الفصل الثانى
دخل بلاي بيترسون من باب الغرفه التي يقف بجوارها وتبعته نيكولا ,وانتهت الى ان الغرفه تختلف كليا عن الغرفه التي تمت فيها المقابله .
كان اسم ديلاني قد كتب على الباب ,والغرفه تليق بمدير اداره شركه ديلاني هذا ما تصورته نيكولا .
كانت الغرفه قد غلفت من الداخل بالاخشاب ,والارض مغطاة بالسجاد الثمين ,وقد علقت على الحائط عدة لوحات جميله...
_حسنا؟
انتقلت عينا نيكولا من الغرفه لتواجه السيد بيترسون ..
_حسنا! .
سألها السيد بيترسون للمره الثانيه .كان لعينيه بريق مميز , وكانت على شفتيه ابتسامه جميله .اخذت نيكولا تفكر بهاتين الشفتين وما سيكون شعورها لو قبلها .احست فجأة بغرابة افكارها لقد كانت لديها مشاكل كافيه دون الاضافه اليها .
_لقد كنت اتساءل .قالت نيكولا :هل من الممكن ان اطلب قرضا ماليا ! الى حين استلامي راتبي ,اعلم ان هذه المسأله ليست من اختصاصك ,لكن لا اعلم الى من اتجه .
_بأستطاعتي ان اساعدك ...
ورمقها بنظره جعلت وجنتيها تحمران .
_انك حقا قد جازفت بكل ما تملكينه من نقود ,اليس كذلك ؟
تمالكت نيكولا اعصابها واجابت :
_انت تعلم ذلك مقدما .
توقعت نيكولا اجابة منه ولكنها تعجبت اذ انه لم يجبها بل اخرج دفترا لصكوكه الخاص به وبدأ يكتب.
_هل تكفيك هذه الكميه ؟
سألها وهو يناولها الصك .
_نعم انها تزيد عن ما احتاج اليه ,لم اتصور انه بأمكانك ان تفعل هذا اعني انك احد اعضاء ادارة الافراد اليس كذلك ؟
_نعم,ولكن هناك بعض الاشياء التي بأمكاني القيام بها !
صمت السيد بيترسون قليلا ثم استأنف كلامه :
_هل المجازفه من طبعك؟
كان يخاطبها بنبرة مازحه وازدادت دقات قلب نيكولا سرعة.
_ان كان الامر مهما بالنسبة لي فاني مستعده للمجازفه ,هل تعلم انك مجازف ايضا !
نظر اليها بتعجب وقال :
_هل انا كذلك ؟
_لقد سلمتني الصك دون ان تكون لك سلطه بفعل ذلك ,كما انك تجلس في مكتب السيد ديلاني ولا اظنه يوافق على هذا .ماذا سيكون رد فعله لو علم انك تجلس هنا ؟
اذا كان كلام نيكولا قد اغضبه فأنه اخفى ذلك واجابها قائلا :
_حقا ماذا سيقول ؟ماذا سيقول ؟اذاً انت تعتقدين ان كلينا من المجازفين؟
كان وسيما للغايه .لابد وان النساء تلتف حوله اينما ذهب كما تتساقط اوراق الاشجار في الخريف وتساءلت ,نيكولا مع نفسها فيما اذا كان متزوجا.
اتسعت ابتسامة السيد بيترسون واخذت نيكولا تضحك وقال بلاي :
_اذن لقد وجدنا صفه مشتركه بيننا .هل استمتعت بالدوره التدريبيه ؟
_نعم ,لقد استمتعت بكل دقيقه .
_هل تعلمت الكثير ؟
_كثيرا جدا .هل تعلم ان وزن خرطوم الفيل يصل احيانا الى ثلاثمائة باون ؟
_لا اعلم ذلك .
_هو كذلك.
_لم اكن اعلم ان هذه الدورات التدريبيه تتعمق في المواد لهذه الدرجه .
عندما يبتسم تظهر اسنانه بيضاء جميله .ان النساء اللواتي يعتقدن ان الممثل روبرت ريدفورد جميل لم يروا بلاي بيترسون بعد.
_ان الدوره فعلا لا تتعمق بالمواد لهذه الدرجه .
لم تكن نيكولا على علم بان بلاي بيترسون كان في الوقت ذاته يفكر بجمالها وبعينيها البراقتين وشعرها الجميل وابتسامتها المشرقه .استمرت نيكولا في حديثها :
_لقد حصلت على هذه المعلومات من كتاب ,لقد اكملت قراءة ثلاثة كتب عن عالم الحيوان كما ملأت كراسه كامله بالملاحظات المفيده .
لم يجبها بلاي بيترسون على الفور بل صمت قليلا ونظر اليها بطريقه جعلت قلبها يسرع .
_من الواضح ان هذه الوظيفه تعني الكثير بالنسبه لك.
قال اخيرا .
_نعم انها تعني الكثير .
اجابته برقه .
_اني سعيد لسماع ذلك .
كانت كلماته غير متوقعه .
ارادت نيكولا ان تسأله لماذا اعطيتني المنصب؟لماذا وقع اختيارك علي بالذات ,بينما قد تقدم من طلب الوظيفه من هم اكثر كفاءه وخبره مني .ولكنها منعت نفسها من السؤال .لقد اتفقا على انها فتاة مجازفه ولكن لا داعي لان تجازف الان .ها هي قد حصلت على الوظيفه ولكن هذه الاسئله قد راودتها منذ يوم المقابله .
_هل لديك سؤال ؟سألها السيد بيترسون.
_لا .
_اذن اتمنى لك التوفيق وسأقول لك مع السلامه .
ومد يده مصافحا ,فمدت هي يدها . كانت يده قويه باردة الملمس .لماذا شعرت بالحزن لانتهاء حديثهما .هذا غريب جدا.ابتسمت نيكولا ابتسامه واسعه لتطرد هذا الحزن الذي اصابها .
استيقضت نيكولا فجر يوم الرحله وركضت لتفتح الشباك وهي ما تزال في لباس النوم ,كانت السماء ماتزال مظلمه والشمس لم تشرق بعد ,ولكن السماء كانت تبدو صافيه والنسيم رقيقا .بالتأكيد سيكون يوما جميلا ,ولا بد ان تكون الرحله ناجحه .
بعد دقائق من الوقوف امام الشباك المفتوح بدأت نيكولا تشعر بالبروده .بعد بضع ساعات من شروق الشمس سيكون الجو حارا اما الان فالجو بارد .وضعت نيكولا ذراعيها حولها في محاوله لتدفئة نفسها واخذت تتأمل حديقة الفندق الصامته .كانت اثناء النهار مليئه بالالوان اما الان في الظلام كانت تبدو مخيفه غير واضحة المعالم .نظرت نيكولا الى ساعتها .كان بأمكانها ان تعود الى النوم لساعة على الاقل ولكن النوم قد هرب من عينيها . كانت غرفتها في الفندق تحوي مدفأة صغيره وبعض حاجات المطبخ وقد سبق ان اشترت بعض الحاجيات كي لا تضطر للذهاب الى المطعم اخذت تفكر باليوم الذي امامها وهي تحتسي فنجانا من القهوه .
لم تستطع العوده الى النوم فأخذت حماما دافئا وغسلت شعرها وارتدت زيها الجديد .ان الشمس تشرق بسرعه في جنوب افريقيا وما ان انتهت من ارتداء زيها حتى كان بامكانها ان ترى نفسها بالمرأة دون ان تشعل ضوءا .وكانت سعيده بما رأته .كانت قد وضعت القليل من المكياج مع انها لم تكن بحاجه لها فكان بعينيها بريق تشوق لعملها الجديد وبشرتها قد اكتسبت لونا برونزيا جميلا نتيجة اسبوع التدريب الذي امضته في المخيم تحت الشمس .
_المرشد السياحي نيكولا سلون .
قالتها بصوت مرتفع وهي تنظر الى صورتها في المرأة لقد اعطاها الزي الذي ارتدته اناقه واظهر رشاقة جسدها .حمدت الله ان بلاي بيترسون قد رأها وهي ترتدي هذا الزي.
وصلت نيكولا الى محطة الباص قبل الموعد .كانت تحمل ملفا يحوي اوراقا مختلفة. كان اسم السائق جون بايلي ولم يسبق لها ان تعرفت عليه ولكنهم اخبروها انه سيأتي بعد مده قصيره .وصل المسافرون قبل سائق الباص .كانت نيكولا قد امضت ساعات عديده في قراءة قائمة بأسماء المسافرين حتى انها شعرت بانها تعرفهم شخصيا ,كان عددهم يبلغ العشرين واخذوا يأتون ازواجا وافرادا واستقبلتهم نيكولا بأبتسامه جميله وهي تقول :
_مرحبا بكم الى سفريات ديلاني السياحيه ارجو ان تستمتعوا بالرحله واعطت كل مسافر ملفا يحوي معلومات عامه عن الرحله .
_شكرا .
اجابها كل من السيد والسيدة كان يبدو عليهما انهما عروسان في شهر العسل وكانا من اصل ايطالي .
_لقد تطلعت للقيام برحله كهذه منذ مدة طويله .
قالت السيده بارنز ,امرأة في العقد الخامس من عمرها وتتكيء على عصاة في مشيتها .
وقررت نيكولا ان تجلسها في المقعد الامامي حيث يوجد مجال لتضع عصاها .كان بين المسافرين السيد والسيده سلايد امريكي الجنسيه ,كلاهما وسيما الطلعه يحملان الات التصوير وقدما نفسيهما لنيكولا بأسمي بيل ومي.!
_ارجو ان تحصلا على صور جميله اثناء الرحله .
قالت نيكولا وهي ترحب بهما.
_سيكون ذلك عظيما .
اجابها بيل :
_سنريها الى عوائلنا عند عودتنا .
وصل المسافرون نساء ورجالا ,كلهم متشوقون للرحله ,باستثناء العروسين .كان اصغر مسافر بينهم هو شاب اسمه ديريك مارسون ,طويل القامه ذو شعر احمر .رمق نيكولا بنظرة جعلت نيكولا تبتسم .
_يجب ان اجلس الى جانبك .
قال ديرك مبتسما .
_هذه سفره سياحيه في الاحراش وليست مكانا للمواعده كما اني مرشدتك السياحيه .لقد اشرفت المقاعد الخاليه ان تنتهي فلماذا لا تجد لك مكانا ياسيد مارسدن .
_ارجوك ان تناديني ديرك .
اجابها بلطافه :
_متى سنصل يانيكولا ,هل تسمحين لي ان ادعوك باسمك ؟
_بالطبع الجميع سيناديني باسمي .
قطبت نيكولا حاجبيها وهي تنظر الى الساعه .
_سنرحل بعد دقائق .نحن بأنتظار مسافر واحد لم يصل لحد الان . السيدة جلوريا باين .كان الاسم اضيف الى نهاية القائمه كان واضحا ان حجزها قد جاء في اللحظه الاخيره .
_ان السائق لم يصل لحد الان ,ولا اعلم اين هو !
_انه هنا .
اجابها صوت مألوف.
التفتت نيكولا بسرعه وشهقت :
_انت !
كان بلاي بيترسون يبدو مختلفا اليوم ,فهو يرتدي زيا مشابها للذي ترتديه نيكولا .
_هذا مستحيل .
قالت نيكولا وهي تنظر الى لائحة المسافرين .
_لقد كتب اسم السائق هنا اسم جون بايلي.
_لقد اخذت مكانه .
قال بلاي بيترسون :
_وهاهي المسافره التي كنت تنتظريها .
نظرت نيكولا الى المرأة التي تقف بجانب بلاي فأذا بها امرأة فارعة الطول ,ذات شعر اشقر طويل فائقة الجمال ترتدي بنطلونا انيقا وتقف بقرب بلاي بطريقه توحي للناظر انها تعرفه منذ مده .حاولت نيكولا ان تخفي انزعاجها فأبتسمت لجلوريا قائله :
_اني سعيده بوجودك معنا ياسيده باين ارجو ان تقضي وقتا ممتعا .
ابتسمت جلوريا باين وهي تنظر للسيد بيترسون :
_اني واثقه من اني سأقضي وقتا سعيدا .هل تأتي معي يابلاي ؟
_بعد قليل ,اذهبي مع نيكولا لتجد لك مقعدا .
راقبت نيكولا جلوريا باين وهي تصعد الباص بساقيها الطويلتين ثم التفتت الى الرجل الواقف الى جانبها :
_سيد بيترسون اني لا افهم ...
_سنتكلم فيما بعد .
اجابها السيد بيترسون :
_نحن في طريقنا الى سفرة سياحيه في الاحراش الافريقيه فلا داعي للرسميات .ارجو ان تناديني باسمي بلاي .
احست نيكولا بالتوتر وهي تصعد الباص وبلاي وراءها كانت السيدة بارنز تجلس في المقعد الامامي وتبدو منزعجه وجلوريا تقف الى جانبها .
_هل لديكم مشكله ؟
سألت نيكولا .
_ان هذا سخف .
قالت جلوريا باين ووجهت كلامها الى بلاي متجاهله نيكولا .
_اردت ان اجلس هنا .
_ان المقعد قد حجز من قبل السيده بارنز .
اجابت نيكولا بادب ,هناك مقعد الى الخلف قليلا .
_اعلم ذلك .
اجابت جلوريا وقد نفذ صبرها .
_اني اريد هذا المقعد بالذات .
_بامكاني ان انتقل الى مقعد اخر .
اجابت السيده بارنز والانزعاج واضح على وجهها .
سكت المسافرون جميعا وكأنهم ينتظرون نتيجة هذه المشاحنات .لم تتوقع نيكولا ان يحدث شيء في رحلتها انه اول اختبار يواجهها .
_لا داعي لان تنتقلي ياسيده بارنز .
قالت نيكولا بهدوء
_لقد اقترحت هي الامر .
قالت جلوريا باين .
_اني لن اتضايق اذا انتقلت الى مقعد اخر .
قالت السيدة بارنز.
_انك لن ترتاحي هناك .هذا المقعد احسن لك .
قالت نيكولا في محاوله للسيطره على الوضع .
_بلاي ...!
نادت جلوريا باين مستنجده به .
يا الهي لا تدعه يجيب لا تدعه يقول شيئا .
قالت نيكولا وهي تحادث نفسها اذا حدث فهذا يعني انه لا يحترمني ولن يحترمني الركاب بعد ذلك .
_اني مسؤوله هنا ياسيدة باين وارجو ان تجلسي في مقعدك حتى تبدأ الرحله فنحن مستعدون للانطلاق .
كانت نيكولا تتحدث بحزم .القت جلوريا باين نظره اخيره على بلاي قبل ان تجلس لم تتمكن نيكولا من رؤية وجه بلاي الذي كان يقف وراءها ولكنها رأت وجه جلوريا كانت نظراتها غريبه وكأنها تعلم شيئا لا تعلمه نيكولا .
بقي بلاي صامتا لم يتكلم وبعد لحظات التفتت جلوريا الى نيكولا بنظره مليئه بالحقد والكراهيه ثم جلست في مقعدها .
تنفست نيكولا الصعداء واتجهت الى مقدمة الباص واستلمت الميكرفون في يدها وبدأت ترحب بالمسافرين .
_اسمي نيكولا سلون وانا مرشدكم السياحي ,سائقنا اليوم يدعى بلاي ونتمنى ان تستمتعوا بالرحله .
بينما هم يسلكون الطريق الذي يتجه الى خارج المدينه اخذت نيكولا تريهم المعالم المختلفه والاعشاب والحشائش البريه كما حدثتهم عن مزارع البرتقال والتبغ التي تشتهر بها المنطقه .جعلت نيكولا كلامها قليلا ومفيدا حتى لا تزعج المسافرين .
قبل ان يصلوا الى حديقة الحيوانات البريه اوقف بلاي الباص واخبرتهم نيكولا ان من يشعر منهم برغبة في شرب شاي او قهوة او الذهاب الى دورة المياه يجب ان يفعل الان لانهم لن يستطيعوا النزول من الباص عند دخولهم الى الحديقه الى ان يصلوا الى المخيم .
عندما عاد بلاي الى الباص كان المسافرون متشوقون للدخول الى حديقة الحيوانات وقد اخرجوا الات التصوير استعدادا لالتقاط الصور وامال الجميع من جلستهم بأتجاه النوافذ بأستثنار جلوريا التي كان يبدو عليها الضجر وتساءلت نيكولا عن السبب الذي جعلها تشترك في رحله كهذه ونظرت باتجاه بلاي الذي يجلس خلف مقود الباص بكل ثقة نفس وكان هذا هو عمله المعتاد. انه احد افراد الاداره ماذا حدث لجون بايلي ؟ماذا يفعل بلاي هنا ؟ان بلاي بيترسون لديه الكثير ليشرحه .
بعد قليل وصلوا الى مدخل الحديقه الحجري ,واستعدت نيكولا لاداء عملها .انها الان مرشده سياحيه فعلا .امسكت الميكرفون في يدها وحدثتهم قليلا عن ما قد يرونه في طريقهم .بعد ان ساروا حوالي ربع ساعه انتبهت نيكولا ان شيئا بني اللون يختبئ وراء الاشجار ومالت الى الامام قليلا ولمست كتف بلاي :
_لقد رأيت شيئا.
اوقف بلاي الباص وتمنت ان يظهر هذا الحيوان المختبئ ليرضي السياح .
_ماهو ؟
سأل السياح وهم ينظرون من النافذه والات التصوير في ايديهم .
لبضع لحظات لم تتبين نيكولا سوى لون بني بين الاشجار .لعلها قد اخطأت ولكنها لاحظت حركه ايضا لقد كان الحيوان مختبأ بصوره جيده .
_هل سنتوقف هكذا كلما تخيلت نيكولا شيئأ .
قالت جلوريا بصوره غير لطيفه .
لم يعرها احد اي اهتمام حتى بلاي الذي عاد الى تشغيل محرك السياره وتقدم ببطء حوالي مسافة متر واحد بحيث يتمكن الناظر من رؤية الحيوان بصورة احسن لقد كان كبيرا بلا شك .
_ماذا الان ؟
سألت نيكولا .
أطفأ بلاي محرك السياره وقال :
_لننتظر قليلا .
_الن يزعجك الانتظار؟
التفت بلاي اليها مازحا :
_انت المرشده.
كلما نظرت نيكولا الى بلاي احست بشعور غريب لم يسبق ان شعرت به من قبل .
_اود الانتظار .
قالت نيكولا بصوت خافت.
_انا حقا مرشد سياحي لقد ارتديت الزي صباح اليوم ووقفت امام المرأة وقلت بصوت عال نيكولا سلون المرشد السياحي وحتى وقتها لم اصدق نفسي .
_والان؟
سألها بلاي .
_الان فقط بدأت اصدق.
تعالت اصوات السياح :
_ها قد بدأ وحشك بالتحرك سنتمكن من رؤيته بوضوح يانيكولا.
كان الحيوان يتحرك فعلا باتجاه الشارع ,وفحأة خرجت من بين الاشجار زرافة طويله الرقبه توقفت قليلا من سيرها ونظرت الى الباص ثم استدارت الى احد الاشجار وبدأت تأكل اوراقها وبدا الجميع بألتقاط الصور .
انتبهت نيكولا الى حركة اخرى هاهي زرافة اخرى لابد انه الزوج .
بعد قليل جاءت الزرافه الثانيه ووقفت تأكل الى جانب الاولى .
_هل انت مستعده للذهاب الان ؟
سأل بلاي .
_لننتظر بضع دقائق اخرى .
قالت نيكولا .لقد كان لديها شعور داخلي ان هناك زرافات اخرى وبسعاده نظرت لترى زرافتين صغيرتي الحجم تخرجان من بين الاشجار .اخذت نيكولا تضحك كان لضحكتها رنه جميله كانت تضحك بدون تحفظ ولم تلاحظ ان عيني رجلين في الباص كانا يراقبان ضحكتها هذه .
_عظيم .
قال السيد سلايد .
وقالت السيده بارنز
_ان منظر هذه الزرافات جميل حقا .
لم تسمع نيكولا كلامهما لم تسمع سوى بلاي وهو يقول لها :
_لقد احسنت العمل.
بدأ الباص بالتحرك مرة اخرى وعادت نيكولا تنظر من النافذه انها بدايه جيده .
***
شعرت نيكولا وهي تدق باب الشاليه باضطراب وقد زادت خفقات قلبها بسرعه لا تكوني غبيه قالت مخاطبه نفسها لقد جئت لانجاز عمل فلا تضطربي هكذا سمعت جواب من الداخل :
_ادخل .
ففتحت الباب ودخلت .
كان بلاي قد ادار ظهره للباب كان يرتدي بنطلونا قصيرا اما صدره وظهره فكانا عاريين ولم يرتدي حذاء .من الواضح انه قد خرج للتو من الحمام فشعره مبلل.
_قدومك بهذه السرعه !
قالها دون ان يستدير ليرى من قد دخل .
تعجبت نيكولا فكيف له ان يعلم انها ستأتي واجابته :
_بأمكاني ان اعود فيما بعد اذا اردت .
كانت تتكلم بصعوبه عندما سمع صوتها استدار سريعا والدهشه على وجهه :
_نيكولا!!
_اني اسف كان يجب ان انتظر قليلا .
تقدم بلاي خطوه باتجاهها :
_ماذا تفعلين هنا ؟
_ولكنك قلت ...
وتوقفت نيكولا في كلامها وشعرت فجأة بجفاف في فمها .
_لقد كنت تتوقع قدوم شخص اخر.
اخذ بلاي خطوة اخرى باتجاهها ,لم يسبق لنيكولا ان رأت رجلا مثله كان عريض الكتفين طويل القامه كله رجوله .كانت الغرفه واسعه مثل غرفتها ولكن بوجودها هنا مع بلاي بمفردهما كانت تبدو صغيرة جدا .نظر الى عينيها وقال :
_ماذا تفعلين هنا ؟
ما هذا ؟من المؤكد انها مجنونه كيف سمحت لنفسها ان تأتي لغرفته لقد كانت تعلم تأثيره القوي عليها فأجابت قائله :
_سنتكلم فيما بعد.
كانت على وشك ان تترك الغرفه عندما شعرت بيديه تمسكان يديها :
_بلاي ...
_لابد انك متشوقه لرؤيتي ماذا بك؟هل جئت تطلبين قبله؟
_انك واثق من نفسك جدا !
_حقا؟
قالها وهو يضحك وبدون انذار جذبها اليه وامسكها بقوة .
_نعم ,انك واثق من نفسك لابعد الحدود!
ضحك مرة ثانيه :
_لماذا يرتجف جسدك هكذا ؟
رفعت نيكولا رأسها محاولة للسيطره على اعصابها ,على الموقف واجابته :
_اني قد تعودت ان اختار اصحابي بنفسي .ارجوك ان تطلق يدي !.
افلت بلاي قبضته ,واتجهت نيكولا مسرعه الى الباب :
_لماذا اتيت يانيكولا؟
سألها بلاي برقه .
_واردت ان اعرف سبب وجودك هنا بدل من جون بايلي .ولقد فهمت!
_لعل الامر لا يبدو مهما بالنسبة لك لكنه مهم بالنسبة لي .او لعله كان يبدو كذلك!
_حقا.
_لقد بدا الامر مهما عندما رأيتك في الباص صباح اليوم .
_الم يعد مهما الان؟
_لا.
اجابت نيكولا ولكنها كانت تكذب .
_لقد كان جون مريضا.
_ولماذا لم يرسلوا سائقا اخر ليحل مكانه؟
بالرغم من غضبها لم تستطع ان تبعد عينيها عنه .لقد كان وسيما للغايه .
_اني احب القيام باعمال مختلفه .
قال بلاي وهو يشرح الامور .
_اني كنت متشوقا لقيادة الباص في سفرة سياحيه.
_تعني فعلت هذا لمتعتك الشخصيه فقط .
اجابت بلهجه غاضبه .
_نعم فعلت ذلك لمتعتي الشخصيه .
اجابها بلاي ومد يده ليلمس وجهها ثم رقبتها .لم تتمكن نيكولا من الحركه .كانت نيكولا تبذل جهدا كبيرا لتخفي ما يجول في نفسها .
_كنت اعتقد انك ستفهمين الامور .
قال بلاي برقه .
_انا؟
اجابت نيكولا بدهشه .
_نعم انت يانيكولا !لقد قلت ان كلينا من المجازفين هل تستغربين اذا شعرت انا برغبه في تغيير عملي ؟
_هذا جائز ولكن هناك شيء لا اشترك فيه معك .اذا كنت ممن يبحثون عن مغامرات عاطفيه عابره ,فانا لست من هذا الصنف يابلاي بيترسون .
_لقد كنت اعتقد ان كل النساء من هذا الصنف.
نظرت نيكولا الى بلاي وتعجبت من طريقة كلامه فأجابته قائله :
_اعتقد انك قابلت امرأة غير مناسبه .
_لعل ذلك صحيح.
لقد كان ما تصورته عن بلاي صحيحا .ان النساء فعلا يتهافتن عليه هذا واضح من تصرفاته فها هو يظن انها ستستسلم له بهذه السهوله ولا عجب من هذا فهو وسيم للغايه .
_يجب ان اذهب الان .
قالت نيكولا بصوت متقطع .
_لقد كنت تتوقع قدوم احد ما عندما دخلت .
نظر اليها بلاي وابتسم وتعجب لبراءتها وسذاجتها .وتعجبت نيكولا لنظرته ثم ادركت السبب وقالت:
_جلوريا؟
_نعم ,جلوريا .
اجابها بلاي .
شعرت نيكولا بالم حاد في صدرها عند سماع هذا الاسم على شفتيه وقالت بصوت خافت :
لازال الوقت مبكرا لم تمض نصف ساعه منذ وصولنا .لابد انها ستأتي لا تيأس.
_لا ,لن ايأس.
قالها بطريقه ساخره ,خرجت نيكولا واقفلت الباب خلفها .
لم تكن نيكولا قد ابتعدت عن شاليه بلاي اكثر من خمسين خطوه عندما لمحت جلوريا متجهه اليه .توقفت نيكولا في سيرها ونظرت الى جلوريا التي تبدو جميله كالعاده .ولكن لماذا تشعر بالتفاهه .ان حياة بلاي الخاصه لا تهمها بأي شيء ,لذلك حاولت ان تتحاشى محادثة جلوريا ثم سارت في الاتجاه المعاكس ولكنها تأخرت فقد رأتها جلوريا وهاهي تسير بأتجاه نيكولا .
_نيكولا!
_اهلا سيده باين .ارجو ان يكون سكنك قد راق لك ؟
_نعم ,لماذا تحدثيني بلهجه رسميه؟
_ حسنا اذن سأناديك بجلوريا.
كانت جلوريا ترتدي بنطلونا مختلفا .يبدو عليه انه باهظ الثمن وكأنها قد دخلت الى محل البسه مختص بالازياء اللائقه للاحراش الافريقيه .
_لقد لاحظت انك لا تخاطبين بلاي بلهجه رسميه يانيكولا.
_ماذا تعنين بذلك؟
قالت نيكولا.
_اذا لم اكن مخطئه فذاك الشاليه خاص به .ولقد خرجت منه منذ دقائق!
_لا, انت لست مخطئه.
_لابد انك كنت متشوقه لوضع يديك على بلاي ؟
كانت نيكولا تفكر بان جلوريا لها نفس طريقة بلاي في التفكير وارادت ان تجيب بكلام لاذع ,ولكنها تذكرت انها تعمل لشركة ديلاني وانها مرشده سياحيه ,ويجب ان تعامل الزبائن بصوره جيده حتى اذا كانوا مخطئين في تصرفاتهم ,فاجابتها:
_من هذه الناحيه فانت مخطئه جدا في تصوراتك!لقد كانت لدي بعض المواضيع التي اردت ان ابحثها مع بلاي والتي تخص الرحله .
_يا الهي انك كفوءة للغايه لم يمض نصف ساعه على وصولنا وحتما انت تهتمين بالاستعدادات الخرى .
_نعم ,وبما اني لم اكمل الاستعدادات ,علي ان اذهب.
_بعد لحظه ليس الان .
قالت جلوريا ,ومدت يدها لتمسك بذراع نيكولا .
_اود ان اخبرك بان بلاي باستطاعته التهام الفتيات الصغيرات في جلسه واحده.
نفذ صبر نيكولا فأجابت جلوريا قائله :
_اذا كان ماتقولينه صحيحا فليس لديك ما تخافينه اذن!
_كيف تجرؤين ان تتكلمي معي هكذا ؟
اجابت وهي تصرخ في وجه نيكولا ,ساخبر ادارة شركة ديلاني عن تصرفاتك هذه غير اللائقه.
_لم اقصد الاساءة لك جلوريا.
اجابت نيكولا:
_انك امرأة جميله ومثقفه ولا اتوقع ان يساويك بلاي مع فتاة صغيره !
لم تنتظر نيكولا الى اجابة من جلوريا ,واستمرت في سيرها وتجاهلت حديقة المخيم الجميله والطيور التي كانت تغرد .كم ذهب جمال هذا اليوم ,وتمنت لو ان جلوريا باين لم تأت في هذه الرحله ولم يمرض جون بايلي.