش بعد أن كسرت تماماً : فدا راسك ياشيخ..
زفر عبدالله يشعر بالاختناق والألم في أماكن متفرقه من جسده لازال عقله يسبح في دوامه : والله كل شي يهون عند اللي صار بالمنجرة.
ابتلع ريقه وكأنه يبتلع موساً : قال لي عبادي.. وش صار؟
عبدالله بقهر تأوه بألمٍ بعده : ما أدري عيال حرام حسبي الله عليهم دخلوا وكسروها تكسير مابقى فيها شي.
عزام بقلق : ماعرفت مين؟
عبدالله : لأ، المنجرة حتى كاميرات ماحطيت فيها ماتوقعت يصير شي مثل ذا يارب إنها منجرة،، منجرة يا عاالم وش حاجتهم بمنجرة خشب؟؟
تسارعت أنفاسه بتوتر : الله حسيبهم وين بيروحون يعني ويارجّال كل شي يتعوض أهم شي راسك بخير.
عبدالله بزفره : الحمدلله بس يافيني غبنة وقهر.. أنت تدري وش اللي مريت فيه عشان ذا المنجرة المخنزة..
حاول أن يبتسم ولم يستطع : أنت قم على حيلك و أبشر، والله العظيم ما يقوم بمنجرتك غيري من تصليح وترميم وأجهزة وغيره.
ضحك بتعب : أسمح لك تسحب كلامك دام ما بالغرفة أحد غيري وغيرك . لا تستهين بالتكلفة دفعت اللي وراي ودوني عليها.
عزام بود : وأنت وش عليك أنا بدفع وراضي لك من الريال للميتين ألف وإن بغيت زود أبشر.
نظر له بطرف عينه ليشتد ألم رأسه فقال بعبوس : عزام أخاف بتبيع كلاويِّك و واعدينك بهبشة فلوس!!
ضحك : يا رجل لو آخذ قرض أهم شي المنجرة ترجع مثل ما كانت وأحسن..
ثم تابع بعينين تلتمع بحسرة : لا تنغبن ولا تنقهر ياخوك كل شي يتعوض إلا أنت يابو عابد مالك عوض.

ابتسم له عبدالله بامتنان، يغيب بتفكيره لقبل الحادثة بيومين،، عندما كان يجلس في منجرته يضع الهاتف أمامه على المكتب ينظر له بتفكير قبل أن يفتحه وهو الذي منذ تلك الليلة لم يفتحه أبدًا..

أنتظر لدقائق وعندما لم تصله أي رسالة بدأ يتفقد محتوياته..
ابتدأ بالأرقام ليجدها جميعها بدون اسم..
إنتقل للرسائل ليجد الأربعة التي وصلته و واحده أخرى تحتها بتاريخ قديم (مصر- ليبيا- بنغازي.
بتلاقينه ينتظرك وجربي تلعبين بذيلك أو تجين من غير اللي نبيه)
عقد حاجبيه يبتلع ريقه بارتباك رغماً عنه، يبحث بين التطبيقات إلى أن وجد تطبيق الواتساب.. فتحه وكانت محادثه واحدة فقط مكتوبٌ فيها (أنا خايفة) دون أن تجد استجابة.

خرج بسرعة وانتقل لاستديو الصور ، حرّك بصره عليها بسرعة، جميعها كانت متشابهه لدرجة شك بأنها نفس الصورة مكرره مئات المرات، جميعها لرجل يعطي الكاميرا ظهره.. لفتته إحداها لرجل يَظهر جانب وجهه دون أن تتضح ملامحه،، كانت الوحيدة المختلفة بينهن وقبل أن يضغط عليها شدته الرسالة التي وصلت وظهرت في أعلى الشاشة ليضغط عليها عوضاً عن ذلك
(أعرف كيف أجيبك زي الكلبة يابنت ساطي.)
رفع حاجبيه باستنكار يزفر أنفاسه بتوتر : سلامات يبوي!!

وصلت أخرى وكانت عبارة عن رابط ضغط عليه بعد تردد وزفر بارتياح ولم يدرك بأنه كان يكتم أنفاسه عندما لم يتغير شيء .
لتأتيه رسالة أخرى مباشرة (غبية).

كان هذا آخر ما قرأه قبل أن يعيد الهاتف في درج مكتبة يخرج من المكان يشتم فضوله.

وبينما كان عبدالله غارقاً بالحادث وتفاصيله، كان عزام يتأمل وجهه الذي لا زال فزِعاً يمتلئ بالخدوش والخيوط الطبية على جروحه..
يتذكر جيدًا ما حصل في منتصف الليل قبل الحادث بيوم وكأنه يعدد ذنوبه ويجلد ذاته بقلة مرؤته ودناءته..

عندما اتسعت عينيه بعدم تصديق، ينظر لشاشة جواله حيث البرنامج يشير إلى أنه وصل للوجهه المطلوبة ثم إلى المكان أمامه..
اشتدت أنفاسه ورفع هاتفه يضعه على أذنه يغمض عينيه ينتظر رد الطرف الآخر، وما إن وصلته "الو" نائمة حتى وقال بسرعة : أنت تعرف المنجرة لمين؟
بتأفف وحيل ضيق : مين؟
عزام بقوة : عبدالله .
ببرود : أي عبدالله؟
رفع بصره للوحة يقرأها مجدداً يتمنى أن يجد اسماً غير اسم عبدالله لكن هيهات : ولد عمة خوالي.
سكت قليلا قبل أن يقول: طيب ؟
عزام ويشعر بعظامه تذوب من القلق : أبو عارف وش له بعبدالله!! وش يبي منه؟
ليجيب الطرف الآخر بلا مبالاة : أنا كنت مع أبو عارف وجاه اتصال ولا هو ماله بولد عمة خوالك على قولتك.. سو اللي يبي منك أحسن من إنه يسويها هو بنفسه وأحمد ربك الموضوع وقّف على كذا وأنه يبي الجوال بس مو روحه، ولا قضيت رح اسأل اللي اسمه عبدالله وش هو مهبب عشان يقصدونه بالاسم..
صرخ بغضب : جوال وش اللي يبونه؟ جوار أنت تعرف إن عبدالله يقرب لي؟ أنت معي ولا مع ال* أبو عارف؟
جوار : أنا مع اللي ينفعني أكثر. وجواب لسؤالك ما أعرف عبدالله ولا أعرف غيره.. أنا ما أعرف غيرك وندمان على ذا المعرفة قد شعر راسي صدقني.. سلام يا قلق.

نظر لجواله ما إن انقطع الإتصال.. يضغط عليه بقوة آلمت يده..
نظر لساعته بتردد واستصعب فكرة أن يتصل على عبدالله في مثل هذا الوقت دون أن يقلقه لذا أرسل له رسالة (عبدالله صاحي؟) .
أقل من دقيقة حتى رنّ هاتفه بإسم عبدالله والذي قال مُرحباً بحرارة ما إن أجاب اتصاله : هلا والله وسهلا بذيبان.
ابتلع ريقه وكأنه يبتلع علقماً : هلا بك عبدالله وش أخبارك؟
ليجيبه بمودة : بخير جعلك تسلم أنت بشرني عنك مبطيين عنك ياخوي.
أسند رأسه على الكرسي يغمض عينيه بتعب : بخير الحمدلله، وينك؟
عبدالله : بالبيت ليه تبي شي؟
خرجت الكذبة ببراعة دون تفكير : سلامتك حبيبي بس شفت سيارة شخطت قدامي تشبه سيارتك ولقطها ساهر ..
عبدالله ضاحكاً : وأنت داق تتشمت؟
حاول أن يضحك ولكنه لم يستطع : ٣ آلاف مخالفة قطع إشارة ماهي بسيطة يالحبيب.
عبدالله : لا تطمن، تبت ياخوك بعد الشهر اللي فات.
ليسأل عزام بتردد : طيب بتطلع مكان ؟
عبدالله : لا والله ما أظن خلاص الوقت تأخر وبكرة وراي شغل بالمنجرة لليل..
خبط رأسه بالكرسي خلفه أكثر من مره يغمض عينيه بندم : عساك على القوة.. مع السلامة..



عاش عزام إثنى وثلاثون عاماً من عمره، أضاع نصفها يلوم نفسه على كثيرٍ من الأشياء.. لكنه لو عاش ضعف ماعاشه في لومْ، لن يستطيع التكفير عن فعلته هذه.. يجلس في سيارته يشعر بحديدها ينصهر عليه وهو يرى رجال أبو عارف يكسرون قفل باب منجرة عبدالله.. يعيثون فيها فساداً يدّمرون كل ما تقع أيديهم عليه ويقلبون (عاليها واطيها)..
تمتم بحسرة : آسف عبدالله .

.
.

الجوهرة..
جوهرةْ عمري كما يحب أن يناديها والدها..
جوجو كما يناديها جميع أفراد العائلة ماعدا أخوها الأكبر و الذي تفرّد باسم (جوهر) فقط إن كان يريد إغاضتها لترد له الصاع بصاعين وتطلق عليه لقب (شرارة) ليلتصق به حتى بات يليق به أكثر من اسمه..

قد بلغت العاشرة من عمرها قبل عدة أيام تنفرد بالاستثنائية في هذا المنزل فكل "لأ" تلين وتصبح "نعم" إن طلبته. مدللة والديها وحبيبة إخوتها رغم وجود التي تصغرها سناً..
الجوهرة كانت ولا زالت هي الاستثناء الوحيد إذ أن حتى أكبر اخوتها و الذي يمارس طقوس مراهقته عليهم جميعاً بدون استثناء ، يلين أمامها رغماً عنه مهما اشتد تقطيب حاجبيه وهي الوحيدة التي لا يشتعل غاضباً إن سمعها تناديه بعيارتِه.
.

انتهت صلاة العصر بما يقارب النصف ساعة تقريباً.. وقتها كانت والدتها تجلس في آخر الصالة الداخلية تقرأ بعض الأوراق بين يديها ومجموعة من الكتب مفتوحة أمامها.. تركتها بقلق عندما سمعت أصواتاً مرتفعة وباب المنزل يُغلق بكل قوة لتصبح وبلمح البصر في منتصف الصالة حيث أبنائها : خير خير وش صاير؟
القى ذراعها التي كان يمسكها بقوة وغضب لتبتعد عنه حتى كادت أن تقع : بنتك فضحتنا يمه..

عقدت حاجبيها تنظر للجوهرة وشكلها الذي يوحي وكأنها كانت في عراك.. شعرها الطويل قد تحرر مما كان يجمعه وعلى وجهها خدوش طفيفة.. ثم نظرت للآخر والذي كان يكبرها بسنة فقط، شريكها بكل جريمة وظلها الذي لا يفارقها، لم يكن بأحسن حالٍ منها يضع يده تحت أنفه ويركض مسرعاً مبتعداً عن مكانهم..
قالت بقلق وهي تنظر لوجه ابنها الأكبر الغاضب جداً : وش سوت؟ وش فيه أخوك؟
لينطق بصراخ : متلاقطة مع عيال الحارة قليلة الحيا بالموت سحبتها من بينهم.
ضربت صدرها بهلع : ياويلي.. ليه ؟
تكلمت الجوهرة بقهر : يعني كنتي تبيني أشوفهم يضربون أخوي وأسكت يمه؟
فار دمه وتقدم ليشدها من شعرها : ايه تسكتين وتاكلين تراب ياقليلة الحيا، إذا أخوك ما دافع عن نفسه يستاهل اللي يجيه عساهم يكسرون راسه.. و سالفة إنك تضربين عيال الحارة ذي ماعاد أبي أسمعها فضحتينا مع الجيران ما بقى أحد مادق يشكي منك الله ياخذك.
تحررت من بين يديه وركضت تحتمي بظهر والدتها تصرخ بغضب : أنت مالك دخل..
ليقول بانفعال : مين اللي ماله دخل يا..
قاطعته والدته و التي أمسكت بيده قبل أن تمتد عليها مجدداً : خلاص في وجهي تكفى..
بقهر واضح : هذا بدل لا تذبحينها يمه قاعدة تدافعين عنها؟
أجابته بهدوء وهي تشعر بيدي الجوهرة الممسكة بقميصها بشدة وتكاد أن تمزقه : خلاص آخر مره ماعادها نازله الشارع. بس أنت هد لا تعصب الله يخليك.
سكت لثانية قبل أن يقول : والله العظيم إن زدت شفتها تعدي عتبة الباب لا أدفنها بمكانها..
ثم أردف موجهاً كلامه لها بوعيد : تفهمين؟ والله ما يفكك مني أحد لا أمي ولا غيرها..

قالها وابتعد ولو كانت الأرض تنطق لكانت شكَت قوة خطواته عليها..
ما إن هدأت الزوبعه حتى وبدأ صوت بكاء الجوهرة المكتوم يصل لوالدتها بوضوح.. سحبتها من خلفها تنظر لها بعطف طغى على صرامتها المزعومه : ليه تسوين كذا؟ عاجبك الحين خليتي شرارة يعصب علينا!
الجوهرة بصوت متقطع وتبرير : يمه هم اللي ضربونا أول.. هم اللي بدوا.
عبست في وجهها : وأنتي وش يطلعك الشارع أصلاً؟ عيب عليك أنتي بنت والبنت مكانها البيت ماهو السكيك مع العيال.
مسحت دموعها براحة يدها : ما كنّا بالسكة.. كنا قاعدين عند العتبة بس عيال جارنا سليّم غبروا علينا بالسيكل وحذفوا علينا حصى.
زفرت تعيد ترتيب شعرها الذي خالطه بعض حبات الرمل.. تتأمل وجهها بحب واضح فاق الجميع و رموشها المتلاصقة أثر الدموع جعلت من عينيها شيئاً لا يوصف : من اليوم ورايح لا عاد أشوفك طالعه برى. شوفي أختك ماتعدّي عتبة البيت صيري مثلها.
الجوهرة باعتراض : أقعد في البيت وش أسوي يمه؟ زهق و...
قاطعتها : انتهى الموضوع خلاص واسمعي الكلام أحسن لك. والحين تروحين لأخوك تستسمحين منه.. فاهمة؟
فتحت فمها لتعترض لكن نبرة والدتها الصارمة هذه المره اسكتتها : قلنا خلاص..
.
.

دخلت بتردد لغرفته ، يكبرها بخمس سنوات لكن تصرفاته توحي بأن ما بينهما أكثر من ذلك.. هناك القليل من الارتباك من غضبه فهو عندما سحبها من بين أيدي أولاد الحي ضربها بعد أن التفت يصرخ بهم ليهربوا بخوف. وسحبها من ذراعها بقوة حتى كادت تُفصل عن باقي جسدها.. وشد شعرها هذا غير نظرته المرعبة.. شراره غاضب منها ولا يوجد شيء أكثر رعباً من شراره الغاضب.

لم تجده ولم تدرك بأنها كانت تكتم أنفاسها من التوتر حتى زفرت براحة.
سمعت صوته قريباً وكأنه يوبخ أحداً.. التفتت حيث باب الغرفة لترى دخوله مشغولاً يضع منديلاً على أنف من كان معها والذي كان يمشي بجواره يُرجع رأسه للخلف قليلاً يقول بصعوبة : أقولك هو من بدأ أنا مالي دخل..
انتبه لها الكبير، ليترك مابيده بعبوس ويقع المنديل الملطخ بدماء أنف الآخر يبتعد عنه.. شدت خطاها ناحيته بسرعة : وش فيك؟
انحنى يأخذ المنديل يضع يده الأخرى تحت أنفه الذي بدأ ينزف مجدداً.. ولم يدع له الأكبر مجالاً ليجيبها إذ قال بحدة : هذي نهاية قعدتك بالشارع معه يا جوهر..
تجاهلت الجوهرة ماقاله تضع يداً على كتفه تميل برأسها تنظر لوجهه تتفحصه بقلق : يعوّر ؟
تأوه بألم : واجد.. ما أحس بخشمي..
الجوهرة : الله ياخذه.. أنا أعرف مين من الكلاب ضربك.. شفته.. والله لا يندم.
صرخ بحدة : الجوهرة..
التفتت له لتجده يجلس على سريره : أنا شفته بعيوني..
بغضب : وبعدين مع حركات العيال ذي.. لا عاد أشوفك بالشارع ولا يمين بالله لا اذبحك تفهمين أنتي ولا لازم أفهمك بنفسي؟.
شدت على أسنانها بقوة تعطيه ظهرها مجددا تنظر للآخر : أشوف خشمك.

استوى فمه بعدم رضا عندما تجاهلته، ينظر لظهرها وشعرها الطويل في جديلة بدأت بالتراخي وقد فُتح نصفها لعدم ربط طرفها ، قد تشهب أثر الغبار والأتربة.. تأفف وهو يسمع شكوى الصغير لها وشتائمها وتهديداتها بأخذ ثأره : الجوهرة.. تعالي أشوف.
التفتت ناحيته بحده رغم صغر عمرها : خلاص ماعاد أطلع الشارع .. فهمت..
بهدوء : تعالي طيب.

تأففت تقف أمامه. أشار لها بعينيه : اقعدي..
جلست وتكتفت معلنةً اعتراضها تنظر للأمام بعبوس..
تفحص جانب وجهها بعينيه : مين اللي ضربك منهم؟
الجوهرة بقوة : يخسون يضربوني.. اذبحهم واحد واحد.
ابتسم رغماً عنه : طيب مين اللي ضرب هالخروف؟
قالها يشير بإبهامه دون أن ينظر للذي لازال يقف مكانه، لتجيبه الجوهرة باندفاع تلتفت ناحيته بكامل جسدها : طارق الكلب .
سكت يتأمل وجهها بابتسامة اتسعت تعبر عن حبه لها رغم غضبه منها في هذه اللحظة.. فلا أحد يفهم معنى أن تكون فتاة كالجوهرة في العاشرة من عمرها عدوة لأبناء الحي يخططون من خلفها كيف ينالون منها.. : حد منهم قرب منك؟
الجوهرة : حمدان كان يشد بلوزتي بقوة حتى شوف انقطعت من هنا بس بقّسته لين طاح بالأرض وقعدت فوقه وفركت وجهه بالقاع..
زم شفتيه وهو يرى حيث تشير لقميصها الذي تشقق من الأمام بشكل واضح،، قال بقلق فحمدان أكبر منه : وحمدان وش يجيبه جهتكم هالثور؟
الجوهرة بحقد : لأنه زلابة.. بس أنا أعرف كيف ا..
ليقاطعها بحدة : وش قلنا حنا؟ خلاص عاد اسمعي الكلام لا تخليني أعصب عليك صدق الحين.
الجوهرة : أقعد في البيت وش أسوي والله أطفش!
ليقول بهدوء مُهيب : انتهى الموضوع وإن شفت شوشتك برا بجلدك وبجلد الخروف ذا معك.. وقدام طارق..
ليقول الآخر بسخط وعينيه على أكبر اتساع : وأنا وش دخلني؟
نظر ناحيته بحده : لأنك تشوفهم يضربون أختك وساكت.. لكن هين شغلهم عندي أنا عيال ال* .
شهقت الجوهرة من شتيمته والتفتت للآخر وكأنها تسأله بعينيها إن كان سمع ماسمعت!
لم تخفى عليه النظرة المتبادلة بينهما وماتعنيه فقال ضاحكاً : إن درى أبوي بعلقكم بالمروحه من أذانيكم..

الجوهرة بعد أن وقفت تتخصر : ترى أمي قالت اعتذري من شراره.
ابتسم : ايه اعتذري مني وحبّي راسي.
قلبت عينيها وقبلت رأسه بدون نفس : أسفه..
باستمتاع : ماحسيت فيها.. قوليها وأنتي قاصدتها.
وضعت يديها على أذنيه تسحبه منهما ناحيتها تقبل رأسه تنطق الكلمة ببطئ : أس..فة.
ضحك فاهماً اغاضتها له ليقف يحملها ويلقي بها على السرير ويدغدغها متجاهلاً بذلك ضحكها الذي ارتفع ومقاومتها ليديه : أنا أوريك يالعوووبا..
.
.

تقف خلف النافذة المطلة على ساحة منزلهم تسند أكواعها على حافتها بضيق وملل رغم أن باب المنزل مفتوحٌ على مصراعيه أمامها لكنها لا تستطيع رؤية أحدٍ أبدا.. حتى ظهر لها .... يركض من الخارج يقترب من نافذتها.. سألته عاقدة حاجبيها والعرق يتدحرج على وجهها : مين موجود برى؟
ليجيب لاهثاً : كلهم.
الجوهرة : طارقوه الكلب فيه؟
ضحك : لأ الحمد لله.
مدت له بالوناً صغيراً : طيب خذ خلي ذي معك.
حملها وشعر بثقلها : أوف وش حاطه فيه أنتي؟
اتسعت ابتسامتها بشغب : تراب عشان إن جا طارق تحذفها عليه وتوجعه مثل ما اوجعك..
بذهول : بتكسر راسه ذي.
ضحكت : أحسن يستاهل هو و راسه المثلث..
ضحك ضحكة طويلة فرأسه بالفعل مثلث : اااه ياشينك يا شراره.. ليتك معي زهقت لحالي..
تقوست شفتيها بزعل : وأنا زهقت من العاب أختك البزر كلها العاب بنات.
.
.


علاقة الجوهرة بالجميع كانت مثالية.. محبوبة جدًا لطيفة وظريفة وذكية.. بريق النباهة في عينيها يأسر وإن تكلمت وددت بألا تصمت أبدًا من حلاوة منطوقها..

أو على الأقل هذا ماكان يشعر به عزام في كل مره تتحدث معه.. تحكي له مغامراتها مع أبناء الحارة.. أو مع شراره كما تناديه دائماً حتى التصق به اللقب عندما يعلم بخروجها هي وشقيقها الآخر دون أن تكترث بتهديداته.. أو حتى في المدرسة.. كانت تصغره بثلاثة أعوام يعتزل الجميع ليجلس معها، يسمعها تتحدث ونبرة صوتها العميقة تلعب بأوتار قلبه..
كان الكل يحمل لها من المشاعر ماتتعدى به على الجميع.. إلا عزام.. كان لا يرى من الجميع أحدٌ سواها.

الجوهرة بضيق : أنت تدري متى آخر مره طلعت فيها الشارع؟ أحس إني بموت من الزهق..
عزام بابتسامة وهو يرى عبوسها : طيب قومي الحين بنروح للبقالة القريبة وبنرجع..
الجوهرة : لا أخاف شراره ينت..
قاطعها : أنا معك ماعليك منه .
تكتفت : حلف يضربني قدام طارق إن طلعت.. وأنت تدري كل شي ولا طارق..
وقف بعد أن كان يجلس على الأرض ينفض ثوبه : بنروح ونرجع بدون لا يدري.. قومي و أنا بدفع خذي اللي تبين..
نظرت ليده الممدودة لها بتردد : طيب بس ...
قاطعها : أوعدك نروح ونرجع بدون لا أحد ينتبه ..

تقف في ساحة المنزل تنتظر عزام ليتأكد من أن باب المجلس الخارجي مغلق ، ضحكت بحماس وهي ترى القادم معه : حاكم زين إنك جيت كنت بناديك.
على عكس عزام الذي قال بعبوس : مشينا..
تبدلت ملامحها بقلق : شراره فيه؟
عزام ممسكاً بيدها متوجهاً لباب المنزل : لأ حاكم يقول طلع قبل نص ساعة.. لا تخافين دام إني معك ما بيقول شي .

مشت بجواره وهي تشعر بيده تشد على يدها بلطف وكأنه كان يعني ما قاله.. لم يكن منظر الجوهرة وكتفها يلتصق بكتف عزام الذي تداخلت أصابعه بأصابعها مقبولاً عند حاكم الذي كان يمشي خلفهم ليقول بحده : الجوهرة ..
وقفت ليقف معها عزام والتفتت له ليقول بضيق : تعالي جنبي .
الجوهرة : فيك شي؟
حاكم : لأ بس تعالي امشي جنبي.
عزام بعبوس : نعم!! أنت اللي تعال امش قدامنا.
لكن حاكم اقترب يسحب يدها بقوة : أقول ما تحس إنك مصختها؟
عزام وقد رفع حاجبيه باستنكار : انهبلت أنت ؟
حاكم بقوة : لا عاد تمسك يدها كذا..
ليقول عزام بانفعال : بنت عمتي يا المريض..
حاكم وقد سحبها من ذراعها بقوة حتى اصطدمت به : وإن كانت بنت عمتك؟ إن شفتك ماسك يدها مره ثانيه بكسر يدك..
شعرت بأن يدها اليسرى ستُفصل من كتفها عندما سحبها عزام ناحيته بقوة : هذا أنا مسكتها يالبزر وريني وش بتسوي ..
صرخ بغضب وهو يشدها من ذراعها الأيمن: عزام ..
ليصرخ عزام بنفس الغضب ساحباً اياها ناحيته : حاكم..
كان حاكم على وشك الرد لكن قطعه صوت الجوهرة التي ترنح جسدها ذهاباً وإياباً بما فيه الكفاية لتسحب يديها منهما بقوة : بس بس خلاااص وش الحركات ذي؟؟ صدق بزارين برجع البيت وأنتم كملوا هواشكم.. شرهتكم على اللي تطلع معكم يازلايب..
عزام بسرعة : لا خلاص خلاص .
حاكم بقوة : لا تخلينه يلمسك مره ثانيه.
الجوهرة بضحكة استنكار : وإذا لمسني؟ تراه عزام..
عزام وماقالت لم يعجبه لكنه قال على كل حال رافعاً حاجبيه بتحدي : شفت يا بزر؟
حاكم بغضب : لا تقول بزر..
الجوهرة بملل : اوووف بس أنا راجعه..
امسك عزام فستانها من الخلف عندما استدارت توليه ظهرها : خلاص جوجو والله خلاص. امشي..
غمزت لحاكم الذي بدأ الغضب يشتد على ملامحه والتفتت لعزام بابتسامة : طيب بس بشرط.. كل اللي يشتريه حاكم يكون على حسابك .
.
.

كانت المساحة الصغيرة بجانب خزان المياة في سطح منزل عمه خالد هي مكانه المفضل ومكانها، حيث يجلس معها بالساعات دون كلل أو ملل تملأ وقته بأحاديثها وصوت ضحكتها الذي يلاطف روحه.. كان يشعر معها بأنه مختلف لا قيود ولا طُرق ملتويه يرى من مقلتيها حياة متأكدٌ بأنها ستجمع الشتات الذي يشعر به..

تحسس مابجيبه بابتسامة سارحة وذاكرته تعود لقبل أسبوع عندما دخلت عامها الثالث عشر.. عاتبته بمرح عندما رأته : ماجبت لي هدية يالبخيل!

رغم أنها كانت تمازحه، وهو يعلم ومتأكدٌ من ذلك أيضاً.. إلا أنه لم يأتي لمنزل عمه هذا الاسبوع إلا وهديتها معه.. مدها لها بابتسامة واسعة : أدري إنها متأخرة بس إن شاءالله تعجبك.

كانت تجلس بجواره، تسند ظهرها على الجدار خلفها تضم ركبتيها لصدرها بضيقٍ واضح.. ابتسمت له ابتسامة لم تصل لعينيها تأخذها منه : شكراً .
عقد حاجبيه عندما وضعتها بجانبها تعاود وضع ذقنها على ركبتيها تنظر للفراغ بشرود.
عقد حاجبيه بقلق : منتي فاتحتها؟
لتجيبه لاتزال على وضعها : شوي و أفتحها عزام.. شكراً مره ثانية.
ارتفع حاجبيه باستنكار، يرجع بجسده قليلاً ليشاركها نفس الحائط.. يستند عليه بعد أن كان يجلس مقابلاً لها. ليخيّم السكون على المكان..
لا يعلم كم مضى على بقائهم هكذا،،
لكنه يعلم حتماً، أنها ليست بخير..
.

تكرر حالها في الاسبوع التالي، والذي يليه، والذي يليه.. حتى سألها عزام عندما أكل القلق قلبه ينظر لوجهها بتفحص : جوجو فيك شي؟
ارتخى حاجبيها تهز رأسها بمعنى "لأ".. تستند على الحائط تضم ركبتيها لصدرها وكأنها أدمنت هذه الوضعية..
ليسأل مجدداً بقلق : أحد مزعلك؟ أحد قال لك شي وضايقك؟ علميني والله لا أوريك فيه.
سكتت قليلاً، تفتح فمها وتغلقه مجدداً وعينَي عزام المحبة تلاحظ أدق حركاتها،، أدق تفاصيلها وقلبه يكاد يخرج من بين أضلعه هرباً باتجاهها. طال حالها حتى تنهدت بيأس وضيق شديد شعر به فضاق بسببه : ما فيني شي.

.

في الاسبوع التالي كان عزام يتخذ من الحائط خلفه سنداً له.. يسند ثقله كاملاً عليه وكأن لا طاقة له بتحمل نفسه.. يثني قدماً ويمد الأخرى أمامه. وكالعادة الجوهرة هي رفيقته.. الجوهرة دائماً رفيقته في أوقات الصخب والسكون.. السعادة والحزن.. الفرح والأسى.
كان صمتاً استنكرته منه.. فإن كانت طيلة الأسابيع الفائتة صامته حتى اعتاد عزام على ذلك، هي ولأول مره تراه هكذا.. صامتاً في عينيه دموع محبوسة و واضحة رغم أنها لم تطلع للسطح لكنها تعرفه أكثر من نفسه فشعرت بها..
لم يسألها كعادته بل جلس بجانبها صامتاً وكأن التصاق كتفه بكتفها يكفي ..
أدارت رأسها باتجاهه، تتأمل جانب وجهه تسند خدها على ركبتيها.. كان يشد على فكّه حتى باتت عظامه بارزة و كأنها ستُكسر من شدة الضغط عليها..
همست : عِزّو.

انتبهت لعنقه عندما تقلصت عضلات بلعومه ما إن ابتلع ريقه.. ينتظر قليلاً قبل أن يلتفت لها يبتسم ابتسامة طفيفة يقول بصوت مختنق : سمي.
ابتسمت رغماً عنها، تعلم بأنه ضائقٌ جدًا مع ذلك لم يقابلها بعبوسه.. شعرت بقلبها يُشد باتجاهه.. تحبه وتحب رفقته تشعر وكأنه أخ لم تلده أمها و لمعة الحزن في عينيه الآن تقتلها. اتسعت ابتسامتها قليلاً تقول بنبرة تجمَع كل شيء إلا المرح : تدري البنات في المدرسة وش ينادوني؟
لازال يحافظ على ابتسامته : وش؟
الجوهر بضحكة ساخرة : العملاق الأخضر.

عقد حاجبيه واتضح عدم الفهم عليه وقبل أن يفتح فمه ليسأل قالت بابتسامة حزينة : علمتك وش اللي كان مضايقني طول الأسابيع اللي فاتت.. الحين دورك علمني وش فيك زعلان اليوم؟
تلاشت الابتسامة تماماً، تراخى طرف عينيه وعاد ينظر للأمام : اليوم سألت أمي عن أبوي.
الجوهرة بهدوء : طيب؟
ليتابع : وكالعادة تعطيني ردود عشان تسكتني بس و..
مرر لسانه على شفتيه قبل أن يقول متنهداً : ورفعت صوتي عليها.
مدت شفتيها بتفكير : ما أظن زعلت منك..
عزام : أدري إنها مستحيل تزعل مني مهما سويت.. بس ماهانت علي أنتي ما شفتي وجهها شلون تغير يوم صرخت فيها وكأني أحملها ذنب وفاة أبوي، مع أنها أكثر إنسانة أدري إنها تأثرت فيه..
سكتت وطال صمتها حتى قالت تتنهد : والله ما أدري وش أقولك.. متأكدة إنك إن كلمتها الحين بتلاقيها نست كل اللي صار..

ثم مالت عليه تضرب ركبتيها بجانب ركبته : لا يضيق صدرك عز ما أحب أشوفك كذا..
ضحك بخفوت عندما مالت أكثر وكادت أن تقَع عليه، يسندها وقلبه ينتفض في صدره : ليش ينادونك العملاق الأخضر؟ مافهمت!
مال فمها بتفكير، تقول بعد ثواني : لأنهم معتوهات ولا كل هالحلاوة اللي فيني وبالأخير أصير العملاق الأخضر!!

تأملها، لازالت تميل في جلستها تستند بأكتافها عليه.. تبتسم له بخبث بعد الذي قالت رغم وضوح الضيق خلف عينيها.. طالت ابتسامتها المتصنعة حتى بدأت تأخذ شكلاً آخر وهي ترى تسلط نظرته عليها وكأنه يعرّي روحها.. تشتد أطراف فمها حتى بات التحكم برعشة شفتيها مستحيلاً.. ابتعدت عندما تكدست الدموع في عينيها، لكنه لم يسمح لها ولف ذراعه حول ظهرها حتى بدأت تبكي بصوتٍ مرتفع.. كان بكاءً موجوعاً اختلطت فيه أنفاسها السريعة حتى بدأت تختنق بها.

ابتعدت تسند ظهرها على الحائط خلفها.. ترفع رأسها للسماء وتضع يدها على عنقها لتنطلق دموعها مجدداً ولكن بدون صوت هذه المره..
كانت كل شهقه حاده تخرج منها ثقيلة وقوية وكأن روحها تخرجُ من بين أضلاعِها، تسحب روحه معها..
كيف لفتاة مثل الجوهرة أن تتأذى هكذا؟ وكيف لهذا الأذى أن يصل له يشعر به وكأنه المعني؟..

كان صمتًا مريحاً بعد أن هدأت من كل هذا، استغل فيه عزام نظرتها السارحة للسماء كي يتأملها.. من أجمل ما رأى، ومن أعذب ماحطت عينيه عليه.. ترتدي طوقاً تزيّن بالورد تجمع به خصل شعرها كي لا يقع على وجهها، يتطاير المفتوح منه مع الهبوب بكل نعومة.. كان شكلها سارحةً هكذا أجمل من لون السماء الذي تلون بالغروب.. الجوهرة هي الوحيدة التي تفهمه دون الحاجه للكلام.. والوحيدة التي تزداد مساحتها في قلبه.. والوحيدة التي يعشقها بكل تفاصيلها..
اقترب منها يقبل خدها بخفّه يقول بنبرة صافية : أنتي أجمل وحده شفتها بحياتي.
وضحت على وجهها ملامح الدهشه ثم تحولت لضحكة على ملامحه المحرجه : شكراً؟
.

بلغت الجوهرة عامها الخامس عشر.. تقف أمام مرآة الحمام تنظر لانعكاس وجهها بعبوس.. أغمضت عينيها تزفر قبل أن تعاود فتحها تشد على حدود المغسلة بقوة قبل أن تبدأ بفعل ماترددت بفعله كثيراً.
.

عقد عزام حاجبيه بقلق وهو ينظر لوجهها المغطى بعدد من لصقات الجروح في أماكن متفرقه، يسأل بقلق : متهاوشة مع أحد أنتي؟
وضعت يدها بارتباك على رقبتها : لأ، ليه؟
مد شفتيه يرمش بتفكير، يتأمل وجهها يقول بعدم اقتناع : شكلك كأنك متهاوشه وش هاللصقات كلها؟ قولي لا تخافين.
لكنها ضحكت عوضاً عن الإجابة لينسى عزام سؤاله وسبب تواجده وحتى اسمه مع صوت ضحكتها..
.

عبست بضيق وتغير لون وجهها بوضوح ، تضغط على بطنها بقوة عل مافتك بها من ألم يتلاشى ويختفي..
لكن دون فائدة.. عضت وسادتها بكل قوة تكتم صوت شهقاتها عندما خافت أن تصرخ بها وتفزع كل من بالمنزل.. كانت وتيرته في تصاعد، كالسكين دون رحمة حتى شعرت وكأنها غابت عن الوعي.. ولم تستيقظ إلا صباحاً وكأن شيئاً لم يكن..
.

كانت الجوهرة تعيش عدداً من الصراعات داخلها.. صراعات و مخاوف من نوع آخر تختلف عن البقية.. تحاول تجاهلها لكن دون فائدة فهي تراها يومياً في نظرة والدتها..
سمعتها تقول يوماً تشكي لقريباتها بخوف : بديت أخاف يكون فيها شي كم عمرها وللحين ماجاتها؟
لتسمع صوتاً طمأنها قليلاً : يا بنت الحلال عادي أعرف وحده قعدت لين ثاني ثانوي وشوفيها الحين متزوجة وماتدور كل سنة إلا وهي نفاس.
سكتت قليلاً قبل أن تقول بأمل : تهقين؟ والله أفكر أوديها دكتورة تشوف وش المشكلة .
ليأتي صوتٌ آخر ينهرها بعنف : الخلا بس ماعاد إلا هي تلعبين في بنيتك عند الدكاترة وتكشفينها على فلان وعلان.. انتظري على وش مستعجله لا جا حِلها بتجيها.

مر أسبوع بعد الذي سمعت ونظرات والدتها القلقة والخائفة جعلت أضلعها تضيّق على روحها حتى شعرت وكأنها تنازع على الحياة.. لتقول لها ماتمنت أن تسمعه منذ فترة حتى وإن كانت تكذب.. ولو كانت تعلم بتأثير الخبر عليها لكانت أخبرتها به قبل أكثر من سنة..
.

كان الليل أكبر قصة حزينة تعيشها الجوهرة، ينام الجميع وتبقى عيناها ساهره في تفكيرٍ مضني، لا شيء يرحمها،، لا الم ولا خيال ولا وساوس.. وكأن كل شيءٍ تآمر عليها.. حزنٌ يأكل روحها وكأن هذا ماكان ينقصها..

أدمنت تناول الأقراص المسكنة القادرة على تسكين كل شيء،، حتى تخبط أفكارها.. إلى أن أصبحت الحبتين كالحلوى لا فائدة منها، لتزداد الجرعة لأربع في شربةِ الماءِ الواحدة..

كان الجميع يلاحظ التغير الذي بدأ يطرأ عليها ولكن لم يسأل أحد سوى عزام الذي قال فجأة في أحد الليالي يجلس بجانبها في المكان الذي لازال يجمعهم حتى بعد كل تلك السنوات وبعد أن تأكد من نوم الجميع : الجوهرة وش اللي مضيّق صدرك؟

كان ينطق اسمها وكأنها إستثناء،، بشغف، كالنوته الموسيقية التي تداعب مسمعه قبل مسمعها..
نظرت له و عينيها قصة أخرى يعيشها كل مره تقع بعينيه.. يشعر بقلبه يتقافز في صدره.. يتأمل ملامحها شديدة العذوبة وفي داخله يقين بأن الجوهرة هي ملاذه والقطعة المفقودة من روحه..

نزل بصره لشفتيها عندما مدتها بتفكير، يبتلع ريقه وقد غامت مقلتيه.. ضوء الإنارة الخافت القادم من الشارع لم يكن إلا إغواءً له.. وتراقص ظلال اهدابها على وجنتيها لم يكن إلا خطوات شيطانية حضرت في هذه اللحظة وكان صوت خطواتها مدوياً..
احتدت أنفاسه يبتلع ريقه مجدداً.. يشعر بالبرودة تسري في شرايينه يحاول أن يصرف بصره عن فمها لكن دون جدوى..
عاد بجسده للخلف بعد أن كان موجّهاً لها.. يبتعد ببصره و يضع كفيه خلفه ويلصقهما بالجدار يحاول طرد صورتها من المنطقة السوداء في عقله..

خطرٌ شعر به يغيّم عليه وعليها حتى أن صوتها وصل لمسمعه كالنغمة رغم أنه خرج مشتتاً حائراً : ما أدري عزو .
أدار وجهه ناحيتها، تجلس تضم ركبتيها تسند ذقنها عليها وشعرها مجدولٌ خلفها بشكلٍ أثيري.. تابعت وكل وترٍ في قلبه ارتعش لنبرتها : أحس فيه شي غلط قاعد يصير بحياتي..
ثم رفعت بصرها له، ما إن التقت عينيها به حتى وأبعد بصره بسرعة يعاود ابتلاع ريقه.. تابعت بتوهان : متأكدة إن فيه شي غلط قاعد يصير بس مو عارفة وش هو.. كأن أنا مو أنا..

عم الصمت لثواني قبل أن تقول بصوت أقرب للهمس : عزام..
شعر وكأن الليلة لن تمر إلا بكارثة.. شد على قبضة يده يقول بصوت مقتضب : نعم.
الجوهرة بهدوء وابتسامة وصلته دون أن ينظر ناحيتها حتى : أنت أقرب شخص لي، أحس إنك صديقي الوحيد.. أحسك روحي..
.
.
.
.
.
.
.

جلست سارة في صالة منزلها ، تبتسم بسرحان على ما حصل اليوم أثناء تواجدها في عملها حيث تعمل دكتورةً جامعية لطالبات قسم الحاسب ونظم المعلومات..

ابتسمت لاقتراب غادة القادمة للتو، تحمل بيدها كوبَ قهوةِ أحد المقاهي المعروفة،، تضعه على الطاولة أمامها تبتسم بحاجب مرفوع : مِسّو جربيه وبتدعين لي والله إنه يطق ستاربكس عشرة صفر.
ضحكت تشعر بسعادة من مجرد النظر لوجهها تفتح يديها لها لتنحني الأخرى تحتضنها بخجل : وه وه ويلوموني ..
شدت عليها أكثر : الله يرزقك بالرَجل اللي يخمّك ويلمّك ويسر خاطرك قولي آمين.
ابتعدت عنها تكح بإحراج واضح عينيها متسعة قرأت فيها سارة (ترى كل اللي جبته قهوة الموضوع مو مستاهل)..
بدأ الاحمرار يعتلي وجنتيها فقالت سارة بجدية مصطنعة : قولي آمين يا بنت..
لكن ما خرج من غادة كان عبارة عن حروف غير مرتبطة ببعضها أقرب ل" اااتالعااعهغاتنهب " .. قبل أن تبتعد هاربة من أمامها بسرعة..

رفعت سارة كوب قهوتها تستنشق رائحتها تتأمل غادة من حدودها بابتسامة واسعة، تخلع عبائتها تهف على وجهها الأحمر بكفها تتصدد بالنظر عن اتجاهها..
.

ضحكت غادة بصوتٍ مرتفع لشيءٍ قالته زميلتها لتضع يدها على فمها بسرعة تتلفت بإحراج إلى أن حطت عيناها على سارة التي كانت تراقبها بذمةٍ وضمير.. ابتسمت لها سارة بود فبادلتها الأخرى بابتسامة خجلى بعد أن أبعدت يدها ترجع بعض خصلات شعرها خلف اذنها بتوتر واضح..

لم تستطع سارة أن تكتم السؤال أكثر فسحبت كرسيها حتى أصبحت تلتصق بمكتب الدكتورة نجوى القريب منها تقول بهمس تضرب المكتب بكفها : بنت .
رفعت الأخرى بصرها عن شاشة حاسوبها ترفع معه حاجباً : بت لما تبتّك .
ضحكت : بسألتس سؤال.
عبست في وجهها ترفع نظارة القراءة فوق رأسها : اسمعتس.
اقتربت بكرسيها ذو العجلات أكثر فقالت نجوى معلقةً بإزدراء : ورى ماتقعدين بحضني موب أزين؟
ضحكت مجدداً تشعر بالبهجة تنتشر في عروقها : أذكر قد قلتي إنك تعرفين غادة صح؟
نجوى : ايه أعرفها من قبل لا تتوظف هنا زوجي من معارف أمها .
سارة : طيب وش رايك فيها ؟
نجوى بخبث : أعرف وش ورا سؤال الخطابات ذا هاتي الزبدة تبينها لمين؟
ابتسمت بحب من الطاري : أبيها لولدي فهد؟ وش رايك؟
التمعت عينيها بسعادة : يوه يا غادة وش أقول وش أخلي شهادتي فيها مجروحة والله وش أدب وش أخلاق زين ما اخترتي توكلي على الله .
سألت بتردد تخشى مما ستسمع جواباً لسؤالها : طيب تعرفين إن كانت مخطوبة أو أحد يبيها من عيال عمها ؟
عقدت حاجبيها بتفكير : ماقد سمعت إنها مخطوبة لأحد وأبوها واخوانه بينهم مشاكل من سنين مايردون السلام على بعض.
ثم بحذر : بس ترى البنت تعيبينه شوي.
حُبس النفس في صدرها : تعبانة وش فيها بسم الله عليها ؟
نجوى بصوت منخفض : فيها صرع.
شعرت بقلبها يهوي وعينها تقع على غادة تلقائياً، تتحدث بحماس قبل أن تضحك بقوة، لتهمس بصدمة : صرع!

.

ابتلعت ريقها وهي التي لم تغفى عينها من التفكير بعد الذي عرفته، وقعت عينيها عليه.. تتأمله،، تتأمل فهد الجالس بجانب ريم يبتسم لما تقول متفاعلاً مع حماسها.. تبتسم بحب لا يضاهيه شيء وقلبها يمتلئ عطفاً عليه.. عادت بذاكرتها للوراء كثيراً،، نطقت بسرحان وحنين لا تعلم كيف خرج منها مادُفن قبل ١١ سنة: جوجو قلبي .

.
.
.
.


# نهاية الفصل السادس
بخصوص سالفة فهد والجوهرة ،، حالته حقيقية فعلا وليست من وحي الخيال أو مبالغ فيها وحصلت لشخص يسكن بمنطقتنا يوم كان عمره ١٤ سنة وقصته كانت معروفة وإلى هالوقت وهم يحكون فيها والحين الرجّال فاتح بيت وعايش حياته، وبيجسد قصته هنا فهد بإختلاف بعض التفاصيل..(وجه يتصبب عرقاً)
اقولكم أعطوا سداح فرصة شوفوا وش يطلع من ورى هالقصة : )..

نلتقي قريبًا، إلى الحين ماخصلنا وباقي كثير


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ♡.

 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 14-10-19, 05:21 AM   المشاركة رقم: 65
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2010
العضوية: 183220
المشاركات: 458
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عاليهمس الذكـرى ينااجيني عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 933

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الذكـرى ينااجيني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

وطططن نوره الله يسامحك عذبتينا 😔💔
متحمسه مره للسر الجوهره وانتهى البارت ولاعرفنا وش قصتها
لها سالفه مع فهد وش هي ؟؟؟
وش علاقة إن ذيك ماجتها!!!

بانتظارك على احر من الجمر
لي عوده ان شاءالله اذا حصل وقت للتعليق

 
 

 

عرض البوم صور همس الذكـرى ينااجيني  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:32 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية