انحنت داليا نحو صغير حيوان الراتون وقد مدت يديها لتلتقطه . صاح شاد .
- كلا , كلا يا داليا لا تفعلي ذلك.منتديات ليلاس
- لكن لماذا؟
- قد يكون مصابا بمرض الكلب او بمرض معد ويعضك. كلا لا تفعلي , أنا أعرف ما اقوله لك .
- كيف سنتصرف إذن ؟ لا يمكن ان نتركه هكذا , سيموت بدون امه.
تنهد شاد .
- هذا شأن الحياة .
واضاف بصوت أكثر شجنا :
- والموت ايضا.
قطبت داليا حاجبيها , لم يكن لديها ادنى نية لترك هذا الحيوان المسكين لمصيره التعس , لقد رأته في حالة يرثى لها . ومن ناحية اخرى لم تكن لتقبل المخاطرة بأن يعضها حيوان قد يكون مصابا بمرض معد.
- شاد , لا يمكننا ترك هذا الحيوان , هذا غير قابل للمناقشة .
امام إصرار داليا , فكر شاد وطقطق اصابعه.
- اعرف , دعيني افعل ذلك.
قالت معترضة :
- لكنك لست مطعما ضد الكلب.
قال :
- كلا , لكنك تذكرينني بأكبر مشكلاتي .
- أكبر مشكلاتك؟
- نعم يا داليا , وهي , هل يجب التداخل مع النظام الطبيعي للأشياء أم لا ؟ وخاصة عندما تكون التغيرات التي تودين إحداثها لإنقاذ حياة شخص مثلا, تغيرات تؤدي إلى مشكلات مختلفة , لكنها مشكلات.
- شاد , انت لن تعذب نفسك بهذا النوع من المشكلات ثم إني لا اجد علاقة حقا بين ما تقول وبين حيوان الراتون هذا.منتديات ليلاس
ابتسم شاد في الليل الحالك . هذا حقيقي . إن داليا لا تستطيع فهم ما يقول . يوما ما , ربما تحصل على تفسير لهذه المشكلة .
- هل تعلمين على اية حال يا عزيزتي داليا - أنك إذا اخذت على عاتقك العناية بهذا الحيوان فستلتزمين بالاهتمام به اكثر من امه الحقيقية ؟ سيلزمك ان تطعميه بيديك , وتعرضيه على طبيب بيطري وتدلليه.
رفعت داليا عينيها إلى السماء.
- كفى يا شاد . إذا كنت تريد تخويفي , فلن تستطيع ذلك .
- هذا صحيح , لكن امام إصرارك لم يعد امامي سوى شيء واحد اقوله .
- نعم , ماهو ؟
- ليس لدي غطاء في السيارة , سأخذ قميصي إذن لنتأكد انه لن يعضنا.
وبعد ثانية , وقف شاد عاري الصدر ليكشف عن عضلات مفتولة اثارت إعجاب داليا.
قررت ان تساعده حتى تتجنب التفكير فيه . اخذ حيوان الراتون بين ذراعيه , وقد استسلم الحيوان بعد ان لفة في التي شيرت . تبعت داليا شاد حتى السيارة , واخذت الحيوان فوق ركبتيها .
كان رأسه الصغير خارج التي شيرت . كان يبدو دهشا من كل ما يحدث له , إلا انه لم يصدر صوتا ولم يتحرك.منتديات ليلاس

بينما أدار شاد محرك السيارة , ضمت داليا الحيوان إلى صدرها هي التي لم يكن لديها ابدا قطة او كلب في المنزل , كانت سعيدة بأن تجد رفيقا تصحبه إلى جزيرة والدها.
فكرت داليا فجأة في ميراثها وما يدره ذلك عليها من قلق . إنها ما زالت تجهل ما ستفعله بهذه الجزيرة التي ورثتها . بالتأكيد . إن باستطاعتها تجديد محطة الحمامات وإدارتها .
لكن في هذه الحالة ستضطر إلى التخلي عن عملها واسلوب حياتها في بوسطن لكنها لم تكن واثقة بأنها ستجد السعادة إذا تصرفت على هذا النحو .
وما كان يقلقها بشكل أكبر هو الضرائب الواجبة على الميراث والتي ما زالت تجهل قيمتها , لابد ان تكون مرتفعة ولقد طاف بذهنها ايضا فكرة بيع الجزيرة .
كانت تعرف , على اية حال , انها لو اضطرت لدفع الضرائب فسيبقى لها قدر كاف من المال لتعيش في سكينة , باقي حياتها . اقشعرت لهذه الفكرة , كلا , لم يكن هذا طبعها . لن تقضي باقي حياتها ابدا تعتمد على دخل بدون عمل. منتديات ليلاس
تحرك الحيوان بين ذراعيها فأعادها إلى الواقع . همست :
- نعم يا طفلي. ساعتني بك.منتديات ليلاس
سألها شاد :
- ماذا سنسميه ؟
- اقترح تسميته بيتي لو ؟ إنه ليس ذئبا بالتأكيد, لكني اجد هذا الاسم يناسبه تماما.
- حسنا فاسمه بيتي لو .
واستمر شاد في القيادة صامتا حتى الميناء.
- اتركيه يا داليا سآخذه.
اوقف شاد سيارته الجاجوار امام المركب , نزل اولا. وفتح الباب لداليا ليأخذ منها الحيوان الذي استسلم للنوم في التي شيرت.
سألها شاد دون ان يتركها بعينيه :
- هل استطيع ان ادعوكما انت وهو للصعود على ظهر مركبي؟
ارتعشت داليا , كم تحبه عندما تسمع هذا الصوت الدافئ الشاعري.
- نعم بكل تأكيد.
استيقظ حيوان الراتون فجأة واخذ يتحرك بين ذراعي شاد. همس بصوت هادئ ومفعم بالحنان :
- ها , ببطء يا صغيري.
تساءلت داليا , ماذا كان سيفعل , لو لم تكن معه ؟هل كان سيترك بيتي لو في عرض الطريق ؟ إلا ان شاد قد اظهر اهتماما بالغا بالحيوان , شكت بشدة في صدقه.
تبعت داليا شاد الذي صعد بالفعل على سطح المركب . عاد شاد ليحضر بعض الأدوات اليت بقيت في الخزانة , ثم اجلسها هي وبيتي لو قبل ان يأخذ الدفة.
لم تكن المسافة طويلة وسمعت داليا عندما رسوا على شاطئ سان رايز كي , في الحقيقة لم تكن داليا ممن يحبون ركوب البحر .
وبعد ساعة , كانا في مطبخ محطة الحمامات , يتبادلان الضحكات لأنهما لا يجدان ما يطمعان به بيتي لو ثم واتت داليا فكرة عبقرية .

لقد نجحت في العثور على قفاز من الكاوتشوك , ثقبت طرفه لتستخدمه في إطعام الحيوان . اما شاد فقد اعد خليطا من اللبن والعسل والبقول , بدا على بيتي لو الرضا بهذا الطعام.منتديات ليلاس
بعد تردد كويل ادرك بيتي لو اخيراً اسلوب الرضاعة والتهم طعامه بشراهة فوق ركبتي داليا التي اخذت تضحك في سعادة.
صاح شاد :
- ستصبحين أماً ممتازة.
- ربما بالنسبة لي وليس بالنسبة له , على اية حال ليست لدي الرغبة ان أكون أما, هذا ليس الأمر في قائمة الاشياء التي اود ان افعلها.
دون ان تعرف السبب شعرت داليا برغبة في ان تخبر شاد بذلك . لكن التحدث عن الاطفال كان بالتأكيد مبكرا جدا في علاقتهما , لكن كان ذلك أقوى منها. لم تكن تريده ان يتوقع من هذا القبيل وفضلت الا تخدعه , إذا كانت علاقتهما ستذهب أبعد من ذلك. وعلى الرغم من ذلك , فهي تقول الحقيقة : إنها لا تتخيل نفسها على الاطلاق أماً في هذا الوقت .ريحانة
- سأذهب لأرى قفصا من اجل بيتي لو فلن نتركه يضيع في المستنقعات الآن .
اجابت بارتياح بسبب تغير الموضوع :
- بالتأكيد لا.
وصل كارلوس في هذه اللحظة إلى المطبخ , لم ير إلا داليا واخبرها بالنبأ على الفور.
- لقد نظفت الجزء الآخر من جناحك يا آنسة بينتون إذا اردت الذهاب إليه , فهو نظيف تماما.
- شكرا يا كارلوس.
صاح الإسباني فجأة :
- سيد شاد . أنت هنا , لم أرك . وماهذا؟
قدمه شاد إلى كارلوس , امسك كارلوس على الفور بيتي لو .
- تعال , سنجد له قفصا جميلا وكبيرا.
دخل بيرت بدوره إلى المطبخ لقد سهر مع كارلوس وكونسويلا وجاء ليحضر لنفسه كوبا من اللبن مع الزوجين الإسبانيين .
قبل ان يرحل شاد وكارلوس ليبحثا عن قفص صاحت داليا:
- هذا يذكرني بالإجازة التي قضيتها في كندا مع تون تون , آه لو تعرف تون تون هذا.
قاطعها , صوت زجاج يتحطم , لقد سقط من يد كارلوس كوب اللبن .
- تون تون ؟ هل قلت تون تون ؟
استشفت داليا الفزع في عينيه , لكن ماذا حدث له ؟
جاء شاد لنجدتها :
- إنها تتحدث عن عمها يا كارلوس , هذا كل شيء , أؤكد لك.
رأت داليا ان أسارير كارلوس بدأت في الانفراج , كانت على وشك ان تسأله عن سبب هذه الحالة التي انتابته , إلا ان شاد قد غير الموضوع ونسيت داليا الحادثة.منتديات ليلاس
قال وهو ينظر إلى كارلوس :
- إني اتساءل إذا كنت سأنام هنا أم لا ؟
- لماذا تريد المبيت هنا يا شاد ؟ نحن لا نبعد عن جزيرة الكابتيف سوى بضع دقائق.
- لا, في تلك الاثناء, أكون في منزلي في فورت مايررز..

لم تعرف داليا تفسير كلامه. يبدو ان شاد صادق , إلا انه كان يلتهمها بعينيه فشعرت برعشة تسري في اوصالها . فكرت في محل إقامتها وقالت رغما عنها :
- إذن , ابق هنا, هذا المساء , وخذ الجزء الآخر من الجناح.
- هل انت واثقة بأن ذلك لن يزعجك ؟
كان صوته عذبا . اومأت برأسها نافية ببطء:
- كلا يا شاد لن يزعجني ذلك.
كانت تعرف ان هذا ليس صحيحا, لأن وجود الرجل الشاب سيزعجها بكل تأكيد , لكن بشكل جميل , إلى درجة انه كان عليها ان تنتبه لكيلا تظهر ما تشعر به .
سارا في الظلام ليصلا إلى محل الإقامة . كانت داليا تشعر بوجود شاد إلى جوارها , وعندما زلقت قدمها فوق صدفة , امسك بذراعها على الفور.
همس في أذنها :
- هل انت بخير؟
اجابت بصوت خافت :
- نعم .
لكنه لم يسحب يده , وشعرت داليا بقوته في نفس الوقت وبعذوبة لمسته , لم تعد في خطر إلا انه فضل ان يحتفظ بذراعها في يده , لقد كانت واثقة بذلك.ريحانة
- كان عليك عدم مغادرة المستشفى بهذه السرعة. اجد الرغبة في ان اعيدك على الفور.
اعترضت :
- شاد إنها ليست سوى صدفة , اؤكد لك انني بخير.
ألح :
- حقا؟
- نعم.
فجأة قبل ان تجد الوقت لتنبس بكلمة واحدة , حملها بين ذراعيه .
- شاد .منتديات ليلاس
شعرت كأنها عروس . استساغت وجودها بين ذراعي الرجل الشاب.
- هذا الطريق خطر جدا بالنسبة لك . نظرا لحالتك الصحية , لا احب ان تسقطي مرة اخرى .
وعلى الرغم من كل شيء شعرت داليا بالضيق , وعبس وجهها , من حسن الحظ انه لم يرها في الظلام.ريحانة
وصلا اخيرا إلى محل الإقامة , لكنه عندما أراد فتح الباب , لم يستجب له .
- هذا أمر غريب , ماذا يحدث ؟
- اتركني أنزل , لقد اغلقت الباب بالمفتاح .
تنهدت في دلال .
- اعرف انها ليست عادة هنا لكني احتفظت بعاداتي القديمة من بوسطن .
اجاب وهو ينزلها برفق بالغ:
- حسنا.
ابقى يده فوق كتفها . لم تعترض داليا واخذت تبحث بين اغراضها عن المفتاح .
صاحت وهي تحركه في الهواء :
- هاهو , الوقت ليس مبكراً.

- إن لدي كل الوقت.
فتحت داليا الباب ويدها ترتعش . يالها من فكرة مجنونة ان قبلت مبيته هنا في محل إقامة والدها إنها لن تقاوم وجوده.
صرح شاد :
- إني سعيد حقا لوجودي هنا , لا احد يعلم, قد تصابين بتوعك اثناء الليل.
لا ينقصها إلا ذلك . فإذا كانت تشعر بتوعك , فسيكون ذلك بسبب آخر هي تعرفه تماما.
قال في إلحاح :
- اريد ان أتأكد انه لن يصيبك مكروه , اريد ان أراك آمنة فوق سريرك .
- حسنا , يبدو انك شديد الإصرار.ريحانة
اجاب بابتسامة عريضة :
- وهذا سر قوتي.
آثرت داليا ألا تصر كانت كونسويلا او كارلوس قد شغل جهاز التكييف . تمنت داليا , في هذا المساء ألا تفاجئها زيارة مباغتة من ويك . إنها حقا ليست اللحظة المناسبة.
اضاءت ضوءا خافتا وتركت نفسها لتسقط في احد المقاعد . قال شاد بصوت عذب:
- دعيني اخلع حذاءك , هكذا لن تضطري للانحناء إن هذا ما يؤلم الرأس دائما.
اجابت بهدوء:
- لو سمحت.
لم تكن تقوى على الحركة وحتى على المقاومة . كان شاد يتصرف بحنان بالغ , شعرت داليا بيديه على قدمها مما سبب لها القشعريرة, لابد ان هذا هو نفس الشعور الذي ألم بسندريلا عندما ألبسها الأمير حذاءها ..
كرر شاد نفس العمل مع القدم الأخرى لم ينبس احدهما بكلمة ..
عندما نهضت , رفعت داليا رأسها نحوه .
- لم يبق سوى ان اقبلك واتمنى لك ليلة سعيدة.
شعرت داليا بقلبها ينبض بشدة .
- هل تظن انني سأرفض ؟
كان صوتها مفعما بالأنوثة , تردد شاد لحظة.
- اخشى فقط اني إذا بدأت فلن استطيع التوقف.
- نعم , ثم ماذا؟
نهضت ببطء وشفتاها منفرجتان , وبعد قبلة طويلة حانية وعميقة اكتشفت فيها طعما غريبا يشبه إلى درجة بعيدة الحب. لكنها شعرت بخيبة أمل عندما ابتعد عنها فجأة .منتديات ليلاس
- لقد حذرتك من انني لن استطيع التوقف عند قبلة واحدة.
كان بصوته نبرة تشبه العتاب . اقتربت أكثر. وهمست في أذنه :
- لكن من قال لك ان تتوقف؟
ربت شاد على شعرها البني الطويل فتحسس رأسها فكان الجرح الذي اصابها بسبب سقوطها.
- كيف حالك يا داليا؟